سعيد محمد سعيد

هكذا قالت: «الآن… وا أسفاه»!

 

أن نرفض قانون الأحوال الشخصية أو قانون أحكام الأسرة لأنه «لا يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وفقه الطائفتين الكريمتين»، أو لأن «هناك من سيعبث في شرع الله من غير المؤهلين»، أو لأننا «أصلا لسنا في حاجة إلى هذا القانون»… فهذا لا يعني أنه لا يوجد هناك من ينتظر الخروج بصيغة مناسبة لإصدار قانون مستمد من الشريعة – وهذا ما سيكون قطعا في السابق واللاحق – ليشكل المرجعية القانونية وكذلك الشرعية للمئات من القضايا المكدسة في المحاكم، والمتعثرة إلى ما لا يعلم إلا الله من مدد.

خلال الشهرين الماضيين، حملت مجموعة من المواطنات البحرينيات على عاتقهن المطالبة بحقوق المطلقات والمهجورات، بل ولم يضرب الوهن فيهن، إذ بدأن بإرسال خطابات إلى رئيس وأعضاء المجلس النيابي، ثم اتجهن إلى وزارة العدل والشئون الإسلامية، وبعد ذلك، إلى المجلس الأعلى للقضاء، وكان الاعتصام الذي نظمنه يوم 28 من الشهر الماضي، تتويجا لبرنامج العمل الذي تم طيلة الفترة الماضية…

جهة واحدة هي التي لم تكن متفاعلة مع أوضاع هذه الفئة، وهي المحاكم الشرعية، اللهم إلا من (شخص واحد) كان مقدرا لهذه الحركة ومؤكدا أن القضاة الشرعيين لا يريدون أن يكونوا في موقع «الذنب والاتهام» بأنهم السبب وراء الظروف الصعبة التي تعيشها بعض المطلقات والمهجورات، إلا أنه يؤكد في الحال ذاته، أن المحاكم تحسنت كثيرا عما كانت عليه في السابق، معترفا بأنه في السنوات الماضية كانت القضايا الشرعية تعشعش طويلا في الأضابير، مرجعا هذا الأمر إلى أن القضاة اليوم، عليهم رقابة من جانب المجلس الأعلى للقضاء، وهذه الرقابة الصارمة هي لحفظ حقوق الناس…

محدثي في الوقت ذاته يشير إلى أنه فعلا، هناك قضايا «يقف» فيها القضاة الشرعيون أحيانا إلى صف الرجل، وتتعرض المرأة لأنواع من التنكيل، لكن هذه الصور لم تعد موجودة إلا على مستوى قليل جدا، لكنها موجودة! وتم رصد عدد من تصرفات بعض القضاة في المحاكم الشرعية التي لا تستقيم مع المسئولية الملقاة عليهم، ولكن للقضاة أيضا مطالب، فهل قمت بزيارة لترى مستوى مكاتبهم؟ وهل نظرت إلى حال الفوضى التي تعم مكاتبهم من الداخل والخارج حتى وقت دخولهم وخروجهم؟

ولأن الموضوع ليس مخصصا للحديث عن ظروف القضاة، بل هو إشارة إلى تحركات المطلقات والمهجورات، فإنه من الصعب أن نتمنى من قضاة الشرع «الاهتمام بقضايا المطلقات والمهجورات» وأسرهن التي يتعرض بعضها لأقسى الظروف والمعاناة، ثم ندعو الدولة إلى النظر في أوضاع القضاة، فليس للأمر علاقة، لكن قضاة الشرع يستحقون الخير.

«الآن قالت وا أسفاه»… تلك المواطنة التي لم يمضِ وقت طويل بين مشاركتها في اعتصام لرفض قانون أحكام الأسرة، وبين طلاقها الذي جعلها في حال يرثى لها لأن زوجها فضل أن «يعلقها» تاركا لها مسئولية رعاية أبنائه الأربعة، مشترطا تنازلها عن البيت (الأمل)… لكي يطلقها!

الآن هي تشارك في اعتصام المطلقات والمهجورات اللواتي يخاطبن ضمائر المحاكم الشرعية: «رفقا بالقوارير»

سعيد محمد سعيد

كالعادة… نحن مستعدون طبعا!

 

قبيل حلول فصل الصيف بما يحمله مجرد نطق اسم الموسم من إثارة للهلع والضيق بالنسبة لنا أهل البحرين، نتبرد شيئا فشيئا وتطمئن قلوبنا و «نستانس وايد» لأن المسئولين رعاهم الله وجزاهم خيرا، يخرجون علينا بالعناوين والمانشيتات ذاتها في الصحف ليقولوا لنا: «فالكم طيب، ولا تديرون بال… كل شيء على ما يرام، ونحن على أتم الاستعداد لمواجهة الموسم فلا انقطاعات ستحدث، وإن حدثت فإنها قليلة، ولا يحزنون… صيفكم على كيفكم».

ثم يدخل فصل الصيف، وتزيد فرحتنا بما تحقق من إنجازات، وتحدث الانقطاعات طوال الموسم، بل ولاتزال مستمرة وآخرها مساء يوم الاثنين في عدد من قرى المحافظة الشمالية.

لكن، وللأمانة، لم تكن الانقطاعات خلال موسم الصيف الماضي كما كانت في الأعوام الماضية، نعم، حدثت وتكررت في بعض المناطق وضج المواطنون والمقيمون، لكن الضجة ما كانت تعادل «ضجات» الأعوام الماضية، ولربما بدأ المسئولون في هيئة الكهرباء والماء يعيدون النظر فيما يجري، ويفضلون المصارحة والمكاشفة عوضا عن المديح وتغطية الأخطاء والنواقص…

مضى فصل الصيف يا أخواني، وحل فصل الشتاء شيئا فشيئا… وبدأنا في قراءة القليل القليل من العناوين عن الاستعدادات لموسم الشتاء، وموسم الأمطار هذا العام – كما تقول التنبؤات الجوية والله أعلم – سيكون شتاء ماطرا بكثافة، حتى أن بعض الدول الخليجية بدأت في تقييم استعداداتها من ناحية القوى البشرية والمعدات الآليات والأجهزة اللازمة، والتأكد من صلاحية عمل تلك الأجهزة وسلامة محطات ضخ مياه الأمطار مع استعداد كل الفرق المختصة والميدانية للعمل وفق الخطة المعتمدة… يعني نستطيع أن نقول إنها تجربة شبيهة بتجربة مواجهة «وهمية» للكوارث، لكي يتم تقييم الوضع.

نحن أيضا، مستعدون تماما فلا تخشوا شيئا! كل ما في الأمر، وجل ما سيكون علينا عمله هو أن نتحمل غرق الشوارع أولا، ثم نتمتع بصدر رحب جدا جدا وعقول متفتحة ديمقراطية وروح رياضية حين يتزامن هطول الأمطار وانتشار المستنقعات (حته وحده على قول إخواننا المصريين) مع أزمة الاختناقات المرورية القائمة منذ نحو عام كامل وستستمر عامين مقبلين… كما يفترض أن نقوي روحنا الرياضية ونحن نتابع مشكلة المجالس البلدية مع صهاريج شفط المياه، وألا نبكي ونحن نرى الكثير من منازل المواطنين الفقراء وقد غرقت… وأن نصرخ بأعلى الأصوات حينما تتكشف فضائح بعض المشاريع تحت المطر…

لكن، أهم نقطة يجب أن نطرحها: «هل فعلا سيكون موسم الأمطار قويا يا أرصاد؟».

سعيد محمد سعيد

وزارتا «العدل» و «الإعلام»… متهمتان!

 

إما أن تكون كل من وزارة العدل والشئون الإسلامية ووزارة الإعلام تعلمان بأن التجاوزات مستمرة من قبل بعض خطباء الجمعة والمنتديات الإلكترونية في إثارة النعرات الطائفية والموضوعات التأجيجية، وإما أنهما «لا تعلمان» وهذا ما لا يمكن أن يدخل العقل بتاتا.

وزارتا العدل والإعلام متهمتان في نظر الكثير من المتابعين، وكذلك في قرارة نفس الكثير من المواطنين، بالسكوت على هذا النوع من العمل المشبوه، المتظاهر تارة بالدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف من الأعداء وممن يتربصون به للنيل منه (وهو الكلام الذي دأبت زمرة صغيرة من خطباء الفتنة على تكراره) أو المتستر تارات أخرى في هيئة بطولات من خلف أجهزة الحاسوب في المنتديات الإلكترونية.

ووزارة العدل ذاتها تعلم بأن هناك من يؤجج الفتنة عبر خطبه، لذلك، ليس مهما لدى الناس تصنيف ذلك الخطيب وفقا لمذهبه وانتمائه الديني أو السياسي، سنيا كان أم شيعيا، بل المهم هو تقديم أولئك الخطباء للمساءلة القانونية وتوقيع أشد العقوبات عليهم بل وحرمان بعضهم من الخطابة لأنهم لا يقدمون للمجتمع أية فائدة سوى تكرار موضوعات وعظية يعرفها حتى الأطفال في المرحلة الابتدائية من جهة، ثم الاستمرار في خطابهم التأجيجي الفتنوي من جهة أخرى.

أما المنتديات الإلكترونية، فلاتزال الحرب بين السنة والشيعة في البحرين مستمرة، وقد اشتدت أوارها وأينعت الرؤوس التي حان وقت قطافها، ويشتد الوضع في أقسى حالاته ليدعو البعض إلى قطع الرقاب، وينبري البعض الآخر لأن يضع صورة سلاح «إلكتروني أيضا» حديث في توقيعه، ولا يتردد العشرات ممن يحملون أسماء مستعارة لشخص واحد، في تقديم البيان تلو البيان لتأييد القيادة والحكومة، ثم الدعوة إلى قصف فئة من المواطنين لا يستحقون العيش في البلاد لأن ولاءهم إلى دولة أخرى…

وفي منتديات أخرى، يكون الهجوم على الحكومة مضطردا! ومع شديد الأسف، ومن خلال مضامين الموضوعات، فإن غالبيتها العظمى تأخذ من الشتمن والشتم فقط عنوانا… فلا بأس لو قلنا إن تلك المنتديات «لا تهاجم معتقدات المواطنين السنة وتطعن في دينهم وأعراضهم كما في المنتديات السابقة الذكر أعلاه»، بيد أن طرح الموضوعات ذات التأثير السلبي على الاستقرار الأمني واتخاذ من شتم العائلة الحاكمة والحكومة عنوانا مستمرا، هو بصراحة من قبيل الإفلاس في تقديم موضوعات ذات فائدة يستفيد منها الآلاف من الناس الذين يتابعون تلك المنتديات.

ذات يوم، عبَّر أحد الناس عن حالة الحزن التي يعيشها كلما وجد الاقتتال الطائفي مستعرا في المنتديات الإلكترونية، ولم يتأخر في القول إن البلد على حافة هاوية بسبب ما يطرح في تلك المنتديات من تكفير لطائفة من جهة، ومن هجوم على السلطة من جهة أخرى… اتهامات من هنا، ودعوات للقتل من هناك، مكررا قوله إن البلد «ستكون في عداد الدول المطحونة بحرب طائفية شديدة ستأتي على الأخضر واليابس».

صاحبنا المتكلم، مسكين… بل مسكين جدا، فهو يقضي معظم يومه أمام شاشة الحاسب الآلي متنقلا في تلك المنتديات، لكنه قلما يعيش الواقع، ويحضر المجالس الأهلية في كل المناطق، ويحضر اللقاءات والاجتماعات والأحزان والأفراح، ليجد حقيقة هذا المجتمع الذي لم ولن يهتز بسبب خطبة هزيلة ساقطة أو منتدى إلكتروني سخيف…

لكن، مع كل ذلك، يجب على وزارتي العدل والإعلام أن تلتزما بالعهد الذي قطتعاه أمام القيادة وأمام المواطنين حينما تعهدتا بمكافحة كل صور الطائفية في الخطب وفي المنتديات.. ولدينا الكثير الذي يمكن أن يضع الوزارتين في حرج إن أنكرتا ذلك، لكننا لن ننتظر الإنكار… سننتظر الرد أولا

سعيد محمد سعيد

الحمار والديك

 

أنتقل معكم في هذه المساحة الى رحابة الطرافة واللطافة استعدادا لإجازة نهاية الأسبوع، ولنغير مسار وطبيعة القضايا التي عادة ما تحمل الهم للقراء الكرام، فلا بأس من الاستراحة قليلا…

قبل أيام، تسلمت رسالة تحمل سؤالا: «لماذا يرى الحمار الشياطين ويرى الديك الملائكة؟ والسائل ذاته يجيب بالقول إن النبي محمد (ص) قال في حديث، ونترك موضوع صحة الحديث وسنده… قوته وضعفه لأهل الاختصاص، قال فيه :«إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا».

لم تنته الرسالة، ففيها إضافة تتعلق بالاكتشاف العلمي المبهر في شأن قدرة الجهاز البصري المحدودة لدى الإنسان، والتي تختلف عن قدرة الحمير، وبدروها تختلف عن قدرة الديكة، وبالتالي فإن قدرة البصر لدى الإنسان محدودة لا ترى ما تحت الأشعة الحمراء ولا ما فوق الأشعة البنفسجية… لكن قدرة الديكة والحمير تتعدى ذلك! وأيضا، يأتي السؤال: «كيف يرى الحمار والديك الجن والملائكة؟».

والجواب كما في الرسالة، هو أن الحمير ترى الأشعة الحمراء والشيطان وهو من الجان خلق من نار -أي من الأشعة تحت الحمراء – لذلك ترى الحمير الجن ولا ترى الملائكة! أما الديكة فترى الأشعة البنفسجية والملائكة مخلوقة من نور – أي من الأشعة البنفسجية – لذلك تراها الديكة!

هنا، يمكن حل اللغز في هروب الشياطين عند ذكر الله سبحانه وتعالى، فالسبب، وفق الرسالة، هو أن الملائكة تحضر إلى المكان الذي يذكر فيه الله فتهرب الشياطين! حسنا ولماذا تهرب الشياطين عند وجود الملائكة؟ الجواب لأن الشياطين تتضررمن رؤية نور الملائكة. بمعنى آخر، يضيف المرسل، إذا اجتمعت الأشعة الفوق بنفسجية والأشعة الحمراء في مكان واحد، فإن الأشعة الحمراء تتلاشى.

ردود الفعل لم تكن مبشرة، اللهم من شخص واحد عضو في المجموعة الذي أجاب على رسالة موجهة الى الكل: «الآن فقط فهمت لماذا يزداد نهيق الحمير في الأوساط السياسية والبرلمانية والدينية في العالم العربي والإسلامي، ولا نرى الديكة الا في الأرياف». وعلى أي حال، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

سعيد محمد سعيد

ليس لأنه… «الديوان الملكي»!

 

كثيرة هي القضايا والمشكلات والملفات و «البلاوي» الثقيلة التي يحملها بعض الصحافيين ويلقون بها في أحضان المسئولين في الديوان الملكي، لتبدأ بعد ذلك عملية السؤال والمتابعة والشد والجذب التي لابد وأنها ترهق الطرفين!

فمن قضايا المواطنين المعوزين، إلى قضايا العلاج… إلى قائمة طويلة جدا من «المظالم»… ولا بأس في ذلك فمن حق الناس أن يتجهوا إلى الديوان الملكي.

لكن كلمة حق لابد وأن تقال… وقبلها، لا ضير من أن نعترف بأن بعض الملفات «الحساسة» كانت سببا في توجيه الانتقاد عبر المقالات الصحافية الى المسئولين في الديوان، وعلى رغم أن أولئك المسئولين تقبلوها بصدر رحب وتعاملوا معها بتجاوب حينا، وبتأجيل حينا آخر، و… بتعجيل في حين ثالث، لكن، يبقى أن نقول للمسئولين إنكم ملاذ لأصحاب الحاجات من المواطنين، ولابد وأن يكون الملاذ الآمن قادرا على استيعاب الجميع.

لسنا في حاجة إلى ذكر أسماء، إلا أن المهم بالنسبة إلينا هو أن نذكر بشكر وتقدير تجاوب المسئولين مع الشكاوى والملاحظات والرسائل والكتابات التي ننشرها، ومتابعتهم المستمرة لسير الكثير من القضايا والشكاوى، واهتمامهم بأن تكون القناة بينهم وبين الصحافيين مفتوحة بثقة وحسن ظن من كلا الطرفين… وهذا الجانب، يمكننا من أن نتواصل لإيصال هموم الناس ومشكلاتهم التي يصل بعضها إلى الحل ويبقى بعضها الآخر في مشوار البحث عن الحل أو إيجاد الوسيلة الملائمة لإنهاء مشكلة ما.

حتى على مستوى الخدمات والاحتياجات الأساسية في بعض المناطق، ولاسيما في القرى، فبعض تلك المشروعات يتعطل ويتعقد ويتشعب ما يدفع ببعض أعضاء المجالس البلدية والمحافظين إلى مخاطبة الديوان الملكي مباشرة، فتكون النتيجة إيجابية وربما جاءت الحلول بصفة أسرع مما هي عليه في دهاليز اللجان والوزارات الخدمية.

لا نقول ذلك لأنه «الديوان الملكي» وحسب… إنما هو قول يأتي في إطار العلاقة الصحيحة والفاعلة بين الصحافة وبين المسئولين في الديوان الملكي، وعلى رأسهم وزير الديوان الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، الذي تعودنا منه الحرص على توجيه المسئولين لمتابعة القضايا التي تصل عبر الصحافة أو تلك التي تنشرها الصحافة المحلية وخصوصا المرتبطة بالظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها هذا المواطن، أو مشكلة مستعصية تتعرض لها تلك الأسرة، أو مظلمة من المظالم التي لابد وأن تصل إلى الديوان الملكي، باعتباره ملاذا للمواطنين كما ذكرت سابقا.

على مدى أكثر من عشرين عاما من العمل في ميدان الصحافة، لا يمكن احصاء الشكاوى والقضايا التي رفعت إلى الديوان، فلم أجد صراحة تعاملا تصنيفيا خاضعا «للتمييز»، ولا أسلوبا خارجا عن حدود المسئولية، بل حتى في حال الكتابة بأسلوب قاسٍ، وجدت التجاوب طيبا والمتابعة متواصلة لحين إنهاء مشكلة أو مظلمة أو انتهاك أو هضم لحقوق تعرض لها مواطن، بل أن أحد المسئولين كان يكرر عبارة الشكر لأننا أوصلنا هذه المشكلة أو تلك ليتم التعامل معها بجدية، والأمل كبير في أن يستمر هذا التواصل في ظل القناعة والتفاهم المشترك بين الطرفين… الصحافة والديوان الملكي…

فلكل مسئول مخلص يبذل جهده ويقوم بمسئوليته الوطنية تجاه أهل البلد.. كل الشكر والتقدير

سعيد محمد سعيد

الفخ الجاهز!

 

هو أمر غريب للغاية… ذلك الذي يسقط على إثره كل صوت وطني شريف يدعو إلى إزالة المشاحنات «المفتعلة» بين الطائفتين الكريمتين في البلد، في فخ التسقيط والتخوين والإساءة الكريهة والكلام البذيء! وكأن هناك من يتفنن من أصحاب المؤامرات الخفية، في ملاحقة كل عالم دين، أو ناشط اجتماعي، أو كاتب صحافي أو أي مواطن عادي يؤمن بضرورة العمل الميداني بين أبناء البلد للتصدي للفتن الطائفية والمشاحنات والأفعال المضرة بالسلم الاجتماعي، وكأنهم أخذوا على أنفسهم عهدا ألا يظهروا إلا بالمظهر الذي ألبسهم إياه الشيطان!

هناك فخ جاهز… كل ما عليك فعله هو أن تنشط قليلا لتقود مبادرة كالتي يقودها الرئيس الفخري لجمعية الإمام مالك بن أنس (رض) الشيخ راشد المريخي هذه الأيام في مختلف مناطق البلاد، للالتقاء بالرموز الدينية للطائفة الجعفرية الكريمة، والاستعداد للقاء عدد من علماء الطائفة السنية الكريمة، لينبري البعض ممن اتخذ من المنتديات الإلكترونية الطائفية المتخفية وراء الأسماء المستعارة، للتشهير والتسقيط والتفنن في استخدام أسوأ وأحقر الألفاظ والشتائم والنبش في الماضي، والتحذير من هذه الشخصية أو تلك من باب أنها جزء من مؤامرة كبيرة على المجتمع، وكأن الذين يعيشون واقعا مثل هذه المبادرات لا عقل لهم.

لكن من حسن الطالع، أن تلك الأفخاخ معطوبة لا أثر لها… يكفي أن من ينصبها لا يظهر للعيان، فهو إما مختبئ كالفأر في جحره، وأقصد بجحره ذلك الحيز في منتدى إلكتروني هنا أو هناك تحت اسم مستعار، أو هو من أهل الظلام لا ينعق إلا في الظلام ويخاف النور.

نعود قليلا إلى الضربات الموجعة التي يتلقاها الجرذان في جحورهم… فأولئك نشطوا بشكل واضح في عدد من المنتديات الإلكترونية، وفي بعض الكتابات الصحافية على مستوى محدود جدا، وعلى مستوى خطب جمعة لا تعدو كونها «هرطقات» ليثيروا الشكوك والظنون وسوء النية في التحرك الوطني الخالص الذي جمع عددا من أبناء الطائفتين الكريمتين ضمن مبادرة الشيخ المريخي… تلك الضربة الموجعة هي زيارة سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة لمجلس الشيخ راشد المريخي يوم الجمعة الماضي، لتصبح هذه الزيارة المباركة بمثابة رسالة من القيادة إلى كل أبناء الوطن المخلصين، مفادها أن مسعاكم مقدر ومعتبر من جانب قيادة البلاد الرشيدة، وهذا يعني أن ثمارها آتية.

ولا بأس من القول إن مثل هذه المبادرات لابد وأن تصطدم تارة هنا وتارة هناك بالحاقدين على الوطن، سواء ممن يحذرون من الصفوية والمد التابع لها في البحرين من جهة، أو أولئك الذين يحرقون ويدمرون بلا غاية سوى ارتداء اللثام وزعزعة الأمن خلاف ما تبتغيه الرموز الدينية والسياسية الوطنية… هاتان الفئتان هما الخطر الأكبر، ولماذا التحذير منهم والكل يعلمهم ويدرك أبعاد ما يقترفون من إساءة إلى الوطن والمواطنين؟!

على أي حال، سيفهم كل طرف جوهر الموضوع وفقا لهواه، وما الضير… فليفعل! إلا أنه من المبشر الشعور بالطمأنينة والارتياح في نفوس الكثير من المواطنين وكذلك المقيمين، من المقاصد السامية لمبادرة الشيخ المريخي، ويكفينا فخرا أن سمو رئيس الوزراء قدر له هذا المسعى الكريم…

وإن لم يكن ذلك شافيا، فلنذكر أصحاب الأفخاخ بعبارة قالها جلالة عاهل البلاد في افتتاح دور انعقاد المجلس الوطني: «رص الصفوف وتقديم المصلحة الوطنية»، وهذا ما لا يعجبهم يا سادة.

سعيد محمد سعيد

لسن سوى نسوة… !

 

منذ كنت طالبا في المرحلة الثانوية، في مدرسة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة، وهي المرحلة التي بدأت فيها أهتم بقراءة الصحف والمجلات (مع أن هناك من الطلاب في المدرسة ممن كان ضليعا في المتابعة قبلي وقبل غيري… يعني أبو جرايد كما كنا نقول)، وأنا أقرأ وأسمع الكثير الكثير عن معاناة المطلقات في المحاكم الشرعية… والآن أضيف إلى القائمة، فئة المهجورات!

الحق يقال، في المرحلة الثانوية لم أكن أقرأ في الصحف عن «مهجورات»! اللهم في بعض دول آسيا وفي الأفلام التي قد يسمح لنا بمشاهدتها ليالي الجمعة… أقصد الأفلام العربية، والغربية إن كان «لا بأس بها». في تلك الأفلام، نفهم معنى قرية مهجورة… مدرسة مهجورة… بلدة مهجورة… مزرعة مهجورة… والكثير مما يمكن للإنسان أن يهجره… أما أن تكون الزوجة، رفيقة الدرب، الإنسانة، أم العيال، هي المهجورة، ففي ذلك ما هو أسوأ وصف وأشنع معنى مما كنت ومازلت أعرفه مما يمكن «هجره»!

حتى «الهجر» في الحياة الزوجية، وعلى مستوى المعاملة الشرعية كعقاب، فإنه واضح في المضاجع كتأديب لوقت محدود… أما أن يكون الهجر «هكذا»، وكما يقول بعض أهل البحرين، وخصوصا أهل المحرق في مثلهم القديم: «دودهو من دودهك من طقك»… فلا شيء هنا يمكن أن يكون معينا لمن تعرضن للظلم والهجران من أزواجهن سوى القضاة الشرعيين.

المطلقات والمهجورات، أزمة… حقا أزمة في المجتمع البحريني الصغير، والحل في يد القضاة الشرعيين لا غيرهم، ولأن القضاء في بلادنا مستقل، فإن السؤال الذي يمكن أن نوجهه إلى أي من القضاة الكرام، أو إلى أي موظف يعمل في المحاكم الشرعية: أليس صحيحا ما نسمعه عن «مرمطة» أولئك النسوة في أروقة المحاكم؟

لنفترض أن الكلام «غير صحيح»… وهو الجواب المتوقع، الذي تتلوه إجابات طويلة تدخل في دهاليز أكثر تعقيدا لتثبت أن الكلام غير صحيح… لذلك، سأعود إلى دليل يؤكد أن «المرمطة» صحيحة، وأتحدى أي طرف أن ينفي ذلك…

ففي العام 2005، وتحديدا في يوم 25 فبراير/ شباط، صدر تكليف عن جلالة عاهل البلاد، بدراسة مشكلات المطلقات ووضعهن المعيشي في ضوء الأحكام الصادرة بتحديد النفقة ومفرداتها وإجراءات التقاضي، وفعلا أجريت الدراسة بمتابعة شخصية من قرينة عاهل البلاد رئيس المجلس الأعلى للمرأة سمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، من منطلق حرصها على الوقوف على احتياجات المرأة والأسرة البحرينية لضمان استقرارها، وشملت الدراسة بنودا كثيرة لا مجال لذكرها، لكنها أوصت من بين ما أصدرت من توصيات ضرورة تعديل قانون أصول المحاكمات الشرعية بما يضفي صفة الاستعجال على قضايا الأسرة.

إذا، حين تضج مجموعة من المواطنات المطلقات والمهجورات من شدة ما هن فيه من وضع مأسوي، ويتحركن لمخاطبة المسئولين والنواب والمجلس الأعلى للقضاء، وينظمن اعتصاما وثانيا وثالثا، فالعذر معهن، ولا لوم عليهن… ومن يغفل أو يتغافل حقيقة أوضاعهن الصعبة لابد أنه إنسان «غير منصف»!

ربما يثمر تحرك المهجورات والمطلقات، ولو بعد حين، وربما تتعثر خطواتهن وتزداد المعاناة، لكن من المهم أن نأمل خيرا في القضاة الشرعيين لأن يعاد النظر في طريقة التعامل مع ملفات كثيرة هم أدرى بما فيها، وما عليها…

نتمنى أن تثمر التحركات وتعطى كل ذات حق، حقها

سعيد محمد سعيد

من أجل طفل رضيع… شكرا لرجال مكافحة المخدرات

 

خلال شهر رمضان المبارك، قدِّر لي أن أصاب بالذهول الشديد وأنا أستمع الى قصة مأساوية حقّا… تفوق مئات القصص التي نسمعها ونقرأ عنها بين الحين والحين من جرائم مدمني المخدرات… لربما هي قصة يتلذذ بها تجار هذه الآفة السامة ومروجوها والذين حققوا الثراء الفاحش الحرام من ورائها… لكنها قطعا، تصيب بألم موجع في القلب.

يقول محدثي، وهو داعية من الدعاة الخليجيين الأفاضل، إن أحد المدمنين، حطم حياته الأسرية تحطيما بسبب إدمانه بل وصل به الأمر الى الاستيلاء على النقود المذخرة لإطعام طفله الرضيع، وفي ذات يوم، عاد الى البيت وشيطان المخدرات يشتعل في رأسه… هاج وماج طالبا النقود، فرفضت زوجته التضحية بما تبقى من نقود قليلة للطفل… فما كان منه إلا أن هددها بقتله!

لم تكن تلك الزوجة تصدق أن الأب، سيقتل طفله الرضيع فقالت له: «اقتله إن أردت، لكن لن تحصل على ما تريد» وبالفعل، أخذ الطفل الرضيع وركض به كالمجنون الى سيارته، وسط ذهول الأم وحالة الذعر التي لا توصف، لكنها كانت تعتقد أنها محاولة للضغط عليها، لكن المجرم نفذ جريمته، فمن أعلى أحد الجسور المعلقة «الكباري» أوقف سيارته وحمل طفله الرضيع ورماه الى نهر الشارع المكتظ بالسيارات المسرعة ليتناثر ذلك الجسد الصغير الطاهر البريء الى أشلاء.

كل ذلك، وشيطان المخدرات ينتشي فرحا مسرورا، لعنه الله!

من أجل ذلك الطفل الرضيع، ومن أجل كل طفل وكل أم وكل أسرة، يستحق رجال الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، وخصوصا عناصر مكافحة المخدرات الأشراف النبلاء، كل الشكر والتقدير والثناء على جهودهم الوطنية والإنسانية التي تكللت بالنجاح بتمكنهم من إحباط محاولة لتهريب 142 كيلوغراما من المخدرات الى بلادنا عن طريق البحر مساء السبت الماضي، ونقول لهم إن هذا الإنجاز شرف لنا كمواطنين يحق لنا أن نفخر به بدرجة أكبر بكثير من شدة الصفعة التي تلقاها مهربون كانوا يحلمون بجني ربع مليون دينار من عرق وشقاء واستقرار ولقمة عيش أسر كثيرة يستهدفون شبابها وشاباتها ورجالها ونسائها وحتى أطفالها.

نقول لوزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ولكل فرد في قسم مكافحة المخدرات: «إن أطلقتم النار بعد تحذير المهربين فلا لوم عليكم… وإن شددتم القبضة على كل الرؤوس الصغيرة والكبيرة ممن يتاجرون بالسموم لتدميرنا جميعا فلكم الشكر، لأن هؤلاء المجرمين الذين يتفننون في استخدام الوسائل التقنية ويطورون من تحركاتهم وسبل اتصالاتهم وخطط ترويج تجارتهم، لابد أن يدركوا أن هناك العيون الساهرة لهم بالمرصاد… وهناك شباب البلد الذين يتسلحون بالمعرفة والعلوم الحديثة في الترصد والمتابعة، وبعد… ليعلموا أن القانون يطبق على الجميع، أيا يكن الرأس/ الرؤوس». الشكر موصول أيضا، الى كل مواطن يقوم بدوره في مكافحة تلك الشرذمة، ويبلغ عنهم من باب شعوره بالمسئولية الدينية والوطنية، فكم من بيوت تدمرت وكم من شباب في عمر الزهور سقطوا ضحايا لنشوة تجار المخدرات ومروجيها… فجعت بهم أمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم وأَحبَّتُهم فيما يشرب أولئك الشياطين، نخب الانتصار وهم يحولون الملايين الى المصارف، ويخططون إلى الغد، حيث المزيد من تجارة الموت، لكن شاء الله أن يوفق رجالا لأن يكونوا لهم بالمرصاد، برّا وبحرا وجوّا…

لنتذكر جسم طفل رضيع تناثر أشلاء… ولنكن في مستوى المسئولية للتصدي لعصابة تجار السموم

سعيد محمد سعيد

في «عشكم» ثعبان – 3

 

لا أملك الاّ أنْ أنحني احتراما وإجلالا لكل أهالي المحرّق، رجالا ونساء.. ممن اتصل مبديا وجهة نظره بشأن موضوع «الثعابين»، وذلك الحس الوطني العظيم الذي أجمعوا عليه والذي يؤكد دون أدنى شك أنّ أهالي المحرّق، جميعهم بلا استثناء، يرفضون كلّ الممارسات التي تهدف الى تقويض الاستقرار والسلم والتعايش البحريني العريق في هذه المدينة.. أيا كان مصدر تلك الممارسات وشخوصها، وأيا كان نوع «الثعابين» التي تنوي شرا.

لماذا التركيز على مدينة المحرّق من دون غيرها؟

والإجابة لا تحتاج الى عناء كثير، فلأنها تمثل النموذج الحضاري الكبير للتعايش بين أبناء الطائفتين، ولأنها امتداد تاريخي مهم ولأنها جزء نابض بحب الوطن.. تتجه إليها أنظار من يريد أنْ يعبث ويحاول إضعاف ذلك الموروث الذي لا يمكن للبحرين أنْ تتخلى عنه يوما.

كل ذلك، يجعل من «ثعبان» المحرّق وغيره من الثعابين في كل مكان في البلد، يصطدمون بالخيبة والخسران كلما حاولوا أن يبثوا سمومهم، فحين يسعى «الثعبان» لأنْ يثير الضغائن والأحقاد، ويؤجّج الفتنة الطائفية ويتحرّك في المجالس تارة، وفي المنتديات الإلكترونية تارة أخرى، ويصدر البيانات التي لا تتحدث إلاّ عما يطمح إليه من مكاسب شخصية على حساب السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، فإنه يريد أنْ يظهر بمظهر المواطن الشريف المخلص لوطنه، في محاولة يائسة كريهة عفنة، بحثا عن راحة نفسه «الخبيثة» التي لا ترتاح إلاّ بمشاهدة مظاهر الصدام والنزاع والخلافات.. لكن أنى لتلك النفس أنْ ترتاح والناس في هذا البلد لا يساومون على تعاضدهم وإصرارهم على التصدّي لكلّ عمل خبيث ظاهرة الخير والوطنية، وباطنه التدمير والتأجيج.

والثعابين ليست في المحرّق فحسب.. يُخطئ من يعتقد ذلك! فهي موجودة هنا وهناك، وحتى إذا تحركت بخفية فإنّ حفيفها يصبح مسموعا ولا غرابة في أنْ يصل ذلك الحفيف الى آذان المخلصين من أهل البلد من الطائفتين.. نعم، لابدّ من الاعتراف بأنّ هناك محاولات نشهدها بين الحين والحين لإرهاق البلد وأبنائه بمشاحنات لا طائل من ورائها الاّ التأزيم.

على أيّ حال، لا يمكن قبول محاولات الثعابين التي تؤجّج الوضع في البلد وتثيرالناس ضد الدولة وضد الطائفة السنية الكريمة وتعرّض الأرواح والممتلكات للخطر، والعكس صحيح، فلن يكون مقبولا السماح لمَنْ يُريد التشكيك في ولاء وانتماء أبناء الطائفة الشيعية، وينسب ولاءهم الى إيران أو الى العمائم أو الى الصفويين ومؤامرتهم الكبيرة الخطيرة للنيل من المجتمع الإسلامي وتحطيمه بحسب الزعم، والعمل ليلا نهارا لرفع شعار الدفاع عن الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم؛ لتبقى نار العداوة مشتعلة بقوّة، لكن، العتب كلّ العتب على أجهزة الدولة التي تتهاون، وعلى رجال البلد من وجهاء وعلماء دين ممن لا نرى منهم تحركا حقيقيا للتصدي لتلك المحاولات، اللهم إلا القليل منهم، وذلك القليل، يتعرّض في الغالب الى التهميش والإقصاء ونشاط الثعابين لإحباط تحركهم الوطني الذي يصب في مصلحة البلد وأهل البلد.

لن يتوقف فحيح الثعابين إلا بتطبيق القانون على كل صوت يسعى لإشعال الفتنة ويستمر في غيه غير مكترث بالمصلحة العليا للوطن، ولا نقصد هنا أخذ الناس بالظنة ظلما وبهتانا، بل بإثبات الدليل على أيّ طرف تمادى في إلحاق الضرر، جهرا وسرا، بأهم ما نملك، وهو أمن البلد واستقراره، وحق الناس في العيش بأمان وصيانة للحقوق..

ولا أعتقد بأننا سننسى أنّ البحرين للجميع.

سعيد محمد سعيد

في «عشكم»… ثعبان (2)

 

«في عشكم ثعبان لا تعرفونه»…

أعيد تكرار العبارة التي قالها أحد الضباط الإنجليز في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1954 للمناضل الكبير عبدالعزيز سعد الشملان بعد إلقاء القبض عليه وعلى زملائه أعضاء هيئة الاتحاد الوطني…

في العمود السابق، كان الموضوع يدور حول «الثعابين» التي بقيت بعد رحيل «الثُّعبان» الكبير الذي لا أحب حتى ذكر اسمه لأنكم كلكم تعرفونه، فهذه الثعابين التي تعيش بيننا اليوم، نعرفها قطْعا وتعرفنا، لا همَّ لها الا العمل على تقويض استقرار البلاد والتأثير على السلم الاجتماعي…

يوم الخميس الماضي أشرت الى الثَّعابين التي حامت حول منزل الشيخ راشد المريخي ليلة زيارة السيد عبدالله الغريفي له في منزله بمنطقة البسيتين، ثم حاولتْ تنفيذ بنود أخرى من خططها التدميرية لكن لقاء وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، أحبط عملهم، إلا أنهم سيعودون إلى العمل من جديد، ولله الحمد، سيكون لهم من سيتصدى لهم! فهم، على رغم الجحور التي يختبأون فيها، فإن كل أهل المحرق من المخلصين لبلادهم، يعرفونهم ويعرفون نواياهم.

الثعابين في «دمستان» أيضا…

في كل قرى المنطقة الغربية – إن جاز لنا التعبير – يعبث بعض الثعابين… وما حادثة القاء الزجاجات الحارقة على ثلاثة من المواطنين إلا واحدة من الحالات البغيضة المقلقة التي يقوم بها الثعابين… سيان بين ثعابين تبث سموم الطائفية وتشعل نار الفتنة، وبين ثعابين تعيث فسادا وتحرق وتدمر وتعرض حياة الآخرين للخطر.

قبل ليلتين، التقيت الأخ حسن مشيمع، وتحدثت معه بشأن اللبس الذي يمنع «العيون» من أن ترى أن هذه الفعالية سلمية للمطالبة بالحقوق المشروعة وفقا للقانون وبما يمنع أية تجاوزات من أي طرف، وبين العمليات الإرهابية والتخريبية والتحريق التي يقوم بها ملثمون «من الثعابين» الذين لا نعلمهم! ما يجعل من التأكيد على دور أهل القرى للتصدي لأية ممارسة دخيلة وكشفها حتى «لا تصبح مسرحية من الحكومة»، مسئولية الجميع، وحجة على من يدعي!

كان لابد من الإشارة الى الحادث البغيض حتى لا يتهمنا البعض بعدم الإنصاف أو بالتستر على «أبناء جلدتكم» أو السكوت عما يفعله «الصفويون» أو ما شابه من عبارات هي في حد ذاتها «كريهة»! فالعنف وتعريض حياة الناس للخطر أمر لا يمكن قبوله شاء من شاء وأبى من أبى… لكن لابد من الإشارة الى أن الحديث عن الثَّعابين، لا يشمل خطباء ومشايخ وناشطين سياسيين ممن يظهرون للناس علنا… فهؤلاء، مهما يكن خطابهم، ومدى اتفاقنا واختلافنا معهم، فإنهم «رجال» ظاهرون أمامنا نراهم ونسمعهم ونستطيع الحديث والاختلاف معهم مباشرة…

لكن «الثعابين» هم أولئك الذين يتحركون في الظلام، ويختبئون في الجحور، ويبثون السُّموم الطائفية والعدوانية بين المواطنين بحذر شديد، حتى وإن كان هناك من يوفر لهم ما يعتاشون عليه، لذلك، سنتحدث عن قصة «الثُّعبان» الذي يظهر خفية بين أحياء وفرجان وبيوت وطرقات المحرق.. ثم يختفي خفية..

سيكون حديثا شيقا… قريبا؟