سعيد محمد سعيد

التخطيط للأمن الاجتماعي

 

تبدو قضية تحقيق الأمن الاجتماعي مهملة في مجتمعنا على رغم أهميتها، وفي كثير من الأحيان، لا تظهر إلا للاستهلاك الإعلامي، لكنها على أرض الواقع، غير ملموسة!

قضية «الأمن الاجتماعي»مسئولية كبيرة دينيا ووطنيا، تستدعي موقفا مبدئيا وأخلاقيا من كل فرد في المجتمع، وإذا كنا نحتفل هذه الأيام بمناسبة عزيزة هي اليوم الوطني للبلاد وذكرى جلوس جلالة الملك، فالفرصة مواتية للحديث عن هذا الجانب والإشارة إلى ما نملكه من مرتكزات تسهم في تحقيق الأمن الاجتماعي منها العمل على ترسيخ التعايش المشترك بين جميع المواطنين، واعتماد لغة للتفاهم بين أصحاب الرؤى والثقافات والتوجهات المختلفة، الابتعاد عن الخلافات الدينية والطائفية والمذهبية، واحترام الرموز المعتبرة في كل دين وطائفة ومذهب، ورفع مستوى المعيشة بزيادة الدخل للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل.

تحقيق الأمن الاجتماعي يتطلب أيضا إيمانا بتغليب الحس الوطني والأخلاقي على المصالح التجارية والمنافع الشخصية، والمشاركة في النظام السياسي لمعالجة المشكلات في المجتمع، والأهم من ذلك، الاجتماع على حب الوطن الذي يجمع جميع المواطنين بفعل ما يجلب الخير له ويدفع الضر عنه، وإشاعة روح المواطنة وزرع روح المشاركة على إعماره والحفاظ على وجهه الحضاري.

إن هناك مساحات أخرى مهمة قد لا يهتم بها المجتمع ومنها تشجيع الأهل والمؤسسات الاجتماعية على تحمل مسئولياتهم تجاه الأجيال الناشئة في النواحي التربوية والدينية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، والقضاء على الأساليب المؤثرة سلبا في فقدان الأمن الاجتماعي من انتشار الجهل والفقر والبطالة وتفكك الأسرة وإهمال الشباب، وهذا يستدعي، كما يرى أحد الباحثين العرب المهتمين بهذا الجانب وهو عدنان زرور، ضرورة توعية أفراد المجتمع بضرورة الالتزام بالقانون باعتباره حاجة بشرية اجتماعية تحفظ أمنهم الاجتماعي، وعليهم الاجتهاد بمعرفة الحقوق والواجبات والوسائل القانونية التي يحفظون بها حقوقهم ويؤدون واجباتهم.

قد لا يكون من المناسب طرح مقترح لإنشاء هيئة وطنية تتحمل مسئولية التخطيط للأمن الاجتماعي ووضع الوسائل وتحديد سبل تحقيقه، تضم ممثلين عن الأجهزة الأمنية وعلماء الشريعة وقادة الفكر ومنظمات المجتمع المدني وعلماء الاجتماع والتربية، لسبب أن مثل هذه المقترحات لا تلقى صدى تفاعليا، لكن لا يمكن تحقيق الأمن الاجتماعي بمجرد رفع الشعارات.

وكل عام وهذا الوطن الكريم بخير

سعيد محمد سعيد

مستشارو الكذب و…قلة «الحيلة»!

 

على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي كلها، بدأت ظاهرة «المستشارين» قديما، وربما منذ عشرينيات القرن الماضي إذ كانت بعض مشيخات الخليج تستعين بمستشارين من هنا وهناك للمساهمة في تسيير أمور الدولة وتخطيط حاضرها ومستقبلها، وكان لبعض المستشارين دور لا يمكن إنكاره في تحقيق مراحل تطوير حقيقية مشهودة، فيما كانت للبعض الآخر صفحات سوداء سجلت في تاريخ هذا البلد أو ذاك، لا يمكن أن تنسى.

وعلى أي حال، ليس حديثنا هنا لتوثيق أسماء ومساهمات بعض المستشارين وأدوارهم فقد رحلوا وبقيت بصماتهم الجيد منها والسيئ، لكن الذي لا يزال قائما هو الاستعانة بخبرات من مختلف الدول، وبعضها من دول عربية، لتقديم الدراسات والتقارير الاستشارية للحكومات… إن الملاحظ على مدى السنوات العشرين الماضية، أن دول الخليج العربي مرّت بأزمات سياسية ومالية متعددة، وكان لبعض المستشارين حضور واضح في إثبات فشلهم في القدرة على تقديم الرؤى الواضحة والدقيقة في استشراف المستقبل، بل ما يلاحظ أن بعض أولئك المستشارين الذين يتقاضون أجورا خيالية وامتيازات لا يحلم بها من هو في مثل مستواهم وأفضل منهم من أبناء الخليج من الخبرات والطاقات الخلاقة، كانوا سببا في تعطيل الكثير من الخطط والبرامج التطويرية، وكان جل ما يقدر عليه بعضهم تقديم التقارير والاستشارات المبنية على الخيالات والدوافع الافتراضية غير المستندة على حقائق، ما أسهم في وقوع بعض دول الخليج في مشاكل سببها كذب أولئك المستشارين وعدم دقة تحليلاتهم.

والسؤال هو: «مع ثبوت فشل أداء الكثير من المستشارين، لماذا الإصرار على الاستعانة بهم في الوقت الذي تزخر فيه دول الخليج بالكثير من العقول من أبنائها؟ وهل لا تزال (عقدة الخواجة) متأصلة ومؤسسة على قناعة بأن ذوي الشعر الأشقر، أو أولئك الفطاحل من المستشارين العرب، يمتلكون عقولا وأفكارا وعبقرية لا يمكن أن تتوافر في أبناء البلد؟».

لسنا بالطبع ضد المستشارين ذوي الكفاءة من أصحاب الضمائر الحية، ولكن آن الأوان لإحداث تحول في رسم سياسات دول الخليج بالاستعانة بالخبرات الوطنية، وقد أثبتت بعض التجارب نجاحها، نأخذ على سبيل المثال دولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت اللتين أدركتا أن من المهم منح الفرصة للخبراء الاستراتيجيين من أبناء البلد لوضع السياسات والبرامج والخطط، فكانت النتيجة مثمرة على صعيد تنشيط الاقتصاد وتطوير التشريعات والنظم وإحداث طفرات مميزة في مجالات التعليم والصحة والعمل الاجتماعي، بل وحتى على صعيد تنمية الطفولة والشباب، فيما لا تزال بعض الدول تقع في أزمة تلو الأخرى بسبب سوء تقدير وأداء مستشارين اعتادوا على الكذب وتقديم التقارير المليئة بالخيالات المخيفة والمقلقة وتلك التي لا تقوم على الأسس العلمية في التحليل والاستنتاج، حتى أن بعض دول الخليج لا تزال تعاني من معوقات متعددة على صعيد استكمال مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز العمل الديمقراطي والتعامل مع قضايا مهمة مثل البطالة والتصدي للفقر وتمكين المرأة وتنمية الاقتصاد الوطني، والسبب في ذلك، رؤى استشارية لا تعدو كونها سيناريوهات لا تصلح حتى لفيلم «هندي»

سعيد محمد سعيد

إعادة المواطن «سمير»

 

يعرف القليل من المواطنين قصة المواطن «سمير طاهر أحمد رشدان» الذي لا يزال خلف القضبان في جمهورية التشيك، وأهله في انتظار خطوات عملية من جانب وزارة الشئون الخارجية لإنهاء إجراءات إعادته الى بلده البحرين.

كان سمير طاهر أحمد رشدان، وهو من مواليد المنامة العام 1965، يقيم في جمهورية تيشكوسلوفكيا منذ العام 1993، أي قبل انقسامها إلى جمهوريتين، التشيك والسلوفاك، وكان قد سافر في العام 1988 للدراسة في روسيا وهناك، تزوج من امرأة تشيكية وعاد إلى البحرين بعد إنهاء دراسته لكنه سرعان ما غادر مرة أخرى إلى التشيك ليمارس عمله في التجارة… انقطعت أخباره منذ ذلك الحين عن أهله الذين لم يكونوا على علم بأحواله حتى العام 1996 حينما أرسل جواز سفره بغرض التجديد، وحينها، قام أحد أشقائه بمراجعة الجوازات لتجديد جواز السفر لكنه تفاجأ بأن الإدارة تحفظت على جواز السفر لأنه صاحبه مطالب بمبلغ 2100 دينار لمواطن رفع دعوى ضده، ولا يمكن استرجاع جواز السفر إلا بعد تسديد المبلغ المطلوب! وباءت كل المحاولات بالفشل.

في يوم السبت الموافق 6 نوفمبر /تشرين الثاني من العام 1999، تم استدعاء والده (رحمه الله)من قبل مكتب الإنتربول البحريني لإبلاغهم أن ابنهم مسجون في مدينة «براغ»منذ تاريخ 6 ديسمبر /كانون الأول من العام 1996 بتهمة بيع المخدرات وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وهي التهمة التي نفاها في رسائله التي أرسلها إلى ذويه فيما بعد.

لكن هناك تفاصيل أخرى دونها المواطن «سمير» نفسه، إذ خاطب الجمعيات الحقوقية قائلا أن حكما بالسجن صدر ضده لمدة ثمانية أعوام ونصف العام، وبتنفيذ الحكم المؤجل لمدة أربع سنوات ليصل مجموع سنوات الحكم إلى اثني عشر عاما ونصف العام بتهمة ملفقة من أحد رجال مركز الجنايات لمنطقة (براغ 3) وبما يتناقض مع التقارير والأدلة المباشرة أمام المحكمة لمركز مكافحة المخدرات إذ إنه على رغم المراقبة المشددة على شخصي لم يتم إثبات التهمة ضدي من ناحية حيازة وانتاج المواد السامة والمخدرة المؤثرة في القدرات العقلية والجسدية حسب الفقرة رقم 178 من قانون الجنايات.

ويشير أهالي المواطن «سمير» إلى أن أحدا لم يستجب لنداءاته، لا من ناحية الدولة ولا من ناحية الجمعيات الحقوقية! وقد وجه شكوى إلى وزارة العدل التشيكية وإلى وزير داخليتها وإلى المحكمة الدستورية وإلى رئيس مركز مكافحة المخدرات الشعبية وإلى المحكمة الأوروبية في ستراسبورغ بل وإلى رئيس جمهورية التشيك للنظر في قضيته من ناحية الاختراقات القانونية والإنسانية، حتى أنه طالب الجمعيات الحقوقية بإرسال أي ممثل أو عقد مؤتمر صحافي لكشف المعاناة التي تعرض لها، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل أيضا.

أسرة المواطن «سمير» تطالب الجهات المعنية في الدولة وعلى رأسها وزارة الشئون الخارجية بالتحرك لإعادته إلى بلاده، وأنهم مستعدون للتعاون مع أي جهة لتقديم المعلومات التي تسهل إجراءات إعادة ابنهم إلى بلاده.

فهل ستنتهي القصة أم لها فصول أخرى لا يعلمها إلا الله؟

سعيد محمد سعيد

«ديسمبر»… وما أدراك!

 

شعرت كما شعر الكثيرون غيري، أن شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري محاط بالترقب والحذر بدرجة ربما لم يشهدها شهر «ديسمبر» فيما مضى من تاريخ البلاد، وإن كان هذا الشهر الذي له مكانة وطنية خاصة منذ استقلال البلاد في 14 أغسطس/آب من العام 1971 قد شهد الكثير من الحوادث على مدى السنوات الماضية، إلا أن شهرنا الجاري خصوصا، ليس كأي «ديسمبر» مضى.

هذا الشهر البارد طقسا في العادة، تدفئه مناسبة وطنية عزيزة على نفوس أبناء البحرين، وهي مناسبة ذكرى جلوس جلالة العاهل، ولأن هذه المناسبة ارتبطت في الوجدان الوطني بمعاني الانتماء والمواطنة، فإن ما شهده ديسمبر في عامه الماضي من حوادث مؤسفة لاتزال تبعاتها قائمة، يثير حالا من الترقب لما ستكون عليه الأوضاع في فترة الاحتفالات الوطنية من جهة، والحراك السياسي المرتبط بشكل أو بآخر بهذه المناسبة من جهة أخرى، لكننا نتمنى ألا تدخل البلاد في دوامة جديدة من دوامات العنف والاضطراب الأمني، وهذه ليست مسئولية طرف دون آخر، فهي دون شك مسئولية الدولة، وكذلك هي مسئولية الجمعيات السياسية والناشطين ومسئولية كل مواطن يدرك ويؤمن بميزان الحقوق والواجبات… إذا هي مسئولية مشتركة يتوجب أن يحملها الجميع لتجنيب البلاد ما لا تُحمد عقباه.

شخصيا، لست ممن يستسيغ المظاهر الوطنية المزيفة في امتثال حب الوطن والقيادة من خلال الأغاني والقصائد والرقصات الشعبية والمهرجانات وحسب، وهذه وإن كانت ليست «بدعة» وليست مظهرا ممقوتا لدى الكثير من الناس، لكن (ديسمبر البحرين) هو علامة وطنية يجب أن تبقى حية في النفوس وفي الوجدان الوطني كمرحلة لتجديد العهد والتوافق والبناء والنهضة بين الحاكم والمحكوم، وأن تكون المصلحة الوطنية، ولا شيء غيرها، هي العنوان المتجدد سنويا للحفاظ على الإنجازات والمكتسبات وإزالة ما يعوق المسيرة.

ومناسبتنا الوطنية هذه، ليست ألعابا نارية وأهازيج، وهي ليست مناوشات واضطرابا أمنيا ومواجهات، شئنا أم أبينا، هي ذكرى لها مكانتها الخاصة، ولهذا، دار حوار بيني وبين مسئول أمني كبير في وزارة الداخلية بشأن الكيفية التي يتوجب من خلالها تجنيب البلاد تكرار حوادث مؤسفة في هذه المناسبة العزيزة، فعلاوة على اتفاق الآراء على معاني ديسمبر الوطنية وحق المواطنين جميعا في الاحتفال بهذه المناسبة وإشاعة مظاهر الفرح والابتهاج، لفت ذلك المسئول نظري حين أكد أن الحراك الديمقراطي الذي تشهده البلاد والحق في التعبير، لا يمنع أبدا من طرح الهموم والقضايا الوطنية المهمة في هذه المناسبة، لكن شريطة ألا يخرج ذلك الطرح عن المسار السلمي الهادف، ويتحول من عنوان مقبول لاستغلال المناسبة لإيصال القضايا الوطنية المهمة للحكومة، إلى حال من الصدام العنيف والتخريب وإشاعة الفوضى والتأثير على صورة الوحدة الوطنية التي يجب أن تبقى مصانة والإضرار بهذه المناسبة، فإذا كان هناك طرف لا تعنيه المناسبة، هناك طرف آخر له الحق في أن يعلن موقفه واعتزازه بهذه المناسبة، وهذا الطرف يمثل الشريحة الأكبر من المواطنين.

وعلى كل حال، فإن الحكمة في التعامل مع «شهر ديسمبر» من جانب كل الأطراف، بتقديم المصلحة الوطنية والابتعاد عن مثيرات الاضطراب والصدام العنيف، سيكون كفيلا بأن يمارس كل مواطن حقه في التعبير، سواء في الاحتفالات الكرنفالية أو في المظاهر السياسية السلمية القانونية، فلسنا في حاجة الى حريق سنوي بقدر حاجتنا إلى نظرة موضوعية حكيمة من جانب كل الأطراف هدفها مصلحة الوطن وشعبه.

وكل عام، والبحرين ملكا وحكومة وشعبا بخير

سعيد محمد سعيد

لسان حال سواق الشاحنات

 

في مطلع يونيو/ حزيران من العام الجاري، حذر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين ورئيس جانبها في اللجنة المشتركة مع إدارة الجمارك والموانئ عبدالحكيم الشمري من أن كارثة ستواجهها القطاعات الإنشائية بسبب النقص الحاد وغير المسبوق في الإسمنت والرمال، وبالفعل، انفجرت أزمة، وتعقدت وتشعبت قبل أن تنفرج شيئا فشيئا.

ربما لم تنته المشكلة نهائيا على مستوى استيراد مواد البناء وغيرها من السلع عبر جسر الملك فهد، إلا أن مشكلة سواق الشاحنات التي ستدخل بعد نحو شهر عامها الثالث لا تزال تراوح مكانها! فالطوابير طويلة، والانتظار يطول ويطول، والحلول، على رغم اجتماعات وزيارات ولقاءات كثيرة، إلا أنها – أي الحلول – لا تزال في حكم المجهول.

كان المسئولون في المؤسسة العامة لجسر الملك فهد يقولون ويكررون أنه على رغم العراقيل والمعوقات الكثيرة، إلا أن فرص الحل قائمة وقابلة للتنفيذ! وكانت الاجتماعات التي عقدها المسئولون بوزارة الداخلية والمؤسسة العامة للجسر ركزت مراجعة مراحل تنفيذ مشروع التوسعة وتطوير المرافق بالجانب البحريني بجسر الملك فهد الذي أعلن سابقا من قبل المؤسسة العامة في خطتها قصيرة المدى التي كان مقرر لها أن تنتهي بنهاية العام الجاري، وها هو العام يشارف على الإنتهاء ولم يتحرك ساكن.

سواق الشاحنات وأصحاب شركات النقل البري يذكرون المؤسسة العامة بما كانت أعلنته في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن بدء تنفيذ الخطة التوسعية لتطوير مرافق الجسر بعد إجازة عيد الفطر المبارك الماضية، إلا أن ما تحقق من تعديل للمسارات وتقديم تصورات لإعادة تصاميم منطقة الإجراءات في جزيرة الحدود لم يؤثر كثيرا، فيما يعتقد أصحاب شركات النقل البري أن المسئولين عاجزين بالفعل عن إيجاد الإجراءات الكفيلة بمواجهة تكدس الشاحنات نتيجة للزيادات الكبيرة خلال العام الجاري ووضع خطط خاصة للطوارئ بمشاركة الإدارات المختصة لتنسيق حركة المركبات داخل جزيرة الحدود وامتداد الجسر خلال أوقات الذروة.

المؤسف في الموضوع، أن كل طرف يلقي باللائمة على الطرف الآخر… لكن الذي يظهر للعلن من خلال الصحافة، لم يعد مجديا لتغطية الواقع السيئ، فكثيرا ما تم الإعلان عن خطة تقوية شبكة الحاسب الآلي والقضاء على المشكلات الفنية السابقة التي أدت إلى حدوث تعطيل في كثير من المناسبات، بالإضافة إلى تسريع حركة مسارات الجمارك والجوازات من خلال فتح كل الكبائن، فيما تم الاتفاق على فتح كل مسارات الجوازات ومحاولة إيجاد نظام مروري يسمح بانسياب الحركة دونما تجميد للمسارات في مكانها، ولعل ما حدث في فترة الأسبوع الأول من شهر أغسطس/ آب الذي سبق حلول شهر رمضان المبارك كان كافيا للاعتراف بوجود مشكلة، فقد ارتفع في تلك الفترة عدد المسافرين عن المعدل الاعتيادي (نحو 40 ألف مركبة يوميا) إلى 120 ألفا، متجاوزة المعدل المتوسط لأعلى فترات الزحام وهو 70 ألف مركبة يوميا.

لن يكون أمامنا التماس عذر للمسئولين بالمؤسسة العامة للجسر، لكننا سننتظر منهم أن يجيبوا على سؤال يعرفونه جيدا: «هل ستنتهي أزمة الشاحنات على الجسر أم لا؟»

سعيد محمد سعيد

الأزمتان: بحرينية كويتية!

 

لا أظن أنه من قبيل الصدفة، أن تعصف أزمة خلاف بين الحكومة والبرلمان في الوقت ذاته وفي البلدين الخليجيين الوحيدين اللذين لديهما مجلسان تشريعيان منتخبان! ولربما لو كانت هناك دولة خليجية ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة لديها برلمان منتخب… أقول لربما… وجدنا دول الخليج كلها مشتعلة لخلافات بين الحكومات وبرلماناتها ولربما في التوقيت ذاته أيضا، والسبب في ذلك كله من وجهة نظري المتواضعة، هو لأننا لسنا «ديمقراطيين» ولسنا سوى «حمالية» لشعارات الديمقراطية وحسب، وأرجو المعذرة لاستخدام هذا التعبير!

وبالطبع، ليست الأزمات التي تعصف بين الحكومتين والبرلمانيين تظهر فجأة! فهناك تطور مرحلي في الخلاف لكنه سريع، ولا يمكن لأي أحد كان أن ينكر نضج التجربة البرلمانية الكويتية وتميزها وسمتها الرئيسة وهي تراكم الخبرة، لكن المشكلة تكمن في (المخفي من أجندات)، سواء كان ذلك في البحرين أو في الكويت، وغالبا ما تكون بدوافع صدامية بين الجهتين تارة، ولأسباب طائفية تارة أخرى، ولوجود أطراف تريد حقا إزهاق روح الحياة النيابية.

وفي الأزمتين، ومن حسن الطالع، أن الحكومتين البحرينية والكويتية، أثبتتا أنهما قادرتان على احتواء مثل هذه الخلافات والأزمات، فيوم الثلثاء الماضي، وفي زيارة مفاجئة قام بها رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة إلى مجلس النواب، كان يوما مهما قطع الكثير من نزاع القوم والمخاوف التي ظهرت في غضون الأسبوعين الماضيين والتي وصلت لدى البعض إلى وضع احتمال حل البرلمان بسبب تغيب الوزراء عن حضور جلسات المجلس وبسبب أيضا الأداء البرلماني المترهل، وقد أعلن سمو رئيس الوزراء أنه ليس هناك أي قرار بعدم حضور الوزراء جلسات المجلس…

إذا، وضعت زيارة سمو رئيس الوزراء النقاط على الحروف، ولا يمكننا إلا أن نراقب دور الانعقاد كاملا لنعرف النتائج.

أما في دولة الكويت، فقد تعقدت الأزمة السياسية بعد رفع استقالة الحكومة إلى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إثر مواجهة مع مجلس الأمة على خلفية السماح للسيدمحمد باقر الفالي، المتهم بشتم الصحابة، إلى البلاد، والمطالبة باستجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد، فقد انسحب أعضاء الحكومة من جلسة يوم الثلثاء الماضي، لكن سمو الأمير قرر تأجيل النظر في قبول استقالة الحكومة.

خلاصة القول تنضوي تحت هذا التساؤل: «هل يعقل أن يكون مصير العمل البرلماني في البحرين والكويت واقعا تحت احتمال (الحل) أو (تجميد الدستور)؟»، وإذا أردتم إجابتي فسأقول: طالما أن هناك عدم توافق وتفاهم بين الحكومة والمجلس التشريعي، وطالما هناك تغييب قسري للمصلحة الوطنية، فستكون هذه الأزمات مستمرة، ولن ننال نحن كمواطنين، سوى المزيد من الإحباط وستذهب أحلامنا في التنمية والرفاهية وتحسين مستوى المعيشة وتطوير التشريعات والأنظمة أدراج الرياح. لكن لابد من القول: إن مبادرة سمو رئيس الوزراء، أزالت الكثير من الغموض وأزاحت الكثير من التكهنات والمخاوف المحيطة بالتجربة البرلمانية، وهذه مبادرة تحسب لسمو رئيس الوزراء في وقت أصبحت فيها الملفات في البلد متشعبة ومعقدة تعقيدا لا يمكن فكه بسهولة…

ويبقى الأمر مرهونا بما ستأتي به الأيام المقبلة.

بعيدا عن الأزمات

سعيد محمد سعيد

المصلحة الوطنية…آخر المطالب!

 

ثمة سباق محموم بدأ يظهر في خطاب مستتر لبعض الناشطين الإسلاميين، مدعوم ببيانات وخطب ومقالات تتوزعها كالعادة بعض المنتديات الإلكترونية ذات النفس الطائفي والتجزيئي! وبعض الخطب التأجيجية.

والحمد لله، أن ذلك السباق المحموم لم يصل الى صفحات الصحف اليومية، على الرغم من أن هناك من يسعده هذا الفعل، وخصوصا إذا ما كان يتصل بالممارسات التمييزية الطائفية بين المواطنين…

لن يطول التقديم، وحتى لا يضيع مسار طرح الفكرة، وجدت تنافسا في أحد المنتديات الإلكترونية لتقييم أوضاع الطائفتين الكريمتين في البلاد من ناحية التوحد والقوة والتضامن والعمل كصف واحد…

وطبعا، لن يكون ذلك المصدر، أي المنتدى الإلكتروني، مصدرا حيويا وموثوقا للنقل، لكن، في كل الحالات، لابد وأن ندرك أن تلك المنتديات أصبحت تعكس في كثير من الأحيان مواقف صحيحة، وتحركات أكيدة، وبالطبع، ليس كل ما يرد فيها من معلومات هو خاطئ وسيء.

نعود للسباق المحموم، وهو ينطلق من عنوان كبير هو: «هل ترضيكم أوضاع الطائفة في البحرين؟»، وأود التنويه الى لفظ «الطائفة»هنا يشمل الطائفتين الكريمتين، فتارة، تجد مجموعة من المواطنين يطرحون محاور تشمل:

– تفكك أبناء الطائفة.

– عدم وجود قيادات دينية وسياسية فاعلة في الساحة المحلية تسعى للدفاع عن الحقوق والمطالب.

– غلبة الطرف الآخر ومخاوف متفاوتة من نتائج تلك الغلبة.

– عدم ثقة أبناء الطائفة من البحرينيين بإخوانهم من ذات الطائفة من المجنسين أو من الأصول المعروفة.

– التعبير عن عدم الرضا بأداء الكتل البرلمانية.

– المطلوب للتحرك.

وفي ذات السياق، أي في الطرف الآخر، ربما وردت ذات المحاور ولكن بصياغات مختلفة منطلقة هي الأخرى من مرئيات وأدبيات محصورة في الطائفة تشمل:

– استمرار التمييز والإقصاء.

– ضعف الأداء السياسي وعدم فاعلية القيادات الدينية التي تعيش هي الأخرى حال من التصادم.

– الحاجة إلى ترتيب الصفوف.

– إعادة صوغ العمل السياسي من خلال قراءة مساري «الممانعة والمسايرة».

– توجيه الاتهام إلى الكتلة البرلمانية الرئيسة باستمرار الإخفاقات.

– و…أيضا، المطلوب للتحرك.

والمتابع للفريقين، قد يؤمن بأن ما هو متاح من حرية للتعبير وإبداء وجهات النظر وحق كل مواطن في أن يطرح مرئيات فردية أو جماعية تجاه القضايا المهمة في الساحة فتح المجال لهذا الطرح، لكنه – شئنا أم أبينا – لا يمكن أن يخرج عن إطاره الطائفي، بقصد أو من دون قصد، في جعل العمل السياسي والخطاب الديني، ينحرف الى اتجاه تعبير كلا الفريقين عن القلق والخوف وربما الترقب ما قد يكون لأحدهما من شأن ومكاسب وغلبة على الفريق الآخر، وهذا كله لا يمكن أن يخدم المصلحة الوطنية بأي حال من الأحوال، بل هو على رغم محدودية مريديه ومثيريه، يظهر وكأنه حال من الصدام العنيف في المجتمع بين مجموعات تنتمي إلى الطائفتين… تتقاسم ذات الشعور بأن طائفتها مهددة ولابد من العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لكن، من الصعب جدا أن تجد في ذلك السباق المحموم، ما يمكن أن يناسب كل مواطن، أيا كان انتماؤه المذهبي، إذ يجد في المحاور المتكررة هما مشتركا وتطلعا مشتركا ويترقب نتائج إيجابية مشتركة وربما جاءت «المصلحة الوطنية»…آخر المطالب أو لم تجيء.

ولهذا، ومن وجهة نظري، لن تكون هناك أي نتائج مثمرة، لأن الدوافع والنوايا في الأساس…طائفية

سعيد محمد سعيد

لكي نبيع البرتقال…

 

قال محدثي: «أنا في غاية الأسف والحزن والأسى، فقد كثر الخداع والنفاق وسوء الظن بين الناس في المجتمع البحريني وهو أمر لم ولن يكون من صميم هذا المجتمع… كذب وخداع ونفاق في السياسة… كذب وخداع ونفاق في البرلمان… كذب وخداع ونفاق في الوظائف… وهذا الكذب والخداع والنفاق، نلمسه في كل شيء في حياتنا».

لم تكن لديّ إجابة تريح صاحبي، لكنني اكتفيت بأن قلت: «هون عليك يا صاحبي… لست مسئولا عن كل ذلك… ليس في مقدورك أبدا أن تحل مشاكل البلد، فالأجدى والأنفع لك أن تراقب نفسك وتعدل سلوكك، وتسعى لرزقك ورزق عيالك، واترك كل الباقي… فلست عنهم بمسئول! ثم من ينصب نفسا وصيا وحكيما على الناس، عليه أن يحذر هو الآخر، فكلك عورات وللناس أعين».

لكن محدثي ينظر إلى الموضوع من عدة زوايا… والحقيقة الدامغة التي كانت نصب عينيه، أن في هذا المجتمع الصغير، تصبح الأكاذيب سلسلة متصلة ببعضها بعضا، فالكل يخدع الآخر، ويكذب على الآخر، لذلك، تجد البركة قليلة والبلاء يزداد ويشتد…

لم أكن موافقا معه تماما، لكن، لا بأس من أن يكون في كلامه بعض الصواب…

قلت له: إذا كنت تريد بيع البرتقال، فكن صادقا!… لم يفهم محدثي العبارة، لكنني شرحتها له من خلال هذه القصة، وهي من قصص الحكمة الصينية:

انتصب بائع برتقال على قارعة الطريق يبيع ثماره، فمرت بقربه عجوز وسألته إن كانت هذه الثمار المعروضة للبيع حامضة؟

ظن البائع أن زبونته العجوز لا تأكل البرتقال الحامض، فرد عليها مسرعا:

– لا… هذا برتقال حلو، كم يلزمك يا سيدتي؟

-ولا حبة واحدة… أنا أرغب في شراء البرتقال الحامض، فزوجة ابني حامل وهي تهوى أكل ذاك الصنف من البرتقال.

ها قد خسر البائع زبونته.

بعد وقت طويل، اقتربت منه امرأة حامل، وسألته:

– هل هذا البرتقال حامض يا سيدي؟

وبما أن المرأة حامل، فإن الإجابة كانت على طرف لسان البائع:

– نعم… هو حامض يا سيدتي، كم كيلوغرام تريدين؟

– ليست لي رغبة في هذا البرتقال، فحماتي تحبذ البرتقال الحلو وتمقت البرتقال الحامض.

ها هو التاجر يخسر مرة ثانية الصفقة.

إن من يريد خداع الآخرين يخدع نفسه قبلهم!

سعيد محمد سعيد

لكي نفتح «ملفاتنا» في الداخل فقط!

 

في أكثر من مناسبة، أسقطت الكثير من الأضواء على «وزارة الداخلية» كهدف لكتابات كثيرة ماضية…بعضها يتصف بالقسوة حين لا تحسن الوزارة ومسئولوها، وبعضها يتصف بالإطراء والمديح حين يكون العمل المنجز لافتا للأنظار ومستحقا للثناء، فوزارة الداخلية، من وجهة نظري، ليست جهازا «قمعيا»وكلها شر مطلق، وليست أداة لقطع الأعناق والأرزاق، وليست هي – كجهاز مهم للغاية في منظومة الدولة – تستطيع أن تضع نهاية لكل قضايا البلد وملفاته ومشاكله بعصا سحرية.

ولهذا، يكون التحاور والنقاش مع المسئولين في الوزارة، يتصف بالصراحة المحترمة من الطرفين، ففي قضايا وظروف ومواقف متعددة، وجدنا في نخبة من المسئولين بوزارة الداخلية، تقديرا للموضوع المطروح قيد البحث والنقاش، سواء اتفقت وجهات النظر أم اختلفت…ولذلك، حين أثارت تصريحات وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة ردود فعل «غاضبة في بعضها»و»عاصفة في بعضها الآخر»بشأن نقل الملفات وقضايا البلد الى «الخارج»في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية، تعددت وجهات النظر حيال هذا الأمر بين فريق معترض ورافض للمادة (134) مكرر من قانون العقوبات التي تنص على عقوبة الحبس ثلاثة أشهر أو بالغرامة لكل مواطن حضر بغير ترخيص من الحكومة، أي مؤتمر أو اجتماع عام أو ندوة عامة عقدت في الخارج، أو شارك بأية صورة في أعمالها، بغرض بحث الأوضاع السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية في مملكة البحرين أو في غيرها من الدول»، وهذا الفريق استند على أن مثل هذا القانون لا يتماشى مع مرحلة الإصلاحات التي تشهدها البلاد، فيما كان لفريق آخر موقف آخر ووجهة نظر أخرى تقوم على أساس أن نقل الملفات والقضايا المحلية إلى الخارج مرفوض، و فيه تشويه وإضرار بالبلد بل وإضعاف لهيبتها، وأيضا، له انعكاسات سيئة على الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي وعلى الوحدة الوطنية، حتى لو تعثر التعاطي مع تلك الملفات.

لكن ليسمح لي القارئ الكريم أن أشير إلى نقطة من زاوية مختلفة، وهي أن تصريحات وزير الداخلية، كرّست شكلا من أشكال الاختلاف المحمود في وجهات النظر المختلفة، واحتفظ كلا الطرفين باحترامه وحقه في التعبير إلى درجة أنه عقدت ندوة للجمعيات السياسية أبدت فيها وجهة نظرها المشتركة والرافضة لوضع حدود على التحرك الداخلي والخارجي، فيما كان للطرف الآخر تحركات بلغت إلى حد رفع دعاوى قضائية والمطالبة بمساءلة من يفعل ذلك مساءلة قانونية.

وعلى أي حال، فتشويه صورة البلد، سواء كان ذلك على صعيد الداخل أم الخارج هو «منهج مرفوض»من وجهة نظري المتواضعة مع إيماني بأن هناك قضايا طال أمد البحث فيها دون الوصول الى بر الأمان، وسواء اعترض هذا الفريق على تصريح وزير الداخلية أو اتفق الفريق الآخر، يبقى الجانب المهم في الموضوع كله هو تفعيل اللقاء والتحاور على الصعيد الوطني من جانب المؤسسة التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني والأجهزة الرسمية للتباحث بصدق وقناعة في الملفات ذات الحساسية العالية، والخروج بنتائج متفق عليها لحل الإشكالات المرتبطة بتلك الملفات.

وحتى لو وضع البعض اعتبارات لأهمية المشاركة الخارجية ونقل الملفات إليها، فلست أرى أن ذلك العمل يمكن أن يكون أجدى وأنفع من العمل على صعيد الداخل بجرأة وتفهم وتفاهم حتى لا يكون الأمر مجرد شعارات فضفاضة وصدام ينتهي إلى نتيجة شبيهة بنقل قضايا البلد إلى خارجه.

أعتقد أن تصريحات وزير الداخلية ستفتح المجال، لا لتقييد التحرك الخارجي من جانب النشطاء السياسيين وحتى البرلمانيين أنفسهم باعتبار أن هناك نقلة إصلاحية في البلد أتاحت مساحة واسعة مشروعة من حرية التعبير، بل للدفع في اتجاه تفعيل الحوار الوطني في القضايا المحلية المهمة، والسماح بتحرك أقوى لمن يريد أن يطرح كل قضية مهمة في حدود الداخل، على أن يكون هناك تفهم من كل الأطراف بأن النوايا تصب في مصلحة البحرين وشعبها، وليس للإضرار بها

سعيد محمد سعيد

سيد حسين… لماذا غضبت؟

 

حتى ساعة متأخرة من الليل، أجبرني النائب الكويتي السيد حسين القلاف على الجلوس أمام شاشة قناة «سكوب» كما أجبر غيري وهو يفاجئ المشاهدين، بل ويفاجئ المذيعين بداح وأحمد الفضلي في اللقاء الذي أجري معه قبل عدة أيام، مفجرا الكثير من الحقائق بشأن قضية سحب الجنسية من سكرتير وزير الداخلية ياسر براك الصبيح!

دهاليز وعجائب وتشعيبات في تلك القضية غاية في التعقيد! إذ تم اتهام الصبيح بأنه كان واحدا من المتعاونين مع القوات العراقية في فترة الغزو الغاشم على دولة الكويت في الثاني من أغسطس/ آب من العام 1990، بل كان أحد أركان قيادة الجيش الشعبي، على رغم أنه كان أسيرا في سجون تكريت والموصل ثم البصرة قبل التحرير وقبل العودة إلى دولة الكويت، وهذا ما شهد عليه عدد من الأسرى الكويتيين الذين كانوا معه في الأسر وعادوا أحياء إلى وطنهم.

لماذا غضب النائب في مجلس الأمة الكويتي السيد حسين علي السيد خليفة القلاف البحراني، في لحظة من اللحظات التي شارك فيها عبر الهاتف اثنان من المتصلين، أحدهما إعلامي والآخر محام؟ كان سبب الغضب هو كلمة «المزايدة» التي لمز إليه بها أحدهما باعتباره «أي السيد القلاف»أحد المزايدين، وهذا ما رفضه وهو يحمل قضية مواطن كويتي قدم خدمات جليلة إلى الكويت، وهذا ما أكده عبر مجموعة من الأوراق والوثائق الرسمية التي بدا واضحا أن النائب القلاف بذل جهدا كبيرا للحصول على تلك الوثائق التي صدرت على مدى ثلاث فترات من الحكم في دولة الكويت الشقيقة، وبتوقيع ثلاثة حكام، بالإضافة إلى وثائق أخرى صادرة عن أجهزة استخباراتية وأمنية تؤكد أن المذكور، الذي سحبت جنسيته، قدم أعمالا جليلة لبلاده الكويت.

مع الاعتذار لكل القراء الكرام، ولكل النواب الأفاضل ولكل الناشطين السياسيين، ولكل من هب ودب في الساحة السياسية البحرينية، أود القول إن حديث أهل الكويت، في قناة «سكوب»، تحول إلى قضية رأي عام في المجتمع الكويتي، لتكسر تلك القضية الحواجز القبلية والعائلية والطائفية، بل تمكن نائب واحد من أن يجعل المئات – إن لم يكن الآلاف من الشعب الكويتي الشقيق – يجلسون على أعصابهم لساعات محاولين التقاط خط الاتصال بالبرنامج، لا ليؤكدوا تبجيلهم للكويت وحسب، بل ليؤكدوا انحناءهم احتراما لمن خدم الكويت ولمن يستحق أن تكرمه الكويت، فوصلت آثار من العاصفة التي أثارها السيد حسين القلاف إلى البحرين، ولكن، لتشعل نارا من الحسرة والألم… بين نماذج لنواب يستميتون في الدفاع عن الوطن والمواطن بغض النظر عن انتمائه الطائفي ويفضحون الصفقات، وبين نواب منشغلون فقط في تأجيج الخلاف الطائفي، يلف لفهم متابعون ومطبلون وراقصون يتفرجون من طرف قصي لينالوا شيئا من الصفقات؟

بعد كل ذلك، يرتفع الشعار: «إلا البحرين»!

حرام ما تفعلونه بالبحرين يا سادة… ويا حكومة أيضا!