سعيد محمد سعيد

لكي لا نفقد المنامة (2)

 

ليس مستغربا أبدا أن يبادر عدد من أهالي المنامة، أو لنقل من (خالص أهلها) الذين لا يستطيعون مفارقتها أبدا، من العوائل والأفراد الذين لا يزالون يعيشون هناك، ويستعرضوا فصولا محزنة من المشاعر على ما آل إليه حال المنامة… إنهم بذلك يكتبون وثيقة ولاء وانتماء للبحرين، لا مثيل له، وخصوصا أنهم أهل العاصمة، الذين ينظرون إلى الحكومة بنظرة المواطن الذي يريد أن يرى في العاصمة، ما يدل على أنها بحرينية… من وسطها… من عمقها ومن قديم أحيائها وما تبقى لإحيائه منها.

ولأنني في هذه السلسلة، أردت أن أتناول حقيقة أوضاع العاصمة لأثير أفكار المسئولين تجاه (التغريب القسري) الذي تعيشه المنامة، فلا ريب في أننا نحتاج الى الأرقام، وليكن، فوفقا للبيانات الإحصائية الصادرة ضمن التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2001، فإن عدد سكان العاصمة بلغ 163 ألفا و696 نسمة، يبلغ البحرينيون 55 ألفا و230 نسمة، فيما يبلغ عدد الأجانب 108 آلاف و466 نسمة، وحسب تقديرات مجلس بلدي العاصمة، فإن عدد سكان العاصمة حتى العام الماضي 2008 بلغ 175 ألف نسمة، لكن حتى العام 2011، سيصل تعداد سكان المنامة إلى 181 ألف و361 نسمة، منهم 61 ألفا و191 من البحرينيين، و120 ألفا و170 نسمة من غير البحرينيين، ويبدو واضحا أن البحرينيين في «عاصمة البلد» لن يتجاوزوا (غيرهم) مهما كان.

تبلغ مساحة العاصمة 27 ألفا و48 كيلومترا مربعا، أما وحداتها السكنية (وفقا لتعداد 2001) فبلغت 34 ألفا و210، وكثافتها السكانية تستوعب 5582 فردا لكل كيلو متر مربع.

في شهر يونيو/ حزيران من العام الماضي 2008، أعددت تقريرا بشأن أوضاع العاصمة، وأجريت مقارنة أعيدها هنا بين العاصمة المنامة (كمدينة)، وبين المحافظة الشمالية كأكبر محافظة من ناحية الكثافة السكانية، فإن البشر يتكدسون في المنامة بشكل لا يمكن إغفاله، فمساحة المحافظة الشمالية بالكيلومترات المربعة تبلع 253 ألفا و31 كيلومترا مربعا، ويبلغ تعداد سكانها حسب العام 2001 قرابة 193 ألفا و78- نسمة، ونسبة البحرينيين تبلغ 81.4 في المئة، فيما نسبة غير البحرينيين تصل الى 18.5 في المئة، وعدد الأسر البحرينية يبلغ 23 ألفا و99 عائلة، أما غير البحرينية فتصل الى 3705، ويبلغ عدد قراها 42 قرية ومدينة، وعدد مجمعاتها 146 مجمعا، ومع كل مواصفات المحافظة الشمالية، فإن العاصمة ستحمل تعداد سكان مقارب، في مساحة أصغر وأصغر بكثير… فرق بين مدينة ومحافظة!

هذه الأرقام الهائلة، لاشك في أنها ستؤثر على الهوية الوطنية والثقافة والتراثية لعاصمتنا، والمهم من ذلك، أن نتساءل ونحصل على إجابة: «لماذا لم نجد تحركا من جانب الدولة للحفاظ على هوية العاصمة من الاندثار القسري، وخصوصا بالنسبة للأحياء القديمة في وسط المنامة، ومنها الفاضل والمخارقة، والصفافير، والحمام، والحطب ومشبر وكانو، وصولا إلى النعيم، أليست هويتها البحرينية مهددة وسط غزو وافد رهيب…؟»

الوضع صعب ومتشعب، والإجابة صعبة، لكن سنتناول المزيد مستقبلا.

سعيد محمد سعيد

لكي لا نفقد المنامة (1)

 

ليس هيّنا أن تقرأ تقريرا عالميا يصف بصورة سيئة مدينة أو قرية أو شبرا من بلادنا الغالية بما لا يقبله أي بحريني وبما لا يليق! فليس هناك (بني آدم) سليم الفطرة والانتماء، في أقصى الأرض وأدناها، يرضى بأن تكون بقعة من بلاده ضمن (مدن الخطايا) أو ما يشبه تلك المسميات المهولة من أوصاف… لكن ذلك لا يمنع من قراءة الواقع بتجرد، والاعتراف، إن استدعى الأمر، بوجود ممارسات سيئة وتهاون سيئ وإصرار على تدمير صورة المجتمع الأصيل، والاستعاضة عنه بآخر بديل مختلط الأعراق يمحي الأصالة.

«المنامة» عاصمة بلادنا أصيلة، بتاريخها وأهلها وعطائها على مرّ السنين… من الصعب أن نفقد المنامة… إن فقدنا المنامة، فقدنا هويتنا.

ذات يوم، جمعني لقاء بالحاج تقي محمد البحارنة، دار بشأن ما تتعرض له العاصمة المنامة من تضييع لهويتها، والحاج تقي، رجل أعمال وأديب ومثقف من مواليد المنامة في العام 1930، له مكانته الفكرية في البحرين والعالم العربي… فهو حين يقرع الجرس للتحذير من مغبة ضياع هوية هذه المدينة العتيدة، فإنه لا يتحدث من فراغ… وحين يطالب ويستحث النخوة الوطنية للعمل على إنقاذ المنامة، فهو يدرك جيدا ما يعني ضياع عاصمة بلادنا وطمس هويتها… في بيتين من الشعر، يجعلك البحارنة تشعر بالحزن على «منامتنا»:

أين الجوار وقد مضى

عنها الأشاوس «والنشامة»

واحتل ساحتها الأجانب

واستباحتها الرطانة

واقع حال «العاصمة» اليوم يثير القلق على هويتها، ويتطلب مبادرة حكومية وأهلية، تدفع باتجاه الحفاظ على هوية العاصمة من خلال طرح مشروع للحفاظ على ما تبقى من أصالة بحرينية بإحياء مرافق تصون هذه الهوية من خلال إحياء أشهر معالمها وبيوتها التراثية ومساجدها، تماما كما جرى مع مسجد مؤمن، لكي تبقى نابضة بأصالتها وهويتها البحرينية الشامخة.

لكن، ما الذي يجعل واحدا من أبناء البحرين، ومن عمق عاصمتها يقرع ذلك الجرس؟ لا بأس من أن نستمع إليه وهو يقول إيجازا للفكرة: «المنامة تغيرت اليوم… نعم تغيرت، وحين أذهب اليوم إلى فريق «المشبر» القريب من القلعة وفريق المخارقة، أشعر بالغربة لولا وجود مسجد مؤمن، وبقاء شخصين أو ثلاثة ممن أعرفهم هناك… لو لاهم سأشعر بأنني في بلد غريب… الجوار تغير واللهجات تغيرت، والأجانب كثروا… في السابق، ترى قلة من الناس الذين لا تعرفهم، أما اليوم، فقد تحولت بعض حواري المنامة كفريق الحطب وكانو مئة في المئة إلى حي أجنبي وهذه نقمة أصابت المنامة! والمنامة، كعاصمة، إذا لم تشهد حركة تنقذها من حالها فستخسر تاريخها، وهذا يتطلب تنفيذ مشروع للحفاظ على هويتها… في نظري يجب أن يكون في المنامة 20 مرفقا تبقى بمثابة معلم من معالم العاصمة، ومنها بيوت التجار أو العلماء أو المثقفين من كان لهم إسهام كبير في خدمة الوطن… بحيث تستقطب تلك المعالم الناس، من مواطنين ومقيمين وسواح، فالعاصمة مهددة، وهناك شوارع وطرقات يجب أن تبقى وإن كانت الطرقات ضيقة، فنحن اليوم في حاجة ماسة إلى إنقاذ عاصمتنا العزيزة.

وللحديث صلة..

سعيد محمد سعيد

علماء «الأمة»… مقابل مشايخ «الفتنة»

 

مع شديد الأسف، تتوارى أصوات علماء «الأمة» الأفاضل ذوي الحرص على استقرار المجتمع الإسلامي وتختفي، فيما تتصدر خطب وأقوال وهستيريا مشايخ «الفتنة»، وهم في الغالب (نكرات) ليس لهم ثقل في الأمة، حتى وإن ذكرنا من بينهم علما كبيرا أو علمين من لهم مكانة واحترام، لكنه لكنهما، أسقط أسقطا أنفسهما في براثن الفتنة والدعوات التحريضية التي لا تزال آثارها باقية وماثلة في العالم الإسلامي لسبب أن دعوة جاهلية أو خطبة رعناء أو لقاء في قناة فضائية أحدثت بين بعض أبناء الأمة ما أحدثت من خلاف وشقاق وعداء وكراهية.

والحال كذلك، لا يظهر على السطح إلا دعوات الفتنة، فتنتشر سريعا في كل مكان، ويعقبها حملات مؤيدة ومعارضة، فيما يندر أن تجد كلمة سواء من قبل علماء الأمة الأفاضل وقد احتوت كل هذا الهوس بالطائفية والتدمير والرغبة في رؤية الدماء والتناحر.

في أحد المراصد العربية المعنية بالاستفتاءات، طرحت قضية خطورة الخلاف السني الشيعي على السلم الاجتماعي في الدول العربية والإسلامية للنقاش، وشملت العينة المبحوثة 1775 مشاركا من مختلف المذاهب الإسلامية، ووفقا للاستفتاء، رأت نسبة 18.08 في المئة (المصوتون = 321) أن تصعيد الخلاف السني الشيعي وراءه مخابرات دولية مثل الموساد وغيرها، بينما نسبة مقدارها 49.07 في المئة (المصوتون = 871) أن الفكر التكفيري السلفي والمنهج المتشدد المتعصب وراء الفتنة الطائفية في العالم العربي والإسلامي، بينما ذكرت شريحة أخرى نسبتها 12.56 في المئة (المصوتون = 223) أن التطرف الشيعي في العبادات وممارسات الشعائر وطرحه للمسائل التاريخية هو الذي سبب الفتنة الطائفية بين المسلمين، وأشارت نسبة مقدارها 5.79 في المئة (المصوتون = 106) إلى أن الجهل في معرفة كل مذهب بالآخر هو وراء ظاهرة التعصب المذهبي، واعتبرت نسبة مقدارها 14.31 في المئة (المصوتون = 254) أن غياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات الدينية وراء ظهور التعصب المذهبي.

ولم يخف بعض الكتاب والباحثين، ومنهم الكاتب والباحث الجزائري باهي صالح، قلقهم من تنامي ظاهرة (الكراهية بين أبناء السنة والشيعة)، لكنهم يحصرون أسبابها في (فتنة) مروجي الطائفية من بعض من يطلق عليهم (علماء)، وغياب الدور الحقيقي للعلماء العاملين، فباهي صالح يشدد على أن مشايخ الحمق والهبل من الطّائفتين (الشّيعة والسّنة) يدقّون طبول حرب وشيكة بين الشّيعة والسّنة، يصبّون الزّيت والبنزين على النّار بتصريحاتهم الغبيّة، والعامّة من ورائهم يتحرّكون بالرّموت كنترول. مندفعون بلا وعي ولا عقل، إرادتهم توجّهها العاطفة الدّينيّة الجيّاشة، لا همّة لهم إلاّ في القتل والإفساد والأذى، عقولهم صادرها علماء دينهم فلم يعد لهم عليها سلطان، وبعزيمة تشحذها وتقوّيها الرّغبة في إحياء فريضة الجهاد ونيل إحدى الحسنيين… إمّا النّصر أو الاستشهاد يتواجه الفريقان على ساحات الوغى في بلدانهم وأوطانهم، وبذلك يكفي اللّه «إسرائيل» ومن ورائها أميركا شرّ القتال (انتهي الاقتباس).

لكن من أصدق الدعوات، تلك الدعوة التي وجهها حديثا العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وهي بمثابة نداء خص فيه علماء المسلمين من السنّة والشيعة، قال فيه إنه في غمرة الحوادث التي تعصف بالعالم الإسلامي، وفي ظلّ تصاعد الأزمات وتشكّل المحاور السياسية والطائفية والمذهبية داخل الأمة، وصولا إلى الاشتباك الأمني والسياسي والثقافي، والصراع على الأوهام تحت عناوين حماية هذه الجماعة أو تلك، أحببت أن أتوجه إلى علماء المسلمين من السنة والشيعة لأطلب منهم أن يتحملوا مسئوليتهم التاريخية أمام الأمة ومصيرها.

إذا، هي المسئولية التاريخية، التي يتجاهلها علماء الفتنة، وفي الوقت ذاته، نبحث في مجتمعاتنا الإسلامية عمن يحملها بصدق وإخلاص في العمل، فلا نرى إلا كهمل النعم، ما ينبئ بالمزيد من التناحر، إن بقي ورثة الأنبياء في منأى عن حمل أكبر مسئولية ملقاة على عاتقهم.

سعيد محمد سعيد

الحرب المرتقبة داخليا… بين معسكرين!

 

بعد أن كتبت آخر سطر في هذا المقال، عدت من جديد إلى اللقاء الذي عقد بين وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وبين الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي، بحضور رئيس الأمن العام اللواء عبداللطيف الزياني، فهو لقاء مهم بلا ريب وخصوصا مع ما صرّح به الدرازي من أن الوزير طالب في بداية اللقاء الاستماع «إلى رأي الجمعية وملاحظاتها بشكل حقيقي ومن دون مجاملات».

وفي الواقع، هذا لقاء جدير بأن يسجل كنقطة تميز للجمعية، وخصوصا في ظرف شديد الحساسية، ووسط تعابير مقلقة يستخدمها (البعض) تصل إلى حد نذر الحرب!

إذا كنا على أعتاب حرب داخلية مرتقبة بين معسكرين… يمثل الطرف الأول فيها معسكر (الدولة)، والطرف الثاني معسكر مجموعات من الشباب والمراهقين «المسلحين» والمدربين والمهيئين لخوض تلك الحرب، كما يروج البعض في أكثر من موقع، فإن الأولى ثم الأولى، أن تسقط هذه الفكرة الخطيرة، ويكف مروجوها عن عملهم الأرعن، ويتعقل عشاق العنف والتخريب… إذا كان أمن البلاد واستقرارها يهمهم كثيرا!

إن مجرد تكثيف الترويج لمثل هذه الأفكار الهدامة، من شأنه أن يؤزم الوضع وينحى به نحو المزيد من الاضطراب والتصادم، وإن كان من قبيل الإشاعات المغرضة، فذلك النوع من الإشاعات له فعل مدمر أشد بكثير من الممارسات العنيفة المرفوضة التي تشهدها الكثير من القرى والشوارع الرئيسية عند مداخلها، لكن الدعوة إلى استخدام القوة من دون سواها، وقطع الطريق أمام التحركات والمبادرات الوطنية الهادفة إلى إنهاء حالة التأزم واستتباب الأمن، هي دعوة في حد ذاتها… شر مستطير.

لم نكن يوما، ولن نكون في أتون حرب! بلى، هناك أعمال عنف وحرق وتخريب في العديد من القرى، تتخللها بين الفينة والأخرى، اعتداءات يذهب ضحيتها الأبرياء وتثير حالة من الهلع والقلق على البلاد والعباد، وفي شأنها، تتعدد الآراء، فرأي يتعصب إلى أشد مراتب التعصب ويعتبرها (نضالا) من أجل نيل الحقوق، ورأي آخر يراها انحرافا خطيرا عن المطالب السلمية المشروعة ويدرجها تحت عنوان الممارسات الإرهابية، ورأي آخر يرجع سبب اشتدادها إلى غياب التحاور المسئول المنطلق من روح وطنية للتصدي لكل ما من شأنه الإضرار بالسلم الاجتماعي.

ولكن تبقى بعض الممارسات اللامقبولة، على شاكلة تخريب الممتلكات العامة والخاصة، وحرق الإطارات وحاويات القمامة واسطوانات الغاز، والاعتداء على الأبرياء، مهما كان الطرف المعتدي والبادئ بالشر، وتعريض حياة مواطنين ومقيمين بل وحتى من رجال الأمن، وكذلك من الشباب والأطفال، ورفع الشعارات المعادية للدولة، تبقى كلها ممارسات منحرفة لا مسوغ لها إلا بالنسبة إلى من تحول من المطالب المشروعة، إلى مآرب أخرى من قبيل زعزعة الأمن والاستقرار والنيل من السلطة.

إن الفئة الرافضة لهذه الممارسات والأعمال العنيفة المهددة للأمن الوطني، ومع إدراكها بأنها أفعال منفلتة لشباب ومراهقين لا رقابة عليهم لا من جانب أولياء أمورهم ولا من جانب الرموز الدينية والسياسية والناشطين، تطالب تلك الفئة، وزارة الداخلية بأن تقوم بدورها الوطني في حماية البلاد وهذه مسئولية كبيرة، وفي ذات الوقت، محاسبة أي مسئول، مهما كانت رتبته، في حال تسبب في تعريض حياة الأهالي للخطر، أو تجاوز الحدود القانونية في تعامله مع أي ظرف أمني، أو انتهك حرمات البيوت أو أفرط في استخدام القوة من دون مبرر، فمثل هذه التصرفات أيضا، تدخل تحت طائلة تعريض أمن المجتمع للخطر.

سألني بعض الشباب، لماذا تهاجمنا دائما وأنت تعلم بأن مطالبنا مشروعة؟ فأقول وأنتم تعلمون بأن الغالبية العظمى من المواطنين، من الطائفتين الكريمتين، مع المطالب السلمية المشروعة، ومع رفض العنف والعنف المضاد والإفراط في استخدام القوة، من أي طرف جاء ذلك العنف، ولسنا أبدا مع دعوات العداء للدولة وتدمير القرى وحرقها وحرمان المواطنين من خدمات الإنارة والإشارات الضوئية، بل وحرمانهم من الأمان في مناطق سكنهم… إن التحركات السلمية متاحة، بل أصبحت البحرين على أعلى قائمة دول العالم التي تشهد الأعتصامات والمسيرات والاحتجاجات، فنتمنى من المنظمين ومن المشاركين الالتزام بالنهج السلمي، وندعو المسئولين الأمنيين أيضا، إلى تجربة الأسلوب الذي أثبت فعاليته… وهو ترك المجال للمواطنين في حال تنظيم المسيرات والاعتصامات لأن يبدأوا برنامجهم، وينهوه، ويذهبوا إلى بيوتهم دون الحاجة إلى المواجهة العنيفة، ولا بأس بمراقبة الوضع بدءا بإصدار الإخطار، والتأكد من سلامة الجميع ميدانيا، كما من المهم التأكيد على عدم استخدام الأسلوب الاستفزازي الرخيص من أي طرف.

لقد شهدنا في أكثر من موقف، كيف أن بعض الضباط الأكفاء، المتمكنين والمقتدرين شخصيا ومهنيا، أشرفوا على الكثير من الفعاليات، فبدأت بسلام وانتهت بسلام، فما المانع في أن تكون هذه هي الصورة المثلى في مجتمع أصبح -على ما يبدو- لا يستغني عن المسيرات والاعتصامات، لكنه من دون شك، لا يريد العنف ولا التدمير ولا التحريق ولا الاعتداء على خلق الله.

ليس في البحرين مواطن تهمه مصلحة بلاده لا يؤمن بمبدأ الحوار، وعلى رغم أن مصطلح الحوار ينطلق في خطب الجمعة وفي التصريحات وفي الندوات، لكنه في حاجة إلى تفعيل حقيقي من جانب الدولة ومن جانب الرموز الدينية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وما من شك في أن تأكيد وزير الداخلية في لقائه مع أعضاء من كتلة الوفاق، على إمكانية التحاور مع من تهمهم مصلحة بلادهم، هو موقف الدولة، فمتى نرى نهاية لما تمر به بلادنا من ظرف شديد محزن موجع؟ حتى يتوقف داعمو العنف ومروجوه ومنفذوه ميدانيا، وتخرس طبول الحرب الوهمية؟

سعيد محمد سعيد

برلمان 2010

 

إذا شاء الله سبحانه وتعالى، لنا ولجميع القراء الكرام، بل ولمملكة البحرين قيادة وحكومة وشعبا، أن نشهد تجربة الانتخابات البلدية والنيابية في العام 2010، مقاطعين ومشاركين… متفائلين بتقدم التجربة ومتشائمين… مطالبين بالتعديلات الدستورية وإعادة النظر في توزيع الدوائر وغير مطالبين… موالين ومعارضين… رجالا ونساء، فإن ثمة صورة متخيلة لدى الفقير لله، لن تكون أفضل من صورة ما نحن عليه الآن.

إن أعطانا الله وإياكم عمرا، سأذكركم بأن ذات الأداء وذات التركيبة البرلمانية، وربما ذات الوجوه، وذات الإشكالات والمصادمات والمشاحنات، وذات العلاقة بين الحكومة والنواب، ستكون هي هي في البرلمان المرتقب في العام 2010، اللهم إلا في حالة واحدة: أن يتحرر المواطن البحريني من قيد الخوف من اتخاذ قراره بنفسه، وبشجاعة الرافض لتكرار ذات الأخطاء، وأن يختار مرشحه مرشحته بنفسه من دون إملاءات انتخابية طائفية أو حزبية، أي أن يكون شجاعا في الاختيار الحر ثم التصويت الحر، داخل كبينة صغيرة لا يعلم عن قراره إلا الله سبحانه وتعالى وحده.

وهذا الأمر أيضا، لن يتم؟! فالعقل الجمعي، وقوة التأثير المحيطة السالبة للقرار الشخصي، والمستسلمة للتوجيه الجماعي وفقا للانتماء الطائفي والسياسي، ستقوى أكثر وأكثر، ولا عتب على الكتل الانتخابية في مختلف الدوائر، إن استسلمت لهكذا توجيه، ولا عتب أيضا، على الجمعيات السياسية إن واصلت عملها في كسب كل صوت تستطيع الوصول إليه، كرها أو طوعا، ولا عجب، فهذه هي قمة الاحتراف في الصراع الانتخابي، ليس في المجتمعات النامية ديمقراطيا، بل حتى العريقة منها.

وربما يكون للسيناريو مسار آخر وارد لا محالة، وهو بقاء كتل انتخابية على قرارها المقاطع للمشاركة، وتنضم إليها كتلة انتخابية أخرى كانت فاعلة في انتخابات 2006، ولن تكون كذلك في انتخابات 2010، وهم جموع من المواطنين الذين وجدوا في من انتخبوهم ليكونوا ممثلين لهم، خيبة أمل لا مثيل لها، وأداء يجدونه أكثر من سيئ، وتجربة طمحوا لأن تكون منطلقا لحياة ديمقراطية مميزة، فلم يجنوا منها سوى المزيد من الشروخ الطائفية، والمزيد من الصدام الاجتماعي المؤثر على استقرار المجتمع، والمزيد المزيد من التحزب اللامبالي بقضايا المواطنين الرئيسية، والمزيد من التطلع للمصالح الفئوية.

ومع ذلك، لن يكون لهذه الكتلة تأثير يذكر، وستسير الانتخابات بمشاركة كبيرة… هكذا أتوقع.

وعلى أية حال، وعلى رغم وجود آراء محدودة تجد في الممارسة البرلمانية في تجربتها الأولى سقفا لا بأس به من الأداء الجيد المؤسس لنضج أكبر مستقبلا، إلا أننا لو استطلعنا رأي السواد الأعظم من المواطنين، وفق استبيان ميداني، فمن دون شك، ستكون النسبة الأكبر للمعبرين عن خيبة أملهم واستيائهم من أداء البرلمان، على اعتبار أن ما تحقق من إيجابيات، إن وجدت، أقل بكثير من مستوى الطموح، وربما طغت السلبيات بقوة، وهذا ما بدا من خلال استبيان أجرته الزميلة (أخبار الخليج) والذي أعرب فيه 76 في المئة من المواطنين بشأن أداء المجلس النيابي في الدور الثاني من الفصل التشريعي الثاني، عن عدم اقتناعهم بأداء النواب في هذا الفصل، وقال 45 في المئة منهم إن الأداء لم يكن مرضيا أبدا، واعتبر31 في المئة أن الأداء كان مرضيا إلى حد ما لكنه ليس مقنعا. فيما اعتبر 51 في المئة أن البرلمان لم يرضِ طموحات الشعب منذ إنشائه وحتى الآن، ورأى 70 في المئة منهم أن الطائفية كانت السمة الغالبة على الاستجوابات، كما ذكر 38 في المئة أن الصراع بين الكتل النيابية كان كبيرا وجاء على حساب إنجازات البرلمانيين.

في حين رأى 87 في المئة من المواطنين أن التسييس لعب دوره في المجلس النيابي سواء بشكل كبير (45 في المئة)، أو بشكل محدود (42 في المئة)، وبنسبة مقاربة لـ(85 في المئة) رأى المبحوثون أن الطائفية لعبت هي الأخرى دورها في المجلس، بينما أوضح 15 في المئة فقط أنه لم يكن للطائفية وجود تحت قبة البرلمان.

من يراهن، على أن الناس ستشارك في انتخابات 2010، وستبقى الوجوه ذاتها أو تتغير قليلا، وسيبقى الحال على ما هو عليه، لكن إلى أين يلجأ المتضرر؟

سعيد محمد سعيد

الدعوة بالتي هي أحسن ولكن!

 

إذا لم تخني الذاكرة، فإن مسمى «لجنة المطلقات والمهجورات» بدأ يتردد في الصحافة المحلية منذ شهر يونيو/ حزيران من العام 2008 عندما نظمت مجموعة من المواطنات اعتصاما أمام المجلس النيابي هدفه لفت أنظار المسئولين إلى الأوضاع التي تعيشها الكثير من النساء بسبب إجراءات التقاضي في المحاكم الشرعية.

لم يكن هناك، حسبما بدا من تحرك عضوات اللجنة، أي هدف غير التعبير عن شدة المعاناة بسبب إجراءات التقاضي، والحال كذلك، كانت ولاتزال تحركات أولئك النسوة تسير طبقا للدعوة بالتي هي أحسن، فمن خلال اللقاءات التي عقدنها مع بعض المسئولين في وزارة العدل والشئون الإسلامية ومع نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وعبر الخطابات واللقاءات التي وجهت وأجريت مع بعض النواب، وكذلك من خلال الاتصال بالسادة القضاة، كانت تلك المجموعة الصغيرة تحمل قضية كبيرة، لا يراد منها الإساءة للقضاء، بقدر التطلع إلى تحسين إجراءات التقاضي، وإعادة النظر في بعض الأحكام التي صدرت وتركت تبعات ثقيلة على استقرار أسرهن، ولا شك في أن من حقهن المطالبة بذلك.

الغريب في الأمر، أن بعض الآراء اتجهت إلى تشويه تحرك تلك النساء! فمن قائل إنهن لا يبغين سوى الإساءة إلى الشرع الحنيف وإلى القضاة، ومن قائل إن هناك من يحركهن في الخفاء لتحقيق مكاسب سياسية، فيما لم يشر أصحاب تلك الآراء فيما قالوا… إلى الظروف القاسية التي تعيشها بعض الأسر… وخصوصا بالنسبة للحاضنات منهن، حتى أن إحدى المواطنات واجهت صعوبة في رؤية أطفالها حتى بعد صدور حكم قضائي، وذلك بسبب تزمت الزوج ورفضه تطبيق الحكم… ووقف المركز الاجتماعي الذي كان مسئولا عن تطبيق الحكم مكتوف الأيدي!

ويبدو أن اللجنة كانت تتابع ما يجري، فأصدرت بيانا على هيئة خطاب (الى من يهمه الأمر)، ضمنته شرحا صريحا لأهدافها، وجاءت مقدمة الخطاب مباشرة تقول: «انطلاقا من تعاليم الدين الإسلامي السامية، التي تمثل دستورا سماويا يحقق للبشرية جمعاء أسس الحياة الكريمة، تستمد لجنة المطلقات والمهجورات مبادئ عملها المتوافقة مع ديننا الحنيف الذي كرم المرأة ورفع شأنها وأعزها، وحفظ لها كيانها وشخصيتها تأكيدا لدورها في المجتمع».

وأعاد الخطاب مرة أخرى التأكيد على ما تريده المواطنات اللاتي يتابعن قضاياهن في المحاكم، وكانت الفقرة المعنية في الخطاب واضحة المعنى: «إن تحركاتنا منطلقة من قضايا واقعية، باستقلالية ونوايا حسنة ترفع الخير والصلاح لها شعارا مستمدا من الدين الإسلامي الحنيف، والمطالبة بالحكمة والموعظة الحسنة لما هو مشروع من مطالب، وكلنا أمل في أن تشارك المؤسسات الدينية والنسائية وقضاة الشرع والمسئولون في تبني الملف المطروح، كونه يهدف في الأساس إلى حماية حقوق المرأة والأسرة البحرينية».

وبعد، يبدو أن هناك تفهما لما تريده اللجنة، وخصوصا أن اللقاءات التي عقدت مع المجلس العلمائي، وبعض علماء الدين والنواب، وفقا لما صرّحت به رئيسة اللجنة أمل جمعة للصحافة، وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالأهداف… لكن، هل سنشهد تحركا قريبا لتغيير واقع الحال؟ هذا الأمر في يد قضاة الشرع الأفاضل وحدهم، وهم موضع ثقة عضوات اللجنة

سعيد محمد سعيد

في يدك المفتاح.. يا وزير الإسكان!

 

وفقا للمعطيات الواقعية المرتبطة بالموازنة العامة وتوقعات العجز، فإنه لن يكون في مقدور الحكومة تقديم مشاريع خدمية، وعلى رأسها الإسكان، من دون أن تكون هناك خطوة حقيقية لإشراك القطاع الخاص وتوفير التسهيلات الدافعة للمستثمرين، وتعجيل وتيرة إنشاء المدن الإسكانية.

ولكن، عن أي معطيات نتحدث؟ وبداية، لابد من الإشارة الى أن هناك خطوات فعلية لاقتراض 600 مليون دينار ( 2.4 مليار دولار)، تم الإعلان عنها لسد العجز المتوقع في الموازنة العامة المبنية على أساس 40 دولارا، للبرميل، وقد تم تقدير إجمالي إيرادات الدولة في دورة الموازنة المقبلة لعام 2009 بمبلغ 1.836 مليار دينار، نصيب الإيرادات النفطية 1.498 مليون دينار، في حين قدرت المصروفات بـ 2.026 مليار دينار منها 1.726 مصروفات متكررة.

لعل المشكلة الخدماتية الكبرى التي يواجهها المواطنون هي الأزمة الإسكانية، ولا شك في أن هناك حاجة ماسة لإشراك القطاع الخاص بصورة تخرج عن إطار (مجرد الكلام)في التصريحات الصحافية، وأعتقد أن في يد معالي وزير الإسكان الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة المفتاح، ونحن على مشارف مرحلة جديدة ينتظر فيها أكثر من 60 ألف مواطن بحريني حصولهم على الخدمة، وجاءت الموافقة السامية من لدن عاهل البلاد بهبة الأرض التي تقع في شرق سترة والتي تبلغ مساحتها 590 هكتارا والتي تستوعب 6600 وحدة سكنية لوزارة الإسكان، لتشكل مناسبة سانحة للإشارة إلى دور القطاع الخاص المرتقب.

خلال السنوات العشرين الماضية، لم تتحرك الدولة في اتجاه صياغة تجربة مع القطاع الخاص لإنشاء المدن الإسكانية كما هو حاصل في بعض الدول الخليجية والدول العربية، حتى أنني شخصيا اطلعت على تجربة مؤسسة وطنية رائدة في مجال إنشاء المدن، وهي الآن تبتكر أنظمة عالمية بملكية فكرية بحرينية، ولها أنشطة في دول مختلفة من العالم، لكن مقترحاتها ومذكراتها وخطاباتها المتعلقة بإيجاد حلول للمشكلة الإسكانية في البلد لا تلقى أذنا صاغية من المسئولين.

ولطالما لدينا عقول بحرينية مفكرة ومبدعة، وتحاول الإسهام في تقليل مدة انتظار المواطنين وتخفيف الاحتقان الخطير الحاصل بسبب ارتفاع المدرجين على قائمة الانتظار من المواطنين… فإننا على ثقة، في أن معالي وزير الإسكان، سيخطو خطوة في سبيل الاطلاع على مرئيات المؤسسة الوطنية لحل مشكلة الإسكان، والتعرف على ما يمكن تقديمه من حلول.

ولاشك في أننا ندعم هذا التوجه لطالما يصب في صالحنا -المواطنين-، ويخفف عن كاهلنا عناء (حلم العمر).

سعيد محمد سعيد

ملاحظات… دراسية

 

هذه بعض الملاحظات التي وردت من عدد من أولياء الأمور، نطرحها هنا بغية لفت نظر المسئولين بوزارة التربية والتعليم وإدارات المدارس للعلم بها ومتابعتها:

– الملاحظة الأولى، التظلم لإعادة التصحيح:

يرغب عدد من أولياء الأمور في أن تعيد وزارة التربية والتعليم النظر في نظام التظلم لتصحيح أوراق الامتحانات لطلبة المرحلة الثانوية، بحيث يتاح للطلبة وأولياء أمورهم الاطلاع على نتائج إعادة التصحيح، فهناك من أولياء الأمور من يلفت النظر الى أن النظام المتبع في التظلم، وهو دفع رسوم قدرها 5 دنانير ثم إعادة مراجعة ورقة الامتحان للطالب أو الطالبة، وبعد ذلك يتم تعديل الدرجة أو عدم قبول التظلم ولكن لا يتم اطلاع الطلبة وأولياء أمورهم على تدقيق إعادة المراجعة!

وفي بعض الأحيان، يتم تعديل النتيجة بإضافة درجات هي أقل من المتوقع وخصوصا في حال وثوق الطالب أو الطالبة من أن أداءه في الامتحان كان عاليا وأن الدرجة النهائية التي حصل عليها جاءت أقل بكثير مما توقعه أو هي خلاف مستواه في تحقيق النتائج، وخصوصا على مستوى مواد الرياضيات والمواد العلمية الأخرى، فالطلبة الذين يُعتبرون من المتميزين في الرياضيات -كما تشهد بذلك نتائجهم السابقة- لا يمكن أن تصل درجاتهم إلى مستوى أقل من (الجيد)، فقد يحرزون نتائج تنقصها درجات محدودة، لكن ليس بالصورة التي تنزلهم إلى خانة (الضعيف أو المقبول)… ومهما يكن من أمر، ومع اعتبار أن الطلبة لم يوفقوا في هذا الامتحان أو ذاك. وإن من حقهم التظلم، ومن حقهم أيضا الاطلاع على ورقة الإجابة بعد إعادة المراجعة.

هذه ملاحظة يوجهها عدد من أولياء الأمور إلى وزارة التربية والتعليم، وإلى المدارس بحيث يمنح الحق للطلبة وأولياء أمورهم بالاطلاع على ورقة الإجابة بعد إعادة التصحيح.

– الملاحظة الثانية، اللغة الإنجليزية للابتدائي:

يتمنى عدد من أولياء الأمور أن تنظر إدارات بعض المدارس الابتدائية في ملاحظاتهم بخصوص مادة اللغة الإنجليزية، والتي يقوم بتدريسها معلمون عرب أفاضل لهم كل التقدير، إلا أن الكثير من الطلبة لا يتمكنون من فهم الدرس أو التمارين بسبب سيطرة لهجة المعلم وطريقة نطقه للحروف باللغة الإنجليزية، ويشير ولي أمرٍ إلى أنه أراد الاستيضاح بعد أن لاحظ ضعف ابنه في أداء واجبات المنهج، فالتقى بمعلم اللغة الإنجليزية لابنه، وعلى رغم تقديره للمعلم على حرصه وسعة صدره، لكنه بالفعل وجد أن الأطفال الصغار من الصعب أن يلتقطوا بعض المفردات التي ينطقها المعلم، أو حتى فهم ما يريد لشرح تمرين ما بسبب اللهجة.

– الملاحظة الثالثة، متابعة تحصيل الطلبة:

من الملاحظات المهمة أيضا، أن بعض أولياء الأمور، ووفقا للتوجيهات الصادرة باستمرار من المدارس بضرورة التعاون بين البيت والمدرسة، ومتابعة التحصيل الدراسي للطلبة في مختلف المراحل، فإن بعض المدارس تهمل هذا الجانب في حال طلب ولي الأمر الجلوس مع المعلمين للاستماع إلى ملاحظاتهم بشأن مستوى ابنه أو ابنته، والاكتفاء بالتقييم الذي يتم استعراضه مع أولياء الأمور في اليوم المفتوح، وعلى رغم أن اليوم المفتوح لا يكفي، كما يؤكد المعلمون أنفسهم، لمتابعة أوضاع الطلبة وأن على أولياء الأمور المبادرة باستمرار لمتابعة التحصيل بين فترة وفترة طيلة العام.

– الملاحظة الرابعة، التوجيه النفسي:

هناك بعض الطلبة، يواجهون مشكلة التراجع المستمر في التحصيل الدراسي، وفي بعض الأحيان، يكون السبب في ذلك راجع إلى مشكلات نفسية يواجهها الطلبة، وهنا، لابد أن تولي الإدارة المدرسية، مع وجود المشرفين الاجتماعيين، اهتماما أكبر بدراسة حال الطالب أو الطالبة التي تتأخر دراسيا، وتكثيف اتصالهم بأولياء الأمور من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، فبعض المدارس تقوم بهذا العمل بالفعل من خلال استدعاء ولي أو ولية الأمر، وتدارس الموضوع معها، وبعض المدارس لا تدير بالا لهذا الجانب

سعيد محمد سعيد

«الخفاش» الأعور… والأصم خلاف خلقته!

 

وفقا لما تعلمناه منذ الصغر في مناهج العلوم، وما شاهدناه ونحن صغار في بعض البرامج التلفزيونية، فإن «الخفاش»، وإن كانت له عينان، لكنه يعتمد على الذبذبات الصوتية التي يصدرها وارتداد موجاتها في حركته وهجومه، لكن «الخفاش» الذي ابتليت به شخصيا، أعور، وفي ذات الوقت… أصم خلاف فطرته التي خلقه الله عليها؟!

لكن مشكلتي معه، أنه ما زال يصدر ذبذباته ثم ترتد إليه ليتحرك بغير هدى! فقبل أن أكتب يوم 12 مارس/ آذار الجاري في هذه الزاوية عمودا بعنوان: «فقأنا عين الخفاش»، كان أحد المجهولين يمطرني بالاتصالات الهاتفية في أوقات مختلفة، فمرة من بقالة، وأخرى من مطعم وثالثة من محطة بنزين أو من هاتف عمومي مدعيا أنه يريد أن يوصل صوته إلى المسئولين في «الوسط» ليكفوا عن الترويج للإرهاب والتخريب والحرق والاعتداءات، والنظر بعين الاهتمام إلى البيان الصادر من إحدى الجمعيات بشأن ازدواجية التعاطي الإعلامي مع حوادث العنف… فرحبت به مؤكدا على أن الطريق الأصح هو أن أقابله وجها لوجه، فمن عادتي ألا أخاطب مجهولين أو أشباح أو خفافيش! بل ولا أميل إلى طرح موضوع يتصل بطرف خفي! ثم ما الذي يمنع؟ كل القنوات المحترمة متاحة، وكلنا نعمل لصالح بلادنا… إن كانت النوايا صادقة وليست من قبيل الكيد المتخفي تحت الشعارات الوطنية.

وللأمانة، وفي ذات يوم نشر العمود، اتصل رئيس الجمعية المقصودة شخصيا، معاتبا تارة، مؤكدا حسن النوايا تارة أخرى، ومرحبا بالعمل معا من أجل المصلحة العامة، فأبلغته أن الصحيفة أيضا ترحب بالمبادرات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطنين بالتحاور وتبادل وجهات النظر قبل (وأشدد على قبل) إصدار بيان من الجمعية، فالأبواب مفتوحة، لكنني قصصت عليه قصتي مع «الخفاش الذي فقأنا عينه» بالسمعة الطيبة للصحيفة بين مختلف الأوساط في البلد، فذلك الخفاش يتصل ليشتم ويهدد ويتوعد وليس لديه الشجاعة الكافية ليقول من هو أصلا؟ فأكد رئيس الجمعية أنه ليس من بين أعضائها من لديه هذا السلوك الشائن المتخفي وراء الاتصالات المجهولة، وأنه، أي رئيس الجمعية، يعتز بالعاملين معه، كما يعتز بأسرة «الوسط»، وعلى استعداد للعمل سويا لتقريب وجهات النظر.

لكن مشكلة الخفاش، الأعور والأصم في آن واحد، هي أنه يتمتع بنفس طويل وقدرة خارقة في مواصلة (مساعيه الوطنية المباركة)! لكنه لا يتمتع إطلاقا بشجاعة ولو بنسبة صفر في المئة في أن يظهر للعيان أو على الأقل يتصل من هاتف جوال بدلا من المطاعم والبقالات ومحطات البنزين والهواتف العمومية، بل وليست له الشجاعة لأن يحدد المكان الذي يريده هو للتحاور في الموضوع!فاتصل مجددا مطلقا صرخة مدوية اتبعها بالقول: «هناك خفافيش غيري مسحوا بك البلاط في الإنترنت… تستاهل ومن هذا الوضع وأردى»، فضحكت أنا أيضا وقلت: «لا بأس، فلك ولهم كل الاحترام، ولكن، إظهر وبان عليك الأمان»، فاكتفى بالقول: «سأحول حياتك إلى سواد… راح تشوف».

طبعا أيها الخفاش، أنا الآن (ميت من الخوف)! بل من شدة خوفي، لا تقوى رجلاي على حملي فقد حولت حياتي إلى جحيم لا يطاق… فأنا لا أخرج من البيت وإذا خرجت، استعين بجند مجندة خوفا منك… لكن ما أملكه من شجاعة، يكفيني لأن أعيد على مسامعك ومسامع غيرك: أنني ضد العنف من أي طرف كان… وضد العبث بأمن المجتمع… وضد الظلم والجور بكل أشكاله… وضد الافتراء على الناس… وضد التشكيك في ولاء المواطنين، شيعتهم وسنتهم، وضد تمزيق الوحدة الوطنية… ومع كل مبادرات الحوار واللقاءات مع المسئولين للتباحث في مشاكلنا… وضد… ضد نفسي حين تمنعني من الإستمتاع بمكالماتك الشيقة… فلا تبخل علي اليوم باتصالاتك الجميلة، إن استعدت شيئا من البصر والسمع.

واختتم بالآية الكريمة: «إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا»… صدق الله العلي العظيم.

سعيد محمد سعيد

مواقف «العلماء» واضحة… فلا ضير من «مواقفكم»!

 

شاركت قبل فترة، في ندوة أقيمت بأحد المجالس في مدينة المحرق بشأن موضوع: «الطائفية في المجتمع البحريني»، وبعد انتهاء الندوة، طلب مني ثلاثة من الإخوة الحضور (الانزواء) في ركن بالمجلس لحديث جانبي! فكان لهم ما أرادوا لاستمع إلى طرحهم المكرر: «نحن إخوة ولكنكم تشتمون الصحابة وأمهات المؤمنين… نحن أهل بيت واحد ولكنكم تنوون شرا للحكومة ولأهل السنة… أنتم لا تعرفون منهجا سلميا للمطالب التي نشترك في بعضها معكم… تتركون الشباب لتدمير البلد وتخريبها… تسيرون خلف علمائكم بلا عقل… تحبون إيران وعمائمها أكثر من حبكم لبلادكم وقيادتكم… رموزكم الدينية يشجعون الشباب على العنف و«التحريق» ولم نر موقفا واحدا عقلانيا منهم لتأييد المنهج السلمي… وربما تجاوزت القائمة التي تحدثوا فيها لتدور في ذات المحاور وذات النقاط بشكل مكرر ممجوج.

لم يكن من المستعصي علي أن أجيب على كل تلك النقاط، وأكثر منها، لكنني سألتهم سؤالا واحدا قبل بدء حديثي: «ألم يكن في إمكانكم أن تطرحوا هذه النقاط على رؤوس الأشهاد وأمام حضور الندوة في الوقت المخصص للنقاش؟ فطريقتكم في الحديث (المنزوي) توحي… بأنكم إما لا تريدون إثراء النقاش بتوسعة الآراء وتنويعها، أو أنكم لا تريدون للعدد الأكبر أن يستمع لوجهة نظر أخرى».

كانت إجابتهم غير مقنعة بالنسبة لي إذ قالوا: «لا أبدا… لكن هذه رغبتنا نحن فقط»! وعلى أي حال، أوضحت لهم مواقف علماء أعلام من الطائفة الشيعية، يحرمون فيها شتم الصحابة وأمهات المؤمنين، ووسائل الإعلام نقلتها بما يكفي وهي غير خافية، أما بالنسبة لنوايا الشر للحكومة ولأهل السنة فهذه أسطوانة اعتاد بعض كباركم من الخطباء أو من يسمون أنفسهم ناشطين سياسيين ترويجها في خطب الجمعة وفي المجالس والتصريحات إلى درجة أن بعضهم تعدى ذلك ليحرم المواطن من حق كفله له المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وكفله له الدستور في المطالبة بحقه والتعبير عن رأيه بحرية، وأما بالنسبة للمنهج السلمي في المطالب فلا يمكن إغلاق العين عن عشرات المسيرات والاعتصامات السلمية، والنظر فقط بطرف قصي لمظاهر العنف والتخريب والتحريق التي تشهدها بعض القرى، وموقفي الشخصي منها واضح وهو رفضها والتحذير منها، وقد تناولتها محذرا الشباب مرارا وتكرارا، أما السير خلف العمائم بلا عقل فهي فرية لا يقبلها عقل، حالها حال حب إيران وعمائمها أكثر من حبنا لبلادنا وقيادتنا، وكأن الناس حين تطرح على القيادة مطالبها، فإنها من دون شك (مدفوعة من إيران) فبئس التفكير!

البحرين وطننا جميعا، وقيادتنا شرعية، وكما يعرفني الكثيرون، فإنني لا أعادي الدولة ولا العائلة الحاكمة ولست مؤمنا بشعارات (الموت) إطلاقا، لكنني مؤمن بأن هناك مطالبا مشروعة كفلها الدستور لي ولغيري، ومنحتني الدولة هذا الحق، لابد من المطالبة بها بلا ضرر ولا ضرار.

ولعل أهم نقطة هنا، هي الادعاء بأن الرموز الدينية يشجعون الشباب على العنف والتحريق وأنه ليس هناك موقفا عقلانيا واحدا منهم لتأييد النهج السلمي! ولا أدري، هل هناك من لا يقرأ الصحف ولا يتابع وسائل الإعلام المختلفة اليوم؟ فالتحذير من استخدام العنف والتحريق وإشعال الإطارات وتعريض حياة الناس والممتلكات للضرر صدرت في دعوات متكررة من الشيخ عيسى قاسم، ومن الشيخ علي سلمان ومن الشيخ محمد علي المحفوظ بل لطالما أكد الأستاذ حسن مشيمع والشيخ محمد حبيب المقداد على النهج السلمي، و… بالمناسبة، لا بأس من التذكير بما قاله أخيرا الشيخ عبدالجليل المقداد في ندوة عن المعتقلين السياسيين أقيمت مساء الخميس في قرية كرزكان من أن «الأساليب السلمية كثيرة، وأنه يجب على الجماهير الالتزام بها حتى لا يتم تشويه صورة المجتمع البحريني الذي طالما عرف عنه الالتزام والتحضر».

إذن، مواقف العلماء واضحة، فلا ضير من مواقف الذين ينظرون بعين واحدة!

على أية حال، ألسنا في حاجة لدعم التوجهات نحو الحوار والعمل لإنجاح المبادرات المطروحة لإنقاذ البلد؟ أليس من حقنا مطالبة الدولة باحتضان تلك المبادرات؟ بل وإفساح المجال للرموز الدينية والسياسية على التقدم بالمبادرات واحدة تلو الأخرى، حتى لو تعثر بعضها؟ فالمطالبة بالحقوق تحتاج إلى منهج عقلاني سلمي مستمر وتوافق وطني مشترك بين كل الأطياف، على أن -وهذا الكلام موجه للحكومة- تقطع لسان المشككين والطائفيين الذين يؤلبون المواقف ويثيرون البغضاء والتناحر السياسي والعقائدي في المجتمع، وبالنسبة للشباب، والكلام في شأنهم يطول، فإن الكثير منهم يخطئ، حالهم حال كل بني آدم، لكنهم أبناء البلد، ولابد من رعايتهم وتوجيههم والاهتمام بهم بالصورة التي تشعرهم بأن دورهم محترم في البناء والمشاركة بشكل حقيقي وفاعل، حينها، سيأتي منهم الخير الكثير. وللحديث بقية