سعيد محمد سعيد

أحب قريتي… قطعا أحب وطني!

 

على مستوى دول الخليج العربي، لا نبالغ حينما نقول إن قرى البحرين، هي الأعرق تاريخيا، والدلالات على ذلك كثيرة، ويكفي أن نعتمد على ما أشارت إليه المصادر التاريخية من أن الموقع الجغرافي للبحرين، وخصوصا منذ العام 2300 ق.م، جعل موقع الجغرافي منها مركزا للتجارة بين حضارة ما بين النهرين (العراق)، وبين وادي الهندوس (وهي المنطقة القريبة من الهند في الوقت الراهن)، زد على ذلك، أن حضارة دلمون، ارتبطت بالحضارة السومرية في الألفية الثالثة قبل الميلاد.

كل ذلك التاريخ المجيد، نجده في مواقع كثيرة من بلادنا، وعلى رأسها القرى، وعلى رأس الرأس، قرى المحافظة الشمالية التي تضم ما يقارب من 80 في المئة من المواقع الأثرية والتاريخية، والمتتبع لصفحة القرية الأسبوعية في صحيفة «الوسط»، يمكنه أن يعرف الكثير عن تاريخها… إذا، حين تحب قريتك، فإنك تحب وطنك… أليس كذلك؟.

هناك توجه ملحوظ للاهتمام بالقرى من الناحية الجمالية، وهذا أمر محبب قطعا على ألا تنصب كل الجهود في هذا الاتجاه، من دون التركيز على المشاريع الخدماتية التي تفتقر إليها الكثير من القرى من جهة، وتعثر إكمال مشاريع أخرى من جهة أخرى، وكأنني أرى أهالي القرى فرحون بما تشهده بعض القرى من حملات جمالية كحملة ارتقاء، وحملة «أحب قريتي…أحب وطني» التي أعلنت عنها وزارة الثقافة والإعلام لتجميل قريتي حلة عبدالصالح وبني جمرة، لكن لا يمكن أن تكتمل الفرحة من دون تركيز الاهتمام على مشاريع الخدماتية، واعتبار القرى جزءا لا يتجزأ من الوطن الحبيب، بلا تمييز ولا فصل ولا إقصاء.

ولعل المسئولين في مختلف المواقع، يدركون جيدا أن قرى البحرين هي التي لا تزال تحتفظ بالهوية والتاريخ والتراث البحريني، في وقت، مع الأسف الشديد، فقدت فيه العاصمة المنامة الكثير من ملامح هذه الهوية، وعلى أية حال، فإن مبادرات تطوير القرى من الناحية الجمالية، هي جهد مقدر مشكور، وكذلك الأمر بالنسبة لجهود المجالس البلدية والوزارات الخدمية لتنفيذ المشروعات المهمة للأهالي، والمحوران مهمان ومرتبطان مع بعضهما البعض: التطوير والتجميل، والأهم من ذلك كله، إزالة الأفكار السيئة التي ترسخت في عقول الكثيرين عن القرى وأهالي القرى، وكأنهم من كوكب آخر مخيف، كيف يمكن ذلك؟ للحديث صلة

سعيد محمد سعيد

لست «غريبا»… فيا «قريب» كن أديبا!

 

يألف الكثير منا بعض الطرقات والشوارع حتى تصبح جزءا من ذاكرته لأنها ربما كان يستخدمها من صغره ولا يزال، ولهذا، كان مدخل قرية الزنج، القادم شرقا من الشارع الشهير المعروف باسم «شارع ابو عشيرة» واحدا من أهم الشوارع التي ارتبطت بمراحل الطفولة والصبا والشباب بالنسبة لي وبالنسبة لغيري الكثير من أهالي قرى بلاد القديم والزنج والخميس والقرى المجاورة.

على أية حال، أتذكر أن هذا الجزء من الشارع، وتحديدا في منعطفه (إلى اليمين) للقادمين من الشرق إلى الشمال، يشهد بين الفينة والأخرى شجارات بين بعض الطلاب حين ينزلون من حافلة المدرسة القادمة من مدرسة الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة الثانوية… مزاح يتحول إلى شجار! فيما كانت شجارات أخرى تحدث بين بعض الشباب والصبية من مناطق السلمانية والزنج ومنطقة الإصرار (التي كانت تعرف باسم الدفنة وهي اليوم تتبع منطقة الماحوز) بعد انتهاء مباراة في كرة القدم على ملعب لم يعد موجودا منه اليوم إلا مساحة صغيرة.

مرت السنين وتطورت المنطقة وتغيرت الكثير من ملامحها بطبيعة الحال، وخصوصا في الجزء الذي يضم اليوم مقهى ومطعم وبعض المكاتب التجارية والعلاجية، فبدأ الخلاف على إنشاء مشروع خاص على أرض كان الأهالي يقولون إنها مخصصة لحديقة، فيما كان البعض الآخر يقول إن الأرض (ملك خاص) ومن حق مالكها أن يستثمرها كيف يشاء، وتبع القضية كتابة عريضة وقعها الأهالي يطالبون فيها بأرض حديقتهم، ونشرت المشكلة في الصحافة، لكن المشروع الاستثماري مضى في خطواته الطبيعية واكتمل.

مدخل قرية الزنج، كان يشهد صورتين تتكرران بين الحين والآخر… الصورة الأولى هي وقوع الحوادث المرورية في تقاطع الإشارة الضوئية، أما الصورة الثانية، فكانت بعض الشجارات التي تبدأ بخلاف على موقف سيارة، أو بسبب الزحام، خصوصا في ليالي الإجازات والمناسبات التي تكتظ فيها المنطقة بالسيارات، وما من شك، في أن بعض المعاكسات والملاحقات كانت هي الأخرى سببا في وقوع الشجار، وقليلا ما يكون ذلك الشجار بين المواطنين، فيما غالبيته يحدث بين بعض الخليجيين وشباب من المنطقة، وليس الشجار الذي وقع بين بعض الشباب وبعض الخليجيين حديثا هو الشجار الأول والأخير، فحتى سكان المنازل القريبة كانوا يتشاجرون مع بعض من يوقفون سياراتهم أمام بيوتهم ويسدون المرآب أو يتسببون في صعوبة الدخول والخروج من المنزل.

لكن ليس من العدل اتهام بعض الأهالي بأنهم «متوحشون» يعادون ضيوف البلد، فبصراحة، لا يمكن قبول تصرفات بعض الخليجيين الذين لا هم لهم سوى معاكسات بنات الناس، بل والقيام بحركات تخدش الحياء، وعقد اللقاءات الغرامية حتى في مواقف السيارات ثم يعاب على الأهالي تصديهم لمثل هذه الحركات «البايخة»، حتى أن حكايات وقصص وسلوكيات بعض الخليجيين وعدم احترامهم للمجتمع البحريني المحافظ لم تعد مقبولة لدى الكثير من المواطنين.

ماذا تريدون من مواطن خرج من منزله ليجد لقاء غراميا بين شاب خليجي وفتاة في السيارة؟ كيف يجب أن يتصرف من تعرضت زوجته أو شقيقته أو إحدى قريباته أو جارته لمعاكسة وقحة خارجة عن حدود الأدب؟ هل (يصرف نظره) ويتظاهر بأنه لا يرى شيئا من باب الحفاظ على العلاقات الأخوية بين الأشقاء؟ أو من قبيل إكرام الضيف؟

يا جماعة، قد يتغاضى المواطن البحريني عن الكثير من الأمور المزعجة التي يقوم بها بعض الخليجيين من استعراضات بهلوانية في الشوارع، وتفريغ ولع البعض بالسرعة القاتلة، لكن أن تصل المسألة الى انتهاك حرمات الناس وأعراضهم، فهذه ستكون حلقة من شجارات أخرى كثيرة، ويا (قريب) كن أديبا، وحياك بين أهلك، وإلا فلا يلوم لائم مواطن دافع عن شرفه.

سعيد محمد سعيد

هل يمكن «مكافحة الفقر» بعيدا عن الشعارات؟

 

ليس من الصعب القول ان الدولة تسعى لمكافحة الفقر من خلال استراتيجية عمل مدروسة، وليس من الصعب تقديم نماذج للمساعدات والخدمات التي تقدمها الدولة لشريحة الأسر المعوزة والمحتاجة، ولكن من الصعب القول انه لا يوجد فقراء في البحرين، تماما كما هو الحال في صعوبة القول انه لا يوجد فقراء في أي مجتمع من مجتمعات العالم.

غير أن ترجمة «الاستراتيجية»، أي استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر على أرض الواقع، يتطلب إثباتا واحدا بسيطا، وهو بمثابة المؤشر الاجتماعي على التحسن المعيشي المفترض، ألا وهو استعراض مؤشرات ميدانية حيوية، من خلال دراسات اجتماعية مدعومة من الدولة، تؤكد رفع المستوى المعيشي للأسر الفقيرة.

لكن مع الجهود المبذولة من الدولة، ومن وزارة التنمية الاجتماعية تحديدا، إلا أن الكثير من الأسر البحرينية تواجه مصاعب حياتية متعددة، وليس أدل على ذلك ما شهده المجتمع من جدل كبير فيما يتعلق بعلاوة الغلاء التي سميت فيما بعد «علاوة الدعم المالي»، وكيف احتج الآلاف واحتشدوا في أكثر من موقع للمطالبة بإدراجهم ضمن المستفيدين من العلاوة، ولم يكن صعبا مشاهدة ذلك الضغط الكبير لتجديد بيانات المواطنين ليتسنى صرف العلاوة لهم.

هل يمكن مكافحة الفقر من دون شعارات ودون اطلاق بالونات التفاؤل والإدعاء بالعيش في أحسن حال؟

من بين أهم الأطروحات التي اطلعت عليها فيما يتعلق باعتبار مكافحة الفقر في بلادنا قضية مجتمعية وأولوية وطنية تتطلب وضع استراتيجية محددة ومدروسة، ما طرحه رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة من أن الحديث عن الفقر في بلادنا لا يعني الأرقام فقط، وإنما يجب أن نتعامل معه كحال اجتماعية تطول قطاعا من المواطنين، ثم الدعوة الى ضرورة مراجعة السياسات القائمة للتعامل مع ظاهرة الفقر في ظل التداعيات والآثار المتوقعة للأزمة الاقتصادية العالمية، والتعامل معها كأولوية وطنية ملحة، وكذلك الانتقال من مفهوم تقديم المعونة النقدية إلى مفهوم التمكين الاقتصادي للفقراء.

إن إحصاءات الجهاز المركزي للمعلومات تشير الى أن الطبقة الفقيرة تشكل نسبة 12 في المئة، من إجمالي عدد الأسر البحرينية البالغ 83 ألف أسرة، وذلك اعتمادا على أن عدد الأسر التي تتلقى مساعدات شهرية من وزارة التنمية الاجتماعية يبلغ 9928 أسرة، ولعل من المهم التذكير بالجوانب الجوهرية المهمة التي طرحها الشيخ عيسى بن محمد والتي اقترح فيها اتخاذ إجراءات أشمل من المساعدات النقدية تتمثل في تطوير شبكة حماية اجتماعية متكاملة مستندة على برامج الحماية الاجتماعية، وبرامج التأمينات الاجتماعية، وبرامج سوق العمل، وهو ما يقتضي التنسيق بطريقة فعّالة بين جميع الجهات والمؤسسات العاملة في مجال مكافحة الفقر في المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والقطاع التطوعي، وتطوير السياسات الاجتماعية من أجل الانتقال من مفهوم الرعاية الاجتماعية إلى مفهوم التنمية الاجتماعية وتعزيز الإنتاجية في القطاعات الصناعية والزراعية

سعيد محمد سعيد

حين يعشق المسئول…»الوشاية»!

 

قد تنتابك حال من الضحك الهستيري إلى درجة البكاء وأنت تستمع إلى معاناة موظف أو موظفة وقعا تحت نيران «المسئول» وقصفه المستمر، بسبب «وشاية» نقلها إليه أحد الموظفين أو الموظفات من «ناقلي الكلام والفتانين كما نقول بالعامية»، ومن دون تَثبُّت من صحة النقل أو عدمه، فتنتفخ أوداج المسئول ويستشيط غضبا ويجعل الموظف المتهم هدفا لتشفية الغليل فيحرمه من الترقية، ويضيق عليه الخناق، وقد يكتب التقرير تلو التقرير عن سوء أداء الموظف.

ولن تستغرب حين تسمع أن بعض المسئولين يوظفون إمكانات بعض موظفيهم لا من أجل المزيد من الإنتاج وتطوير العمل، ولكن من أجل المراقبة والترصد ونقل الكلام، حتى أننا أصبحنا نسمع كثيرا مصطلح «مخابرات المدير»، وهم مجموعة من الموظفين والموظفات يبدأون يوم عملهم بحمد الله والثناء عليه وقراءة بعض الأذكار والأدعية الصباحية المأثورة، ويرجون من الله الخير الكثير والرزق الحلال، ثم يتوجهون على بركة الله، لتشغيل آذانهم جيدا، فيصغون حتى للمكالمات الهاتفية لزملائهم، وينقلون ما صح وما لم يصح، للسيد المدير، ويا ويله يا سواد ليله ذلك الموظف أو تلك الموظفة من «لا تشتهيهم مخابرات المدير ولا يواطنونهم في عيشة».

قبل عدة سنوات، وقبل أن ينتشر استخدام البريد الإلكتروني، كتبت تحقيقا صحافيا كان عنوانه «الرسائل الصفراء»، وتلك الرسائل كانت عبارة عن وشاية تصل إلى مكاتب بعض المسئولين من مصادر مجهولة، وفي مضامينها الكثير الكثير ما يندى له الجبين، فمن اتهام لمسئول ما بالطائفية، إلى تشويه سمعة موظف أو موظفة، إلى كشف عمليات سرقة واختلاسات ومن بين تلك الرسائل، هناك الكثير من محاولات الإطاحة بموظف أو موظفة عبر معلومات هي في غالبها مكذوبة، ولكن، الغريب في الأمر، أن بعض الجهات، حكومية وخاصة، من انتشرت فيها الرسائل الصفراء، كانت تحقق بشراسة مع الموظف أو الموظفة (المقصود) في الرسالة مجهولة المصدر، وكأن كل ما ورد فيها صحيح، ويلزم على من أنكر أن يأتي بالبيِّنة! يعني أن المتهم هو الذي يتوجب عليه تقديم البيِّنة، وليس المدعي قطعا لأنه… مجهول!

بعد انتشار البريد الإلكتروني، أصبح من السهل إرسال عدد لا متناهٍ من الرسائل الصفراء، أو الوشاية بأسلوبها التقني الجديد، من خلال مرسل مجهول أيضا، يستخدم ما طاب له من الأسماء المستعارة، ومع ذلك، وقع الكثير من الموظفين والموظفات في دائرة التحقيق والاتهام، وكان لزاما عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم ويقدموا الأدلة والبراهين والبيِّنات، ولا ندري هنا، هل المضحك هنا هو عقل المسئول الذي صدَّقَ وآمَنَ، أم ذلك الموظف الذي وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه وهو في سبحانيته؟

هذه الممارسات لا تزال قائمة في بعض أماكن العمل، وستستمر قطعا، لكن، من ينصف الموظف أو الموظفة من الظلم؟ نعلم جيدا أن من يتوكل على الله فهو حسبه، وستظهر الحقيقة وينتصر المظلوم ولو بعد حين، إلا أن الغريب في الأمر، كيف يُصدِّق مسئول في منصب قيادي، يحمل أعلى الشهادات والخبرات مثل هذه الممارسات الخبيثة السيئة؟ وكيف يرضى أحد المديرين على نفسه، أن يُنكِّل بموظف أو موظفة لمجرد استماع وشاية أو تسلُّم بريد الكتروني من مصدر مجهول؟ ولماذا يخشى مسئول ما من جمع الناقل والمنقول عنه وجها لوجه لتظهر الحقيقة؟

والسؤال الأخير: «هل أنت أيها الموظف المحترم من المقربين من مخابرات المدير أم لا؟ إذا كانت الإجابة بـ «لا»، فاستخدم شريطا لاصقا تضعه على فمك بداية الدوام ولا تنزعه إلا على مائدة الغداء مع عائلتك بعد عودتك من العمل… أبرك لك»

سعيد محمد سعيد

تجّار ومروجون يتحدون «الدولة»

 

غدا الجمعة، السادس والعشرين من شهر يونيو/ حزيران، ستشارك مملكة البحرين دول العالم الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، وهو الاحتفال السنوي الذي يجدد التزام الدول والمجتمعات بمكافحة ظاهرة المخدرات والتصدي لها، وهو اليوم العالمي الذي يلزم أن يكون يوما للدعوة إلى تطبيق أشد العقوبات على تجار السموم ومهربيها ومروجيها وعدم التهاون معهم مهما كانت قوة نفوذهم.

اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، لا يجب أن يكون مناسبة احتفالية تصاحبها برامج وفعاليات ومعارض للتوعية وحسب، فمع الإيمان بأهمية هذه الفعاليات في نشر الوعي وتحذير مختلف الفئات العمرية من مخاطر الإدمان، وخصوصا بالنسبة لفئة الناشئة والمراهقين والشباب، إلا أن استمرار الضحايا الذين يلقون حتفهم بسبب التعاطي، يعني أن تجار الموت والمهربين والمروجين يتحدون الدولة! ويتحدون قوانينها، ويتحدون استقرارها أيضا.

«وفاة شاب بحريني بسبب جرعة مخدرات زائدة»، هو واحد من العناوين التي نقرأها كثيرا في الصحف، وسواء توفي هذا الشاب أو ذاك بسبب جرعة زائدة أو ناقصة، فإن الآمال المعلقة على اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات برئاسة معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة تضعها أمام مسئولية كبيرة في حماية بلادنا من تجار الموت، ولسنا هنا نغفل دور رجال المكافحة الذين تمكنوا بفضل الله من ضبط عدة محاولات لتهريب كميات كبيرة من المخدرات، وتقديم المتورطين إلى العدالة، وهم يستحقون الشكر، لكن، ومع تطور عمليات التهريب والترويج باستخدام تقنيات حديثة ومعقدة، فإن المسئولية تتعاظم والمهمة تصبح أكبر ثقلا، ما يستدعي تقديم كل التسهيلات والإمكانات من جانب الدولة لتمكين رجال المكافحة من تنفيذ العمليات الناجحة لضبط محاولات التهريب المستمرة.

في اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات برئاسة معالي الوزير يوم 15 يونيو الجاري، وضعت اللجنة على بساط البحث الكثير من الخطوات المهمة، ومنها تخصيص قطعة أرض من أجل إقامة مركز متطور للعلاج من إدمان المخدرات والمسكرات سيتم إسناد تصميمه إلى جهة متخصصة، بحيث يتم مراعاة توفير أقصى رعاية للمدمنين مع توفير الخصوصية والسرية اللازمة، وناقشت فكرة إقامة معرض دائم توعوي وتثقيفي عن مخاطر المخدرات لطلبة المدارس والجامعات بمختلف مراحلهم العمرية يراعى فيه أن يتواكب مع المستجدات المختلفة لأنواع المخدرات الحديثة، التي تظهر بصفة دورية من أجل تحقيق أقصى قدر من التوعية بخطورة تلك الأنواع والتي قد يجهل طلبة المدارس والجامعات خطورتها وبالتالي يقعون في إدمانها غير مدركين لعقوبتها، والأمل معقود على اللجنة في أن تسهم في تطوير التشريعات القانونية، وابتكار الوسائل الكفيلة بتضييق الخناق على تجار المخدرات والمهربين والمروجين، فهؤلاء الذين يعملون ضمن شبكات خطيرة، لا تهمهم مصلحة البلد وسلامة شبابه، بل يهدفون إلى تحقيق الأرباح من تجارة الموت.

ستحتفل البحرين باليوم العالمي للمخدرات غدا، وستنطلق الفعاليات، وبعضها انطلق بالفعل، ولا يسعنا إلا أن نشيد برجال المكافحة وجهود اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وجهود كل المتطوعين الذين يبذلون قصارى جهدهم لتوعية المجتمع بمخاطر هذه الآفة، ونطمح لاحتفال دائم كلما سقط تجار المخدرات في أيدي العدالة.

سعيد محمد سعيد

المحرق… المنفتحة دائما… الأصيلة أبدا!

 

يبالغ من يقول إن مدينة المحرق العامرة، لا يمكن أن تكون «هي المحرق» من دون المقاهي الشعبية، أو لا يمكن أن تكون أسواق المحرق هي التي تعرفها المحرق ويعرفها أهل البحرين من دون اللقاءات والجلسات التي تحتضنها تلك المقاهي الشعبية يوميا وفي مختلف الأوقات وخصوصا في المساء، أصلا، حالها في ذلك حال المنامة العاصمة.

نعم، حين يقال إن المحرق لا تكون هي تلك المدينة العامرة إلا بمقاهيها الشعبية، ففي ذلك تجاهل لموروث تاريخي وحضاري كبير من الأصالة والمحافظة والمعاصرة في آن واحد، لكن لا يمكن مسح الصورة التراثية لمقاهي مدينة المحرق التي ربما نشأت في أربعينيات أو خمسينيات القرن الماضي وفصلها عن حاضر المحرق اليوم، بل شهدت الكثير من المقاهي التراثية القديمة خلال السنوات العشر الماضية تجديدا كتراث ومظهر شعبي وأماكن للترويح واللقاءات بين الأهالي من مختلف مناطق وأحياء المدينة.

خلال الأيام الماضية، أثارث قضية إغلاق أحد المقاهي ردود فعل متفاوتة، فهناك فريق يرى أن القرار صائب لما فيه حماية للصغار والناشئة من مخاطر الشيشة، وكذلك إنهاء معاناة الإزعاج التي يتعرض لها القاطنون بالقرب من تلك المقاهي، في حين يرى فريق آخر أن تطبيق اللوائح القانونية المنظمة وحماية الناشئة والصغار لا يجب أن يتحول إلى شكل من أشكال الحجر على الحريات الشخصية، وحرمان الناس من أماكن الترويح، والمقاهي الشعبية أولها، وخصوصا أن شريحة كبيرة من أهالي المحرق، بل ومن كبار شخصياتها ورجالاتها، يلتقون ببعضهم البعض في المقاهي التي اعتادوا على ارتيادها منذ سنين.

من المؤسف حقا، أن تتحول قضية (المقهى) التي بلغت مبلغا من النقاش إلى حد صدور توجيهات عليا تقضي بتأجيل تنفيذ الحكم القضائي إلى حين الوصول إلى حلول توافقية بين أصحاب الدعوى وأصحاب المقهى ومرتاديه بعد المناشدات… من المؤسف أن تتحول إلى حال من الخلاف، وإن كانت محدودة، فالمحرق وأهلها مشهود لهم بالانفتاح، وفي ذات الوقت، المحافظة على العادات والتقاليد دون إسفاف، ولأن النسيج الاجتماعي متنوع ومتناغم، فإن لكل شريحة حقها في ممارسة حياتها بالشكل الذي يناسبها، على أنه من اللازم تركيز الاهتمام على إيجاد المزيد من المشروعات الترفيهية والسياحية، سواء من قبل النواب أو من قبل المجلس البلدي أو من جانب بلدية المحرق.

قبل قضية هذا المقهى، ومنذ فترة زمنية ليست ببعيدة، كانت العيون مركزة على مقهى (بو خلف) وهو مقهى تاريخي يعود تأسيسه إلى مطلع القرن الماضي وليس من الهين إغلاقه! وهو الذي مثّل ولا يزال يمثّل جزءا من حياة الكثير من أهل المحرق، ومع بروز قضية مقهى (المرواس)، تجدد الحديث عن وجود توجه لحرمان أهل المحرق من صورة تراثية ارتبطوا بها كثيرا، وهنا، لا يعترض الكثير من مرتادي المقاهي الشعبية على ضبط المخالفات، لكن الاعتراض يرتكز على تقليص مساحات الترويح شيئا فشيئا في ظل محدودية الخيارات الأخرى… فلا شواطئ مناسبة، ولا متنزهات ومراكز ترفيهية للأطفال والعائلات تفي بالغرض، اللهم إلا القليل القليل منها.

وبعد، من غير اللائق اعتبار أهل المحرق الذين يرفضون إغلاق المقاهي الشعبية أنهم (أباليس) أو غرباء أو ما شابه من تسميات وأوصاف نشبت بدرجة مثيرة للاستغراب حتى في بعض المواقع الإلكترونية، وتحولت إلى ساحة لتبادل الاتهامات والهجوم على بعض الشخصيات من نواب وبلديين ومثقفين وغيرهم، والحال ذاته، لا يمكن اعتبار من يطالب بضبط المخالفات في المقاهي على أنه من المد الساعي للحجر على حريات الناس! لكن، من الصعب على ما يبدو اقتلاع المقاهي الشعبية من الحياة اليومية للكثير من أهالي المحرق… هكذا يبدو، فلا تجعلوها قضية مصيرية يا جماعة يتناحر بسببها الناس… واتركوا لهم خياراتهم.

سعيد محمد سعيد

عين على الديوان الملكي… عين على الرموز!

 

إلى حد كبير، جاءت توجيهات جلالة العاهل بخصوص تحقيق التوافق بين كل من جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وجمعية العمل الإسلامي (أمل) مثيرة لاهتمام جميع الأطياف السياسية على إثر ما تمخض عنه اللقاء بين معالي وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، والأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامي ورئيس كتلتها النيابية الشيخ علي سلمان، وهو اللقاء الذي نقل فيه الشيخ خالد بن أحمد رغبة جلالة العاهل في أن يتم التوافق بين الجمعيتين، الوفاق وأمل، لما يخدم البحرين وأهلها.

ولكن، كيف يمكن قراءة أبعاد هذا اللقاء؟ وما الذي يمكن أن نفهمه من تواصل عقد اللقاءات بين الوفاق وكبار المسئولين بالدولة، ومنها لقائا معالي وزير الديوان ووزير الداخلية مع (الوفاق)، بخصوص المتهمين في قضيتي كرزكان والمعامير بعد صدور العفو الملكي الكريم بالإفراج عن جميع المتهمين عدا المتهمون في حادثتي مقتل الشرطي ماجد أصغر علي (كرزكان) ومقتل شيخ رياض (المعامير)؟ ألا يشير ما طرحه معالي وزير الديوان الملكي إلى أنه (لن يتسنى) شمول العفو لأصحابها إلا بعد صدور الحكم وانتهاء موضوع الحق الخاص، وأن هناك عفوا مرتقبا بعد صدور الحكم؟.

ولعل أول قراءة لهذا اللقاء المهم، تتمحور على أن القنوات المفتوحة بين الرموز الدينية والسياسية، أو لنقل على الأقل، المتاح من القنوات بين الرموز وبين القيادة عبر الديوان الملكي كفيلة بأن تنهي الكثير من الملفات العالقة التي تلقي بظلالها على الأوضاع في البلد، وكما أسهم العفو الملكي الكريم وجهود الرموز الدينية والسياسية والناشطين في إعادة الهدوء والاستقرار إلى البلاد، فمن اللازم الحفاظ على هذا المكسب، وتقوية العلاقة بين الطرفين لما فيه مصلحة البلاد والعباد، وليس عيبا أن يتم تجاوز الماضي بكل تبعاته المرهقة، طالما أن هناك توجها مشتركا من القيادة السياسية ومؤسسات المجتمع والرموز لإنهاء حالة الاحتقان والتصادم… فكل من يعيش على أرض البحرين يهمه استقرارها، لكن لابد من العمل المنطلق من إيمان وقناعة بضرورة منح الطرفين الفرصة للتباحث والتواصل، وعدم رفع شعارات التشكيك والتخوين وعرقلة الجهود، وهي شعارات لا يؤمن بها إلا صغار العقول، من لا هم لهم سوى إشعال فتيل الفتنة والتأجيج.

لا يجب أن تتعرقل الجهود، مهما كانت المعوقات والموانع، بسبب الاتهامات (اللامسئولة) التي تصدر من البعض! فإن بادر رموز دينية وسياسية بالالتقاء بالمسئولين بالديوان الملكي، وصفهم البعض بأنهم (خونة)، وإن احجموا عن المبادرة وصفوهم (بالتخاذل وعدم الاهتمام بقضايا الناس وفقدان الشجاعة في مواجهة السلطة)، وإن توجه عالم دين أو رمز وطني للالتقاء بالقيادة لإيصال قضايا المجتمع، طرح البعض بأسلوب فج صغير، اتهامات الوقوف على باب السلطان وبالتالي فساد من ذهب… حتى لو كان ذلك الرمز يحمل هموم الناس وقضاياهم، وفي الوقت ذاته، يؤمن بعدم حرمة الذهاب إلى السلطان لما فيه صالح الناس!.

على أقل تقدير، يمكن اعتبار التوجيهات الملكية لتحقيق التوافق بين الوفاق وأمل أنها رسالة لها عدة مضامين، ولعل من أبرز مضامينها هو تقدير القيادة لهذين الكيانين، ولدورهما الفاعل والمؤثر في مسار الحراك السياسي في البلاد، كونهما يمتلكان قاعدة جماهيرية كبيرة، ولا شك في أن من بين المضامين أيضا التهيؤ لانتخابات 2010 وتمهيد الطريق لمشاركة قوية في ظل وجود أطراف (مقاطعة) لها احترامها ولها حقها في ذلك، وقد لا أكون مصيبا تماما إذا قلت إن المتهمين في قضيتي المعامير وكرزكان سيعودون إلى ذويهم، فاللقاءات الجارية ستؤتي ثمارها، والسلطة تدرك أهمية أن تنعم البلاد بالهدوء والاستقرار وطي صفحة الماضي، ولعلني أقرأ عبارة معالي وزير الديوان الملكي حين قال: «وكم كنا نأمل أن تخلو سجون البحرين من متهمين في هذا النوع من الجرائم التي ليست من طباع أهل البحرين»، على أن التواصل والتنسيق بين الرموز الفاعلة والديوان الملكي لن تواجه بالأبواب المغلقة، وهذا ما يأمله الجميع

سعيد محمد سعيد

قال «فضيلته»… أكد «سماحته»!

 

المحرك الأول للناس في المجتمع البحريني هم «المشايخ»…في الأعم الأغلب!

بل لا نبالغ إذا قلنا إن عالم الدين أو فضيلة الشيخ أو سماحته، هو المحرك الأول للناس في كل المجتمعات الإسلامية، لكن مع شديد الأسف، قلة هم من العلماء والخطباء والمشايخ، من الطائفتين الكريمتين، من ينتهجون نهج القيادة الواعية والمدركة لمصلحة الأمة، فيما ينبري عدد منهم ليصبحوا هم الألمع والأجدر.

والحال كذلك، فإن الخطأ ليس خطأ هؤلاء (المشايخ)… بل هو خطأ من يسير خلفهم بلا عقل ولا إدراك، على رغم علم الكثيرين بأن ما يقوله صاحب الفضيلة أو السماحة أو فضيلة المفتي ليس سوى تحريض للناس على بعضهم البعض (مع الأسف الشديد).

لا يقتصر الأمر هنا على طائفة دون أخرى…

اليوم، وبصريح الكلام، يتصارع «البعض» من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم من «أتباع» العلماء… مع بعضهم البعض! ويحمى الوطيس بين الفئتين والثلاث والأربع… كل يؤكد صحة الموقف الذي تبناه هو ونسبه إلى سماحة الشيخ (…) أو فضيلة الشيخ (…)! بل يحلف بالإيمان المغلظة أن الشيخ – حفظه الله – قال ذلك!

ومع كل الاحترام والتقدير للمشايخ والعلماء والخطباء، فإن وجود نموذج من هذا النوع بين ظهرانيهم، ويتبعه لفيف من الناس، فإن ثمة عملا حقيقيا يجب أن يطلق من المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مستندا إلى المتابعة الدورية التي تجريها وزارة العدل والشئون الإسلامية لمن يثير الناس (متجاوزا الحدود)، فيكفر ويشتم ويشعل العداوة والبغضاء، ثم لابد أن تكون هناك مبادرات متجددة لعلماء الدين في البلد للالتقاء ببعضهم البعض، فلا ندري لماذا كل هذه القطيعة؟ وبعدها، لابد من خطاب صريح وواقعي للاتباع، فما يفعله البعض منهم اليوم في المجتمع، ينبئ بالكثير من المخاطر مستقبلا؟

سعيد محمد سعيد

جماعة المدمن المجهول… ابقوا معنا!

 

لا يعرف الكثير من المواطنين والمقيمين الشيء الكثير عن جماعة المدمن المجهول، لكنهم مجموعة من المتطوعين من الشباب والشابات، ومن بينهم متطوعون أيضا من الأطباء والباحثين الاجتماعيين، يعملون من أجل مساعدة المدمنين على المخدرات والعقاقير والمهدئات لمواجهة واقعهم بجرأة وبإرادة للتوقف عن الإدمان، وهي مهمة صعبة للغاية.

هذه الجماعة، التي تنتشر في الكثير من دول العالم ومنها دول الخليج العربي، يجب أن تبقى في المجتمع، ويلزم وجودها أن تحظى بالدعم المعنوي على الأقل، فحسب نظام الجماعة، فإنها لا تقبل الهبات والتبرعات المالية بل ويجب أن يبقى أعضاؤها مجهولين، لكن عملهم وأهدافهم الإنسانية والخيرية الحضارية هي التي يجب أن تظهر. في شهر يونيو/ حزيران من كل عام، وهو الشهر الذي يحتضن اليوم العالمي لمكافحة المخدرات في يوم السادس والعشرين منه، تنشط البرامج والفعاليات الموجهة للمجتمع، ولفئة الشباب والمراهقين تحديدا لزيادة التوعية بمخاطر المخدرات من جانب وزارات الداخلية والصحة والجمعيات الشبابية والأندية والمراكز والصناديق الخيرية، وإذا قلنا إن جماعة المدمن المجهول هي جماعة مجهولة اسما ووصفا، لكن لابد من أن يكون لها حضور في هذه الفعاليات فلعلهم الأقرب الى تجارب الشباب الذين وقعوا في الإدمان، وتعرضت حياتهم الأسرية والاجتماعية للتدمير، لكنهم نجوا بفضل من الله سبحانه وتعالى وبفضل جهود هذه الجماعة، وإن كانت صغيرة من ناحية العدد والإمكانات. يقول أحد الشباب: «كانت تجربتي مع الإدمان مريرة للغاية… إن مجرد تذكر بضع مواقف وحوادث وظروف مررت بها كفيل بأن يهزَّ كياني هزّا، لكنني أيضا أتذكر ذلك اليوم الذي توجهت فيه بمساعدة أحد أقاربي الى مستشفى معروف لحضور اجتماع لجماعة أو زمالة المدمن المجهول، وعلى رغم صعوبة ظرفي وإدماني، لكنني وجدت أن فرصتي في النجاة والتحرر من الإدمان مواتية، وهكذا قويت عزيمتي واشتدت إرادتي لمواجهة ما أنا فيه من بلاء، وهذا ما يجعلني أحمل زمالة المدمن المجهول والجهات التي تسعى لمكافحة الإدمان الى حضور أقوى في المجتمع مع وجود أعداد كبيرة من المدمنين، شبابا ومراهقين، فهؤلاء في حاجة ماسة الى (النجاة) من الإدمان». قراءة ظاهرة تعاطي المخدرات في المجتمع البحريني تأخذ أكثر من صيغة، لكنها تتطلب اعترافا بضرورة تشديد العقوبات على تجارها ومروجيها والتصدي لهم مهما كانت مواقعهم ودرجة نفوذهم وقوتهم، فهم ليسوا إلا تجار (موت) يريدون تدمير عماد الأمة وهم الشباب، ولعلني أتذكر ما طرحه الباحث التربوي البحريني نادر الملاح من سلاح التوعية، لا يزال ضعيفا في مواجهة سلاح (التجار)! فمن المعروف أن أحد أهم الأساليب المتبعة لمواجهة هذه الظاهرة، هو التوعية والتثقيف، فعلى صعيد التوعية لا نسمع إلا عن ندوة هنا أو هناك، أو كتيبات في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، أما في بقية أيام العام يغيب دور الجهاز الإعلامي، فنجده متفرغا لبرامج «الفيديو كليب»، أو الأفلام الماجنة. والأمر ذاته ينسحب أيضا على مؤسسات المجتمع المدني، إذ إن التوعية من جانبها تكاد أن تكون شبه مفقودة، في الوقت الذي بوسعك أن ترى أن الجمعيات السياسية وغير السياسية تستعرض عضلاتها في المضمار السياسي، وكذلك رجال الدين أيضا، وقس على ذلك بقية قطاعات المجتمع، وخصوصا الصحافة – فللأسف – عند اللجوء إليها لنشر موضوع اجتماعي، أو لتسليط الضوء على مشكلة اجتماعية، تبقى المقالات في آخر الصف – هذا إذا نُشرت – وأنا أتحدث هنا عن صحافتنا المحلية من دون استثناء.

أما العامل الآخر – كما يرى الباحث الملاح – فهو العامل الأسري، فالإحصاءات تشير إلى الكثير من حالات التفكك الأسري في المجتمع البحريني وخصوصا في السنوات الأخيرة، لدرجة أن إحدى الدراسات المحلية تشير إلى أن حالات الطلاق في المملكة بلغت ثلث حالات الزواج، أي بنسبة 1 من 3، ومن البديهي جدا أن تكون لهذا التفكك الأسري عواقب وخيمة تدفع باتجاه الانحرافات السلوكية بأنواعها كافة.

كل تلك النقاط جديرة بالاهتمام ونحن نتعامل مع مشكلة اجتماعية خطيرة، وليست مسئوليتها ملقاة على عاتق جماعة المدمن المجهول ولا على الباحثين فحسب… فهل سنرى قريبا استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات تضع في اعتبارها خطورة هذه الظاهرة بكل أبعادها؟

سعيد محمد سعيد

الخادم… أفضل من الوزير!

 

حينما يتوجه المواطن البحريني العادي، بل العادي جدا، إلى مكاتب الوزراء أو كبار المسئولين في الدولة، فإنه يقف بين أمرين: فإما هو في ضيافة مضياف كريم، أو هو مقصوف مقصوف مقصوف بالكلام الأليم!

لكن، والحق يقال، هناك من الوزراء وكبار المسئولين، من لا يغلق بابه أمام المواطنين، وإن تعذر عليه ذلك، اعتمد على مسئولين يدركون حجم المسئولية… ولا حاجة لذكر أسماء ونماذج… في مقابل فئة من الوزراء والمسئولين… سامحهم الله على ما يفعلون بنا كمواطنين.

على أية حال، وددت أن أشارك القراء الكرام هذه القصة الجميلة، ولعل من السادة الوزراء من يجد نفسه في ما يشبه القصد…

يحكى أن أحد السلاطين وهو في قافلته مسافرا، سمع أحد خدمه يقول لصديقه: «كيف لهذا السلطان أن يعين له وزيرا طاعنا في السن لا يقوى على القتال، ولا يبدو أنه يفقه من أمور السياسة شيئا وأنا خير منه!».

فسمع السلطان هذا الكلام وعاد إلى خيمته، ونادى على هذا الخادم وجاءه… قال له السلطان، وهو يسمع صوت نباح في جهة بعيدة عن خيمته: «اذهب لترَ ما هنالك».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «أني رأيت جراء حديثة الولادة هي التي تنبح».

– سأله السلطان: كم عددها؟

– قال الخادم: لا أعلم!

– قال له السلطان: اذهب لتخبرني بعددها… ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «عددها سبعة»، قال له السلطان: «ما ألوانها؟»، قال الخادم: لا أعلم! قال له السلطان: «اذهب لتخبرني بألوانها».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «منها ما يغلب عليها الأسود، ومنها ما يغلب عليها الأبيض»، قال السلطان: «ما عدد التي يغلب عليها اللون الأسود؟» قال الخادم: «لا أعلم!»، قال له السلطان: «أذهب لتخبرني بأعداد السود منها».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «أربعة منها سود»، قال له السلطان: «كم عدد البيض منها؟»، أجاب الخادم، بعد أن صمت برهة يفكر: «ثلاثة منها من البيض»، فنادى السلطان على وزيره وقال له: «إذهب لتر ما هنالك (يقصد جهة النباح)، فذهب الوزير وعاد الى السلطان وقال: «إنها جراء حديثة الولادة عددها سبعة، أربعة منها يغلب عليها السواد والثلاثة الباقيات يغلب عليها البياض، ويبدو أن سبب نباحهم الجوع».

فنظر السلطان إلى الخادم وقال: «هل عرفت لماذا اخترته وزيرا لي؟».