سعيد محمد سعيد

كسوة العيد… الفرح من حقهم

 

كعادته السنوية الكريمة، أصدر عاهل البلاد المفدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة أمره السامي بصرف مكرمة كسوة عيد الأضحى المبارك لجميع الأرامل والأيتام المسجلين لدى المؤسسة الخيرية الملكية والأسر وذوي الاحتياجات الخاصة المسجلين لدى وزارة التنمية الاجتماعية، إذ يستفيد من هذه المكرمة 10282 يتيماً وأرملة مسجلين لدى المؤسسة الخيرية الملكية، إضافة إلى 11996 من الأسر المحتاجة، و6189 من ذوي الاحتياجات الخاصة.
من حق هذه الفئة على الدولة، وعلينا جميعاً أن يعيشوا فرحة العيد، فليس من قبيل المبالغة القول ان هناك الآلاف من الأسر المعوزة، تواجه ضنك العيش ويتمنى أطفالها أن يسعدوا ببهجة العيد وهم يرتدون جديد الثياب، ولا غرو أن تعم الفرحة في بيوتهم ويتوجهوا بالشكر الجزيل والدعاء إلى عاهل البلاد، وإلى جميع العاملين بالمؤسسة الخيرية الملكية ورئيسها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، فهذه العادة السنوية الكريمة، تمثل صورة من صور التكافل الاجتماعي التي نأمل أن تكون من الثوابت في العمل الخيري دون تمييز، وأن تكون هي المنهج لبعض المؤسسات الخيرية الأهلية التي تعمل وفق نظرة طائفية ليست محمودةً إطلاقاً.
فمن المحزن حقاً، ألا تحصل بعض الأسر على مساعدات تقدمها هذه الجمعية أو ذلك الصندوق الخيري لأنها تنتمي إلى طائفة معينة، أو ترفض مؤسسات أخرى مد يد العون لأسرة محتاجة لأنها أيضاً تنتمي إلى طائفة أخرى! ولله الحمد، فإن هذه الممارسات، وإن كانت موجودة، إلا أنها لا تعكس الصورة الحقيقية للعمل الخيري في البلاد، فهناك مؤسسات ورجال أعمال وميسورون، يقدمون كسوة العيد والمساعدات المالية والعينية للأسر البحرينية المحتاجة، وغير البحرينية أيضاً، في مناسبات عديدة، دون النظر إلى (طائفة) الأسرة.
الخير في بلادنا كثير، ووجوه الخير والإحسان، هي النبع الكريم لأعمال الخير الكريمة، وإذا كان المجتمع يعاني بعض مظاهر التمييز حتى في أعمال الخير، من قبل مؤسسات لا تخدم إلا طائفتها، فهناك مظاهر أخرى أكبر وأعظم وأجزل ثواباً، يعرفها البيت البحريني بطائفتيه الكريمتين، وينتشر فضلها بين الناس طلباً للثواب من الله سبحانه وتعالى لا أكثر ولا أقل.
غالبية البحرينيين، وهذا مؤكد، متعاضدون متحابون، يساعد الميسورون منهم كل صاحب حاجة، ويتبادلون فرحة العيد وتهانيه بسعادة غامرة، وبعون الله، سيستمر هذا العطاء المفرح، وإذا كنا نفرح بالمبادرات الكريمة من قبل الدولة في مثل هذه المناسبات، فستكون الفرحة أكبر حين تصبح كل أسرة محتاجة قادرة على العيش بطمأنينة بإيجاد مصدر للرزق، وبتهيئة أفرادها للتعليم والعمل وتحسين مستواها المعيشي.
الخير كثير، وكل عام والجميع بخير

سعيد محمد سعيد

يا… «حظنا الأقشر»!

 

حالة الالتياع والألم على السواحل وما حل بها من مصائب بسبب دفان وتسوير وبيع وشراء قائمة طيلة العام، لكنها تزداد لوعة وأسى عصر عيد الأضحى من كل عام إذ جرت العادة التراثية لأهل البحرين والخليج أن يلقوا (الحيه بيه)، وهي سلة أو علبة معدنية مزروعة ببعض النباتات، في البحر كنوع من الموروث التراثي.

البحث عن مكان مناسب لأخذ الأطفال لإلقاء (الحيه بيه) لم يعد سهلا إطلاقا! اللهم إلا إذا تم استحداث جزء من ساحل هنا أو هناك في المستقبل يكون مخصصا لإلقاء (الحيه بيه) إن سنحت الفرصة أصلا لتوفير ذلك الجزء وإلا فالمتاح هو أجزاء من السواحل المدفونة القريبة من المناطق السكنية هنا أو هناك، أو تحمل مشوار طويل للذهاب إلى بلاج الجزاير لغير أهالي قرية الزلاق والمناطق القريبة منها، أو ساحل الحد لرمي (الحيه بيه) وكأننا نريد أن نتخلص من شيء خطير نلقيه بعيدا ونقفل راجعين.

وعلى رغم ما حل بالسواحل، إلا أن أهل البحرين لم يتركوا هذه العادة التراثية… بل يتحمل الكثير من الناس العناء والمنظر المحزن للكثير من السواحل المدفونة ليثبتوا حضورهم في لقاء جميل لا يمكن إزالة ارتباطه بعيد الأضحى المبارك مهما كانت الظروف، والحاصل، أن الصغار والكبار ما زالوا متعلقين بعصرية عيد الأضحى إذ يجري الأطفال وفي أيديهم (حياتهم) بفرحة وسرور وهم يرددون الأهازيج الشعبية من قبيل: حيه بيه… راحت حيه ويات حيه وما شاكلها.

غير أن هذه العادة التراثية أصبحت تأخذ مسارا آخر بدأ في السنوات الماضية، وهو إصرار أهل البحرين على إثبات ارتباطهم ببحرهم وسواحلهم وحبهم لأرخبيل جزرهم المحاط بالبحر من كل الجهات والفاقد لشاطئ واحد يستطيعون أن يمشوا على رماله الناعمة ويسبحوا في مياهه الجميلة.

المهم، إحياء تراث (الحيه بيه) كان مستمرا لم ينقطع وسيستمر، سواء كان الساحل مهيأ أم لا، لأن الناس يريدون أن يعبروا عن سعادتهم بإتمام الحجيج من ذويهم أو من سائر المسلمين طبعا لمناسك الحج والاحتفال بالعيد من جهة، أو ليلتقوا في اجتماعهم السنوي على سواحلهم المدمرة من جهة أخرى.

وعلى قول المونولوجيست البحريني علي مهنا:

يا أضحى حيه بيه

سواحلنا الضحية

باجر يا حظنا لقشر

نرمي الضحية في البر

عيدكم مبارك، وعساكم من عواده

سعيد محمد سعيد

البحرينيون في رحاب «عرفة»

 

عن طريق الصدفة، وبعد أن عدت من الجلسة الختامية للمنتدى العربي الثاني للبيئة والتنمية في العاصمة اللبنانية (بيروت) مساء يوم الجمعة 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، كنت أستعد للنوم بعد يوم شاق، ومنيت نفسي بقضاء وقت قصير قبل النوم، فوقع بصري على برنامج «صناعة الموت» في قناة «العربية»، وطار النوم من عيني حينما وجدت أن (الشاهد) الذي يتحدث في البرنامج هو «ناصر الحزيمي»، أحد الأتباع المقربين لجهيمان العتيبي الذي اقتحم الحرم المكي الشريف فجر يوم الحادي من محرم الحرام من العام 1400 هجرية (يوافق يوم 21 نوفمبر 1979).

وكان «الحزيمي»، يتحدث بدقة وحضور ذهني على رغم علامات الإرهاق والتعب البادية على وجهه، وبعد تفاصيل تبعتها تفاصيل برواية شاهد عصر، كانت النصيحة التي قدمها هذا الرجل الذي أعلن ندمه الشديد لعلمه بالحادثة المزلزلة التي يعيش المسلمون ذكراها الثلاثين متزامنة مع حج هذا العام، دون أن يبلغ السلطات… كانت النصيحة البسيطة الثمينة، هي دعوته لنشر العقلانية والنأي بالمجتمع الإسلامي عن التطرف.

لا أحد يجزم، بأن حادثة جهيمان العتيبي الذي بايع، وطلب من أتباعه أن يبايعوا صهره محمد عبدالله القحطاني على أنه (المهدي المنتظر)، يمكن أن تتكرر يوما ما أو… لا يمكن! لكن ثمة استنساخ متتابع للأفكار المتطرفة أخذت في الانتشار داخل المجتمعات الإسلامية وخصوصا بين الشباب الذين وقعوا في شرك التطرف وأصبحوا يرون الدين الإسلامي قتلا واستباحة للدماء وتشددا، ولعلنا في المجتمع البحريني ولله الحمد، أفضل حالا من كثير من المجتمعات بفضل بقاء الوحدة الوطنية صلبة صادقة في دلائلها وليست مغلفة فقط بالشعارات الكاذبة، ولأن ركن الأمن والاستقرار مصان من قبل الدولة ومن قبل المواطن أيضا، لكننا نعاني من بضع أصوات نشاز، وممارسات مشبوهة ما فتأت تثير البيان الفتنوي تلو الآخر، وتطلق الخطبة الكريهة تلو أختها، مدعية أنها بذلك إنما تعبر عن حبها للوطن وولائها للقيادة، وهي في الحقيقة تدمر بفعل همجي بغيض.

اليوم، هو يوم الوقوف بعرفة… مشهد عظيم هو الحج كله، فالحج عرفة كما قال رسولنا الأكرم محمد (ص)، وإذا كان حجاج بيت الله الحرام يلتقون في أروع صور اللقاء بين بني الأمة باختلاف مذاهبهم وطبقاتهم، فإن حجاج البحرين في تلك البقاع المقدسة، يمثلون الصورة الحقيقية الصادقة لأهل البحرين، يجمعهم هذا الدين العظيم ويشتركون برباط عظيم وهو أنهم أبناء (مملكة البحرين)… فلا تجد بين مجاميعهم إلا التواصل والمحبة والتشرف ببعضهم البعض، والاعتزاز بانتمائهم للبحرين.

ولا أدري، هل في وسعنا نحن البحرينيون أن نجدد هذه الصورة سنويا في الحج، ثم ننقلها مصانة الى مجتمعنا لنتصدى الى ممارسات الفتنة والتفتيت والتمييز والتفرقة بين المواطنين، ليصبح موسم الحج بمثابة تجديد لهذا العهد؟ أم أن النفوس المريضة لا يمكن أن تشفى من سقمها، فتبث سمومها في الحج وتعود من جديد لتواصل خطابها المنكر؟

عبارة عجيبة قالها ناصر الحزيمي: «جهيمان لم يكن صاحب فكر، وجماعته يعانون «هوسا دينيا»!

سعيد محمد سعيد

مسابقة الأبحاث الأمنية

 

لم يعتد الناس في الوطن العربي والإسلامي على رؤية صورة حضارية مغايرة لوزارات الداخلية، يمكن أن تطغى أو تغير صورة القمع والنفوذ والتسلط وتجاوز حقوق الإنسان…حتى مع محاولة الكثير من تلك الدول تغيير الصورة النمطية المخيفة والقاهرة، سواء كان ذلك في منطقة الشرق الأوسط أو في شمال أو وسط إفريقيا وبعض الدول الآسيوية، إلا أن الفشل يكون حليفها لأنها لا تزال تعتمد على أقطاب قمعية قديمة في إدارة شئونها الأمنية.

ولعلي أضم صوتي الى صوت الزملاء والمهتمين الذين رأوا في خطوة وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بإعلان جائزة الأبحاث الأمنية 2010 واحدة من الخطوات التي تعكس حاجة المجتمع البحريني، بل وحاجة المجتمع الخليجي والعربي والإسلامي، الى هذا النوع من الخطوات القادرة على استبدال صور التسلط والفرض والقمع، بصورة أخرى هي الصورة الحقيقية لأي تمدن في أي مجتمع…وهي صورة البحث والدراسة والتحليل والنقد البناء.

إن الخطوة التي أعلنها معالي وزير الداخلية تتخذ مسارين من الأهمية من وجهة نظري المتواضعة، وخصوصا على صعيد القضايا والملفات الأمنية والسياسية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع البحريني:

-أولا:وأعني المسار الأول، وهو وجود فكرة قائمة يحملها الكثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين والباحثين والكثير من المواطنين الذي لا يرون في فكرة «الشراكة المجتمعية» إلا حال غير حقيقية لا يراد منها التواصل مع فئات المجتمع المختلفة للتعاون في شأن القضايا التي يتطلب فيها التواصل بين الأجهزة الأمنية وبين المواطنين، ويعتبرون الشراكة المجتمعية طريقا واحدا للنيل من المناضلين ومن الذين ينادون ويطالبون بالحقوق، وهنا يصبح الطريق أمام هذه الفئة مفتوحا بقوة لطرح ما يرونه خطأ من خلال الأبحاث والدراسات التي لا يمكن الحجر عليها في المسابقة، وإن تم ذلك فهناك أكثر من خيار لنشرها في الصحافة وفي المواقع الإلكترونية وفي المجلات والدوريات الصادرة عن الجمعيات، لكن تبقى الفرصة مهمة للباحثين، وخصوصا على صعيد الاتجاه الذي يؤكد على ضرورة وضع الحلول السياسية والاجتماعية في حال مناقشة القضايا الأمنية.

-ثانيا:إن وجود مسابقة أبحاث أمنية، تعتبر فرصة سانحة للكثير من الشباب من الجنسين، سواء من العاملين في القطاع الأمني كشرطة المجتمع أو غيرها، أو من طلبة الجامعات والمعاهد، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني لتشجيع البحث والدراسة في القضايا والظواهر التي يعاني منها المجتمع البحريني، ومملكة البحرين، وعلى رأسها وزارة الداخلية، في حاجة ماسة الى الأبحاث والدراسات الميدانية المحلية العميقة التي تعالج قضية أو ظاهرة تتطلب عقولا بحثية، وليس سطوة حديدية أو قمع أو حجارة أو حرائق.

يبدو لي أنه من الأهمية الإسراع في وضع شروط المشاركة في المسابقة الأمنية 2010، ونتمنى أن تكون دورتها الأولى موفقة من خلال نوعية الأبحاث التي ستقدم ومضامينها، ونتمنى أن تكون مشاركة الشباب الباحثين قوية، مهما كانت الافتراضات أو المعوقات أو القراءات السلبية

سعيد محمد سعيد

حتى «لا يرحل المعلمون والمعلمات» (2)

 

لو قُدِّرَ لي أن أقدّم ملفا إذاعيا مسموعا بالمكالمات التي وردت من المعلمين والمعلمات الذين تهافتوا لطرح وجهات نظرهم بشأن واقع مهنة التعليم في بلادنا منذ نشر الحلقة الأولى من هذه السلسلة يوم الأحد الماضي، أقول لو قُدِّرَ لي ذلك، لاحتجنا إلى ساعات وساعات للاستماع الى صور من المعاناة تختلف كل واحدة عن سابقتها وقَلّما تشابهَت.

ولابد من التأكيد مرة أخرى، على أن فتح سلسلة للفْتِ الاهتمام إلى أهم شريحة مهنية، لا يعني الانتقاص من المسئولين في وزارة التربية والتعليم الذين نُكنُّ لهم كل الإحترام ونحن على تواصل كريم معهم، إلا أن الجانب الأهم من ذلك، هو الوقوف إلى جانب الوزارة وحثها على الانطلاق في مشروع تطويري شامل للمعلمين والمعلمات، وظيفيا ومهنيا ومعيشيا، حتى لا تكثر رسائل وطلبات الاستقالة، وحتى نرى أمامنا المعلم يقف باعتزاز وثقة ليقوم بدوره الديني والوطني المقدس في تعليم أبناء بلده… بدلا من آلاف العلامات من الإحباط والألم والتذمر واللوعة.

أقول إن العشرات من الاتصالات والتعقيبات وردت من العاملين في سلك التعليم، بحرينيين وغير بحرينيين، كان أهم ما في محتواها هو أنهم على استعداد لأن يعملوا ليل نهار، على أن تكون هناك بادرة أمل لتحسين الأوضاع ولو بعد حين، وهنا، من حق هذا المعلم الذي خدم الوزارة 12 عاما، وواصل تعليمه لنيل شهادة الماجستير وبقي حاله لم يتغير من دون تقدير… من حقه أن يُعبّر عن حالة الإحباط التي يعيشها.

أما بالنسبة إلى المعلمين والمعلمات الذين أصابهم الإحباط بسبب قول (مسئول ما) في الوزارة بأنهم لن يحصلوا على الترقية والدرجة الاستثنائية حتى بعد أن شارفوا على إنهاء سنوات الدراسة الليلية الأربع، فليس هناك ما يؤكد هذا القول؟ ولم يبادر أحد بتقديم اسم ذلك المسئول، لكن على أي حال، هاهي الملاحظة مطروحة، ولن يقصر الإخوة في الوزارة من توضيحها لكننا لا نستطيع أن نطرحها كاهتمام ضمن سلسلتنا هذه التي ستتطلب الكثير من النشر.

لاشك في أن المعلمين والمعلمات الذين أجمعوا على أهمية العمل على تصحيح العلاقة بين وزارة التربية والمعلمين، يدركون أهمية تطوير التعليم حتى تتطور البلد فعليا ويتم القضاء على الكثير من المشاكل والسلوكيات والممارسات المتخلفة التي نعيشها يوميا وعلى رأسها سوء المستوى الإنتاجي، وهذا يتطلب إنهاء أي حال تجاذب وخلاف بين الطرفين، والابتعاد عن أية قرارات قد تضاعف من تعقيد الأمور ولاسيما في أمر (عقدة الكادر)… وهذه ستكون مجالا للنقاش في الأعمدة المقبلة، ونتمنى من الجميع المشاركة بالآراء التي تمكننا من الوصول إلى تصور عملي يحافظ على المتميزين من المعلمين والمعلمات.

سعيد محمد سعيد

حتى لا يرحل «المعلمون والمعلمات» (1)

 

ما أن تجلس مع معلم أو معلمة، حتى يبدأ الحديث الحزين المؤلم عن المعاناة التي يعيشها المعلمون والمعلمات، من البحرينيين بدرجة أكبر، وغير البحرينيين بدرجة أقل، يبدأ أول ما يبدأ بمستوى الأجور التي يتقاضاها العاملون في مجال التعليم، مرورا بالمشاكل التي يواجهونها مع الطلبة وأولياء أمورهم، في المراحل الثلاث بلا استثناء.

وفي ظني، أو هكذا وجدت، أن الكثير ممن أعرفهم من المعلمين والمعلمات لم يعودوا اليوم يعملون في المهنة، ومن يعمل فيها باقيا صامدا، فإنه يتحين الفرصة الذهبية التي يمكن أن تنتشله مما هو فيه! وأسفا أقول ذلك حينما نتكلم عن أناس يمثلون شريحة نخبوية في أي مجتمع من المجتمعات، ويقومون بمهمة الأنبياء، وقد طرحت في سلسلة سابقة العام الماضي، فكرة إعادة النظر من جانب الدولة في أوضاع المعلمين والمعلمات بدءا بفرص التوظيف وامتيازاتها انتهاء عند الاستمرار في تقديم المغريات للمعلمين المخلصين ليبقوا ويواصلوا عملهم المقدس الذي يجب على الدولة أن تقف فيه وتوفهم التبجيلا.

لا تهمنا شريحة المعلمين والمعلمات البحرينيين وغير البحرينيين، ممن لا يحترمون مهنتهم ولا يبذلون جهدا في القيام بمهمتهم المقدسة، فهؤلاء، كلما ابتعد غالبيتهم عن المهنة وبحثوا عن مهن أخرى، كان ذلك للطلبة وللمدارس وللتربية والتعليم بشكل عام، أفضل وأفضل! إنما من الضرورة بمكان، أن تدعم الدولة جهود وزارة التربية والتعليم في تنفيذ المشاريع التطويرية الموجهة للمعلمين، والتباحث مع الأطراف المهمة، كالمؤسسات الأكاديمية والأساتذة المتخصصين وجمعية المعلمين، لطرح سؤال افتراضي لكنه مقلق: «أليس وضع التعليم ووضع المعلمين في البلد ينبئ بما لا تُحمَد عقباه وخصوصا في ظل الجهود التي تبذلها الوزارة ويبذلها المعلمون والمعلمات، وفي ظل عدم وجود امتيازات مغرية، ونظام متطور لتقييم أداء المعلمين؟ وهل وضعنا في الاعتبار قراءة مستقبلية لما سيكون عليه الوضع مع عزوف المعلمين والمعلمات والاتجاه نحو مهن أخرى؟»…

ربما كانت قائمة التساؤلات طويلة، لكن، يلزم أن نضع في حدود الإجابات معلومات دقيقة تمكننا من القراءة الصحيحة لمستقبل مهنة التعليم في البحرين، فلا يمكن الاستغناء عن المعلم والمعلمة، لا البحرينيين ولا غير البحرينيين، ولكننا نأمل في أن نطرح محاور مهمة تثير نقاشا مجديا ينطلق من نقطة جوهرية وهي: إعادة النظر في الأجور والامتيازات التي تقدمها الدولة للمعلمين والمعلمات، وهل هذه الأجور والامتيازات كفيلة بأن تؤمّن قطاع التعليم وتقوّيه ليتمكن من المشاركة في مشروع تطوير التعليم المطروح من قبل ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة؟ أم أن هناك مؤشرات مقلقة بالهروب من مهنة التعليم؟

للحديث صلة..

سعيد محمد سعيد

حملات العداء المشحونة بالكراهية

 

اختلفت مع مجموعة من الإعلاميين الخليجيين والعرب في شأن أسلوب ومنهج وخطاب بعض القنوات الفضائية (الدينية) في منتدى إلكتروني، فهم، وأنا أحترم وجهة نظرهم قطعا، يعتبرون ازدياد تلك القنوات فائدة (للأمة)، أما أنا، فلا أرى في غالبها إلا منطلقا لشن حملات العداء المشحونة بالكراهية.

وليس من الضرورة بمكان إجراء استطلاع ميداني لتثبيت الفكرة، فيكفي أن تقرأ لمدة ساعة زمن الشريط الذي يتحرك في أسفل الشاشة لتعلم أن هناك مشاركة فاعلة من قبل مجموعات من المتشددين، من الطائفتين ولابد من التأكيد على أنهم من الطائفتين، كل يدعي حاكميته على الأمة.

ذلك الخطاب هو الأسوأ على الإطلاق، ولعل الكثير من الناس لا يعلمون أن مثل هذه النزاعات تصبح أجمل وأروع عندما يزداد عدد المشاركين فيها عبر خدمة الرسائل الإلكترونية التي تدر مالا وفيرا يملأ بطون القائمين على القناة، ممن يدعون (صدق الدعوة لله والدفاع عن الدين الإسلامي).

كثيرة هي الصور القاسية التي تسود المجتمعات الإسلامية اليوم، في مقدمتها الظلم والتخلف والأمراض السياسية والثقافية والاجتماعية، ونزعات التعصب الطائفي والعرقي المقيتة، وتطغى عليها مشاكل وصراعات متعددة في مختلف ميادينه ومجالاته بما في ذلك ميدان الثقافة والفنون، وتبرز صورها المؤسفة في التضييق على حرية الفكر والنشر ومحاصرة الثقافة ومصادرة الرأي الآخر، وشن الحملات العدائية المشحونة بالكراهية والحقد الطائفي.

لا يمكن أبدا التغاضي عن تهاون الحكومات، وفي أغلب حالات تلك التهاون، يظهر الاتهام واضحا بلا تبطين في أن بعض الدول تغذي هذا النوع من الحملات لإشغال الناس، ولذلك، ليس عجيبا أن يتفرغ ذوو النزعات العدائية، سواء كانوا مشايخ وعلماء أم برلمانيين أم وعّاظ سلاطين، ومعهم أولياء نعمهم من المستبدين أرباب الرأي الواحد والنفوذ والمال، ليضيفوا الى الأمراض الاجتماعية ما يسهم في مضاعفة الداء والمرض في جسد الأمة.

وأخطر ما في الأمر هو استهداف الثقافات الحرة النيرة ومجالات العلوم والفنون الرائدة لضربها بأفكارهم ونزعاتهم ومشاريعهم المشبوهة، منتزعين من تلك الجوانب وأنشطة الإبداع الفني طابعها وعطاءها الإنساني، والأهداف التي يمكن أن تخدم أمم وشعوب المعمورة على اختلاف دياناتها وطوائفها وانتساباتها العرقية.

سعيد محمد سعيد

في انتظار 60 ألف دينار

 

فعلا، كان ملف الإسكان، على مدى الأسبوع الماضي وما قبله من مدة، هو الملف الأكثر حيوية على أكثر من مستوى، وهذا هو المنهج الذي يتمنى كل مواطن أن تتواصل فيه الدولة والمجلس الوطني ومؤسسات المجتمع المدني للنظر في القضايا والملفات المهمة ووضعها على طاولة البحث بعيدا عن حملات المواجهة الإعلامية تارة، و(التطنيش)المتعمد والسيئ تارة أخرى، على أن تترجم المباحثات الى خطوات عملية على أرض الواقع، وألا تصبح جعجعة بلا طحين.

وفي اعتقادي، فإن الصورة الأكثر جمالا في المشهد، هي لقاء (تطييب الخواطر) بين جميع هيئات جمعية الوفاق الوطني الإسلامية مع معالي وزير الإسكان الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، وأهمية هذا اللقاء لا تنحصر فقط في استعراض المشاريع الإسكانية في دوائر الوفاق، وتوزيع القسائم الإسكانية على المستحقين في مناطق الدير وسماهيج والحد وشرق سترة والمدينة الشمالية ودار كليب، فمن وجهة نظري، تكمن أهمية اللقاء في إزالة آثار الماضي المترتبة على ملف «القرى الأربع» وعدم السماح للأطراف التي دخلت بسوء نية لتأجيج الوضع أيا كان المسار الذي تمثله، وإسدال الستار على مرحلة التصادم والعداء، واستبدالها بمرحلة التفاهم والبناء.

ولعله من الأهمية بمكان، تحريك ملف رفع القروض الإسكانية للمستحقين من 40 الى 60 ألف دينار وفقا لقرار مجلس الوزراء الذي أقر الشروع في التنفيذ بدءا من دورة الموازنة للعامين 2009 – 2010 وزيادة فترة السداد من 25 الى 30 عاما، واعتبار هذا الملف حيويا وخصوصا مع حال (الحيرة) التي يواجهها من يحق لهم التقدم بطلب زيادة القرض الإسكاني بسبب عدم وجود آلية واضحة لتنفيذ القرار، وهي الإشكال الذي يواجهه المراجعون لوزارة الإسكان من المستفيدين الذين لم يتمكنوا من الحصول على جواب واضح بشأن تقدمهم بطلبات زيادة قروضهم.

فعلى رغم صدور القرار، إلا أن الكثير من المواطنين المستفيدين أبدوا استغرابهم من عدم إمكانهم التقدم بطلبات رفع القروض أثناء مراجعتهم للوزارة، ووقوفهم مكتوفي الأيدي أمام الرد الذي يقول: «لا يمكنكم التقدم بهذا الطلب، فالقرار لم يطبق حتى الآن وفي انتظار صدور أوامر بتطبيقه وتحديد آليته»، وخصوصا أن بعض المواطنين المستفيدين بدأوا تحركاتهم في البحث عن منازل للشراء تفوق طبعا مبلغ 60 ألف دينار، لكنهم يأملون في تطبيق القرار لتضاف الزيادة إلى قنوات أخرى تدعم موازنتهم من خلال الاقتراض من المصارف، ولعل من المهم بالنسبة إلى المراجعين، أن تتضح لهم الصورة ويحصلون على الجواب الوافي حتى إذا كان ليس في مقدورهم الاستفادة من القرار باعتباره سيطبق على الطلبات الجديدة اللاحقة، وليس الطلبات الممنوحة السابقة

سعيد محمد سعيد

يا جماعتنا… يا جماعتهم!

 

بالنسبة لي، لو جمعت آلاف التصريحات والمقولات والمقالات والخطب التي تتحدث بصدق… أقول بصدق، عن الرغبات الحقيقية، والأماني الوطنية المخلصة لزيادة التلاحم بين الشعب البحريني وقيادته، وبين القيادة ومؤسسات المجتمع، وبين مؤسسات المجتمع وبعضها البعض، وبيني وبينك، وبينه وبينهم، وبينهن وبينها، لما عدوت ذلك الأمر أكثر من كونه (اسطوانة)، وكلاما مستهلكا، وغالبه، بل أكثره، ليس صادقا، ولا ينعتق من العرق والطائفة قائله ويبقى رهنا لها.

لهذا، لا بأس في أن تظهر الحقيقة الكاذبة… وهي أن يتحدث فلان عن حاضر ومستقبل الشيعة، وينفلت (فلتان) ليصول ويجول بشأن واقع ومستقبل السنّة، وهذا يضيف للعنوان كلمة (جمعيات)، وذاك يضيف إليها (حقوق وواجبات)وآخر يلونها بسطوة (التداعيات).

أقول إن المسامع تمتلئ بالجميل من الكلام، واللطيف من الخطاب بشأن حقيقة العلاقة بين أهل البحرين، وأقول أيضا إن الغالبية العظمى من بسطاء الشعب البحريني، هم متحابون متكاتفون ولله الحمد، ولم تؤثر فيها نوازل الصراعات البرلمانية او الطائفية أو الأيديولوجية، بل وأصدقكم القول، هم، وأعني أولئك البسطاء… عامة الناس، من موظفين وموظفات وربات بيوت وعمال وعاملات، وسواق تاكسي وأصحاب دكاكين… أقدر بمئات المرات وأصدق في الحفاظ على العلاقات الطيبة، من دون تلويثها بالشعارات المذهبية والسياسية والتكفيرية… وهم يعرفون جماعة واحدة فقط لا غير… (هي الجماعة التي صدقت معهم وصدقوا معها في التعامل المخلص لله سبحانه وتعالى)، ولم يكونوا يوما من الراقصين على دبكة: جماعتنا… جماعتهم.

بصراحة، لا أستطيع أن أقنع نفسي، وما حدث هذا يوما، بأن الطائفية (ماتت) في المجتمع البحريني، بل هي تعيش… نعم تعيش وتترعرع ولكن كما أسلفت، فإن العامة من أهل البحرين، من البسطاء الصادقين، هم المناعة الحقيقية ضد هذه الجرثومة، وإلا فأيهما الأفضل، سائق تاكسي طيّب القلب نقي السريرة صادق في تعامله مع جاره السنّي ويحفظه في نفسه، والوكيل (السنّي) في الجيش… الخلوق الذي يرعى أهل جاره الشيعي الذي يسافر دائما لكسب لقمة عيشه… أقول أيهما أفضل، هذان النموذجان، أم نائب أو… أو وزير أو خطيب، أو صاحب سماحة أو صاحب فضيلة أو من يعتبر نفسه وليا من أولياء الله الصالحين، لا هَمَّ لهم إلا العيش في دوامة الطائفية في كل تحركاتهم، مبعوثين في ذلك على اعتماد مقولات تحريضية والترويج لها.

إذا تحركت تلك الطائفة لتبحث في قضية حاضرها ومستقبلها فإن الأمر (جلل)، وإذا تحركت تلك الطائفة لفعل الشيء ذاته فإن الأمر (خطير)…

زين يعني ويش الحل في هالبلد؟

عندي الحل… حقوق المواطن، كل مواطن، يجب أن تكون محفوظة والسلام.

سعيد محمد سعيد

إنجازات التيار الوسطي

 

هناك دلالة كبيرة مهمة في الحفل الذي أقيم مساء يوم أمس الأول الجمعة برعاية جلالة الملك، وهو حفل جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي الذي ناب فيه رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة جلالة الملك للإحتفاء بالمكرمين.
الدلالة هي أن مثيري الفتنة وأصوات النشاز الذي يشعلون العداوة بين المسلمين بخطاباتهم الطائفية والتحريضية المجرمة، ليس لهم مكان من (الإحتفاء)! بل الدلالة الأوضح والأهم أنهم (مرفوضون) حتى وأن حشدوا لهم من الأتباع من يصفق لهم في المنتديات الإلكترونية، أو يجمل صورهم في الصحافة، أو يكتب فيهم القصائد والأناشيد.
الفائزون هذا العام استحقوا الفوز بجدارة، حتى وإن اختلفنا معهم في بعض الجزئيات، أو (اصطدنا) عليهم كبوة هنا أو هناك، لكن الغالبية العظمى من متابعيهم يدركون أنهم يقومون بعمل كريم لا تتصدر رأسه «الفتنة والعداوة والأحقاد الطائفية»، وهم: الداعية الشيخ أحمد القطان، و الشيخ ابو زيد الإدريسي، والشيخ نظام يعقوبي، والمفكر الإسلامي عصام البشير، والإعلامي أحمد الشقيري ثم المنشد سمير البشيري.
وكانت كلمة نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح عبدالعزيز جلال المير، التي تتعاون مع منظمة «فور شباب العالمية» و»رابطة الفن الإسلامي العالمية» في الإحتفاء بالمكرمين.. كانت كلمة واقعية أشادت بالإنجازات الحضارية لتيار «الوسطية» واثبات بطلان الدعايات بالتطرف ومعاداة الإنسانية التي تنسب الى الدين الإسلامي، والتركيز على جهود الدعاة الذين يحافظون على قيم المجتمع الأصيلة، في الوقت الذين يعانون فيه من الإهمال والتهميش وحملات التشكيك.
هذه اللفتة، تؤكد أن الكثير من العلماء والباحثين والمثقفين الإسلاميين المعتدلين، مهما تعرضوا للتهميش والتشكيك، فلن يكون، في مقابلهم، مجموعة من (الطائفيين والهمجيين) الذين يريدون لأبناء الأمة أن يعيشوا في خلافات كتب التاريخ والنبش فيها، ويظهرون للناس بوجوه عابسة… مكفهرة… متعطشة للدماء والعداوات والتناحر.
لا مراء من الإعتراف، بأن الكثير من أصحاب الوجوه المكفهرة الذين يشوهون كل يوم صورة الدين الإسلامي خلف ستار الدفاع عنه وعن تراث الأمة، ويفرحون بإثارة الفتن الطائفية، لا مراء من أن الكثير منهم يحصلون على دعم دول وجماعات وأصحاب نفوذ، وتصرف بين أيديهم ومن خلفهم الأموال الطائلة… لكن، لا يمكن لأبناء الأمة أن يحتفوا بهم أبداً… وهل يمكن الإحتفاء بالمتعطشين للدماء دائماً؟
نتمنى أن تشهد نسخة الجائزة في العام المقبل، نماذج نسائية، ومنهن كثيرات فاضلات أفضل من (أبو القتال الوحشي)، أو (أبو المنتصر الدموي)، أو (أمير دولة الخلافة الإرهابية).