سعيد محمد سعيد

الإرهاب… واضطراب الهوية

 

من أعتى العواصف التي تعصف بالمجتمع الخليجي خصوصا والإسلامي عموما وأشدها تهديدا لاستقراره، هي تلك التي تهب بشدة، ومن دون سابق إنذار، ولربما في فترات حرجة تتطلب عقولا واعية وخطابات معتدلة، وهي عواصف يثيرها – مع شديد الأسف – ثلة من الأسماء اللامعة في الساحة الدينية من علماء وخطباء ودعاة، أوجدوا لأنفسهم مساحة للظهور المدمر، في ظل غياب علماء وخطباء يمثلون التيار الإسلامي المعتدل.

هذا الظهور العاصف والمباغت، أيا كانت مبرراته، يفتقد لحس المسئولية الشرعية والوطنية في الحفاظ على استقرار المجتمع الإسلامي، والعمل على علاج قضاياه، مهما تعقدت وتشابكت وتصادمت وخصوصا على مستوى الخلاف المذهبي، بل ويترك تبعات خطيرة تسهم في تأجيج الصراع، فتلك النوعية من الخطباء والدعاة من مثيري الفتن ومشعلي الأحقاد قد يحصلون على مكاسب وأعطيات السلطة، لكن أيديهم، بالمقابل، تتلطخ بآثام ما تخلفه خطاباتهم من نتائج تدفع إلى التقاتل والإرهاب واضطراب الهوية.

طبعا، ما يؤسف له، أن تلقى تلك الخطابات الهوجاء انتشارها السريع في المجتمعات الإسلامية، وتقسمها إلى مؤيد مستعد لدفع حياته من أجل الثبات على تأييده، ومعارض مستعد هو الآخر لدفع حياته من أجل الثبات على معارضته، ولا نجد من الخطابات المعتدلة إلا مثل همل النعم، أو ما لا يمكن أن يلقى الصدى الإيجابي المؤثر بصورة حسنة في إزالة الأفكار المتشددة.

هذه واحدة من المخاطر المدمرة للمجتمع الخليجي والإسلامي، وهي للأسف، تلقى الرضا والقبول من جانب الكثير من الحكومات مع علمها ويقينها بالتبعات الخطرة التي لن تتمكن من مواجهتها مستقبلا بعد تفاقمها! ولعلني أؤيد الطرح الذي يقدمه البروفسور والاستشاري في الطب النفسي طارق علي الحبيب الذي يرى أن هناك خطرين داهمين يهددان المجتمع الإسلامي هما: الإرهاب، واضطراب الهوية، وخصوصا بالنسبة للمجتمع الخليجي.

وتضاعف الخطابات التحريضية والفتنوية التي تصدر من دعاة وعلماء في تحطيم معاني الاعتدال والتعامل الحسن، بين الأضداد في المجتمع، وهذا الخطر لن ينحصر في الصراع بين أتباع المذاهب، فالحكومات عليها مسئولية مواجهة هذا النوع من الخطاب المدمر بدلا من تشجيعه والسكوت عليه وفقا لغايات تفرضها التحولات في المنطقة وصور الاضطراب الأمني والمواجهة العسكرية في أكثر من بؤرة.

يتوجب على أولئك الذين انحرفوا عن مسئوليتهم الدينية والوطنية والإنسانية كدعاة، حتى وإن ارتدوا لباسا عسكريا وتوجهوا إلى الجبهة لكسب صورة إعلامية، أن يدركوا بأن خطابهم هذا سينقلب عليهم! ويتوجب على كل فرد منا أن ينظر إلى مسئوليته الشخصية، لا إلى قبول الخطاب التحريضي وفقا لانتمائه المذهبي ويتحول إلى عبوة ناسفة ليست من الإسلام في شيء.

سعيد محمد سعيد

ما رأيكم لو نسينا الماضي؟

 

لم يتأخر عن الاعتراف بالكثير من الأخطاء والحماقات التي ارتكبها، لكنه كان سعيدا في الوقت ذاته، حيث شعر براحة كبيرة تملأ صدره وهو يتكلم بهدوء تارة، وبحماس تارة أخرى، وبعصبية مفتعلة تارات أخرى مع زوجته في جلسة قصيرة في اليوم الأول من العام الجديد.

قال لها :»يا زوجتي العزيزة، ها نحن نعيش اليوم الأول من عام جديد، وكم هو جميل أن نتصارح ونتحدث ونظهر ما تجيش به صدورنا… ترى، كم من البشر اليوم يصلون ركعتين حمدا وشكرا لله على نعمته الكبيرة بأن أطال أعمارهم ليعيشوا عاما جديدا؟ لا شك أنهم قلة، لنكن منهم؟ ترى، كم من الأزواج والزوجات جلسوا في لقاء صريح ليعيدوا حساباتهم وينظروا فيما مضى من الأعوام؟ يعترفون بالأخطاء ويعتذرون ويقررون بدء صفحة جديدة؟ لنكن منهم يا عزيزتي؟».

قالت وهي تحاول إخفاء دمعة ترقرقت في عينيها :»هو عام جديد دون شك… وكل يوم يمر على الإنسان وهو في خير وعافية هو عيد وحياة جديدة…اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك… اللهم لك الحمد… كم هي الآلام والأوجاع التي مررنا بها معا… كم تخاصمنا وتزاعلنا ثم عدنا تجمعنا الابتسامة ويظللنا بيتنا الصغير الجميل… ودفء أطفالنا… أنا أيضا يا عزيزي أريده عاما جديدا مليئا بالهدوء والسكينة، لكن، ما كل ما يتمنى المرء يدركه».

قال وقد بانت دلائل التفاؤل على وجهه وفي نبرات صوته :»البيوت أسرار… هكذا هي الحياة… لكن، اذا كان الكثير من الأزواج يعيشون المشاكل تلو الأخرى، وتتحول حياتهم الى جحيم لا يطاق، وتضطرب علاقاتهم ويتأثر حال الأسرة، ويحزن الأطفال الصغار ويصابون بمشاكل نفسية، وفي الوقت ذاته لا يريدون أن يجلسوا ويتفاهموا لوضع حد لذلك الاضطراب المؤذي، فلا يجب أن نكون مثلهم… في مقدورنا أن نفتح صفحة جديدة… لن تكون كل أيام العام حلوة بمذاق العسل، ولكننا سنعيش الأيام الحلوة، وسنصبر على الأيام المرة… لكنني لا أريد أن أغادر المنزل في الصباح مهموما كئيبا، وأكره العودة اليه ظهرا، ولا أرغب في أن أراك متضايقة وزعلانة، ولا اقوى على قراءة الشقاء والألم في وجوه أطفالي… لعنة الله على الشيطان… صدقيني، ما دمنا نتعوذ من الشيطان دائما ونتبعه دائما فلا فائدة… لنتعلم أن نتعوذ منه بقوة، ونصده بقوة حتى لا يعيث الفساد في بيتنا… هذه طليعة أيام العام الجديد، فما رأيك لو نسينا الماضي؟».

ابتسمت وقالت :» كل الصواب ما قلت يا زوجي العزيز… فلنبدأ صفحة جديدة في عام جديد، نكتب مع أطفالنا فيها حروف البسملة، وننسى أوجاع الماضي وخلافات الأيام الغابرة، ونعيش… نعيش»

سعيد محمد سعيد

مأجورين

 

عام بعد عام، تثبت مملكة البحرين أنها الدولة الخليجية والعربية والإسلامية الوحيدة التي تتصدر قائمة الدول في اهتمامها بإحياء ذكرى عاشوراء الحسين (ع) من دون توقف منذ مئات السنين، وهذا التواصل الكريم في إحياء الذكرى المجيدة يمثل أصدق صورة لوحدة المجتمع البحريني الذي لم تتمكن حوادث تاريخية متفرقة وقعت هنا وهناك من تغييب هذه الذكرى عن الوجدان، أو عن ارتباطها الوثيق بأصالة المجتمع البحريني بكل طوائفه.

ووفقا لما نشرته “الوسط” يوم الأحد الماضي الذي صادف العاشر من المحرم، في صفحة القرية، فإن قرى البحرين عرفت المجالس الحسينية منذ قرون مضت، ويذكر الكثير من الخطباء والمؤرخين أن أهل البحرين سنة وشيعة، كانوا يمتازون بحب أهل البيت (ع)، والاشتراك في إحياء مراسم الذكرى، وكانت المجالس الحسينية قديما تقام في البيوت أو المساجد أو العرشان والغرف الخشبية، ثم تطور الوضع ليتأسس المأتم بإشراف الأوقاف، وتشير بعض المصادر الى أن أول حسينية تأسست في البحرين كانت في العام 104 هجرية لبني تميم أو زيد مناة، وآراء أخرى ذهبت الى أن جماعة يرجع نسبهم الى عبدالقيس هم من أسس أول حسينية.

موسم عاشوراء هذا العام كان متميزا بدرجة تصاعدية أعلى من السنوات السابقة، وهذا ما سيكون عليه الحال في السنوات المقبلة بعون الله، فكل الأجهزة الحكومية الخدمية، وهي تستحق كل الشكر والثناء، عملت على قدم وساق لتوفير كافة التسهيلات والمتطلبات التي أسهمت في نجاح الموسم بهدوء وبمشاركة ضخمة من المعزين، في حين لم يقتصر النشاط العاشورائي على الحسينيات والمواكب العزائية، ليتطور النشاط الثقافي من مشروعات كبيرة كمشروع (عاشوراء البحرين) بجمعية التوعية الإسلامية تحت شعار “نحو أخلاق الحسين”، ومهرجانات عاشوراء التي شهدتها مختلف القرى، ومشاركة الجمعيات واللجان كجمعية المرسم الحسيني والتصوير الضوئي ومهرجان عاشوراء الفني للفنان عباس الموسوي وغيرها الكثير مما لا يعد ولا يحصى بدءا بحملات التبرع بالدم والأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية انتهاء عند جمع المساعدات المالية للأسر المحتاجة.

في البحرين، تمثل ذكرى عاشوراء موسما دينيا وطنيا فريدا من نوعه، حتى لو تسابقت دول أخرى في إحياء ذكرى سيد الشهداء في نهضته الإسلامية الإنسانية العظيمة المخلدة، فسيبقى قصب السبق للبحرين، حكومة وشعبا، في تقديم نموذج رائع لتلاقي الجهود الحكومية والأهلية، وهو موسم تحرص القيادة الرشيدة على أن يحظى بكل دعم ممكن على كافة الأصعدة.

نسأل الله أن يعيد هذه الذكرى على بلادنا الغالية وعلى الأمة الإسلامية جمعاء في خير ونماء وتقدم وأمن وأمان، ونقول للجميع: مأجورين، بارك الله فيكم.

سعيد محمد سعيد

إنهم أصحاب الحسين «ع»

 

في كربلاء، منظومة من القيم الدينية والإنسانية والفكرية والخيرية، ما يجعل الإنسان ينحني إجلالا وتقديسا لها، ولو ترسخت في نفوس بني الإسلام، وجعلوها منهجا في الحياة، لأصابوا الخير الكثير، فهي منظومة جاء بها رسول الأمة محمد (ص) الذي قال عنه تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم» (القلم: 4).

ولو أردنا أن ننهل من منبع كربلاء الخالدة، في العلاقة بين سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) وأصحابه، لوجدنا كيف يتمثل الخلق النبوي العظيم في حفيد الحبيب المصطفى، ولهذا، جاء في كتاب «إبصار العين في أنصار الحسين» للمؤلف محمد السماوي، و «حياة الإمام الحسين» لباقر شريف القرشي، و «القيم الأخلاقية في النهضة الحسينية» لمحمد العذاري، محور مشترك بينهم جميعا، وهو محور العلاقة بين القائد والأتباع.

ففي كل نهضة، كما يقول العذاري، هنالك قيادة وطليعة وقاعدة ترتبط بروابط مشتركة من أهداف وبرامج ومواقف، والقيادة دائما هي القدوة التي تعكس أخلاقها على أتباعها. وفي النهضة الحسينية تجسدت الأخلاق الفاضلة في العلاقات والروابط حيث الإخاء والمحبة والتعاون والود والاحترام بين القائد وأتباعه وبين الأتباع أنفسهم، فالأتباع ارتبطوا بالقيم والمثل ثم ارتبطوا بالقائد الذي جسدها في فكره وعاطفته وسلوكه، فالأتباع يتلقون الأوامر بقبول ورضى وطمأنينة.

ومن هذه القيم كان الإمام الحسين يخاطب حامل لوائه وهو أخوه: «يا عباس اركب بنفسي أنت»، ويخاطب أتباعه قائلا: «قوموا يا كرام»، ويخاطبهم أيضا: «صبرا بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة»، ونتيجة لهذا الترابط الروحي بين القائد والأتباع، رفض الأتباع أن يتركوا الإمام الحسين لوحده بعد أن سمح لهم بالتفرق عنه، فهذا مسلم بن عوسجة يخاطب الإمام (عليه السلام) قائلا: «أما والله لو علمت أني اقتل ثم أحيا ثم احرق ثم أحيا ثم أذر يفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك»، وبعد الشهادة كان الإمام (ع) يقف على جسد جون وهو عبد أسود ويدعو له: «اللهم بيَّض وجهه وطيب ريحه»، ويعتنق واضح التركي وهو يجود بنفسه واضعا خده على خده.

لقد أنكر أتباع الإمام الحسين «ع» ذواتهم وذابوا في القيادة التي جسدت المنهج الإلهي في واقعها المعايش، فلم يُبقوا لذواتهم أي شيء سوى الفوز بالسعادة الأبدية، فكان الإيثار والتفاني من أهم الخصائص التي اختصوا بها، وتنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.

وقبل المعركة وصل بُرير رضوان الله عليه ومعه جماعة إلى النهر، فقال لهم حماته ـ بعد أن عجزوا عن قتالهم: «اشربوا هنيئا مريئا بشرط ألا يحمل أحد منكم قطرة من الماء للحسين، فكان جوابهم: «ويلكم نشرب الماء هنيئا والحسين وبنات رسول الله يموتون عطشا، لا كان ذلك أبدا».

وفي شدة العطش رفض العباس «ع» شرب الماء قبل الإمام الحسين «ع»، وارتجز يقول:

يا نفس من بعد الحسيـن هوني

وبعده لا كنت أن تكوني

هذا حسين وارد المنون

وتشربين بارد المعين

إنهم أصحاب الحسين (ع)، نفوس أبية أرادت أن تلقى الله ونبيه (ص) بعنوان الشهادة في سبيل الله

سعيد محمد سعيد

عاشوراء الذكرى… شيء من الكلام الصريح

 

تناولت في هذه الزاوية، يوم الأحد الماضي، وتحت عنوان :(عاشوراء الذكرى و«محركات الفتنة») ما تيسر من الحديث عن الممارسات الفتنوية من قبل بعض ضعاف النفوس الذين يستغلون هذا الموسم الديني العظيم لإثارة النعرات الطائفية بين أبناء المجتمع عبر صور مختلفة من العداء والتحريض والتأجيج وعناوين التكفير والشرك والضلال.

ولم يجف حبر ما كتبت، إن جاز لي التعبير، حتى برزت (فتنة) قادمة من إحدى الدول الخليجية الشقيقة من خلال عبارة عرضها 12 مترا نصبت في مواقع بشوارع رئيسية مكتوب عليها: «عاشوراء يوم فرح وسرور»، ولكن كما قلت، فإن المجتمع البحريني – بسنته وشيعته – كان ولا يزال حائط الصد القوي ضد تلك الأشكال السيئة من الممارسات البغيضة التي لا تنوي الا الشر مهما ظن أصحابها بأنهم (من كبار المدافعين عن الدين وثوابته). وتبدو الصورة واضحة، ليس في مجتمعنا فحسب، بل حتى في تلك الدولة الخليجية الشقيقة التي أثارت عبارة (عاشوراء يوم فرح وسرور)فيها ما أثارت من لغط ورفض وردود فعل غاضبة على مثل هذه التصرفات الهمجية المريضة، فصدر قرار بإزالة اللافتات وحذرت الحكومة من يقف وراء تلك اللافتات من مغبة إثارة الفتنة في هذا الموسم، بل وسمحت للبلدية بأن تبقي المخيمات الكبيرة التي أقيمت في مناطق متعددة لإحياء مراسم عاشوراء حتى يوم الثالث عشر من المحرم، في رسالة واضحة لأولئك المرضى بأن الحكومة لا تسمح بأفعالهم الدنيئة، ولا تتهاون مع أي طرف يريد أن يصبّ جام غضبه وأحقاده على المجتمع ككل حتى لو ادّعى أنه يدافع عن الإسلام ويتصدى للشرك والطقوس الدخيلة، وأن تلك الأفكار والأفعال ليست سوى أفعال شيطانية في حقيقتها، ولا يمكن أن يكون مصيرها إلا الخزي والعار.

وكما قلت أيضا، أن الموسم سيشهد دون ريب محاولات وأصوات منكرة تحت عنوان «الفتنة» سيكون مآلها السقوط حتما، ولعل هذا ما بدا من خلال إثارة قصة تحويل منزلين في البسيتين إلى مأتمين غير مرخصين! تبعتها دعوات لشنّ الحرب التي أفسح لها أحد المنتديات المعروفة بتأجيج الخلافات مساحة لا بأس بها!

بغض النظر عن كل ما تقدم، فنحن بخير ولله الحمد في مملكة البحرين، ولا يمكن أن ننكر جهود الدولة في تقديم التسهيلات على اختلافها لإنجاح الموسم، ومشاركة كبار التجار والمؤسسات في دعم المآتم والمواكب، لكن لابد من اليسير من الكلام الصريح حول ظواهر مستمرة منذ سنين، تتطلب شفافية وصراحة في الطرح لكي تتم معالجتها دون الاكتفاء بنفيها على رغم وجودها. من تلك المظاهر، بروز خلافات حول إدارة المأتم أو مسار موكب العزاء يثيرها بعض الأفراد دون إدراك بتبعاتها ونتائجها المضرة، ومنها أيضا رفع اللافتات القماشية التي تحمل عبارات أو مقولات لم يدقق كاتبها فيها جيدا وفيها الكثير من الأخطاء، وبعضها أصلا يثير الفتنة بين أتباع المراجع على اختلافهم! ولا يمكن أن نغفل انتشار المعاكسات والتبرج المتعمد والاستعراضات الكريهة في مواكب العزاء ولا سيما في ليالي الإحياء بالعاصمة المنامة، وتعمد الكثير من الناس لرمي المخلفات وتلويث مسارات المواكب وسد الطرقات بالوقوف الخاطئ. ولا شك في أن الكثير من الخطباء لا يقصرون في القيام بواجبهم الإرشادي في هذا الموسم، لكن ذلك يتطلب تكثيفا وطرحا معتدلا مؤثرا بإيجابية، ويلزم أولياء الأمور بأن يوجهوا الأولاد والبنات لاحترام الذكرى، بل ويتوجب عليهم مراقبة ملابسهم، خصوصا بالنسبة للفتيات اللواتي لا يعرفن من الذكرى إلا (استعراض أزياء). التغيير لن يتم بالسرعة التي نتوقعها، لكن لا بأس من أن يحمل الجميع مسئولية الحفاظ على هذه الذكرى ونشر مبادئها الإسلامية السامية التي ضحى من أجلها سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي «عليهما السلام» وأصحابه وأهل بيته، حفاظا على قيم الدين والإنسانية والخير والعلم والرقي.

سعيد محمد سعيد

عاشوراء الذكرى… ومحركات «الفتنة»

 

على مدى ثلاثة عقود من الزمن تقريبا، وتحديدا، منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي وحتى اليوم، أصبح موسم عاشوراء عند بعض ضعاف النفوس بمثابة بيئة خصبة لبث سموم الفتنة، تتبادلها أو ربما تتناوب عليها وتشارك فيها أطراف مختلفة، وهذا لا يعني أن العقود التي سبقت عقد الثمانينيات لم تشهد من محركات الفتنة ما كان هدفه إثارة البغضاء والتناحر بين الناس في المجتمع، لكن الجذوة أصبحت أكثر شدة منذ عقد الثمانينيات… أي بُعيد انتصار الثورة في إيران مباشرة.

منذ عقد الثمانينيات، حتى الآن، برزت صور من الصدام والتناحر الطائفي في البحرين والخليج، فمن توزيع المنشورات الدموية الى تسجيل وتوزيع الأشرطة التكفيرية إلى تخصيص مواقع إلكترونية تنشط في استحضار الخلافات التاريخية وتقديمها كمسرح للشقاق والعداوة مبنية على إحياء مراسم عاشوراء التي توصف بـ (الشركية) حينا وبمخالفة الدين حينا آخر، والداعية الى تشجيع شتم الصحابة وأمهات المؤمنين (رض) وتحريض أبناء المجتمع ضد بعضهم البعض أحيانا أخرى.

وعلى رغم تلك الممارسات السيئة، إلا أن المجتمع البحريني، بسنته وشيعته، كان مدركا تمام الإدراك بأن هناك من يستغل موسم إحياء عاشوراء، وهو موسم أصله تبيان نهضة الإمام الحسين (ع) وأهدافها ومبادئها المرتبطة بالإصلاح والدفاع عن الدين ونشر قيم الإنسانية والمساواة والعدالة والإخاء ورفض الظلم والجور… أقول هناك من يستغل الذكرى لتأجيج الخلافات بين أبناء المجتمع. وللأمانة، ليس هذا مقتصرا على ناشري المطبوعات والتسجيلات السرية وحملة شعار التكفير، بل تسري أيضا على ممارسات شاذة عن المنبر الحسيني وعن قدسية الموكب الحسيني، والتي فيها أشكال من الممارسة الدخيلة التي تصدى لها الكثير من علماء الشيعة.

على سبيل المثال، برزت دعوة من بعض الأطراف، في البحرين والكويت تحديدا في موسمي محرم الماضيين، لمراقبة المآتم والحسينيات وتقديم من يثبت عليه الجرم من الخطباء بشتمه الصحابة وأمهات المؤمنين (رض) والتحريض ضد الأنظمة، أو من يعلق اللافتات وقطع السواد القماشية التي تحوي عبارات الفتنة، وتقديمه للمساءلة القانونية، لكن لم يتم، حسب علمي على الأقل، تقديم ولا متهم واحد! وهذا يعني أن المجتمع البحريني، في موسم عاشوراء وفي غيره من المواسم، لا يقبل بأي دعوات فتنة مهما قويت واشتدت.

ولهذا، فإن هذا الموسم أيضا، لن يمنح فرصة لمحركات الفتنة أيا كان انتماؤها! وإن حدث وبرز بعضها، فلن ينجح قطعا، وهذه مسئولية القائمين على المآتم والمشاركين في مواكب العزاء وخطباء المنبر الحسيني لأن يستثمروا هذه المناسبة في بناء الشخصية الإسلامية والوطنية، والتركيز على قضايا المجتمع بمعالجة مقتدرة، وعدم الالتفات لمن يثير النعرات الطائفية… تماما كما حدث في السنوات الماضية.

وزارة العدل والشئون الإسلامية، والتي كررت على لسان وزيرها الشيخ خالد بن علي آل خليفة تقديم المزيد من التسهيلات لهذه الذكرى الجليلة، تسعى لاستثمار المناسبة في تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية أواصر الألفة والمودة بين أطياف المجتمع البحريني الذي يتمتع بتجذر وعمق الروابط الاجتماعية المتأصلة بين جميع أبنائه من جميع الطوائف، والعمل على جعل هذه المناسبة ركيزة متجددة لإبراز النسيج المتلاحم للمجتمع البحريني الذي ينعم بالحرية والتعددية ويشهد المزيد من التقدم والازدهار والرخاء بتعاون وتكاتف أبنائه تحت راية الوطن الواحد وفي ظل القيادة الحكيمة.

ولا يجب أن نغفل الدور الذي تلعبه هيئة المواكب الحسينية في التنسيق والتعاون مع مختلف وزارات وأجهزة الدولة ومؤسساتها لتقديم الخدمات المعهودة في هذا الموسم، وهي جهود لا ينكرها إلا جاحد، فما ننعم به من تسهيلات في هذا الموسم المبارك أكبر بكثير من أحقاد محركات الفتنة بين المواطنين

سعيد محمد سعيد

بائعة المناديل

 

إذا شاهد القراء الكرم مقطعا إعلانيا قصيرا اسمه (بائعة المناديل)، وهو بالمناسبة ينتقل عبر البريد الإلكتروني هذه الأيام، فلا شك وأنه سيعبر عن إعجابه بالفكرة التي تهدف إلى نشر الابتسامة والتسامح بين الناس.

ولعل أحد الزملاء الأعزاء، وهو الأخ الكريم واصل عزيز، مشرف موقع (منتدى الإحساس)، هو أول من شرح قصة فتاة صغيرة تبيع المناديل، مرت على سيدة تبكي… وقفت الفتاة تتأملها لحظة ثم رفعت السيدة رأسها والدموع تغرق وجهها، فقدمت لها الطفلة منديلا وهي تبتسم بصدق ثم انصرفت دون أن تتسلم ثمن العلبة ملوحة للسيدة التي أرسلت رسالة نصية إلى زوجها الجالس حزينا في أحد المطاعم كتبت فيها: «آسفة… حقك علي»، قرأها وابتسم واعطى الجرسون 50 جنيها مع أن حساب الفاتورة 5 جنيهات! فرحا بهذا الرزق الذي لم يكن ينتظره.

يخرج العامل من المطعم ويقدم جنيها من الخمسين لسيدة عجوز تفترش ناصية الشارع تبيع الحلوى فيشرق وجه السيدة فتلم بضاعتها المتواضعة وتذهب إلى الجزار لشراء قطعة من اللحم وتذهب إلى بيتها لإعداد العشاء في انتظار حفيدتها التي هي كل ما لديها في هذه الدنيا… جهزت الطعام وهي تتبسم، وفي هذه الأثناء تدخل الطفلة بائعة المناديل وعلى وجهها ابتسامة رائعة تنير وجهها الطفولي الجميل لتتناول العشاء مع جدتها، ولننظر إلى الربط من بداية القصة إلى نهايتها، لندرك حديث نبينا محمد «ص»: «تبسمك في وجه أخيك صدقة».

تأملت شخصيا هذه الصورة، القادمة من مجتمع غربي أصبحت الكثير من مؤسساته تدرك أهمية نشر التسامح والمحبة، وربطتها مع عمل رائع نراه قليلا في الإعلام العربي لكن لا بأس به، وفي الوقت ذاته، تأملت بضع حوادث مؤلمة، كحادثة اعتداء مواطن جنسيا على ابنة شقيقة زوجته البالغة من العمر 8 سنوات بهتك عرضها، وحادثة الاعتداء على طفل في دولة الإمارات من قبل وافد أجنبي اعتدى عليه في دورة مياه أحد المساجد صبيحة عيد الأضحى المبارك وكتم أنفاسه ليمنع صراخه ثم ليترك جثة هامدة، واستحضرت حادثة طفل «حائل» الذي اعتدى عليه وحش بشري ثم قتله ورماه في الصحراء ليلقى ذلك الوحش – قبل أيام – جزاءه بالإعدام بعد ضبطه وهو يحاول الاعتداء على ضحيته… الرابعة! واستحضرت الكثير الكثير من الدعوات العدائية والتحريضية في المجتمعات الإسلامية التي لا ينفك مروجوها من بثها ليل نهار، وعندنا في المجتمع البحريني منها الكثير (الفاشل)والخسيس.

كم بيننا من يقدر على الإتيان بالعمل الذي قامت به بائعة المناديل؟ الكثير قطعا، مع القليل من الأشرار الذين يرفضون التبسم في وجوه الناس، حتى أن بعضهم يرى أن من هندام المؤمن المتقي، أن يكون متجهما صلفا محمر العينين حتى في وجوه أهله… لكن كم منا من بكى وهو يسمع ويقرأ عن الوحوش التي تترعرع بيننا؟

سعيد محمد سعيد

حقيقتان عن… الفساد!

 

قد لا أتفق تماما مع المدون البحريني الصديق خالد قمبر فيما كتبه في مدونته تحت عنوان: «مازال الفساد… منتشرا بين العباد»، خصوصا في قوله إن قضايا الفساد الإداري والمالي أصبحت اليوم من الأعراف، ومن السمات في مجتمعنا الصغير، لكنني، وهو – أي قمبر – والكثيرين غيرنا، لا نستطيع أن نغمض أعيننا أو نكذب ملفات الفساد الحقيقية التي لم تعد خافية، ولا نستطيع أن ننكر وجود قضايا فساد نظرتها وتنظرها المحاكم، لكن من المؤلم أن نعتبرها أعرافا وسمات.

شعار اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي يصادف يوم التاسع من ديسمبر/ كانون الأول هو: «لا تتركوا الفساد يقتل التنمية»، وقد لفتت نظري عبارة وردت في كلمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حين قال: «الفساد ليس نوعا من القوة الهائلة المجردة. بل إنه يحدث نتيجة لقرارات شخصية، يدفعها الجشع في معظم الأحيان»، لكنني، ووفقا لفهمي المتواضع، أجد حقيقتين ساطعتين، الأولى هي أن الفساد، في الدول النامية وفي مقدمتها الدول العربية، هو الفيروس الأخطر الذي يفتك بالتنمية ويدمر العدالة الاجتماعية ويؤدي إلى اضطراب المجتمعات، أما الحقيقة الثانية، وهي الأوجع، هي أن معظم الحكومات تدري وتعلم وتندد وتهدد بأن تضرب بيد من حديد على أيدي المفسدين، لكنها في النهاية، تتستر عليهم وربما كافأتهم نظير أعمالهم الوطنية الجبارة!

قد أكون مخطئا في استنباط تلك النتيجة، لكن وفقا للتقرير الدولي للفساد 2009 الصادر عن منظمة الشفافية العالمية واستطلاعه الذي شارك فيه 73 ألف شخص من 69 دولة، أجاب 93 في المئة منهم أن أسباب الفساد في القطاعات والخدمات الحكومية هو غياب العقوبات، فيما رأى 84 في المئة أن السبب هو الرغبة في الحصول على الثروة الشخصية، وأشار 78 في المئة من العينة إلى أن السبب هو سوء استغلال السلطة، ورأى 66 في المئة أن السبب هو عدم وجود معايير واضحة للسلوك، واعتبر 75 في المئة أن السبب هو ضغوط من المديرين أو أشخاص في مراكز عليا، أما ما نسبته 81 في المئة من العينة فقد أشارت إلى أن السبب هو انعدام الشفافية.

هي خطوة مهمة تلك التي أعلنها معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة عن استحداث شعبة في الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية مهمتها مكافحة الفساد باتباع الوسائل القانونية في الكشف والمتابعة، وتقديم المتورطين في حالات الفساد إلى العدالة والإعلان عن تخصيص خط ساخن لتلقي الشكاوى والملاحظات المتعلقة بحالات الفساد لمتابعتها والتأكد من حدوثها واتخاذ الإجراءات المناسبة بصددها.

سيواصل المفسدون (فسادهم)غير آبهين بالقوانين، وسيتستر عليهم آخرون! لكن عليهم أن يضعوا كلام الوزير نصب أعينهم من أن انتشار ظاهرة الفساد من شأنها خلق المزيد من الإرباكات في الخطط الوطنية للتطوير والتحديث، وزيادة معدلات التضخم والإضرار بمبادئ العدالة والنزاهة والشفافية فيما يخص استغلال الطاقات البشرية والإمكانات المادية.

سعيد محمد سعيد

مدينة عريقة…تتحدى الطائفية

 

أكثر من حادثة «طائفية» شهدتها مدينة المحرق، على مدى سنوات خلت، لكنها لم تتمكن من شق صفوف أهاليها، ولم تترك من الآثار السلبية، إلا ما علق في رؤوس مثيريها فقط!

ومع ذلك، لا يمكن الجزم بأن الممارسات الطائفية التي تهدف إلى اشعال نار فتنة وصراع بين أهالي المحرق ستنتهي بعد حين، إلا أنه يمكن الجزم بأنها ستفشل، فإذا كان هناك من ينوي الاستمرار في فعله الطائفي، فليختصر على نفسه العناء والشقاء والمرض النفسي، ولا بأس من أن يخزي الشيطان، ويعود الى صوابه، ذلك أن ما سيقوم به من عمل، سيكون مآله الفشل وبئس المصير.

وإذا كان الاحتفال بزواج 100 عريس من الطائفتين الكريمتين يوم الجمعة الماضي، يقدم نموذجا لمدينة عريقة تتحدى الطائفية، فإن ثمة أمر لا بد من الإشارة إليه باعتباره السبب الأقوى في تحصين المدينة من أوجاع الممارسات الطائفية، وهو أن أهالي المحرق، وخصوصا علماء الدين والشخصيات والمثقفين من الطائفتين الكريمتين، يدركون أنه من الواجب التصدي لأي بوادر فتنة كائن من يكون صاحب اليد المحرك لها.

لقد كان لرجال المحرق المخلصين، مواقف وطنية ثابتة في قراءة كل تحرك أو ممارسة تستهدف إثارة الفتنة في مدينة تعتبر النموذج الأول للتعايش بين الطائفتين في البلاد، ولا تزال اللقاءات مستمرة بين شخصيات ووجهاء وعلماء الدين في المحرق متواصلة، بل ويمكن القول، إن غالبية مجالس المحرق الشهيرة لأكبر وأعرق عوائلها، هي اليوم بمثابة حائط الصد لأي ممارسة أو فعل شرير ينوي بالمحرق وأهلها شرا، وقد سنحت لي الفرصة لحضور الكثير من اللقاءات في تلك المجالس، في ظروف عاصفة مرت بها المدينة كحادثة عراك الحالة، ومقتل المرحوم مهدي رمضان، وحادثة الكازينو، واثبت أهل المحرق أنهم لن يقبلوا بأي ممارسة خبيثة تقسمهم الى فرق ومذاهب وأحزاب، إيمانا بضرورة القيام بالمسئولية الوطنية والدينية للتصدي لكل من تسول له نفسه العبث بالتلاحم الاجتماعي والنسيج الذي يربطهم مع بعضهم البعض.

لقد عاشت المحرق ليلة من ليالي الفرح والسرور بحضور أهلها من الطائفتين، ولم تسمع في تلك الليلة، إلا أصوات الخير والمحبة، أما أصوات النشاز فكانت غائبة، وستغيب على الدوام، لكن لابد من التأكيد على أهمية أن (التربص المريض)لاستغلال بعض الحوادث وتأجيج المواقف بناء عليها، يتطلب قطع الأيدي التي لا تزال تنوي شرا، فاستهداف المحرق هو استهداف لنموذج وطني فذ، ولا تكفي حسن النوايا فقط للركون الى العافية.

ألف مبروك للعرسان وذويهم، وألف مبروك لأهالي المحرق جميعا على هذا العطاء البحريني الأصيل الذي تستمد منه البحرين كلها، عطاءها وكرمها

سعيد محمد سعيد

أنصاف معلمات!

 

تواجه شريحة من المعلمات اللواتي يطلقن على أنفسهن اسم «معلمات النصف»، وهن أولئك المعلمات اللواتي يعملن في مدرستين، ظروف عمل تتطلب نظرة من قبل المسئولين، لذلك، فهن يعلقن آمالا على أن تصل شكواهن إلى وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، وهن على ثقة أيضا، بأن الملاحظات التي يطرحنها ستلقى اهتماما من قبل الوزير.

أنصاف المعلمات، هن أولئك اللواتي لديهن نصاب قليل في المدرسة التي يعملن بها، ووفقا لنظام متبع، يتم نقلهن إلى مدرسة أخرى، في بعض الأيام، وهو وضع يشق عليهن كثيرا لعدة أسباب أهمها:

– تعدد المناهج، فنصف المعلمة، تضطر إلى التحضير ووضع امتحانات في كلا المدرستين.

– كثرة الأعباء والأعمال الملقاة على عاتقهن من كلا المدرستين.

– تعدد الأمزجة الإدارية لكلتا المدرستين، فكلاهما تعتبران المعلمة ملكا خاصا للمدرسة، يجوز التصرف فيها كيفما تشاء، ولا يجوز للمعلمة التذمر، ولا حتى قول (لا)!، والسبب كما ذكرت إحدى المعلمات، أن مديرة بإحدى المدارس قالت، وربما خانها التعبير، إن الوزارة (اشترت) المعلمة، وعليها أن تعمل ليل نهار!

– الكمية الكبيرة من الملفات والامتحانات التي تحملها المعلمة معها إلى المنزل لتصحيحها، ورصد درجاتها والتي تسبب الكثير من العبء الأسري والاجتماعي وكذلك النفسي.

– التكلفة المادية التي ترهق (نصف المعلمة)، إذ تصرف المبالغ لتوفير الأحبار والأوراق ولوازم أخرى كثيرة تضطر لتوفيرها لكسب الوقت نظرا لضيقه في كلتا المدرستين.

– معاملة بعض مديرات المدارس للمعلمة النصف التي تعمل بمعدل يومين لديها، وكأنها ترتكب مخالفة إدارية كبيرة لأنها لم تتواجد في الأيام الأخرى.

– الضغط النفسي الكبير على أنصاف المعلمات من قبل بعض المديرات، إذ تضغط بعضهن على هذه المعلمة وتحملها الكثير من المسئوليات.

وما لا شك فيه، فإن نظاما كهذا، لابد وأن يكون له تبعات متعددة وسلبيات، لكن، لابد من التأكيد على أن واجب المعلمة المقدس، سواء كانت معلمة (كاملة) أو (نصف معلمة)، يلزمها القيام بدورها الوطني في أداء دورها في تعليم أبنائنا وهذا ينطبق أيضا على المعلمين الذكور، ومع ذلك، فإنه من الأهمية بمكان أن ينظر المسئولون بالوزارة، إلى الملاحظات التي تطرحها (أنصاف المعلمات) والعمل على تصحيحها بغرض الاستفادة من جهد كل معلمة بحيث تتمكن من العطاء بشكل أفضل.

ويبدو أن قائمة معاناة المعلمين والمعلمات طويلة ومتشعبة وبعضها معقد، وكلما طال أمد بقاء تلك المعاناة، كلما تضرر الأداء في المدارس، ولعل المسئولين بوزارة التربية والتعليم أكثر اطلاعا منا على حقيقة الوضع، وكذلك، هم الأخبر بما سيتم اتخاذه من خطوات لتصحيح بعض الأوضاع الخاطئة، وسنكون سعداء بالاطلاع عليها.