سعيد محمد سعيد

«فضل» من الله… أنار «الأمة»ومضى!

 

لم أشهد، طيلة العقود الأربعة من حياتي على الأقل، تشييع جنازة عالم من علماء الأمة الإسلامية يجتمع فيها الأضداد، وتتوحد فيها كل الطوائف، وترسل فيها الوفود، وتنطلق التصريحات بالمناقب والحسرات في آن واحد، من الملوك والرؤساء والسياسيين من مختلف أصقاع العالم، ومن مذاهب ومدارس وتيارات ومشارب مختلفة، كما هو الحال مع تشييع جنازة آية الله السيد محمد حسين فضل الله، قدس الله سره الشريف… في دلالة على (عالمية) عالم مسلم قل نظيره… أنار (الأمة) الإسلامية ومضى.

ولم أشعر باشتراك الكثير من المواطنين… من الطائفتين الكريمتين في الحزن على عالم كبير، كما شعرت به حال ورود نبأ وفاة (السيد)، في دلالة على أن الراحل الكبير كان محبوباً بين الشريحة الأكبر من الناس لما عرف عنه من غزارة علم واجتهاد وجهاد وانفتاح واعتدال وعمل صادق لوحدة هذه الأمة والتصدي للأفكار الفتنوية التي تشق عصا الأمة، ذلك أن السواد الأعظم من أبناء الأمة، وخصوصاً من نخبة المثقفين والمعتدلين، وجدوا في شخصية السيد قدس سره الشريف، نموذجاً فريداً للعالم العامل الإنسان الكريم المحب لكل الناس، في زمن رفعت فيه بضع عمائم رديئة وزمرة من لحى طويلة مخزية سيوف الاحتراب والاقتتال والتناحر الطائفي البغيض، ليغتالوا الحياة الجميلة والحب الإنساني والصفاء النقي بين أبناء المسلمين، بأفكارهم الهدامة المجرمة.

هو (فضل من الله) أنار الأمة ومضى، تاركاً منهجاً أصيلاً وفكراً إسلامياً حراً نبيلاً متفتحاً معطاءً، لن تضيف إلى مسيرته أو تنقص منها، إن كتبت الصحف أو لم تكتب… نقلت الفضائيات نبأ وفاته أو تشييعه أو لم تنقل… ذلك الفقيد العظيم، قدم نموذجاً للعالم الإسلامي الرباني الذي لم ترهقه النوازل والافتراءات، ولم تضعف إرادته في البناء والوحدة والدفاع عن قضايا الأمة، ولم يغفل لحظة عن القيام بدوره الإنساني، فخلال ثلاثين عاماً، تمكن الراحل الكبير من تأسيس مشاريع تشهد بعظم عطائه… ويكفي أن نشير إلى أنه أسس 9 مبرات خيرية، و19 مؤسسة تعليمية، و4 معاهد مهنية، وداراً للعجزة ومؤسسة للمعوقين علاوة على مشاريع إنشاء المساجد والحسينيات.

حين توقف موكب التشييع قليلاً في محلة «الساندريلا»، أعادت تلك اللحظات إلى الأذهان محاولة الاغتيال الشهيرة التي تعرض لها الراحل الكبير في الثامن من شهر مارس/ آذار من العام 1985 في ذات المحلة بواسطة سيارة ملغومة أفضت إلى مقتل 85 شخصاً والعديد من الجرحى على أيدي الصهاينة وعملائهم، ليواصل بعدها مشواراً من العطاء النادر في حجم منارة لا يمكن أن تعوض.

رحل السيد فضل الله عن هذه الدنيا تاركاً كنزاً من الفتاوى والآراء والمقارنات التي اتسمت بالاعتدال والشفافية والروح الوطنية، فكان – حسب وصف شيخ الأزهر أحمد محمد الطيب – العالم الثقة، العامل بكتاب الله وسنة رسوله… الراسخ في حبه لآل البيت… المنزه عن التعصب لرأي أو مذهب… المدافع عن وحدة الأمة وعن ثوابتها… الذي جمع بين الصلابة في مواجهة الأعداء وبين السماحة والدعوة إلى التآخي بين الناس جميعاً على اختلاف أديانهم وأعراقهم.

سيدي يعز على المحب أن يرثي من يحب… تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته.

سعيد محمد سعيد

عشر دول إسلامية فاسدة

 

بكثير من الذهول والدهشة، تابعت حديث رجل الأعمال السعودي وأحد كبار المستثمرين العرب الشيخ صالح عبدالله كامل في حلقة يوم أمس الأول الجمعة من برنامج «نقطة تحول» الذي يقدمه الزميل سعود الدوسري على قناة (إم.بي.سي)، خصوصاً في الجزء المتعلق بعلاقته بزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.

لم يتفاجأ الشيخ صالح حينما سأله الدوسري عن علاقته بأسامة بن لادن، فقد أجاب بكل هدوء بأنه التقى به عدة مرات حينما كان مواطناً يعيش في السعودية، ولكن بعد أن تزعم تنظيماً إرهابياً فلم تعد تربطه به أي علاقة، واصفاً، أي الشيخ صالح، أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 بأنها أضرّت بالأمة الإسلامية وأعادتها إلى الوراء 100 عام، ولأنه، أي الشيخ صالح، يؤمن بالوسطية والاعتدال في الإسلام، فإنه يعلن بصراحة أن كل الأعمال الإرهابية المرفوضة التي يقوم بها تنظيم «القاعدة» ألحقت الضرر بالمسلمين وبالأمة الإسلامية.

ولم يخفِ أيضاً قوله واصفاً استثماراته في الدول العربية والإسلامية، وعلاقته برؤساء تلك الدول التي سهلت له الكثير من المشاريع، بأن أكبر (عشر) دول فاسدة في العالم هي دول إسلامية – دون أن يحددها – لكنه اكتفى بالإشارة الى أنها تعجّ بالفساد المالي والإداري، خصوصاً حينما وجه الدوسري له سؤالاً يتعلق برغبة بعض الرؤساء في مشاركته في مشروعاته، وأجاب صراحةً بأن هناك من الرؤساء من أبدى رغبته في الدخول كشريك معه.

حين تتحدث شخصية خليجية عربية من كبار الأثرياء في مكانة الشيخ صالح كامل عن الفساد في الدول العربية، فإن الكلام هنا ليس من قبيل الأكاذيب والافتراءات والإشاعات، وإذا كانت بعض الحكومات العربية والإسلامية التي قد دأبت على تكذيب تقارير منظمة الشفافية العالمية فيما يتعلق بالفساد الذي ينخر فيها، فليس من الصعب عليها تكذيب كلام شخصية في مستوى الشيخ صالح كامل الذي لمح إلى أن خسران الدول العربية (مليارات المليارات) في الأزمة العالمية الأخيرة كان نتيجة طبيعية للاستثمار غير المدروس في الخارج، والذي لم تحظَ الدول العربية والإسلامية بشيء منه في التنمية.

لقد تضمّن تقرير العام 2009 الذي وضعته «منظمة الشفافية العالمية» بشأن انتشار الفساد في دول العالم، بعد إجراء مسح حقوقي لـ 180 دولة انتقادات لبعض الدول العربية والإسلامية تمثلت في غياب الشفافية وعدم الاستقرار السياسي، وانتشار الرشوة والمحسوبية، ووجود خلل في المنظومة القانونية بها، وإذا كان الأثرياء الكبار من أمثال الشيخ كامل صالح يتحدث صراحةً عن الفساد المالي والإداري في بعض تلك الدول ويحذر منه، فلا عزاء للمنظمات والجمعيات والناشطين الذين يعملون ليل نهار لكشف الفساد أملاً في تحقيق بعض المكاسب على صعيد الحكم الرشيد… ويا ليل، ما أطولك

سعيد محمد سعيد

«الأذان»… شيء من الصراحة

 

لا يمكن أن يترك مكبر الصوت في المساجد والجوامع لمن أبدى رغبته في رفع الأذان لينال الثواب والبركة، وليس من حق القيّمين على دور العبادة أن يتنازلوا (لآخرين) حين يبدون رغبتهم في أن يرفعوا الأذان حتى لو كان أولئك الآخرين ليسوا متمكنين ولا بالحد الأدنى من القدرة على رفع الأذان… هذا إذا اعتبرنا أن الأذان يتطلب بالفعل ممارسة وتدريباً، وأن المؤذن الجيد لن يصل إلى التمكن من رفع الأذان إلا بعد الممارسة والإتقان.

سأطرح بضع ملاحظات بشيء من الصراحة تتعلق بمستوى رفع الأذان في كثير من المساجد والجوامع، فقد لاحظت كما لاحظ الكثيرون غيري، أن بعض من يبادرون لرفع الأذان لا يصلحون إطلاقاً لرفعه! فالأذان نداء مقدس، ولهذا فإن من الضرورة بمكان أن يكون المؤذن مقتدراً من ناحية سلامة النطق والقراءة السليمة والصوت الحسن ناهيك عن استعداده النفسي لرفع الأذان.

بعض من يرفعون الأذان، سواءً كانوا من أولئك الذي يريدون التفنن في رفعه بالطريقة الإيرانية أو بطريقة أهل الهند وباكستان وبنغلاديش، يرتكبون أخطاءً فادحة في اللفظ وفي طريقة المد غير الصحيحة مما يجعل الآذان تنفر من ذلك الأسلوب بكل صراحة، وبعضهم يعتقد أن الصراخ وإنهاء الكلمة بشيء من التلحين الغريب إنما هو نوع من الإبداع… زد على ذلك، أن هناك من يترك الميكروفون للأطفال ظناً منه أنه يشجعهم دون أن يكلف نفسه عناء الاستماع لهم مرة ومرتين وثلاث على انفراد، ويقدم لهم الملاحظات ويعلمهم قبل أن يسمح لهم برفع الأذان.

حريٌّ بالمؤذنين، ومن بينهم مجموعة رائعة ومتمكنة باقتدار، أن يتقنوا مقاماً من المقامات المشهورة وهي الحجاز، البيات، الصبا، العجم، الرست، السيكا، النهاوند والكرد، فتلك المقامات التي تستخدم لقراءة القرآن الكريم، يؤذن بها أيضاً، ويكفي للمؤذن أن يتقن ولو مقاماً واحداً.

ولأن وزارة العدل والشئون الإسلامية، بادرت بتنظيم دورات تدريبية للخطباء والدعاة، فلا بأس من أن تنظم بين حين وآخر دورات لتدريب المؤذنين، وبخاصة الجدد منهم، ففي تركيا على سبيل المثال، تكررت الشكاوى من أصوات المؤذنين غير العذبة والمزعجة أحياناً في مدينة اسطنبول، لهذا، لجأت السلطات في عدد من المدن هناك إلى إقامة دورات مجانية ودروس خصوصية لتحسين أصوات المؤذنين.

قد يعتقد البعض أن الموضوع لا يرقى إلى مستوى الأهمية! لكن بالنسبة للكثيرين، وأنا منهم، فإن الأذان له قدسية كبيرة ولابد من المحافظة على مكانته وتأثيره العميق في النفوس، وعدم تنفير الناس منه بأصوات وأداء سيء، خصوصاً بالألسن التي لا تتقن العربية إطلاقاً

سعيد محمد سعيد

«الحرامية»… في بيوت الله!

 

لن نتمكن من تصنيف من يندرجون تحت كلمة «الحرامية» في البلد، فهناك من يسرق قوت الناس وعرقهم، وهناك من يسرق أملاك الدولة وهناك من يسرق الحقوق، سواء كانت مالية أم شرعية أم أدبية، وهناك من يسرق حتى أهله وأقرباءه، وهناك أيضاً من يسرق راحة الناس وابتساماتهم، فالحرامية والعياذ بالله منهم ومن الحرام، كثر مع شديد الأسف… لكن أن تكبر شريحة الحرامية لتصل إلى بيوت الله، فهذا أمر خطير للغاية.

خلال السنوات الماضية، دونت السجلات الأمنية سرقات تعرضت لها مساجد في مختلف مناطق البلاد، وشملت تلك السرقات مكيفات ونوافذ وأبواب الألمنيوم، ناهيك عن محتويات بيوت الله، ولعل الكثير من الناس يتذكرون حوادث متعددة من سرقات تعرضت لها بيوت الله، وإذا عدنا إلى شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2003، ربما وقفنا على تفاصيل قضية مهمة حينما أعلنت وزارة الداخلية إلقاء القبض على لصين بحرينيين تخصصا في سرقة المساجد وصناديق التبرعات الخيرية.

حينذاك، سجل اللصان اعترافاتهما أمام قاضي التحقيق بارتكابهما عدداً من السرقات في منطقة المحرق، فبعد أن تلقت إدارة أمن منطقة المحرق عدداً من البلاغات من بعض المواطنين تفيد بتعرضهم للسرقة، أجرت التحريات التي أمسكت من خلالها بخيوط اقتفت عن طريقها آثار المتهمين وأحدهما من سكنة مدينة عيسى والثاني من سكنة الرفاع في العشرين من العمر، وتبيّن بعد التحقيق أنهما من أرباب السوابق وتورطا في تواريخ متفاوتة منذ العام 2002 في سرقة خمسة مساجد وصندوقين للتبرعات الخيرية ومحلات تجارية ولوحات لسيارتين استخدماها في سيارات أخرى للتنقلات وحمل المسروقات، وانصبت مسروقات المساجد على مكبرات الصوت فضلاً عن سرقة حصيلة عدد من الهواتف العمومية ومبالغ نقدية من محلات تجارية تم ضبط جزء منها.

وعلى رغم أن هذه الحادثة أثارت جدلاً كبيراً بين المواطنين، إلا أن السرقات استمرت، وآخرها الحكم الذي صدر مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري عندما قضت المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة برئاسة القاضي محمد سعيد العرادي، وأمانة سر محمود عيسى بحبس متهم لمدة سنة لسرقته مسجدين، وتمثلت تفاصيل القضية في أن قيّم أحد المسجدين قدم بلاغاً بخلع باب المسجد وسرقة مبالغ من صندوق التبرعات، فيما اعترف المتهم بسرقة مكيف من المسجد الأول، كما اعترف بسرقة أنابيب من المسجد الثاني.

قبل أيام، تفاجأ المصلون في أحد الجوامع أثناء صلاة المغرب في قرية الدراز، بأحد المسئولين في الجامع يتحدث عبر مكبر الصوت موجهاً الكلام إلى المصليات في قسم النساء بضرورة أخذ حذرهن والحفاظ على حقائبهن بعد أن وردت شكاوى من تعرض حقائب ومبالغ مالية وحاجيات خاصة أخرى للسرقة كالهواتف النقالة وما شابه، داعياً المصليات إلى وضع حقائبهن بالقرب منهن، والحذر من الحركات المريبة التي تصدر عن بعض النسوة.

وقد أبلغني قيّم بأحد المساجد قبل فترة، عن تعمد بعض النساء سرقة النقود التي يتم وضعها داخل الضريح كصدقات أو تبرعات للتبرك، بل إن البعض منهم يتفنن في طريقة سرقة النقود باستخدام ما تتفتق عنه أفكارهم الجهنمية ولو باستخدام (علاقة ملابس)، فيما كان أحد الإخوة يشير إلى قيام بعض اللصوص بسرقة محتويات سيارات أحد الجوامع في مدينة حمد حال قيام الإمام برفع تكبيرة الإحرام.

نحن لا ننكر جهود رجال الأمن وبخاصة أفراد شرطة المجتمع بل ونشكرهم على ما يقومون به من عمل، إلا أنه من اللازم أن يتعاون كل المواطنين والمقيمين في عدم التهاون مع من يظهر بمظهر الريبة في تصرفاته، ليس في المساجد فحسب، بل حتى في الأحياء السكنية والتجارية، فحسب ما يقوله القيّمون في المساجد التي تعرضت للسرقة، وأنا أتفق معهم، فإن الكثير من الناس الذين تحدثوا عن مشاهداتهم، كانوا يشعرون بحركة غريبة في تصرفات البعض، لكنهم لم يحركوا ساكناً ولم يكلفوا أنفسهم إبلاغ القيّم بما يحدث إنما تحدثوا بعد وقوع السرقة.

بقليل من الشعور بالمسئولية والقيام بالواجب الشرعي والوطني، لن يكون هناك لصوص في البلد… لكن هيهات.

سعيد محمد سعيد

شيخان… أحدهما طيب والثاني «أسد»

 

لم يكن في ذلك اللقاء (الخاص) الشبيه بالمنتدى، والذي استضافته إحدى الشخصيات البحرينية الكريمة في مكتبها مكان للطائفيين ولله الحمد، فعدد من أبناء البحرين من الشخصيات والعوائل الكريمة من الطائفتين الكريمتين، مثلوا الصورة الحقيقية للمجتمع البحريني في التصدي للفتن الطائفية التي شهدتها البلاد طوال السنوات الماضية، والتي كان مصيرها الفشل ولله الحمد.

وعلى رغم من أن توافق تام ساد الحضور فيما يتعلق بضرورة التصدي لكل الممارسات والأفكار الطائفية أياً كان مصدرها، إلا أن الطرفين كانا صريحين في الإشارة الى سلوكيات وممارسات واستفزازات يقوم بها أناس من الفريقين أيضاً، سواء كانوا من علماء الدين من المشايخ والمعمّمين أو من النواب ومن يطلقون على أنفسهم اسم ناشطين، وسواء كانوا من كبار المسئولين أم من عامة الناس، فأي استفزاز أو انتقاص من أي طرف يتوجب أن يساءل فاعله قانونياً من دون تمييز مذهبي أو اجتماعي أو نفوذ.

في ذلك اللقاء، كان التأثر واضحاً على وجوه الجميع حال طرح مصرع الشابة (رغد)، وبالمناسبة، فإنه لا داعي لتقديم حول من تكون تلك الفتاة، أو تقديم تفصيل موسع بشأن حادثة المصرع التي آلمت الجميع وهي منتشرة في مواقع كثيرة، وشخصياً وجدت أن تناول الحديث عن المصرع المأساوي، فتت الكثير من الأفكار المتصلبة لدى الكثيرين تجاه الآخر، وتغيرت أفكار الكثيرين وهذا ما لمسته من خلال التواصل مع زملاء من مختلف الدول العربية بشأن الحادثة.

في خضم ذلك، يبرز أمامنا مشهدان يمكن اعتبارهما المنهج الحقيقي الذي يفضل الاعتماد عليه مستقبلاً لزيادة الحنق والغضب بين الطائفيين والمرضى بالتكفير، حتى أولئك الذين تدعمهم دول وجماعات نفوذ، أولها رفض شيخ الأزهر أحمد الطيب دعوة أحد الدعاة (…) بسحب اعتراف الأزهر بالمذهب الجعفري الاثني عشري، قائلاً باختصار وبعيداً عن الأسطوانة المكررة في شأن (الخلاف في الأصول)، أن «الأزهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما أن الجميع يقر بالشهادتين».

أما المشهد الآخر، فهو موقف الشيخ أسد قصير في متابعته لقضية الشابة (رغد)، والذي هو الآخر تمكن من مخاطبة مئات الآلاف من السنة والشيعة عبر غرفة حوارية مطالباً بالكف عن التكفير باعتبارها كلمة (أشد من السيف) من جهة الجماعات التفكيرية، والكف عن الإساءة لرموز أهل السنة والجماعة من جهة أخرى.

وعلى أن التكفير والعمل اليومي للإساءة اإلى المذهب الجعفري قائم مستمر ولا يمكن إغفاله، فهو، أي الشيخ أسد قصير، يصرح بأن هنا بعض الشيعة مع الأسف، ينالون من رموز أهل السنة، ويتساءل نصاً كما هو مسجل: «لماذا الإساءة وما هي الفائدة… في مذهب أهل البيت، نحن نحترم الصحابة ونحبهم، ونقول إن عرض النبي «ص» منزّه، ونقول أن أعراض الأنبياء منزّهة فكيف بعرض أشرف الناس وأطهر الناس محمد «ص» ونحن لا نطعن في عرض أم المؤمنين عائشة؟ ماذا لو قلت أم المؤمنين حين كان البعض يشكل علينا ذلك؟ فماذا تخسر إذا قلت أم المؤمنين، الصدر الأول يذكر الصحابة ويقول رضي الله عنهم، كما أن بعض التكفيريين يدخلون إلى غرف لشيعة ويسبون المهدي «عج» ويستفزون الشيعة حتى تسب رموزهم»…

ومن الطبيعي أن يكون هناك بون شاسع بين الشيخ الطيب والشيخ أسد، ولفيف من علماء الأمة، على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ محمد سعيد رمضان البوظي، ومفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون وآية الله التسخيري والسادة الكبار كالسيد السيستاني وفضل الله وبين (مشايخ الفتنة)… من الطبيعي أن يكون الفارق كبيراً بين شخصيات اللقاء الكريمة وكل مواطن بحريني يحب وطنه وقيادته وأهل بلده، وبين فئة أخرى منافقة كذابة تدعي حب الوطن والقيادة وأهل البلد وتسعى لإثارة الفتن دائماً… لأن الزبد يذهب جفاءً

سعيد محمد سعيد

راح نعطيك بيت…في ديسمبر!

 

لم أتمكن حقيقة من اللحاق على النكات أو الطرائف أو التعليقات التي أرسلها أو قالها شفهياً عدد من القراء الكرام تعقيباً على مقال يوم الأحد الماضي :«والله.. نحب هذا الوطن»، والذي تطرقت فيه إلى ما دار في برنامج «حلول» بتلفزيون البحرين الذي ناقش أزمة السكن، والقصة المؤثرة التي طرحتها إحدى المواطنات وهي تبكي في البرنامج وتناقلها آلاف المواطنين.

ولأن اليوم (خميس) والطقس الحار والرطب الذي نعيشه هذه الأيام يتطلب منا أن نكون أوسع صدراً وأطول بالاً وأكبر مقدرة على كتم الغيظ والاستعاذة من الشيطان الرجيم، فلا بأس أن نأنس ببعض (القفشات) الحلوة التي أشار إليها بعض القراء الكرام في اتصالاتهم، لكن أفضلها ذلك المواطن الذي قال مباشرة: «شوف أخ سعيد… تحجيت تحجيت ما في فايدة… كتبت ما كتبت ما في فايدة… صارخ من الحين إلى قبل يوم القيامة بيومين إذا كنت تقدر (…) البيوت كلها بتروح للمجنسين وبتشوف… ورحم الله والديك، إذا بتكتب كلامي اكتب (مجنس) ولا تكتب (مواطن)»، ولا أدري، هل يعتقد هذا الأخ الكريم أن كتابة الموضوع بتوقيع (مجنس)، سيخفف من وطأة المشكل، أم هل سيجعل المجنس متعدياً أم معتدى عليه، لكنها على أي حال، مشاعر مواطن، والناس تختلف في أساليب التعبير، إلا أن ما نتمناه بصراحة، هو أن تقدم الدولة المواطن على المجنس، سواء رضي المجنسون أم لم يرضوا، وفي الوقت ذاته، احترام حقوق (المجنسين) الذين حصلوا على الجنسية وفق قانون الجنسية البحرينية، وليس وفق العشوائية والفوضى التي بدأت آثارها السلبية تظهر بصورة واضحة.

أما الأخت (أم نواف)، فهي تدرك جيداً أن المطالبة بالحقوق والتعبير عن الرأي لا يمكن أن تتم بطريقة إلحاق الضرر بالبلد وبالمواطنين وبالحرق والتخريب، وعلى رغم أنها لا تعيش في قرية، إلا أنها من شدة معاناتها وزوجها وأطفالها من انعدام السكن المناسب وطول الانتظار، فإنها تقول: «ما ادري اطلع مسيرة واحرق تايرات علشان ينتبه المسئولون حق معاناتي!»، ويختلف معها القارئ إبراهيم الذي قال: «صدقني يا خوي المسئولون في وزارة الإسكان ما يقصرون، يقومون بواجبهم صدقني يشتغلون شغل عدل، لكن بعد، في ناس تخرب على ناس، واحنه المواطنين في النهاية خسرانين… وعندي طلب بس اذا تنشرونه، ما يصير يعطوني بيت في جزر…»، وأنا أقول: «لو يصير، جان أنا قبلك».

ولا يجب أن ننسى علاقتنا بالمسئولين طبعاً في وزارة الإسكان، فكما يقول أحدهم: «نحن الآن في طور تعديل الأوضاع والآليات، ونسعى بقدر الإمكان لضمان سير المشروعات القائمة والمنتظرة على أكمل وجه… بس لو تستمرون في الكتابة في هذا الاتجاه أفضل بكثير من تلك الكتابات التي تحرض المواطنين على المسئولين بالوزارة… شوي وراح نشوف الناس تحمل مطارق وعلى راس نا».

أما أنا فواحد من الناس الذين اعجبوا بهذه الطرفة: «بحريني ينتظر بيت إسكان، قالوا له راح نعطيك في ديسمبر، قال لا ابغي مع ربعي في مدينة حمد».

والله المستعان يا جماعة الخير.

سعيد محمد سعيد

والله… نحب هذا الوطن

 

في حلقة الأسبوع الماضي من برنامج «حلول» الذي يقدمه الزميل علي حسين بتلفزيون البحرين، والذي تناول أزمة «السكن» من أبعادها المختلفة إدارياً وبلدياً واجتماعياً، تحدث أحد المواطنين وشقيقته في تقرير وصف معاناة تلك الأسرة التي اختزلت معاناة آلاف الأسر المدرجة على قائمة الانتظار والتي يصل عددها إلى 50 ألف طلب.

بعد 18 عاماً من الانتظار، لم يجد المواطن إلا أن يقدم شقيقته على نفسه، أي أنه يمني النفس بأن تحصل شقيقته على وحدة إسكانية قبله، حتى مع شدة معاناته مع المرض واعتلال صحته… أما المواطنة، فلم تتمالك نفسها وهي تصف الحالة الصعبة التي تعيشها هي، ويعيشها بالطبع معها الآلاف من الأسر، فتركت العنان لصوتها أن يتهدج وتبكي لتقول :»والله نحب هالوطن»، وكأنها تريد أن تقول إن أبناء البحرين الذين تتصل عروقهم بتراب بلدهم يريدون أن يعيشوا في أمان واستقرار وطمأنينة، ولا يمكن لأحد أن يلومها أو يلوم أمثالها حين تحيطها الآلام وسط عاصفة من المعاناة النفسية الشديدة.

لماذا يلوم البعض، ممن يحسب نفسه مدافعاً عن الحكومة ومحباً مخلصاً لها، الناس حين يضجّون بسبب ذهاب الوحدات السكنية التي حلموا بها لسنوات طويلة إلى آخرين لم يمضِ على وجودهم في البلاد عقد من الزمان؟ وكيف يعطي لنفسه الحق في أن يصف المواطن بأنه (ناكر نعمة) لأنه عبّر عن غضبه بسبب حرمانه من حلمه في (بيت العمر) الذي ذهب إلى من لا يستحقه؟… لم يعد من اللائق تصنيف المواطنين وفق انتمائهم المذهبي في حال تذمرهم وسخطهم مما يجري… فإن كان ينتقد الحكومة بسبب غياب الآلية العادلة المنصفة في منح الوحدات السكنية يصبح من طائفة تكره الحكومة، وإن بلع لسانه وأغلق فمه وسكت عن حقه المشروع، فإنه محب للوطن موالٍ له ومن طائفة تحب الحكومة، وهو أسلوب شائع على ألسنة بعض النواب وبعض الخطباء وبعض كتاب الصحف وبعض المسئولين الذين يعتبرون المواطن الذي يعبر عن تذمره وغضبه بأنه مدسوس محرض لا ينتمي إلى هذا الوطن.

هناك أخطاء جسيمة شهدتها آلية توزيع الوحدات بمشروعات إسكانية في مناطق متعددة ولابد من الاعتراف بهذه الأخطاء لكي يتم تصحيح الوضع مستقبلاً، والأمر الباعث على القلق أكثر ما أثاره رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس النواب جواد فيروز في أحد المؤتمرات الصحافية إلى أن الأرقام التقديرية تشير إلى أن البحرين بحاجة إلى 162 ألف وحدة سكنية بحلول العام 2030، فيما لاتزال معدلات البناء لا تزيد على 2000 إلى 3000 وحدة بمعدل كل عامين تقريباً.

ولعل التوصيات المهمة التي تشمل بناء مدن إسكانية جديدة، وتطوير مشروع امتدادات القرى بالتوازي مع المشاريع العامة، والبدء في تنفيذ البنى التحتية بالتزامن مع بدء تنفيذ المشاريع الإسكانية، والعمل على إعادة ملكية الأراضي للدولة، ومشاركة القطاع الخاص للحكومة، وتوزيع القسائم والوحدات السكنية على مستحقيها في قوائم الانتظار، وضمان نسبة محددة لمشاريع الإسكان العام في المشاريع الاستثمارية السكنية، وتبني مشروع البيوت الآلية للسقوط، والاستفادة من مناطق الحزام الأخضر للمشاريع الإسكانية، وتشريع قانون يمنع تداول العقارات للأجانب واقتصاره على المواطنين… لعلها توصيات كفيلة بإيجاد حلول للمشكلة، لكنها تتطلب ترجمة على أرض الواقع.

في برنامج «حلول» لم يقصّر المسئولون في طمأنة المواطنين، وأن هناك برنامج عمل طموح لتغطية الطلبات، لكن قائمة الوعود طالت يا جماعة الخير والأطول منها معاناة آلاف الأسر البحرينية الأصيلة… فمتى الفرج؟

سعيد محمد سعيد

شيء من الخوف… لكنه أكبر من الخوف

 

حينما يكون زوجها في نوبة (آخر الليل)، فإن النوم يجافيها خوفاً وهلعاً من أن يسقط سقف غرفة النوم عليها وعلى أطفالها، أو يسقط جزء من أي جدار من جدران البيت الذي لا يوجد بين جدرانه (جدار) يمنع الخوف، فكلها جدران خائفة…وجلة…قد تسقط في أية لحظة…لكن، ما الذي في وسع الزوج أن يفعل إذا كان ينام حوله الأطفال والزوجة وقدر الله لذلك السقف أن يسقط؟ لن يكون في وسعه شيء، لكنه الأمان الذي تشعر به الأسرة وعائلها بينها.

حين يكون الطقس هادئاً، فإن الخوف يبارح مكانه لا يرحل، أما إذا اشتدت قوة الرياح، أو إذا اقترب موسم الأمطار أو مرت عاصفة عابرة، فإن ذلك الخوف يتصاعد الى حد الرجفة والوجع، كلما صدر صوت من جدار هنا، أو «طابوقة» هناك، أو تحركت قطعة خشب في مكان ما، ولا شك في أن الخوف يزداد شدة، حين يتبادر إلى ذهن تلك المواطنة خبر عن سقوط سقف منزل آيل للسقوط، أو قرأت في صحيفة عن نجاة أسرة من سقوط جزء من سقف البيت المدرج على قائمة البيوت الآيلة للسقوط، سبحان الله، قدر ولطف.

حين تقع عينك على بيت ذلك المواطن، فإن أول سؤال يتبادر الى ذهنك: «هل كتب على ذلك المواطن وعائلته، وغيره آلاف الأسر المدرجة في مشروع البيوت الآيلة للسقوط، أن يناموا ويصحوا على وجل وخوف وقلق لا حد له؟، ولن يلومك أحد حين تتساءل: «أليس في مقدور الدولة أن تنهي هذا الملف المتعب، وتدفع بسخاء إلى المجالس البلدية في المحافظات الخمس لهدم وبناء تلك البيوت وتأمين معيشة أصحابها في شقق مستأجرة مؤقتة لحين انتهاء بناء البيت؟ الخير كثير في هذا البلد الطيب، فلماذا يبقى الآلاف تحت وطأة الجدران التي لا ترحم حين تسقط وحين لا ينفع البكاء على المآسي؟

أنا عامل بسيط، راتبي لا يتجاوز 300 دينار، ولو كان في يدي، لسارعت في ترميم بيتي حتى تعيش أسرتي مطمئنة، لكنني لا أستطيع، لا أقوى على ذلك، والأمل في الله سبحانه وفي حكومتنا التي أنتظر منها كما ينتظر الآلاف غيري، انفراجة تنهي هذه المعاناة المؤلمة، هكذا قال…مواطن بسيط تقرأ في تعرجات جبينه سطوراً من الحزن واللوعة.

هنا، منزل صغير، تم الانتهاء من بنائه للتو واستلم المواطن مفتاح ذلك المنزل الذي عمت فيه الفرحة وكأنها فرحة العيد السعيد، الآن سينام وأسرته باطمئنان… وهناك، منزل صغير آخر، لكن تلك الأسرة دخلته لأول مرة لتبدأ في تأثيثه بما تيسر، تشعر بفرح غامر وسرور لا حد له… لا بأس، حتى وإن كان صغيراً ضيقاً، لكنه أفضل من (الأنقاض) المخيفة التي كانوا يعيشون بين جدرانها في السابق، حين كانت يسمى (منزلاً آيلاً للسقوط).

لا بأس، خلال السنوات الست المقبلة، سيتم بناء 1000 منزل آيل للسقوط بموازنة تبلغ 42 مليون دينار منها 3 ملايين كبدل إيجار، لا بأس، سيعاد النظر في 4500 طلب مسجل في المجالس البلدية الخمسة، لا بأس في ذلك كله، لكن، سيبقى أولئك الناس في انتظار الفرج الذي نأمل أن يجيء سريعاً، والحمد لله، رحمته واسعة، ولكن، يا حكومتنا العجل العجل بملايين أكثر وأكثر ستجعل الآلاف من مواطنيك ينامون نوماً هانئاً آمناً بنفس مطمئنة.

سعيد محمد سعيد

«الوفاق» الشجاعة… «الوفاق» الواثقة

 

منذ انطلاق التجربة النيابية في العام 2002 حتى اليوم، لم تتعرض كتلة نيابية أو جمعية إسلامية للهجوم الكاسح الدائم المستديم، كما تعرضت وتتعرض له جمعية الوفاق الوطني الإسلامية! ولم يتعرض نواب أو سياسيون للشتائم والافتراءات والانتقاص والتشكيك في النوايا، كما تعرض ويتعرض له نواب الوفاق، ومع ضراوة تلك الهجمة المستمرة، إلا أن «الوفاق» تبدو شجاعة واثقة، لم تتعرقل في سيرها بسبب الألغام المزروعة تحت أقدامها.

ماذا فعلت الوفاق؟ ماذا قدم نواب الوفاق؟ لماذا يا وفاق؟ مأزق الوفاق… فضيحة الوفاق… طائفية الوفاق… وكم هائل من المقالات الصحافية والتصريحات المضادة والحملات في المواقع الإلكترونية لا تستهدف سوى الوفاق.

وشهادة لله، فإن «الوفاق» عملت في صمت وبمنهجية وطنية مميزة لم تهزها عشرات المقالات الهجومية، فالذين لم يتمكنوا من تأليب الموقف الرسمي ضد الوفاق بقائمة متعددة الاتهامات أملاً في موقف متشدد من الحكومة ضدها، تحولوا بعد ذلك إلى الإكثار من الكلام حول اهتزاز شعبيتها وتزايد السخط عليها من قبل جماهيرها بعد أن وجدوا أن جهودهم في (تسويد وجهها في عين الدولة ذهبت هباءً) وأن قاعدتها الجماهيرية تتسع ولا تضيق، وخصوصاً مع تنامي قوة العلاقات بينها وبين السلطة التنفيذية في متابعة قضايا وملفات مهمة.

أما الذين كانوا يتهمون «الوفاق» بأنها تجاري الدولة وتسايرها على حساب مصلحة الوطن والمواطنين، أو لأنها لا تتحرك بشكل جاد لحلحلة القضايا المهمة وتقضي جل وقتها للعمل على مصلحتها، والقول بأن «الملف الأمني» وما يتعرض له الناس من قمع وتعذيب وسجن وقتل وانتهاك الحقوق، فإنهم يسارعون لإضعاف واستصغار أي تحرك تقوم به الوفاق في هذا الاتجاه، حتى مع علمهم بأنها تعمل وتبذل ما في وسعها من جهد حتى في أقسى الظروف.

ولهذا، فإن «الوفاق» أثبتت وطنيتها البحرينية من جهة، وسعيها لاستقرار الوطن والمحافظة على مكتسباته حين نقل عدد من نواب الوفاق بكل ثقة وأمانة ملفات مهمة في لقائهم صباح يوم الثلثاء الماضي الأول من يونيو/ حزيران الجاري مع وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ومنها (القضايا التي تتصل بشئون الأمن بشكل عام كردود الفعل من قبل رجال الأمن على أعمال العنف، وعلاقة الوزارة بمنع بعض البحرينيين من دخول الدول الأخرى، ومنع دخول بعض المواطنين للموانئ، بالإضافة إلى الاستفسار عن آخر المستجدات بشأن قضية البحارة وحرية مزاولة المهنة في مياه الخليج، وكذلك موضوع التوظيف بالوزارة)، والوفاق تدرك أهمية لقاءاتها مع كبار المسئولين، وهي خطوة ليست جديدة، فالوفاق كانت على تواصل مع الوزراء والمسئولين لطرح قضايا المواطنين، شئنا أم أبينا.

ولا أعتقد أن الوفاق في حاجة لمن (يشهد لها)، وفي الوقت ذاته، لن تكترث بمن يحاول (التقليل من شأنها ككيان سياسي واجتماعي وديني في المجتمع البحريني)، ويكفي أن تقرير أملاك الدولة على سبيل المثال، وفعالياتها المدروسة وحجم المشاركة الشعبية فيها، تثبت أن الوفاق لن تكون في حاجة إلى دعايات انتخابية، كما يظن البعض، لكن، يلزمها أن تكون أكثر دقة هذه المرة لاختيار مترشحين بدماء ووجوه ومنهجية تفكير وأداء جديدة… ولا أشك في أنها لا تعجز عن ذلك، وستنجح بامتياز

سعيد محمد سعيد

شعب البحرين… وما أدراك!

 

لو قدر لنا أن نتجول في بلاد الله الواسعة، لن نجد شعباً أصيلاً كريماً طيب المعدن كشعب البحرين، فمهما تواتر الزمن وتعاقبت الأجيال وحلت النوازل، لا يمكن لأبناء هذه البلاد الطيبة أن ينزعوا من عروقهم صفاء النفس وطيب المخبر وحب الخير، ومهما اختلفت المواقف وتعددت الخلافات، يبقى هذا الشعب الكريم – في غالبه – محافظاً على إنسانيته الرائعة التي تستمد عطاءها من الدين الإسلامي الحنيف.

حينما علم الناس بنبأ إصابة (الأستاذ) حسن مشيمع بسرطان الغدد اللمفاوية، وحتى أولئك الذين يختلفون معه، فإن الصورة الصادقة التي تكشف طيبة معدن

هذا الشعب برزت بشكل واضح في السؤال عن صحته والاطمئنان عليه والدعاء له بالشفاء العاجل… في مثل هذه الظروف الإنسانية البحتة، لا تمنع المواقف المسبقة الناس في هذا المجتمع من أن يقدموا الكلمة الطيبة والنفسية الجميلة والخلق الراقي على أي شيء آخر، فتصبح الخلافات الفكرية والاجتماعية والسياسية في جانب، وتحل محلها حقيقة العلاقة التي تربط أبناء هذه الأسرة مهما بلغت منهم الخلافات مبلغاً.

قلة هم أولئك (النفر) ذوي النفوس المليئة بالشر من تدفعهم أضغانهم للتشفي في حال مرض أو موت إنسان يختلفون معه، ولكنها قطعاً ليست الفطرة السوية التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها، ونحن ولله الحمد في البحرين، نختلف مع بعضنا البعض وتصل الأمور أحياناً إلى حد القطيعة ولربما إلى حد (التشنج المتعصب في التعامل)، ولكن في المواقف الإنسانية، تسقط كل تلك (الاعتبارات)، ويتقدمها اعتبار واحد فقط ألا هو: الخلق الإسلامي والتكافل الاجتماعي والروح البحرينية الكريمة الطيبة، وكثيراً ما قيل أن من ميزات أهل البحرين، أن الأحزان – أبعدها الله عنا وعنكم – تجمعهم أكثر من

الأفراح، فلربما وجدت الكثير من الناس لا يشاركون في حفل زفاف مواطن ما، لكنه حين يفقد عزيزاً أو يصاب بالمرض أو يحلّ به خطب ما، تجد الناس تبادر إليه وتواسيه وتقف معه وقت الشدة.

في الكثير من المجالس، وحينما يتطرق الحضور إلى نبأ إصابة شخصية سياسية (مثيرة للجدل) كالأستاذ حسن مشيمع بالمرض، فإنك لا تجد إلا دعوات صادقة له ولغيره من المرضى بالشفاء العاجل، فمهما بلغت الخلافات والاختلافات، فإن الروحية الطيبة لشعب البحرين الأصيل الضارب بجذوره في تراب

هذه البلاد الطيبة، لا تقبل بالخلق الدنيء والكلام الرديء والدعوات بالويل والثبور.

نحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة التي تجمع أهل البحرين، والتي ظننا أننا نفقدها يوماً بعد يوم جراء ما نعيشه من ملمات ومشاكل ومنغصات كثيرة

تظهر بين حين وحين، لكن يأبى أبناء البحرين الكرماء إلا أن يبقوا متكاتفين متحابين مهما اختلفوا… ونسأل الله جل وعلا أن يشفي أبا هيثم مما ألم به، ويرفع البأس عنه وعن كل المرضى اللهم آمين.