سعيد محمد سعيد

يوميات مواطن مرهق… مشكلتي!

 

قبل أن يخلد إلى النوم، قرر «مواطن مرهق» أن يتوكل على الله ويبكر في الذهاب إلى مكتب المسئول في الصباح الباكر ليعرض عليه مشكلته… علّه يجد حلاً حين بلغ الإرهاق والتعب والدوران في حلقات مفرغة منه مبلغاً كبيراً بلا فائدة… في الغد، ربما يفتح طريق الحل على يد المسئول الذي، أتمنى ألا يقصر معي، ويساعدني في حل مشكلتي.

كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحاً عندما وقف المواطن المرهق أمام موظفة الاستقبال سائلاً عن الطريق إلى مكتب المسئول، فسألته: «يبه عندك موعد؟»، طبعاً ليس لديه موعد مسبق، ولكنه يمر بمشكلة تتطلب توقيعاً من مسئول وهو لا يعرف عن ذلك المسئول إلا ما كان يكرره في الصحافة بأن قلبه مفتوح للجميع قبل بابه، لكن الموظفة عطفت عليه وأرادت مساعدته في الاتصال بمدير مكتب المسئول الذي يبدو أنه طلب منها أن (تصرفه)، لكنها تلطفت في الحديث راجيةً منه أن يستقبله في مكتبه ويستمع إليه، فوافق على مضض.

في مكتب المدير، وقف المواطن المرهق يشرح له مشكلته وأنه ربما يجد الحل لديهم، وعلى رغم أن ذلك المدير كان متعاوناً كثيراً مع الموظف لدرجة أنه كان يكرر عبارة: «تامر حجي… تامر» وهو يلعب بأصابعه على أحد مواقع الإنترنت التي تظهر جداول ونتائج المباريات، ولم ينظر إلى المواطن المرهق إلا من طرف عينه، لكنه أبلغه بأن يكتب رسالة ويتركها لأن المسئول لم يصل بعد، وربما وصل بعد الساعة التاسعة… وربما لن يحضر اليوم لارتباطه بمشاغل كثيرة خارج المكتب… وهو سيقوم بإيصالها له حال وصوله وسيتم الاتصال به.

فرح المواطن المرهق بما سمع، فهي خطوة جيدة بالنسبة له ملأى بالتفاؤل… الرسالة كانت جاهزة، وما كان يتوجب عليه إلا تسليمها للمدير وانتظار الفرج… مرت ثلاثة أيام… أسبوع… أسبوعان… لا حس ولا خبر…عاد الكرة مرة أخرى وتوجه إلى مكتب المدير… فطلب منه أن يراجع مكتب علان… ذهب إلى مكتب علان… طلب الأخير منه أن يراجع مكتب فلان… ذهب إلى مكتب فلان، وكان فلان أكثر تعاوناً لأنه طلب من المواطن المرهق أن يذهب إلى مكتب فلان، وإن لم يجده فليذهب إلى مكتب فلان الفلاني، وإذا لم يجده ليرجع مرة أخرى إلى مكتب علان.. وبين فلان وعلان، سيكون هناك بارقة أمل.

لا بأس، فالمواطن المرهق، لن يرهقه كثيراً أن يعود إلى علان ويراجع معه معاملته، فالكل متعاون، من علان إلى فلان الفلاني، وأبوابهم جميعهم مفتوحة، وهل هناك أغلى وأثمن من المواطن! على أية حال، عاد المواطن المرهق إلى مكتب علان وسأله عن معاملته فقال له: «أي معاملة يبه… ما هي مشكلتك… لم يصلنا شيء؟» …إذاً، يحتاج الأمر إلى واسطة كبيرة، أو شخص سليط اللسان، والمواطن المرهق لا يملك لساناً سليطاً ولا واسطة إلا الله سبحانه وتعالى وأنعم بها واسطة… لكن، لا بأس، غداً سيتجه إلى إحدى الصحف وسينشر مشكلته… ذهب إلى الأولى فرفضت نشر الموضوع، والثانية كذلك، والثالثة نشرته ليقرأ بعد كم يوم رداً على شكواه: «مشكلة المواطن مرهق حلت من زمان، ويتوجب على الصحافة أن تتحرى الدقة»

سعيد محمد سعيد

طبعي… طبع ابن البحرين!

 

نحتاج دائماً وأبداً إلى فسحة من الترفيه نطيح بها ما تراكم في القلوب والنفوس من مقالات وكتابات وأخبار وتقارير ولقاءات فضائية لا طائل من ورائها إلا ضغط النفس حول ما يجري في بلادنا الغالية، ولربما أصبحت فسحة الترفيه تلك موجعة وأكثر إيلاماً من سواها…

بالنسبة إلى القراء الذين تساءلوا عن موقفي تجاه ما يجري في البلد، فإنني من الناس الذين يعترفون بقدر أنفسهم ولا أجد في نفسي شخصاً ينتظر الناس منه إعلان موقف، ومع ذلك، فقد أشرت في كتابات كثيرة إلى أن كل مواطن بحريني يؤيد الخطوات التي يوجه لها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لحفظ الأمن والاستقرار، وكل مواطن حريص على مصلحة البلد لابد وأن يفرق بين المطالبة المشروعة بالحقوق وأساليبها، وبين معاول الهدم من خطابات تحريض وفتنة وتحريق وتخريب واعتداءات وتهديدات وتشكيك في الانتماء وافتراءات على المواطنين.

ومع تأييد كل الخطوات التي من شأنها تجنيب بلادنا الغالية من كل مكروه، ندعو أيضاً إلى عدم أخذ السقيم بالصحيح أو السماح بدعوات العقاب الجماعي أو اعتبار كل بحريني يعيش في قرية، متهماً مشكوكاً في ولائه لبلاده وقيادته، لكن مع ذلك، ولأن طبعي طبع ابن البحريين فإن كل ما يقال في هذا الشأن، مشكوك فيه من أبواب عدة منها التقية والنفاق وإظهار خلاف ما نبطن… شيء عجيب والله.

***

في مقال يوم الخميس 16 سبتمبر/ أيلول وتحت عنوان: «تحريض المنتديات الطائفية… هوس البطولات الوهمية»، أثنيت، كما أثنى غيري، على خطوة هيئة شئون الإعلام بإغلاق، واستمرار إغلاق المواقع الإلكترونية التي تنشر مواضيع تمس الوحدة الوطنية وتعمل على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وتساءلتُ عما إذا كان الدور سيأتي على منتديات أخرى لاتزال تصب الزيت على النار، حتى المغلق منها، لأجد واحداً منها، وفي قمة الجهل والتخلف والهمجية ونوايا الشر بالوطن وأهله، ينشر موضوعاً بعنوان: «اصنع قنبلة بنفسك»، فينبري بعض خفافيش الظلام ليهاجموا عضواً دعا إلى التصدي لمثل هذه الأفكار النارية بدلاً من أن يهاجموا كاتب الموضوع المجهول، وكما فعلتُ شخصياً مع منتديات أخرى، خاطبتُ إدارة ذلك المنتدى حول مدى وجود (عقل) في رؤوسهم لكي يقبلوا بنشر مثل ذلك الموضوع الغبي، ولم أتلقَّ رداً، لكن الموضوع ألغي بالفعل ولله الحمد، ولأن طبعي طبع بحريني، فإن كل من يهاجم مثل تلك الأفكار والموضوعات المدسوسة يصبح مندساً أو جاسوساً أو مضاداً لحركة النضال! أما سلامة الوطن بالنسبة لأولئك الخفافيش فهي لا تعنيهم، ولكنها تعني كل بحريني مخلص.

***

في البحرين، وكذلك في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، صدرت بيانات من علماء ومثقفين من الطائفة الشيعية ترفض الإساءة إلى أم المؤمنين عائشة (رض)، وتلك المواقف، أخضعت أيضاً لدى شريحة من ذوي الطباع الطائفية العدوانية تحت عنوان (التقية)… بمعنى أن أي موقف أو بيان ما هو إلا كذب محض، ولأن طبعي طبع ابن البحرين، فإن القوم لن ينفكوا من تشويه كل موقف كريم يدافع عن نبي الأمة (ص) وعن أمهات المؤمنين وعن أهل البيت عليهم السلام… لكن كل ذلك لا يهم، إنما الأعمال بالنيات.

***

يخطئ من يعتقد أن الدولة تترصد للمعارضين أو الناشطين الذين ينتقدون أداء الدولة ويفتحون ملفات مهمة تدخل ضمن الحرص على «المصلحة العليا للوطن» بموضوعية واحترام للنظام وللقوانين، ولذلك، لم يرق للبعض أن يشارك أمين عام جمعية «وعد» إبراهيم شريف في حوار بإحدى القنوات الفضائية، ثم يسيء للدولة حسب زعمهم، ويعود إلى بلاده بكل حرية بعد تلك الإساءات، متناسين أن الدولة قبلت على مدى سنين طويلة أطروحات مختلفة الحدة من قبل المتصدين للعمل السياسي ولم ولن ترفض المعتدل منها في الطرح، وهنا، ليس في مقدور أولئك التفريق بين الانتقاد البناء المقبول، وبين التحريض على العنف والتخريب والحرق والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة والنيل من استقرار البلد وهو مرفوض… ولأن طبعي طبع ابن البحرين، فلا يمكن أن أقبل دعوات الفتنة ومعاول هدم المجتمع، وفي الوقت ذاته، لا يمكن أن أقبل بخنق كل صوت بحريني يتحدث بكل موضوعية وصراحة ونية صادقة لخدمة الوطن وخصوصاً أن لب المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل، فتح المجال للمعارضة الوطنية المخلصة لأن تعمل في مسار تصونه الدولة بكل حرية وأمان.

سعيد محمد سعيد

هل ننجح في تعزيز «الحماية الاجتماعية»؟

 

من بين الأهداف الثمانية الإنمائية للألفية، تنضوي أهداف: القضاء على الفقر المدقع والجوع والبطالة، وتحقيق تعميم التعليم وتعزيز المساواة بين الجنسين وتخفيض معدل وفيات الطفل وتحسين الصحة النفاسية… تنضوي تحت عنوان: «الحماية الاجتماعية» كما تصفها مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيسة الوزراء السابقة لنيوزيلندا هيلين كلارك.

إن الأهداف الثمانية تشمل: القضاء على الفقر المدقع والجوع، تحقيق تعميم التعليم الابتدائي، تعزيز المساواة بين الجنسين، تخفيض معدل وفيات الطفل، تحسين الصحة النفاسية، مكافحة فيروس المناعة البشرية، كفالة الاستدامة البيئية وإقامة شراكة عالمية، لذلك، فإن التحدي الأكبر الذي يتوجب على الدولة مواجهته باقتدار في اتجاه إحراز تقدم على مستوى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة بحلول العام 2015، هو تعزيز «الحماية الاجتماعية» لكافة فئات المجتمع البحريني، وإذا كان أمام 189 دولة خيار تسريع وتيرة العمل خلال السنوات الخمس المقبلة، فإن قمة نيويورك التي ستعقد على مدى يومي 20 و22 من الشهر الجاري، ستكون منطلقاً مهماً لإنجاز جوانب كثيرة قابلة للتحقيق في بلادنا، لكنها في حاجة إلى برنامج عمل طموح ينطلق من تلبية احتياجات الأسرة البحرينية في الأساس.

ليس من الإنصاف أن ننكر جهود الدولة في مجال مكافحة الفقر والعوز، ومواجهة المشكلة الإسكانية المتزايدة، والقضاء على البطالة وتعزيز الخدمات التعليمية والاجتماعية والحضرية، لكن من اللازم أن نخضع كل ما تقدم إلى تقييم دقيق وصريح لتحديد جوانب التقصير وتلافيها، وتشخيص مواقع النجاح ومضاعفتها، وخصوصاً أن البحرين ستستضيف أعمال المنتدى الحضري العالمي السادس في العام 2012 وهو يعكس حرص البحرين على دعم الجهود الدولية الرامية إلى حشد العمل الجماعي المنظم لتحقيق أهداف الألفية الإنمائية، والإيمان بضرورة تنفيذ الالتزامات الدولية في مجال التنمية المستدامة.

محور توفير «الحماية الاجتماعية» لجميع المواطنين… بل وللمقيمين أيضاً من وجهة نظري، يتطلب إعادة نظر، وهذا لا يعني أن الخطوات التي أنجزت في مسار إعادة الحياة الديمقراطية وتمكين المرأة سياسياً، والمحافظة على البيئة والحد من الكوارث وتغير المناخ وتبوء مكانة متقدمة على صعيد التنمية البشرية وحقوق الإنسان هي خطوات هامشية أبداً، لكن لابد من تخصيص موازنات أكبر لخدمات الحماية الاجتماعية بما تشمله من حق السكن والعمل والأمن والتعليم والصحة، ذلك لأن الزيادة السكانية الملحوظة وارتفاع الطلب على الخدمات على اختلافها، يمثل تحدياً كبيراً للدولة يتوجب أن تواجهه بجدارة وخصوصاً أن الصرف على الحماية الاجتماعية كما يقول الخبراء، لا يمثل استنزافاً لموازنة الدول، بل يعد استثماراً مهماً في بناء ما يسمى (القوة المرنة اللازمة للتعامل مع الصدمات الحاضرة والمستقبلية).

بلادنا تتمتع ولله الحمد بعقول بحرينية خلاقة قادرة على وضع التصورات والخطط الإستراتيجية، وهذه العقول هي التي يجب الاعتماد عليها، وحتى ننجح في تعزيز الحماية الاجتماعية، يلزمنا مراجعة صريحة وحقيقية لما تم إنجازه ولما أخفقنا في إنجازه لأن هذا المستوى من المكاشفة يجعلنا نحدد بالضبط أين نقف، ومن ثم نواصل بثقة طريق تحقيق أهداف الألفية

سعيد محمد سعيد

«تحريض» المنتديات الطائفية… هوس البطولات الوهمية

 

سنحت لي الفرصة لأن أزور مجلس وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة يوم عيد الفطر السعيد، وكما هو المعتاد، فإنك في هذا المجلس الكريم، يطيب لك أن تلتقي بالكثير من المواطنين من مختلف مناطق وقرى البحرين، بل والأهم من ذلك كله، أن الناس اعتادوا أن يطرحوا على الوزير الكثير من الملاحظات ووجهات النظر المرتبطة بقضايا الوطن دون حواجز أو موانع حتى في مجالس التهنئة، بل قد تجد مواطناً أخذ من وقت الوزير مدة وهو يطرح ما لديه من رأي بكل حرية.

هذا ما نحتاجه من كبار المسئولين اليوم، وهو أن تكون قلوبهم قبل مكاتبهم مفتوحة للناس أياً كان مستواهم، وسواء كان ذلك الإنسان مواطناً عادياً أم عالم دين أم ناشطاً أم حقوقياً فمن بين هؤلاء الكثير من المخلصين الذين لا يريدون سوى مصلحة الوطن ولا يبحثون عن مصالح شخصية أو فئوية، ولهذا تحدثت مع أحد كبار المسئولين الأمنيين في شأن الاتهامات التي يطلقها البعض على أهالي القرى وخصوصاً فيما يتعلق بالتشكيك في إخلاصهم لوطنهم، وطرحت عليه نماذج من الأنشطة التي يقوم بها الشباب والقائمون على اللجان والمآتم وكذلك المجالس الأهلية من عمل يركز على توجيه الشباب الى المشاركة في الحياة العامة بما يتوافق مع ما كفله الدستور من حقوق وواجبات، بعيداً عن أعمال العنف والتخريب والحرق والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، والتحذير من خطابات التحريض والفتنة والدمار أياً كان مصدرها، وبالصيغة التي تتيح طرح المطالب والاحتياجات وإيصالها إلى المسئولين.

الحديث انتقل إلى كم هائل من أساليب التحريض التي تعج بها بعض المنتديات الإلكترونية البحرينية المرخصة البعيدة عن الحجب، فبعض تلك المنتديات تتبنى منهجاً تحريضياً مدمراً أيضاً ولابد من إيقافها سواء كان القائمون عليها منتمون إلى هذه الطائفة أو تلك، ومع أن تلك المنتديات لا تمثل في حقيقتها صورة المجتمع البحريني، إلا أنها على أي حال، جزء من المجتمع ويشارك فيها آلاف الناس وتطرح فيها الكثير من المواضيع وتنشر فيها معلومات وبيانات ومشاركات تهدف إلى إشعال الفتنة والتصادم وتأجيج أبناء المجتمع.

قبل أيام، راسلت إدارتي اثنين من المنتديات التي نشطت في الآونة الأخيرة على تأجيج الصراع الطائفي حول موقف الإدارة من الموضوعات الخطيرة والمدمرة التي يطرحها جيش هائل من الأسماء المستعارة، وحتى هذه اللحظة لم أتسلم أية إجابة! وقبل ذلك، تحدثت مع أحد المسئولين بوزارة الثقافة والإعلام آنذاك عن خطورة ما يطرح في تلك المنتديات، ومع تأكيده أن هناك مراقبة لما يطرح من مواضيع طائفية خطيرة، لكن لم يتخذ في شأنها أي إجراء.

على أي حال، لا يمكن اعتبار أسلوب التحريض والشتم والحملات الطائفية البغيضة في تلك المنتديات على أنها صورة من صور التعبير عن الرأي، فما هي إلا حالة من حالات هوس البطولات الوهمية الخطيرة التي تسهم في تأجيج الأوضاع في البلد، وإذا كان كبار المسئولين يفتحون المجال للناس لأن يطرحوا وجهات نظرهم وآرائهم بكل حرية، فإن تلك المستنقعات الإلكترونية القذرة، تفعل فعلاً مشيناً، وحسناً فعلت هيئة شئون الإعلام حين أغلقت كلاً من موقع «ملتقى مملكة البحرين» وموقع «مملكة البحرين العربية» وذلك لما يتضمنه هذان الموقعان من مواضيع تمس الوحدة الوطنية وتعمل على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، كما يتضمن كل من الموقعين الإلكترونيين مواضيع ومقالات تثير الفتنة والانشقاق في المجتمع، ولكن، هل سيأتي الدور على منتديات أخرى لاتزال تصب الزيت على النار؟

سعيد محمد سعيد

وفيات ليلة العيد… نعوذ بالله!

 

حالات الوفاة التي تابعها الآلاف من المواطنين البحرينيين والمقيمين ولربما ملايين الناس من الخليجيين والعرب ليلة العيد، جعلتني شخصياً أربط بين ما حدث من قصص موت مؤلمة في تلك الليلة، وبين ما نعيشه في بلادنا في هذه المرحلة الحساسة، لكن على أي حال، ترسخت القناعات لدي كما هي لدى الكثيرين، بأن الخاتمة لأي أزمة أو معاناة أو ظرف صعب لا يمكن أن تكون (الموت والقضاء المبرم) فقط! عدا ذلك، لا نهاية أخرى (مفرحة) مهما كانت أفق الحل.

أعتقد أن الكثيرين منكم استغربوا الإشارة الى وفيات ليلة العيد، جعله الله عيداً سعيداً على الجميع في هذا الوطن قيادةً وحكومةً وشعباً، من نتفق معهم ومن نختلف… من يحبوننا ومن يكرهوننا، لكن الوفيات – حفظكم الله وأطال أعماركم – هي تلك التي اختتمت بها معظم المسلسلات الدرامية الخليجية الرمضانية… معظم الأبطال ماتوا! وعلى الرغم من أن كتاب القصص والسيناريوهات لتلك المسلسلات من ألمع الكتاب الخليجيين، وأبدعوا أيما إبداع هذا العام وفي الأعوام السابقة، لكن لا أدري كيف تواردت الأفكار لأن تنتهي مسلسلات زوارة خميس وشر النفوس في جزئه الثالث وليلة عيد وكريموه وخيوط ملونة كلها بموت الأبطال… اللهم يا كافي الشر يا دافع البلاء! نعم، عالجت تلك المسلسلات قضايا اجتماعية مهمة، بكل تفاصيل المعاناة والمأساة، لكن حرام عليكم يا جماعة تحزنون الناس في ليلة العيد.

على أية حال، وليسمح لي القارئ الكريم أن أنتقل من تلك الصورة إلى إسقاط على وضعنا في بلادنا اليوم، فعلى الرغم من أن الوضع في غاية الحساسية ويتطلب ما يتطلب من حكمة وضبط للنفس وتعقل في الطرح والمعالجة وتقارب لصياغة الحلول بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات ومختلف الفئات الفاعلة من مسئولين وعلماء دين ومثقفين وصحافة وإعلام، لكن من غير المعقول أن تظهر إلى السطح دعوات مبطنة حيناً وظاهرة حيناً آخر لاقتلاع ما حققته البلاد على مدى السنوات العشر الماضية من تحول ملحوظ – وإن بنسب متفاوتة يراها الناس كل حسب وجهة نظره – في الحراك السياسي والاجتماعي وتدرج في الممارسة الديموقراطية، حتى وكأن البعض يتمنى أن تزداد الأوضاع سوءاً ويتوقف مسار التحول الديموقراطي ودولة القانون والمؤسسات، و(قتل) كل مبادرة أو توجه لإصلاح الأوضاع والحفاظ على اللحمة الوطنية والتواصل بين السلطة والناس.

وسواء اختلفنا أو اتفقنا في التفاصيل، فإن من حق الدولة أن تحافظ على الأمن والاستقرار وصيانة السلم الاجتماعي فللدولة هيبة يجب أن تصان، ومن حق كل من تورط في أي ممارسة مخالفة للنظم والقوانين أن يدافع عن نفسه أمام القضاء، نعم، ونقول أيضاً إن من حق كل مواطن يشعر بأن حقوقه انتهكت وتعرض للقمع والتعذيب والتجاوزات أياً كان شكلها أن يطالب بحقه بالأسلوب القانوني السلمي، ومن حق مؤسسات المجتمع المدني أن تنتقد أي إجراءات غير قانونية ومن حق الناشطين الحقوقيين أن يقوموا بعملهم على أكمل وجه مهما كانت المصاعب، لكن ليس من حق أحد أن يحرق ويدمر ويخرب ويشتم ويلعن ويفرض على الكل منهجه العنيف من جهة، وليس من حق أي أحد أن يضع طائفة أو شريحة أو مؤسسات في قفص الاتهام المطلق من جهة أخرى، ولا يحق لأي طرف أن يشكك في مبادرات علماء أو إعلاميين أو شخصيات لحلحلة الوضع، أو يسخر من مواطنين رفعوا شعار: «نحن أهل سلم»، أو يتمنى أن تزال شريحة بكاملها من المجتمع…

صوت الحكمة يجب أن يكون مسموعاً ومحترماً من جانب الدولة ومن جانب منظمات المجتمع المدني التي تمثل حلقة الوصل مع الدولة، ولا يجب أن ننسى بأننا نعيش في مجتمع متعدد، فإذا كان هناك فئة تؤمن بالعنف وبالتخريب وبالإضرار بالدولة والوطن تحت شعار «الحق»، فهناك فئة أو ربما فئات لا تقبل بهذا المنهج وترفض أن يفرض عليها الآخرون ما يجب عليها أن تعمله وترى في ذلك الأسلوب خراباً للبلاد والعباد.

هذه الأوضاع ستزول بعون الله، لكن حري بالجميع أن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأن يكون خطابه وفعاله وصوته نابعاً من مسئولية وطنية، وكلنا ثقة في أن قيادة البلاد الرشيدة، هي أول من يضع مصلحة الوطن على رأس الأولويات

سعيد محمد سعيد

عيد الأسرة البحرينية…

 

هذا يوم عيد الفطر السعيد، جعله الله عيداً مباركاً على البحرين قيادةً وحكومةً وشعباً، وعلى جميع الأمة الإسلامية وعلى كل البشرية جمعاء… أياً كانت ديانات وأصول وانتماءات تلك البشر، فالعيد بالنسبة لنا كمسلمين يمثل يوم حياة وسعادة وفرحة، لا تمنع مشاركة الآخرين من بني البشر.

هذا يوم عيد عظيم، ولاشك في أن كل بحريني يتمنى أن يفرح بالعيد مع أسرته البحرينية الكبيرة في حال أفضل، دون منغصات وهموم ومتاعب، ولكن أوضاع البلد الحالية، التي نتمنى جميعاً أن تمر على خير، تجعلنا نعيد التأكيد على الكثير من النقاط، ولعل أولها أننا جميعاً ضد العنف والتخريب والإرهاب والتحريض وإثارة الاضطرابات الأمنية والتأثير على السلم الاجتماعي وتجاوز الحدود مع العوائل والمكونات الاجتماعية، وكذلك، وفي الوقت ذاته، نحن مع المطالب السلمية المشروعة والحراك السياسي لمنظمات المجتمع المدني الذي هو جزء من المشروع الإصلاحي لجلالة عاهل البلاد الذي أعاد التأكيد على خيار الاستمرار في الإصلاح وفق الكلمة السامية لجلالته، وليس كما يقول بعض (عباقرة الصحافة البحرينية) بأنها – أي منظمات المجتمع المدني – شبيهة بزهرة وأزواجها الخمسة.

لن نحتاج إلى جهد كبير لنعرف أي فئة تلك التي تريد أن ترى المجتمع البحريني يأكل بعضه بعضاً، وتتلاقفه نيران الطائفية البغيضة عبر الكلام المسموم سواء في بعض الكتابات الصحافية غير المسئولة، أو من خلال الخطب والتصريحات الاستعراضية، أو عبر سيل جارف من آلاف المشاركات التي تعج بها المنتديات الإلكترونية المريضة (يومياً)، والتي تجمع فئات شابة يانعة لكنها مع شديد الأسف، لا تستطيع التميز بين الصواب والخطأ، وبين المواطنة والحقوق والواجبات، وفي الوقت ذاته، لديها طاقة جبارة في إثارة الفتن والشتائم ودعوات الانتقام.

تلك الفئة، منهم – مع شديد الأسف أيضاً – مواطنون بحرينيون أصلاء ومنهم الدخلاء، لكن الذي يجمعهم هو الحقد على الدولة ومواطنيها، ويمتلكون نفَساً مريضاً ونفاقياً وتدميرياً خطيراً، فهذا يدعي نضاله من أجل حقوق مشروعة فيضر نفسه ومجتمعه معتقداً أنه هو وحده على صواب وغيره على خطأ، وهذا يدعي ولاءه للوطن وقيادته فيسعى إلى إثارة الصدام والفتنة معتقداً أنه إنما يفعل ذلك ليظهر صدق مواطنته وحبه للوطن فيبث سمومه وأمراضه بين الناس، وكلا الطرفين، لا يهمهم ما إذا تعرض السلم الاجتماعي والنسيج الوطني للخطر، كل ما يهمهم هو أن يرضوا نفسياتهم المريضة ويحققوا ما تيسر من مكاسب خاصة.

في أحد الأعمدة الماضية، أشرت إلى أن البعض ربما انتشى وشعر بالفرح لوجود شعور عارم بأن المجتمع البحريني بدأ يأكل بعضه بعضاً… لكنّ ذلك شعور ينتاب كل شخص لا يعرف من هم أهل البحرين، ولعله من اللازم أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى القراء الكرام الذين بادروا بالاتصال وطرح وجهات نظرهم المختلفة على ما تناولته من ناحية الفكرة والموضوع، لكنها تتفق في نقطة واحدة وهي أن المرحلة التي تمر بها البلاد ليست هينة إطلاقاً، وتتطلب تقديم صوت العقل والعمل المخلص للوطن وأهله على صوت الفتنة والتناحر وتشطير أبناء المجتمع وهي مسئولية مشتركة بين الدولة ومكونات المجتمع ومؤسساته وأفراده وخصوصاً قادة الرأي، ذلك أن النتائج ستكون في غاية الخطورة إن ترك العقلاء الساحة لمن هم لا يجيدون سوى خطاب الفتنة والتحريض والتقسيم الطائفي والبحث عن موضع قدم للمصالح الفئوية.

لكن، هل خلا المجتمع البحريني بطائفتيه الكريمتين ومثقفيه وعلمائه ومسئوليه الذين يدركون حجم مسئوليتهم الوطنية من أن يكون لهم صوت مسموع ومبادرة تسهم في التصدي للأفكار الهدامة؟ لا أبداً، فالمرحلة التي تمر بها البلاد هي مرحلة غير مسبوقة، ونحتاج إلى شراكة مجتمعية حقيقية تقوم على التواصل بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الفاعلة ذات الصوت المسموع في البلد لترسيخ أسس الحوار والتفاهم المشترك لحل قضايانا بعيداً عن ممارسات العنف والتخريب والشحن والتمييز وأخذ الناس بالظنة والتشكيك في الانتماء، وإيقاف كل فعل أو ممارسة تؤزم الوضع من أي طرف كان.

ولربما اعتبرت مبادرة عالم الدين الجليل السيد عبدالله الغريفي موجزة وجامعة بتأكيده على أن (رهانات العنف الأمني هي رهانات مدمرة للبلد، مع أهمية الاتفاق على أسلوب الحوار الذي يعيد الأمور إلى نصابها)، وكذلك الحال بالنسبة للعلماء الأفاضل الذين طرحوا مبادرتهم في بيانهم الأخير، ومع كل ما نمر به حالياً، لكن من سوء حظ من ينوي بالبلد وأهله شراً أن يدرك فعلاً بأن أهلها لن يأكلوا بعضهم بعضاً.

عيد الأسرة البحرينية، أن تكون راية البحرين وقوانين البحرين وأمان البحرين ومصلحة شعب البحرين فوق كل شيء.

عيدكم مبارك وعساكم من عواده

سعيد محمد سعيد

البحث عن «الأسرة الآمنة»

 

للوهلة الأولى، قد يعتقد بعض القراء أن هناك تهويلاً وتضخيماً حينما نتحدث عن افتقار الكثير من الناس، من مواطنين ومقيمين، للأسرة الآمنة… ذلك في الحقيقة أخطر ما يمكن أن يهدد استقرار الإنسان في أي مكان في العالم، وأشد ما غفل عنه الكثير من المسئولين والباحثين الاجتماعيين والمرشدين والمهتمين بالحقل الاجتماعي في البحرين، ذلك النمط من الاغتراب والجفاء والهوة بين أفراد الأسرة الواحدة.

الخطر كبير، والحل ليس مستعصياً، فالخطوة الأولى أن يبدأ كل واحد منا بنفسه، ليعيد النظر بدقة وموضوعية وحرص ليرى الصورة واضحة… هل أسرته آمنة أم لا؟ وما الذي ينقصها… أو بالأخرى، ما الذي يهدد أمنها وطمأنينتها؟ هل هي أسباب في يده أم خارج عن إرادته؟ هل تعجز أجهزة الدولة عن المساهمة في حل بعض المشكلات أم أن الخدمات الاجتماعية الحكومية هي الأخرى منعدمة؟ لكن الأهم وقبل كل شيء، أن يدرك الكثير من أولياء الأمور، المتعلمين منهم وذوي التعليم المتوسط والأميين، أنه على رغم الافتقار إلى الدراسات الميدانية، لكن الكثير من الأسر في البحرين تعيش ظروفاً اجتماعية سيئة، ليست على المستوى المادي فحسب، بل على مستوى التواد والترابط والتراحم… وليس أفضل من اتخاذ قرار بإعادة النظر في مستوى تعاملنا الأسري في هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل.

والإعلام البحريني، أهمل كثيراً هذا الجانب، لكنني ولله الحمد، وجدت وأنا أبحث عن مواضيع تخدم الموضوع، أن «الوسط» كانت قد بادرت منذ العام 2005 بتناول الموضوع بين الفينة والأخرى، وكان للزميلة زينب التاجر موضوع رائع تناولت فيه تحت عنوان :»البحث عن الأسرة الآمنة» العديد من النقاط التي نحتاج أن نكررها ونركز عليها حتى تصل إلى جميع الفئات في المجتمع، وليتبادلها الناس فيما بينهم لتصل حتى إلى أولئك الذين يعيشون في حالة من الجهل والفقر وضيق ذات اليد لتمتد يد المساعدة إليهم… ولا تقولوا لي إنها (الدولة وهذه مسئوليتها) فهذا صحيح، لكن مع ذلك، فإن الكثير من أصحاب الأيادي البيضاء ساهموا ولايزالون في الدفع في هذا الاتجاه.

وفي الواقع، يشعر الإنسان بالأسى والحسرة حينما يقرأ بعض الأخبار والأحكام الصادرة عن المحاكم، أن يجد في مراكز الشرطة والمراكز الاجتماعية كماً هائلاً من القضايا التي ربما لن يصدقها البعض إن قلنا إنها وقعت في المجتمع البحريني حتى أن البعض منها يصل إلى حد التقاتل بين الأب وابنه وبين الأخوة أو الأقارب…

البحث عن الأسرة الآمنة مفتاحه في يد كل واحد منا… فأول خطوة هي التصدي للشيطان الرجيم الذي يسعى لتدمير البيوت، والخطوة الأولى هي الاعتراف بأننا مخطئون في حق أسرنا، وأننا، في مقدرونا، أن نرجع البسمة الجميلة إلى وجوه أفراد أسرنا صغاراً وكباراً.

عيدكم مبارك مقدماً… وسيكون حديثنا الخميس المقبل، حديث (عيد الأسرة البحرينية)

سعيد محمد سعيد

تلك الوجوه… تلك السماحة

 

قد ينجرف الإنسان انجرافاً عاتياً شديداً وهو يطالع بعض فقرات تلفزيونية أو يتصفح بضع منتديات إلكترونية، أو يقضي وقتاً في مطالعة صحف يومية، فيكون أمام ثلاث صفات من المشاعر: إما الخوف والقلق، وإما الحسرة والأسى والثالثة هي الفرح والسرور بما يشاهد ويطالع ويقرأ من (جنون) معنون بعنوان حب الوطن وهو خطأ فادح.

اترك عنك يا عزيزي كل تلك المظاهر الكاذبة، فالوجه للوجه أبيض كما يقال في الأمثال، لأنك إن أردت أن ترى وجوهاً بحرينية حقيقية عليها سيماء السماحة والمحبة والصدق والإخلاص، فعليك أن تكون حاضراً في المجالس الرمضانية التي يجتمع فيها الناس، وهم في حالهم ذاك، لا يمكن أن تغيب عنهم أمور البلد وشئونه وشجونه وهم يعيشون تطورات مذهلة يوماً بعد يوم… لكنك لن تسمع منهم إلا الرأي الحكيم الصائب والكلمة الطيبة والطرح العقلاني.

ولربما كانت أمور أخرى تجري في مجالس ما اعتاد عليها أهل البحرين… تلك المجالس المتسترة وراء العديد من الستائر قد تكون فرحة للغاية بما يجري في البلد… ليس على صعيد تطبيق القوانين والحفاظ على هيبة الدولة، بل على صعيد ملأ الأرض طولاً وعرضاً بالكثير الكثير من الافتراضات والتخيلات والأكاذيب، وكأنما الدولة، تصدق كل ما هب ودب… شرقاً أو غرباً.

على مدى الأيام القليلة الماضية، لاحظت كما لاحظ غيري أن شعب البحرين الأصيل لا يمكن أن يتلون حين يكون أمام (بعضه البعض) وجهاً لوجه… قد تتغير الوجوه وراء الأسماء المستعارة قطعاً في المواقع السيئة الذكر، وقد تختفي ملامح الخلق فيما يحاك هنا وهناك للإضرار بالوحدة الوطنية، لكن لا يمكن للناس الذين يتصافحون ويتعانقون ويتبادلون الدعاء بنيل ثواب الشهر الفضيل، إلا أن يكونوا صادقين فيما يقولونه لبعضهم البعض ولقيادتهم ولوطنهم… هذا الوطن، لا يتحمل المزيد من الطعنات الخفية، أياً كانت اليد التي وجهتها.

خلاصة القول، ستذهب كل الحملات المغرضة والموجهة للنيل من تماسك المجتمع البحريني سدى… ربما انتشى البعض وشعر بالفرح لوجود شعور عارم بأن المجتمع البحريني بدأ يأكل بعضه بعضاً… لكنّ ذلك شعور ينتاب كل شخص لا يعرف من هم أهل البحرين.

سعيد محمد سعيد

اقرئيها 126 مرة في اليوم!

 

لأنها وغيرها كثير على ما يبدو، عجزت عن التخلص مما ألم بها من بلاء، فلم تجد إلا وسيلة واحدة، وهي صعبة على أية حال، للاتصال بإحدى القنوات الفضائية التي تقدم للناس بعض ما يطلق عليهم (مشايخ) يساعدون الناس بالرقية الشرعية وهم لا يتقنون قراءة كتاب الله، وبالأذكار، وهم بالكاد يتذكرون النصوص بدقة، والأهم من ذلك، يتلاعبون بعقول الناس من قبيل… «اقرئيها يا أختي 126 مرة في اليوم لمدة أسبوعين، وإن شاء الله ستنالين مرادك، واتركي عنوانك لدى المخرج حتى أرسل لك حجاباً يخلصك من شرور السحر».

هل تعلمون ماذا يجب أن تقرأ تلك 126 مرة في اليوم؟ آية قرآنية كريمة، ولا بأس في ذلك، لكن أن تقرأها امرأة مريضة وكبيرة في السن 126 مرة، فهذا يشق حتى على الشاب اليافع السليم، والغريب أن الشيخ، وكذلك المتصلة، ومقدم البرنامج ذاته، لم يفكروا في مدى قدرة المريضة على فعل ذلك خصوصاً حين تكون الآية الكريمة طويلة نصاً.

المشكلة ليست في أولئك المشايخ… المشكلة في المشايخ والعلماء المعتدلين الذين يتوجب عليهم تكثيف تحذير الناس من مثل تلك المتاجرات باسم الدين وباسم القرآن الكريم.

ذات مرة، أعلنت للقراء الكرام بأنني تمنيت لو استطعت الحديث مع أولئك الناس الذين يمتلكون قدرات خارقة في قراءة المغيبات وفك السحر والحسد والإبداع في صياغة الطلاسم حتى يتمكنوا من فك العمل الذي أصيبت به بلادنا، فيكشفون الشياطين الذين يحومون حول هذه الأرض الطيبة، ويكشفون لنا اللصوص وسراق قوت الناس، ويحذروننا من الجن والعفاريت التي لا ترى بالعين المجردة لأنها تعيش في سرية تامة وتنوي بالبلد وبالناس شراً!

وحين أصل الى واحد من أمثال أولئك، ارجوه رجاءً حاراً أن يكتب لي طلسماً أو حجاباً فأقوم بنسخه أكثر من 700 ألف نسخة فأوزعه على البحرينيين، ولربما حصل غير البحرينيين على ما زاد منه ليلبسه الجميع حفظاً من الشياطين ورجماً لمن يكيد كيده ويناصب جهده، ولا داعي بعد ذلك لأن نكون صريحين في الحديث عن مشاكلنا وملفاتنا وقضايا البلد الحساسة منها وغير الحساسة، ولنرمِ كل شيء على الجن والعفاريت والسحر، ونكتفِ بلبس الأحجبة لنحجب عن عقولنا وقلوبنا كل طرق الوصول الى بر الأمان.

سعيد محمد سعيد

احذروهم ثم حذروا الناس منهم!

 

كلما اشتدت المنافسة بين المترشحين والمترشحات مع اقتراب موعد التصويت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، كلما شهدنا الكثير من الصور المهوّلة والتسقيطية والكيدية من جانب فئة من المترشحين ومفاتيحهم الانتخابية والعاملين معهم، كل على ليلاه يغني، ولكن (ليلاه) تلك تعني (اضرب واهرب)… كيف؟!

قبل أيام، وردتني بعض المكالمات والاتصالات تشير الى أن ممثلاً بلدياً اقترفت يداه الكثير الكثير من الأخطاء والآثام والبلايا والشرور، وأنه – من باب الحرص على المصلحة الوطنية – فإننا ندعو الصحافة الوطنية الحرة لفضح مثل هذه الملابسات وتحذير المواطنين من ذلك (الممثل) الذي لا يدرك أبداً مسئوليته الوطنية.

ثم عن طريق الصدفة اكتشفت أن (فلان وعلان وعلانة) الذين أرهقوني وأرهقوا أنفسهم بالاتصالات ما هم إلا أعضاء في الفريق الانتخابي لمترشح منافس؟

أما النغمة الطائفية فلا (أجمل) ولا (أروع) منها في آذان البعض… فهي تطرب الكثيرين منهم في ظل التزاحم الشديد في توزيع المجمعات من جهة، ومن جهة أخرى تدشين الحملات المنظمة… الصحافية منها والإلكترونية والخطابية، ضد جمعية بعينها وكتلة بعينها ونواب بعينهم للوصول إلى نتيجة واحدة… ذلك المترشح أو المترشحة هما من الطائفة الفلانية فاحذروا وحذِّروا كل من تعرفون من أبناء دائرتكم من التصويت لهما، أو… ذلك المترشح أو تلك المترشحة من أعداء الله ورسوله (ص)، ومن المجاهرين بالإلحاد، ومن الذين ملأت قلوبهم الآثام والمخازي فلا تقتربوا منهم وحذروا أبناء دائرتكم منهم أيضاً.

ولا يتردد طرف ثالث من القول صراحة بأن مترشح الطائفة الفلانية ضد طائفتنا يجب أن يواجه بوقفة رجل واحد تقول له في وجهه أنه لا ينتمي إلى بلادنا، فيما البعض الآخر يرد على ذات المنوال من قبيل سنقف في وجهك ولن تحصل ولا على صوت واحد من (جماعتنا).

أحلى وأروع وأجمل ما في الديمقراطية البحرينية، أن البحرينيين (كل أبوهم) أهل للديمقراطية واحترام الآراء والأهم من ذلك، يجمعهم الوازع الديني والقيم الأخلاقية الإسلامية الرفيعة، لكن، حينما ينشأ ولو (خلاف بسيط) بين اثنين أو اثنتين أو مجموعة، تصطك الأسنة ويتوالى سقوط الرماح وتشتعل الحرب (الديمقراطية) بلا هوادة بل وتصل الأمور في بعض الأحيان إلى التشابك بالأيدي… لكن الحمد لله على نعمة الديمقراطية والحوار البناء واحترام الآراء التي تجمعنا دائماً… الحمد لله… الحمد لله والشكر