د. شفيق ناظم الغبرا

أسوار النخب العربية… بين العزلة وإعادة التعريف

هل صحيح أن الكثير من النخب العربية تحمل رؤية دونية تجاه الشعوب العربية؟

بالطبع تتنوع نظرة وفلسفة النخب العربية السياسية والقيادية، ولكن عندما نتفحص النتائج في سلسلة من الدول العربية المفككة يتضح أنه ساد تفكير النخب نظرة دونية تجاه الشعوب والحقوق والمواطن؟ فالكثير من نخب المواقع القيادية التنفيذية المتقدمة تعتبر الشعوب قاصرة غير قابلة للتطور؟

بل تستنتج، ذات النخب أن الفقر والبطالة والتردي سببها الناس التي تتوالد ولا تنتج، لسان حال النخب يؤكد بأنها لا تتقبل أن يكون للاحتكار السياسي الذي تمارسه والفردية التي تثبتها والفساد الذي تعممه ومصادرة الحرية والإبداع والشفافية سبب رئيسي في العنف والإرهاب والاضطراب الإقليمي، وحتماً هناك عوامل أخرى، لكن العوامل الذاتية حاسمة في واقعنا، ونتساءل مع المتسائلين: هل نجح الاستعمار في نقل نظرته الضيقة إلى النخب العربية؟ فقد عرف عن الاستعمار منطلق ثابت مفاده: «الشعوب غير مهيأة للاستقلال؟» بينما يعرف عن النخب العربية منطق مفاده: «الشعوب غير مهيأة لا للحرية وللديمقراطية ولا لحكم نفسها بنفسها ولا حتى للرقابة؟» متابعة قراءة أسوار النخب العربية… بين العزلة وإعادة التعريف

د. شفيق ناظم الغبرا

تناقضات المركزية العربية

من أهم منطلقات المشكلة العربية سيطرة نظرة دونية بين الكثير من النخب العربية تجاه الشعوب والشرائح الإجتماعية المختلفة، وذلك بصفتها قاصرة وغير قابلة للتطور والنمو. لا تستوي كل النخب في هذا التفكير، فهناك تفاوتات. لكن قطاعاً ليس صغيراً من النخب العربية يعتبر أنه لسوء طالعه يعيش في جغرافيا سلبية ومع شعوب دون المستوى. هكذا لا تعود قضايا الفقر والبطالة والتردي مسؤولية النظام، ولا يصبح الإحتكار السياسي والفردية إلا ضرورة في التعامل مع هكذا شعوب. للحظة يبدو الأمر وقد إختلط، فهل الذي يتحدث هو الاستعمار أم وريثه، أم ان قيم الاستعمار (حول عدم قدرة الشعوب على ممارسة السياسة والتداول على السلطة) إنتقلت عبر الوقت لتصبح قيم النخب الجديدة. وقد أضافت ثورات الربيع العربي مخاوف جديدة في صفوف النخب الحاكمة. لهذا تتحصن قطاعات من النخب العربية وبدرجات متفاوتة وصولاً الى التطرف يميناً ضمن أسوار وقلاع مفادها أن الديموقراطية والحريات والمساحة العامة تمثل خطراً على النظام. بعض النخب يخشى من كل تغيير، وبعضها يفضل التغريب الشامل لكن بشرط عدم إصطحابه: الحريات والحقوق والمساحة العامة التي تمثل أحد أعمدة قدرة الغرب على التطور. مأزق الأرستقراطية العربية (وبالطبع ليس كلها) تحول الى مأزق عربي بإمتياز. من جهة أخرى ان أول النخب العربية التي ستخرج من هذا الحصار الذي فرضته على نفسها بنفسها ستكون قادرة على تجيير قدراتها وخبراتها لصالح تقدم الشعوب. يبقى هذا الأمر (الإصلاح القادم من الأعلى، أم من الأسفل أم من الاثنين) مفتوحاً على مصراعيه. متابعة قراءة تناقضات المركزية العربية

د. شفيق ناظم الغبرا

العرب بين ممارسة العدالة والإمعان في الظلم

يدفع التنافر في المشهد العربي نحو المزيد منه وذلك لأن العالم العربي لم ينجح في التقاط البعد الحقيقي والتاريخي لمشهد عام ٢٠١١، ففي تلك اللحظة التاريخية سقطت أجزاء أساسية من النظام العربي في وحل الارتباك في التعامل مع دروس التاريخ. بل تحولت العدالة إلى الضحية الأولى لمحاولات النظام العربي منذ ٢٠١١ العودة بعقارب الساعة للوراء. إن نقص العدالة العربية هو الذي فجر العالم العربي والذي لولاه لما كانت هناك ثورات وانتفاضات. لقد دفعت حالة اللاعدالة العربية بمنظمة «الإسكوا» في الشهور القليلة الماضية، وهي المنظمة التابعة للأمم المتحدة والتي تعمل في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في العالم العربي، إلى العمل على كتابة تقرير موسع سينشر في العام ٢٠١٦ عن حالة اللاعدالة في الدول العربية. ما سيكشفه التقرير سيوضح مدى عمق المأزق، فالدول العربية في أدنى الأنظمة السياسية في تطبيق العدالة وذلك بسبب سيطرة الأجهزة التنفيذية غير المسائلة على كل السلطات وبسبب الفساد وسيطرة المصالح الضيقة على قيم العدالة وبسبب ضعف وغياب الحريات. في التقرير تأكيد على أن اللاعدالة في الوضع العربي هي نتاج ضعف مزمن في تعامل النخب مع الأبعاد السياسية والقانونية والاجتماعية والإنسانية والاقتصادية للعدالة. لا يزال النظام العربي سائراً نحو هاوية سحيقة إلا إذا مارس لحظة صدق مع نفسه وبدأ بتغيير المسار. متابعة قراءة العرب بين ممارسة العدالة والإمعان في الظلم

د. شفيق ناظم الغبرا

تحديات أمام العرب والعالم بعد إرهاب باريس

أدى العنف الذي استهدف المدنيين في العاصمة الفرنسية إلى سيول من الدماء. المشهد العبثي والمحزن جاء بعد حادثتين: الأولى التفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية واستهدف مدنيين لبنانيين معظمهم من الطائفة الشيعية، والثانية إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء. يفتح هذا العنف الباب للمزيد من الكراهية في منطقتنا وفي العالم. ما وقع في باريس بالتحديد عنى عملياً أن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) مستعد لمتابعة الطريق الذي بدأ مع «القاعدة»، وأن طموحه في الجهادية العالمية لا يقل عن طموح «القاعدة»، وهو في الوقت نفسه يعكس حالة العنف السائدة في منطقتنا على كل صعيد. إن قتل المدنيين في صورة عشوائية في قلب العاصمة الفرنسية وفي قلب بيروت وفوق سيناء يستحق كل إدانة لاستهدافه الأبرياء، وهو في هذا بسوء دموية الأنظمة الاستبدادية كما والغربية التي تمارس العنف بحق المدنيين في سورية والعراق ودول ومجتمعات عربية أخرى. في الوقت نفسه، تتحمل فرنسا والغرب مسؤولية كبيرة عن ترك دول منطقتنا كسورية والعراق وبقية الشرق وسط أنهار من الدماء. فما زال الغرب يحلم بحرب على الإرهاب (تقتل الكثير من المدنيين) تحاكي حرب ٢٠٠١، ولا يزال يعتقد أن عقد صفقات مع الذين سببوا كل هذا العنف في الجانب النظامي (الأسد مثلاً) يشكل مدخلاً لتطويق الإرهاب. ما زالت المشكلة الأساسية في منطقتنا مرتبطة بالاستبداد وثقافته وبالديكتاتورية ومصادرتها حقوق الشعوب وحرياتها وبأثر كل هذا على الناس والمجتمعات والأفراد وسلوكهم بل وعنفهم وتطرفهم. سيبقى كل هذا مع احتلال فلسطين هو المصدر الأول للعنف الذي يحيط بمنطقتنا. متابعة قراءة تحديات أمام العرب والعالم بعد إرهاب باريس

د. شفيق ناظم الغبرا

تناقضات إيران: نظام محافظ ومجتمع منفتح

تثير إيران بين العرب، بخاصة منذ قيام الثورة الإسلامية، الكثير من ردود الفعل المتناقضة. في البداية، كان الخوف من تصدير الثورة الإسلامية الى دول العرب ومجتمعاتهم، وقد أدى ذلك الخوف الى الحرب العراقية – الإيرانية الكارثية، والتي أدت بدورها الى إفلاس الديكتاتور العراقي صدام حسين مالياً وسياسياً، ما دفعه الى التعويض عن خسائره عبر احتلاله المتهور للكويت. وقد أدى غزو صدام للكويت الى وضع العراق تحت عقوبات صارمة وحرب ١٩٩١ وصولاً الى الغزو الأميركي عام ٢٠٠٣. هكذا ومنذ ١٩٧٩، تنشغل ردود الفعل العربية الرسمية بإيران، سواء كان ذلك في صورة مباشرة أم في صورة غير مباشرة. ومع سقوط عدد من الدول العربية ضحية سوء الإدارة والفشل السياسي والارتجال والاستبداد، في ظل غياب الحقوق وتفشّي اللاعدالة، وجدت إيران أسوة بغيرها من القوى المؤثرة، أنها قادرة على ملء الفراغ. وهذا فتح الباب لصراع اكتسى أخيراً طابعاً مذهبياً، إلا أنه في الأساس صراع سياسي. لقد أدى الاتفاق النووي الأميركي – الإيراني الى إثارة مخاوف كبيرة بين دول مجلس التعاون. لكن الواضح أنه لا يمكن اختزال إيران بالنظام أو بفئة في النظام أو بمؤسسة المرشد أو بالسلاح النووي والتدخل العسكري.
متابعة قراءة تناقضات إيران: نظام محافظ ومجتمع منفتح

د. شفيق ناظم الغبرا

عودة الروح إلى النضال الفلسطيني

واهم من يعتقد أن القضية الفلسطينية قابلة للانتهاء والتصفية، فمن يتصفح الواقع ويتعايش مع التاريخ يعرف جيداً أنها ستبقى من أهم القضايا في الشرق العربي، بل وفي الشرق الإسلامي والإنساني. أن يتجاوز ذكرها رؤساء العالم في قممهم، كما فعل الرئيس أوباما في خطابه الأخير في الأمم المتحدة، لا يعني أنها ليست قضية القضايا والتي عندما تعود، تؤثر في التحولات. الديناميكية الفلسطينية تثور عندما تهمَل، وتلتئم عندما تشعر بأنها عادت إلى مراحل النسيان والتشتت، وفي كل عودة تكتشف لنفسها تعابير جديدة وأدوات مختلفة. وعلى مدى عقود مقاومة الفلسطينيين لعدوهم الطامع في أرضهم والنافي لوجودهم، تفجرت عشرات الانتفاضات والثورات والتمردات والعمليات والحروب، بل بلغ عدد الشهداء الذين سقطوا من أجل الحقوق الفلسطينية عشرات الآلاف. يكفي أن نتذكر أن أكثر من ٢٠ ألفاً قضوا في عام ١٩٨٢ إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وأن التضحيات الفلسطينية كما العربية امتدت كالسيول في تاريخ الصراع، وهي لم تتوقف مرحلياً إلا لتستجمع قوتها. متابعة قراءة عودة الروح إلى النضال الفلسطيني

د. شفيق ناظم الغبرا

التدخل الروسي يزيد إشتعال الحرب السورية

أعاد التدخل العسكري الروسي في سورية ثم توجيه ضربات جوية ضد عدد من مواقع المعارضة السورية إلى الحرب السورية شعلتها. لقد أصبحت هذه الحرب أكثر تعقيداً من خلال إلإضافة الروسية، وهذا يعني أن الحلول التي تتعلق بسورية لن تكون ممكنة في المدى المنظور، فالتدخل الروسي سيفرض أجندته السياسية والعسكرية، فهو من جهة سيقوي الرئيس بشار الأسد لكنه في الوقت نفسه سيضعفه ويضعف نسبياً النفوذ الإيراني، كما سيقوي الجيش السوري صاحب العلاقة التاريخية مع روسيا على حسابهما. في المرحلة القادمة سيسعى الطيران الروسي لدعم الجيش السوري وقوات «حزب الله» في محاولة لاستعادة مناطق فقدها النظام الذي يسيطر الآن على ٢٠ في المئة من الأراضي السورية، وسيسعى الروس في الوقت نفسه لامتحان قدراتهم على كل الأصعدة، وهذا سيفتح عليهم جبهات جديدة بخاصة ان التدخل الروسي يحصل وسط رفض شعبي عربي ووسط رفض سعودي و تركي. في سورية ولّدت الحرب منذ بداياتها سلسلة حروب، وكل توسع لهذه الحرب سيؤدي الى مزيد من الإشتعال. متابعة قراءة التدخل الروسي يزيد إشتعال الحرب السورية

د. شفيق ناظم الغبرا

حرب اليمن ومأزق التدخل العسكري

في الحرب ترتفع وتيرة الحشد الإعلامي، بل يمكن القول إن الحقيقة هي أول ضحايا الحرب عندما تقع بين دول وفئات ومجتمعات أهلية. وحرب اليمن لن تكون استثناء، فالكثير من المعلومات التي تقدم من قبل الأطراف تنقصها الدقة والوضوح، وهذا يجعلها حرباً تفتقر إلى دور الرأي العام ومعرفته ومتابعته الحقة.
متابعة قراءة حرب اليمن ومأزق التدخل العسكري

د. شفيق ناظم الغبرا

الثقافة العربية وقول الحقيقة

كيف نفهم دور الثقافة العربية بينما تنهار الدول وتسقط المناطق في ظل مشهد العنف الزاحف. لا يقع التآكل في كل مكان، لكنه يصيب كل الأمكنة بدرجات متفاوتة. وبينما تستمر الدول والأنظمة في ممارسة ثقافة تمجيدية تخلو من الروح النقدية، تبرز في الحالة العربية روح نقيضة تتميز بدرجات من النقد والتحرر من الضوابط التقليدية. إن اللحظة العربية الراهنة بعنفها عمّقت في صفوف الرأي العام العربي خطاب التشكك والتساؤل. فالخطاب الرسمي يعجز حتى الآن عن تفسير ما آل اليه الوضع العربي ويعجز عن اللحاق بالتحولات الكبرى التي تعصف بالحدث، وأدى هذا العجز الى طرح قوانين متشددة حول الحريات ما ساهم في تكوين رأي عام يزداد نقدية وتخوفاً من المسار الراهن.
لقد أصبحت الثقافة الرسمية العربية خصوصاً منذ ٢٠١١ أكثر التصاقاً بالفئة المهيمنة التي تستخدم الأدوات الإعلامية الهادفة للتأثير في السلوكات. لكن هذا الالتصاق هو الآخر منفر للناس يساهم في بحثهم عن مرويات مختلفة من مصادر أخرى. والسبب في هذا ان الأحداث العربية تتجاوز التوجيه والتعبئة، فكل إعلان لا تدعمه الوقائع والحلول سرعان ما يتراجع أمام ضربات الأحداث. من هنا يبدو الخطاب الرسمي العربي وقد تحول إلى الدفاع مبرراً القصور الكبير الذي يمس الحريات والحقوق والمساحة العامة والعقد الاجتماعي بل وصنع القرار كلية أو جزئياً في المجال الخارجي والاقتصادي.
متابعة قراءة الثقافة العربية وقول الحقيقة

د. شفيق ناظم الغبرا

الانظمة العربية وأخطار العجز عن الإصلاح

هل يمكن القول إن النظام العربي أو أجزاء أساسية من نخبه وصلت الى النتيجة التالية: لقد جاء الربيع العربي وذهب واستتبت الأوضاع ولم يعد هناك شيء يتطلب التغيير؟ من جهة أخرى يستنتج مئات النشطاء السلميين المنتشرين في دول عربية مختلفة المقولة التالية: النظام السياسي العربي يضع نفسه في مواجهة مع مفهوم المواطنة بصفتها التشاركية والتفاعلية والحقوقية والشعبية ولهذا يضع نفسه بالنتيجة في مواجهة مع فكرة الدولة؟ كما يستنتج نشطاء عرب كثر: ما هو جيد للنظام السياسي العربي الرسمي أصبح سيئاً لفكرة الدولة وما هو جيد للدولة هو الآخر سيء للنظام السياسي الرافض لمبادئ الإصلاح؟ وهل يفسر هذا كله نزوع بعض العرب من حملة السلاح وممارسي العنف كـ «داعش» و»القاعدة»، بوعي أو من دون وعي، للتخلص من الدولة الوطنية؟ ويبرز السؤال: ما الذي تحتاجه أنظمتنا السياسية لتعتنق عملية الإصلاح السياسي والديموقراطي: هل فعلاً تنتظر أزمات جديدة، ثورات جديدة، عنفاً أكبر وأزمات اقتصادية ومزيداً من الإنهيار؟ هل فعلاً لا يبهرها شيء مما وقع حتى الآن لأنها تستمع لمنطق القوة ولا تتعمق في منطق التاريخ؟
ولكن بعض الدول العربية نجح في تحقيق خطوات تعطي بعض التفاؤل بامكانات الإصلاح: فقد مارس المغرب إصلاحاً مقبولاً في السنوات القليلة الماضية بينما تتطور التجربة عبر الشراكة مع قوى إصلاحية جديدة، أما في تونس فقد نجح الإصلاح بعد الربيع العربي في إدارة حالة ما بعد الثورة. هذه الأبعاد تعطي تفاؤلاً بأمكانية الإصلاح من دون الإلتفات الى المصالح الضيقة والامتيازات المضخمة التي تؤثر على الأنظمة وتجعلها عاجزة عن التقاط روح المرحلة وضرورات القرار الديموقراطي. بعض النخب في الأنظمة العربية لا تمانع في الإصلاح إلا أنها تتردد أمام قوى الاحتكار والسيطرة وبعض الجماعات العائلية والسياسية ذات التوجه النخبوي.
متابعة قراءة الانظمة العربية وأخطار العجز عن الإصلاح