سامي النصف

ثلاثية الشوك وبنوك المساء

قادت الرئيسة المحافظة مارغريت تاتشر وبعدها ميجور بلدها لمدة جاوزت الأعوام العشرة، وما ان اتت الانتخابات البرلمانية اللاحقة حتى اكتسحها حزب العمال بقيادة بلير، ومثل ذلك سيطرة الديموقراطيين الليبراليين بقيادة الرئيس كلينتون على مقاليد وزارات التعليم لمدة 8 اعوام، ومع ذلك لم يتحول الشعب الاميركي بسبب ذلك الامر الى ديموقراطيين وليبراليين دائمين، بل عادوا وانتخبوا الحزب الجمهوري لأنهم ليسوا قطيعا يقاد من قبل الوزير الراعي، لنتوقف قليلا عن خلق اصنام سياسية لا نكتفي بعبادتها والايمان بها، بل نطلب من الآخرين عبر التهديد والوعيد ان يؤمنوا بها و.. يعبدوها.

طالبنا في عدة مقالات سابقة بإعداد دورات تعريف بالعمل البرلماني للنواب الجدد، تتم خلالها دراسة الدستور واللائحة والقصد من الاسئلة البرلمانية والاستجوابات، اضافة الى قواعد البروتوكول، الحقيقة ان مثل تلك الكورسات يحتاجها كذلك بعض الوزراء الجدد حتى يعرفوا بشكل افضل حدود مهام عملهم، فلا يفرطوا بما هو حق لهم ولا يقفزوا بالمقابل على صلاحيات الآخرين. يمارس الطبيب مهنته في عيادته والمحامي في مكتبه والطيار في كبينة قيادته، وبالمثل يفترض ان يمارس عضو مجلس الامة جل اعماله التي انتخب لاجلها تحت قبة البرلمان وضمن لجانه وليس في دهاليز الوزارات وداخل مكاتب المسؤولين، علينا في المرحلة المقبلة خلق لوائح واعراف تصون كرامة النائب الفاضل وتمنعه من اصطحاب ناخبيه للوزارات المختلفة لتحقيق طلبات هي في اغلبيتها المطلقة قفز على حقوق مواطنين آخرين وانتهاك لأبسط قواعد دولة المؤسسات التي تدعو للمساواة واعتماد العمل المؤسسي لرفع المظالم.

جرت الاعراف في العالم اجمع على ان يعطى اي تشكيل وزاري جديد مدة تقارب العام قبل البدء في محاسبته، امر كهذا اصبح مطلبا ملحا للشعب الكويتي، كي تبدأ قاطرة الحكومة التي تسحب البلد بالعمل والتحرك السريع للامام قبل ان تصدأ السكة وتجنزر العجلات من طول التوقف، ويعتاد الناس على مقولة نيام نيام.

هناك ثقافات سياسية متوارثة خاطئة حتى النخاع تسببت بأغلب الكوارث السابقة واللاحقة، من اهمها الاعتقاد بأن العمل السياسي لا يتم الا بالازمات السياسية، وان اعادة الانتخاب وحصد رضا الناس لا يتحققان الا اذا غضب النائب وزمجر وضرب بيده على الطاولة واضاف الى صحيفة اعماله استجوابا او اكثر.

العمل السياسي المثمر والمفيد هو الذي لا يسمع ولا يعلم الناس به.
 
استمعت من احد المخضرمين في احد الدواوين لنصائح مرسلة غير شكل، يقول صاحبها: احذر في العمل الحر من ثلاثية الـ «شوك»، وهي اختصار للشراكة والوكالة والكفالة، كما اضاف بالنصح الا تشتغل او ترأس من هم من ابناء جلدتك ايا كانت جنسيتك، حسب قوله، لأن ذلك يجرئهم عليك فيصبحون اما مشكلجية يولولون في الصباح والمساء كالنساء او كلكجية كثيري الكذب والتغيب بعذر او بدونه او حرامية يسرقون الكحل من العين، لا عجب الا نرى مواطنين يعملون في القطاع الخاص ما دام هناك من يؤمن بمثل تلك الاقوال.

آخر محطة:
لا داعي على الاطلاق لفتح البنوك ابوابها في المساء وهو ما يساهم بتطفيش الكويتيين العاملين بها.

سامي النصف

في التنظير السياسي وناصر الروضان

سؤال يجب الإجابة عليه بتجرد وصراحة تامة، وهو: هل الأزمة القائمة في البلد والتي انتهت باستقالة الحكومة هي نتاج لسوء اختيار أو أداء الوزراء المستجوبين؟

الإجابة المنصفة هي بكل بساطة «لا» كبيرة، فمحمد السنعوسي كان أحد أكثر وزراء الإعلام تأهلا وخبرة وقدرة وقد ساهمت إصلاحاته بوفر في المال العام جاوز 3 ملايين شهريا، والحال كذلك مع الأداء الموجب لوزير ومسؤولي وزارة الصحة.

إن مغزى السؤال والإجابة السابقة إظهار حقيقة أن حسن اختيار الوزراء بذاته، وهو مطلب ملح لا جدال عليه ولا بديل عنه، قد لا يعني توقف الأزمات والاستجوابات مستقبلا التي تشغل البلد عن متابعة أموره التنموية، ما لم تواكبه إصلاحات جذرية وجوهرية على الجانب التشريعي، يقوم بها العقلاء والحكماء من النواب لمنع استغلال الأدوات الدستورية الخيّرة في غير موضعها، ودون ذلك سيبقى البلد على سطح صفيح ساخن من الأزمات المتتالية حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وللمعلومة، ضمت الوزارة المستقيلة وزراء متميزين، وكانوا الأغلبية، وقلة ممن تسببوا بتوريط البلد في أزمات متتالية عبر نظريات ساقطة اختلقوها وصدقوها، وفي هذا السياق نشيد بالدكتورة الفاضلة معصومة المبارك التي تعاملنا معها مهنيا ونشهد لها بالكفاءة والتميز الشديدين.

أحد الأخطاء الشائعة في شارعنا السياسي اختراع نظريات ما أنزل الله بها من سلطان، ثم الطلب من المسؤولين اتباعها والتقيد بها (!)

ومن تلك النظريات بدعة القول بأن الليبراليين يجب أن يبعدوا عن وزارتي الإعلام والتربية.

في البدء إن مضمون ذلك القول، ومغزاه الحقيقي أن شعبنا ومواطنينا هم أقرب للقطيع الساذج الذي لا عقل له، ومن ثم يستطيع فرد واحد متى تسلم مقاليد وزارة ما أن يغير أوضاعه وقناعاته من حال إلى حال.

لقد تولى مقاليد وزارتي التربية والإعلام في دول، مثل مصر وسورية والعراق وغيرها لعقود عدة، وزراء علمانيون وليبراليون ومع ذلك نرى التوجه الديني على أشده في تلك الدول، ومن ثم لا صحة إطلاقا لنظرية «القطيع» التي ترى أن وزيرا ليبراليا سيحيل البلد الى ليبراليين، فإذا ما حل محله وزير يساري تحول «القطيع» الى يساريين وإذا ما أصبح إسلاميا تحولوا الى إسلاميين، إن في مثل تلك الادعاءات والمطالب الساقطة تدخلا فجا وغير مقبول في أمور سيادية مناطة بها سلطات أخرى تنهى عنه المادة (50) من الدستور، لذا ما كان يجب التدخل به أو الحديث عنه ممن يفترض فيهم الحفاظ على نص الدستور وروحه.

إن هناك ما يسمى بـ «المواءمة والملاءمة» في العمل السياسي، بمعنى أن وزارتي الأوقاف والعدل أكثر ملاءمة لتعيين رجال من التيار الديني بهما رغم عدم وجود ما ينص على ذلك في الدستور، بينما نجد أن وزارتي الإعلام والمالية أقرب للتوجه الليبرالي بسبب خصوصيتهما، ولحقيقة أن تقلد أحد الإسلاميين لإحدى أو لكلتا الوزارتين سيحرجه ويدمر أعمال وأنشطة وزارته، فكيف لإسلامي أن يقبل بمعاملات البنوك والاستثمارات الربوية في المالية أو الأغاني والتمثيليات في الإعلام؟!

في النهاية نطالب بالتوقف عن الدعوة لاستحقاقات غير عقلانية أو منطقية من المسؤولين.

آخر محطة:
نرجو من القلب صحة ما أشيع عن عرض منصب وزاري قيادي على الوزير السابق ناصر الروضان الذي يحظى باحترام الجميع، بوخالد تحتاجه البلد بشدة في المرحلة المقبلة.

سامي النصف

أربعائيات متناثرة

حضرت بالأمس جانبا من انتخابات رابطة الأدباء احدى منارات الثـقافة والشعر والادب الكويتية في عالمنا العربي والتي تم تأسيسها في عام 1923، وحقيقة محزن ومخجل جدا عدم حصول الرابطة في عهد الطفرة النفطية والمداخيل المليارية غير المتوقعة على مبلغ لا يتجاوز 600 الف دينار طالبوا به الحكومة لانشــاء مقر جديد لهم بدلا من مبـانيهم المتهالكة التي جاوز عمـرها النصف قرن.

وبالمقابل هناك حقيقة ثابتة تظهر ان من يساهم بإنشاء عمل ثقافي أو أدبي أو فكري يقوم التاريخ بتخليد اسمه الى الأبد كحال من انشأوا مدرسة المباركية، لذا فما المانع من قيام جهة خاصة سواء كانت افرادا أو مؤسسات بنكية أو مالية أو عقـــارية بتبني بناء كل أو جزء من ذلك المشروع التنويري الهام الذي سيضم مبنى ومكتبــة ومسرحا وقاعات محاضرات على أرضهم الكائنة في منطقة العديلية؟

ولن يبخل ادباؤنا بالطبع على من يقوم بذلك العمـــل الفكري والثقافي المميز باطــلاق اسمه على مباني ومنشــآت رابطتهم.

«السلامة» في الكويتية تحكم معيارها الجهات الرقابية المحلية والدولية لا الاهواء والتي تجمع دون استثناء على جودة الاداء في المؤسسة من تلك الزاوية، وللعلم لا علاقة لمستوى السلامة بالأعطال الفنية الطارئة التي تحدث في جميع شركات الطيران في العالم ومن ضمنها الطائرات الجديدة قبل القديمة لحقيقة ان جميع الطائرات المستخدمة هي من صنع مصنعين هما الايرباص وبوينغ ولا توجد طائرات تايوانية مقلدة وسيئة الصنع تستخدم لدى شركتنا واخرى جيدة تستخدم لدى الآخرين.

وفي هذا السياق عقد اجتماع تاريخي قبل يومين ستظهر نتائجه ان شاء الله سريعا على مستوى الاداء والخـــدمة في «الكويتية» التي هي بالنهاية ملكيـــة عامة يشترك بها كل المواطنــين الكويتيين ولا توجــد لأحد مصلحــة في الاساءة لسمعتها، خاصــة انها تتنافس على مستــوى دولي مع شركات بالمنطقة مدعومة بالمليارات وتم تصنيفها بالافضل على مستوى العالم اجمع، ان هناك بالقطع مجالا كبيرا لتحسن مستوى الخدمة والاداء في الكويتية وتقليل عمليات التأخير والاخطاء الشخصية لحدها الادنى، وهو ما تزمع مؤسستنا الوطنية وقيادتها التنفيذية الشابة على القيام به.

سامي النصف

حكومة 2007

نحن بحاجة لنهج جديد وثقافة جديدة تبعدنا عن الخارطة الزرقاء التي تشكل من خلالها الحكومات المتعاقبة فتنتهي في بعض الأحيان بالأزمات والاستجوابات والاستقالات اللاحقة، وأول مقترحات التشكيل الجديد التشاور بشكل مختلف مع الكتل البرلمانية الأربع، فيبحث عن القواسم المشتركة بينها، ثم الاتفاق بشكل مسبق على أن تشكيل حكومة إصلاحية تحارب الفساد يعني دعم الكتل بشكل واضح وصريح لمساراتها وقراراتها لا أن يكون لسانهم معها وسيوف استجواباتهم الكيدية ضد وزرائها.

وهناك حاجة ماسة للوزراء الناطقين من منظرين ومفكرين ممن يستطيعون ان يسوقوا للناس برنامج عمل الحكومة ويدعموا خيارات الخصخصة، وكويت المركز المالي والنهضة الجديدة.

ان منهاجية الحكومة الناطقة قضية مهمة، حيث من خلالها يتم كسب الرأي العام فتخف الأزمات والاستجوابات ودون ذلك سيظل هناك من يستضعف الحكومة ويحاول ادعاء البطولات من خلال إعلاء الصوت الأجوف عليها.

ومن الضرورة بمكان معرفة ان شريحة الأذكياء من جميع القطاعات هي الأصلح لمناصب الوزراء، حيث ان كفاءاتهم العقلية تثري الحوار ضمن المجلس وتجعله اقرب لمستودع عقول يرشد القرارات الصادرة ويحصنها من الأخطاء والزلات، ومن ثم إيقاف ظاهرة سحب المشاريع والقوانين بعد صدورها، كما ان لهذا النوع من المسؤولين القدرة على تحفيز العاملين في الوزارات المختلفة ودفعهم للعمل الجاد، مما يشعر المواطنين والمقيمين بالرضا والراحة تجاه أداء الحكومة، ويوفر القطاع الخاص عادة شريحة كفؤة وبعيدة عن الموروثات الحكومية العاشقة للروتين واسلوب «كتابنا وكتابكم» الشهير، وأمر كهذا لا يعني توزير من يؤمنون بالليبرالية المتوحشة التي لا ترى خطأ على الاطلاق في طرد جميع الكويتيين من وظائفهم وابقائهم مشردين على الأرصفة لما في ذلك بنظرهم من حرص ومراعاة لمصالح الكويت العليا.

وضمن القطاع الحكومي وفي وزاراته ومؤسساته وشركاته رجال ونساء لو وضعتهم على جراح الوطن لبرئ وتعافى وشفي وخرج يجري مسابقا وسابقا الآخرين، ومثل هؤلاء ليسوا بالضرورة على قمة الهرم الاداري، حيث ان نظامنا الحكومي كثيرا ما يرقي ويصعد ذوي الاعاقات الفكرية والضمائر المهترئة ويدفع لزوايا النسيان بأصحاب الكفاءات النادرة والضمائر الحية.

ومما يساء له كثيرا ويخدع به حتى وقوع الفاس بالرأس مصطلح وزراء التكنوقراط فيؤتى للوزارة بمن يحمل الشهادات العليا، والشهادات العليا منه براء، أو بمن يسبق اسمه حرف الدال دون معرفة ان ضمن تلك الشريحة ـ حالها كحال جميع الشرائح الأخرى في المجتمع ـ الكفؤ الأمين، كما ان من ضمنها عديم الكفاءة، فالشهادات العليا يتم الحصول على البعض منها بالذكاء والقدرة والبعض الآخر بالمثابرة والتكرار الذي يعلم الشطار، كما يشترى بعضها الثالث بالكيلو أو الرطل طبقا لبلد الجامعة المصدرة لتلك الشهادة.

آخر محطة:
حُسن المنتج لايعني الاستغناء عن الحملات الإعلانية والإعلامية الدعائية لترويجه، خطط حكومة 2007 ومشاريعها بحاجة لتفعيل خطط الإعلان عنها وتسويقها لحصد وحشد دعم الجمهور لها.

سامي النصف

لماذا ينجح الإسلاميون ويفشل الآخرون؟!

السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، لذا يقوم النظام السياسي الغربي على تداول السلطة بين حزبين رئيسيين فلا يوجد فوز دائم للمحافظين او نصر دائم للديموقراطيين كي لا تفسد اللعبة الديموقراطية، لذا نلحظ انحياز الاعلاميين والمفكرين والمثقفين الغربيين للحزب الذي يخسر الانتخابات حتى يستقوى ويربحها بجدارة، ثم يحدث العكس وهكذا دواليك دون ان يُترك شيء للصدفة حتى بلغ ان شكك البعض في دقة كمبيوترات وآلات التصويت وانها ـ لا الناخبين ـ من يقرر ذلك التناوب الواجب بين الرؤساء والاحزاب ويمكن مشاهدة فيلم «رجل العام» الذي يحكي تماما وبطرافة عن تلك النظرية وذلك الموضوع.

ولو رقبنا يوما اكتساح التيار العلماني او الليبرالي للانتخابات العربية، وهو امر قابل للحدوث مستقبلا، لوجب، منعا للتسلط والديكتاتورية، ان نقف كمثقفين ومفكرين واعلاميين عرب مع التيار الاسلامي والمحافظ حتى يقوى وينافس والعكس بالطبع صحيح، لذا ونحن نتابع هذه الايام تسيد واكتساح التيار الاسلامي للانتخابات العامة في كثير من بلداننا العربية، نحتاج للنظر في كيفية تقوية التيار المنافس «الليبراليين» حتى لا تتكرر مأساة وصول النازيين والفاشست والشيوعيين للسلطة عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع، حالهم كحال الاسلاميين في السودان وايران وافغانستان وماتسبب به ذلك من حروب وارهاب وارعاب نظرا للغياب الملحوظ للتيار المنافس الآخر.

ان قوة التيار الاسلامي يكمن احد عناصرها المهمة في ربطه القوي لمؤسساته المالية وأنشطته الاقتصادية بتوجهاته السياسية المؤدلجة وخلقه شبكة اتصالات ناجحة توصل تجارب احزابه السياسية والاقتصادية من بلد الى آخر، فالتوجه الاسلامي عند اي انتخابات تحدث في وطننا العربي وحتى الاسلامي ـ وبعكس خصمه الليبرالي ـ لا يبدأ من الصفر بل من آخر ما توصل اليه نفس التوجه في بلد ثان، وهو ما شهدناه قائما في انتخابات البحرين والسعودية.. الخ، حيث استفادت الحركة الاسلامية هناك من التجربة الاسلامية الكويتية بينما لم تستفد القوى الوطنية والليبرالية والعلمانية السعودية والبحرينية من التجربة الكويتية بهذا الخصوص.

كذلك تمتاز الحركة الاسلامية السنية أو الشيعية بوجود دول ام راعية لها بالمال والدعم السياسي «السعودية، ايران، السودان، افغانستان الطالبان» وهو امر لا شبيه له في الحركات العلمانية والليبرالية التي لا تحوز، رغم كل ما يقال ورغم اكذوبة مسمى «المارينز العرب»، اي دعم تقني او سياسي او مالي من الولايات المتحدة او اوروبا بل حتى من الدول الليبرالية العربية الاخرى كمصر والاردن والمغرب والدول الخليجية.

لقد استطاع بنك اسلامي واحد في الكويت ان يخلق شبكة مصالح وشركات اقتصادية مرتبطة بالتوجه الاسلامي السياسي، والحال كذلك مع المصالح المالية والسياسية المتشابكة لبيوت الزكاة والجمعيات الخيرية وبعض الجمعيات التعاونية والادوار الفاعلة التي تلعبها ابان الانتخابات العامة، بينما نرقب عملية انفصام كاملة بين ما يقارب من سبعة بنوك «ليبرالية» كويتية والتوجه السياسي الليبرالي الكويتي، حيث لا دعم ماليا ولا ربط سياسيا يجمعها رغم الفوائد الجمة التي يمكن ان تجنى من مثل ذلك التقارب المقارب للعلاقة السياسية ـ الاقتصادية للتوجه الاسلامي.

وقد كانت تجربة التجمع الديموقراطي قاصرة حتى النخاع عن فهم او تعزيز تلك العلاقة السياسية ـ الاقتصادية وخلق الحواضن والقواعد الشعبية للتوجه الليبرالي، حيث قام التجمع بشكل اقرب للشركات التنفيعية المقفلة فتم اشتراط تزكية شخصين للعضوية السياسية التي يفترض بها ان تطرق الابواب لضم الجميع من الجهراء حتى ام الهيمان لسحب البساط من الطرف المنافس الممتد على نفس المساحة الجغرافية.
 
وللموضوع بعد ثالث مهم هو التوجه السياسي للحكومات العربية وصلتها بالتيارات السياسية المؤدلجة «اسلامية، ليبرالية» سلبا او ايجابا وتأثير تلك العلاقة على الامتداد الشعبي للحركات السياسية المعنية او انحسارها، حيث قد يعني الدعم الحكومي في بعض الاحيان الفائدة والقوة وقد يعني في مكان آخر الضرر الشديد بمن يقدم له ذلك الدعم كما حدث للحركة القومية واليسارية في عراق صدام حسين وغيره..

والحديث ذو صلة وشجون..

سامي النصف

النصب السياسي والاقتصادي في العالم العربي

كي نفهم كم السذاجة السياسية التي تخدع بسببها شعوبنا العربية فتقاد من حرب الى حرب ومن كارثة الى كارثة علينا ان نرقب كيف تخدع وتسرق مدخرات نفس الشعوب مرات ومرات باستخدام نفس الطرق والوسائل والمناهج دون اتعاظ او تعلم.

في الكويت انهارت البورصة بعيد منتصف السبعينيات بعد ان تضخمت الاسعار بشكل غير عقلاني فانفجرت الفقاعة الكاذبة فأفلس من افلس وانتحر من انتحر وقد تدخلت الحكومة عبر الشراء المدعوم للاسهم من المواطنين لتبدأ بعدها وعلى الفور فقاعة «المناخ» بالانتفاخ ويجري من خدعوا في البورصة ليُخدعوا بطريقة اشد وامر في السوق الموازي (المناخ) الذي لا يبعد الا خطوات قليلة عن السوق الاول.

وقد خاطر وضحى الكويتيون عام 82 بمدخراتهم المالية في وقت صعب جدا كان اولى ان يحافظوا فيه على مدخراتهم بالنواجذ حيث اشتعلت على الحدود الحرب المدمرة بين ايران والعراق ولم يكن احد يعرف كيف ستنتهي وقد استُخدمت الاموال آنذاك لشراء شركات ورقية لا سند قانونيا لها، كما باعوا الاسهم لكبار المضاربين بنسب فائدة اجلة جاوزت في بعض الاحيان 500% وراقبوا بذكاء شديد من يشتري اسهمهم وهو يبيعها امام اعينهم بنصف ثمنها ليسدد عجوزاته ومديونياته ولم يتساءلوا كيف سيسدد فرسان المناخ ديونهم لهم كما لم يتدخل البنك المركزي في حينه لوقف عمليات النصب او توعية الجمهور وهو العالم رقما ويقينا باستحالة تسديد مبالغ تلك الشيكات الآجلة بفوائدها المركبة الضخمة نظرا للنقص الشديد والمتزايد للسيولة المالية في البلد مع انهيار اسعار النفط وهرب الاموال بسبب الحرب.

مصر السبعينيات ونسب الفائدة الرسمية على الجنيه المصري من البنوك الحكومية تقارب 20% (نسبة الفائدة على الدولار 18%) ومع ذلك يُخدع المواطنون ويضحون بشقاء العمر في شركات توظيف الاموال، كالريان والسعد وغيرهما، رغم ان عوائدها لا تفرق كثيرا عن عوائد البنوك الحكومية المضمونة، ويكتشف الجميع ان الاشكال لا تحصن الافعال وان من يدعي التقوى والامانة كان لا يصحو من تأثير ادمان المخدرات وعشق السرقات.

في الجزائر التي زرتها اخيرا ضجة قائمة وعملية نصب كبرى ساخنة حيث تتحدث الصحف والمجلات عن البنوك وشركات الاستثمار والطيران التابعة للشاب عبد المؤمن خليفة الذي تسبب بعمليات انهيارات وافلاسات جاوزت مبالغها 5,5 مليارات دولار هرب بعدها الى لندن كحال زميله المصري اشرف السعد، وما قام به الشاب خليفة يمكن لاي شخص القيام به حيث انشأ بنكا اعلن عن اعطائه فوائد للمودعين جاوزت 17% وقام في الوقت ذاته باقراض المسؤولين والقائمين على صناديق التأمينات الاجتماعية والاسكان مبالغ ضخمة بفائدة منخفضة لم تتجاوز 2% فحولوا اموال المؤسسات المؤتمنين عليها لودائع في بنكه كما قام بانشاء شركة طيران عبر منح بنكه لشركته مليارات الدولارات من القروض الميسرة ثم استخدم الشركة لتشغيل اقارب المسؤولين واعطاء التذاكر المجانية لهم وبالطبع لا يمكن لبنك يقرض بـ 2% ويعطي المودعين 17% ان يستمر طويلا.

ان جميع عمليات الخداع المتكررة والمستمرة في اوطاننا العربية تعتمد على الطمع والسذاجة والغباء ثم الخجل او السكوت الحكومي حتى وقوع الفاس بالراس والغريب ان النصابين عادة ما يتهمون السلطات الرسمية حال تحركها وقيامها بواجبها بأنها ـ لا من قام بالنصب والكسب الحرام ـ من تسبب بانهيار تلك المؤسسات الورقية او انفجار الفقاعات البورصوية وهو ما نسمعه في الجزائر وبعض دولنا الخليجية والعربية وسنظل نسمعه ما بقي في عالمنا العربي طمع وجشع ونصابون واغبياء.. وصامتون!

سامي النصف

بيزنطة الجديدة وإنفلونزا الطيور

سقطت بيزنطة القديمة وأهلها مختلفون في داخلها بشدة على جنس الملائكة وهل هم ذكور أم إناث؟!

هذه الايام نمر بأحداث جسام في الكويت وخارجها ومازال بعض القوم في بيزنطة الجديدة يشغلوننا بأزمات واستجوابات متلاحقة أظهرت دون أدنى شك أن حس المواطن البسيط العادي أرقى وأكثر وعيا وقدرة على تحليل الأمور والاحساس بالخطر من بعض الساسة ومختصيها.

لم نلحظ قط أن احد فيروسات انفلونزا البشر دخل البلد فزار عائلة أو رواد ديوانية واحدة ثم خرج وودع، الحال كذلك مع فيروس انفلونزا الطيور الذي لن يكتفي بزيارة هذه المزرعة أو تلك الحظيرة ثم يغادر مودعا، ان بقاء الفيروس لمدة طويلة في الكويت يعني استقواءه وتوطنه، وهناك خوف شديد لدى منظمة الصحة العالمية من تحوله الى شكل وبائي يتسبب بإبادة ملايين البشر في جميع أنحاء العالم.

نسبت مجلة روز اليوسف في عددها الاخير للدكتور جون جابور رئيس المكتب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية قوله ان سورية وتركيا نجحتا في القضاء على مرض انفلونزا الطيور عبر ابادتهما لكافة الدواجن والطيور، وان سبب اخفاق مصر ووضعها المخيف الحالي الذي وطن الوباء لديها هو تخبئة الاهالي لدواجنهم وطيورهم وانتظار إصابتها قبل الابلاغ عنها والتخلص منها وواضح أننا في الكويت قريبون من ذلك المسلك غير الجاد والمدمر في المكافحة.

فما نشرته الصحافة المحلية في الايام الماضية خطير جدا، فهناك عمليات تساهل واستخفاف شديدة من الاهالي وبعض شركات ومحلات الدواجن في التعامل مع هذا الداء الكارثي الخبيث فالبعض يخشى على حمامه «القلابي» الثمين والبعض الآخر على صقوره وثالث مازال يبيع الدواجن والبيض والطيور للسذج والخدج لأجل حفنة قليلة من الدنانير لا يمانع مقابلها من بقاء المرض مستوطنا في البلد الى الابد.

لقد عايشت ومازلت الوضع في مصر حيث حرمنا الى أجل غير مسمى من أكل الحمام المصري الشهي والفراخ الطازجة واكتفينا بأكل الدجاج المستورد المثلج الذي لا طعم ولا قيمة غذائية له حتى ان بعض العائلات الكويتية والمصرية بدأت بإحضار كراتين الدجاج الطازج معهم من الكويت لاستخدامه وتوزيعه كهدايا ثمينة وهو أمر سيتوقف بالقطع في ظروفنا الحالية.

ان عدم التعامل السريع والحاسم مع داء انفلونزا الطيور وترك الأمر اختياريا لمن يود أن يثقب قاع سفينة الوطن عبر احتفاظه بدواجنه وطيوره يعني حرماننا لأزمان طويلة من وجبات الدجاج الطازج والبيض المحلي الذي عاقب رب العباد من رفع أسعاره على المواطنين بعدم وجود من يشتريه هذه الايام، اننا بحاجة لحملة تمشيط وابادة قوية تمتد من أقصى الشمال لأطراف الجنوب مع فرض عقوبات مغلظة على من يفضل حياة طيوره على ممات شعبه.

آخر محطة:
تسبب اخفاق الشقيقة مصر في محاربة المرض بعقد المؤتمر الدولي الثاني لمكافحته على أرضها، نرجو ألا يتسبب إخفاقنا في عقد المؤتمر العالمي الثالث للمكافحة على أرضنا.

سامي النصف

سمو الرئيس.. اعقلها وتوكل

في البدء، العزاء الحار لأسر آل محمد علي والحسيني والمحميد على مصابهم الجلل وحادثهم الأليم، للفقداء الرحمة والمغفرة ولاهلهم وذويهم ومحبيهم الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون.

نرجو عدم صحة الاخبار المتواترة عن تغيير متدرج في الحكومة، يبدأ هذه الايام وينتهي مع بداية الصيف المقبل اي بعد اشهر قليلة، البلد في حاجة ماسة لحالة طويلة من الهدوء والاستقرار السياسي والتوافق الوزاري ـ النيابي، لذا فمن الافضل ان يتم التغيير سريعا ومرة واحدة في هذه المرحلة ومن ثم يبقى في الحكومة من اعطى واخلص ويرحل من تكررت اخطاؤه الجسام، فاعقلها وتوكل يا سمو الرئيس، فالحديد لا يطرق الا ساخنا، والسياسي الجيد كما قال درزائيلي هو القصاب الجيد.

مشروع سحب الثقة من وزير الصحة النشط الشيخ احمد العبدالله سقط غير مأسوف عليه بعد تبلور الموقف الاصلاحي الجيد لكتل العمل الشعبي والوطني والمستقلين وبعض الاسلاميين، ولا عزاء لمن اعتاد استخدام منهاجية خناجر الظلام وعشق اساليب المؤامرات والدسائس ثم التراجع والانكار بعد التورط حتى النخاع بها، ولا حول ولا قوة الا بالله.

عندما ظهر مرض جنون البقر في بريطانيا تمت الابادة الجماعية لجميع الابقار باهظة الاثمان، ولم ينتظر احد ظهور الاعراض على البقر الواحدة تلو الاخرى حتى يتم قتلها تباعا وبذلك اختفى ذلك المرض المدمر، صدق توقعنا وحدسنا ببقاء فيروس الطيور لعقود، وربما لقرون في بعض بلداننا العربية وتحوله لوباء قاتل للبشر بسبب عدم الالتزام بالقضاء على جميع الدواجن والطيور كوسيلة للقضاء على الفيروس ثم البداية الصحيحة والصحية من جديد، تعاملنا في الكويت هذه الايام مع انفلونزا الطيور قريب من النهـــج العربــي لا الانجليزي، وان لم نبادر سريعا بالقضاء التام على جميع الدواجن والطيور الغالي منها قبل الرخيص وتعويض شركات تربية الدواجن، فسيبقى المرض الخطير في بلدنا ولن يخرج ابدا واحنا مو ناقصين مشاكل.

وما دمنا في قضايا الصحة العامة فقد اختيرت الكويت واحدة من اربع دول على مستوى العالم اجمع لتنفيذ برنامج تفعيل النشاط البدني والرياضي في الدولة ويقوم بهذا البرنامج الحيوي والاستراتيجي الهام د.جاسم رمضان الذي يعتبر مرجعا مختصا كبيرا في مجال عمله، ولاشك في ان تفشي امراض السكر والقلب والضغط وكون بلدنا على رأس الدول التي يعاني سكانها من السمنة المفرطة، يظهر مدى حاجتنا الملحة لمثل هذا المشروع الخير.

آخر محطة:
اقول للصديق العزيز فؤاد الهاشم، انني قد اكون كما ذكرتم في مقال أمس «كابتن في الجو» الا انكم يا بوعبدالرحمن وبحق كابتن الكتابة الصحافية في الكويت ـ وربما خارجها ـ حيث بزاويتك الرشيقة يبدأ الجميع صباحهم وهذه حقيقة لا مجاملة فيها، بوعبدالرحمن يسعدلك هذا الصباح الجميل!

سامي النصف

متفرقات الثلاثاء

تواصلا مع مقال الأمس، تحتاج تجربتنا الديموقراطية الى تعديلين رئيسيين تعلما من تجربة الخمسين عاما، الأول هو مد مدة التشاور اللازمة لتشكيل الحكومة من أسبوعين الى شهر ولا مانع توازيا من ان يمتلك رئيس الحكومة أسماء عدة حكومات ظل تقوم على معطى تخزين المعلومات وعمل المقابلات ابان الايام العادية لعمل حكومته لا انتظار أوقات الأزمات حتى يمكن القيام بعمل التعديلات الحكومية اللازمة دون عناء، الثاني هو اعطاء المحكمة الدستورية الحق في المتابعة الدائمة لما يصدره مجلس الأمة من تشريعات لتحصينه والتأكد من انه لا يخالف نص وروح الدستور كحال دور المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة.

استقرار الاوضاع في محيطنا الجغرافي فيه استقرار لأوضاعنا في الخليج، بعد نجاح الوساطة السعودية بين الفلسطينيين لماذا لا نرى وساطة كويتية تجمع اللبنانيين وإماراتية تلم العراقيين وقطرية للسودانيين وبحرينية تجمع الصوماليين وعمانية يلتقي فيها الأميركيون مع الايرانيين لعل وعسى تطفئ بعض حرائق المنطقة.

في السعودية قام شاب يدعى فيصل فوزان أبوكاب، الملقب بالانتحاري، بقيادة سيارة فورد والتفحيط بها مما تسبب بقتل 4 اشخاص، بعد التحقيق اكتشف ان لديه 60 مخالفة مرورية فأصدر قاضي محكمة جدة حكما غير مسبوق بإعدامه.

ليلة الخميس وبينما كنت أتمشى أنا وعائلتي في ممشى مدينة الأحمدي الجميل قام سائق سيارة فورد بيضاء تحمل رقم 203180 حولي بعمليات تفحيط في الموقف الملاصق للكنيسة ولو فلتت عجلة القيادة من يده لقتل عشرات الآسيويين المتجمعين في الموقف، لم يكتف ذلك المستهتر وزميله بما قاما به، بل نزل احدهما من السيارة ليجري خلف الآسيويين محاولا الاضرار بهم.

أغلب الشباب الكويتي لم يروا الاحمدي أو جزيرة فيلكا الجميلة أو القصر الأحمر أو المتحف الوطني.. إلخ، والسبب هو توقف الزيارات المدرسية لمثل تلك الاماكن، المرجو من الوزير الفاضل د.عادل الطبطبائي اعادة وتكثيف ما هو قائم في جميع أرجاء العالم من زيارة لأبرز المعالم في البلد، فلا يعقل في بلد يعتمد 98% من دخله على النفط ألا تتم زيارات منتظمة للطلبة والطالبات لمتحف النفط في مدينة الاحمدي.
 
ابان قيامي بواجب العزاء لديوان الفليج أخبرني الأخ أحمد النصار ان أوراق المرحوم والده تظهر أن سعر الكهرباء عام 1960 ـ عندما كان سعر برميل النفط دولارا واحدا والرواتب ضعيفة ـ بلغ 6 فلوس للوحدة، بعد نصف قرن ومع زيادة سعر برميل النفط الى 70 دولارا انخفض سعر وحدة الكهرباء الى فلسين وما أحد قاعد يدفع!

تصدر الصفحة الاولى لعدد «الأنباء» أمس خبر معلوماتي مهم عن تطور اعداد السكان في الكويت، في عام 1961 العدد يقارب المائة الف نسمة وخلال أربعة أعوام تضاعف الى ما يقارب المائتي ألف (تعداد عام 1965) وبعد ذلك ازداد العدد بعشرة اضعاف، بالمقارنة كان عدد سكان مصر (المتهمة تاريخيا بكثرة المواليد) عام 1961 يبلغ 25 مليون نسمة، ويفترض كنسبة وتناسب ان يبلغ عدد سكان مصر هذه الايام ربع مليار نسمة بدلا من 70 مليونا الحالية، ومع ذلك نجد من أبناء جلدتنا من يتهم بلدنا بالبخل والتقتير الشديدين في منح جنسيتها ولا نقول إلا خافوا الله ولا تتهموا الكويت بما هي شديدة السخاء فيه حالها كحال السخاء الشديد في كل شيء آخر، ولا 6 فلوس تصبح فلسين بعد نصف قرن وين صارت في العالم؟!

سامي النصف

مؤتمر وطني لإصلاح اللعبة السياسية

فاتنا في عجالة مقال أمس شكر سعادة رئيس مجلس الأمة المحبوب جاسم الخرافي فله منا العذر، والعزاء الحار لآل الفليج والنصار الكرام وللأخ أحمد النصار عضو مجلس الأمة السابق على فقيدتهم نورة الفليج، للفقيدة الرحمة والمغفرة ولأهلها وذويها الصبر والسلوان.

نحتاج في الكويت وبشكل ملح ومستعجل الى مؤتمر وطني يهدف لإصلاح اللعبة السياسية، فلم تعد مقولة «إصلاح الديموقراطية بالمزيد من الديموقراطية» تساوي حتى الحبر الذي تكتب به، ما نحتاجه هو صراحة تامة تسلط الضوء على أمراض تجربتنا الديموقراطية الممارسة دون تعديل منذ نصف قرن، ووضع الحلول الناجعة لتلك الأمراض واحدا واحدا.

إشكال هام سبق أن تطرقنا له إبان استجواب السنعوسي الذي فقدته الكويت كأحد أهم الوزراء ممن كان لهم ان يطوروا الإعلام بشكل حقيقي، والاشكال هو ان أي استجواب يقدم ضد أي وزير لن يجد ـ على الأرجح ـ من يدعم ذلك الوزير من النواب مما يعني ان تقديم الاستجواب مهما كانت تفاهته هو بمثابة إصدار شهادة وفاة سياسية للوزير المعني، إننا بحاجة الى ثقافة شعبية جديدة تقف مع الوزراء الجيدين وضد الاستجوابات الكيدية حتى لا نفقد الكفاءات والشخصيات العامة النظيفة لصالح من يستبيحوا الأموال العامة مكتفين بتحقيق الرغبات الخاصة لبعض النواب واستقبالهم وتوديعهم عند الأبواب.

الشيخ سعود الناصر، أحمد الكليب، عادل الصبيح، يوسف الإبراهيم، محمد أبوالحسن، محمد الجارالله، محمود النوري، وغيرهم ممن قد لا تسعفنا الذاكرة بذكرهم، أسماء لشخصيات كويتية كفؤة نظيفة بارزة أصابتها سهام الاستجوابات الكيدية فأبعدتها عن المراكز العامة ما حرم المواطنين من الاستفادة من قدراتهم المميزة في بلد صغير يفتقد بشدة للكفاءات الوطنية.

السؤال كم من ضحية سياسية جديدة ستذبح على قربان المراهقة السياسية والمزايدات الانتخابية حتى نعي الحاجة لتعديل دستوري أو لائحي يعطي لمكتب المجلس حق فحص وتمحيص الاستجوابات والحد من العبثي منها حفاظا على سمعة بيت الشعب الأبيض الواقع على شارع الخليج.

آخر محطة:
أوضاعنا المختلفة في الكويت وكم الهواية وعدم الاحتراف الذي نعيشه امتدت للعمل السياسي، حيث نلحظ ان كتلتي العمل الشعبي والعمل الوطني ممن لا تمثيل لهم في الوزارة القائمة يبدون كما هائلا من الحكمة والتعقل فيما يخص الاستجوابات وعمليات التحفيز السياسي، بينما تنفرد الكتلة الأكثر تمثيلا في الحكومة بخلق ودعم الاستجوابات القائمة والقادمة (!)، أمر يحدث فقط في دولة الكويت.