سامي النصف

العدادات أهم من الترشيد والمرور

على قناة MBC لاحظ المذيع ان المصلين لا يضعون الاحذية في المكان المخصص لها في المسجد، بل يرمونها بشكل فوضوي على مدخل المصلى، لذا وضع المذيع على الباب لوحة ارشادية صغيرة تذكّر المصلين بضرورة وضع الاحذية والنعال في مكانها الصحيح وفرض غرامة 100 ريال لصالح ادارة المسجد على من لا يلتزم، وقد لاحظ المذيع بعد ذلك التزام الاغلبية المطلقة من المصلين بتلك الارشادات وخصوصا كونها تتضمن غرامة مالية.

تنظم وزارة الكهرباء حملة اعلامية ترشيدية نقف معها بالمطلق إلا انها لا تكفي وحدها، بدلالة بقاء مؤشر الاستهلاك العالي الذي تظهره عدادات الحمل الكهربائي الذي وضعته الوزارة او تحديدا وكالتها الإعلامية المشكورة في كل مكان.

ما سيخفف بفعالية وواقعية استهلاك الكهرباء والماء المبالغ فيه هو ارساء مناقصة على احدى الشركات الخاصة للقيام بتركيب عدادات ماء وكهرباء جديدة وعلى وجه السرعة لكل «وحدة سكنية» منفصلة في الكويت ووقف الفلسفة المجنونة بأن يستخدم طرف ما الكهرباء والماء ويقوم طرف آخر بدفع الثمن كحال العمارات والڤلل السكنية التي تؤجر بها الشقق، ان ذلك المقترح المعمول به في جميع الدول الاخرى ومنها امارة دبي سيجعلنا نرى معدل الاستهلاك يتناقص سريعا بمقدار 50% او اكثر، ومثل ذلك توكيل شركة خاصة لتحصيل فواتير الكهرباء والماء، و«محاسبتها» عند الاخفاق في ذلك، مشكلة مقترح تركيب العدادات انه سيغني عن شراء المولدات ذات الاثمان التي تتجاوز المليارات وهنا تكمن المشكلة.

انا مستخدم يومي للطريق الرابع وأتألم وانا اعلم ان صرف ما يقارب 300 مليون دينار (مليار دولار) عليه لن يحل من مشاكل ذلك الطريق الحيوي شيئا كونه سيبقى بعد كل ذلك الصرف ذا 3 حارات كما هو الآن وكذلك الشريان «الوحيد» السالك والموصل من الشويخ الصناعية وما خلفها الى حولي والنقرة والسالمية والشعب البحري كثيفة السكان وهو ما يعني بقاء الزحمة وازديادها الى اجل غير مسمى.

لقد تقدمنا ومازلنا بمقترح سيخفف الضغط على ذلك الطريق بمقدار 50% عبر امرين لا يكلفان فلسا او سنتا واحدا اولهما ارجاع الطريق الدائري الثالث الى سابق عهده عندما انشأته مصلحة الطرق الفيدرالية الاميركية، اي طريق سريع وإلغاء الاشارات الضوئية التي استُحدثت عليه كي يصبح طريقا رديفا وبديلا للحركة المرورية ما بين الشويخ الصناعية والمناطق الاربع السالف ذكرها في الفقرة السابقة.

المقترح الثاني هو زيادة السرعة على الطريقين الثالث والرابع الى 100 كم/ساعة كحال طريق المطار المشابه، عدا الجسور التي يجب وضع لوحات لتخفيف السرعة فوقها – وليس على كل الطريق – الى 80 كم/ساعة وهو امر سيسرع في اخلاء الطريق من السيارات بنسبة 20% متى ما طبقنا المعادلة الحسابية المعروفة التي تربط المسافة بالسرعة والزمن ومن ثم تخف الزحمة بنفس النسبة، مقترح بسيط آخر مشكلته الوحيدة انه «ببلاش» ولا يجني احد مكاسب مالية من تطبيقه.

آخر محطة:
من زحمة الطرق الى زحمة المدن والاسواق واقتراح بتكليف شركة امنية خاصة تراقب بشكل متواصل عدادات مواقف السيارات ولصق مخالفات فورية لمن لا يقوم بملئها بالنقود حيث اصبحت تلك العدادات غالية الثمن اقرب لخيال المآتة الذي يخيف الطيور ولا يهم البشر.

سامي النصف

أطباء مسلمون.. أيمن الظواهري وسلوى الهزاع

كنت أتابع احد برامج القناة السعودية الثانية الناطقة بالانجليزية وقد بدأ وانتهى البرنامج وبدأ لقاء مع دكتورة سعودية تدعى سلوى الهزاع، وقد قررت مشاهدة اللقاء لدقيقة او دقيقتين قبل التحول لقناة «الجزيرة» للاستماع لآخر تهديدات د.أيمن الظواهري، الا انني وجدت نفسي متسمرا امام اللقاء حتى انتهائه وشعرت في نهايته بالفخر الشديد لخليجيتي وعروبتي وإسلامي لوجود مثل تلك السيدة الفاضلة والإنسانة الرائعة مثلما شعرت بالخجل الشديد مما يقوم به الظواهري او دكاترة لندن المسلمون ممن خططوا للأعمال الإرهابية المعادية للإنسانية.

السيدة والدكتورة الهزاع ذات ذكاء خارق وكلام ينقط حكمة وتمكن يقارب الكمال من اللغة الانجليزية، اما مؤهلاتها فقل مثيلها في العالم، وتحتاج إلى عدة صفحات لذكرها، حيث انها مختصة بطب العيون والجراحة وعلم الجينات والوراثة وترأس قسم العيون في مستشفى الملك فيصل التخصصي ولديها عيادة خاصة تعمل بها الى الساعة الـ 12 ليلا حتى لا ترد من أتوا لمراجعتها من مسافات بعيدة (نحمد الله ان المملكة لا يوجد بها قانون 8 مساء)، وتقول ان العيادة الخاصة بها هي اقرب للخدمة الإنسانية منها للمشروع التجاري، و تضيف انها لا تكتفي بتشخيص المرض وعلاجه بل تفتح دائما حوارا مطولا مع كل مريض وعائلته لمساعدتهم على تصحيح اي مفاهيم طبية خاطئة اخرى في حياتهم.

والدكتورة الهزاع طبيبة ومحاضرة في جامعة جون هوبكنز وجامعتي كمبريدج وادنبره، كما انها وبسبب تميزها الشديد على المستوى العالمي عضوة في مجالس ادارات اكبر المجلات الطبية المختصة في العالم من اليابان حتى اوروبا والولايات المتحدة، ولها مئات المحاضرات والأبحاث واللقاءات، كما انها حاصلة على جائزتي الجامعة العربية ومجلة «فوربيز» لأكثر النساء العربيات أبحاثا وإنتاجية وضمن قائمة «ماركيز» العالمية، كما حصدت جائزة امرأة العام لجامعة كمبريدج العريقة، وللدكتورة سلوى آراء ومواقف وطنية رائعة، حيث سخرت جزءا من اتصالاتها ومحاضراتها التي تلقيها في مشارق الأرض ومغاربها للدفاع عن الإسلام والمملكة امام الحملة الشرسة في مرحلة ما بعد سبتمبر 2001 التي وقف خلفها الظواهري، وقد اختيرت كسفيرة نوايا حسنة للسعودية.

وقد سألتها المذيعة عن اختيارها للإشراف على علاج الملك فهد، رحمه الله، فقالت: لا يهم ان كان المريض ملكا او انسانا بسيطا، حيث لا تجد ان من الصحيح اخلاقيا الحديث عن مرضاها، وقالت انها حازت عام 1987 جائزة الدولة ووجدت آنذاك ان النساء لا يكرمن بالعلن فتوجهت الى الملك – راعي الحفل – وطلبت ان تتسلم جائزتها بنفسها وهو ما تم وأصبح عرفا بعد ذلك، وان قامت، كما ذكرت، عند فوزها بالجوائز التي تلتها – وقد حازت العشرات منها دوليا وعربيا وخليجيا – بجعل والدها وزوجها يتسلمان البعض منها عرفانا بدورهما الكبير في حياتها.

ورغم انها محافظة في آرائها وتلبس الطرحة على رأسها ولها رأي محايد في قيادة المرأة للسيارة وهو ان لكل مجتمع خصوصيته، فهي في الحقيقة مكسب كبير ليس للسعودية فحسب بل للعرب والمسلمين كافة بعد ان اصبحت مرجعية علمية عالمية يشار لها بالبنان في كل مكان، الا ان بعض المنتديات المتشددة لا ترى فيها، كما قرأت، الا امرأة «متبرجة» تستحق الشتم واللطم والشكم والطلب منها ان تلزم بيتها للعمل كخادمة فيه، وفي هذا السياق وجدت اثناء بحثي على الإنترنت ان اغلب المرجعيات الطبية المنجزة في السعودية هي للنساء امثال د.الهام ابوالجدايل المخترعة وذات الابحاث المتقدمة في مجال استخلاص الخلايا الجذعية عن طريق الدم والمحاضرة في عدة جامعات دولية.

آخر محطة:
هل يمكن لنا كمسلمين ان نحوز تقدير العالم لو طبقنا روح ونص القوانين الكويتية الأخيرة التي تقوم فلسفتها على إبقاء النساء في البيت؟ لا نرجو فقط رد وتعديل القوانين الاخيرة بل اعادة النظر في الفلسفة التي تقف خلفها، ومن ذلك فلتبق بعض النسوة المسلمات في البيت ولا خطأ في ذلك متى رغبن فيه، ولتبق نساء مسلمات اخريات في المعامل والعيادات والمكاتب والجامعات، ولا خطأ في ذلك ايضا، فقد تصحح الطبيبات المسلمات بعملهن الرائع جزءا من الصورة المشوهة للإسلام التي قام بخلقها بعض الاطباء المسلمين من الظواهري شرقا حتى بعض اطباء لندن غربا.

سامي النصف

التفرغ للتنمية الشاملة والإصلاح الاقتصادي

العزاء الحار الى آل البدر الكرام بوفاة العم الفاضل خالد الداود المرزوق البدر، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصــبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

المانشيت الأكثر تعبيرا ومضمونا فيما نشر في صحف الأمس هو مانشيت جريدة «الأنباء» الذي ذكر ان هناك اجتماعا موسعا سيعقد لتكتل الكتل يدعو الى «التفرغ للتنمية الشاملة والإصلاح الاقتصادي»، وقد نسب ضمن نفس الخبر تصريح للنائب الفاضل حسين مزيد ذكر فيه ان التعاون بين الحكومة والمجلس ضرورة لايجاد حلول لقضايا التوظيف والاسكان والتعليم والصحة الملحة، وهو كلام حكمة تحتاج ترجمته من النواب الأفاضل وتكتل الكتل الى وقف الأزمات والاستجوابات المتتالية الى أجل غير مسمى، فاللعبة السياسة لا تمارس بالضرورة عبر الأزمة السياسية.

ان المراقب الجاد للعمل السياسي الكويتي منذ التحرير حتى اليوم يستطيع ان ينتهي بخلاصة هامة جدا وهي ان الأزمات والاستجوابات التي تمت وشغلت البلد عن التنمية لم تخلق حالة إصلاحية واحدة، فأغلب من وجهت الاستجوابات لهم لم يكونوا من السارقين أو المقصرين بل على العكس من ذلك، في وقت مر فيه المتجاوزون والمقصرون دون محاسبة وتلك حقيقة أقرب للبديهة.

ومن الأمور التي تسببت في أزمات خانقة شغلت البلد قضية الدوائر ونرجو ألا يخيب ظننا بنظام الدوائر الحالي، فتبقى – كما طرحنا في السابق – جميع الأمراض الانتخابية من رشاوى وواسطات وشراء أصوات وقبلية وعائلية وطائفية.. الخ، اذا لم تزد، حيث قد تنتقل عن طريق الدمج من الدوائر الموبوءة الى الدوائر غير الموبوءة بمثل تلك الأمراض.

فما نخشاه مما هو قادم اختفاء الاصلاحيين الحقيقيين كونهم ليسوا بالضرورة من المنضوين للكتل السياسية والاجتماعية الكبرى لصالح غير الاصلاحيين ممن لا تزيد مؤهلاتهم عن انتماءاتهم لتجمعات كبيرة، ان التحركات والبيانات التي نراها هذه الأيام عن عقد لقاءات وتكوين ادارات لا يقصد منها في حقيقة الأمر الا التحضير للانتخابات القادمة عبر خلق «مرجعيات» متفق عليها تخول بعمل تحالفات بين الكتل الكبرى، سيكون أول ضحاياها للعلم هم النواب الاصلاحيون الذين دعوا للتغيير كما خسر البلد في السابق كثيرا من الوزراء الإصلاحيين تحت حجة الإصلاح..!

ومن يعتقد ان الأزمات السياسية لا علاقة لها بوقف وعرقلة التنمية الاقتصادية خاطئ حتى النخاع، فعبر نظرة سريعة للعالم أو حتى لدول الاتحاد الأوروبي نجد ان الدول المستقرة سياسيا كدول شمال أوروبا تحتل المراكز الأولى في جميع المؤشرات الاقتصادية الدولية، بينما تحتل الدول غير المستقرة سياسيا كإيطاليا على سبيل المثال مراكز متأخرة، ومعروف ان فرنسا كانت حتى أواخر الخمسينيات تتعرض الى ما كانت تتعرض له جارتها ايطاليا من أزمات وتغييرات شهرية للحكومات مما اضطرها الى عمل تعديلات دستورية أدت الى استقرارها السياسي وتسارع عملية التنمية فيها.

آخر محطة:
يمتد عجبي من الوضع السياسي الكويتي الى الوضع السياسي العراقي ومن ذلك اعتراضي الشديد على إبعاد وزير الثقافة العراقي عن منصبه بحجة انه شارك شخصيا في اغتيال أولاد المعارض العراقي أمثال الألوسي، حقيقة ما الخطأ في بلد تسود فيه هذه الأيام ثقافة القتل والاغتيال في ان يكون وزير ثقافته قاتلا محترفا؟! غيّروا الثقافة السائدة يرحمكم الله قبل ان تغيروا الوزير الضحية..!

سامي النصف

الطلبة ومجلس الأمة

كان الجهل يسود الكويت بل واقطار العالم العربي كافة لذا حلقت «هليلة» غير مسبوقة لدى الامم الاخرى عند ظهور نتائج الثانوية العامة وعليه لا ارى سببا واحدا لاستمرار ذلك التقليد البالي والاحتفال بتلك النتائج التي لا تعني شيئا، فعبر عقود من الزمن لم نجد ان من حازوا نسبة 99.9% «علمي» في السابق قد انجزوا شيئا ملحوظا بعد مرور عشرات السنين من تخرجهم، ولا اذكر ان احد المنجزين والمتفوقين في الحياة او في العلوم الانسانية قد ذكر قط انه كان من الحائزين لمثل تلك النسب التي يحتفى بالحاصلين عليها.

قد تكون للإخفاق اللاحق لمرحلة انتهاء الدراسة الثانوية من قبل الحاصلين على تلك العلامات التي يقارب بعضها حد الكمال، اسباب عدة منها ان نظامنا التعليمي قائم على الحفظ لا على الابداع، لذا فقد يتصدر الصفوف من يحفظ لا من يبدع، كذلك لا يوجد في مرحلة ما بعد الثانوية العامة ما يوجه العقول المتفوقة النادرة للتخصصات التي تتواءم مع تطلعاتها وميولها بل تساق في الاغلب من قبل الاهل او الوزارات المعنية الى تخصصات محددة فقط كالطب والهندسة، والتي قد لا تبدع بها.

لقد افترضنا ومازلنا، ان يتم الابتعاث للخارج بناء على الحصول على نسبة معينة في الثانوية لا على تخصصي الطب والهندسة فقط كما هو قائم وان يكون الابتعاث للدول المتقدمة حتى لا يقود الاعمى الاعمى، وواضح ان توجه تلك العقول لدراسة الاقتصاد في الجامعات العالمية العريقة اكثر فائدة وعائدا على بلد يشكل الاستثمار العائد الثاني لدخله، من التوجه لدراسة الطب على سبيل المثال دون رغبة من الطالب ما يؤدي الى فشله ابان الدراسة او بعدها.

ومما نقترحه كذلك ان تتبنى الشركات المساهمة المختلفة والبنوك اختيار مجموعات من الطلبة المتفوقين لإرسالهم لجامعات متقدمة في التخصص الذي تراه مناسبا بقصد التوظيف بعد التخرج او حتى لإثراء المجتمع بالتخصصات المختلفة التي قد لا ترسلها وزارة التربية، وفي هذا السياق نرى ان البعض من هذه العقول قد يكون اذكى واكثر قدرة من الادارات الحكومية في اختيار التخصصات المستقبلية له، فمن كان يتوقع في الوزارات المعنية قبل سنوات اهمية تخصصات مثل علوم الكمبيوتر او الهندسة الوراثية والجينات على الحياة المعاصرة؟

وما دمنا في مجال الطلبة وتكرر صدور تشريعات نكتشف في وقت لاحق خطأها او عدم فهمها بصورة صحيحة، وضمن حقيقة عدم وجود مختصين بالضـــــرورة في مجالات التشريع والمحاسبة وغيرهما ضمن الفريق المحيط بالنواب، فلماذا لا يتم العمل بما هو قائم في الكونغرس الاميركي بل وحتى البيت الابيض من استخدام نظام INTERSHIP اي الاستعانة بطلبة التخصصات المختلفة من حقوق واقتصاد وغيرهما للعمل كمتدربين مع النواب الافاضل وفي الادارات الحكومية المختلفة اثراء للعمل التنفيذي والتشريعي وافادة لأبنائنا الطلبة آملين من الجهات المختصة النظر في ذلك المقترح.

آخر محطة:
تكملة لمقال امس فاتنا القول اننا اصبحنا كذلك مركز العالم ومحيط الارض في عدد الشباب المصنف FRAGILE اي القطاع الشبابي الذي لا يسمح لأحد بالاقتراب منه كونه قابلا للكسر السريع والتهشيم عند اول كلمة صارمة او نسمة عابرة، لأنه تربى على العز والترف ولم يتعود على ظروف الحياة الصعبة والمتغيرة.

سامي النصف

مركز العالم ومحيط الأرض

كنا نعتقد ان الكويت مركز العالم والمصدر الرئيسي في بضاعتي الحقد والحسد، فأصبحنا ولله الحمد والمنة مركزا عالميا كذلك لامور عديدة اخرى، ليس منها المركز المالي الذي كنا نحلم به ونسعى جاهدين لتحقيقه كمصدر بديل للنفط حفاظا على مستقبل ابنائنا ولحاقا باشقائنا الخليجيين ومن ذلك فقد اضحى بلدنا:

مركز العالم ومحيط الارض في الخلاف والشقاق والتناحر والخصام، فالتحالفات السياسية تُفك، والكتل البرلمانية تتفتت، والاقرباء يتقاضون، والتجار يتصارعون، والعقائد الفقهية والدينية تتباعد وتتعادى، وكنا نسمع في السابق ان في البرلمان 50 حزبا مختلفا فأصبحت 150 حزبا او اكثر لكثرة وسرعة تغيير المواقف والمراكز من المعارضة الى الموالاة والعكس والتي ينتج عنها المناكفة الدائمة وخلق الازمات المتلاحقة.

مركز العالم ومحيط الارض في التسابق على الاخذ من الاوطان دون عطاء حقيقي، فالجميع يطمع في زيادة مكاسبه الذاتية على حساب مصالح الوطن الذي قارب ان يموت غرقا باسفكسيا الاختناق من كثرة الدمع المسفوك كذبا وزيفا على احواله.

مركز العالم ومحيط الارض في التقلب والكراهية والنكد وانكار الجميل ووفرة سكاكين الغدر والخسة التي ترمى بغزارة على ظهور القلة الباقية والمنقرضة من الكرام والاتقياء والانقياء ممن تجلهم وتحافظ عليهم امم الارض قاطبة لندرتهم، ويضربون لدينا ضرب غرائب الابل حتى يتم تهجيرهم للخارج او اغلاق ابوابهم عليهم في الداخل.

مركز الافراط والتفريط بالاستهلاك غير الراشد في العالم، فبلد شديد الحرارة لا نهر ولا مطر فيه يعتبر رقميا – وكما تدل جميع الاحصاءات الدولية – الاول في استهلاك المياه، بدلا من ان يصبح القدوة الاولى – كما يفرض العقل والمنطق والحس السليم – في ترشيد المياه التي لا حياة ولا اوطان دونها.

مركزا متقدما في وفرة الامراض النفسية المستعصية، فالعيون غائرة والعقول مشتتة والأجبنة مقطبة والمقابر مليئة بمن ذهبوا اليها طواعية حزنا وكمدا بسبب امراض الكآبة غير المبررة في بلد يفترض ان يكون سكانه الاسعد في العالم.

مركزا متقدما في الجهل الغريب والتخلف الاعجب، فكلما زاد عدد المتعلمين وخريجي الشهادات العليا في البلد زاد لجوؤهم ولجوء الناس معهم لمن لا يحمل حتى الشهادة الابتدائية ليضرب لهم الودع ويفك عنهم المعمول والمسحور، وبدلا من قضاء الاوقات الثمينة في القضايا البحثية التي تدل على الرقي العلمي، اصبح هؤلاء يقضون جل اوقاتهم امام قنوات السحر والخزعبلات كشهرزاد واخواتها.

مركزا عالميا متقدما في معدلات حوادث الطرق وضحايا المرور رغم اننا بلد فريد لا جبال ولا ضباب ولا وديان ولا ثلوج ولا اعاصير او فيضانات فيه، ورغم فسحة شوارعنا واضاءتها (ليلا ونهارا) وحداثة سياراتنا الا اننا وبعبقرية فريدة مازلنا نحافظ ولا فخر منذ سنوات عدة على تلك المراكز الاولى في العالم، مما يجعلنا نتساءل ماذا لو كان لدينا كبقية امم الارض جبال وطرق ضيقة وثلوج.. الخ.

آخر محطة:
اصبحنا ولله الحمد والمنة كذلك مركز الكتابة والكتاب في العالم، حيث فاق عدد الكتاب عدد القراء، كما اصبح لدينا دون امم الارض قاطبة شيوخ اجلاء واساتذة افاضل ومرجعيات شامخة كالجبال الشم يحج اليهم طلاب العلم من المشرق والمغرب كي يعلموهم مبادئ الكتابة الصحافية والقراءة والاطلاع ويمنحوهم صكوك البراءة والغفران، ولا يهم في هذا الصدد ان كان آخر ما قرأته تلك المرجعيات العظمى هو كتاب «مع حمد قلم» المقرر على الصف الأول الابتدائي!

سامي النصف

السقوط المتكرر من الشرفة

رغم ان أفلام الأبيض والأسود تظهر ان الإخوة المصريين معتادون على استخدام الشرفة أو البلكونة منذ عقود من الزمن بعكس الانجليز ممن لم يعتادوا الجلوس في الشرفات بسبب الأنواء الجوية السائدة أغلب العام، إلا أنه من المستغرب تكرار سقوط الشخصيات العامة المصرية دون غيرها (الليثي ناصف، سعاد حسني، أشرف مروان) وتحديدا من هو بصدد كتابة مذكراته، من الشرفات في لندن، علما انني لم اقرأ قط خبر سقوط شخصية عامة مصرية من البلكونة في مصر، قد يكون السبب المنطقي هو الأمطار الغزيرة التي تسبب الزحلقة ثم السقوط من أعلى، والله أعلم.

تتفق الأخبار على أن أشرف مروان صهر الرئيس عبدالناصر قد أصبح عميلا للموساد منذ الستينيات وانه كان يفضل السادات على حماه عبدالناصر (يستحق الأمر اعادة التحقيق في موت عبدالناصر) وما هو متفق عليه كذلك ان اشرف الذي سقط من الشرفة قد اخبر اسرائيل بموعد حرب اكتوبر قبل ايام من وقوعها، وقد حاول البعض القول بخبث او سذاجة انه خدعهم كونه حدد الساعة السادسة مساء 6/10 للحرب بينما قامت في الساعة الثانية ظهرا وكنت قد اشرت في مقال عن حرب اكتوبر 73 قبل مدة لحقيقة ان الاسرائيليين قد علموا بموعد الحرب قبل 40 ساعة من حدوثها ومن ثم لا يوجد عنصر مفاجأة فيها، مما يعتبر اضافة للانتصار المصري الباهر.

حاول البعض جعل ذلك الافشاء الخطير يصب في صالح اشرف مروان واعتباره عميلا مزدوجا خدع اسرائيل والحقيقة عكس ذلك تماما ففي العودة لمذكرات ايلي زعيرا رئيس المخابرات الاسرائيلية عام 73 نجده يذكر نصا بألا فائدة من التسريب المبكر لموعد الحرب كالقول انها ستحدث خلال عامين لعدم جدوى ذلك الأمر، كما لا جدوى من تسريب متأخر يقول ان الحرب ستحدث خلال ساعتين فقصر المدة لا يؤهل لاستدعاء الاحتياط، لذا فالتسريب المخابراتي الأمثل – حسب قوله – هو الذي يتم قبل يومين او ثلاثة من التاريخ المحدد للحرب وهو تماما ما وفـره صهـــر الزعيــم الخالــد ولا يضير اسرائيل في هذا السياق على الاطلاق بعد ان علمت واستعدت ان تحدث الحرب في الساعة السادسة او قبلها بأربع ساعات.

ومما يقوله ايلي زعيرا في مذكراته ان خطة الحرب وصلتهم بالتمام والكمال في سبتمبر 72، كما ان العميل الذي لقبه زعيرا بـ «النبع» لوفرة معلوماته وهو للعلم ملك عربي زارهم وأخبرهم في نهاية سبتمبر 73 بحدوث الحرب خلال الايام العشرة المقبلة، اما العميل الملقــب بـ «الصهر» اي مروان فقد حددها بدقة، كما يذكر ابراهام رابيونو الذي درس لمدة عشر سنوات وثائق الموساد، وقد تحدثت بعض الصحف الاسرائيلية عن تسريبات دقيقة لموعد الحرب كذلك من العميل «بابل» الذي يعتقد بعض العرب انه الاسم الحركي لأشرف مروان وأرى انه اسم حركي اقرب للمقبور صدام حيث لا علاقة بين مسمى بابل العراقي ومروان المصري.

وقد بدأ العميل المجتهد اشرف مروان عمله براتب 6 جنيهات في جهاز المعلومات التابع للرئيس عبدالناصر الذي يرأسه عميل المخابرات الروسية سامي شرف (خوش مكتب وخوش شرف) وانتهى مروان بثروة حالية تفوق 1.3 مليار دولار، وقد اشتهر «الصهر» بتجارة السلاح وصداقته – كحال العميل الاسرائيلي ابونضال – بالقذافي والمقبور صدام، كما تضمه علاقة مصاهرة لصيقة مع امين عام الجامعة العربية السفير عمرو موسى وصداقة حميمة مع الكاتب محمد حسنين هيكل، وفي مثل هذا تقول الراحلة ماري منيب «آمان يا ربي آمان»!

آخر محطة:
يخبرني وزير كويتي سابق فاضل انه التقى الرئيس السادات عام 74 الذي طلب منه ان تقوم الكويت بتمويل صفقة لشراء طائرات بوينغ لشركة الطيران المصرية، يقول وعدته خيرا وعدت لفندق هيلتون النيل استعدادا للنوم وعندها سمعت طرقا على الباب وعندما فتحته وجدت شابا عرفني بنفسه على انه اشرف مروان ممثل (….) ويود الحديث عن عمولات الصفقة، يقول العم الفاضل: طردته من عند الباب شر طردة.

سامي النصف

صرخة من امرأة حرة لرجال الكويت

بدعوة من الاخت سلوى السعيد وحركة «معك» حضرت في جمعية المحامين لقاء مؤثرا تطرق محاضروه ومنظموه لقانون منع المرأة من العمل بعد الساعة الـ 8 مساء غير المعمول به في العالم أجمع وهو ما يرد على من ذكروا أن نصوص ذلك القانون مستمدة من التشريعات الدولية.

وقد بين عريف الحفل د. علي الزعبي ان ذلك القانون مضر ومهين للمرأة الكويتية وان القرارات والتشريعات قد وضعت تعريفا لمواعيد العمل الليلي دون ان تحد أو تمنع النساء من العمل خلالها، كما ان بعض التشريعات الدولية راعت الشق الصحي للمرأة كونها تتعرض للحمل والولادة مما يؤثر على الأجيال القادمة فحدت من عملها في المناجم والمعادن.

الأخت الناشطة سلوى السعيد أوضحت ان القصد من القانون هو تقييد عمل المرأة، طبقا لمفهوم «خليك في البيت»، التي تمثل 40% من سوق العمل و70% من الخريجات وان القصد من القانون – حسب قولها – وضع سقف زجاجي لا يمكن للمرأة العاملة ان تخترقه، واستغربت الأخت سلوى أن تمنح الحكومة الاصلاحية القائمة للمرأة الكويتية حقها السياسي ثم تقيد للمرة الأولى في تاريخ الكويت حقوقها المدنية والاقتصادية بحجج واهية غير معمول بها في الدول الأخرى كالقول ان عملها يتسبب بزحمة الطرق وبطالة الشباب، علما أن مجموع العمالة الكويتية في القطاعين العام والخاص لا يتجاوز 17% من مجموع القوى العاملة في الدولة.

ثم أتت الصرخة المدوية من المحاضرة المحامية الفاضلة ليلى الراشد حيث ذكرت ان في مكتبها للمحاماة عشرات القضايا حول التعديات اللاأخلاقية والتحرشات التي تتعرض لها النساء في القطاع العام حيث يساوم بعض الوحوش البشرية النساء على العلاوات والترقيات وبدل اللجان، وقالت ان كثيرا من النساء اتجهن للقطاع الخاص حماية لشرفهن من تلك التعديات عبر فتح مكاتب محاماة وهندسة واستشارات وكوافيرات ومحلات ملابس نساء وخدمات أعراس وجميع تلك المهن تحوج النساء للعمل ليلا كي يوفرن لأنفسهن ولمن يساهمن في إعالتهن الرزق والعيش الشريف.

قالت الراشد ان القانون فتح الباب للاستثناءات وستأتي المساومة على الشرف أو استلام الأموال والرشاوى من خلال محاولة الحصول على تلك الاستثناءات من نساء ما تركن أعمالهن العامة أصلا إلا بعدا عنها، واضافت أن اغلاق باب العمل الشريف ليلا وتغليظ العقوبات على من يقوم به سيفتحان الباب واسعا بالمقابل للأعمال اللاشريفة وستمتلئ شقق الدعارة وأماكن الانحراف بالساقطات من ضحايا ذلك القانون الفريد، حيث ان منع العمل بعد الساعة الـ 8 مساء لن يشمل تلك المهن غير الشريفة.

وواضح ان هناك عشرات المهن كالطب والصحافة والطيران والجمارك والمكاتب المختلفة ومحلات بيع أغراض وملابس السيدات، التي يستحيل عملها ليلا دون نساء، وقد تناوب بعد ذلك جمع كبير من الحضور شمل د. سعد بن طفلة والمحامية نجلاء النقي ود. عبدالعزيز العنزي والمستشار أنور الرشيد والمحامي علي البغلي ممن أجمعوا على ضرورة رفض القيادة السياسية لذلك القانون المعطل والمتسبب بقطع أرزاق نصف المجتمع.

آخر محطة:
رأيت في ذلك اللقاء ان الحل «المؤسسي» لما نلحظه من اصدارات متلاحقة لقوانين متعارضة مع نصوص الدستور وروحه وخاصة ما يتعلق بالحريات والمساواة، يكمن في تعديلات توقظ المحكمة الدستورية من سباتها الطويل وتعطي للجميع حق التقاضي لديها مع اعطائها – وهذا الأهم – حق اسقاط أي تشريع يتعارض مع نصوص الدستور كحال دور المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة التي تسقط وتوقف العمل بأي تشريع يتعارض مع الدستور.

سامي النصف

هل حكم الكويت أصعب من حكم الصين؟

في البدء نرجو عدم صحة ما يتردد من نية لاستجواب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك، فقد «مسخت» قضية الاستجوابات بالحيل، كما نرجو الحفاظ على الوزير ذي الخلق العالي شريدة المعوشرجي لكفاءته ونظافة يده في زمن قل فيه نظيفو اليد، ونرجو كذلك ان يعتذر أحد النواب من النائب الفاضل علي الراشد ومن وكيل وزارة الأشغال بعد ان ثبت بالدليل القاطع عدم صحة الاتهامات الكيدية الموجهة لهما.

الكويت بلد شديد الثراء قليل السكان ينعم بالأمن والاستقرار بشكل قل مثيله في أغلب دول العالم الأخرى، كما لا تتعرض الكويت ولله الحمد للزلازل والفيضانات والبراكين أو الزوابع والأعاصير، ولا توجد لدينا جبال نحتاج لاختراقها أو أنواء جوية صعبة لا يمكن احتمالها. وعليه كيف أصبحت رئاسة الوزراء في الكويت أصعب منها في دول كالهند والصين ونيجيريا وبنغلاديش وغيرها ممن لا تعاني ما نعانيه من حكومات وتغييرات وزارية متلاحقة في العام الواحد؟!

أعتقد وبحيدة مطلقة ان الإشكال الحقيقي ليس بالضرورة في تشكيل أو ادارة الوزارة التي لا تختلف كثيرا عن حالها في الدول الأخرى، الاشكال قد يكون سببه مفاهيم وممارسات خاطئة متوارثة من قبل بعض رجال السلطة التشريعية، حيث يفترض محاسبة الحكومة والوزراء على السياسات العامة للحكومة والوزارات المعنية لا على تصرفات الأفراد ممن يعملون تحت ادارتهم والا هل نتصور ان يحاسب وزير الزراعة الصيني على تصرفات واخطاء 900 مليون فلاح أو وزير التعليم الهندي عن مئات الملايين من الطلبة والمدرسين.. الخ.

ان أخطاء الأفراد تتكفل بها الأنظمة المرعية في الوزارات والمؤسسات المختلفة ومحاكم الدولة ولا يحتاج نائب مراقب لأحداث قضية ما الا الاتصال بالوزير المعني والتأكد من تطبيق الاجراءات واللوائح المرعية ولا شيء غير ذلك، كون محاسبة الوزير عن أخطاء الموظفين في أعمالهم وأوقات فراغهم تعني تأزم الحياة السياسية وتوقف عمليات التنمية في البلد الى أجل غير معلوم.

وفي هذا السياق نطلب ممن لديه أدلة أو صور أو مخالفات على رجال الداخلية، ان يتقدم بها سريعا للجهات المعنية من وزير ونيابة عامة حتى يأخذ العدل مجراه فلا يوجد أحد فوق القانون، والقانون ذاته يحاسب ويجرم من يعلم بجريمة ما ويسكت عنها، بدلا من التهديد بتلك المعلومات لأجل التكسب السياسي والحصول على المنافع والمصالح الخاصة والاثراء السريع.

ومثل ذلك عدم صحة ادخال مشاريع الدولة التنموية كالـ B.O.T والتحول للمركز المالي في حلبة الصراع السياسي القائم، فقد أصدر القضاء الشامخ أحكاما أثبتت خطأ ما تم في السابق من فسخ عقود وغيره، لذا فلنختلف أو نتفق تحت قبة البرلمان مبعدين المصالح العليا للأوطان عن تلك الصراعات المستمرة حتى لا ينتصر البعض على حساب خسارة الكويت أمّ الجميع.

آخر محطة:
نرجو من القلب عدم صحة وكذب ادعاءات عودة المال السياسي (من خارج الحكومة) في مجال تغيير آراء بعض النواب في الاستجواب الأخير فلم يغير ذلك المال (ان تم صرفه) بالفعل شيئا في مسار الأحداث وان أسال لعاب البعض للمزيد من الاستجوابات ومحاولة التكسب من خلالها كما أثار حنق النواب الآخرين والدواوين معها.

سامي النصف

20 مليون قتيل بسبب عميل

الأوضاع في العراق ولبنان وفلسطين ستزداد سوءا في المدة القصيرة المقبلة وسينتج عن الطعن بالسلطات الشرعية في الدول الثلاث ازدواجية في القيادة وخلق سلطتين وحكومتين وجيشين وشعبين – أو أكثر – في تلك الدول، ما يمهد لتقسيمها، حالها كحال دول اخرى متجهة سريعا للتقسيم كالسودان وما تبقى من الصومال.

يتساءل البعض هل يعقل ما ذكرناه سابقا من احتمال قيام الصداميين المجرمين في العراق من مختلف الملل والطوائف بالإضرار بمناطقهم وتراثهم والمساهمة في قتل قياداتهم الروحية والسياسية لأجل خدمة من جندهم من مخابرات صدام دون ان يرف لهم جفن او تدمع لهم عين على بلدهم المدمر؟

الصين في منتصف الثلاثينيات كانت دولة يمينية قومية يرأسها الجنرال تشيانغ كاي تشيك وبها ثورة حمراء ضعيفة يقودها ماوتسي تونغ وبالقرب منها دولة يمينية قومية اخرى هي اليابان، وعلى حدودها طاغية شيوعي اريب هو ستالين، وكانت له مصلحة مباشرة في إشعال الحرب بين جارتيه في وقت لم تكن فيه للصين مصلحة في دخول الحرب ضد دولة قوية عسكريا كاليابان، كما لم تكن لليابان مصلحة في دخول الحرب ضد بلد يبلغ عدد سكانه 600 مليون، وهي تعلم ان الحرب ستضعف الصين القومية وجيشها وتجعلها عرضة للسقوط تحت سيطرة الشيوعيين ممن سيتحالفون ضدها مع الروس.

كان لستالين عميل صيني نائم جنده قبل 13 عاما هو الجنرال زانغ زي زونغ قائد الجيش الصيني في شنغهاي، وقد اعتنق الشيوعية سرا واصبح عبدا للكرملين، وقد أتته الأوامر مباشرة من ستالين بإشعال الحرب بين الصين واليابان فقام الجنرال زونغ كما روى لاحقا في مذكراته بتاريخ 9/8/1937 بزرع وحدة جيش من أتباعه خارج مطار شنغهاي وأمرهم بإطلاق النار على جنود من البحرية اليابانية وقتلهم ثم البس سجناء صينيين بدلا عسكرية وقتلهم وجعل الأمر يبدو وكأن اليابانيين هم من بدأ بإطلاق النار.

وفي الرابع من الشهر نفسه أرسل طائراته لقصف البارجة اليابانية «أزومو» الموجودة في خليج شنغهاي وادعى انها قامت بقصف المدينة، ورغم أوامر الرئيس كاي تشيك بوقف العمليات الحربية إلا ان الجنرال العميل استمر في ضرب البوارج اليابانية التي بدأت بالوصول لدعم تلك البارجة، كما رشا بعض الصحف لتأجيج المشاعر الصينية ضد اليابانيين، وقد ارسل ستالين خطابا سريعا للرئيس الصيني يعلن دعمه الكامل له وإقراضه 250 مليون دولار لشراء الف طائرة روسية وتهدئة الثورة الشيوعية عليه، وبذا بدأت الحرب بين البلدين التي راح ضحيتها 20 مليون صيني بطرق بشعة وغير إنسانية جعلت العلاقات متوترة بينهم حتى هذا اليوم.

في عام 1950 وبعد إعلان وزير الخارجية الأميركي في نادي الصحافة عدم وجود معاهدة حماية مع كوريا الجنوبية اجتمع طغاة روسيا والصين وكوريا الشمالية واتفقوا على غزو كوريا الجنوبية، وكان مبرر الكوري ايل سونغ الطمع والتوسع، وماوتسي تونغ التخلص من الجيش القومي الملاييني الذي ورثه عن كاي تشيك (كحال صدام عام 1990) والضغط على ستالين لتزويده بمصانع السلاح واسرار الذرة، اما ستالين فأراد ان يجرب تأثير «الحشود البشرية المتلاحقة» على نفسية الجيش الاميركي، وقد استمرت حرب الطغاة الثلاثة 3 سنوات دمرت خلالها الكوريتان بالكامل وقتل خلالها الملايين لأجل بعض التجارب والمطالب، وما نراه لدينا من دمار وقتل هذه الأيام هو اقرب للعب الاطفال عندما نقارنه بما حدث لدى الأمم الأخرى.

آخر محطة:
أجرى الإعلامي اللامع مجدي مهنا لقاء متلفزا استمر عدة ساعات مع عضو مجلس قيادة الثورة والمؤرخ وشاهد العصر الدكتور اللواء جمال حماد الذي كذّب في كل دقيقة من اللقاء المطول أكاذيب هيكل التي يرويها على قناة «الجزيرة» وأثبت باحتراف شديد وعبر الحقائق والوقائع الدامغة ان هيكل لم يكن في فلسطين ولم يتعرف على ناصر الا بعد قيام الثورة وان كثيرا مما كتبه وقاله هيكل يستوجب التصديق بقدرته الخارقة على التواجد في ثلاثة اماكن بينها آلاف الأميال في الوقت ذاته.

سامي النصف

على هامش جلسة الاستجواب

وصلت صباحا الى مجلس الأمة وطلب مني عريف يلبس الأخضر الهوية قبل الدخول، وهو أمر جيد في ظل الأوضاع الأمنية الخطرة في المنطقة، الا انه أحالها بدوره لضابط كبير ليقرأها هو الآخر، وأثناء ذلك مر العشرات عبر تقبيل العريف على الخد(!)

دون سؤال عن هوية أو تدقيق على الشخصية، ودعوت الله أن يحفظ بيت الأمة من كل مكروه مادمنا نعيش هذا المستوى المتدني من الأمن.

بدأت جلسة الاستجواب هادئة وتميز رئيس مجلس الأمة بحسن إدارتها، حيث كان حازما عندما يحتاج الأمر الى حزم كحال تصفيق الجمهور أو إبدائه الاستحسان او الاستهجان، ولينا ومرطبا للجو العام عندما تتأزم الأمور، وقد تعاون طرفا الاستجواب معه، مما جعلنا نتمتع باستجواب راق في أغلب جوانبه، وقد كانت علاقة الرئيس بالنائب البراك في هذا الاستجواب اقرب لسمن على عسل وتكررت كلمة «سحبناها» من النائب مع اي اعتراضات تصله من الرئاسة.

استمعت للنواب الافاضل الثلاثة فاقتنعت بما طرحوه ثم استمعت لرد الوزير الفاضل فاقتنعت بحججه، ثم عاد النواب للتعقيب وعدنا للاقتناع بحججهم، وقبل ان يرد الوزير كنا وكثير من الحضور قد خرجنا لتأخر الوقت وقد مررت على ركن الصحافة وأخبرني بعض الاخوة هناك بأن القضية محسومة بعد ان تسرب لهم موقف احدى المجاميع من الاستجواب.

فضائح وفظائع وسرقات مكتب اليابان كان من الافضل ان تذكر دون صور وقد اجاد النائب د.جمعان الحربش بطلبه ان تلغى تلك الصور القميئة من التصوير التلفزيوني حتى لا تدخل البيوت الآمنة، فليس بها الا سواد الأفعال، وما لا يرضاه الإنسان الشريف لنفسه او لاسمه.

تطرق النائب مسلم البراك في معرض حديثه عن سرقة الناقلات الى ذكر اسم مسؤول في احد البنوك يدعى يوسف عبدالحميد وكرر الاسم بوجود الاعلامي المعروف وأمين سر اتحاد المصارف الزميل يوسف عبدالحميد الجاسم، وقد تدارك بوحمود الأمر سريعا فبين ان المقصود ليس يوسف الجاسم الاعلامي، بل شخص آخر يتشابه معه بالاسم وقد عاد الدم سريعا لوجه ابوخالد بعد تلك المفاجأة غير السارة.

الزميل ماضي الخميس جلس مراقبا كالصقر لما يجري في الاستجواب، بعد دقائق قليلة اصطادته كاميرات الجلسة وهو يغط كالطفل البريء في نوم عميق، بوعبدالله يعاني من «الجت لاغ» او معاناة فارق الوقت نظرا لقدومه قبل ايام من محبوبته ومحبوبتنا القاهرة الساهرة.

في الختام نرجو ان يحكّم كل نائب ضميره وضميره فقط في تلك القضية، فليس من الإنصاف او العدل ان يحكم بالإدانة او التبرئة بسبب ضغوط الآخرين عليه، فالقضية هي إما ثبوت الادعاءات على المسؤول، مما يعني ضرورة عزله وإبعاده وإما براءته منها ومن ثم بقاؤه في منصبه، ولا شيء غير الضمير الحي يجب ان يتدخل في ذلك القرار المهم.