سامي النصف

أبشع جرائم المال العام

أبشع جرائم المال العام هي استخدامه لتنفيع الأقارب والأحباب وحصد المكاسب الانتخابية الشخصية، لا نود أن يظلم أحد، ولكن إن صح ما أشيع عن أحد المسؤولين من تنفيعه لخاصته ومعاقبته لمن أشار بإصبع الخطأ لتلك الأفعال الفادحة، فالواجب مطالبته بالاستقالة الفورية كعظة وعبرة للمسؤولين الجدد، ودون ذلك ستصل رسالة واضحة مفادها ان تلك الممارسة مقبولة وستتحول بعدها الوزارات والإدارات الحكومية إلى «عِزب» خاصة وبؤر تكسُّب وستعجز أجهزة الرقابة في مجلس الأمة وديوان المحاسبة عن ملاحقة الفاعلين.

ما نشرته «الأنباء» في عدد امس على صدر صفحتها الاولى من بدء التحالفات الجديدة على معطى انتخابات الدوائر الخمس يجعلنا نتمنى خطأ ما توقعناه من احتمال اختفاء أسماء وطنية مستقلة نظيفة وشريفة لصالح أصحاب التكتلات الضخمة ذات الأعداد الكبيرة والموارد الوافرة، للمعلومة في النظام السابق كان بإمكان أي مرشح كفؤ نزيه ان ينزل للانتخابات ويحصل على فرصته كاملة للنجاح، أما الآن ففرصة المرشح الفرد في النجاح شبه معدومة.

سؤال طرحه كبار فلاسفة الغرب حول الديموقراطية ويحق لنا أن نطرحه ضمن الحوار الديموقراطي السائد هذه الأيام وهو: هل يجوز أن يكون تأثير مائة شخص لا يحمل أحد منهم مؤهلا دراسيا على الإطلاق وتغلب على أطروحاتهم الأنانية والدغدغة أكثر تأثيرا وقوة من خمسين شخصا من رجال العلم والثقافة والحكمة والفكر والاقتصاد وحملة الدكتوراه؟ في الديموقراطيات الغربية الراسخة وصلوا للحل عبر خلق منظومتين سياسيتين للناخب ان يختار منهما، فقط تخلق أجنداتهم العقول الراقية والمفكرة ولا يسمحون للدعاوى المدغدغة التي تضر بالأوطان ان يكون لها مكان كمن يطالب بإلغاء الضرائب أو القروض او المساعدات الخارجية كونها ذات مكاسب آنية محدودة الفائدة ودمار ماحق لاحق.

توقعنا في مقال الأمس قيام حرب مدمرة في الخليج خلال الأشهر الستة المقبلة كحد أقصى وقبل قدوم موسم الصيف الحار مع اندلاع تلك الحرب ستغلق إيران مضيق هرمز، كما وعدت، فهل لنا أن نقترح على مؤسسة النفط أن تضع خطط طوارئ تتضمن – مع أولى عمليات تسخين في الخليج – البدء بتخزين نفطنا الخام في بواخر ضخمة خارج مضيق هرمز لضمان تدفق نفطنا للمشترين مع اشتعال النزاع؟!

آخر محطة:
بعد ان أتحفنا هذا العام الشيخ وليد الإبراهيم صاحب محطة mbc بمسلسل «الملك فاروق» الذي كشف الحقائق وأسقط الأكاذيب وأمال القلوب لفترة حكمه الزاهية بالديموقراطية والحرية ورجال الساسة الكبار، هل لنا أن نقترح عليه مسلسلا مماثلا عن بطل نضال الاستقلال وملك الطيبة والتواضع والمؤمن بالحرية والديموقراطية الملك ادريس السنوسي حتى تبدد شمس الحقيقة الجلية أكاذيب الثوريين المرجفين وتعيد الصدق لتاريخنا العربي الحديث امام النشء الجديد؟

سامي النصف

قرقيعان العيد

«عيدكم مبارك» جملة سحرية من كلمتين تؤديان الغرض بالكامل من التهنئة التي تحملها مسجات SMS، لذا لا أعلم سبب استبدال تلك التهنئة السهلة بما هو أشبه بقصيدة مطولة أو كتاب معقد، خاصة ما يبتدأ منها بـ «إذا سبقتونا بالتهنئة.. إلخ» وكأن العيد أصبح ميدان سبق خيل، ضمن التهاني والتبريكات هناك الطريف منها مثل من ترجم كلمة «الفطر» الى mushroom او fungus.

اختتم رئيس اسرائيل شمعون بيريز شهر رمضان المبارك بدعوة إفطار لقيادات وسفراء الدول الاسلامية وقد تم الأذان والصلاة في منزله وقد وعد بتكرار تلك الدعوة كل عام، يتزامن هذا مع إضاءة مبنى الإمبايرستيت في نيويورك للمرة الاولى في تاريخه احتفالا بأعياد المسلمين بعد ان كان يقتصر على اعياد المسيحيين واليهود، هذا التسامح في العالم يقابله رفض اللجنة الفنية في البلدية لإنشاء مسجد لأبناء طائفة البهرة المسلمة والمسالمة جدا والتي لا تؤمن اصلا بالتبشير او تغيير المذاهب.

حصل آل غور على جائزة نوبل للسلام لهذا العام الذي عادة ما يتهم الإعلام العربي القائمين عليها بمحاباة اللوبي الصهيوني، ورغم ان المسلمين يشكلون اقل من خُمس سكان العالم وتطغى على بلدانهم الحروب، الا ان سجلات تلك المنظمة العالمية – المفترى عليها – تظهر انها اعطت جائزتها للسلام لعام 2006 للبنغالي المسلم محمد يونس وعام 2005 للمصري محمد البرادعي وعام 2003 للإيرانية شيرين عبادي، لذا نرجو أن نتوقف عن إلقاء التهم جزافا والاستماع للموروثات الثورية الكاذبة المعتادة.

حسبة الحرب القادمة في الخليج بسيطة في نظري، الديموقراطيون الأقرب للفوز بالانتخابات الاميركية العام المقبل لن يقوموا «على الأرجح» بتلك الحرب في حقبتهم – وإن كان لا يوجد ما يمنع ذلك بشكل مطلق – لذا فالحرب ستتم في العهد الجمهوري الحالي وبما ان الشتاء والربيع هما الفصلان الأمثلان للحروب في الخليج نظرا للحرارة الشديدة في غيرهما، ما يؤثر على كفاءة الأسلحة وقدرات الجنود، لذا نتوقع ان تشهد الأشهر الستة المقبلة اندلاع تلك الحرب.

في هذا السياق، القواعد الأميركية في الكويت وباقي دول الخليج هي ضرورة أمنية مُلحّة تختلف شعوب الخليج على كل شيء إلا على ضرورتها والترحيب بها، لذا فلا معنى ولا مغزى لتهديد دول الخليج والكويت على رأسها على معطى وجود تلك القواعد التي صرحت دول الخليج بأنها وضعت للدفاع عنها لا للهجوم على دول الجيران.

وعلمتنا تجارب الماضي القريب والبعيد امرين هامين اولهما ان من يرد الاعتداء على دولنا الخليجية فلن يعدم الأعذار الكاذبة وما أكثرها ومن ثم فالقضية في حقيقتها لا علاقة لها من قريب او بعيد بوجود تلك القواعد العسكرية، ثانيهما ضرورة ان نحافظ وألا نضحي أبدا بصداقتنا وعلاقتنا المميزة بالولايات المتحدة والمجتمع الدولي مهما قال من قال وصرخ من صرخ فلم نشهد الانتصارات والأيام المفرحة إلا بعد تحالفنا معهما.

سامي النصف

الدعم الواجب لـ «الكويتية»

لـ «الكويتية» قيادة كفؤة قادرة على إيصال المؤسسة إلى شاطئ الأمان، فقد ضم مجلس الإدارة الحالي كفاءات فنية وإدارية واقتصادية مميزة تمتلك رؤية واضحة للمستقبل، الا ان تلك الرؤية والنجاح المتوقع مرتبطان بشكل مباشر وكبير بالدعم الواجب والمستحق للمؤسسة وإدارتها الجديدة من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية.

فـ «الكويتية» تعيش في منطقة تحتضن أفضل شركات الطيران في العالم بعد ان انتقلت الريادة في عالم النقل الجوي من اوروبا وشرق آسيا – كما هو الحال في الماضي – الى شركات طيران خليجية تقع على بعد دقائق قليلة منا وتحظى بدعم لامحدود من دول ثرية ذات أجندات اقتصادية وانفتاحية معروفة.

وقد ظُلمت «الكويتية» كثيرا في الماضي عندما كانت تعامل كشركة تجارية في الحقوق ومؤسسة حكومية في الواجبات، ونخشى ان تستمر هذه المظلمة بشكل وإخراج جديد كأن تحرم من حقها بتحديث اسطولها، وهي قضية ملحة بحجة انها ستخصص وتنتقل للقطاع الخاص فلماذا الشراء الآن؟ ثم تتوقف بعد ذلك عملية التخصيص بهذه الحجة او تلك فتضار المؤسسة بشكل مضاعف فلا تحصل على بلح الشام ولا عنب اليمن.

ومن المظالم اليومية ان يطلب من قطاع الطيران في الكويت دون غيره من القطاعات الاخرى ان يصبح سويسريا او ألمانيا او يابانيا في دقته وكفاءته فنرى الطبيب او المهندس او المدرس او الموظف الكويتي ينتقد «الكويتية» بشدة كونها تأخرت دقائق قليلة مقارنا إياها بما يدعي انه يراه في اوروبا او شرق آسيا ولا يذكر المنتقد لماذا لا يقارن القطاع الذي يعمل به بدقته وكفاءته بقرينه في تلك الدول؟!

ان آخر ما تحتاجه «الكويتية» هذه الأيام هو من تقف اقواله المشجعة معها وافعاله المخذلة عليها فالخطوة الاولى لإصلاح احوال المؤسسة تتأتى عبر الإنجاز السريع لكل ما تطلبه ادارتها الحالية حتى لا تصبح تلك الإدارة كمن رُبطت يده خلف ظهره وطُلب منه السباحة في البحور العميقة.

يأتي بعد ذلك الصبر على الإدارة الحالية لمدة 3 سنوات على الأقل، فليس من العدل او الإنصاف توقع تغير الأمور بين ليلة وضحاها، فقد ولّى زمن المعجزات، كما ان استعجال الطبخة يؤدي دائما الى حرقها، كذلك يجب معرفة ان الأعطال الفنية والتأخير هي عمليات متصلة ومرتبطة بعالم الطيران ولا يجوز تصويرها في وسائل إعلامنا المحلية وكأنها قضية تختص بها «الكويتية» دون غيرها، حيث لا أقرأ شخصيا في صحف العالم أجمع ما أقرأه في صحفنا من تقرير يومي عن أعطال طائرات المؤسسة، والحديث ذو شجون.

سامي النصف

رجال الزمن الجميل

الملك فاروق، لم يكن ملاكا كما يظهره المسلسل ولا شيطانا كما اظهرته الثورة، عيوبه كثيرة ومحاسنه اكثر ومن أهم عيوبه تدخله الشديد في تشكيل وزارات الاحزاب حتى انتهى بخسارة تأييدها جميعا خاصة بعد بيان اكتوبر 51 الذي سحب منه تأييد السعديين والأحرار الدستوريين، يذكر قبطان «المحروسة» الكابتن جلال علوبة ان الملك اصطحب معه شنطة ملابس واحدة اما مقولة اصطحاب 217 شنطة مليئة بالمجوهرات والتحف فهي اشاعة اختلقها الضباط الاحرار لتبرير سرقتهم للقصور الملكية وتركها على البلاطة.

احمد حسنين باشا، خريج اكسفورد بتفوق وبطل سلاح الشيش فيها، وسيم وراقص وابن شيخ ازهري وقائد طائرة اشترى وحطم 3 منها في رحلاته فوق اوروبا وجبال الالب، مكتشف ورحالة من الطراز الأول وحائز لكثير من جوائز الاكتشاف، كان فقيرا وكريما وعفيفا رغم عمله في القصر وقد ارتبط بزواج عرفي مع الملكة نازلي حتى لا تزوغ عينها خارج القصر ورفض تنازلها له عن 500 فدان رغم حاجته، اراد الامير محمد علي قبل زواجه منها ان يفضحه معها كي يهز العرش ويستولي عليه فدخل عليهما فجأة مع خدمه في جناحها فوجده يحفظها القرآن، توفي في حادث سيارة غامض عام 46 عندما اصطدم لوري انجليزي به.

مصطفى النحاس، تخرج من الحقوق عام 1900 وكان الأول على دفعته، تزوج القضية الوطنية وبقي عازبا حتى بلغ 58 عاما ثم تزوج زينب الوكيل ذات العشرين عاما، لم تجد حكومة الانقلاب عليه شيئا لذا لم تقدمه لمحكمة الغدر عام 53 مع بقية زعماء الاحزاب، بقي مقيما في مصر ومعدما حتى كتبت زوجته زينب الوكيل للرئيس عبدالناصر لتخصيص راتب من ورثها المصادر لضمان علاج زوجها، توفي عام 65 وخرجت مئات الألوف لتشييعه مما جعل ناصر يعتقل جميع الوفديين الذين حضروا جنازته لمدة عامين بتهمة «حضور جنازة».

مكرم عبيد، المحامي المفوه سبب خلافه مع صديق عمره النحاس انه حال خروجهما من الحكم يذهب هو لمكتبه للمحاماة حيث الدخل الوفير بينما يبقى النحاس على دخله القليل من بعض اطيانه، لذا حاولت زينب الوكيل ان تضمن مستقبلها عبر الحصول على اذونات استيراد لاخيها وشريكها من وزارة التموين التي يرأسها مكرم عبيد فلما رفض بدأ الخلاف، ابان حكم اسماعيل صدقي الرهيب وقف يدافع عن النحاس في قضية رأي عام نقلتها الصحافة ووسائل الاعلام ومما قاله: انكم ايها القضاة تكذبونني عندما أصدق وتصدقونني عندما أكذب لذا اصرخ بملء صوتي يعيش كذبي ويسقط «صدقي» فضجت القاعة من الضحك.

اسماعيل صدقي باشا، اعظم ساسة مصر قاطبة، لديه افكار في ديموقراطية العالم الثالث تصلح لكل مكان وزمان، حيث كان يرى ان الفارق بين شعوبنا والشعوب الغربية التي نضجت فاستحقت الديموقراطية الكاملة كالفارق بين الطفل الصغير الذي يضره ان تسلمه بندقية بيده قد يسيء استخدامها، والرجل العاقل الكبير كان عفيفا شديد الذكاء متمكنا من اللغات وكان يرى الا ديموقراطية في مصر بوجود سعد زغلول الذي يأمر فيطاع وليس هذا من الديموقراطية في شيء حسب رأيه مستشهدا بتنافس زغلول مع عدلي يكن باشا فلما اتت الانتخابات انزل سعد زغلول طباخه الخاص فنجح الطباخ وسقط يكن وهو أمر كرره فيما بعد سعد مع اسماعيل صدقي حيث انزل امامه محاميا مغمورا اسمه نجيب الغرابلي فنجح نجيب وسقط اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء.

آخر محطة:
تنشر جريدة الـ «هيرالدتريبيون» زاوية اسمها «منذ 50 عاما» وقد اتى ضمن عدد الخميس الفائت للجريدة انه في 3/10/57 انفجرت طائرة لبنانية بعد اقلاعها من بيروت وسقطت في البحر وكان من ضحاياها رجل كويتي ومعه 15 صندوق ذهب لحكومة الكويت!، على الشباب الكويتي ان يقضي اجازة العيد القادمة في بيروت مع عدة الغطس بحثا عن ثرواتنا الضائعة، وهل هناك من لديه معلومات عن ذلك الضحية؟ وماذا حدث لتلك الصناديق؟

سامي النصف

وترجّل الفارس الكبير

فُجعت الكويت أمس بوفاة المغفور له الشيخ سالم صباح السالم الذي عرف عنه حب الخير لأهل الكويت وتبنيه لقضية أهلها الاولى المختصة بكشف مصير الاسرى والمفقودين والعناية بذويهم، وقد أخلص – المغفور له – لها حتى جعلها شعلة حية لا يصدر قرار أممي ولا تجمع دولي الا وتتضمن قراراته الاشارة اليها بفضل جهد ومثابرة أبي باسل، فللفقيد الرحمة والمغفرة، ولأهل الكويت جميعا الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ويشهد للراحل الكبير موقفه التاريخي المعبّر في 18/1/2006 حين قال في كلمات قليلة ما وأد الخلاف وحسم الامور «أنا الذي نال المرض من جسدي ولم ينل من عقلي، لو عرضتم علي امارة الكويت لامتنعت عنها، لأن الكويت تستحق قيادة قادرة أكثر مني، ومن ثم فإني أرفض تعريض تاريخ الشيخ سعد العبدالله للإحراج والشفقة، وأرى أن يتنحى عن امارة الكويت».

وقد اشتهر عن أبي باسل حبه الشديد للوطن وانفتاحه على أهل الكويت جميعا مع ذهنية متوقدة وبرغماتية متميزة، فقد تباين، رحمه الله، مع تجمعات ديوانيات الاثنين قبل عام 90 لأجل الكويت، ثم أعاد المياه سريعا الى مجاريها معهم بعد التحرير مباشرة لأجل الكويت كذلك، فقد علمته السياسة المرونة وأنه لا اختلاف دائما مع أحد.

وقد تقلد الراحل الكبير الكثير من المناصب الوزارية والديبلوماسية فتميز عطاؤه بها، وكانت له قرارات وتحركات مشهودة على الساحة السياسية المحلية، كما كانت له أياد بيضاء على أهل الكويت، فلا يقصده أحد إلا أكرمه ولا محتاج الا اعطاه، مما جعل له مكانة في القلوب لا تُنسى.

اللهم اغفر للشيخ سالم الصباح وارحمه واعف عنه، وأكرم نزله ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من أهله، اللهم أفسح له قبره واجعل قبره روضة من رياض الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، اللهم آمين.

سامي النصف

سؤال محيّر.. علام الاختلاف؟!

أتى في خطاب والد الجميع وامير البلاد حفظه الله بمناسبة العشر الاواخر من رمضان الدعوة لديمومة المودة والتواصل حتى لا تدمر الكويت الخصومات وضرورة الاتفاق على تنمية البلد وازدهاره حتى لا تعوقنا الاهواء والاتجاهات والحث على ادامة نعمة الوحدة الوطنية الراسخة كي لا تمزقنا الاختلافات.

في لقائنا قبل أيام قليلة، بصحبة الصديق العزيز عبدالعزيز البابطين، سمو الأمير الملكي احمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية السعودي وضمن وفد ضم مسؤولين حكوميين ونوابا وشخصيات كويتية بارزة، اختتم سموه اللقاء بكلمة معبرة قال فيها ان المراقبين في الخليج وفي العالم اجمع أبدوا اعجابهم الشديد بوحدة الكويتيين بمختلف مشاربهم عام 90 وهذا الاعجاب بالشعب القدوة تحول هذه الأيام الى استغراب شديد من كم الصراع والتناحر الذي يعكسه ما تأتي به الاخبار من بلدكم.

ان الصراع الكويتي – الكويتي قد زاد كثيرا عن حده المقبول وانتشر على كل الجبهات والتوجهات بما هو اشبه بصراعات أهل بيزنطة الحمقاء واصبح مادة يفرح بها ويقتات عليها اعداء الكويت واصحاب المخططات الخفية التي تزمع نقل كرة الشقاق التي تدمر دول المنطقة الينا، فيبقى كل اخ متربصا بأخيه حتى تشل البلاد وتهيأ العقول والنفوس لما لا تحمد عقباه.

ان ابناء النظام والوزراء والنواب وقيادات الكتل السياسية والدينية ومنضوي مختلف الشرائح الاجتماعية وكبار المسؤولين والمدراء والتجار والقائمين على النقابات والجمعيات المهنية والموظفين والمواطنين، جميعهم ابناء الكويت المخلصون لا حسابات دم بينهم ولا ثأر متوارثا، فلمَ هذا الاختلاف الشديد والصراع المتواصل الذي يعطل التنمية ويوقف الاعمال وينشر اليأس والتشاؤم ويتسبب في الانشغال الدائم بأمور الداخل عن الأوضاع الحرجة في الخارج؟!

ان التجربة المعيشة في الخارج والداخل تظهر أن اغلب الاختلافات تختفي عند اللحظة الأولى لعمليات التواصل بين ابناء الوطن الواحد خاصة البعيدة منها عن وسائل الاعلام وهو الأمر القائم في ديموقراطيات الدول المتقدمة التي تشهد بشكل يومي لقاءات افطار وغداء وعشاء عمل مستمرة تزيل اللبس وترطب النفوس والواجب خلق حالات وآليات تواصل سياسية واجتماعية محلية مستمرة تضم الى جانب لقاء الكتل المختلفة انفتاحا على ممثلين عن النظام والحكومة حتى تتوقف الازمات ويقل الضجيج وتزداد المودة ويبدأ العمل الجاد لتحريك سفينة الوطن بعد ان قاربت سفن الآخرين ان تختفي تحت الافق.

آخر محطة:
العزاء الحار لآل الدعيج الكرام في مصابهم، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولاهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا اليه راجعون.

سامي النصف

عرش أسقطته النساء

تناقلت وكالات الانباء بالأمس خبر وفاة رايد غالي أصغر أحفاد الملك فؤاد وابن الاميرة فتحية التي هربت عام 46 مع والدتها الملكة نازلي لأميركا، وتزوجت من الديبلوماسي رياض غالي بعد أن أعلن اسلامه، وقد أصدر الملك فاروق بيانا فريدا من نوعه في حينه أعلن فيه مصادرة أموال الملكة نازلي وإسقاط اللقب عنها، وقد عاشت هي وابنتها في شقة صغيرة في لوس انجيليس تعملان في مهنة تنظيف البيوت للعيش، وقد تحولت عام 65 بعد وفاة الملك فاروق الى الكاثوليكية عرفانا منها للممرضة التي اهتمت بها في مرضها ثم انتهت المأساة بإطلاق النار عليهما من زوج فتحية وانتحاره.

عرش الأمير محمد علي أسقطته فضائح النساء قبل أن يسقطه انقلاب 1952 الذي خططت له وقامت به القوى الدولية خوفا من سقوط مصر في أحضان الشيوعية، وبعد أن اقتنع الملك فاروق في آخر أيامه بعدم قدرته على ادارة البلاد، وكان مستعدا، كما يروي كريم ثابت وهو أحد خلصائه، للمغادرة وترك الحكم لمجلس وصاية حتى دون انقلاب.

وقد اتهمت الاشاعات الصحافية الملكة نازلي بأنها من دبر حادثة موت المطربة أسمهان منافستها على قلب أحمد حسنين باشا، كما اتهم القلم السياسي بأنه خلف حادث مقتل الممثلة اليهودية كاميليا، لارتباطها بعلاقة حميمة مع الملك فاروق، حتى انه أسكنها شاليه أحد الوزراء، وخشيت المخابرات المصرية أن تسّرب كاميليا أسرار حرب فلسطين لليهود، كما كتب الشاعر الشعبي بيرم التونسي قصيدة فضائحية في الملكة نازلي أسماها «القرع السلطاني» انتشرت بين الناس كالنار في الهشيم وهرب على أثرها الشاعر للصحراء الغربية.

ومما أضر بالملك الشاب مؤامراته وعمله للتفريق بين شقيقته الامبراطورة فوزية، التي كانت بضيافته في قصره بالاسكندرية، وزوجها شاه ايران بحجة أن الشعب الايراني لن يقبل بملكة مصرية على عرشه وبقصد تزويجها من صديقه اسماعيل شيرين، وكذلك لسحب التذمر الشعبي المتوقّع عند طلاقه من حبيبة الشعب الملكة فريدة، وقد نجح في مسعاه فصدر بيان ملكي في عام 48 يخبر الشعب بطلاق الملك فاروق من الملكة فريدة وطلاق الامبراطورة فوزية من شاه ايران، وقد تعاطف الشعب مع الملكة فريدة وتظاهر للمرة الاولى ضد الملك فاروق حاملا رايات تقول «خرجت الفضيلة من بيت الرذيلة».

وقد عاشت الملكة فريدة في باريس بعد الثورة حيث أصابها الفقر الشديد، ثم سمح لها الرئيس السادات بالعودة لمصر وأهداها شقة في المعادي حتى وفاتها عام 1988، وفي هذا تذكر صديقتها د.لوتس عبدالكريم ان الملكة فريدة أخبرتها بأنها لو كانت تعلم بما سيؤول اليه أمر الملك فاروق لما طلبت الطلاق منه، مما أثار حفيظة وكراهية الشعب المصري له، ولما ارتضت أن يقبل بالتنازل الطوعي عن العرش خاصة ان الحرس الملكي القوي كان معه.

آخر محطة:
تشتتت أسرة محمد علي في أرجاء الارض وتحوّل كثير منها عن الاسلام وبقي القليل من أفرادها على قيد الحياة، منهم فيليب فاضل واليكس فاضل في استراليا كما تزوج ولي العهد أحمد فؤاد من يهودية هي دومينيك فرانسيس بيكار التي تسمت بفضيلة، وقد خلفت منه قبل طلاقها محمد علي (28 عاما) وفوزية (25 عاما) وفخر الدين (20 عاما)، وجميعهم يعتبرون يهودا بالتبعية كون والدتهم يهودية، ومن ثم استحالة مطالبتهم بعرش مصر، وفي هذا ردّ على التساؤل الذي طرحته مجلة روز اليوسف في عددها الاخير على صدر صفحتها الاولى فيما اذا كان عرض مسلسل الملك فاروق يهدف لعودة الملكية لمصر.

سامي النصف

لقاء مع ولي العهد السعودي

كعادة سفير النوايا الطيبة الكويتية الصديق عبدالعزيز البابطين كل عام – او تحديدا منذ ربع قرن – من مرافقة ثلة من رجال الكويت الافاضل لاداء مناسك العمرة المباركة وزيارة كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية الشقيقة، توجهنا صباح اول من امس الثلاثاء الى مكة المكرمة، حيث اعتمرنا ثم أفطرنا على مائدة سمو الامير الملكي سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء، وتلا ذلك حديث مصارحة شائق امتد لما يقارب الساعتين.

ضم الوفد العم المستشار عبدالرحمن العتيقي ووزير الاوقاف والعدل د.عبدالله المعتوق والنواب وليد الطبطبائي ومبارك الخرينج وخضير العنزي ومحمد الشمري والسادة عبداللطيف الروضان وعبدالرحمن الحميدان وعبدالله البعيجان وعبدالله الطيار وعبدالرحمن البابطين، وقد اتسم الحوار بالصراحة التامة والكلمات الدافئة التي تعكس حسن العلاقة بين الجارين الشقيقين.

في بداية اللقاء، ابدى سمو ولي العهد السعودي فرحته بقرب موعد زيارته المقبلة للكويت ولقائه مع شقيقه صاحب السمو الأمير المفدى وولي عهده الامين، وقد تمنى الاخوان النائبان محمد الشمري وخضير العنزي ان تشمل زيارته جولة في محافظة الجهراء للتعرف على ناسها ومعالمها وكجزء من رد كرم الضيافة الذي حظي به الوفد.

وقد اثنى سموه على العلاقة المميزة التي تربط الكويت بالسعودية ومثلها متانة علاقة دول الخليج بعضها ببعض حتى اضحت التجربة الرائدة في المنطقة العربية، كما عرج سموه على العلاقة مع قطر الشقيقة مثنيا على شعب قطر واسرته الحاكمة التي هي اقرب من الوريد للوريد معهم في المملكة، ملقيا باللوم في توتر العلاقات بين البلدين بين حين وآخر على تداخلات غريبة لا تستهدف الخير للبلدين.

وفيما يخص الوضع في الخليج، تمنى سموه ان تتوافر استراتيجيا قوة ردع نووية لدول G.C.C تحت اشراف الامم المتحدة فيما لو بقيت المنطقة العربية والخليجية عرضة للتسابق النووي بين جيرانها، خاصة في ظل ما يلحظه اهل الخليج من مناورات عسكرية مستفزة بجوارهم وما تلقاه دولنا من تهديدات مباشرة وغير مباشرة لأمنها.

وتبادل سموه الحديث مع وزير الاوقاف والعدل الاخ الفاضل د.عبدالله المعتوق حول الرؤية المشتركة للوسطية وضرورة تبنيها في العالم الاسلامي، وقد اوضح ابوعبدالرحمن النتائج الايجابية لمشروع الوسطية حيث اظهرت دول كالمانيا وفرنسا وتركيا رغبتها في الاستفادة من ذلك المشروع واستضافة انشطته على ارضها.

وعلى الجانب القضائي والعدلي، اوضح سمو الامير الملكي سلطان بن عبدالعزيز انه ارسل لجنة من القضاة الى 52 دولة حتى وصلوا للصيغة النهائية للنظام القضائي السعودي الجديد الذي اقر قبل ايام من مجلس الشورى السعودي، وسيبدأ تطبيقه في القريب العاجل، وقد اختتم اللقاء بحرص سموه على ان يعقد هذا اللقاء في كل عام.

آخر محطة:
تأخر النائب الفاضل مبارك الخرينج عن الوفد لامر نرجو ان يكون فيه خير لأبي فيصل، وقد لازمه سوء الحظ بعدم رؤيته لسيارة المراسم التي كانت في انتظاره ثم اختياره لسيارة ليموزين لا يؤمن سائقها بمقولة «ان اهل مكة ادرى بشعابها»، فضاع في منطقة مكة ايما ضيعة، وكله اجر وعافية وتقبل الله طاعتك.

سامي النصف

للإصلاح أثمان تدفع

خلال قراءتي لمقابلة شخصية مع الفريق المتقاعد عبدالله فراج الغانم ضمن الاصدار الشائق الاخير للزميل يوسف شهاب «رجال في تاريخ الكويت»، يقول الفريق الغانم في اللقاء انه يفخر بعد تلك السنوات الطوال التي قضاها في خدمة بلده وحارب لأجله على اكثر من ساحة وترقى فيها من جندي الى رئيس اركان الجيش الكويتي بأن يده لم تمتد قط للمال الحرام، رغم ان صفقات السلاح كانت بين يديه واغراءات الشركات كثيرة فالانسان حسب قوله اعز ما لديه سمعته وكرامته وعليه دائما ان يتذكر نهايته وحساب القبر والآخرة يوم لا تنفع الملايين أمام العمل الصالح.

ان للاصلاح اثمانا تدفع وقرارات واحكاما حاسمة عليها ان تصدر وواجب السلطة القضائية ان تساهم بذلك الامر عبر الاحكام الرادعة والمغلظة ولا تأخذها في الحق لومة لائم، فمع كل حكم ينطقه رجال القضاء الافاضل بالشدة او التساهل الف رسالة تبعث للآخرين فإما زجر وردع واما تشجيع وتحريض.

ان رفع راية الاصلاح يقتضي القيام بعملية تطهير وتنظيف شاملة للجهاز الحكومي في وزاراته ومؤسساته وشركاته وان يحظى هذا التطهير والتغيير الواجب بدعم ودفع من رجال السلطة التنفيذية على كل المستويات حتى لا تصبح الألسن مع الاصلاح والافعال ضده.

ومثل ذلك دور رجال السلطة التشريعية الافاضل فلا يمكن لعجلة الاصلاح ان تسير ولا لعملية التطهير ان تتم اذا ما وضعت العصي في دولابها وتغلبت العواطف والمجاملات على قراراتها، ان الكويت امانة في اعناق الجميع ونحن امام مفترق طرق فإما ترجمة دعوة الاصلاح الى عمل حقيقي يدفع بنا الى الامام عاما بعد عام في مؤشرات منظمات الشفافية العالمية المحاربة للفساد او نبقيه شعارا دون تفعيل ونلحظ معه تأخرنا في تلك المؤشرات.

آخر محطة:
ضمن ذكريات الفريق عبدالله فراج الغانم كشفه لتحرك 3 ألوية من الجيش الكويتي قوام كل منها 3500 جندي سريعا للحدود مع العراق ابان دعوى عبدالكريم قاسم عام 61 حتى اصبحت المسافة بين الجيشين في بعض المواقع لا تزيد على امتار قليلة وهو ما اوقف الغزو السريع للكويت وقبل ان تصل القوات البريطانية لردعه، كذلك اظهر الغانم ضمن تلك الذكريات ان القوات الكويتية كانت الأولى عربيا في الوصول الى مواقع القتال في سيناء عام 1967 والاخيرة عربيا في مغادرة ارض مصر… تاريخ مكلل بالغار للجيش الكويتي!

سامي النصف

الخطوط الحمراء

مع تأكيد صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد – حفظه الله – المتكرر أنه لا حل غير دستوري للمجلس وما يعلمه الجميع من كراهية سموه حتى للحل الدستوري، اعتقدنا ان الموضوع قد انتهى ولم تعد هناك حاجة للحديث عنه.

الا اننا فوجئنا بكتابات واجتهادات غريبة تضرب امن واستقرار البلد في الصميم وتنقلب على الوضع القائم والمتوارث في البلد منذ بدء الدولة قبل 3 قرون، وملخص ما تريد قوله تلك الاقلام هو ايهام القارئ بأن الحل غير الدستوري – الذي ولى دون رجعة – يعني سقوط شرعية النظام وهو امر لم يقل به احد من قبل.

فلم نسمع ابان ايقاف بعض بنود الدستور عامي 76 و86 اي طرح كهذا رغم وجود الكثير من مؤسسي الدستور وخبرائه آنذاك وعلى رأسهم المرحوم عثمان عبدالملك، اضافة الى الشخصيات الوطنية المعروفة التي وان اعترضت على الحل غير الدستوري في حينه الا انها لم تشكك او تستسهل قط الافتاء بعدم شرعية النظام القائم وبقي تواصلها وتشاورها مع النظام دون انقطاع.

ومن نافلة القول التذكير بأن الحلين غير الدستوريين للمجلس في عامي 76 و86 لم يتبعهما فتح المعتقلات او نصب المشانق او غياب العدالة او قمع القضاة او اختفاء دولة القانون، بل ظلت الحياة المتسامحة والعلاقة الطيبة بين كل الاطراف قائمة والزيارات لم تنقطع، فمن اين اتت دعاوى التشكيك بشرعية النظام هذه الايام؟ ولصالح من يسقى الشعب الكويتي جرعات السم الزعاف المخلوط بعسل بعض الكتابات المغرضة التي لا يعلم احد دوافعها او من يقف وراءها؟

ان المنطقة تمر بمرحلة حرجة تستوجب منا ان نبحث عما يجمعنا لا ما يفرقنا وان نبتعد عن الطرق الشديد على الثوابت حتى لا تتفكك وتضعف فنندم يوم لا ينفع الندم، ان هيبة الدولة وهيبة النظام خطوط حمراء علينا عدم القبول بالمساس بها وليس هناك شيء اقل من ذلك.

آخر محطة:
حسبما خطه الزميل صالح السعيدي قبل يومين على صدر جريدة «القبس» فإن عمليات نقل الاصوات والفرعيات والخدمات بل حتى شراء الاصوات قائمة على قدم وساق في الدوائر الخمس، ومن ثم بقيت – كما توقعنا – جميع الامراض والسلبيات مقابل اختفاء الايجابيات الجميلة وعلى رأسها التمثيل الحالي للشرائح الصغيرة في المجتمع من قوى وطنية واقتصادية وقبائل صغيرة وسنندم كالعادة عندما لا ينفع الندم.. ولنا عودة للموضوع.