سامي النصف

صباح الخير يا دستورنا العظيم

رغم وجود دساتير سابقة في الكويت لمجلسي 1921 و1938 الا ان الآباء المؤسسين الذين عقدوا اولى جلسات لجنة الدستور في 17/3/1962 لم يتعصبوا او يغضبوا ويطالبوا بعدم المساس بالدساتير السابقة، بل راعوا متغيرات العصر وارتضوا ان يخلقوا دستورا جديدا مختلفا تماما عما مضى وتظهر 944 صفحة ممتعة من محاضر تلك الجلسات كم الرقي والصبر وطول البال والعظمة والتسامح والسمو الذي ساد تلك الجلسات وتعامل شخوصها مع بعضهم البعض حيث لا تجد كلمة جارحة او خارجة.

وواضح من قراءة محاضر تلك الجلسات ان دستورنا الحالي هو صناعة كويتية بحتة، اي اننا لم نحضر دستورا من الخارج قد جرب وطبق وسدت ثغراته لدى الآخرين واصبح جاهزا للعمل الفوري به عندنا، بل آمن الآباء المؤسسون بأن الدستور الذي خلقوه هو قيد التجربة ووليد اجتهاد قد يخطئ أو يصيب، لذا عولوا كثيرا في موافقتهم على الامور الخلافية على ان الممارسة اللاحقة ستكشف اوجه القصور التي سيتم تصحيحها بعد 5 سنوات من التطبيق، وهو ما لم يحدث قط.

وقد خُلق الدستور ضمن اجواء محيطة في منطقة لا ديموقراطية فيها وتسودها اجواء قمع السلطة لذا ركز على اعطاء ضمانات مضاعفة لنواب المجلس خوفا من تعسف الحكومة والوزراء تجاههم مكتفيا باعطاء ضمانة عدم طرح الثقة برئاسة الوزراء كحماية للحكومة، وقد اثبتت التجربة ان الوزراء اصبحوا هم الطرف المستضعف في علاقة السلطتين حيث اصبح عمر الوزير في الوزارة لا يزيد على عمر الفراشات او الزهور، مما مهد الطريق لتقدم الدول الخليجية الاخرى المستقرة سياسيا علينا.

وتبدأ جلسات لجنة الدستور بكلمة معبرة للمرحوم حمود الزيد الخالد قال فيها «ان دستور الكويت هو الاحدث لذا يجب ان يكون دستورا مثاليا تقتدي به الدول العربية»، وفي الجلسة الرابعة يطلب السيد يعقوب الحميضي ويدعمه السيد حمود الخالد ان يكون نظام الحكم في الكويت رئاسيا، اي ان يصبح رئيس الدولة هو رئيس الحكومة كي نضمن استقرار الحكم، ويطلب الشيخ سعد العبدالله ان يتقدم الخبير القانوني بمذكرة عن عيوب ومحاسن النظامين الرئاسي والبرلماني وينتهي النقاش فيما بعد باختيار نظام جديد غير مجرب في العالم يجمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني.

وقد تطرق دستورنا العظيم لمناح عديدة في الممارسة السياسية، ولا اعلم مدى التزامنا بتطبيق روح ونصوص مواده كالمادة 29 المتعلقة بتساوي الناس امام القانون والمادة 30 الخاصة بكفالة الحريات الشخصية والمادة 35 حول حرية الاعتقاد ورعاية الدولة لحرية القيام بشعائر الاديان المختلفة والمادة 44 الخاصة بمنع رجال الامن من حضور اجتماعات الافراد والمادة 50 الخاصة بفصل السلطات وتعاونها وعدم السماح بنزول سلطة عن بعض او كل اختصاصاتها للسلطة الاخرى والمادة 56 الخاصة بتعيين الوزراء واعفائهم والمادة 82 التي تكتفي في هذا العصر بشرط الكتابة والقراءة لمنصب عضو مجلس الامة والمادة 89 من اللائحة حول عقوبات الاخلال بالنظام والاصرار على الكلام في الجلسات وغيرها من مواد.

واحسن ما نختم به المقال مقتطفات من كلمة المرحوم الشيخ عبدالله السالم التي ألقاها في يناير 1962 والتي قال فيها «انصحكم كوالد لاولاده ان تحافظوا على وحدة الصف وجمع الكلمة حتى تؤدوا رسالتكم في خدمة شعب الكويت الطيب على اكمل وجه واحسن صورة»، وكلمة الرئيس المرحوم عبداللطيف الثنيان الغانم التي ألقاها بعد الانتهاء من تلاوة مشروع الدستور في نوفمبر 1962 والتي من ضمنها «ان النصوص على عظم قدرها ليست كل شيء في حياة الشعوب، وانما العبرة بتطبيقها وبالروح التي تسود هذا التطبيق»، فهل استمعنا حقا وطبقنا نصح آباء الدستور العظام أم قمنا بعكس ما طلبوه منا تماما؟

سامي النصف

خمسة وجوه تطل من السماء

يقال في الغرب اننا لو اخذنا بمبدأ ان الحالة النفسية للمريض تبرر جرائمه وتخلي طرفه لوجبت تبرئة جميع القتلة في جميع القضايا لحقيقة ان الانسان الطبيعي العاقل لا يقوم بقتل الناس، لذا لا تؤخذ حجة المرض النفسي هناك بتلك البساطة، ولو اخذ بها فامر كهذا يعني حجز المتهم إلى الأبد في المصح النفسي لكون اطلاق سراحه سيبرر له اعادة جريمته ضد من يريد مع ضمان التبرئة اللاحقة.

وعندما يجرح احد قطة الجيران أو اصبع أحد ابناء الآخرين يقوم هؤلاء بملاحقته قضائيا حتى يحصلوا على حقهم كاملا غير منقوص، اما عندما يقتل أب أو أم ابناءه ويحرمهم من نعمة الحياة دون ذنب عندها يسقط حقهم لان من يفترض ان يدافع عنهم ويلاحق قضاياهم هو الفاعل، ولا يبقى للضحايا الأبرياء الا الحق العام الذي ان تهاونت الدولة فيه ضاعت الحقوق وانتهينا لاطلاق القتلة والمجرمين على المجتمع الآمن ومع البعض منهم اجازات قتل، كما ذكرنا في الفقرة السابقة.

قبل يومين وعلى الصفحة الأخيرة لجريدة «الراي» اجرى الزميل حسين الحربي حوارا مطولا في مكتبه مع م.س الذي اشتكى له مر الشكوى من الظلم والقهر الذي يعانيه حيث اتهم زوجته بأنها تزوجت عرفيا من احد الاشخاص رغم انها مازالت على ذمته وسافرت مع الزوج الجديد الى عدة دول على حساب الأموال التي استولت عليها منه واضاف انه ذهب يشتكي الى النيابة العامة كما كرر شكواه لرجال الشرطة دون نتيجة.

وضمن اللقاء ذكر الزوج ان القضية الشهيرة ضده قد حفظت للابد واتهم بالمقابل زوجته بأنها من قامت بدس السم له ولاطفاله الثمانية قبل عامين وعليه فالفاعل في تلك الجريمة الشنعاء التي ازهقت خلالها ارواح خمسة من الملائكة الصغار وكادت ان تودي بارواح 4 آخرين لولا شطارة الابنة التي تقيأت السم وارغمت اخويها على التقيؤ كذلك – لا يخرج عن احد الابوين حسب التهم المتبادلة بينهما وعدم اتهامهما احدا آخر بها، وعليه نسأل المعنيين في وزارات الصحة والعدل والداخلية هل ضاعت هدرا دماء وارواح الاطفال الخمسة التي صعدت الى السماء تشكو الظلم لبارئها؟ وهل ستتحول الـ 300 ألف ملف الموجودة في الطب النفسي الى 300 ألف اجازة قتل بسبب خطأ التشريعات وقلة الاطلاع على ما هو موجود في العالم؟! ما نعلمه من تلك القضية الشهيرة ان هناك قاتلا أو قاتلة مطلق السراح بيننا ومن قتل ابناءه فلن يصعب عليه شيء آخر.

آخر محطة:
1 – صلاحيات القيادة السياسية العليا في البلاد تخفف حكم الاعدام الى المؤبد وصلاحيات بعض الاطباء النفسيين تحيل الاعدام الى براءة!

2 – وصلني علم مؤكد بقرب اطلاق سراح احد الآباء الذي نحر ابنته قبل مدة قصيرة من الوريد الى الوريد فور عودته من السفر.

سامي النصف

ديموقراطية من يجرؤ على الكلام

حتى لا تتحول ديموقراطيتنا المعلنة الى ديكتاتورية مقنّعة يخفي قفازها الحريري القبضة الحديدية التي تختبئ تحته، وكي لا تتحول مقولة «قولي صواب لا يحتمل الخطأ وقولك خطأ لا يحتمل الصواب» الى منهاجية حياة يومية يعيشها مجتمع، تقيد من خلالها العقول وتكمم الأفواه وتمنع تعدد الآراء، ومن ثم تدمر في طريقها أسس الحياة الديموقراطية الصحيحة التي نحلم بها لنا ولأجيالنا من بعدنا.

تجري في العالم المتقدم طوال الوقت حوارات ديموقراطية راقية ومتواصلة تتصل بشكل الدوائر الانتخابية المستقبلية خاصة مع المتغيرات الديموغرافية المعتادة من توالد وهجرات دون تخوين أو تكفير من طرف لطرف آخر، في «مجتمع من يجرؤ على الكلام» القائم في بلدنا وضمن ديموقراطيتنا، سادت في الماضي وإبان النقاش حول الخيار بين استمرار الدوائر 25 أو التحول الى خيار الدوائر الأخرى، منهاجية الخوف والقمع الفكري الشديد مما ألزم الصمت القسري ما يقارب نصف أعضاء مجلس الأمة ممن كانوا مرتاحين من وضع دوائرهم الانتخابية من حيث معرفتهم بالناخبين ومعرفة الناخبين بهم، واستبدال الرأي والرأي الآخر باختراع كويتي هو الرأي والرأي المشابه.

وفي جميع الديموقراطيات الأخرى يجري كل صباح حديث نافع ومفيد حول الدساتير وما تحتاجه من تعديلات ضرورية تدفعها الى الأحسن والأفضل، وتفرضها حاجيات الناس ومتغيرات الزمن ونتائج التطبيق ودروس وعبر الممارسة الطويلة، لدى ديموقراطية نصف القرن الكويتية تحولت تلك البديهيات والمسلمات التي تحدث في جميع ديموقراطيات العالم الأخرى الى أداة إرهاب وإرعاب وصلت الى حد التفكير في إصدار تشريع يجرم ويخون من يتحدث ولربما من يفكر بها، فهل هذا من الديموقراطية الحقة بشيء؟!

وما ان تحدث أزمة «واحدة» في الديموقراطية المتقدمة وليس أزمات يومية تلد أزمات كحال من يحاول إقناعنا بأننا نعيش عهد «ديموقراطية احنا غير الكويتية»، حتى يتداعى حكماء ومفكرو وساسة تلك البلدان للقاء السريع ودراسة أسباب تلك الأزمة ثم العمل الجاد لمنع تكرارها كي لا تشغل البلد وتعطل بالتبعية قضايا التنمية فيه، لدينا كلما زادت الأزمات زاد تباعد – بدلا من تلاقي – التوجهات السياسية المختلفة وبدأ كل طرف بادعاء العصمة من الخطأ والقاء تبعات ما قام به على الآخرين.

وفي المجتمعات والديموقراطيات المتقدمة يضرب كل طرف المثل والقدوة الحسنة بنفسه فالتضحية واجبة عليه قبل ان يطلبها من غيره والجميع يضحي لأجل الوطن ولا يطلب أحد – كحالنا – ان يضحي الوطن بمصالحه لأجله، لدينا من يطلب من الآخرين بأن يهدئوا اللعب بينما يقوم هو بالتصعيد، ومن يطالب الآخرين بعدم اساءة استخدام الأدوات الدستورية بينما يبيح لنفسه اساءة استخدامها، ويحاسب المسؤولين لو قفز أحدهم إنشاً واحداً على القوانين المرعية لأسباب إنسانية بينما يختص هو بالقفزات الماراثونية العالية على تلك القوانين لأجل المصالح الشخصية.

آخر محطة:
للمعلومة، تتطلب ممارسة الديموقراطية الحقة كما هائلا من التسامح والاعتدال في الآراء والطلبات، كما تقوم على التفنن في إيجاد حلول وسط الطريق مع التوجهات الأخرى، وليس من الديموقراطية بشيء ما نراه يمارس يوميا لدينا من مقولة إما أن تأخذ طريقي أو عليك بالطريق العام بعيدا عني My way or the High way.

سامي النصف

الوجه الآخر للكويت

تشغلنا في بعض أو معظم الأحيان المانشيتات الإعلامية الصاخبة العاكسة للتباينات السياسية في البلد عن النظر للوجه المضيء للكويت والجهود الخيرة لرجالاتها، فقد اطلعت في زيارتي الأخيرة لديوان رجل الخير عبدالعزيز البابطين على العديد من الجهود المبذولة التي يقوم بها لخدمة الإسلام والتي يعكسها بشكل جميل تنوع وجوه وجنسيات الزائرين للديوان العامر.

وقد لحظت أثناء الزيارة وصول رسالة تنبئ بتخرج دفعة جديدة من الطلبة المسلمين الآسيويين ممن تكفلت «بعثة سعود البابطين الكويتية للدراسات العليا» بنفقة دراستهم في جامعة الأزهر، وقد ارفق مع الرسالة كتابان قام الباحثون والخريجون بتأليفهما، أحدهما يترجم السيرة النبوية العطرة الى لغتهم والثاني عن فوائد العبادات.

كما اطلعت على رسالة مؤثرة من طلبة بعثة سابقة ممن تخرجوا وعادوا لجمهورية قيرقيزستان وفيها يبشرون السيد البابطين بإنشاء وقف إسلامي يسمى «ادب باشاتي» من اهم نشاطاته انشاء المدارس والمساجد وطباعة الكتب الدينية والقاء المحاضرات في المساجد والجامعات في مختلف الولايات.

من ناحية أخرى كشف المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره الصادر قبل أيام عن أن الكويت قد احتلت المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط – متقدمة من المركز الرابع العام الماضي – في مجالي قوة واستقرار الاقتصاد والقدرة على التنافسية العالمية متقدمة بذلك على دول كقطر والإمارات والسعودية وتونس ومصر وغيرها من دول عربية، و…

تقوم شركة مايكروسوفت بإطلاق برامج ويندوز المختلفة كل عدة أعوام كحال اصدار ويندوز 95 و98 و2000 وXP، وقد قررت تلك الشركة العملاقة ان تطلق هذا العام برنامج ويندوز فيستا الجديد الذي سيشهد انطلاقته مليارات البشر، وقد اختارت ان تكون خلفية ذلك البرنامج صورة باللون البرتقالي لساحل بحر وصخر وقد ابتدع تلك الصورة المصور الكويتي الشاب حمد درويش الذي يعمل في وزارة الصحة، ولك ان تزور موقعه على WWW.HAMADDARWISH.COM وتشاهد الإبداع على أصوله.

وتشارك المهندسة منار الحشاش – وهي مجموعة انجازات كويتية رائعة تمشي على الأرض – هذه الأيام في تقديم وتحكيم منظمة الجائزة المعلوماتية العالمية التي تضم 170 خبيرا دوليا والمقامة أنشطتها في مدينة ڤينيسيا الايطالية الساحرة، ومعروف ان المهندسة منار هي العربية الوحيدة من الشرق الأوسط في تلك المنظمة، كما تم اختيارها للمرة الثانية للمشاركة في تقديم جوائز تلك المنظومة المهمة، وهي للعلم اصغر المحكمين والخبراء سنا.

وبعيدا عن الضوضاء الإعلامية الناتجة عن ايقاف الفيفا لاتحاد كرة القدم دوليا فقد توج بالأمس المنتخب الكويتي للرماية بطلا على آسيا بعد حصوله على المركز الأول وحيازته الميدالية الذهبية في مسابقة البطولة الآسيوية لرماية الأطباق المقامة في الفلبين، كما توجت غرفة التجارة كأفضل غرفة تجارية في العالم في مجال تقنية المعلومات على اكثر من 10 آلاف غرفة تجارية في العالم، والكويت مازالت بخير.

آخر محطة:
ولدي سجل طويل – حصلت عليه بعملية بحث سريعة في الانترنت وسأنشره في مقال «تفاؤلي» لاحق – بالانجاز الكويتي للأشهر القليلة الماضية التي شغلنا فيها بالأزمات المختلفة في البلاد، وقد فوجئت بان الأغلبية العظمى من تلك الإنجازات الباهرة والمفرحة بحق الكويت قد تمت على يد افراد من الشباب الكويتي وبجهود ذاتية مخلصة مما يثبت اننا وبعكس باقي الأمم، أقوياء كأفراد، ضعفاء كمجموع لكثرة خلافاتنا التي يلغي عبرها بعضنا جهد البعض الآخر، فننتهي دائما بمحصلة الصفر أو شيء قريب منه.

سامي النصف

حديث ما بعد العاصفة

أحد المبادئ العامة الواجب تعلمها ضمن لعبتنا السياسية هو ان الديموقراطية في صلبها هي الإيمان بالرأي والرأي الآخر، أما منهاجية «ما أريكم إلا ما أرى» أو «ان قولي صواب لا يحتمل الخطأ وقولكم خطأ لا يحتمل الصواب» فتلك هي الديكتاتورية المقنعة البغيضة بعينها مهما حاولنا ان نجملها أو نضفي عليها ما أنزل الله من مسميات جميلة.

الآن وبعد استقالة وزير النفط أصبح بالإمكان الحديث عما دار حول «مبدأ التدوير» بعقل بارد ليس فيه دعم لشخص زيد أو استقصاد لشخص عبيد حتى لا نبكي كعادتنا على اللبن بعد سكبه فنبحث عن تلك الأداة التي يمكن ان تفك في القادم من الأيام والسنين أزمات كبرى فلا نجدها.

فالاستجواب كأي أداة حادة أخرى يمكن ان يحسن استخدامها فتوجه من خلاله أصابع القصور الإداري أو الفساد المالي تجاه أحد المسؤولين وهنا لا خلاف على الإطلاق في ضرورة المحاسبة القصوى لمن قام بالتجاوز والتعدي، وهذا هو الوضع في أجواء مثالية تستهدف مصلحة المجتمع والحفاظ على المال العام.

إلا أن الواقع المعيش يظهر في بعض الأحيان استقصاد نائب أو أكثر، أحد الوزراء لذاته أو لموقفه الصحيح من إحدى القضايا أو لرفضه الخضوع للطلبات الشخصية والواسطات، مشهرين سلاح الاستجواب ضده، في وضع كهذا وخاصة مع التغييرات التي طرأت بعد قفل الحكومة – مشكورة – حنفية التنفيع والقفز على القوانين لكسب التأييد، ستجد الحكومة، ومع كل الشرفاء من نواب ومواطنين، انها في ورطة.

فالأخذ بخيار استكمال الاستجواب سيعني السقوط المحتم للوزير المستهدف الذي سنفترض كفاءته ونزاهته وحاجة البلد لقدراته المميزة، حيث أصبح من الصعوبة بمكان ولأجل غير مسمى حشد حتى 3 نواب يتحدثون ضد الاستجواب – أي استجواب – لما يرونه من مخاطرة على فرصهم في النجاح في الانتخابات اللاحقة، فمبدأ السلامة يقتضي إما دعم الاستجواب أو على الأقل عدم الظهور بمظهر من يدعم الوزير أو الحكومة خوفا من مقولة انه متنفع منهم.

حينها ستجد رئاسة الحكومة ومعها كثير من النواب المحرجين من غير المقتنعين أصلا بالاستجواب، ان الحل يكمن في الأخذ بالخيار السهل أي التدوير ونعني بالطبع هنا تدوير الوزراء الأكفاء النظفاء ممن أصابهم سهم الاستجواب الخاطئ، أما من هم غير ذلك فلا يستحقون إلا تركهم لمصيرهم المحتوم على منصة الاستجواب، وفي غياب ذلك الخيار السهل قد تلجأ الحكومة للأخذ بالخيار الصعب أي الحل الدستوري من زاوية ان ذلك الاستجواب أو تلك الاستجوابات غير مبررة وتعني عدم التعاون بين الحكومة والمجلس.

ان القياس الصحـــيح للأمور يدعو الى وضعها في حجـــمها الصحـــيح دون افتـراض «المبـالغة غير العقـــلانية» فيــها ثم القياس عليــها كمن يطــالب بإســـقاط حق الاستجواب عبر المبـــالغة والقول ماذا لو قدم كل عضو من الخمسين نائبا استجوابا ضد 16 وزيرا، او مثل ذلك من يرفض التدوير عبر الافتراض المبالغ فيه والقول وماذا لو دورت الحـــكومة «كل» وزير يستجوب، فواضح ان افتراضية كهذه والتي لم تحدث إلا مرات نادرة جدا في السابق ستعني استخدام المجلس أداة الاستجواب تجاه من «يبالغ» في استخدام أداة التدوير دون الحاجة لإيقاف مبدأ التدوير ذاته.

آخر محطة:
في الخلاصة الاستجواب والتدوير هما أداتان دستوريتان لا يجوز منعهما أو المبالغة في استخدامهما.

سامي النصف

فلسفة الثروة

حال المواطنين الشركاء في الوطن الواحد كحال المساهمين في أي شركة مساهمة تستفيد ادارتها مما يقترحونه من سبل لتحسين عوائدها المالية، لذا فمع تمتع الكويت هذه الأيام بثروات غير مسبوقة في تاريخها وجدنا ان من الحكمة تسليط الضوء على فلسفة التصرف بالثروات النفطية في الدول الأخرى ذات الظروف المشابهة.

يرى أهل النرويج وهم أحد أكثر شعوب أوروبا ذكاء وحنكة ضرورة استخراج أكبر كمية من النفط المخزون في اقصر مدة وتحويله إلى استثمارات في السندات والأسهم الزرقاء ذات العوائد المالية المرتفعة، وتعتمد تلك الفلسفة على عدة أسباب منها ان الاستثمارات المالية تنمو وتكبر وتزيد، فمائة دولار يحصل عليها من بيع برميل نفط يتضاعف سعرها كل سبعة اعوام من استثمارها فتصبح مائتي دولار، اما بقاء البرميل تحت الارض فلا عائد ماليا له مع احتمال كبير بانخفاض سعره الى النصف أو الربع طبقا للظروف المتغيرة التي لا يمكن التحكم بها، فتصبح المائة دولار 50 أو 25 دولارا بعد اعوام من الانتظار.

وواضح ان كلفة سعر البرميل في الكويت تقل عن الدولار الواحد لذا فبيعه باسعار هذه الايام المرتفعة جدا لا ضرر منه، اضافة الى حقيقة ان البترول كمصدر للطاقة كحال الفحم سابقا قد يستبدل سريعا بالوقود النظيف أو مصادر الطاقة البديلة خلال سنوات قليلة خاصة بعد الانباء الأخيرة عن ان المخزون النفطي الحقيقي في العالم أقل كثيرا من نصف ما هو متوقع سابقا، ومن ثم سينضب مخزون كثير من الدول المنتجة خلال العقدين او العقود الثلاثة القادمة ومن ثم لا يمكن للعالم ان يعيش على مخزون نفطي لبلدين أو ثلاثة وعليه ايجاد البديل خلال تلك المدة، ان الايمان بخيار «تحويل النفط الى اموال سائلة» يعني الاسراع في عمليات تطوير حقول الشمال وباقي حقول الكويت.

من جانب آخر تعتمد دول كالامارات وقطر والسعودية ومصر وغيرها على تحويل عوائد النفط إلى منشآت وبنى أساسية ضخمة على كل شبر من أرض الوطن طبقا لحقيقة ان الاجيال القادمة قد لا تجد الموارد المالية لتعمير الأرض بعد نضوب البترول او الاستغناء التدريجي عنه، لذا فما فائدة – حسب تلك الفلسفة – توريث اراض عامة قاحلة خالية من المشاريع خاصة ان اغلب دول المجاعات والفقر في العالم تملك حاليا اراضي شاسعة لا يرغب احد في تعميرها؟ لذا فمن الأفضل ان نورث أراضي معمرة مدرة للمال لا خالية أو مدمرة.

بالمقابل هناك توجه قوي في الكويت يدعو لعكس ذلك حيث ما ان يقترب المستثمرون المحليون او الاجانب من الأراضي العامة لاقامة المشاريع الجالبة للاموال عليها حتى يتم الاعتراض على ذلك بحجة عدم التفريط باراضي الدولة ومن ثم يصبح الخيار هو اما انتظار تعمير الخزينة العامة لتلك الصحاري وهو أمر مكلف جدا ويحتاج لعشرات السنين، او توريثها للاجيال المقبلة كاراض قاحلة عليهم في ذلك الزمن البعيد ان يجدوا الأموال غير المتوافرة آنذاك لتعميرها بعد تضاعف اسعارها عشرات المرات، ان الدول حتى الغنية منها تستجدي المستثمرين والسائحين للقدوم ونحن نتسابق على طردهم حتى اصبحنا ولا فخر الدولة الاولى في العالم في تصدير المستثمرين والسائحين.

آخر محطة:
الاستثمار الأمثل للأموال العامة يمر بعمليات اصلاح واسعة لا تختص بالسلطة التنفيذية وحدها بل يجب ان تمتد للسلطتين الثانية والثالثة والمرجو الاطلاع على بعض تقارير منظمة الشفافية العالمية حول المنهج الامثل لعمليات الاصلاح في السلطات الثلاث وليس في احداها فقط.

سامي النصف

67 + 25 = 1

يرى أغلب أو جميع المفكرين والمثقفين العرب – وما أروعهم – ان سبب المد الديني الحالي في الوطن العربي هو نكسة 67 التي تسببت، حسب اعتقادهم وفكرهم العميق، بانحسار التيار اليساري وافساح المجال للتيار المحافظ والديني كي يسود الساحة العربية.

والحقيقة هي – كالعادة – أبعد ما تكون عن ذلك التصور الخاطئ، فقد ساد الفكر اليساري العالم أجمع، والوطن العربي بالطبع جزء منه ويتأثر به في الحقبة الممتدة من أواخر الخمسينيات حتى أواخر الستينيات، لذا شهدنا فوز كنيدي وجونسون في أميركا والحكومات العمالية في بريطانيا، ومثلها التواجد القوي للأحزاب الشيوعية في فرنسا وايطاليا واليونان وقبرص وغيرها.

تلا ذلك المد اليساري العالمي الواسع انحسار شديد له في أصقاع الأرض بعد ان اتضح خطؤه وعدم إيصاله الشعوب للجنات الموعودة وتساقطت قياداته أمثال سوكارنو ونكروما وسيكتوري.. الخ، وقد تسلم الراية منه الفكر المحافظ والديني – دون الحاجة لنكسة حربية – ومن ذلك ما شهدناه من التحول الى التاتشرية والريغانية وصعود قوة الكنائس المختلفة وضعف النقابات اليسارية، وعليه فليس صحيحا على الإطلاق ادعاء عباقرتنا ومفكرينا بأن نكسة 67 هي سبب التحول من الفكر اليساري الى الفكر الديني، فذلك الأمر كان قادما بالضرورة حتى لو لم تقم حرب الأيام الستة، فما كان للعرب ان يستمروا في دعم القيادات والتوجه اليساري والعالم بأكمله يتجه نحو اليمين.

مثل ذلك من ينظر لأوضاع الكويت في الستينيات، وقد كانت جزءا من توجهات المنطقة التي لم يكن معروفا لديها الاختلاف على معطى الطائفية والقبلية.. الخ، ثم يقارنها بعد ذلك بكويت اليوم ليصل الى استنتاج بسيط كسابقه يقول ان التحول الى 25 دائرة هو السبب في تفشي الطائفية والقبلية والفئوية التي نراها اليوم، أي اننا لو أبقينا على الدوائر العشر لما شهدنا تلك الانقسامات.

مرة أخرى تظهر الحقيقة الجلية، أنه لا علاقة على الإطلاق للدوائر الـ 25 بمثل تلك التحولات المجتمعية التي نشهد للأسف امتدادها في جميع بلدان المنطقة الواقعة شمالنا وجنوبنا، وحتى البعيدة منا دون ان تكون لديهم بالطبع تقسيمات دوائرنا الـ 25، فالعراق على سبيل المثال الذي لم يشهد ابان ثوراته وانقلاباته العديدة أي خلاف طائفي أصبح الناس يُقتلون ويُهجّرون فيه هذه الأيام طبقا لانتماءاتهم الطائفية، مرة أخرى يستخدم التحليل الخاطئ للوصول للنتائج الخاطئة لخدمة قضية ما، ومازلت اعتقد ان التحول عن نظام «25 دائرة» خطأ كبير سنشهد تداعياته في الانتخابات المقبلة والتي تليها، اضافة الى الخطأ الأمرّ والأخطر وهو إقرار الاضراب لا سمح الله.

آخر محطة: يشهد البرنامج الشائق ديوانية الأسبوع لمقدمه الزميل د.شفيق الغبرا الاثنين المقبل لقاء مثيرا حول مشروعية الأحزاب في الكويت نشترك فيه مع الأساتذة الأفاضل أحمد الديين وسيف الهاجري وثلة من شباب الجامعة، وندعو المهتمين بالشأن السياسي لمتابعته.

سامي النصف

أزمة الديموقراطية في الكويت

منعت الرقابة العربية في الماضي أحد أكثر الافلام العالمية نجاحا وهو فيلم «لورنس العرب» على معطى صورة اول برلمان عربي عقد في دمشق بعد تحريرها من الأتراك في الحرب الكونية الاولى كونه اظهر النواب العرب وهم يتكلمون جميعا في وقت واحد، كما ان بعضهم قفز على الطاولة مشهرا سلاحه في وجه زملائه، وقد كانت دلالات الفيلم القائم على ما خطه لورنس العرب في كتابه «أعمدة الحكمة السبعة» ان للديموقراطية اوجها عدة عند تطبيقها ولا يمكن فصلها قط عن الثقافة السائدة في كل مجتمع تقام به.

فديموقراطية مصر الملكية أثرت بها ثقافة الباشوات والنواب والعُــمَد القادمــين من الأرياف ممن كانوا يمثلون الأغلبية في حزب الوفد والمشتهرة بالتســامح، كما ان مبادئ الثــورة الســتة التي أُعلنـــت بعد يوليــو 52 نصّت على الأخذ بالخــيار الديموقراطي إلا أنها سقـــطت أمام ثقــافة الرئيس عبدالناصر ونائبه القوي عبدالحكيم عامر الصعيدية القــــادمة من بلدتيهما «أسيوط» و«المنــيا» التي ترى «قلة مرجــلة» فيمن يسكت عن نـــقده من قِبَل خصــمه او عدوّه، كما تقتـــضي الممارسة الديمـوقراطــية الصحيحة.

في العراق كان نوري السعيد يدفع بمثقفي بغداد للترشّح مع ابناء الزعامات الدينية والقبلية في المناطق المختلفة، ويعمل على إنجاحهم رغم ان كثيرا منهم يتخذ بعد ذلك مواقف عدائية منه. ويقول رئيس الوزراء احمد البابان في كتاب ذكرياته ان نوري السعيد قال لأحد أقطاب المعارضة ممن طالبوا بتعديل الدوائر والحرص على نزاهة الانتخابات: لو قمنا بذلك لتقلّص عددكم من 50 نائبا الى 5 وكانت حجة نوري السعيد في فعله ان الديموقراطية حتى تُمارس بشكل صحيح تحتاج الى كم كبير من التعليم والثقافة والوعي السياسي، الذي لم يكن متوافرا في ذلك الزمن في مناطق كثيرة من العراق.

ومن يقرأ دستور حزب البعث الذي انشأه دكاترة في جامعة دمسق يجده يدفع بقوة اتجاه الأخذ بالديموقراطية وتقبل الرأي والرأي الآخر، إلا ان الممارسة اللاحــقة اثبتت عكس ذلك نظرا لتداخل ثقــافة ارياف الدول التي وصل حزب البعث لسدة الحكم فيها وهي ثقافة يسود في جانب منها العنف – بعكس الثـــقافة السائدة في أرياف مصر – وترى في جـانب منها ان الحلول الوسط مع الخصم او ما يسمى compromise هو تنازل وتخاذل لا يجوز الأخذ به وخير منه خيار الدم.

يشتهر الكويتيون في حاضرتهم وباديتهم – لأسباب تحتاج الى تحليل في مقالات لاحقة – بحب التنازع والخلاف والشقاق الذي لا يخلو منه بيت في الكويت وقد انتقلت تلك الثقافـــة المجتمـــعية للديموقراطية الكويتية، فشـــهدنا – ومنذ اليوم الأول – صراعات تتلوها صراعات وازمات تلد ازمات، لذا لا يمكن تصـــوّر معالجة اشكالات الديموقراطية الكويتية دون معالجة الثقافة «التناحرية» وعقلية النزاع السائدة في المجتمع الكويتي والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
احدى الثقافات المجــتمعية الطارئة التي تتأثر بها الديموقــراطية الكويتية هذه الأيـــام، هي عدم الغضــاضة من استــخدام الوســائل غير الســوية للوصول للغنى والثراء الذي أصـــبح هو المعيار الوحيد للرقــي والنجاح، ومثـــل ذلك كراهـــية العمل المخلــص والــجاد واعتبار النزاهـــة والأمانــة غباء وحمقا و«لا حول ولا قوة إلا بالله».

سامي النصف

الموت القادم من الشرق

انتقد الجناح المتشدد في ايران سياسة الاتجاه التصالحي والمنفتح مع العالم ومع الجيران، التي اتخذها في السابق الرئيس الايراني المثقف محمد خاتمي، والداعية الى حوار الحضارات بدلا من صراعها، وقال الرئيس أحمدي نجاد انها تسببت في ضم ايران الى محور الشر (!!).

وينظر كذلك الجناح المتشدد في ايران الى حرب صيف 2006 في لبنان ولربما الى حرب ناصر 56 والتي تحول بها الانكسار العسكري الى انتصار سياسي خول مصر وحزب الله الخروج من محيطهما الجغرافي الضيق الى المحيط الجغرافي الأوسع وبذا أصبح ذلك الجناح المتشدد يتشوق للحرب القادمة للخروج من مأزقه الداخلي وبحثا عن الانتصار السياسي المتوقع.

على الجانب السياسي الأميركي هناك إجماع بين القيادات الثلاثة، ونعني الرئيس جورج بوش والمرشح الجمهوري الأبرز روديو جولياني والمرشحة الديموقراطية الأوفر حظا بالفوز بالرئاسة القادمة هيلاري كلينتون، على اتخاذ مواقف متشددة من ايران ومنعها من الحصول على السلاح النووي خاصة بعد تهديدها المباشر بإزالة إسرائيل من الخارطة (كتهديد صدام بحرق نصف إسرائيل الذي انتهى بالتعدي على دول الخليج) ومعروف ان كلينتون وجولياني يمثلان نيويورك التي تحوي أكثرية يهودية مؤثرة وقد انفردت كلينتون بأنها المرشحة الديموقراطية الوحيدة التي صوّتت مؤخرا مع قرار الرئيس الأميركي باعتبار الحرس الثوري الايراني منظمة إرهابية.

وعلى جانب المصالح الاقتصادية لجهات الضغط المؤثرة في القيادة الأميركية، وهي في الأغلب تنتمي للولايات الحمراء أو الولايات الجنوبية في الأعم، فمصالحها تقوم على ارتفاع أسعار النفط وتفعيل مصانع الأسلحة المقام أغلبها في الجنوب حيث زرعت هناك بهدف ادخال الجنوب الأميركي عصر التصنيع وخوفا من تفكير بعض ولاياته مرة أخرى بالانفصال ولا شك في أن حربا في الخليج ستخدم بشكل مباشر مصالح لوبيات الضغط تلك.

في اسرائيل يرى الصقور ضرورة المشاركة في عملية ضرب ايران حتى لو اختلطت الأوراق كوسيلة لارضاء الشارع الاسرائيلي بعد تصريحات الرئيس الايراني المكذبة لمحرقة الهولوكست المقدسة لدى اسرائيل اضافة الى تهديده الآخر بإزالة اسرائيل من الخارطة ويرى هؤلاء ان المشاركة في الحرب القادمة فيها اثبات ان اسرائيل تبقى الحليف الحقيقي والوحيد لأميركا في المنطقة بعد ان يتخلى عنها حلفاؤها الجدد في حقبة ما بعد 1991.

على الجانب الغربي للخليج ترى دوله ان لا فائدة من تلك الحرب التي قد تعرضهم الى خطر أمني مضاعف من الداخل والخارج اضافة الى تعطل عمليات التنمية الاقتصادية وفي هذا السياق علينا في الكويت ان نظهر التزامنا الكامل بقرارات المجتمع الدولي والتحالف الوثيق مع الولايات المتحدة فواضح ان ايران لن تستطيع الرد في العمق الأميركي أو تجاه ناقلات الطائرات المغيرة شديدة التسلح لذا ستبحث عن الرد عبر محاولة التعدي على الدول الخليجية، ومن وضع ضمن استراتيجيته مثل هذا التصور فلن يعدم «اختلاق» الأعذار لخدمته، لذا فما دامت النتيجة واحدة وخسارتنا لأحد أطراف النزاع ثابتة فلنحافظ بقوة على تحالفنا مع الطرف الآخر حتى لا نخسر الاثنين.

آخر محطة:
 (1) تم سؤالي في أحد اللقاءات عن صحة مقولة جنون أحد القادة في المنطقة وما اذا كان مؤهلا لاتخاذ قرارات مجنونة مدمرة؟! وكان الجواب ان المجانين لا يملكون القدرة على حكم الدول والسيطرة على مقاليدها لذا فالأرجح انه وغيره يدعون الجنون لتبرير أي تصرفات حمقاء يقومون بها.

(2) تظهر تجارب الماضي ان الفريق المتشدد يستخدم الآخرين للقيام بالأعمال الإرهابية لذا فعلينا أخذ الحيطة المضاعفة مما قد يأتي من الشمال قبل الشرق حيث السيطرة المطلقة لفريق التشدد الإيراني.

(3) وسئلت ضمن برنامج صفحات خليجية على قناة المستقبل اللبنانية عما كتبه أحد الخليجيين من نقد لخطط «ملالي الفرس» في الخليج فقلت اننا وإن كنا ضد المسار الإيراني المتشدد كحال وقوفنا ضد المسار العربي المتشدد إلا اننا قبلها ضد مقولات التعميم التي تتحدث ضد «ملالي الفرس» وايران المجوسية… الخ فلم يدمر الخليج إلا تلك المقولات الصدامية العنصرية.

سامي النصف

تحت ظلال الحروب

كنت قد كتبت مصادفة في مقال قبل أمس، وقبل ان يصدر قرار اعفاء وزير العدل والأوقاف، مطالبا بتفعيل اداة الاعفاء والاقالة في الكويت، ثم كررت ذلك في مقال أمس بعد ان ذكرت نصا انني لا اقصد الدكتور الفاضل عبدالله المعتوق خاصة، انني لم اطلع على محاور الاستجواب حتى أتبنى موقفا معه أو ضده بعد اعادة التشكيل الوزاري وسقوط محاوره بالتبعية، اكرر احترامي لشخص الفاضل أبوعبدالرحمن ودعمي القوي في الوقت ذاته لتفعيل اداة الاعفاء والاقالة مستقبلا.

يقوم رجل الأعمال عبدالعزيز البابطين ومنذ عقود طوال بتسخير جهده وماله الشخصي لتبني ارسال آلاف الطلبة المسلمين من مختلف أصقاع الأرض وخاصة جمهوريات آسيا الوسطى الاسلامية الى معاهد العلم الشرعي في الأزهر والمدينة المنورة وغيرهما، لذا نرجو من اصحاب التوجه الاسلامي – جزاهم الله خيرا – دعم ذلك التوجه لا تخذيله.

ان كنا حقا مخلصين وملتزمين بنصوص الدستور إلى حد القدسية حتى جعلناه الدستور «الوحيد» في العالم الذي يجرم من يدعو الى تعديله للأفضل فعلينا ان نلتزم بنص ذلك الدستور الذي لم يحرم أو يجرم على الاطلاق عمليات تدوير الوزراء المستجوبين وتحديدا بعد سابقة تدوير وزير الإعلام الى النفط عام 98 والتي تمت بعد تصويت 10 نواب على طرح الثقة بعد الاستماع لردوده وهو وضع اسوأ ممن لم يستمع لردوده على الاطلاق ومن ثم احتمال الاقتناع بها.

سؤال بسيط يطرح نفسه وهو لو كان الوزير الذي تم تدويره ممثلا أو قريبا من احدى الكتل المعترضة على التدوير فهل كانت ستبقى على نفس الموقف المعترض أم كانت ستدعمه وبقوة عبر القول ان التدوير هو خيار دستوري لا غبار عليه ولاخطأ فيه وقد تم استخدامه في السابق دون اعتراض، فما العجب من استخدامه مرة اخرى؟ وهو ما يرجعنا للتساؤل المحق: هل تبنى المواقف على عدالة القضية أم على هوية الطرف المعني؟! ونترك الاجابة لكل صاحب ضمير حيّ يطلب العدالة للجميع، الصغير والكبير.

وواضح ان تقديم الاستجوابين قبيل فترة اعادة التشكيل الوزاري كان يقصد منه وبشكل جلي ابعاد الوزراء المعنيين عن وزاراتهم ومن ثم «سقوط» حق المحاسبة على ما اتى في محاور الاستجوابين وهو ما كان سيحدث قطعا فيما لو اكتفي باستقالة الوزراء المعنيين كما حدث مرارا وتكرارا في الماضي.

خيار المجلس بالامس كان أقوى من خيار استقالة الاثنين عندما قرر تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة الخطأ والصواب في محاور الاستجواب للمرة الأولى في تاريخ المجلس، لذا فلتهدأ الأمور حتى تنتهي لجنة التحقيق تلك – متى ما شكلت – من أعمالها ولننتبه في الوقت ذاته للتهديدات اليومية المتكررة تجاه دولنا الخليجية حتى لا نعيد مأساة أهل بيزنطة الذين شغلهم جدل الداخل المحتد عن مخاطر الخارج وليعلم الجميع اننا نعيش تحت ظل حرب خليج جديدة مدمرة ستندلع خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة.

آخر محطة:
كتبنا في شهر يونيو الماضي مقالا قلنا فيه اننا لا نفهم معنى تأخير التعديل الوزاري إلى ما بعد الصيف، منتقدين مبدأ التأجيل بدلا من الحسم وقد ثبت ان الأزمة الحالية قامت بالكامل على معطى ذلك التأجيل.