سامي النصف

وقف مخطط تدمير «الكويتية»

في اليابان وجميع الدول المتقدمة بل حتى المتأخرة لا يتخذ قرار استراتيجي تتأثر به المصالح العليا للدولة كقرار خصخصة شركة طيرانها الوطنية الا بعد نقاشات جادة مطولة بين رجال السلطة التنفيذية ورجال السلطة التشريعية ونقابات العاملين والمختصين، وهي قضايا تستغرق سنوات حتى الوصول لنتائج مرضية لجميع الاطراف وبعد ذلك تأتي عملية التنفيذ سهلة وميسرة ودون عوائق كونها حلت اثناء تلك النقاشات.

لدينا حدث العكس من ذلك تماما فلم يستغرق قرار استراتيجي مهم جدا كخصخصة «الكويتية» الا ثواني قليلة من مسؤول قام على شؤون الوزارة بالوكالة ولمدة قصيرة دون ان يحمل صفة الاختصاص الفنية والقدرة على اتخاذ مثل ذلك القرار او حتى تثبت المحاضر عن عمليات تشاور مع الجهات ذات العلاقة لإقرار ذلك الامر.

لذا لم يحظ ذلك القرار الذي لم تعرف اسبابه الحقيقية حتى الآن – وان عرفت نتائجه المدمرة – بموافقة الاطراف المعنية الاخرى كرجال السلطة التشريعية او نقابة العاملين بالمؤسسة التي اعلنت موقفها الصائب والصلب برفض ذلك القرار المستعجل الضار بالكويت ومؤسسة «الكويتية» معا، لذا فلا عجب ان رفض رجال اللجنة المالية قرار «الكروتة» الهادف في النهاية الى بيع المؤسسة بأبخس الاثمان وطرد الشباب الكويتي العامل بها.

ان الخطوة الاولى «للإصلاح» الحقيقي المتجرد الا من مصلحة الوطن تكمن في تعيين ادارة تنفيذية عليا قادرة على ادارة «الكويتية» في المرحلة المقبلة بكفاءة وامانة واقتدار وتحمل صفة الحيدة فيما يخص خصخصة «الكويتية» او ابقاءها كمؤسسة حيث ان قوانين تأسيسها متى ما طبقت بشكل صحيح تكفي وتزيد ولاشك في ان هناك من ابناء المؤسسة الاكفاء امثال الكابتن احمد الكريباني مدير العمليات او د.لافي الظفيري مدير التطوير من هو قادر على تحويل مسارها بالكامل ومن ثم توقف الحديث عن الحاجة لتحويلها الى شركة او بيعها للقطاع الخاص كوسيلة للهرب من مشاكلها الحقيقية.

تبدأ بعد ذلك عملية النقاش الجاد بين رجال السلطتين التنفيذية والتشريعية ونقابة العاملين في المؤسسة حول القرار اللازم لـ «الكويتية» الذي يخدم في النهاية مصلحة الكويت العليا ويتماشى مع سياسة المركز المالي التي يقتلها قرار خصخصة «الكويتية»، ويحافظ على ابناء المؤسسة ممن سيقوم القطاع الخاص الباحث عن الربح برميهم في الشارع واستبدالهم بالعمالة الرخيصة كحال المؤسسات الخاصة الاخرى.

وقد نجد في نهاية تلك النقاشات ان ما تحتاجه «الكويتية» في حقيقة الامر هو ادارة كفؤة امينة شجاعة مقتدرة كحال الاسماء السابق طرحها لا تعتزم تدميرها والحط من شأنها عبر الخصخصة بل رفع اسم الكويت و«الكويتية»، حاصدة دعم الوزير المعني واعضاء مجلس الامة ومحفزة همم ابنائها للعمل الجاد توازيا مع قرار عاجل بتحديث اساطيلها مما سيجعلها «مؤسسة» رائدة لا تقل عن شقيقاتها في المنطقة امثال «الاماراتية» و«القطرية» و«الاتحاد» المملوكات لحكوماتها دون مشاكل.

آخر محطة:
قرأت بالأمس تصريحا لطرف غير مؤهل او مختص عن طائرات جديدة ستؤجر لـ «الكويتية» حتى الوصول السريع لطائراتها المشتراة (يا سلام!) وقد سبق ان ذكرنا ما يعلمه اي مبتدئ طيران من ان الطائرات المستأجرة اسوأ حالا من طائرات «الكويتية» الحالية وان شراء الطائرات اصبح يحتاج الى ما يقارب 10 سنوات للتسليم، لذا ما لم تكن هناك مصانع طائرات سرية تحت الارض لا يعلم بها احد سيسلم احدها لنا طائرات جديدة جاهزة للتأجير وبعدها بكام يوم نتسلم طائرات تملك من المصنع السري الثاني، يصبح كل ما نقرأه اوهاما واحلاما واكاذيب متكررة تدفع ثمنها الحكومة

من سمعتها ومصداقيتها.

سامي النصف

ماذا يعني حب الكويت؟!

يقال ان من الحب ما قتل، واقول ان ذلك القول لا ينطبق على بلد كما ينطبق على بلدنا الكويت التي كاد ادعاء بعض ابنائها حبها يقتلها أو يخنقها بعد ان عاقها وأخرها حتى كادت تتوقف، وجعل شقيقاتها الخليجيات ممن كن يحسدنها ويغبطنها على تقدمها ورقيها يسبقنها بعدة سنوات.. ضوئية!

فليس من حب الكويت في شيء التعدي على أموالها العامة تحت أي مسمى، وليس من حب الكويت في شيء تعطيل عمليات التنمية فيها عبر الخلافات السياسية التي لا تنتهي، كما انه ليس من الحب في شيء اثارة البغضاء والفتن والتخندقات بين أبنائها كوسيلة للتكسب الشخصي أو الانتخابي الذي ينتهي عادة بربح كافة الأطراف المتخندقة وخسارة الكويت!

وليس من حب الكويت في شيء فهم اللعبة السياسية على انها عملية تأزيم في تأزيم ولا فهم العمل النقابي على انه اضرابات تولّد اضرابات أو استقالات تتبعها استقالات تضر بمصالح الكويت المتباكَى على حبها، بدلا من التلاقي والتفاهم على حلول عقلانية تقوم على فن الممكن لا طلب المستحيل.

وليس من حب الكويت الجشع في طلب الربح من التاجر أو دعاوى إسقاط القروض من المواطن – عدا بالطبع المعسر الذي هناك ألف طريقة وطريقة لإنقاذه وحل مشاكله – كما ليس من حب الكويت في شيء التسيّب والإهمال الوظيفي وعدم انجاز معاملات المواطنين كما يجب، متى ما أتيحت للموظف فرصة الإبداع والانطلاق.

وليس من حب الكويت في شيء على الإطلاق إساءة معاملة ضيوف بلدنا والقاطنين معنا بدءا من العاملين في بيوتنا والمقيمين على أرضنا ومن هم تحت كفالة شركاتنا، التي تؤذي سمعة بلدنا متاجرة بالإقامات أو هضما لأجور العمال، كما يؤذي سمعة الكويت سوء معاملة السياح والزائرين والمستثمرين (إن وجدوا) عند معابر الدخول المختلفة من الوصول حتى المغادرة.

وليس من حب الكويت في شيء إفشاء الكراهية والحقد والحسد بيننا وتصيّد بعضنا سقطات بعضنا الآخر بدلا من مساعدته وإقالة عثرته كي يصحح مساره لما فيه صالح المجتمع ومستقبل أبنائه، لقد مللنا من النزاع والشجار واختلاف الكويتيين بعضهم مع بعض رغم انهم لا يستطيعون ان يكونوا صفّين لقلة عددهم حتى أصبح من الأسهل ان تقود مؤسسة يعمل بها 10 آلاف فرد من ان تعمل في مؤسسة يعمل بها كويتي واحد يتفنن في الإساءة لنفسه قبل إيذاء غيره!

آخر محطة:
منذ البدء كان الجنرال ميشيل سليمان هو المرشح الحقيقي لحزب الله، لا العماد ميشيل عون وقد نجح الحزب بذكاء سياسي يشهد له في الوصول الى مبتغاه، المهم ان تنتهي الأزمة وان يبتعد الجنرال سليمان عن مسار لحود التصادمي وان يقترب من مسار الجنرال فؤاد شهاب التصالحي، والله يحفظ لبنان والمنطقة من كل شر.

سامي النصف

دكاترة وطيارون

هناك من يعتقد – دون مزاح – ان بإمكان دكتور التاريخ او اللغة العربية ان يجري عملية القلب المفتوح او جراحة المخ كونه «دكتور»، هذا الجهل المدقع ينطبق تماما على من يعتقد ان اي «طيار» يستطيع الحديث بكفاءة عن عمليات تخصيص «الكويتية» لمجرد انه يعطي لنفسه لقب طيار وان يفتي بتلك القضية العامة التي قد تكون معرفته بها كمعرفة رضيع كويتي باللغة الهيروغليفية او المسمارية القديمة.

لمصر ومنذ 30 عاما تجربة ناجحة في خصخصة القطاعات المختلفة، وقد نشرت صحيفة «المصري اليوم» في عدد الاربعاء 5/12 الماضي لقاء مع مرجع كبير في شؤون الطيران العربي هو احمد شفيق وزير الطيران المصري، وقد أتى اللقاء – للتذكير – بعد المقالين اللذين نشرناها في معارضة خصخصة «الكويتية»، فماذا قال الوزير المصري شديد الاختصاص في علوم الطيران؟!

بالمانشيت العريض كتبت الصحيفة على صفحتها الثانية «شفيق: تراجعنا عن طرح أي نسبة من مصر للطيران للخصخصة» و«لا مكان في سمائنا للشركات التي تحرق الأسعار»، ثم نقرأ ضمن اللقاء «ما أثير حول طرح مصر للطيران 20% من أصولها للبيع غير وارد»، وأكد الوزير المختص ان «مصر للطيران» وضمن ملكيتها العامة للدولة اصبحت من القوة ما يمكّنها من منافسة شركات الطيران الكبرى.

ومما قاله الوزير ان انضمام مصر للطيران واسطولها الحديث لتحالف «ستار» العالمي الذي يضم كبرى شركات الطيران العالمية والارباح المجزية التي حققتها خلال الفترة الماضية جعل شركة لوفتهانزا – اكبر ناقل جوي في اوروبا – يتطلب الشراكة مع «مصر للطيران» بعد ان كانت الشركات الاوروبية الصغيرة ترفض تلك الشراكة قبل عامين، واضاف ان ما وصلت اليه الشركة المملوكة للحكومة من نجاح يجعلها ترفض التفريط في أي جزء منها وطرحه للخصخصة.

وفيما يخص سياسة «السماوات المفتوحة» في مصر قال انهم سيراعون «المصلحة العليا» لبلدهم فيما يخص تلك السياسة، لذا سيكون الفتح تدريجيا ومتاحا فقط للشركات التي ستفيد مصر ولن تفتح للشركات الراغبة في الإضرار بمصر عبر سياسة حرق الأسعار، لذا لم تدع – حسب قوله – اي شركة خليجية للعمل بهذه السياسة في مصر، وقال انهم يهدفون لجعل الحصول على تذكرة طائرة اسهل من الحصول على تذكرة قطار.

وكنت قد أمضيت الاسابيع الماضية في عملية تجوال في مصر اخذتني الى الاسكندرية واسوان والاقصر مستخدما طائرات مصر للطيران التي تغيرت خدمتها ومواعيدها بمقدار 180 درجة واصبح بإمكانك ان تضبط ساعتك على مواعيد إقلاعها ووصولها كونها لم تبتل بمن يحاول الهرب من مشاكلها التي كانت اكبر واكثر من مشاكل «الكويتية» بكثير عبر القفز الساذج والمضر الى الامام والادعاء بغير علم ان الخصخصة كفيلة بحل تلك المشاكل.

وقبل سنوات قليلة صدر تقرير مهم للبنك الدولي تم التحذير فيه من البحث عن حلول سحرية كاذبة عبر الأخذ بدعاوى «الخصخصة»، حيث ذكر التقرير ان المهم هو وجود الادارة الكفؤة والأمينة، فإن وجدت في القطاع العام تحقق الهدف وانجز المطلوب للدول، وان لم تتوافر فحتى القطاع الخاص بإمكانه ان يتعرض للترهل والإفلاسات والنهب متى ما ابتلي بإدارات سارقة ومعدومة الكفاءة وهو امر نشعر به عند مقارنة بعض الشركات الخاصة المنهوبة في الكويت ببعض المؤسسات العامة شديدة النجاح في الدولة.

آخر محطة:
طيران الخليج، القطرية، الإماراتية، الاتحاد، العمانية، اليمنية، السعودية، السورية، العراقية، المصرية، السودانية، الميدل إيست، الأردنية، الليبية، التونسية، الجزائرية، المغربية، الموريتانية، جميعها شركات وطنية تملكها حكوماتنا العربية، ويتبقى هناك من يريد ان تكون كويت المركز المالي الدولة الوحيدة دون شركة طيران عامة تحقق اهداف الدولة، ومن ثم افهامنا ان جميع تلك الدول لا تعلم ما تفعل وانه الفطحل الوحيد في المساحة الممتدة من المحيط الى الخليج ويا.. فرحتنا!!

سامي النصف

قصة الصاروخين الظافر والقاهر

قد تتشابه قصة الصواريخ والطائرات الإيرانية هذه الأيام مع قصة الطائرات والصواريخ المصرية في الستينيات، فمسار الثورة الإيرانيةلا يختلف كثيرا عن مسار الثورة المصرية من صراع مع القوى الكبرى، ومحاولة تصدير الثورة، واللجوء للتثوير وحروب الوكالة وإعمال المخابرات للاضرار بالخصم الذي تصعب مواجهته مباشرة بسبب ميزان القوى المختل معه.

قام الانقلاب العسكري المصري عام 1952 على معطى دعم الغرب له حتى ان الشيوعيين والاخوان المسلمين هاجموه في حينه كونه يمثل واجهة عسكرية غربية كحال عسكر اميركا اللاتينية، وقد اعتمد النظام المصري في ذلك الزمن المبكر على دعم الغرب المالي والتقني وحتى الأمني والمخابراتي له حيث أنشأ الأميركان، لا الروس، المخابرات المصرية على يد رجلهم في مصر زكريا محيي الدين الذي تصدّرت محاضرته عن «لعبة الأمم» كتاب مايلز كوبلند الشهير المسمى بذلك الاسم.

في أواخر الخمسينيات أرادت مصر ان تطور امكانياتها القتالية لصنع طائرات وصواريخ لها قدرة على حمل أسلحة نووية، خاصة بعد ان اصبحت في خصومة بالغة مع اميركا وروسيا على حد سواء وجميع جيرانها في الوقت ذاته، لذا اتجهت لعلماء الصواريخ الألمان العاملين في فرنسا وتم استقدامهم لمصر كما بدأت توازيا عملية تصنيع مشترك مع الهند للطائرة القاهرة HA300 التي صممها العالم الالماني فيللي شميت وقادها في أول اختبار لها في القاهرة الطيار الهندي بهرجافا كابل.

على جانب الصواريخ استقدم للقاهرة في عام 1960 وإبان عهد الوحدة مع سورية فريق ألماني غربي برئاسة البروفيسور فولفانج بيلتز لصناعة نوعين من الصواريخ هما القاهر (20 طنا) والظافر (4 أطنان)، وقد أعلن عبدالناصر عام 62 عن اطلاق الصاروخين (وهو ما لم يحدث) مما شكل ضغطا على الحكومة الاسرائيلية وجهاز الموساد لتخريب المشروع، لذا بدأت عملية الاغتيالات وارسال الرسائل الملغومة للعلماء الألمان، إلا أنهم بقوا على مسارهم الجاد لصنع هذين النوعين من الصواريخ.

وقد فشلت عملية الاطلاق الأولى للظافر في مارس 63 وبقي العمل مثمرا رغم محاولات التخريب الاسرائيلية، إلا أننا ننجح دائما في تخريب ما يفشل الخصوم في تخريبه، حيث قام الرئيس عبدالناصر باستقبال رئيس المانيا الشرقية اولبرخت والاعتراف بدولته ما أدى الى قطع المانيا الغربية للعلاقات الديبلوماسية مع مصر.

بدأت بعد ذلك مغادرة العلماء الألمان الغربيين لبلادهم بعد ان شنت صحافتهم حملة شرسة عليهم واتهمتهم فيها بالخيانة والتعاون مع المانيا الشرقية، وقد تعثر مشروع الصواريخ والطائرات تبعا لذلك، وبعد حرب 67 بدأ السوفييت عمليات تزويد مصر بالصواريخ والطائرات الحديثة التي تقل كلفتها بكثير عن كلفة الصواريخ والطائرات المصرية، ومن ثم تم قتل ذلك المشروع الطموح والجدي آنذاك وعليه لم تكن تلك الصواريخ أكذوبة
أو من صنع نجار، كما قيل استهزاء، بعد هزيمة 67 المرّة إلا انها لم تكن جاهزة في حينها لتلك الحرب.

آخر محطة:
يعجب البعض بخطب الرئيس عبدالناصر العاطفية، إلا أن الحقيقة تظهر ان لتلك الخطب آثارها المدمرة، فبعضها قلب وأحال الأنظمة الليبرالية الديموقراطية الى أنظمة عسكرية ديكتاتورية، وبعضها الآخر دمّر مشروع الصواريخ الواعد والبعض الثالث أدخل مصر والأمة العربية نكبة 67، «مو خوش خطب»!

سامي النصف

الوظائف العامة بين الوزير والخفير

نبحث في بلدنا دائما عن الحلول السهلة اي حلول الابيض أو الاسود، المنع المطلق او المنح المطلق، والحقيقة تظهر ان الخيارين يضران البلد، ومن ذلك اعتراضنا قبل مدة على تعميم منع التدوير الوزاري كحال اعتراضنا على من اباح ذلك التدوير بشكل مطلق، بينما يجب ان تتم المحاسبة على التدوير في كل قضية على حدة، فان أُحسن استخدامه قُبِل وإن أسيء استخدامه رُفض.

في العمل الخاص يحق لمن يشتري اغلب اسهم شركة ما ان يغير فيها ما يشاء ومن يشاء، فيبقي من يبقي ويقيل من يقيل، فهو حر في نهاية الأمر في امواله، وان كان ذلك الامر – للعلم – غير معمول به في الدول المتقدمة التي تفصل عادة بين الملكية والادارة ومن ثم تمنع الاستباحة والتخريب بحجة ان هذا الطرف او ذاك اصبح يملك الاغلبية في إحدى الشركات.

في العمل العام والملكية العامة يلغى ذلك المفهوم تماما حيث لا فرق بين وزير وخفير، فالجميع يعملون بأجر لدى الدولة وللجميع مسطرة واحدة للقياس والمحاسبة، لذا لا فرق ان قام على شؤون الوزارة او الادارة بالأمس او اليوم او الغد زيد او عبيد، حيث لا مجال لتحكيم الاهواء والآراء الشخصية في العمل بل يقاس الأمر بالكفاءة والأمانة فيبقى القوي الأمين ويُحاسب المتعدي والمتجاوز على المال العام.

لذا يصعب وضع قرار واحد للاشكالات التي سمعنا بها الاسبوع الماضي في الوزارات المعنية ومن ذلك خطأ تعميم القول بأن للوزير ان يقيل من يريد من قياديي الوزارة، ومن ثم نعرّض انفسنا في المستقبل لعمليات طرد واقالة من قبل الوزراء للاكفاء من الموظفين، كما لا يجوز القول بعكس ذلك بالمطلق اي ان تُغلّ يد الوزير في محاسبة الجهاز الاداري المحسوب على وزارته فيبقى الفساد او عدم الكفاءة معششا بالوزارات والدوائر الحكومية دون بتر.

ان مقياس ومسطرة القرارات المتعلقة بكبار مسؤولي الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية في كل الاوقات هما حسن الاداء ونظافة اليد والامانة، فان توافر حسن العمل وجب البقاء، وان ساء العمل وجبت المغادرة ولا يمكن تصور العكس من ذلك، اي ابقاء المتجاوزين والمنتفعين من المال العام كون امر كهذا لا يقوم به شريف أبدا.

آخر محطة:
التهنئة القلبية للعقيد محمد الصبر لتعيينه ناطقا رسميا باسم وزارة الداخلية، بوهاشم هو الرجل المناسب في المكان المناسب.

سامي النصف

القروض وخلق مشكلة أخرى من العدم

في العام 82 كتبت سلسلة مقالات اعترضت خلالها على إنشاء صندوق صغار المستثمرين المتضررين من انهيار سوق المناخ وذكرت ان من كتب شيكا عليه دفع ثمنه بدلا من ان تقوم الدولة بسداد ذلك الدين عنه، وفي العام 93 كتبت سلسلة مقالات أخرى معترضا كذلك على برنامج المديونيات الصعبة، لذا ليس غريبا ان أقف اليوم ضد برنامج شراء المديونيات السهلة التي يسدد 98% من المقترضين فيها ديونهم دون مشاكل.

وواضح اعتماد من يطالبون بشراء الديون هذه الأيام، على تجربة شراء المديونيات الصعبة عام 93 رغم اختلاف الظروف وما قيل من ان تلك المديونيات كانت ستتسبب في انهيار النظام المصرفي ومن ثم تضرر الجميع وان كبار المدينين تضرروا من انهيار المناخ والكساد الاقتصادي الذي تلاه ثم أكمل عليهم الغزو المدمر – لذا فتجربة شراء المديونيات السهلة 2007 سيتم الرجوع إليها سريعا بعد عام أو أكثر لإسقاط أو شراء المديونيات السهلة الجديدة ولن تكون هناك حجة للرفض لتطابق الظروف، وسيتكرر المولد أو الحفل كل عام حتى إفلاس الدولة وذهاب كل شخص لحاله.

وعمل البنوك في جميع أنحاء العالم هو منح القروض «للمقترضين المحترمين» ولا أعلم لماذا اعتبر القرض في بلدنا جرما شنيعا يضرب المثل باعداد من «ارتكبه» فيقال بصوت هامس ان هناك 300 ألف مقترض في الديرة يجب ان نبرئهم من تلك التهمة، ثم ما الذي ستفعله البنوك بعد ان تشتري الدولة مديونيات المواطنين، أي هل ستوزع أموالها هبات للناس أم ستلجأ لإقراض ما بقي من أموالها لمواطني الهند والسند وبلاد تركب الأفيال منعا للمشاكل؟!

ثم ان شراء المديونيات يعني ان الدولة ستضخ 4.5 مليارات في البنوك ومن ثم خلق آثار غلاء وتضخم فادحة ستصيبنا جميعا بالضرر، وفي هذا السياق هناك 200 دولة أخرى تشاركنا كوكب الأرض ربعها على الأقل أثرى منا حيث تمتلك الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والسياحة والمياه لا نفطا ينحدر سعره كل يوم وينحدر معه سعر العملة التي نبيعه بها كما انخفض حجم احتياطياتنا النفطية من مائتي عام الى عقود قليلة.

ولا أعلم لماذا علينا ان نفترض ان المواطن الكويتي لا يعلم ما يفعل حتى انه يقوم بالاقتراض من البنوك الكويتية بنصف راتبه ثم يقوم بالسفر للبلدان الأخرى للاقتراض من بنوكها بضمان نصف راتبه الآخر، ثم إذا كانت البنوك هي المخطئة عبر تسهيلاتها للأفراد فلماذا نكافئها عبر شراء الدولة لمديونياتها بدلا من تركها «تتدبس» فيها؟

آخر محطة:
استباقا لما قد يأتي، هل يمكن إصدار تشريع يمنع مقترحا مستقبليا بتوزيع دخل النفط والاستثمارات آخر كل عام على الشعب الكويتي المصطف في ساحة الصفاة أو ساحة العلم؟!

سامي النصف

خصخصة «الكويتية» من تاني!

ذكرنا في مقال سابق ان تخصيص «الكويتية» يتعارض ويتناقض تماما مع القرار الاستراتيجي الصائب بتحويل الكويت الى مركز مالي، حيث ان «جميع» الدول الأخرى التي تحولت الى مركز مالي ناجح يقصده ملايين السائحين والمستثمرين نجحت في الوصول لذلك الهدف السامي عبر إنشاء شركات طيران حكومية عملاقة لذا لا يمكن تصور نجاح سنغافورة أو دبي أو قطر أو أبوظبي دون الدور الهام الذي لعبته شركات طيرانها العامة، فهل عقول البعض منا أكبر من عقول الخبراء والمختصين في تلك الدول مجتمعين؟!

أظهرت الأرقام ان خسائر «الكويتية» للعام المقبل تفوق 25 مليون دينار قابلة للزيادة تبعا للظروف الأمنية المحيطة، وهناك من يعتقد وبذكاء خارق يحسده عليه كثيرون ان القطاع الخاص الكويتي يغلب عليه الغباء الشديد لذا سيقوم بشراء مؤسسة خاسرة كحال «الكويتية» ثم سيتكفل هو بتشذيبها وتهذيبها والتفاهم مع نقاباتها، أي ان القطاع الخاص سيضع الحصان خلف العربة الثقيلة ليدفعها برأسه حتى ينفجر!

وتظهر بالمقابل «جميع» تجارب الدول الأخرى ان الحكومات هي من يقوم بتحويل القطاعات العامة الى الربحية «قبل» عرضها على القطاع الخاص فقد تسلم اللورد كنغ شركة الطيران البريطانية وكانت خسائرها قد تجاوزت 246 مليون استرليني فاستطاع ان يحيل تلك الخسارة الى ربحية قدرها
187 مليون استرليني في العام الأول ثم يستمر في الربحية لثلاث سنوات متتالية قبل ان يقتنع القطاع الخاص بشرائها.

وفي الأردن كانت خسائر الأردنية في منتصف التسعينيات تبلغ 635 مليون دولار واصبح الخيار آنذاك بين إعلان إفلاسها، نظرا لسوء الأوضاع المالية للدولة، وخصخصتها ضمن برنامج «التخصاصية» الذي شمل عشرات القطاعات المختلفة وقد تقرر في النهاية ان يتم بيع الأردنية للقطاع الخاص «بعد» تحولها للربحية ضمن حماية امتدت لـ 8 سنوات لها من المنافسة لمساعدتها على الربح ولترغيب المستثمرين والشركاء الاستراتيجيين فيها وهو ما تم.

وهناك من يطرح وبعبقرية نادرة كذلك تجربة خصخصة الدول الأخرى ويطابقها بتجربة الخصخصة القادمة للكويت ناسيا ومتناسيا الفارق الكبير بين حالتهم وحالتنا حيث ان القطاعين الحكومي والخاص في أميركا وروسيا وأوروبا وباقي دول العالم يعمل به مواطنوهم بنسبة تقارب 100% ومن ثم لا فارق على الإطلاق إن كانت البريطانية أو الأردنية.. الخ تملكها الحكومة أو القطاع الخاص.

لدينا ما يقارب 99% من الكويتيين يعملون في القطاع الحكومي ويعمل 1% منهم فقط في القطاع الخاص ومن ثم سيعني تخصيص أي قطاع بهدف الربحية طرد الأغلبية المطلقة من الموظفين الكويتيين (الهنود الحمر الجدد) واستبدالهم بعمالة آسيوية رخيصة، ودون حل هذا الإشكال الأساسي والرئيسي يصبح الحديث أو العمل على تخصيص «الكويتية» وغيرها من قطاعات مختلفة هو الدواء القاتل للكويتيين وللشباب الكويتي الذي أرحم منه الداء، والغريب ان من يطالب بهذا الخيار أو الدواء السام هو في الأغلب من لا يوظف إلا 1% من الكويتيين في شركاته ولا يكتفي بذلك بل يلاحقهم ويهدف الى طردهم من الوظائف التي وفرتها الحكومة لهم، وخوش وطنية!

آخر محطة:
المرجو من وزير المواصلات الفاضل عبدالله المحيلبي وقد ورث تركة ثقيلة لا يحسده أحد عليها، ان يغل يد من يتدخلون في عمله ويدّعون المعرفة بعلوم الطيران وهم أجهل الناس بتلك العلوم «التخصصية»، وان يستعين بمستشارين أكفاء من داخل أو خارج الكويت، فما نراه هو دمار ماحق لاحق قادم ممن تسببت أعمالهم الخاطئة في موجة الاضرابات التي شهدتها الكويت للمرة الأولى في تاريخها.

سامي النصف

أميركا والعرب.. الرواية الحقيقية

استضافنا برنامج «بانوراما» الذي تقدمه الزميلة منتهى الرمحي للحديث حول مؤتمر «آنابوليس»، وقد ضم اللقاء السيد صائب عريقات الذي كان هناك تفهم لما قاله، وأخوين فاضلين أحدهما من دولة عربية كبرى والآخر من فلسطين، لم نستسغ ما طرحاه كونه سيطيل معاناة الشعب الفلسطيني.

الأخ العربي ردد ما يقوله هيكل من ان المفاوضات هي انعكاس لموازين القوى، لذا علينا ألا نجلس على طاولة المفاوضات مع الاسرائيليين حتى نقوي أنفسنا ونتعادل معهم في القوة «التقليدية» ولربما النووية، وكان ردنا أن طرحا كهذا يربط التفاوض بشرط استحالة، حيث ان الدول العربية هذه الأيام إما متصالحة مع اسرائيل عبر معاهدات ومواثيق لا يمكن النكوص عنها أو يجاهد بعضها الآخر للحفاظ على وحدته القومية وتجنب عمليات الاقتتال الداخلي ولا يمكن ضمن تلك المعادلة الحقيقية والواقعية تحقيق موازين قوى في المستقبل المنظور، فهل نبقي مأساة العيش اليومي الفلسطيني لأجل غير مسمى؟! تتبقى حقيقة ان 90% من حالات التفاوض تتم عادة بين أطراف متفاوتة في القوة ولا عيب أو ضرر من ذلك.

الأخ الفاضل من فلسطين طالب بالرفض ومقاطعة المؤتمر وأيد اخراج المظاهرات ضده واتهم أميركا بأن تاريخها يظهر أنها وسيط غير محايد لذا لن تقوم بعمل جدي لتحقيق السلام، كان الرد بأن منهاجية الرفض والمقاطعة والتظاهر قد جربت مرارا وتكرارا كوصفة ناجعة لحل القضية الفلسطينية منذ اليوم الأول لبدئها إلا أنه في كل مرة ينتهي ذلك الخيار الرافض الى كوارث وتراجع في المواقف يجعلاننا نندم في الغد على ما رفضناه اليوم.

أما عن ان الواقع التاريخي يثبت ان أميركا وسيط غير محايد، فالتاريخ ذاته يثبت عكس ذلك تماما، فمع صدور وعد بلفور عام 1917 والوعد بذاته للعلم لم يخلق دولة اسرائيل بل نشأت اسرائيل نتيجة لضعفنا وتفرقنا واخطاء قيادات القضية الفادحة ورفضها لكل عمليات التفاهم والتفاوض والتعامل بحنكة وحكمة مع المتغيرات الدولية آنذاك ومع حقيقة ما يجري على الأرض الفلسطينية اضافة الى رهانها الدائم على الأحصنة القمعية الخاسرة من هتلر حتى صدام.

نقول مع صدور وعد بلفور وتمخض الحرب الكونية الأولى عن انتصار الحلفاء وتكشف أسرار اتفاقية سايكس بيكو، رفضت الولايات المتحدة تلك المؤامرة التي تتناقض مع مبادئ الرئيس ويلسون المعلنة، وقد طالب العرب المشاركين في مؤتمر فرساي عام 1919 بوصاية الولايات المتحدة على دولنا، كما أيدت أميركا عبر لجنة «كنج – كرين» مطالب عرب الحجاز والشام بالوحدة عقب ثورة الشريف حسين عام 1916 والتي لم تكن للعلم ثورة عربية، حيث لم تتطرق لمطالب عرب الجزيرة أو الخليج أو مصر والسودان أو ليبيا ودول المغرب العربي بل كانت ثورة حجازية – شامية امتدت للعراق.

والى العصر الحديث، ففي مؤتمر كامب ديڤيد الأول للسلام عام 79 كان تشدد الاسرائيليين أكثر من تشدد العرب أو تحديدا المصريين الذين استقال لهم وزيرا خارجية وقال بيغن اقطع يميني قبل ان اتنازل عن مستوطنات ومطارات سيناء فقد عشنا بدون سلام 30 عاما ولا مانع ان نعيش بدونه 300 عام أخرى الا اننا لا نستطيع العيش دون الأراضي الآمنة والتاريخية لاسرائيل.

وكانوا يستعدون للسفر عندما طرق الرئيس كارتر الباب الساعة الـ 3 صباحا على عيزرا وايزمان «كتاب الحرب لأجل السلام» لإقناعه بالضغط على بيغن للتنازل، وهو ما تم، وفي مؤتمر كام ديڤيد (2) عام 2000 قام كلينتون بالدور ذاته وحصل للفلسطينيين على 97% من أراضي الضفة والقطاع ومعها انشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس خلال خمسة أعوام، إلا أن الرئيس عرفات الرافض لكل شيء، فقد كل شيء وفي هذا قال الرئيس كلينتون في ختام المؤتمر لعرفات «لقد حضرت منذ اسبوعين ولم نسمع منك غير الرفض لكل شيء دون اعطاء بدائل، لذا أنت المسؤول عن افشال المؤتمر وبقاء معاناة شعبك» ولم تكن تلك المرة هي الأولى أو الأخيرة التي يتسبب فيها الراحل عرفات في الاضرار بشعب فلسطين.. ومازال بعض حلفائه على نفس الدرب سائرين، والحديث ذو شجون.

سامي النصف

الاعتذار المرفوض

كنت ذات مرة مع الصديقين د.سعد بن طفلة ود.أحمد الربعي في زيارة لأصدقاء لنا في السعودية عندما بدأت الاتصالات على هواتفنا النقالة للتعقيب على خطاب صدام الشهير والذي صدمنا جميعا بشذوذه ومنطقه حيث اصبح كالعذر الذي لا تقل وقاحته عن الذنب، كانت الفضائيات تبث ردود الفعل الكويتية دون أن تعلم أنها قادمة جميعا من جلسة صافية في صحراء النفود الجميلة.

لم أود التعقيب على ذنب وغدر وعذر وجدي غنيم مكتفيا برد العديد من الكتاب عليه لولا مشاهدتي بالصدفة لأحد البرامج المحلية التي ذكرتني بأحد البرامج السياسية الشهيرة الذي «تُطبخ» أغلب مكالماته للايحاء بأن هناك توجها عاما نحو قضية ما، لقد أزعجني كم الكذب والافتراء في كلام ذلك الدكتور، ولا أقول الداعية، فالدعاة الصالحون لا يكذبون على الخيرين كحال راحلنا الكبير الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه، كما لا يتهمون شعوبا بأكملها كحال شعبنا الكويتي الطيب بأخلاقه، استغلالا لمظلمته وضعفه إبان غزوه.

لقد مللنا حتى النخاع ممن لا يكلّون ولا يملّون من «نقدنا» وتوجيه أصابع الاتهام الظالم لشعبنا، ولا يشبعون في الوقت ذاته من «نقدنا» الذي يتسلمونه كمكافآت لهم على شكل عطايا ورواتب بالدينار والدولار والمنح، ويشمل ذلك الأمر من يُغلّبون دائما وابدا ولاءات الخارج على حب ما يفترض ان يكون وطنهم الذي يغارون عليه ويفزعون له، ممن تعشق شياطينهم وتميل أهواؤهم الى العصاة والغلاة والمتطرفين وكبار المجرمين أينما كانوا.

ويكفي ان اعذار وجدي غنيم المسيئة هي لإبقاء صلته «المالية» وليست «الدعوية» مع الكويت والبحرين، فلو كانت الدعوة وليس شيء آخر هي المقصد فالكويت والبحرين هما ولله الحمد دولتان مسلمتان ولا تحتاجان لمن يدعوهما للإسلام اضافة الى وفرة الدعاة الخيرين من أهلهما، وما أحوج ذلك الدعي لأن يذهب لقفار افريقيا وغابات اندونيسيا للذود عن حمى الاسلام هناك، وواضح انه لا يقوم بمثل تلك الأمور لعدم وجود عائد مادي منها.

ونأتي للأعذار الزائفة فنراه يقول انه
لا يتذكر موقفه من الغزو (!!) وذلك كذب بواح فنحن لا نسأله عن كلمة قالها او موقف قام به أمام حدث صغير ينساه كل انسان، ان الغزو هو عملية مزلزلة هزت كيان الأمة بأكملها ويذكر كل فرد بالقطع موقفه منه، والمستغرب ألا يخجل ذلك الدعي من الكذب وانكار ذلك الموقف حتى فضحه الله بالأشرطة المسجلة عليه والتي كان يروج لها البعثيون لتبرير غزوهم للضحية الكويت.

أما الأشنع في مقال اعتذاره «المالي» فهو اشارته للحديث الشريف «اذكروا محاسن موتاكم» عند اشارته لسمو الشيخ جابر الأحمد رحمه الله وهي مقولة تطلق عادة في السياق اليومي على السيئين ممن لا يملكون الكثير من الحسنات للحديث عنها، ولا تقال عادة بحق الخيرين، ان حال عذر وجدي غنيم كحال عذر سيده صدام الذي ذكرناه في بداية المقال فهو عذر أقبح من ذنب ومثل ذلك من ساوى حال فرد «كغنيم» بحال دول الضد التي تفرض «المصالح المشتركة» عودة العلاقات معها، فما هي المصالح المشتركة والقومية التي تربطنا بذلك الدعي عدا شتمنا عندما استضعفنا ابان احتلالنا وامتصاصه المال منا بعد تحريرنا؟!

أخيرا لقد أتانا من البحرين موقف شهم وأصيل غير مستغرب عبّر عنه موقف سمو ملك البحرين المفدى حمد بن عيسى ال خليفة المتمثل في منع وجدي غنيم من دخول البحرين لإساءته للكويت، فهل يعقل ان نسمح نحن بدخوله؟ العكس من ذلك ما أتى من عضو البرلمان البحريني محمد خالد الذي اتهم مخالفي غنيم بالايدز الفكري (!!)، وعندما رد عليه النائب الفاضل علي العمير وأفحمه عاد النائب المسيء كحال من يدافع عنه للكذب لتبرير شتائمه المخجلة، حيث قال انه يخص بها الكتاب العلمانيين (غير المتداخلين او المعنيين بالقضية)… بودنا ان يمنع الاثنان من دخول الكويت والبحرين.

سامي النصف

كويت المركز المالي وخصخصة الكويتية (2 – 2)

ولو تخطينا جميع العقبات السابقة التي ذكرناها في مقال الامس وهو امر اشبه بالاستحالة ووجدنا المشتري فقرار التحول الى الربحية الذي يهدف له المستثمر قامت به فعلا شركة لوفتهانزا الاستشارية المختصة التي درست جميع محطات الكويتية – عندما كان سعر النفط 50 دولارا وليس مائة – وقررت ان السبيل الوحيد لوقف الخسارة يتم عبر اغلاق خطوط الشرق الاقصى والهند وباكستان وجميع محطات اوروبا (عدا لندن) وجميع محطات اميركا الشمالية اي الخطوط البعيدة والتركيز فقط على محطات قليلة وقريبة في المنطقة كالقاهرة ودبي ودمشق الخ، اي ان الامر سينتهي ببيع المستثمر الجديد الهادف للربحية بالطبع لأغلب الطائرات وطرد اغلب العاملين والموظفين والاكتفاء بعدد قليل جدا من الطائرات اي الدواء الاكثر ضررا من الداء نفسه فهل هذا هو المستقبل الزاهر الذي يعد به مشروع تخصيص الكويتية؟!

وهناك من يطرح بسذاجة بالغة او دون علم خيار تأجير الطائرات وهو خيار غير صائب على الاطلاق لألف سبب وسبب ففي البدء لا تقوم الشركة المصنعة بصنع طائرتين جديدتين واحدة للبيع والاخرى للتأجير بل جميع طائرات المصنع هي للبيع وما هو موجود للتأجير في السوق لا يقل سوءا وقِدما عن اسطول الكويتية الحالي الذي يشتكي منه المواطنون، اضافة الى ان عمليات التأجير ستتسبب في مضاعفة خسارة الكويتية ومن ثم تمنع اي مستثمر جاد من تملكها، يتبقى ان هناك طائرات جديدة تؤجر لفترات لا تقل عن 12 عاما لمن لا يملك القدرة على الحصول على قروض ائتمانية للشراء (ليس حال الكويتية) وفي النهاية يدفع ثمن اسطول جديد دون ان يتملك طائرة واحدة.

ولقد سمعت عن عشرات المسببات العاقلة والحكيمة لتبرير عمليات الخصخصة في الدول الاخرى ولم اسمع قط بمثل الاعذار التي سمعتها لخصخصة الكويتية مثل ازالة الصراع والانتهاء من مشاكل الكويتية (بقتلها!)، ان حل المشاكل هو بمواجهتها باحتراف وعلم شديدين فمستقبل المواطنين والعاملين بالمؤسسة ليس عرضة لمبدأ التجربة والخطأ المعتادين حيث ان هناك اخطاء لا مجال لتصحيحها وواضح ان خارطة الطريق الحالية ستؤدي الى الكارثة والهاوية المحتمة والواجب ان يصحح المسار وإلا ستزداد المشاكل بأضعاف مضاعفة وتكبر وتستفحل وهذا هو الامر المؤكد.

ونأتي الى القضية «الاهم» ونقول ان الخيار الاستراتيجي بتحويل الكويت الى مركز مالي ومقصد للسائحين والمستثمرين والزائرين يتناقض تماما مع خيار تخصيص الكويتية حيث ان تجارب «جميع» الدول الاخرى في التحول الى مركز مالي ابتداء من سنغافورة وانتهاء بدبي وابوظبي وقطر قد تم عبر انشاء حكوماتهم شركات طيران ضخمة زودتها بكبرى الطائرات واكثرها عددا كي تحمل ملايين الركاب والمستثمرين والسائحين حتى قيل قديما ان للدول شركة طيران وسنغافورة شركة طيران لها دولة ربما بسبب التناقض بين ضخامة حجم السنغافورية وصغر سنغافورة.

ان ذلك الدور الاساسي والمهم لن يقوم به القطاع الخاص ولن تقوم به بالقطع شركات طيران الدول الاخرى، اي هل لنا ان نتصور دبي دون شركة طيران بحجم الاماراتية المملوكة لحكومتها او قطر دون القطرية الخ؟!

لذا فكيف بالله يستقيم خيار الكويت المركز المالي مع خيار تخصيص الكويتية بدلا من شراء عشرات الطائرات لها ومن ثم الحفاظ على عمالتها الوطنية بل وتوظيف آلاف الكويتيين الآخرين فيها وبالتالي المساهمة في تقليص آفة البطالة بدلا من زيادتها في الكويت؟! والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
هناك من يشيع مقولة ان الكويتية ستشتري لأصولها والحقيقة ان اصول الكويتية هي اما طائرات متهالكة يتسبب تشغيلها في الخسائر التي نشهدها او مبان غير مدرة للأموال بل تصرف عليها الكويتية كحال مبناها الرئيسي وغيره وهي في الاغلب مملوكة اراضيها للطيران المدني في الدولة الذي لن يسمح بالقطع بتغيير استخدامها الى عمارات ومجمعات، وللموضوع صلة.