سامي النصف

هل تؤدي الاستجوابات لتحسين الخدمات؟

يُعرف عن اهل الكويت تاريخيا انهم اهل صيد، فبعضهم يعشق صيد البحر والبعض الآخر صيد البر، ويعلم هؤلاء جميعا ان النهج الخاطئ للصيد كاستخدام الصنارة لصيد الزبيدي او طعم الحشرات لصيد الصقور لا يؤدي للهدف المنشود حتى لو كررت المحاولة آلاف المرات، ومن ثم تقتضي الحكمة والتقييم الصحيح للامور استخدام الاداة المناسبة للوصول للهدف المناسب.

هذا الامر ينطبق كذلك على الاستجوابات التي ثبت بشكل قاطع انها لا تؤدي الغرض منها وهو تحسين الاداء في القطاعات الخدماتية (تعليم، صحة… الخ) التي يتعرض وزراؤها بشكل متكرر للاستجوابات والدليل على ما نقول انه ورغم عشرات الاستجوابات والتغييرات الا ان الشكوى مازالت قائمة التي ربما أساءت الاستجوابات لها بدلا من تحسينها نظرا للتغيير المستمر في المسؤولين عنها حتى اصبح معدل بقاء الوزير في وزارته لا يتعدى اشهرا قليلة، فكيف له ان ينتج؟ وكيف للخدمة التي يستخدمها الشعب الكويتي كافة ان تتحسن؟

واذا كنا لم نستفد من الاستجوابات المتتالية لتحسين الخدمات، بل قلّ ان تكون هناك متابعة لاحقة لمحاور الاستجوابات بعد ابتعاد الوزير المعني وكأن الاستجواب وضع للانتقام الشخصي لا للخدمة العامة، وجدنا ان الاستجواب الحالي قد اضيفت له بعض السلبيات كالألفاظ المؤسفة التي لم نعتدها في التخاطب، خاصة بين نواب ووزراء زملاء في العمل السياسي تضمهم قبة برلمان واحد.

ومن سلبيات الاستجواب الحالي استخدامه من قبل البعض لتقسيم المجتمع الى تفرعات فئوية لا يرتضيها احد بعيدا عما اعتدناه من ردود فعل مؤيدة او معارضة للاستجواب طبقا لموضوعية محاوره. اننا لا نرى غرابة على الاطلاق في ان تقوم الكتلة الاسلامية الجديدة باستجواب وزيرة التربية طبقا لقناعاتها.

كما انه ليس من المستغرب ان تدعم كتلة العمل الشعبي استجوابا يقدم ضد وزير في الحكومة دون ان يحمَّل هذا الموقف فوق ما يحتمل، فقد سبق للنائب الفاضل د.حسن جوهر ان تقدم باستجواب ضد وزير التربية الاسبق وقد كان الطرح راقيا في ذلك الاستجواب ونال ثناء الجميع، وهو ما نأمله.

ومثل ذلك الموقف المعتاد من كتلة العمل الوطني وحليفها النائب الفاضل عادل الصرعاوي من دعم معلن للوزيرة منذ اليوم الاول لتوزيرها لما يرونه من مسار اصلاحي لها في الوزارة ابان تسلمها منصب الوكيل المساعد فيها، لقد تم تقديم الاستجواب بالامس والمهم ان نشاهد ممارسة سياسية راقية، لا يتم خلالها اصدار الاحكام المسبقة قبل المداولة ولا تستخدم فيها الالفاظ الخارجة، كما لا تحكم بها إلا الضمائر الحية ولا تقدم بها الا مصلحة الكويت، فالمسؤولية السياسية والتاريخية جسيمة امام الله وامام المواطنين، فلتشهد جلسة الاستجواب المقبلة اداء غير متشنج نفوز به بالعنب دون ان نقتل الناطور او الناطورة.

آخر محطة:
حقا هل سيتم استجواب وإبعاد كل وزير تحدث اخطاء او تعديات او تحرشات جنسية في وزارته؟! ان كانت الاجابة بنعم فلنستعد للاستجواب والابعاد اليومي للوزراء كون مئات آلاف العاملين في دوائر الحكومة ليسوا ملائكة بل بشر خطاؤون، وان كانت الاجابة بلا فلنعامل وزيرة التربية كمعاملة بقية الوزراء ممن تجب محاسبتهم لا على الخطأ الذي ارتكبه غيرهم، (وألا تزر وازرة وزر اخرى)، بل على معطى عدم محاسبة من اخطأ ان حدث مثل ذلك الامر.

سامي النصف

نحو قواعد جديدة للعبة السياسية

أسوأ ما يمكن سماعه هذه الأيام حول ما يدور في البلد هو ان الوضع طبيعي ومطمئن كون لا شيء يحدث خارج إطار الدستور، وان الأزمات السياسية التي تلد أزمات أمر معتاد ضمن الممارسة الديموقراطية المتقدمة (!)، وبالتالي لا يوجد خطأ أو ضرر على البلاد والعباد من الأزمات السياسية والاضرابات النقابية والتخندقات الشعبية التي قاربت ان تقسم البلد وتبث الفتنة بين صفوف أبنائه.

ان من «المصائب» ان يقول بعض الساسة والكتاب والنواب – مكابرة – إن الأمر طبيعي، وهم من يعلمون في قرارة أنفسهم بعكس ذلك، ومن «الكوارث» بالمقابل ان يقول بها آخرون، ساسة وكتاب ونواب وهم يعتقدون حقيقة بصحة تلك الممارسات، ان الأزمات السياسية أمور لا يفتخر بها وهي دلالات أمراض مجتمعية خطيرة تعيق التنــمية وتسبب التخلف كما انها أعراض ضعف وانقسام وعلامات دالة على مستقبل مظلم للبـــلدان المبتــلاة بها، فلم تحــدث كـوارث كبــرى من حــروب أهلــية وانهيارات اقتصادية في الدول المختلفة إلا سبقتها أزمات متلاحقة.

اننا بحاجة الى وقفة جادة من عقلاء البلد لما يحدث على الساحة السياسية والإقرار بخطئه ومعه القيام بما يلزم لتصحيحه، والإيمان توازيا بأن أهم أسس اللعبة السياسية الناجحة والبناءة والداعمة لعملية التنمية المستدامة هي التي «لا يشعر بها أحد»، لا التي تصم أصواتها آذان الجيران والعالم.

ان تلك الرؤية الجديدة للعبة السياسية التي ستقفز بالبلد خطوات ضخمة الى الأمام تحتاج الى قواعد جديدة للعبة تبتعد بها عن المماحكات والتصريحات الإعلامية اليومية الساخنة، كما يجب ان تشتمل القواعد الجديدة على كم كبير من التفاهم والتسامح وغض النظر عن صغائر الأمور كحال الأخطاء اليومية في الوزارات المختلفة والتي تحتاج محاسبة الوزراء عليها الى الاستبدال اليومي لهم، ان حادثة استقالة وزير النقل الياباني في أواخر الستينيات على معطى خروج قطار عن السكة هي الاستثناء الذي يثبت القاعدة، فلم نسمع بعد ذلك عن استقالات في اليابان أو غيرها على معطى الأخطاء الحكومية اليومية وما أكثرها.

ان جوائز ذلك النهج الجديد ستصيب المواطنين والنواب والوزراء والوطن بالتبعية، فسيتوقف المواطنون عن جرعات التوتر والتذمر اليومي من أداء المجلس، كما سيرتاح النواب من الحاجة الى التسخين السياسي المتعب لكسب رضا الناخبين، كما سيتفرغ الوزراء للإبداع والإنجاز في وزاراتهم كحال زملائهم في الدول الخليجية التي نحسدها على إنجازاتها الناتجة عن استقرارها السياسي، كما ستقلع طائرة الوطن التي أدماها التوقف منذ سنوات رغم الهواء الساخن والضجيج العالي الصادر من محركات يدفع نصفها بعكس نصفها الآخر فتبقى الطائرة ساكنة رغم علو الصوت في حين انطلقت طائرات الدول الأخرى مسرعة نحو المستقبل المشرق.

آخر محطة:
ومن قواعد اللعبة الجديدة ضرورة البعد عن المطالبات المدغدغة وغير العقلانية غير المعمول بها في 200 دولة أخرى شريكة لنا على كوكب الأرض والتي تحرج بقية النواب كي لا نسمع ذات يوم بمقترح توزيع مداخيل الدولة أولا فأولا على المواطنين ممن سيصطفون يوميا قرب الموانئ لتوزيع دخل بيع النفط ناقلة فناقلة.

سامي النصف

صدام آخر الحكام الإباديين

شهد العالم في القرن المنصرم الكم الاكبر من الطغاة الاباديين ممن لم يشهد لهم التاريخ مثيلا، فلم يعرف عن نيرون واتيلا وهولاكو وجنكيز خان وغيرهم انهم فعلوا بشعوبهم ما فعله قادة امثال ستالين وهتلر وموسوليني وماو وسونغ وبول بوت وصدام…

وقد تكون احدى العلامات الفارقة بين طغاة العهود الغابرة وطغاة القرن الماضي ان الاولين كانوا صادقين مع انفسهم، ولم تكن هناك اجهزة اعلام ومخابرات تزيف الحقائق وتخفي النوايا، لذا اعلنوا بصراحة نواياهم الشريرة تجاه اعدائهم، وكانوا رحماء بشعوبهم، بينما اتقن طغاة العهد الجديد الكذب الشديد وادعاء حب شعوبهم كطريق ونهج لابادتها قبل ابادة الشعوب الاخرى مما جعل ميكافيللي يبدو طفلا بريئا امام ألاعيبهم الشيطانية.

وهناك قواسم مشتركة كثيرة بين الطغاة الاباديين من المحدثين تظهر انهم كانوا يتعلمون من تجارب بعضهم البعض، حتى ان الطاغية صدام كان يحتفظ بكل الكتب التي صدرت عن الطاغية ستالين في غرف نومه، ومن تلك القواسم المشتركة قتل المقربين مما يرعب الآخرين، وكذلك كفرهم جميعا بالله وبالاديان جميعها كوسيلة للتخلص من الابرياء وكي لا يقف وازع اخلاقي او ديني امام ارتكابهم الجرائم الابادية الرهيبة تجاه الآخرين.

ومن تلك القواسم الاستخدام الزائف للايدلوجيا التي لم يكونوا يؤمنون بها حقا، سواء كانت شيوعية، بعثية، نازية، فاشستية… الخ، اضافة الى كراهيتهم الشديدة لشعوبهم رغم ما يدعونه، فقد تسبب استهتار هتلر بأرواح الشعب الالماني في الاشهر الاخيرة من الحرب الكونية التي حسمت خلالها نتائج تلك الحرب بقتل 5 ملايين الماني ممن يدعي هتلر حبهم، وهو امر مشابه لما قام به ستالين وماو وبول بوت وصدام تجاه شعوبهم من زجهم في حروب ومعتقلات وتهجير تسببت بقتل الملايين دون داع.

وقد اعتمد الطغاة جميعا على جيوش مؤدلجة وحرس خاص واجهزة مخابراتية مدمرة وجعلوا الشعوب تتجسس من الرعب على بعضها البعض فيضطر كل مواطن للابلاغ عن الآخرين خوفا من ان يبلغوا عنه، كما اعتمدوا على نهج عبادة الفرد ضمن واقع سيكولوجي معقد يجعل الشعوب تعبد طغاتها كونهم فقط ابقوهم احياء، كما قيدوا الحريات الاعلامية واعتمدوا بالمقابل على منهجية الدعاية التمجيدية الكاذبة التي تزيف الواقع وتقلب الحقائق بعد عزل الشعوب عن وسائل الاعلام الدولية الحرة، وكان من اشهر رجالات الدعاية الزائفة في تلك الحقبة القميئة غوبلز وهيكل والصحاف…

وقد استقصد الطغاة فئات من شعوبهم بالابادة كالاكراد والكولاك واليهود كوسيلة للارعاب ثم انتقلوا بعد ذلك لبقية الشرائح دون تمييز، وبالمقابل عاش الطغاة حياة خاصة منعمة جدا لا تتماشى على الاطلاق مع ما يدعونه من تقشف او ما تسببوا به من فقر ومجاعات وبؤس مدقع للشعوب التي حكموها، ويتبقى فارق واحد بين تعامل شعوبهم وشعوبنا مع الطغاة، حيث نلحظ خجل شعوب الارض جميعا مما فعله طغاتهم وفخر بعض شعوبنا ومفكرينا بالمجرمين الطغاة امثال صدام.

آخر محطة:
يخبرني صديق عراقي اثق به يسكن بغداد عن روايات سمعها شخصيا من المرافق الشخصي «الخاص» لصدام حيث يقول ان الطاغية عاش في قصوره السبعين حياة مترفة لم يشهدها بشر قبله او بعده، حيث تحضر له في كل مرة وجبات من الفتيات الجميلات اللاتي يشاركهن السباحة عاريا، وحال خروجه تبدأ السهرات الحمراء الخاصة والمشروبات الفريدة جدا باهظة الثمن، وقد تنتهي السهرة بسلام او في بعض الاحيان بحالة قتل حال وقوع خلاف بين صدام واحدى الفتيات الجميلات التي قد تكون قد احضرت له قسرا وهو ما كان ذلك المرافق شاهدا عليه مرارا.

سامي النصف

عجائب مصر السبع

خرجت مصر بخيار منها من مسابقة عجائب الدنيا السبع الأخيرة، ويمكن لمصر بالمقابل ان تطعن في نتائج تلك المسابقة كون 99% ممن صوتوا فيها ليسوا مختصين في علوم الآثار، كما ان أحدا منهم لم يشاهد عجائب الدنيا الأخرى، لذا كان التصويت دون معرفة وعلى معطى الحمية والعصبية القومية، ولمصر ان تقترح كذلك تشكيل لجنة من المختصين تحت رعاية الأمم المتحدة تزور جميع الآثار وتقرر بعد ذلك، وسنجد على الأرجح ان تلك اللجنة ستمنح مصر سبع عجائب على الأقل وستعطي لبقية العالم مثلها أو أقل منها.

أمضيت الفترة القصيرة الماضية في زيارة لمدينة أسوان الساحرة وآثارها ثم استمتعت بالرحلة النيلية العجيبة بين أسوان والأقصر التي تلتها زيارة معابد ومتاحف الأقصر العديدة والتحليق فجرا بالمنطاد فوق الكرنك ووادي الملوك، ويمكن في تلك الزيارة ان تشاهد الملايين من السائحين الأجانب ممن لا أثر لهم في القاهرة المزدحمة وبالمقابل لن تجد عربياً أو خليجياً واحداً في تلك المدن الرائعة قليلة السكان، نظيفة الهواء.

ورؤية الآثار المختلفة دون مرشد سياحي تجعلها صخورا مملة، أما بوجود المرشد السياحي المختص فتتحول الى تاريخ إنساني حيّ ناطق، تذهلك إنجازاته وتقدمه العلمي والحضاري ما يجعلك تتساءل لم تجمد الزمن خلال 5 آلاف سنة فلم يُبن شيء على تلك الحضارة المعجزة؟ مما جعل بعض المختصين الأجانب يعتقدون بحق ان القائمين عليها أتوا من كواكب أخرى.

ويمكن لمصر ان تكون لها عجائبها السبع (على الأقل) الخاصة بها التي تفوق في رقيها وقدمها وتقدمها جميع عجائب الدنيا الأخرى، ومن تلك العجائب 1 – الأهرامات، 2 – الكرنك، 3 – معابد أبوسمبل، 4 – معبد الأقصر، 5 – مقابر وادي الملوك، 6 – مقبرة نفرتاري (ملكات)، 7 – ادفو، 8 معبد نفرتاري أبوسمبل، 9 – معابد كوم امبو، 10 – معبد الفيلة، 11 – أبوالهول، 12 – مجموعة توت عنخ آمون، 13 – تماثيل رمسيس الثاني، 14 – المسلات التي وزع منها 12 مسلة لعواصم العالم ولم يبق منها إلا 5 في مصر، 15 – معجزة نقل وإنقاذ آثار النوبة، وفي هذا السياق لا تحتاج مصر وبها جميع تلك العجائب الحقيقية الى ان تدعو الزائرين والسائحين لزيارة الأعجوبة «الغوبلزية» الزائفة المسماة بالسد «العالي» الذي سبق ان ذكرنا انه غير مذكور على الإطلاق ضمن السدود العشرة الأعلى في العالم، أو الأكثر اختزانا للمياه.

وقد سألني من معي مستغربا وبدهشة ونحن فوق السد، أين السد العالي؟! ان الميزة الوحيدة لذلك السد هي انه أصبح، وبسبب الغضب والجهل الثوري، الأكثر كلفة في العالم على الإطلاق بسبب الحروب التي تمت لأجل بنائه (حرب 56 وما تلاها من حروب 67 والاستنزاف و73) وقد قام النظام الثوري الشاطر بتأميم قناة السويس لبناء السد غير العالي والذي تبنى المئات مثله دون شوشرة في العالم بدلا من الانتظار لعشر سنوات حتى عودتها الرسمية إليه وحصد محاصيلها خلال تلك المدة.

وقد كان بإمكان النظام الثوري ان يشتري أسهم القناة من المساهمين من البورصات العالمية بدلا من التعويض المالي الباهظ الذي فرض عليه ودفعه عام 57 والذي قارب 400 مليون جنيه استرليني، لقد رفض النظام الثوري العبقري حصد بعض تلك المداخيل لمدة عشرة أعوام إلا أن رعونته تسببت في إغلاق القنال ووقف مداخيلها لعشر سنوات أخرى هي عام بعد حرب 56 وتسعة أعوام بعد حرب 67 حتى أتى قرار السادات الشجاع بفتحها، وهذي هي القرارات الثورية العربية العبقرية المعتادة التي يروج لها هيكل ومن لف لفه.

آخر محطة:
الى جانب تلك الزيارات الأثرية يمكن للزائر ان يسكن في فندق كاتراكت أسوان ويفطر أو يتغدى في ركن الملك فؤاد المطل على النيل وان يسكن في فندق القصر الشتوي في الأقصر الذي اعتاد ملوك مصر والعالم زيارته في الشتاء وجميعها تضيف بعدا آخر لمصر الجميلة التي تحتاج الى من يعيد اكتشافها من قبل أبنائها ومن قبل العرب والخليجيين.

سامي النصف

رؤية داخلية

عيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير، التهنئة القلبية للمستشار ناصر عبدالله الروضان على ثقة سمو ولي العهد الغالية به، ولأبي خالد آراء ورؤى معروفة عنه تمتاز بالحكمة وبعد النظر، والتهنئة موصولة كذلك للمستشار علي الزميع ان صح ما اتى في الزميلة «عالم اليوم» في عدد يوم امس.

الامن كالصحة لا يشعر بأهميتهما الا من يفتقدهما، نحن امام عهد جديد في وزارة الداخلية يحرص فيه الوزير الفاضل الشيخ جابر الخالد على الاطلاع كل صباح على ما يكتب في الصحف من قبل الكتاب والمحررين وما تنقله الصحف من شكاوى المواطنين ثم متابعتها شخصيا حتى يتم حلها.

الحوادث المميتة واختناقات الطرق في كل الاوقات اصبحت لا تطاق، وسنقترح بعض الحلول التي نرى انها ستساهم في التخفيف من تلك الازدحامات كي لا نصل لمستوى مدن مثل القاهرة او بيروت او دبي وان كانت الاخيرة تعمل جاهدة لايجاد الحلول لمشاكلها المرورية المتزايدة، وتلك الحلول في الاغلب لا كلفة مالية لها.

المقترح الاول الذي يصلح للكويت والقاهرة معا هو بيع مباني الوزارات المختلفة الواقعة في قلب البلد وترك العاصمة لموظفي ومراجعي القطاع الخاص والقيام في المقابل ببناء مجمعات وزارية حديثة وبديلة في ضواحي العاصمة (الدائري السادس او السابع في الكويت و6 اكتوبر او القاهرة الجديدة في مصر) كي يتحول تحرك موظفي ومراجعي القطاع العام في اتجاه معاكس لموظفي القطاع الخاص، حيث يتوجهون «لخارج» العاصمة في الصباح و«لداخلها» ظهرا، وسيقضي المقترح على الازدحامات ويوفر فوائض مالية من بيع اراضي قلب العاصمة.

ونحتاج الى استخدام التكنولوجيا الحديثة في حل الاشكالات المرورية كوضع لوحات اعلان ضوئية ومحطات اذاعية تنبه السائقين طوال الوقت للشوارع المزدحمة وتقترح الطرق البديلة وخلق غرف تحكم متقدمة، ويمكن تعديل زمن الاشارات المرورية لتخفيف الازدحامات وكذلك خلق نظام كالحال في اميركا للاتصال بـ G.P.S السيارات ووضع خرائط للطرق الاقل ازدحاما وزرع لوحات ضوئية تحسب بالثواني زمن تحول الاشارة من الاحمر الى الاخضر والعكس.

اكثر من 77% من طرق الكويت دون حارات امان، ولا ضرر من ذلك، لذا يمكن تحويل حارة او حارتي الامان الواقعة على يمين وشمال بعض الطرق السريعة الى حارات سريعة «دائمة»، فيتحول الشارع ذو 3 حارات الى 5 حارات وذو 5 حارات الى 7 حارات مما يخفف الازدحام على طرق السفر خصوصا، ويمكن تزويد سيارات المرور بكاميرات تصور الحادث في ثوان ثم تبعد على الفور السيارات المتضررة عبر ناقلات القطاع الخاص ويدفع ثمنها مرتكب الحادث، كما يمكن الاستعانة بساتر قماش يغطي السيارات حتى ازالتها منعا للازدحامات التي يخلقها الفضوليون ممن يقفون للفرجة.

والطريق الرابع هو شريان البلد الاساسي وأحد المسببين الرئيسيين للاختناقات المرورية في البلد، والافضل ان تزداد السرعة فوقه الى 120 كم عدا الجسور فقط التي يجب ان تخفض السرعة فوقها الى 80 كم مما سيسرع في اخلائه وتقليل ازدحاماته، كذلك يجب ارجاع الطريق الثالث الى تصميمه الاول الذي قامت به مصلحة الطرق الفيدرالية الاميركية، اي ازالة الاشارات الضوئية منه كي يصبح طريقا رديفا للسيارات المتجهة من الشويخ الصناعية وما خلفها الى السالمية وحولي والنقرة والشعب البحري مما سيخفف زحمة الدائري الرابع الدائمة.

ونحتاج الى الاستعانة بالقطاع الخاص لخلق دورات تدريبية متصلة لرجال المرور تكشف لهم الممارسات الخاطئة التي يقوم بها البعض منهم كعدم التقيد بالسرعة او عدم لبس حزام الامان او تخطي الاشارات الضوئية في كونها ترسل رسائل واضحة بعدم الانضباط لمئات آلاف السائقين الآخرين القادمين للبلاد ومن ثم نلحظ الفوضى المرورية القائمة، ان عملية Feed Back والتدريب المستمر لرجال المرور والمحاسبة لا غنى عنهما لضبط شوارعنا المتسيبة.

آخر محطة:
ونحتاج ايضا الى فلاشات اعلامية مرورية في الاذاعة والتلفزيون حول اهمية ربط الاحزمة وخطورة السرعة وكيفية التعامل الصحيح مع الطوارئ كانفجار الاطارات.. الخ.

سامي النصف

12 ممارسة خاطئة في لعبتنا الديموقراطية

1 – الاعتقاد ان الهدف من اللعبة الديموقراطية لا التنمية واسعاد الناس بل تحقيق الانتصارات الشخصية والاعلامية والسياسية للوصول للهدف الذهبي وهو الفوز في عملية اعادة الانتخاب، ولا مانع بالمقابل من هزيمة الوطن.

2 – اعتياد الهرب الى الامام من المشاكل بدلا من مواجهتها، فتم التحول الى الدوائر الخمس ثم الدائرة الواحدة هربا من الرشاوى والواسطات والفرعيات، وتم الهرب الى فكرة الاحزاب بدلا من مواجهة سلبيات الممارسة الديموقراطية القائمة.

3 – قلة الاحتراف والابداع في الممارسة السياسية المحلية التي يفترض ان تجعلنا قدوة للآخرين بدلا من فزاعة لهم كما هو الحال القائم، ولو جاز لنا ان نشبه بعض الممارسات لدينا بالمراحل الدراسية لقلنا اننا مازلنا وبعد 45 عاما من بدء العملية السياسية في سنة اولى ابتدائي ديموقراطية.

4 – عدم وجود ادوات محاسبة «حقيقية»، كحال جميع الديموقراطيات الاخرى، لمن ينحرف بالممارسة السياسية لاغراض التكسب الشخصي والاثراء غير المشروع، او لخلق حالات تخندق غير صحية في البلد.

5 – عدم وجود جهد للحكومة للعمل على تغيير الثقافات السالبة السائدة في المجتمع والتي ترى في كل مشروع حكومي سرقة وفي كل مسؤول حكومي تجاوزا مما يكسبها عداء كثير من الناخبين ومن ثم يعرقل مشاريعها ويحرض اغلب النواب عليها.

6 – خلط الفرعيات القائمة على العرق او الفئة او الطائفة، وهي امور ممنوعة في جميع ديموقراطيات العالم، بالتصفيات السياسية القائمة على الكفاءة والامانة والقدرة الذاتية المعمول بها في جميع الدول الاخرى.

7 – افتاء من لا يعلم بما لا يعلم في الشأنين السياسي والاقتصادي، فقد ناقشت في احد اللقاءات الاعلامية 12 من براعم المستقبل ممن كانوا يدعون للحزبية، واعلم علم اليقين ان احدا منهم لم يقرأ حتى ورقة واحدة في علم الانظمة السياسية والتجارب الحزبية في العالم.

8 – عدم استيعاب حقيقة ان احد اهم مبادئ الديموقراطية هو خلقها لنهج يتم فيه تمثيل شرائح المجتمع المختلفة، خاصة الصغيرة منها، لا البحث عن منهاجية لتعزيز الكتل الكبرى فقط وهو ما ينتج عن تكبير الدوائر.

9 – تمتاز ديموقراطيتنا بالتخندق والغضب الشديدين عند الممارسة، وتسيد ثقافة التصيد وعدم التسامح بينما تتطلب الممارسة الصحية والصحيحة للديموقراطية كما كبيرا من المغفرة وإبداء حسن النوايا وغض النظر عن الاخطاء الصغيرة.

10 – لا توجد في ديموقراطيتنا عمليات «تدريب» وتنمية للعمل السياسي، لذا يمارس كل طرف اللعبة بالطريقة التي يريدها في وضع اشبه بممارسة لعبة كرة القدم دون قوانين او عقوبات، علما ان اللعبتين بشكلهما الحديث اخترعتا من قبل الانجليز الذين وضعوا قوانين واعرافا وضوابط صارمة لكل منهما.

11 – يصاحب العمل الديموقراطي في العالم توسع بالحريات الفردية والمجتمعية، لدينا حدث العكس تماما، حيث قيدت ديموقراطيتنا الغاضبة وغير المتسامحة الحريات وخلقت الرقابة المتشددة على الكتب والثقافة وأثقلت الصحافة بالعقوبات.

12 – وتصاحب الدول الديموقراطية عادة زيادة بمعدلات التنمية مقارنة بالدول التي لا تأخذ بها، لدينا حدث العكس واصبحت تجربة الدول غير الديموقراطية هي القدوة في العمل التنموي مقارنة بنا ولا حول ولا قوة الا بالله.

آخر محطة:
علينا الا نكتفي ببعض او جميع تلك السلبيات بل يجب البدء بعمل مؤسسي للقضاء عليها كي تصبح ديموقراطيتنا ضياء شمس للآخرين.

سامي النصف

الخصخصة وعلوم الطيران وشؤون «الكويتية»

للأسف الشديد فان 99% ممن يتكلمون عن خصخصة «الكويتية» اما لا يعلمون شيئا عن الخصخصة او عن علوم الطيران او عن شؤون «الكويتية» او حتى عن الثلاثة معا ولنا في هذا السياق تساؤل هام هو هل تراجعت الدولة عن استراتيجية كويت المركز المالي والخدماتي؟ فاذا ما كانت الاجابة بنعم فما هي بدائل النفط التي نعدها لنضوبه؟! واذا ما كانت الاجابة بنعم فما الناقل الذي سيحضر لنا ملايين الزائرين والمستثمرين من مشارق الارض ومغاربها؟ وهل هناك مركز مالي – لا نعلم به كحال مصانع الطائرات السرية التي تحدثنا عنها في مقال سابق – قد قام دون شركة طيران حكومية تخدم ذلك الهدف الاستراتيجي كحال «السنغافورية» و«الاماراتية» و«القطرية» و«الاتحاد» و«الخليج» و«العمانية» و«السعودية» الخ؟.

وقد نشرت صحفنا المحلية عدة اخبار الاسبوع الماضي متصلة بموضوع خصخصة «الكويتية» الهام اولها قيام شركة طيران كويتية خاصة لها نفس حقوق نقل «الكويتية» بعقد صفقة تأجير 3 طائرات صغيرة لخدمتها للسنوات الثماني المقبلة وهو امر مبرر جدا لدى الادارة الاقتصادية القائمة على تلك الشركة والمشهود لها بالتميز والنجاح الباهر مادامت قصدت الربحية والمحافظة على اموال المستثمرين وقد سبق ان بينا ان شركة لوفتهانزا الاستشارية قد رأت ان طريق ربحية «الكويتية» يمر عبر اغلاق جميع محطات آسيا واوروبا «عدا لندن» وأميركا الشمالية فمن سيحضر المستثمرين لكويت المركز المالي عدا شركة وطنية تملكها الحكومة؟!

الخبر الثاني نشره الزميل علي الهاشم في صفحته المختصة بعلوم الطيران في جريدة القبس حيث اظهر استفتاء مجلة «فلايت انترناشنال» الشهيرة ان 70% من الخبراء لا يعتقدون بنجاح مشاريع الطيران في منطقة الخليج، والخبر الثالث نشرته «الأنباء» واظهر ان اصول «الكويتية» هي مشاريع قائمة على اراض حكومية لن يكون لـ «الكويتية» حق بها متى ما تحولت الى القطاع الخاص، اضافة الى طائرات متهالكة تسبب تشغيلها في الخسائر القائمة.

ان افشال او تأخير مشروع حيوي هام جدا ككويت المركز المالي لاجل مشروع خصخصة «الكويتية» الفاشل سلفا لا يرى احد صحته او الحكمة منه خصوصا ان التجربة الدولية اثبتت ان العالم يكتفي في كل منطقة جغرافية بمركزين ماليين لا اكثر ففي شرق آسيا تم الاكتفاء بسنغافورة وهونغ كونغ وفي أوروبا بسويسرا ولوكسمبرغ وفي الاميركيتين بجزر الكايمن والباهاما ومن ثم فان اي تأخير في انجاح مشروع كويت المركز المالي سيعني حيازة المراكز المالية الخليجية الاخرى التي تخدمها شركات طيران حكومية عملاقة لقصب السبق وبقاءنا دون مشروع بديل للنفط بسبب قرار مستعجل تم من غير ذوي الاختصاص ودون مشورة المختصين والمطلعين.

وحتى نثبت ما هو اقرب للبديهة من خطأ الاستعجال بقرار خصخصة «الكويتية» أضرب مثالا حيا من اليابان أم الليبرالية الاقتصادية في العالم التي تسيطر على اقتصادها الشركات الخاصة الكبرى حيث قررت الحكومة اليابانية في نوفمبر 2004 «خصخصة» قطاع الخدمة البريدية المملوك كحال «الكويتية» للحكومة وبدأ مع القرار حوار واسع حوله اضطرت خلاله الحكومة اليابانية لحل البرلمان بعد ان عارضها في مشروع الخصخصة حتى نواب حزبها «المتمردون» دفاعا عن 250 الف ياباني يعملون في تلك الخدمة «اقل كنسبة وتناسب من موظفي «الكويتية» الذين لا بواكي لهم».

وقبل ايام وبعد 3 سنوات «من النقاش والحوار المتواصل توصلوا الى حل يقتضي بقاء تلك الخدمة مملوكة للحكومة اليابانية حتى عام 2017 قبل تخصيصها اي ما احتاجته العقول اليابانية من دراسات ونقاشات وحوارات استغرقت سنوات طوالا تم الوصول اليه بثوان من قبل بعض المسؤولين غير المختصين ممن ورطوا الكويت و«الكويتية» بمثل ذلك القرار المستعجل الذي سيقتل مشروعي الخصخصة وكويت المركز المالي معا وفي وقت واحد، ان هناك قطاعات ووزارات وشركات حكومية مضمونة الربح يفترض ان تتصدر مشروع الخصخصة كحال الدول الاخرى اضافة الى انها غير متداخلة في قرار الانفتاح الكويتي فلماذا لا نبدأ بها بدلا من «الكويتية»؟!

آخر محطة:
شاب كويتي في مقتبل العمر لم يبق له الا اسابيع قليلة ويتخرج في كلية الطب تصطدم به بالامس سيارة مسرعة فتحطم سيارته وتصعد روحه الى بارئها تشتكي ظلم من احالوا سياراتهم الى اداة قتل للآخرين، فالعزاء الحار لـ «آل بوزبر وآل شهاب الكرام» على فقيدهم الغالي فهد ولأهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون.

سامي النصف

الأحزاب والإضراب

أحد عيوبنا في الكويت – وما أكثرها – قلة القراءة والاطلاع حول القضايا الرئيسية التي نزمع اتخاذ القرارات المصيرية حولها، وكذلك الحج الى أمور عادت الناس عنها، كما أننا لا نستمع عادة للنصح حتى الوقوع المؤلم في الحفر – كحال خصخصة «الكويتية» – ودفع الاثمان الباهظة نتيجة لمناهجية التجربة والخطأ المعتادة.

تزامنا مع صيحات المطالبة بالاضرابات نشرت مجلة «البزنس ويك» الاميركية الشهيرة في عدد الاسبوع الماضي 3/12 مقالا عن النقابات بعنوان «نقابات اضعف وأقل تأثيرا» اظهرت من خلاله وبالارقام ان الموظفين والعمال غير النقابيين «غير المسموح لهم بالاضراب» في أميركا أصبحوا أكثر حصولا على المكاسب والجوائز من زملائهم النقابيين.

وأظهرت المجلة أن الاضرابات قضية قاربت على الاختفاء في العالم المتقدم، ففي الخمسينيات كان هناك ما معدله 352 اضرابا سنويا في أميركا، وفي الستينيات 283 اضرابا وفي حقبة السبعينيات 289 اضرابا وفي الثمانينيات 83 اضرابا والتسعينيات 35 اضرابا ومنذ بداية القرن الجديد 23 اضرابا بينما لم يزد هذا العام في الولايات المتحدة التي يزيد عدد سكانها على الدول العربية مجتمعة على 14 اضرابا وهو ما كنا سنحصده خلال اسبوع واحد فقط، فهل اصبح دعاة الاضراب لدينا اكثر علما واطلاعا وحرصا على مصلحة الاوطان من زملائهم في الدول المتقدمة؟!

وضمن التحقيق ذاته وضعت المجلة مقارنة بين عدد «الدقائق» المضاعة بسبب الاضرابات لعام 2006 في الدول المختلفة «8 ساعات يوم عمل» حيث أظهرت أن الفلبين أضاعت دقيقة ونصف الدقيقة فقط خلال ذلك العام وتركيا 4 دقائق واستراليا 6 دقائق واميركا 8 دقائق وايطاليا 9 دقائق وبريطانيا 13 دقيقة.. إلخ، وواضح أننا نضيع ودون اضرابات من اوقات العمل اضعافا مضاعفة لتلك الدقائق القليلة، فهل المطلوب ان نزيد الخراب خرابا؟!

والى الاحزاب حيث صدر قبل مدة قصيرة كتاب بحثي ضخم لمجموعة من المؤرخين الاميركيين أسموه Ruling America أو «الطبقة الحاكمة في أميركا» وتحدثوا فيه عن الحياة السياسية في أميركا عبر التاريخ، ومما لاحظه المؤرخون اضمحلال دور الاحزاب في أميركا خلال الاربعين عاما الماضية حتى قاربت على الافول هذه الايام، حيث استبدلت بالمناطقية والمسيحية السياسية والثراء السياسي حتى أضحى مجلس الشيوخ الذي يفترض ان يمثل الولايات المختلفة ممثلا للطبقة الثرية التي حصدت الاغلبية المطلقة من كراسي ذلك المجلس المهم.

وقد أصبحت اللعبة السياسية الاميركية حسبما جاء في الكتاب لا تدار من قبل مقرات الاحزاب الايديولوجية أو منظريها ممن بات لا يعرفهم أحد، بل تدار اللعبة من قبل المال السياسي وقيادات الكنائس التي تجيش الملايين من الاتباع وقت الانتخابات امثال جيري فولويل وبات روبرتسن من البيض وجيسي جاكسون وآل شاربتن من السود، كما تسبب ترسخ الولاء «المناطقي» خلال تلك الحقبة في انحسار قيادة الشمال «نيويورك، اوهايو، نيوجرسي، ايلينوي، انديانا» التي قادت المسيرة خلال الفترة 1868 – 1968 لمصلحة قيادة تحالف مناطق الجنوب والغرب «نيكسون وريغان من الغرب وكارتر وبوش الاب والابن وكلينتون الزوج والزوجة جميعا من الجنوب»، ويظل لدينا من يعتقد ان تحولنا الى الاضراب سيقضي على امراض الفئوية والطائفية والقبلية والمناطقية التي لم تقض عليها الحزبية في أميركا بعد 300 عام من نشوئها.

سامي النصف

أحكام قضائية

أكبر الكبائر لدى الاديان السماوية وضمن القوانين الوضعية هي ازهاق النفوس والارواح البريئة، ويعجب المواطنون من احكام قضائية نقرأها في صحفنا تجعل ازهاق النفس الواحدة او حتى النفوس مجتمعة اشد منها مخالفات المرور او حتى التعدي بالشتم على الآخرين كونها تنتهي اما بالسجن او الغرامات المالية الباهظة لا احكام براءة مطلقة كما يحدث مع جرائم القتل بعد ثبوتها.

لقد قرأنا ما تم مع جريمة قتل الاطفال التي كتبنا عنها قبل مدة قصيرة ثم قرأنا بعد ذلك عن جريمة الاب الذي ربط ابنه المعاق بالسلاسل وتركه تحت الشمس حتى توفي بدلا من ايداعه احد المصحات او المستشفيات وذهب الفاعل دون عقاب، ثم قرأنا بعد ذلك اطلاق سراح المواطن الذي «قتل» خادمه والحال كذلك مع ما اخبرنا به من مصير من نحر ابنته كنحر الشاة دون ذنب وقد تكون هناك عشرات الاحكام المماثلة التي لم نطلع عليها بسبب عدم نشرها.

وتحت خبر اطلاق سراح قاتل ابنه في الكويت على موقع «العربية» قرأت خبر تنفيذ حكم الاعدام في ايران بشاب قتل طفلة ثم قطعها بالسكين ودفنها ثم عاد واخرج جثتها من القبر واعاد تركيبها على الفراش ونام بقربها وعاود دفنها في الصباح وحاول بعد عدة ايام اخراج الجثة لاعادة تركيبها، الا ان تعفن الجثة ورائحتها منعاه من ذلك لذا اكتفى بالنوم قرب رأس الطفلة!، اذا لم يكن ذلك القاتل مجنونا فما الجنون اذن؟! ومع ذلك تم اعدامه ولو حدثت تلك الجريمة لدينا لكان القاتل يمشي بيننا طليقا بعد حصوله على صك البراءة السريع من وزارتي الصحة والعدل ولكان رجال الشرطة والمحققون يندبون حظهم العثر على جهدهم الذي ضاع هباء.

وفي اغلب الجرائم الشنيعة التي نقرأ عنها ومنها الجريمة التي حدثت قبل ايام نجد ان هناك صحيفة سوابق خطيرة وطويلة للفاعلين المطلق سراحهم، واذكّر هنا بالتشريع الاميركي المسمى strikes lucky 3 اي ان من لديه سابقتان عدليتان يصبح حكم الثالثة حتى لو كانت سرقة قنينة شراب غازي من سوبر ماركت هو المؤبد لردع ومنع المجرمين من تكرار ارتكاب الجرائم، لدينا نقرأ في الصحف عمن لديه 20 – 30 سابقة ويبقى مطلق السراح للسير بيننا حتى يقتل احدا ثم ينظر في امره، فإما الحجز والعقاب المتأخر او اطلاق سراحه مرة أخرى!

ان تقديس غير المقدس كأحكام القضاء امر يجب ان يعترض عليه القضاة الافاضل قبل غيرهم لذا يجب ان يخلق نظام تنتقد من خلاله الاحكام القضائية بكل شفافية ويتم التعرف على اسباب صدورها واي علة تشوبها حتى تمتد عملية الاصلاح الذي ترفع رايته الدولة ويطالب به الشعب قاطبة من السلطة الاولى الى السلطات الاخرى.

آخر محطة:
نرجو من معالي وزير الداخلية الفاضل الأمر بالاسراع في انشاء 5 – 10 سجون حديثة وجديدة تقسم حسب طبيعتها، فلأصحاب المخالفات المرورية والجنح الصغيرة سجون ذات نوعية معينة يمكن حتى ان تسمح للسجين بقضاء النهار في عمله وبين اهله والعودة مساء لها كما يحدث في بعض الدول المتقدمة، ثم تتدرج السجون الى النوعية المتشددة المختصة بعتاة الاجرام ممن يجب ان يبعدوا عن السجناء الآخرين، بل حتى عن بعضهم البعض منعا للضرر، ان اكتظاظ السجون الحالي هو احد اسباب الاحكام المخففة الصادرة على بعض المجرمين وهو دواء أمرّ من الداء.

سامي النصف

الأحزاب والديموقراطية الخليجية الناشئة

وصلت من المطار بعد اجازة جميلة في روابي مصر مباشرة الى استديو اوربت للمشاركة في البرنامج المشوق «اوراق خليجية» الذي يقدمه الإعلامي الناجح محمد القحطاني، وكان النقاش حول قانون الأحزاب بمشاركة النائب الفاضل علي الراشد، وقد تباينا انا والأخ بوفيصل في الوسائل والاجتهادات وان اتفقنا على الرغبة الصادقة في خدمة الوطن.

مما طرحته في اللقاء ان تشكيل الاحزاب والوصول في النهاية الى شعبية الوزارة سيرسل رسالة خاطئة للدول الخليجية الاخرى واسرها الحاكمة، التي بدأت اولى خطوات الديموقراطية، بأن نهاية المسيرة تعني إبعاد تلك الاسر عن الحكم وترك الأمر للأحزاب كي تتصارع بوسائل غير سلمية كحال اغلب احزاب الدول العربية والاسلامية للوصول الى الحكم، مدمرة في طريقها عمليات التنمية في بلدانها للوصول الى ذلك الهدف.

كما بينت ان الحزبية وبعكس ما يقال لن تقضي على الممارسات السلبية التي تشهدها لعبتنا الديموقراطية من تخندق فئوي وقبلي وطائفي ونقل وشراء الاصوات… الخ، حيث ان تلك الامور قائمة هذه الايام على نطاق ضيق كما انها محاربة من السلطات، اما الحكومة الحزبية فلن تقوم بالقطع بمحاربة تلك السلبيات بل بتشجيعها وممارستها على اوسع نطاق وهو ما كان قائما في الحكومات الحزبية العربية التي اشتهرت بتزوير الانتخابات كي تبقى في الحكم الى الأبد.

ومما ذكرته في اللقاء ان اغلبية من يدعم إشهار الاحزاب يدعمها بغير علم حيث لم يطلع بشكل لصيق على التجربة الحزبية السيئة والمدمرة في العالم العربي بل والعالم الثالث، حيث تظهر الدراسات المختصة ان الأحزاب وصراعاتها وشقاقاتها وقياداتها المزمنة هي من ساهم بشكل كبير في تعطيل عمليات التنمية في الدول المبتلاة بحزبية العالم الثالث التي لن تكون حزبيتنا، للعلم، بعيدة عنها.

وقد أوضحت ان الحزبية هي انعكاس لواقع مجتمع، فإن كان المجتمع كحال الدول المتقدمة ليس مبتلى بالتخندقات والأمراض المختلفة ظهرت الحياة الحزبية سليمة، اما مجتمعاتنا المتخندقة فستعكس واقعها بالقطع على الاحزاب التي ستنشأ، بل وستقنن تلك الامراض كي تبقى الى الأبد، كذلك لن يكون هناك تبادل للسلطة أبدا في نظام الاحزاب، كحال الدول المتقدمة بل سيسخر الحزب الحاكم، كحال التجربة العربية، كل موارد الدولة واجهزتها الامنية للبقاء في السلطة الى الابد.

وتظهر التجربة الحزبية العربية التي لن نكون بعيدين عنها ترسخ مبدأ «الاستباحة» حيث ستستباح جميع الوزارات كما ستستباح الميزانية العامة للدولة من قبل الحزب الحاكم وستستخدم الاموال او ما تبقى منها لشراء رضا الأتباع وستتضرر الشرائح الصغيرة في المجتمع من كافة الفئات من غير المنتمين للحزب الحاكم وهذا ما كفر الشعوب العربية بالاحزاب وهو الكابوس لا الحلم الجميل القادم مع اشهار الاحزاب لدينا.

آخر محطة:
زرت بالأمس الشيخ ناصر صباح الأحمد وقد وجدت عنده جميع ألوان الطيف الاجتماعي والسياسي الكويتي، حيث يشعر الجميع بأن افراد الاسرة الحاكمة على بعد واحد منهم جميعا، لذا لا أرى حكمة او صحة لتعطيل ذلك الدور الهام واستبداله بخندقة حزبية لن ينتج عنها الا الشقاق والتناحر والافتراق والتحول تدريجيا الى مشروع «لبننة» او «عرقنة» او «كوتنة» قادمة!