سامي النصف

الساحر الذي رحل

فقدت الكويت برحيل الزميل والصديق د.أحمد الربعي جزءا من حكمتها فقد كان أبوقتيبة – رحمه الله – براغماتيا من الطراز الأول لا يكل ولا يمل من الدعوة للحوار والقبول بالرأي الآخر واخذ الأمور بمأخذ حسن، كما كان دائم الترويج للتفاؤل والإيمان بالمستقبل المشرق للكويت.

ويحسب لأبوقتيبة – رحمه الله – عدم تردده في الاعتراف بالخطأ متى ما حدث ومن ذلك تكراره القول إنه سعيد لعدم نجاح الثورة الماركسية التي انضم لها في ظفار في مقتبل حياته ومعروف ان الاعتراف بالخطأ هو إحدى خصال الرجال الكبار وقد كان الربعي واحدا منهم.

كما تميز د.الربعي بتواصله مع الناس جميعا وعدم مبادلة الإساءة بالإساءة، لذا لم يعرف عنه الرد قط على من يتعرض له بالقول أو المقال ولذا أحبه الأعداء قبل الأصدقاء والتقى على وده جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الكويتي وتلك نعمة – لمن يعلم – ما بعدها نعمة.

وقد كانت أروع ساعات أبوقتيبة وأجلها قاطبة عندما تصدى في حقبة ما بعد 91 لفيالق الإعلام الصدامي التي تروّج الوهم وتسوّق العدم فهزمها في كل أرض معركة فضائية أو صحافية التقاها مستغلا عقله وفكره وثقافته العالية مما جعله يحصد ثناء وحب الكويت قاطبة من حكام ومحكومين.

وقد امتلك الراحل الكبير شبكة علاقات واتصالات واسعة تمتد من الخليج الى المحيط وقد زاملته في أكثر من سفرة كما شاركته في أكثر من لقاء إعلامي وكانت ملاحظاتي له – رحمه الله – انه بحاجة لتقليل تلك الاتصالات التي كانت تجعل هاتفه النقال دائما في يده وكنت أذكره بأن الأخبار التي يلاحقها بشكل شخصي عبر الهاتف ستعلن بعد وقت قصير للجميع فليوفر على ذهنه وعقله تلك الملاحقات المرهقة.

كما كان – رحمه الله – شديد الحركة لا يمنح نفسه أو عقله الراحة اللازمة خاصة قبل اللقاءات الإعلامية بل يبدأ يومه منذ الصباح الباكر ويظل مستمرا في العمل دون انقطاع حتي موعد تلك اللقاءات الإعلامية الليلية التي يتجلى بها، ولا يعلم أحد من مشاهديه ومحبيه مقدار الإرهاق والتعب والضغط الذهني الذي يقاسيه لأجل إتمام تلك اللقاءات، رحم الله فارس الكويت وساحرها د.أحمد الربعي وغفر له وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا لله راجعون.

آخر محطة:
حال سفري منذ مدة دون اطلاعي وتأبيني لفارس آخر من فرسان الكويت هو العم المرحوم عبدالمحسن الزبن، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولآله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

سامي النصف

الخميس الأول من كل شهر

نحن اليوم في الخميس الأول من شهر مارس، وما لا يعلمه أبناء الجيل الجديد ان خلال الثلاثين عاما الممتدة من أوائل الأربعينيات حتى أواخر الستينيات كان الخميس الأول من كل شهر هو الموعد الذي يتوحد فيه العرب قاطبة من الخليج حتى المحيط لسماع حفل أم كلثوم الذي يمتد من الساعة العاشرة حتى الثانية عشرة مساء، وقد قيل كرد فعل على «نكسة 1967» ان أحد أسبابها هو حفلات أم كلثوم التي ادعي انها «تسطل» الناس مما تسبب في هزيمتهم! والحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك حيث لم يمنع الاستماع والاستمتاع بالفن الراقي، كالذي تقدمه «ثومة».

مع بداية الأربعينيات تعاملت الآنسة أم كلثوم المعروفة بذكائها الشديد وحبها للتغيير مع شاعر الشعب بيرم التونسي والملحن الأزهري الشيخ زكريا أحمد اللذين ابتدعا نظام الأغنية الطويلة وحفلات أول الشهر فكانت أغاني «أنا في انتظارك 1943» و«الآهات 1943» و«حبيبي يسعد أوقاته 1943» و«الأولة في الغرام 1944» و«أهل الهوى 1944» و«الأمل 1946» و«حلم 1946» وفيما بعد، وبعد زعل 13 عاما، أغنية «هو صحيح الهوى غلاب 1960» لبيرم التونسي وزكريا أحمد.

مقابل غناء أم كلثوم أزجال أحمد رامي وبيرم التونسي الشعبية السهلة، اختص منافسها محمد عبدالوهاب «مطرب الملوك والأمراء» بغناء قصائد وأشعار أمير الشعراء أحمد شوقي وغيره، لذا قام رياض السنباطي بنقلة نوعية لأم كلثوم عام 1946م عبر تلحينه قصائد لشوقي ورامي وغيرهما مثل «سلوا قلبي» و«نهج البردة» و«هلت ليالي القمر» و«غلبت اصالح» ثم روائعه «ياللي كان يشجيك أنيني 1949» و«سهران لوحدي 1950» و«جددت حبك ليه 1952» وأكمل ذلك بقصائد عدة كـ «رباعيات الخيام» و«أراك عصي الدمع» ثم أجمل أغاني أم كلثوم على الإطلاق ونعني «الأطلال» للدكتور إبراهيم ناجي.

في أواخر الخمسينيات، وكما تذكر الباحثة د.سهير عبدالفتاح، شعرت أم كلثوم بشيخوخة صوتها كما غلب «الرتم» الواحد على أغلب أغانيها وحفلاتها، لذا اتجهت لجيل الشباب وطلبت من بليغ حمدي الذي كانت في منتصف العشرينيات ان يلحن لها أغنية شبابية فكانت أغنية «حب إيه» وقد لحن لها قبل ذلك بسنتين أغنية وطنية هي «إنا فدائيون» واتجهت بعد ذلك لمحمد الموجي وسيد مكاوي.

وكانت أم كلثوم ترفض الغناء لمطربين وملحنين مشهورين، أمثال محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش، كونها تعتقد ان نجاح أي أغنية يقومون بتلحينها سينسب لهم لا لها، إلا انها قامت في سهرة خاصة عام 1944 بتقديم أغنية من كلمات كامل الشناوي ولحنها محمد عبدالوهاب كان مقطعها الأول يقول «لست أقوى على هواك ومالي أمل فيك فارفقي بخيالي» ولم تشتهر تلك الأغنية أو تذع، لذا اعتبرت أغنية «انت عمري 1964» أول أغنية تجمع العملاقين، وقد أساء عبدالوهاب كثيرا لأم كلثوم في أغانيه حيث «فرد عضلاته» الموسيقية في مقاطع تمتد لنصف ساعة قبل الأغنية، كما كشف المساحات السيئة في صوتها حيث جعلها للمرة الأولى تتنحنح في بعض المقاطع، رحم الله موحدة العرب الأولى السيدة أم كلثوم!

سامي النصف

الصحف الصُّفر تدمر مصر

أول ما نلحظه في الصحف الصفراء المصرية انها لا تخدم مصر ولا تراعي، على الإطلاق، المصلحة العامة، بل تتعمد كل صباح إحباط الشعب المصري كافة، فكل شيء خراب وكل المسؤولين فاسدون وكل المشاريع مسروقة رغم ان الواقع والحقائق الجلية يظهران الامور على العكس من ذلك تماما، فمصر في عهد مبارك تحولت الى ورشة عمل ضخمة وبات قطاع كبير من المصريين يمتلك ليس فقط سكنه بل سكنا آخر على الساحل الشمالي او على سواحل البحر الاحمر، كما تظهر ارقام عمليات شراء غير مسبوقة للسيارات والكماليات ووجود 30 مليون مواطن مصري يمتلك هواتف نقالة، ما يعني تكوين طبقة متوسطة واسعة لها مصلحة باستقرار مصر.

المؤسف ان تلك الصحف الرصيفية لا تقول الحقيقة، بل تعتمد كثيرا في عملية «صناعة الإحباط» على العنوان الكاذب الذي يقرؤه المارة ويتأثرون به وينسون انه دون فحوى او مضمون، والا فكيف نفسر على سبيل المثال «مانشيتا» على شاكلة «بالوثائق نظهر فساد بطانة الرئيس» وعندما تذهب القلة التي اشترت الجريدة للصفحات الداخلية تجد انها تتحدث عن كتاب اصدره البرغوثي، احد مرافقي «الرئيس» عرفات، ويتحدث فيه عن بطانة ابوعمار!

وما ان ينته نهار الإحباط لدى المواطن المصري حتى يبدأ ليل الإحباط الكبير، وذلك عبر البرامج الحوارية واسعة الانتشار على القنوات الخاصة والتي يعمل بها، حالها كحال الصحف المثيرة، كبار العاملين في الصحف القومية والتلفزيون الرسمي! وتعمد تلك البرامج الحوارية الى استضافة وجوه حانقة مؤججة متكررة الظهور، لها أنياب زرقاء مليئة بالسموم، وسحنة صفراء لا تبشر بالخير.

ويشرح الدكتور المختص علي هلال لمجلة روزاليوسف التأثير الخطير لعملية «الإحباط» المتكرر، تلك التي يروج لها الإعلام الخاص كل صباح ومساء، فيرى انها تولد شعوبا «عاجزة» لا تحقق شيئا ويرى ان الهدف مما تقوم به الفضائيات المدغدغة والصحف المدمرة خلق حالة يأس في النفوس يتولد عنها الفوضى والانفجار اللذان سيصيبان – لا سمح الله – القلب العربي الذي تمثله مصر في مقتل.

والأفلام المصرية كما راقبنا وشاهدنا هي عامل ثالث في نشر ثقافة اليأس والإحباط، حيث تروج أفلام الموجة الجديدة التي ابتدأت بـ «عمارة يعقوبيان» وانتهت بـ «طباخ الريّس»، الذي يعرض هذه الايام، ومرت على افلام كان لها انتشار شعبي كبير مثل «هي فوضى» و«حين ميسرة» لنفس ثقافة الانهيار والنهاية السوداوية، وكان الله في عون مصر من اعمال بعض ابنائها!

آخر محطة:
للمعلومة، عندما كانت اميركا وبريطانيا لا تمتلكان الا سلسلة او سلسلتين من المحلات الكبرى امثال هارودز وميسيس كانت مصر في الثلاثينيات والاربعينيات تمتلك العشرات من تلك المحلات امثال عمر افندي وشكوريل والصالون الاخضر.. الخ، وغفر الله لمن أممها في الستينيات وحولها الى خرائب.

سامي النصف

الكويتيون مدمنون!

كثير من أفراد الشعب الكويتي مدمنون بالفطرة على أمور ضارة وسالبة دون ان ينتبهوا، ومن ذلك إدمان البعض منا على الأخبار السيئة والنظرة السالبة والمقالات الرخيصة المدغدغة، فلا يسعد صباحه ولا يهنأ يومه حتى يتأكد هذا البعض عبر ما يقرؤه ويسمعه في الدواوين من ان البلد خاربة وان مستقبلنا – والعياذ بالله – «كحلي في كحلي» وكأننا بلد فقر ومجاعات لا بلد رفاه وحريات.

وأدمن بعض الرجال الكويتيين «الدواوين»، ففي الوقت الذي يشغل فيه غير الكويتي وقته في المساء بالعمل المثمر المدر للموارد المالية أو بتطوير ذاته وقدراته أو حتى البقاء مع عائلته ومتابعة أولاده نجد ان كثيرا من الكويتيين يضيع تلك الأوقات الثمينة بالجلوس في دواوين الهرج الذي لا ينفع، وبودنا ولأجل الكويت ألا يكتفى بإزالة الدواوين المخالفة بل ان تمتد الإزالة لكثير من الدواوين المصرحة وخاصة المشرعة أبوابها أغلب الليل لتجرع المخدرات أو لتلقي التعليمات عبر «اللاب توبات» من متطرفي الخارج.

ورغم انه لا «رهبنة» في الإسلام كما ان بعض الأديان الأخرى تفرض على من تريد التبتل والتفرغ للدين من النساء ألا تتزوج، إلا ان بعض النساء الكويتيات المتزوجات وغير المتزوجات أصبحن مدمنات كذلك فالبعض منهن تقضي جل أوقاتها في دروس الدين التي يفترض انها تعرفها جميعا فالحلال بيّن والحرام بيّن ولا وقت لديها بداهة للبيت والأولاد رغم ان رسول الأمة ( صلى الله عليه وسلم ) قد رفض مسلك من يصوم الدهر ويزهد في الدنيا، وبالطبع هناك مدمنات أخريات من الكويتيات لا يستطعن ترك الصديقات أو مفارقة المطاعم والأسواق، وكله في النهاية إدمان في إدمان.

ويدمن بعض الشباب وحتى الشابات عملية «السكن» في السيارات واللف بها طوال اليوم بدلا من استخدامها كوسيلة نقل من مكان الى آخر، فيتسبب هذا الفعل أو الإدمان في زحمة الشوارع ووفرة الحوادث وتعريض أرواح الأبرياء الآخرين للخطر، وكم بودنا لو خلقنا نظام كاميرات مراقبة دائمة للوصول «لمدمني الشوارع» وعلاجهم.

وأدمنت أسر كويتية حتى النخاع ظاهرة الخدم فلا عيش في الداخل أو حتى أثناء السفر دونهم في حين نجد ان أثرياء الدول المتقدمة يعمدون في «الويك اند» واثناء اجازاتهم السنوية لقطع الأخشاب بأيديهم في منتزهاتهم والطبخ والقيام بأمور البيت كنوع من التغيير وللحفاظ على الصحة العامة التي تتحسن بالنشاط البدني وتضار بالبقاء دون حراك، واذكر انني سألت أحد الأصدقاء، واسمه حمد، لماذا لا تغير جهة سفرك؟ فأجابني لقد جربت إلا أنني لم أجد هناك «كامل شوماخر» ويعني سائقه وخادمه الخاص الذي يقضي كل حوائجه في ذلك البلد الذي يزوره كل عام، ولله في خلقه شؤون!

آخر محطة:
1 – ويدمن كثير من الكويتيين رغم البدانة وتفشي أمراض السكر والقلب والضغط أكل العيش (الرز) ويعتقدون أنه لا عيش دونه.

2 – يطالب البعض برد جنسية سليمان بوغيث ولا يخبرنا إن كان حيا بعد ان اختفت أخباره، وما نعتقده من تخلص أصحابه من ذوي الأنياب السامة منه.

3 – ويطالب البعض بإبقاء الدواوين المخالفة ولا يقول ما الذي سيحدث لمن دمرت الجرافات ديوانه ومنشأته وأحقية ان نصبح الدولة «الفوضوية» الوحيدة في العالم التي تبيح الاستيلاء على الأراضي العامة للدولة.

سامي النصف

الرد الذكي على الإساءة للنبي ( صلى الله عليه وسلم )

قارئنا الكريم، أنت بالطبع شخص محترم تحرص على سمعتك ومكانتك بين الناس، فماذا يحدث لو كنت تسير في طريق فرعي لا أحد فيه وتعرض لك أحد الأطفال الأشقياء أو السفهاء أو الحقراء من البشر بالسباب والتهم الخارجة المسيئة، ثم انتهى ذلك الطريق الفرعي بطريق رئيسي يرتاده الكبار ومختلف أصناف البشر؟

أنت هنا أمام خيارين، كونك تعرف نفسك ومكانتك الراقية في النفوس وتعرف في الوقت ذاته مكانة ذلك الحقير أو السفيه أو المشبوه الذي يهدف من فعلته المتعمدة الى أن يشوّه سمعتك وينشر الإساءات التي اتهمك بها أمام أكبر عدد من الخلق ومن ثم يعطي لنفسه الشهرة والمكانة التي لا يستحقها بل لربما يستفيد ماليا من الفضوليين والرامين للمساس بمكانتك السامية.

الخيار الأول كما نراه هو أن تتعامل بذكاء وحكمة مع ذلك الفعل، وأعتقد شخصيا – وقد أكون بالطبع مخطئا – أن الحصافة تقتضي ألا توصله لمأربه ومراده وأن تعمد لإفشال مخططه عبر التجاهل التام له حتى تبقى إساءته محصورة في أضيق مساحة، أي السكة التي وقع بها الحدث ولا يعلم بها أحد، ومن ثم يتوقف آخرون في قلوبهم غل عن تكرار ذلك المسعى.

الخيار الثاني المتاح هو أن تبدأ بنشر تلك الإساءات على أكبر عدد ممكن من البشر بقصد إقناعهم بمعاقبة المسيء (الذي قد يرون أنه كان يمارس حريته حسب شرائعهم) ومن ثم تشيع فاحشة قوله وفعله بين الجموع دون ضرر عليه بل قد يصبح ليس فقط من المشاهير بل من الأثرياء كحال سلمان رشدي الذي لم تضره فتوى سفك دمه بل أصبح أكثر الكتاب شهرة وثراء في الغرب، وهل هناك من لا يعرف سلمان رشدي هذه الأيام؟!

وقد زاد الطين بلّة أن ردود أفعالنا – غير الذكية – انحصرت في كثير من الأحيان إما بالحرق والتدمير والقتل في أوطاننا عبر المظاهرات التي تمت أو التهديد بالاغتيال في أوطان الآخرين، ما أساء لسمعة الإسلام، كما أدى لتعرض المسلمين هناك لقطع أرزاقهم وتأكيد مقولة ان التطرف والإرهاب هما «القاعدة» لدى المسلمين وليسا الاستثناء.

وما قوى قناعاتي الشخصية بصحة اختيار طريق التجاهل هو تبني شخصيات منحرفة ومتطرفة كالظواهري وعطوان ومصطفى بكري ومحمد المسفر لخيار التأجيج والتشدد، فهل يعتقد شخص عاقل للحظة أن تلك الأسماء تهدف قط الى الخير والرفعة لصالح الأمة؟!

آخر محطة:
لا أفهم أن ينتقد أحد الكتّاب الأفاضل (خالد السلطان في الوطن) مجلس التأبين ويثني في المقال نفسه على المقبور أسعد التميمي الذي أيد صدام في احتلاله للكويت وكان «القابض» الأول لنشر أفكار الثورة الإيرانية بين الفلسطينيين في الثمانينيات، وهي الفترة التي استشهد بها الكاتب في ثنائه على أسعد التميمي.

سامي النصف

جذور مشكلة الولاء البديل

فور وقوع أحداث سبتمبر 2001 استضافنا برنامج الاتجاه المعاكس للحديث حول ما حدث، وكان الضيف الآخر هو النائب جمال حشمت من مصر وقد أظهرنا آنذاك فداحة الجرم وألقينا باللائمة على الإرهابي ابن لادن وما ان وصلت الكويت حتى سمعت عتبا شديدا من إخوة وأحبة كانوا موالين آنذاك لذلك الإرهابي ومنهم دكاترة وأطباء كنت أعتقد ان ألاعيب ذلك المنحرف لا تنطلي عليهم.

ومع انتهاء حرب صيف 2006 التي دمرت لبنان استضافنا كذلك برنامج الاتجاه المعاكس، وكان الضيف الآخر هو د.أنيس نقاش وقد ألقيت باللائمة على القرار غير المدروس وغير المتشاور فيه من الحزب المعني مع الحكومة الشرعية في لبنان كي تأخذ استعداداتها وقد تلا ذلك رد فعل مضاد من إخوة وأحبة آخرين مشابهة لرد فعل الأولين، وقد أظهرت الحادثتان ان هناك من يرتضي بطيبة نفس نقد وطنه وحكومة بلاده «الكويتية» إلا أنه ينتفض ويغضب ويثور عند المساس بشخصيات خارج الحدود لا تشاركه المواطنة.

إن السكوت عن الولاءات البديلة سواء ما هو مختص منها بما هو «فوق الوطن» أي الولاء لدول وقيادات وأحزاب خارجية او ما هو «دون الوطن» أي تقديم ولاء العائلة والطائفة والقبيلة على الولاء للوطن، هو خطر داهم سواء بسواء، فقد دمر نصف بلدان الإقليم بسبب الولاء الأول كحال لبنان والعراق وفلسطين، كما دمر النصف الآخر بسبب الولاء الثاني، والصومال وكينيا ورواندا دلالة أخرى على ما يحدث عند تقديم المصالح الصغيرة على مصلحة الوطن.

إن السكوت عن خالد العبيسان وكاتب قميء آخر يستخدم المنتديات والفضائيات لإظهار التعاطف مع صدام ومثله السكوت عن «المحرضين» على قتل وسفك دماء جنود ومواطني حلفائنا الموجودين على أرضنا – برضانا – لحماية وطننا، كان الشرارة الأولى التي أدت الى ما يحدث هذه الأيام، والمفروض ان يتفهم الجميع أن الحل هو رفض تلك الممارسات سواء بسواء، لا السكوت عنها حتى تستفحل الظاهرة وتحترق الكويت قربانا لأجندات ورغبات الآخرين.

في الوقت ذاته علينا ان نكف عن منهاجية الحروب «المستدامة» التي لا تنتهي، وقد تفرض علينا مصلحة الوطن أن تطفأ الأنوار على قضية مجلس التأبين مادامت قد وصلت للقضاء حتى نفوّت الفرصة على الأعداء ممن قد يكونون قد قصدوا وأرادوا تماما هذا الانشقاق الذي نساعدهم على تحقيق مآربهم بالنفخ في رماده كل صباح.

وعلينا ان نتوقف عن التعسف في العداء للولايات المتحدة واسرائيل، فتحت تلك الرايات الزائفة تختفي الوطنية ويشجع الانحراف والولاءات البديلة، ولنضع – كويتيا – في كفة ما قامت به الولايات المتحدة من دعم للتنمية وتدريس أبنائنا وشراء نفطنا بأغلى الأسعار والحفاظ على استثماراتنا وتحريرنا وإسقاط صدام، ولنضع مقابلها ما قام به الجاران العراق العربي وإيران الإسلامية من قتل وغزو وإرهاب وخطف طائرات وتفجير سفارات.. إلخ، ثم لنضع بالمثل – كويتيا – ما قامت به اسرائيل منذ نشأتها رغم محاربتنا لها وما قامت به المنظمات الفلسطينية المختلفة من إرهاب وتفجير وقتل للكويتيين في المقاهي والسفارات ودعم للغزاة، ولنقرر مع أي من الكفتين يفرض ولاؤنا للكويت ووطنيتنا ان نحافظ على عدم إظهار العداء له والحرص على صداقته؟!

آخر محطة:
لم أسمع أجبن ممن ينصحني قبل أي لقاء إعلامي بالقول «لا تدافعوا عن أميركا»، إذا لم ندافع عمن حررنا ومنع ان نصبح مشروع شعب مشرد آخر، فعمّن ندافع إذن؟! شاهت الوجوه!

سامي النصف

حين مسخرة!

الا فيما ندر، ليست هناك مهنة طاهرة ومهنة غير ذلك، هناك ممارسون سيئون يقابلهم ممارسون شرفاء لكل المهن، فقد طالت السمعة غير الطيبة في وقت من الاوقات القضاة والمحامين والاطباء والطيارين والممثلين والاعلاميين والمطربين ..الخ، وقد اثبتت الايام كذب ذلك المنحى التعميمي وتحررت جميع تلك المهن من السمعة السالبة التي احاطت بها في وقت من الاوقات.

لذا لا صحة على الاطلاق للاعتقاد بأن السينما او المسرح يتسببان في فساد اخلاق الشباب، وعليه نرجو ان نلحظ نهضة مسرحية قريبة واقبالا متزايدا على دور السينما، كي تقضي العائلات «مجتمعة» اوقاتا سعيدة بدلا من انصراف الرجال للدواوين (القابلة للإزالة) والنساء للأسواق والزيارات النسائية بعيدا عن الازواج والابناء.

وقد اضر المتشددون من ناحية بالسينما وبمعارض الكتاب عبر الرقابة الصارمة عليها، كما اضر الليبراليون بدورهم بها عبر اشاعتهم انه لا جدوى من زيارة معارض الكتاب ودور السينما بسبب تلك الرقابة، ما تسبب في هجرة الجمهور لها في وقت يفترض ان يحببوا الناس في زيارة تلك الانشطة.

ويمكن لشركة السينما ان تطالب بأن تكون الرقابة على الافلام لاحقة لا سابقة، كحال الصحف التي لا يمنعها احد من نشر ما تريد إلا ان معرفتها بالمحاسبة اللاحقة تجعلها تلتزم بالقوانين المرعية، او بالمقابل ان تقوم شركة السينما بعملية الرقابة والتقطيع المحترف للأفلام، ثم ترسلها اجرائيا للرقابة للتصديق عليها، ويمكن للشركة كذلك ان تراسل اتحاد السينمائيين في هوليوود لشرح طبيعة ومستلزمات الرقابة في الدول الاسلامية وغيرها، وضرورة ألا تدور احاديث مؤثرة في احداث الفيلم ابان اللحظات الحميمة التي ستُقطع على الارجح في بعض تلك الدول.

كما أعتقد ان على شركة السينما، كي تشجع حضور مزيد من الجمهور للأفلام، ان تقوم بعمل تخفيضات للعروض النهارية ابان ايام العمل، كما هو الحال في الدول الاخرى، والامر كذلك في بعض دور السينما التي لا تلقى عادة اقبالا عليها، فخير للشركة – ماليا – ان تمتلئ صالة العرض بنصف السعر من ان يبدأ العرض والصالة شبه خالية.

آخر محطة:
حضرت في القاهرة فيلم «حين ميسرة» وقد كانت دار العرض ممتلئة بالاطفال الصغار رغم ان الفيلم للكبار فقط، وقد سمعت احدهم يقول لوالده بعد انتهاء العرض «الفيلم ده مش حين ميسرة، ده لازم يسموه حين مسخرة»!

سامي النصف

لماذا على الإسلاميين دعم الحكومات الليبرالية؟

السبب الأول هو ان الحكومات العلمانية العربية والاسلامية هي السبب الاول في ظاهرة تحول شعوبنا الى التوجه الاسلامي والعكس بالطبع صحيح فأكبر سبب لعلمنة الشعوب هو اسلمة الحكومات ومن يلقي نظرة على شعوب الدول العلمانية العربية سيجد انها وصلت الى درجة من الالتزام الديني، مما كان من الاستحالة ان يتم لو تعاقبت خلال نصف القرن الماضي حكومات اسلامية على تلك الدول.

السبب الآخر هو ان دولنا العربية والاسلامية مهددة بخطر حقيقي هو انشطار وانفصال الاقليات الدينية والطائفية ولا شك في ان وصول حكومات ذات صبغة دينية محددة سيثير اصحاب الديانات والمذاهب الأخرى ممن سيصبح من الاستحالة قمعهم في ظل النظام العالمي الجديد وقد يكون من مصلحتهم وجود حكومات ليبرالية او علمانية ذات مسافة واحدة من الجميع تمنح الطمأنينة لتلك الأقليات.

إن الحكومات العلمانية المتعاقبة هي من يحتمل لوم الشعوب على معاناتها المعيشية ولو وصلت التيارات الاسلامية عبر الديموقراطية لمواقع المسؤولية فستبقى المعاناة التي هي في كثير من الاحيان من صنع شعوبنا التي لا تهتم كثيرا بالتعليم او التدريب او اتقان العمل بل تضيف الى هذا كله تزايدا سكانيا رهيبا على الموارد نفسها وقد تزداد الامور سوءا بسبب هجرة السائحين والمستثمرين من بعض تلك الدول وهل شاهد احد سياحة في افغانستان ابان حكم طالبان او ايران او السودان؟! وبالطبع سيتحول اللوم التاريخي من الحكومات العلمانية الى الاسلامية.

وفي ظل الحكومات العلمانية يتوجه الاسلاميون عادة وبسبب القمع الى القطاع الخاص كحال اليهود في اوروبا بالسابق واصحاب الاصول الصينية في اندونيسيا وماليزيا ومن ثم يصبحون قوة ذات فاعلية غير محدودة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الدول وقد لاحظت شخصيا ان احد اسباب نجاح التوجه الاسلامي في مصر هو سيطرة الاسلاميين على المنشآت الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، ما جعل الشباب والعاملين بها يتبعون ذلك النهج ولو تحولت الحكومات الى الاسلامية لأصبح الاقتصاد في يد العلمانيين والليبراليين.

أخيرا يقال ان الشعب الايراني كان في ايام الشاه يصوم بالسر ويدعي جهرا افطاره اما في الحكم الاسلامي اللاحق فقد اصبح يفطر بالسر ويدعي علنا صيامه ولا شك في ان رمزية تلك القصة تشير الى ان من الافضل من الناحية الدينية البحتة ان يصوم الشعب حتى لو ادعى كذبا افطاره من العكس.

آخر محطة:
هل ستعمل احدى الدول لإعادة حقبة الثمانينيات عبر تفعيل عناصر مخابراتها في الداخل والخارج لإيذاء الكويت؟! نرجو الحذر الشديد خلال الفترة المقبلة والعمل على تعزيز الروح الوطنية لدى الشباب، فالكويت أولا وأخيرا!

سامي النصف

الغزاة العرب والإسلاميون

ابتلي الوطن العربي منذ عام 1952 بظاهرة «الغزاة العرب» أي الحكام الثوريين ممن يعاملون الدول التي تبتلى بحكمهم معاملة الغازي للدولة المحتلة، فيتم قطع رقاب الابرياء من الشعوب ونصب المشانق وفتح السجون وبث الجواسيس واذلال الاحرار ونهب الثروات، ولا شك في ان صدام حسين قد غزا واحتل ارض الرافدين قبل أن يغزو ويحتل الكويت.

وقد أصدر قبل مدة الكاتب المصري المخضرم جميل عارف كتابا عنوانه «من سرق مجوهرات أسرة محمد علي؟» أظهر فيه بالوقائع والوثائق والشهود كيف سرق رجال الانقلاب العسكري قصور أسرة محمد علي حال سقوط الملكية وتراوح النهب ما بين الاستيلاء على قصور وأطيان بأكملها وسرقة 11247 قطعة ذهب وألماس وأحجار كريمة لا تقدر بثمن، تنافس على استباحتها بعض اعضاء مجلس قيادة الثورة ومعهم من ائتمنوا على حصرها وتدوينها والحفاظ عليها، فقام البعض منهم بوضعها في الجيوب والبعض الآخر قام حتى بابتلاعها.

ولم يبرئ الشهود الذين قابلهم الكاتب، ومنهم مسؤولو الديوان الملكي وفيما بعد الجمهوري كصلاح الشاهد، الرئيس عبدالناصر من تلك الجريمة التاريخية الشنعاء، فالبعض من تلك الثروات اعتاد الرئيس الراحل اهداءه للزائرين الرسميين وغير الرسميين والبعض الآخر بيع بأبخس الاثمان لشراء المعدات العسكرية التي ضربت في حرب 1967، ويذكر جميل عارف ما حدث لقصور ومجوهرات الملوك في الدول الاخرى الممتدة من الصين حتى تركيا وأوروبا، والتي تحولت الى متاحف تجلب ملايين السائحين ومليارات الدولارات للدول المعنية.

وتمر علينا هذه الايام الذكرى الخمسون لقيام الوحدة بين مصر وسورية (22/2/1958) وقد قام النظام الثوري في مصر آنذاك بنقل ثقافة الغزو والنهب الى سورية التي وافق 99.99% من شعبها على الوحدة – حسب الاستفتاءات المزيفة – ففتح ابواب السجون للاحرار وسلط وزير الداخلية عبدالحميد السراج (السلطان الاحمر) على رقاب السوريين فإذا بخصومه وكل من وقف في طريقه من شيوعيين وقوميين واخوان في أحواض الاحماض الحارقة، وقد انتفض الشعب السوري على الغزاة الثوريين ففصم عرى الضم في سبتمبر 1961.

وحول النظام الثوري في القاهرة آنذاك عسكره وطغاته الى اليمن بعد انقلاب سبتمبر 1962 على الامير المثقف البدر حيث تمت سرقة ثروات مصر واليمن معا، وتم سجن رئيس الجمهورية اليمنية في الاسكندرية، كما صدرت الاوامر بسفر كامل اعضاء مجلس قيادة الثورة (أو الثروة) اليمني الى القاهرة، حيث احيلوا من المطار الى السجن ومنعوا من الذهاب الى المراحيض، فقال العمري آنذاك: كنا نطالب بحرية القول ابان الملكية فأصبحنا نطالب بحرية البول في عهد الجمهورية.

أخيرا، ان التهليل للطغاة الثوريين بالأمس هو من شجع صدام على قمع شعبه وغزو جيرانه، ولاشك في ان الاستمرار في التهليل والتطبيل لحكم الثوريات المجنونة في المنطقة هو ما سيشجعهم كما شجع من قبلهم على المزيد من قمع شعوبهم واستباحة واضاعة ثرواتهم، ثم شغلهم بحروب وغزوات الخارج، فهل يتعظ ابناء وطني من اخطاء الماضي؟ نرجو ذلك!

سامي النصف

«الفسيخ والشربات» في قضية مغنية

تمتاز الامم الحية والشعوب المتقدمة بقدرتها على تحويل «الفسيخ» او الشيء السيئ الى «شربات» حلو المذاق، ومن ذلك كيف حولت اميركا انهيارها الاقتصادي الكبير عام 1929 الى مشروع «الاتفاق الجديد» الذي جعل منها ورشة عمل، والحال كذلك مع المانيا واليابان اللتين احالتا دمارهما الى نهضة اقتصادية علمية غير مسبوقة، بالمقابل استطاعت الانظمة الثورية العربية والاسلامية في مسارها المعاكس ان تحيل دولا يفترض فيها ان تكون الاكثر انجازا وثراء وقدرة الى دول فقر وهزائم وبطالة ومجاعات.

ان بامكاننا ان نحول «فسيخ» التأبين الى «شربات» نشربه هذه الايام ونحن نحتفل بأعيادنا القومية عبر إحياء الروح الوطنية لدى شعبنا الكويتي من سنة وشيعة بعد ان فرقتنا الخلافات المستدامة والازمات السياسية المتلاحقة، وهو ما سيوقف استقطاب قوى التطرف والارهاب وقيادات المخيمات القتالية للشباب الكويتي من مختلف المذاهب.

كما استطاعت تلك الازمة ان تذكرنا بان الكويت هي الوطن النهائي للجميع، وان علينا رفض ولفظ اي ولاء آخر غير الولاء للكويت المعطاء التي تمتد حدودها من العبدلي شمالا حتى النويصيب جنوبا والتي عاب علينا احد الكتاب ذات مرة، في مقال معلن ومنشور! ان ولاءنا لها لا يزيد على تلك المساحة في وقت كان يفاخر بان ولاءه يمتد من مقاتلي قاعدة طالبان شرقا حتى مفجري السعودية جنوبا وقاطعي الرقاب في العراق شمالا الى انتحاريي فلسطين غربا، اي ان ذلك الزميل قد احال «شرباتنا» (ولاءنا الوطني) الى «فسيخ»، و«فسيخه» (ولاءه البديل) الى «شربات»، وكم هانت الوطنية والكويت معها آنذاك.

ومن «شربات» ما حدث الدور الريادي والقيادي الفاعل للمسؤولين في الدولة، فلا مهادنة ولا مجاملة لمن يريد تهديد امن البلاد وغرس بذرة الخلاف بين الكويتيين، كما اختفت هذه الايام الانقسامات المناطقية السيئة التي شهدناها في الفترة الاخيرة والتي نرجو الا تستبدل بأنواع اخرى من الانقسامات بين ابناء الوطن الواحد.

واحدى كبرى فوائد ما حصل تنبه الجميع الى ان هناك قوى خارجية لديها اجندات خفية غير معلنة تقصد من خلالها تحويل الكويت الى ساحة صراع اخرى لها – كحال العراق ولبنان وفلسطين – مع القوى الدولية تحت الرايات المدغدغة المعتادة، اي تحرير القدس ومحاربة اميركا واسرائيل.. الخ، واتت الازمة لتكشف بصورة جلية تلك المخططات الموجهة نحو بلدنا والا فلماذا تفردت الكويت دون غيرها من الدول باقامة ذلك التأبين؟!

آخر محطة:
حان الوقت لأن يسدل الستار وتطفأ الاضواء على تلك القضية تاركين المجال لرجال السلطات الثلاث للتعامل الحكيم معها بعيدا عن اضواء الابهار الاعلامي.