سامي النصف

وما الذي أسقطه الحل؟

أول الأمور التي أسقطها حل الأربعاء الماضي أكذوبة وأسطورة مقولة «الحل غير الدستوري» المتكررة، فقد اتضح بما لا يقبل الشك أن القيادة السياسية في عهد صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد تلعب فقط من خلال الدستور وليس خارجه، ومن نافلة القول ان الزمن لو عاد لكان حل مجلسي 76 و86 دستوريا حيث لم ينجز الحل غير الدستوري شيئا بل أصبح شماعة و«خيال مآتة» وقميص عثمان جديدا يتباكى حوله المتباكون بدموع التماسيح على الديموقراطية محاولين صرف الأنظار عن أخطائهم الجسيمة في حق الوطن والدستور و..الديموقراطية.

وينبني على هذا المعطى الذي أكده سموه في اكثر من خطاب سياسي ولقاء إعلامي معلن ومكتوب ان تسقط إلى الأبد نظريات «التآمر على الدستور» و«تفريغ الدستور من مضمونه» واسطوانة «الحل غير الدستوري» المشروخة والمتكررة والترشح تحت شعار غير مسبوق في الديموقراطيات الاخرى وهو «الحفاظ على الدستور».. الخ.

إن الدستور الكويتي واحترامه أمر باق إلى الأبد وقد التزمت به القيادة السياسية قولا وفعلا، فليتم إخراجه كذلك إلى الأبد من المخيمات والندوات الانتخابية المقبلة، وليستبدل بالتركيز على برامج ومشاريع تمس متطلبات الشعب الكويتي قاطبة من تعليم وصحة وتوظيف واسكان وأمن ونهج أمثل لصرف مدخراته المالية التي ضاعت جميعا في خضم الازمات السياسية الطاحنة الممجوجة.

ومما أسقطه الحل الدستوري منهاجية الغوغائية في القول والعمل والتطاول بالألفاظ النابية على المسؤولين والانحدار بمستوى الخطاب اللفظي والسياسي، والتي امتدت حتى الى المواطنين، حيث يلحظ المراقبون كثرة ووفرة الدعاوى القضائية المقامة على بعض النواب ممن يستغلون الحصانة النيابية التي لم تخلق قط لمثل تلك التعديات على الآخرين، وقد أتى الحل ليقول باسم الشعب الكويتي كافة: «كفى»، فلن يسمح بخروج اللعبة السياسية عن اطارها السليم والصحيح، ولن تصبح الديموقراطية الكويتية العريقة «القدوة السيئة» للديموقراطيات الناشئة المقبلة للمنطقة.

وقد أسقط الحل منهاجية إساءة الظن بالآخرين وعرقلة مشاريع الدولة الهادفة لخدمة المواطنين وإخراج الاستجوابات عن مقاصدها الخيّرة واستهداف المسؤولين على هوياتهم لا إنجازاتهم، ومحاولة تقديم مصلحة النائب الشخصية وإبراز نفسه اعلاميا وانتخابيا على مصلحة الوطن، وكم من مكاسب للشعب الكويتي حصدتها طلقة الاربعاء الصائبة!

آخر محطة:
وفت وكفت وزارة الإعلام بشقيها التلفزيوني والإذاعي في تغطية الاحداث المتلاحقة وقد دعمها في هذا النهج الإعلامي المحلي الخاص المرئي والمقروء فلم يحتج احد لمتابعة الأخبار من الخارج.

سامي النصف

من إذا قال فعل!

في خطاب صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله الذي افتتح به دور الانعقاد الثالث لمجلس الامة أواخر شهر اكتوبر الماضي كثير من التوصيات والنصائح والتوجيهات السامية التي لو تم الاستماع لها لما وصل الوضع السياسي في البلد الى ما وصل اليه الاسبوع الماضي، والذي انتهى بالحل الدستوري الذي أفرح الناس.

فنقرأ ضمن سطور ذلك الخطاب المهم الموجه الى نواب الأمة الافاضل ما نصه: «ضرورة العمل بأسلوب يدعو الى احترام الآراء وحسن الظن بالآخرين، والعمل على توحيد الصفوف في اطار التعاون واحترام الدستور، فقد أولاكم الشعب الكويتي ثقته حين اختاركم ممثلين له لتحققوا طموحاته وآماله، نحن وطن يسوده الأمن والأمان والعدالة، ولا يجوز لمن أنيط بهم الحفاظ على الدستور والقوانين تجاوزها».

ويستطرد سموه في القول «إخواني، ان التعاون بين السلطتين واجب دستوري ومطلب وطني، ومن الاهمية لتحقيق التعاون المطلوب أن تكون الحدود بين السلطات واضحة، وأن تلتزم كل سلطة حدودها الدستورية، فلا يجوز لأي سلطة أن تتجاوز على اختصاصات السلطة الاخرى، وحماية الدستور تكون بالالتزام بأحكامه في القول والعمل، وما شهدناه من خلاف وتجريح واختلاق لأزمات وفتن تعصف بوحدتنا الوطنية، إنما كان نتيجة لعدم احترام النصوص الدستورية وتجاوز الصلاحيات الواردة فيه».

وعن إحباط الشعب الكويتي بسبب ما يدور تحت قبة البرلمان من أزمات ومهاترات وتجريح للمسؤولين مما أدى الى ما لاحظه المراقبون السياسيون من دعم شعبي واضح وصريح لقرار الحل الاسبوع الماضي، أتى ذلك في الخطاب المهم ما نصه: «لقد شعر أبناء وطنكم وهم يتابعون أعمال مجلسكم الموقر بالكثير من المرارة والاحباط نتيجة لانعدام التعاون وافتعال الازمات وتواضع الانجازات، فحددوا أولوياتكم وقدموا الافعال على الاقوال، فما أضر الامم أكثر من الجدل وقلة العمل، ولتكن انجازاتنا أكثر من طموحاتنا وتحقيق المصلحة العامة هو غايتنا وهدفنا».

وفيما يخص وحدتنا الوطنية: «إن وطنكم يمر بتحديات عظيمة في الداخل والخارج، وهو بحاجة الى تماسك أبنائه ووحدة صفه وتلاحم مجتمعه، وترسيخ مبدأ الولاء الوطني بين فئاته والابتعاد عن كل ما من شأنه بث روح الفرقة والوقوف بحزم امام من يحاول النيل من وحدته الوطنية، وعلينا أن ندرك ما تصاب به الامم حينما يكون بأسها بين ابنائها شديدا، وعلينا جميعا أن نحفظ أمنه واستقراره».

إن خطاب الحل يوم الاربعاء الماضي أتى من قائد اذا ما قال فعل، ولم يخرج الخطاب الأخير عما اشار اليه سموه وحذر منه في خطاب خريف 2007 فليت البعض سمع وعمل آنذاك بتلك التوجيهات والنصائح الابوية التي كانت انعكاسا مخلصا لنبض الشارع الكويتي ورغباته، لقد خرج سيف الحسم والحزم والحل الدستوري من غمده، ولن يرجع حتى تستقيم الأمور، هذه المرة وكل مرة.

سامي النصف

شمس الحل الدستوري

سيأتى قرار الحل الدستوري الذي سيصدره سمو أمير البلاد ليبدد الإشاعات والأقاويل المغرضة التي يقف خلفها من لا يرضى حتى يخرب البلد ويجلس على تلته، ان شمس الحل الدستوري سيتكرر سطوعها مستقبلا في كل مرة يختطف فيها البلد من قبل المزايدين والمدغدغين والآباء الشرعيين للأزمات السياسية المتتالية المعرقلة لمصالح الشعب والمعطلة للتنمية في البلد.

وبعد الحل يأتي دورنا جميعا كمواطنين وناخبين وضرورة الحرص على اختيار الأكفاء والأمناء ومن لا يتسببون في الأزمات السياسية ولا يتكسبون منها، تلك الأزمات المدمرة المتلاحقة التي تعرقل انفتاحنا وتحولنا الى مركز مالي مرموق في المنطقة، لذا فلنحسن الاختيار هذه المرة بعيدا عن التخندقات والتعصبات والسير خلف من يسودون الصورة أمامنا لإظهار أنفسهم بمظهر الأبطال العظام المنقذين.

وقد استضافنا ليلة أمس تلفزيون الكويت للحديث عن الاشكال القائم ووسائل حله وكانت الإجابة هي ان على وسائل إعلامنا الخاصة والعامة وكذلك مدارسنا وجامعاتنا ان تساهم في خلق ثقافة سياسية جديدة تغلّب العقل والحكمة والمنطق وقلة الانفعال أمام الأحداث، ومن ثم تغيير الموروثات الماضية التي توصل للبرلمان عادة الأكثر غضبا وتأزما بدلا من الأكثر حكمة واتزانا فالأوطان تعمر بالهدوء والسكينة وتدمر بالاختلاف والشقاق وافتراض سوء النوايا طوال الوقت.

وكانت وجهة نظر الضيف الآخر وهو دكتور علوم سياسية وكاتب صحافي ان الاشكالات السياسية ستبقى مادامت الكويت تفتقد الأحزاب والأكثرية البرلمانية، مقابل ذلك المنطق كانت وجهة نظري ان تلك الوصفة ليست حلا على الإطلاق حيث ان حكومات دول كلبنان والعراق والصومال وغيرها تملك الأحزاب والأكثرية البرلمانية إلا أن تلك الوصفة ودون الثقافة السياسية الجديدة المستحقة التي نطالب بها لم تحل شيئا على الإطلاق.

ومثل تلك الوصفة الخاطئة من يرى ان الحل يكمن بالإتيان برئيس وزراء شعبي والحقيقة كالعادة أبعد ما تكون عن تلك الوصفة فجميع الأزمات والمشاكل والاستجوابات التي مررنا بها ما كان لها ان تختفي لو كان «زيد» الشعبي هو من يتقلد رئاسة الوزراء، إذا لم نقل العكس، وان تلك الأزمات كان بإمكانها ان تستفحل وتشل البلد عبر استهداف المستجوبين رئاسة الحكومة بالاستجوابات المتتالية، نريد حلولا لا خيارات تزيد من حدة الاشكالات!

آخر محطة:
(1) الميزة الوحيدة لاختيار رئيس وزراء شعبي هي سحب البساط وكشف حقيقة ان ذلك الخيار لا يغير شيئا كحال تغيير الدوائر الذي «توهق» به هذه الأيام من دعا إليه بالأمس.

(2) في خضم ووسط تلك الأحداث الجسام وغيرها هل وكالة «كونا» للأنباء موجودة لإطلاع المواطنين على آخر الأخبار منعا للاشاعات؟ الحقيقة لا يشعر أحد بوجودها!

سامي النصف

ديموقراطية المصباح السحري

قدمت الحكومة استقالتها المسببة، والسؤال الذي يدور على كل لسان هو هل الحل بالحل؟! في البدء علينا تذكر حقيقة ان عملية تغيير الوزارة والوزراء قد جربت اكثر من مرة ولم تؤد بنا الا الى المزيد من الازمات والاستجوابات المتتالية التي اعاقت التنمية في البلد وتسببت في تخلفنا عن الجيران.

ففور ظهور نتائج انتخابات صيف 2006 وتشكيل الوزارة الجديدة آنذاك، قيل انها وزارة اصلاحية يقابلها مجلس اصلاحي، لذا ظن الجميع ان شهر العسل بين السلطتين سيستمر اربع سنوات (على الاقل) كي يتفرغ البلد خلالها لبناه الاساسية والتحول للمركز الاقليمي، الا ان الظن خاب وبدأت على الفور سلسلة استجوابات وازمات سياسية شديدة لم يشهد مثلها الشارع السياسي الكويتي من قبل.

وعلى الوجه الآخر للعملة تسببت الانتخابات البرلمانية السابقة في تغيير 40% من اعضاء المجلس، اي ما يقارب النصف، ومع ذلك لم تتوقف الازمات والاستجوابات، مما يعني ان حل اشكالات لعبتنا السياسية المتصلة منذ نصف قرن لا يكمن فقط بتغيير الوجوه الذي يسأل عنه الشعب الكويتي، بل يكمن بتغيير الثقافات السياسية الخاطئة في المقام الاول واستنباط حلول واقعية وعملية لكل اشكال مررنا به على حدة.

ان تجربة 50 عاما من الديموقراطية قد تعني بشكل عام تجربة عام سيئة مضروبة بخمسين، فمازلنا بعد مرور نصف قرن على بدء العملية السياسية نراوح مكاننا ومازلنا نعيش علاقة مريضة ومهينة في بعض الاحيان بين الناخب والنائب والوزير.

والناخب في الكويت يتقدم بطلبات لا مثيل لها في الديموقراطيات الاخرى منذ بدء التاريخ حتى اليوم كالمطالبة باسقاط القروض والموافقة على تقنين عمليات الاستيلاء على الاراضي العامة وعدم الرغبة بدفع فواتير الكهرباء والماء الخ، والنائب بالمقابل يتبنى تلك المطالب غيرالعقلانية ويهدد الحكومة والوزراء بالاستجواب والاسقاط اذا لم يتم التجاوب مع تلك المطالب الفريدة المخالفة للقانون في وقت يفترض فيه ان يكون دور النائب هو محاسبة الحكومة لو سكتت عن التجاوزات لا عندما ترغب في ازالتها.

اننا بحاجة لخلق ثقافة سياسية واعية لدى الناخب وراقية لدى النائب، خاصة في مفردات تعامله مع الوزراء، فيتوقف الاول (الناخب) عن التقدم بطلبات لا مثيل لها في الكون تحرج النواب، كما يتوقف الثاني (النائب) عن ترديد مقولة جني مصباح علاء الدين للناخب اي «شبيك لبيك، عبدك بين يديك، اطلب تجب ومن يعارض رغباتك سنكسر رأسه»!

ان علينا ان نجعل مكتب المجلس المنتخب قيما وقائما على الاستجوابات والاسئلة البرلمانية بعد ان خرجت عن مسارها الصحيح واصبحت وسيلة للتكسب والتنفع الشخصي، كما يجب على امانة المجلس خلق دورات تدريب للنواب وحتى الوزراء الجدد قبل بداية الفصل التشريعي كما هو الحال في الكونغرس الاميركي والبرلمانات المتقدمة، ويمكن للامانة توفير نوعية معينة من المستشارين والسكرتارية المؤهلين لكل نائب كأن يكونون مختصين بالتشريع والاقتصاد والسياسة والاعلام والصحة والبيئة الخ، فأداء النواب في جميع انحاء العالم مرتبط بشكل وثيق بأداء الفريق الذي يعمل معهم.

سامي النصف

الفوضى على أعتاب القرن 21

النفط 110 دولارات، الذهب يقارب الألف دولار للأونصة في سعر تاريخي، والحال كذلك مع القمح والذرة والأرز التي تضاعفت أسعارها وأصبح حال العالم المتقدم مع العالم المتخلف أشبه بلعبة عض الاصابع الدامية فالغرب يؤلمه الغلاء الذي اصاب العالم، الا انه قادر على التحمل، اما دول الجنوب فمهددة بفوضى سياسية وأمنية لا تبقي ولا تذر على معطى الغلاء الاقتصادي الذي أجاع الجائعين وأساء لعيش البائسين، ما بات يهدد بعشرات الانفجارات الأمنية في كثير من الدول الفقيرة والمكتظة بالسكان.

وإن كانت هناك فائدة وحيدة للغلاء الفاحش والكافر فهي إظهاره الحاجة الماسة لتحديد النسل في دول العالم الثالث البائس، ويرى البعض ان مشاكل كثرة «الخلفة» مسؤول عنها في النهاية رب الأسرة المعنية، والحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، فالأبناء الزائدون عن الحاجة يمتصون الأموال العامة التي تتكفل بعلاجهم وتدريسهم وتوظيفهم والصرف عليهم حال سجنهم (!) ومن ثم تمتص غلطات الآباء خيرات البلدان التي يجب ان تصرف على الجميع.

إن الوجه الآخر لإزالة التعديات والمخالفات في الكويت يعني تحديد الآباء لعدد الأبناء، فلا يوجد بيت في بلدنا مهما صغر لا يحتوي على 4 – 5 غرف نوم، والواجب ان يكتفي الجميع بهذا العدد الوافي لخلق اسر صغيرة سعيدة يتم الاعتناء بتربية ودراسة ابنائها والصرف عليهم لتطوير ادائهم بما ينفعهم وينفع المجتمع، لا أن يستمتع الآباء بالزيجات المتعددة ثم يضطروا للتعدي على املاك الدولة التي يملكها الشعب كافة لإيجاد مأوى للأعداد المتزايدة من الأبناء.

إن الأمم المتقدمة تخطط لمزيد من الرفاه عبر توزيع ثرواتها المتعاظمة على اعداد متناقصة من السكان، بينما تخطط الدول المتخلفة والفقيرة للمزيد من الفقر والتخلف عبر الزيادات الكوارثية في السكان ثم تلقي باللائمة بعد ذلك في معاناتها المعيشية على حكوماتها القائمة، وكان الله في عون حكومات العالم الثالث على شعوبها التي لا تكتفي من الحنّة والرّنة والشّنة.

آخر محطة:
استمعت لخطاب قائد ثوري «بترولي» قال فيه انهم فشلوا خلال 40 عاما من حكمه المجيد والمديد في صرف عوائد البترول بطريقة صحيحة على الشعب، لذا قرر «نيافته» توزيع عوائد البترول بالتساوي بين الناس بدءا من العام المقبل، حيث سيحصل كل مواطن، حسب قوله، على 20 الف دولار شهريا، اي ان كل عائلة في بلده ستحصد ما معدله 120 الف دولار في الشهر، ومما لاحظته ان احدا لم يصفق او يبتهج بتلك المقولة او البشارة التي ثبت تكرارها كل عام في العقدين الماضيين، والمستغرب ان الخطاب الجاد لم يتم إلقاؤه في… بداية شهر ابريل! عجيبة!

سامي النصف

حوار مع صديق

العزاء الحار لآل العبدالهادي الكرام في فقيدهم الكبير المرحوم عبدالله يوسف العبدالهادي رجل الخير والبر والإحسان ممن لا تعرف يمينه ما تنفقه شماله، فللفقيد الرحمة والمغفرة، ولأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

لم يكن الأمر يحتاج من العم الفاضل علي المتروك أو الصديق عماد بوخمسين الى بيان أو إيضاح حول موقفهما الوطني المعروف من الأحداث الجارية فحبهما لبلدهما لا يحوجهما لشهادة من أحد، والشمس لا يغطيها «منخال»، والعارف بالأمور لا يعرّف، وحفظ الله الكويت من كل مكروه.

لي صديق عزيز يدعى بوعزيز، جلست بالأمس أتحاور معه حول ما جرى في الفترة الأخيرة، وقد بادرني بالقول ان الأحداث أظهرت حاجتنا الشديدة للحكمة والحكماء في البلد، وكان تعليقي بالموافقة التامة على ما قاله، وان الحكمة التي لا غنى للأوطان عنها هي كالمعادن النفيسة من ذهب وألماس، تظهر وتتلألأ عندما تسخن الأجواء وتتأجج النيران.

واستطرد الصديق بالقول ان حزب الله في الكويت كان تجمعا صغيرا قد تكون الأحداث الماضية ساهمت في تكبيره وتضخيمه وخاصة بعض الكتابات و«المسجات» التي حاولت نسبة شيعة الكويت لهذا البلد أو ذاك مما تسبب في إثارة الرعب بين الصفوف وإعادة المخاوف، وكان تعليقي بأن الكويت لا تحاسب على مقال لسفيه أو حاقد أو على «مسج» لا يعرف مرسلها فوطنية وإخلاص شيعة الكويت أمر لا يشك فيه عاقل أبدا و«لا تتناطح عليه عنزتان».

ومما قاله الصديق اننا بتنا لا نعرف من يحق أو لا يحق تأبينه، وكان تعليقنا أنه لا توجد دولة في العالم تصدر قوائم بأسماء من يجوز أو لا يجوز تأبينهم، ولن تقوم الكويت قطعا بذلك لاستحالته حيث ان منع تأبين صدام على سبيل المثال قد يفتح المجال لتأبين عزة الدوري أو علي حسن المجيد بحجة أنه لا دلائل أو قرائن على سفكهما دماء الكويتيين كما ان اسميهما لم يأتيا في اللائحة.
 
ان القاعدة العامة هي ان كل تأبين مسموح به عدا تأبين من تدور عليه شبه سفك دماء الكويتيين أو من يتسبب تأبينه في انقسام البلد واشعال الفتنة فيه.

آخر محطة:
هناك من لديه شراكة وجوار مع أحد القيادات الثورية حيث يستقبله رجال مخابراتها من الطائرة حتى الطائرة، وقد قامت تلك المخابرات بكتابة مقال قميء باسمه بهدف إثارة البلبلة والفتنة، وقد قام بالتوقيع عليه من لم يعرف عنه الكتابة من قبل، مستخدمة مصطلحات غير كويتية ضمن المقال، وتروم تلك المخابرات تمويل حملته الانتخابية القادمة كي يصبح صوتا لها في مجلس الأمة الكويتي، ونقول ان مخابرات حزب البعث التي لم تجد عميلا كويتيا واحدا لها ابان الاحتلال لن تجده هذه الأيام فالشعب الكويتي بسنته وشيعته يزدري العملاء ويحتقرهم كما ان قوانيننا تتكفل بنصب المشانق لهم واسقاط جنسياتهم.

سامي النصف

كل رجال الرئيس عبدالناصر

كانت مصر العهد الملكي مليئة برجال السياسة الأكفاء والشرفاء من خريجي أرقى وأكبر الجامعات العالمية وما ان حلت نكبة 23/7 حتى استبعد هؤلاء جميعا عن مركز القرار وصدرت ضدهم الأحكام التعسفية واستبدلوا بحفنة من أكثر الرجال جهلا وحماقة في تاريخ مصر الطويل.

ولم يترك رجال الرئيس ناصر خطأ جسيما أو خطيئة كبرى إلا ارتكبوها فقد سرقوا ثروات مصر ونهبوا قصورها وبطشوا بالشعب وأرعبوه وعمموا اشتراكية الفقر وخلقوا نظام الطوابير الذي لم تعرفه مصر من قبل وساهموا في ضياع السودان وغزة وانفصال سورية واحتلال سيناء (مرتين) وخسروا بجدارة – وهم العسكر أصحاب الرتب – جميع الحروب التي دخلوها (56، 67، الاستنزاف).

وبسبب هؤلاء «الغزاة» ساءت علاقات مصر بجميع الدول العربية رغم رفعهم الشعار الكاذب عن وحدة العرب، ولم يكتفوا بتحويل ديموقراطية مصر إلى حكم قمعي جائر، بل سعوا ونجحوا في زرع انقلابات عسكرية أحالت كثيرا من عواصم الحضارة العربية الى أنظمة مستبدة بعد ان كانت شعوب تلك البلدان تتمتع بالرفاه الاقتصادي والديموقراطيات والحريات الصحافية.

وتظهر محاضر محكمة الغدر عام 53 إباء وعزة وكفاءة وقوة منطق رجال العهد الملكي بينما تظهر محاضر محاكمات رجال عبدالناصر عام 71 هلعهم الشديد وجبنهم وأنانيتهم المطلقة عبر محاولة كل واحد منهم إلقاء اللائمة على الآخرين وتبرئة نفسه، لقد كانوا أسودا على الشعب الأعزل وأرانب في مواقف الرجولة والشرف، ويكفي انهم كانوا يملكون القرار في الجيش والداخلية والإعلام والاتحاد الاشتراكي إلا أن الرئيس السادات أطاح بهم جميعا بضربة واحدة وتغدى بهم قبل أن يتعشوا به ويقودوا مصر الى هزيمة عسكرية جديدة كعادتهم.

فقد شهد ضمن محاضر تلك المحاكمات وزير الحربية محمد فوزي ضد وزير الداخلية شعراوي جمعة، كما اعترف علي صبري نائب رئيس الجمهورية على عبدالمحسن أبوالنور أمين عام الاتحاد الاشتراكي وقال انه من دفعه للهجوم على الرئيس السادات، قائلا له «خش عليه جامد»، كما أرسل سامي شرف وضياء الدين داود رسائل استعطاف مذلة للرئيس السادات ولسيد مرعي ملقيين كامل الذنب على رفقائهما، متعهدين باعتزال العمل السياسي إن أطلق سراحهما.

آخر محطة:
وتظهر مذكرات طبيب عبدالناصر الخاص د.الصاوي حبيب ان الرئيس كان مرهوب الجانب من الدائرة المحيطة به إلا أنه دخل عليه أكثر من مرة ورأى هيكل يجلس أمامه واضعا ساقا على ساق وينفخ دخان السيجار نحوه، الأكيد ان عبدالناصر وقمعه وهزائمه كان صنيعة هيكل ولم يكن هيكل صنيعة عبدالناصر كما يعتقد كثيرون، وعندما حاول الأول ان يبعد الثاني عام 70 صعدت روحه سريعا إلى بارئها رغم ان تقاريره الطبية كانت مطمئنة كما يروي طبيبه الخاص.

سامي النصف

مبارك آخر الفراعنة والأهرامات الجديدة

أعتقد ان الرئيس محمد حسني مبارك هو آخر فراعنة مصر العظام وان ما ينجزه على ارضها هذه الايام هو بمنزلة اهرامات جديدة ستظل باقية بقاء الدهر، وفي هذا السياق هناك مفهوم خاطئ يقرن مسمى فرعون او الفراعنة بالطغاة بسبب جور وتعسف فرعون واحد عاصر نبي الله موسى ( عليه السلام ) وأتى ذكره في الكتب السماوية.

ان فراعنة مصر هم حكام عباقرة منجزون مازالت اعمالهم الراقية وعلومهم المتقدمة تحيّر الخلق حتى اعتقد البعض في الغرب ان تلك المنجزات والمعجزات لا يمكن ان يقوم بها بشر وانها لابد ان تكون قادمة من امم متطورة تعيش على كواكب اخرى، وبالطبع لا يمكن لتلك النهضة العلمية والابداع الفني والفلكي والصناعي والهندسي والزراعي الفرعوني ان تتم تحت حكم الطغاة، فذلك امر لا يتماشى اطلاقا مع سنن الخلق.

وعودة لمصر هذه الايام وما شهدته خلال زيارتي لكثير من المشاريع الجديدة من نهضة عمرانية افقية تفوق في مجملها ما يتم بناؤه في منطقتنا الخليجية او عالمنا العربي، ومعروف ان مصر كانت حتى النصف الاول من القرن الماضي مستقرا دائما لكثير من الاوروبيين والاميركان والاتراك والشوام والأرمن والشركس وغيرهم لما تمتاز به من اعتدال في المناخ طوال العام وموقعها الوسطي الفريد في العالم الذي يسهل التنقل منها واليها، وقد عادت مصر مهيأة مرة اخرى هذه الايام لاستقبال الملايين من مختلف اقطار العالم للاستقرار في تلك المشاريع الجميلة الجديدة التي تشتمل عادة على ملاعب غولف وفنادق وڤلل وشقق وسط حدائق غناء ونوافير وحمامات سباحة.

هذا بالطبع اضافة الى المئات من القرى السياحية الواقعة على شواطئ البحر الابيض وخليجي سيناء والبحر الاحمر وجميع تلك المنشآت مستعدة لاستقبال الخليجيين والعرب والاجانب، كما انها مستقر طيب لرجال الاعمال والمتقاعدين وتبقى الحاجة – كالحال في جميع اقطار الدنيا – للحذر قبل الشراء فبعض تلك المشاريع يتعمد اصحابها بناء جنات في جزء صغير منها لزوم التصوير ولاطلاع الزائرين عليها الا انهم يتباطأون كثيرا في انجاز بقية المشروع بعد ان يتورط الناس في الشراء.

آخر محطة:
في عام 1937بني في القاهرة عمارة الايموبيليا التي سميت في حينها بالهرم الرابع والتي اشترك في بنائها 9 مليونيرات مصريين واجانب على رأسهم أحمد عبود باشا، وكانت تشتمل على 370 شقة و27 اسانسيرا وكان بها نظام تدفئة مركزي بالاضافة الى نظام فريد لحرق القمامة وقد كان يسكنها المشاهير من رؤساء الوزارات وقادة الاحزاب وكبار الفنانين حتى تم تأميمها عام 61 من قبل النظام «الستاليني» آنذاك، وقد زرتها قبل الامس وصعدت للطابق 11 لزيارة نادي الطيران المصري الشهير، واقول ان العمارة لم تعد بعد ذلك التأميم تصلح للسكن الآدمي، والخوف ان تقرر الانتحار فتسقط على من فيها!

سامي النصف

الدواوين وتغيير الثقافات السائدة

قانون إزالة الدواوين المخالفة يجب ألا يقارن أو يرتبط بالشاليهات أو القسائم الصناعية في الشويخ وخارجها التي هي شبيهة بتأجير الأراضي العامة لإقامة المزارع والجواخير والاسطبلات ومناحل النحل… الخ، وجميعها قائمة بعقود قانونية مع الدولة، ومعروف ان مستخدمي الشاليهات يدفعون خمسة اضعاف ما يدفعه الآخرون للكهرباء، كما تؤجر لهم الاراضي العامة للدولة بأسعار تعادل عشرات اضعاف ما يدفعه الباقون رغم ان جميع تلك الاراضي تستغل للترفيه في العطل ولا قيمة استراتيجية لها، وجميع المستخدمين هم كويتيون في النهاية.

ومع ذلك أرى انه لا مانع على الإطلاق من فسخ عقود الشاليهات والمزارع والاسطبلات والجواخير والمناحل سواء بسواء وأن يتم توزيع جميع تلك الأراضي على الشركات العامة لخلق منتجعات تؤجر للجميع، ولا علاقة لذلك القرار، إن تم، بقرار إزالة الدواوين الصائب، يتبقى حقيقة ان الشويخ الصناعية تقدم لنا كمواطنين خدمات لا غنى عنها بأسعار معقولة، وأي رفع لإيجاراتها سينعكس في النهاية سلبا على المستخدمين ويزيد من فداحة موجة الغلاء القائمة.

وهل لنا أن نتصور للحظة ما الذي سيحدث فيها لو تم إقرار قانون تأجير الأراضي العامة للدولة لإقامة المزيد من الدواوين عليها؟ في اليوم التالي لذلك القرار لن تبقى قطعة ارض في الكويت لن تقام عليها مبان كيربي لتأجيرها، ومن سيثبت ان تلك المباني هي لدواوين او لغير ذلك؟!

وفي تطبيق قانون إزالة الدواوين فوائد عدة اولها اعادة هيبة القانون بعد طول انتظار، وسنلحظ بعد ذلك جرعة موجبة لثقافة حب العمل والارتقاء بالمهني الكويتي، كما ستقل تبعا لتقليل الدواوين عمليات التأزم السياسي والتخندقات العائلية والطائفية والقبلية التي تعتبر الدواوين احد مراكز تأجيجها.

وقد خُلقت الدواوين تاريخيّا لأزمان غابرة غير ازماننا التي يفترض ان تستغل فيها الثواني والدقائق لتطوير الذات وزيادة الدخل وتنشئة الاولاد، لقد كانت هناك اوقات فراغ طويلة لدى رجال البحر والبر في الكويت القديمة في ظل وجود منازل صغيرة تستغل خلالها الزوجات خروج الازواج للدواوين لتنظيف البيوت والطبخ وتربية الابناء، ان في ازالة الدواوين فوائد جمة للكويت والكويتيين، كما ان السماح بزراعة الارتدادات خير الف مرة من انشاء المباني التي يساء استغلالها.

آخر محطة:
من المؤسف ان زيارة الدواوين قد شغلت الراحل الكبير د.أحمد الربعي عن كتابة عدة مؤلفات تروي سيرة حياته وآراءه ومواقفه تجاه القضايا العامة، ونأمل من ام قتيبة ومن الأبناء والأصدقاء الحرص على ان نرى في القريب العاجل اصدارات وكتبا تبقي ذكرى الربعي العطرة حية في الأذهان بعد ان توقفت مقالاته.

سامي النصف

يأتون بالحلول أو يفقدون العقول

في البدء التهنئة القلبية للشيخ وليد الإبراهيم وللصديق عبدالرحمن الراشد والزميل ناصر الصدامي ولجميع العاملين في قناة العربية التي وفرت لنا المعلومات الصادقة والبرامج الإخبارية والحوارية الهادفة واعطتنا في النهاية حق الاختيار، والعذر في هذا السياق لعدم استطاعتنا حضور احتفال العيد الخامس للمحطة لسفرنا و«عقبال ألف عام».

التحالف الوطني والشيخ أحمد الفهد أقطاب فاعلة على الساحة السياسية الكويتية لذا علينا جميعا ان نفرح بأي انفراج يتم في العلاقة بينهم كما حدث في ندوة التحالف الأخيرة ونقول ان حب الكويت يوجب مثل تلك المبادرات التي يجب ان تُدعم ويثنى عليها لا ان تنتقد.

القوانين والدساتير والتشريعات تسنّ وبها الكثير من افتراض حسن النوايا وحسن المقاصد وتوجه عادة لأصحاب العقول النيّرة والضمائر الحية ولولا ذلك لاحتاج المشرّع لملايين البنود والصفحات لتغطية كل الاحتمالات ولأصبح الدستور أو القانون لا قيمة له حيث لن يستطيع أحد قراءته، وفي ذلك نرد على من اتصل وسأل عما يمنع كويتيا من تأبين صدام و«شهيديه» قصي وعدي، ونقول ان النفوس قبل النصوص تمنع ذلك، كما ان الفزعة المجتمعية لا ترضى به، واذا لم تمنعنا وطنيتنا وولاؤنا لبلد معطاء كالكويت من ارتكاب مثل تلك الجريمة فليكن الله في عون بلدنا علينا!

«قد» نتفهم ان يعتقد «مسحوق» في وطن ما أن الحياة الرغيدة مرتبطة بولائه لدولة خارجية ستأتي له بالمن والسلوى كما حدث مع «بعض» الشيوعيين ممن والوا «موسكو» على حساب أوطانهم واكتشفوا فيما بعد كذب ذلك السراب، لكن كيف لنا أن نفهم ونستوعب ولاء من يعيش حياة حرة رغيدة، كالحال في الكويت، لدول قمعية رجعية تسوم أفراد شعبها صنوف القهر والظلم والتجويع؟! حقيقة لعن الله أموال مخابرات تلك الدول كما لعن الله قبلها أموال مخابرات صدام! ولن نزيد.

آخر محطة:
نستطيع ان نستقطب في الكويت، وبشدة، سياحة «علماء السياسة والاجتماع» في العالم بعد ان أخفقنا بسبب انغلاقنا الشديد في استقطاب السياح والمستثمرين الآخرين، واكتفينا بتصديرهم، سينظر علماء السياسة والاجتماع، ولربما علماء النفس القادمون في مطالبات وتصرفات لا مثيل لها في تاريخ الأمم كإسقاط القروض والسماح بالتعديات على أراضي الدولة وجذور الولاء البديل ووفرة الأزمات السياسية وقد يأتون لنا بالحلول أو بالمقابل يفقدون العقول!