سامي النصف

المباحثات الكويتية – العراقية السرية إبان قاسم

في 14/7/58 حدث الانقلاب الدموي الاسود في العراق وتظهر الوثائق السرية للادارة السياسية في كل من اميركا وبريطانيا انهما لم تمانعا في استفراد الطاغية قاسم بالحكم، وقيامه بالتخلص من القوى القومية، كونه اخف الضررين مقارنة بالرئيس عبدالناصر صاحب الشخصية الكاريزمية الذي حرض شعوب المنطقة عليهما، واسقط عدة انظمة موالية لهما.

وكان قاسم قد خرج لاستقبال الشيخ عبدالله السالم عندما زار بغداد في 25/11/58، مما يعني تعامله معه على انه رئيس دولة مستقلة، لذا كان مستغربا ان يطالب بالكويت بعد اعلان استقلالها في مثل هذا اليوم عام 61، وقد قيل ان من مبررات تلك المطالبة المستهجنة اشغال الشعب العراقي عن مشاكله الداخلية المتزايدة، والمزايدة على القوميين في مسألة الوحدة العربية، وقد صدرت عن الجانب العراقي كتب عدة تحدثت عن مباحثات كويتية – عراقية سرية تمت ابان تلك الفترة المضطربة، ولم يصدر عن الجانب الكويتي شيء حتى اليوم، لذا سنناقش تلك الفكرة كما طرحت من الجانب العراقي لنثبت انها تظهر حنكة ودهاء كويتيا اخذ من تلك المباحثات كل شيء ولم يعط شيئا ولم يقر قاسم على مطالبه.

فقد صدر قبل ايام من مكتبة مدبولي كتاب «السياسة الخارجية العراقية 1958 – 1963» للباحث العراقي د.قحطان الحمداني، واتى ضمنه ان اللواء الداغستاني صرح ابان محاكمته امام المهداوي بأنه كان ينوي القيام بانقلاب يبقي فقط الملك فيصل الثاني في الحكم، ويحتل على اثره الكويت عبر خديعة اسماها «حركة مغوار» تتلخص في ارسال عسكريين عراقيين على شكل مدنيين يدخلون الكويت ثم يتم بشكل مفاجئ احتلالها، ويدعي الكاتب ان قاسم أصر عند انشاء منظمة الاوپيك في بغداد عام 60 على ان تسمى بمنظمة «الاقطار» المصدرة للنفط لا منظمة «الدول» المصدرة للنفط حتى يمكن له الادعاء بأن الكويت ليست دولة في وقت لاحق، سؤال عارض: لماذا لا نتقدم بمقترح بتسميتها منظمة الدول بعد ان استقلت جميع الاقطار المصدرة للنفط بعكس ما كان عليه الوضع عام 60 وما بعده؟

ويظهر الكتاب حقيقة ان الشعب العراقي ممثلا بحركاته السياسية الفاعلة كحزب البعث وحركة القوميين العرب والناصريين حتى الحزب الشيوعي العراقي، كانوا جميعا رافضين لتلك المطالبة آنذاك عبر بياناتهم المعلنة، كما كسبت الكويت المعركة الديبلوماسية حسب قول الكاتب عبر اعتراف 62 دولة بها وتبادل التمثيل الديبلوماسي مع دول عديدة اخرى، ويستطرد المؤلف في الحديث عن مباحثات كويتية – عراقية سرية تمت في زيورخ واثينا وبيروت عامي 62 – 63 واستمرت حتى سقوط الطاغية.

ويرى الباحث في كتابه المعادي للكويت في بعض اجزائه أن تلك المباحثات دلت على «ان الديبلوماسية الكويتية كانت اكثر براعة وحنكة»، فقيام المباحثات بحد ذاته يعني اعتراف قاسم بالكويت ونظام حكمها ككيان منفصل بعكس ما يشاع، كما ان المفاوض الكويتي لم يتزحزح قيد أنملة عن المطالبة بالاعتراف الكامل والعلني باستقلال دولة الكويت قبل الحديث عن اي امر آخر، ويرى الكاتب في الختام ان الكويت استطاعت بدهاء شديد وعبر تلك المباحثات المطولة ان تكسب عامل الوقت وتحد من احتمال حدوث هجوم مباغت عليها من قبل قاسم بعد ان ارتحلت القوات البريطانية والعربية عن ارضها، واستمرت المباحثات السرية حتى تم اسقاط نظام حكمه عام 63، الشهادة للكويت من باحث خصم اجدى واقوى من شهادة باحث صديق.

آخر محطة:
(1): الجميل في تاريخنا انه وبعكس تاريخ امم عديدة اخرى لا شيء فيه يدعونا للخجل او عدم الحديث عنه طالما تسلحنا بالفكر والعلم والتنظير والمعلومة التاريخية الصحيحة مع القدرة على رد الحجة بالحجة.

(2) كشف لنا الكتاب ان اللواء غازي الداغستاني هو ضحية اخرى لـ «حوبة» الكويت الشهيرة.

(3) احال صدام خديعة «حركة مغوار» التي تحدث عنها اللواء الداغستاني الى حركة اخرى شبيهة اضاعته واحالته الى ضحية اخرى للحوبة.. والعبرة لمن اعتبر.

سامي النصف

قضايا الأربعاء

السيد ، التعليم هو العملية الأساسية لتقدم وحضارة أي مجتمع وعندما نتحدث عن التعليم فنحن نتحدث عن المعلم والطالب غالبا ولكن ما بين الطرفين هناك الطاقم الإداري الذي يخدم الطالب والمعلم على السواء ويوفر للعملية التعليمية سبل النجاح، إلا أن الإخوان في ديوان ومجلس الخدمة المدنية تجاهلوا هذه الفئة عندما أرادوا أن يحققوا العدالة بإنصاف من يعمل ضمن إطار المؤسسات الأكاديمية المشرفة على العملية التعليمية فأقروا كادرا لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وأقروا كادر هيئة التدريب في الهيئة وأقروا كادر العاملين في الجامعة وتجاهلوا نظراءهم في الهيئة مما سبب ظلما وإجحافا لهذه الفئة وجعل التباين في الحوافز بين العاملين في كادر العاملين بالجامعة ونظرائهم بالهيئة يصل إلى مستويات قياسية مما أثر سلبا على العاملين بالكادر العام في الهيئة، لذا يرجى التكرم بتبني احقاق الحق وعودة الحق لأهله بدعم قضيتنا العادلة لصرف كادر العاملين في الهيئة، وتفضلوا بقبول فائق التحية.

مرفق مع العريضة تواقيع 180 من الموظفين بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي آملين أن تلقى شكواهم القبول من جهات الاختصاص في التربية ومجلس الخدمة المدنية وأن يتم تعديل رواتبهم تباعا.

الأخ الفاضل ، نحن مجموعة من مدنيي الإدارة العامة للمنافذ نطلب منكم الدعوة لرفع الظلم عنا بسبب قانون الخدمة المدنية ووزارة الداخلية الذي يمنع الجمع بين العلاوات أي لو اعطيت علاوة طريق لا يحق لك الحصول على بدل شاشة رغم أن عملنا يبعد أكثر من 100كم عن منازلنا كما اننا نعمل على الشاشة طوال اليوم ومن ثم يفترض أن نستحق العلاوتين، وقد استبشرنا بالعلاوة التي أقرها وزير الداخلية الموقر ومقدارها 150 دينارا وقد اتضح أنها مستحقة للعسكر فقط، رغم أننا في المنافذ نمارس نفس العمل، إن تلك القضية تمس حياة 4000 موظف مدني في الداخلية راجين منكم تبنيها مع الشكر.

أبناؤكم المدنيون العاملون في الإدارة العامة للمنافذ

دعوة أخرى نرجو من جهات الاختصاص في الداخلية ومجلس الخدمة المدنية النظر فيها وإقرارها نظرا لمنطقية الطلب.

آخر محطة:
لا أفهم على الإطلاق سبب إحالة الزميلة د.نرمين الحوطي للتحقيق على معطى مقال نشر في «الأنباء» قبل مدة واحتوى على نقد إيجابي راق للمعهد العالي للفنون المسرحية، تحسين الأداء في قطاع ما لا يتم إلا عبر الاستماع للنقد والرأي الآخر لا الاكتفاء بالثناء فقط.

سامي النصف

أسباب التراجع

ذكرنا في مقال سابق أن احد اسباب تخلف الكويت الرئيسية والحقيقية هو النظرة السوداوية التي ترى في كل مشروع كبير سرقة كبرى رغم وجود أجهزة رقابية فاعلة غير مسبوقة كمجلس الأمة وديوان المحاسبة وجمعيات أهلية مختصة كحماية المال العام، وجمعية الشفافية ذات البعد الدولي، وفي جميع تلك الحالات تنتهي الدعاوى بإلغاء المشاريع الكبرى التي يطلق عليها معارضوها السياسيون عادة «سرقة العصر» بدلا من ضمان شفافيتها لإفادة البلد من عوائدها في وضع هو أقرب لقطع الرأس لعلاج الصداع فيه.

فقبل مدة وإبان عضويتنا في مجلس إدارة «الكويتية» تم اقرار عملية تحديث اسطول المؤسسة بتمويل ذاتي وعبر الاقساط الطويلة لشراء 19 طائرة ايرباص 320 بسعر 45 مليون دولار للطائرة و19 طائرة بوينغ 787 بسعر 110 ملايين دولار للطائرة من شركة مساهمة كويتية هي «الافكو» وقد استدعى مجلس الإدارة احد المسؤولين الطارئين ليخبرنا بأنه علم أن سعر طائرة الايرباص لا يتجاوز 28 مليون دولار وهو أمر اشاعه لدى كبار المسؤولين، وكان تعليقنا ان ذلك السعر ان صدق المسؤول – وقل ان يصدق سامحه الله – يعني ان مفاوضي المؤسسة اما غير اكفاء او غير امناء، وفي الحالتين هم مقصرون يستحقون المحاسبة، إلا ان معرفتنا بأسعار الطائرات المعلنة في العالم تدل على استحالة وجود مثل تلك الأسعار المتدنية.

وبدلا من ان يحافظ المسؤول على تلك الصفقة «اللقطة» مع شركة «الافكو» الكويتية حتى يحصل على احسن منها – ان استطاع – قام بإلغائها، وشكل لجنة برئاسته للحصول من المصانع على اسعار افضل، وتظهر محاضر اجتماعاته مع الايرباص انهم عرضوا 54 مليون دولار سعر بيع للطائرة الواحدة، وما يقارب 135 مليون دولار لطائرة البوينغ مع عدم وجود التزام بتسليم مبكر للطائرات، مما ادى في النهاية لحل لجنة الوزير بعد شهر من تشكيلها، وقد قرأنا قبل ايام في الصحف ان شركة «الافكو» باعت 5 طائرات ايرباص بـ 325 مليون دولار لاحدى الشركات الكويتية اي ما يقارب 65 مليون دولار للطائرة الواحدة، فخسرت «الكويتية» تبعا لذلك فرصة الحصول على طائرات حديثة رخيصة وبأقساط مريحة، وصدر ما هو اقرب لحكم اعدام عليها مع اضاعة فرصة تعويض بعشرات ان لم نقل مئات ملايين الدولارات من شركة بوينغ بسبب التأخير المعلن في تسليم طائرات 787 للعملاء، واصبحت الكويتية وآلاف من موظفيها وسلامة طائراتها في مهب الريح، ولم تعد كلمات «الخصخصة» تعني إلا مهدئات كاذبة لما قبل موت مؤسسة كويتية عريقة تجاوز عمرها نصف القرن.

وقبل عقد ونصف العقد دعينا كإعلاميين للقاء المسؤولين عن القطاع النفطي واستمعنا لحديث فني من مختصين كويتيين عن ضرورة الاستعانة بالشركات الاجنبية كحال جميع الدول النفطية الاخرى حتى المعادية للغرب كإيران وليبيا وعراق صدام حسين وكان مما قاله المختصون في حينها ان الطرق البدائية لاستخراج النفط تجهد وتدمر المكامن النفطية بينما يمكن عبر التقنية الحديثة استخراج النفط من المكامن الصعبة في الشمال حتى تتم اراحة حقول برقان في الجنوب فتتم تبعا لذلك اطالة امد المخزون النفطي للدولة لسنوات عدة، مرة اخرى ألصق بذلك المشروع مسمى «سرقة العصر» وتم ايقافه دون ان يخبرنا احد – كإعلاميين وكمواطنين – المبررات الفنية التي تفند مقولة الخبراء النفطيين الكويتيين الذين استمعنا لهم وعن السبب في قطع رأس آخر بدلا من علاج صداعه عبر وضعه تحت مظلة اي جهة رقابية يختارها المعترضون.

آخر محطة:
خوفنا في السابق من سرقات العصر جعلنا نتوقف عن بناء المستشفيات والجامعات والجسور والمشاريع الكبرى وضمن ذلك ما نسمعه حقا او باطلا هذه الايام عن سرقة عصر اخرى في مصافي النفط، حتى لا نزداد تخلفا نرجو خلق نظام محاسبي ورقابي جديد يبقي المرضى احياء لا أمواتا كدلالة على نجاح العمليات، ويبقي كذلك الرؤوس فوق الاجساد عند معالجة الصداع.

سامي النصف

تدمير الحريات بعد تدمير عمليات التنمية

أكبر حجة لدعاة الديموقراطية في العالم مقابل دعاة النظم الديكتاتورية كنظام صدام وغيره هي ان الديموقراطية تدعم عمليات التنمية فتقفز بالبلدان التي تأخذ بها الى الرفاه والتقدم، والحال كذلك مع الحريات العامة، الغريب اننا اصبحنا في الكويت الاستثناء من تلك القاعدة العامة، فقد تم تدمير عمليات التنمية في بلدنا مقارنة بأحوال الجيران (غير الديموقراطيين) ممن كنا نسبقهم بنصف قرن، فأصبحوا يسبقوننا بنصف قرن والمسافة تتباعد فيما بيننا مع كل أزمة أو فرقعة سياسية تحدث في البلد.

فبعد ضوابط الحفلات ولجنة محاربة الاخلاق الدخيلة التي نخشى أن تنتهي بمنع النساء من قيادة السيارات وفرض النقاب أو الحجاب عليهن من منطلق ان السفور وقيادة السيارات قيم دخيلة على المجتمع، أتت محاولة الحجر على آراء جمع من المواطنين ممن رأوا أن يمارسوا الحريات التي كفلها الدستور لنا جميعا عبر اظهار تأييدهم للنطق السامي التاريخي الذي حاز اعجاب جميع قطاعات الشعب الكويتي وترجم بشكل صادق أحاسيسهم ومشاعرهم.

وفي ظل هذه الهجمة الشرسة على الحريات العامة نرى اننا بحاجة ماسة لتفعيل دور المحكمة الدستورية كالحال في الدول المتقدمة لمنع أي ممارسات أو تشريعات تقفز على الدستور، وتحد من الحريات تارة باسم الشريعة والشريعة منها براء، وتارة اخرى تحت راية احتكار الوطنية من قبل بعض القمعيين ممن يرون أن الحرية مسموحة فقط عندما تلقى هوى في أنفسهم، وممنوعة ومقموعة عندما يقوم بها اصحاب الآراء الاخرى، وحقيقة خوش ديموقراطية وخوش فهم لحرية الرأي، الا ان تلك الممارسة وذلك الفهم العقيم هما الانقلاب الحقيقي على الدستور.

ومما يظهر بصورة جلية ضعف حجة من اعترض على رسالة المواطنين الكويتيين استخدام البعض للاسف الشديد الكذب والزيف في محاربتها، فتارة يدعي – دون بينة – انها ضد الدستور، رغم أن نصوصها واضحة وجلية في التمسك به، وتارة اخرى يدعي أن حل المجلس في عامي 76 و86 قد سبقته كتابة رسائل وعرائض كالحال هذه الايام ومن نفس الاسماء (!!)، ومعروف ان تلك الحقبة هي من التاريخ الحديث المدون في عشرات الكتب، كما أن شهودها احياء يرزقون، ونتحدى ان يأتي احد بوثيقة أو عريضة واحدة كتبت آنذاك تحض على الانقلاب على الدستور، لقد أتى الحل في تلك الفترة مفاجئا، ولم تسبقه عرائض أو رسائل، ولا يستخدم الافتراء وتزوير الحقائق – للعلم – الا من ضعفت حجته وسقط ادعاؤه.

اخيرا علينا أن نعلم ان الحريات هي جزء لا يتجزأ، وحري بمن يدّعون أنهم حماة الدستور ان يتراجعوا عن مواقفهم الخاطئة المستعجلة وان يهبّوا جميعا للدفاع عن اصحاب الرسالة في ابداء آرائهم بحرية مطلقة تطبيقا لمقولة فولتير الشهيرة وكي لا يتعشى بحرياتهم بعد ذلك من تغدى اليوم – وبدعمهم – بحريات الآخرين.

آخر محطة:
كنت أرى شخصيا اننا بعد 50 عاما من الممارسة السياسية مازلنا في سنة أولى روضة ديموقراطية، اعترف اليوم بخطئي الكبير في ذلك التقييم كوننا رجعنا هذه الايام من تلك المرحلة الدراسية «المتقدمة» الى… سنة اولى حضانة ديموقراطية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

سامي النصف

لأجل الكويت.. صفاً واحداً لا صفين

حظي النطق السامي الذي القاه صاحب السمو الأمير المفدى في افتتاح دور انعقاد مجلس الامة بدعم كبير من الشعب الكويتي الذي رأى في كلماته تعبيرا عما يدور في خلجات نفسه من رغبة حقيقية في توقف عمليات التأزيم السياسي المستمرة في البلد، والبدء بتعاون حقيقي بين السلطتين لخلق ورشة إعمار وبناء تدفع بعمليات التنمية سريعا الى الامام، وقد شهدت صحافتنا ردود فعل موجبة لذلك النطق السامي من مختلف الوان الطيف السياسي والاجتماعي في البلد تمثلت في مقالات ولقاءات اجرتها وسائل الاعلام مع ابناء الشعب الكويتي قاطبة.

ولأن الديموقراطية وحرية الرأي والقول هي من صلب ممارسة المجتمعات المتقدمة الراقية، كما انها امر نص عليه الدستور الكويتي في المادة 36 التي تذكر «ان لكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول والكتابة وغيرهما»، لذا وجد مواطنون من الشعب الكويتي ان يتم ارسال رسالة تعبر عن رأيهم الذي كفله الدستور وتمثل «فقط» من يقتنع بها ويوقّع عليها، تدعم التوجهات التي اتت في النطق السامي، ولذا بدأت عمليات تشاور حول نص الوثيقة وان اتفق على ان صلب الرسالة ايا كانت صيغتها يجب ان يتوافق مع نصوص الدستور الذي يلتف حوله الجميع.

وقد اتت كلمات الوثيقة واضحة صريحة لا تحتمل التأويل او التحوير، ولا تستعدي احدا على احد، ولا تطالب للعلم بالحل الدستوري لمجلس الامة، ناهيك عن الحل غير الدستوري، ومنها نقتطف الفقرات اللاحقة كما نشرت في الصحف: «من اجل ان تبقى الكويت على عهدها، راسخة بثوابتها الوطنية، متقدمة في ممارستها الديموقراطية، قوية بسلطاتها كدولة القانون والمؤسسات، ولكي تنضبط ممارستنا البرلمانية لتظل الوحدة الوطنية ناصعة البياض كما كانت في عهد اسلافنا» فهل يعقل عقلا ومنطقا لمن يثني على «الممارسة الديموقراطية» في «دولة القانون والمؤسسات» ويدعو لأن تدعم «الممارسة البرلمانية» اواصر الوحدة الوطنية ان يدعو للقفز على الدستور وحل البرلمان حلا غير دستوري (!)، ان النص واضح وصريح وكما يقول الحكماء والعلماء لا اجتهاد مع وجود النص.

وتستطرد الوثيقة بالقول «اننا على نهج الآباء والاجداد وعلى رؤاكم وخطاكم في حب الكويت سائرون داعين سموكم حفظكم الله الى اتخاذ جميع الخطوات الكفيلة بضمان تنفيذ هذه التوجيهات الحكيمة حماية للكويت واهلها وصيانة للدستور وللممارسة الديموقراطية السليمة»، فهل من يؤيد ويدعم توجهات صاحب السمو الامير في «صيانة الدستور» كما اتى نصا في الوثيقة المنشورة يمكن ان يتهم بالانقلاب على الدستور الذي يدعو لصيانته والحفاظ عليه؟!

ان ارسال مواطن او جمع من المواطنين رسالة للقيادة السياسية في البلدان المختلفة امر شائع وقائم بشكل يومي، ففي البلدان الديموقراطية كالولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما يتسلم القادة السياسيون آلاف الرسائل اليومية من المواطنين، والحال كذلك في الدول العربية والخليجية التي يرسل مواطنوها ومثقفوها رسائل ينشر بعضها في الصحف لقياداتها السياسية، وهو امر يحدث – للعلم – بشكل يومي في الكويت، فهل يتصور احد ان يناقش الكونغرس الاميركي او مجلس العموم البريطاني او مجلسا الشعب في مصر ولبنان رسالة يرسلها مواطن او مواطنون لقيادتهم السياسية او ان يتم الطعن في وطنيتهم او منعهم من القيام بذلك العمل؟! واذا ما اقتنعنا بأن هذا الامر مقبول في الدول التي تمارس بها الديموقراطية منذ قرون، فلماذا لا يسع ديموقراطيتنا الناشئة ما وسعهم؟!

تتبقى رغبة المواطنين التي عبروا عنها عبر صناديق الاقتراع في التهدئة والحاجة ماسة هذه الايام لاطفاء الحرائق لا اشعالها، وان يعلم الجميع انه لا احد يملك صفة ادعاء تمثيل الشعب الا ممثليه الشرعيين في مجلس الامة، الا ان ذلك التمثيل في بلدنا او غيره من الديموقراطيات المتقدمة لا يعني الحجر على الحريات او القفز على مواد الدستور ومنع الآراء المخالفة كما قرأت في رأي صائب طرح على احد المنتديات.

آخر محطة:
ليتأكد جميع الاطراف انه لا منتصر في معارك التأزيم المتواصلة التي تحدث وان كان هناك دائما وابدا خاسر واحد لتطاحن الابناء هو وطننا جميعا الكويت، فمتى نبدأ بالالتقاء بدلا من الافتراق حول الوطن لرفع شأنه؟!

سامي النصف

نثريات آخر الأسبوع

لم نكتف بأن نكون الدولة الوحيدة في العالم التي تنشر محاضر مجلس الامة في وسائل الاعلام، مما يجعل النواب الافاضل وخاصة الحكماء منهم في حالة محاسبة يومية من قبل بعض الناخبين، بل اضفنا الى ذلك امرا غير مسبوق في اي ديموقراطية اخرى وهو نشر كيفية التصويت الفردي على القضايا المختلفة، مما يهدد بتحول جميع الاعضاء الى دعم قضايا الدغدغة على حساب مستقبل البلد واجياله المقبلة.

التقينا في حفل العشاء الذي اقامه العم عبدالعزيز الغنام بالسفيرة الاميركية الجديدة ديبورا جونز وقد اتضح من اللقاء معها اطلاعها العميق على مجريات الامور في البلد وتفاصيل اوضاعنا وامراضنا السياسية، وكنت قد التقيت في الليلة السابقة بمجموعة من رجال الاعمال الاميركان لدى احد الاصدقاء، وقد قال احدهم إنه يستغرب من ضعف العرب في الدفاع عن قضاياهم كونه يستطيع بـ 10 ملايين دولار فقط تكوين «لوبي» مؤثر في الكونغرس الاميركي.

شاهدت على احدى الفضائيات الاجنبية برنامجا عن مشروع النخيل في دبي وبقية المشاريع المماثلة في الخليج والمنطقة العربية والتي يتم من خلالها استغلال البحر لاقامة الجزر والمنشآت التنموية وقد تذكرت على الفور مشروع شركة عقارات الكويت اوائل الثمانينيات لانشاء 6 مدن بحرية تحيط بالكويت من الشويخ شمالا حتى الخيران جنوبا، الا ان الحقد والحسد عطلا ذلك المشروع الواعد الذي كان سيوفر عشرات الآلاف من القسائم المطلة على البحر دون ان يكلف الخزينة العامة فلسا واحدا، والغريب ان يتساءل بعض ممن ساهم في تعطيله عن السبب في تأخر الكويت وتقدم الجيران؟ السبب ستراه عند النظر في أقرب مرآة.

يباع في كثير من محلات الادوات الصحية وبأسعار زهيدة مصفيات تضاف الى الحنفيات في المنازل يمكن من خلالها توفير 90% من استهلاك المياه ومثل ذلك مصابيح الاضاءة الخاصة التي توفر 30 – 50% من الطاقة الكهربائية.

هناك حاجة لفرض استخدام تلك الانظمة بحكم القانون قبل الترخيص لاي منازل ومنشآت جديدة ومعها ضرورة تركيب عدادات ماء وكهرباء حديثة لكل وحدة سكنية في البلد ودون ذلك سيتساءل المواطن والمقيم عن الفائدة من التوفير ما دامت الوزارة تحصل فواتيرها بناء على معدلات استهلاك افتراضية ثابتة لا حقيقية.

لديهم – بعكسنا – شح في الطاقة ووفرة في الغذاء لذا بدأوا بتحويل الغذاء الى وقود نظيف، احتجاجنا على فعلتهم تلك سيجعلهم يردون علينا بالقول حولوا طاقتكم النفطية الى غذاء تأكلونه، او ضاعفوا الانتاج وخفضوا الاسعار كي تلبوا حاجياتنا، وفي هذا السياق اخرجت هوليوود عام 80 فيلما ضم عملاقي السينما الاميركية انذاك مارلون براندو (العراب) وجورج سكوت (الجنرال باتون)، وكان اسم الفيلم «الوصفة» وتحدث الفيلم في ذلك الوقت المبكر عن وصفة ناجحة لانتاج الوقود من المواد العضوية مما يتسبب في النهاية في الاستغناء عن العرب ومنظمة اوپيك، وهل يتذكر احد منا فيلما عربيا تحدث او تنبأ قط بالمستقبل؟! نحن وافلامنا نعيش في الماضي فقط ولا نعبره.

آخر محطة:
تطالب ابنتي وصديقاتها شركة السينما بتوفير خيارات اكثر للغذاء في صالات العرض بحيث تغني من يذهب للسينما عن الذهاب للمطاعم، وهناك حاجة لخفض الاسعار في حفلات الصباح والظهيرة وفي دور السينما التي لا تلقى رواجا كالحال في دول العالم الاخرى، التسويق في الكويت وبشكل عام والذي يشمل كل القطاعات سيئ جدا.

سامي النصف

غداء الحكيم عند الحكيم

دعا رجل الأعمال الكويتي عبدالعزيز البابطين جمعا من الأصدقاء والإعلاميين لحفل غداء أقامه أمس على شرف صديق الكويت السيد عمار الحكيم والوفد المرافق له، وقد ناقش السيد الحكيم هموم وشجون العراق مع الصديق بوسعود الذي يعتبر، وبحق، احد حكماء الكويت ووجوهها المشرقة على الساحتين العربية والإسلامية.

ومما طرح في اللقاء الممتع حقيقة ان العراق بإمكانه ان يصبح سلة الغذاء للدول الخليجية والعربية متى ما استثمرت فيه الأموال واستقرت الأوضاع الأمنية فيه وهما أمران مرتبطان ومتصلان، فلا يمكن ان نبحث عن الاستقرار الأمني في العراق في ظل انعدام فرص الكسب والعمل وتفشي البطالة بين شبابه ورجاله.

وقد قرأت في صحيفة الصباح العراقية الصادرة صباح أمس ان الدولة نجحت في خلق 16 ألف فرصة عمل للشباب في محافظة الزوراء في ظل أرقام بطالة تجاوزت 100 ألف في تلك المحافظة، ولو افترضنا ان ثمانين ألفا من الباقين لم يقوموا بخروقات أمنية للحصول على لقمة العيش فسيبقى أربعة آلاف شاب يمكن لمخابرات صدام أو مخابرات بعض الدول المجاورة استغلالهم لنشر الذعر والخراب والدمار في ربوع العراق ومن ثم تطفيش السائحين والمستثمرين منه.

والحقيقة انه في الوقت الذي تعاني فيه الدول الاخرى من نقص الطاقة او المياه او الزراعة او فرص ومقومات الاستثمار والسياحة نجد ان العراق الشقيق لا ينقصه – وبشكل فريد – شيء من تلك المقومات الأساسية فمخزونه النفطي يكاد يصبح الأول في العالم، كما يمر في أرضه نهران من المياه العذبة وتشتهر أرضه بالخصوبة حتى ان أول معرفة للبشر بأنظمة الزراعة والري كانت فيه.

ويمكن للعراق الآمن والمستقر ان يستقطب ملايين الزائرين للسياحة الدينية وملايين اخرى للسياحة الثقافية المرتكزة على حضارة بابل وسومر والخلافة الاسلامية، كما يمكن للعراق ان يكون مصيفا في شماله ومشتى في وسطه وجنوبه للخليجيين، مستفيدا من خاصية القرب الجغرافي والتقارب في العادات والتقاليد.
 
ان للعراق مستقبلا باهرا متى ما توقف عن المجاملة وتحدث بصوت واحد لبعض جيرانه من رفضه القاطع لاستخدام أرضه كساحة لـ«حروب الوكالة» التي يشنونها على الآخرين.

آخر محطة:
أتى في تقرير لمراسل الزميلة «الوطن» من القاهرة ان حادث سرقة الكويتيين تم من خلال مساعدة «فتاة دخلت شقة الشباب الكويتيين لقضاء سهرة ثم لحق بها المتهمون الخمسة»، ومعروف ان العصابة تم القبض عليها خلال 24 ساعة، ومع ذلك لم يتوقف أهل الشقة عن التشهير بالسفير د.رشيد الحمد صاحب الأخلاق المتميزة وأركان السفارة الأفاضل، وكأن المفترض بالسفير ان يلغي أعماله واجتماعاته وارتباطاته كلما وقع حادث مشابه لآلاف الطلبة والسائحين الكويتيين، و«زاد الطين بلة» ما ذكره احد الزملاء من لجوء أهل الشقة لسفارة دولة أخرى للشكوى من ذلك الحادث.

سامي النصف

هوامش على دفاتر النكسة

في عام 56 اتخذ الرئيس عبدالناصر قرارا بمفرده بتأميم قناة السويس دون حتى ان يشرك معه بالمشورة مجلس الوزراء او مجلس قيادة الثورة (الصوريين) وقد اكتفى بقراءة مستشاره هيكل الصائبة – كالعادة – للوضع الدولي والذي اخبره بأن فرنسا لن تقوم بالعدوان كونها منشغلة بالجزائر، ورئيس الوزراء البريطاني ايدن ضعيف وخرع ولن يجرؤ على القتال، كما لن تسمح بريطانيا (!) لإسرائيل بالعدوان، وفيما بعد عندما حذر ناصر صديقه عامر في 2/6/67 من احتمال قيام عدوان اسرائيلي في يوم 5/6 كان تعقيب المشير لقادته: لماذا اصدق نبوءات عبدالناصر هذه المرة وهو الذي ثبت خطأ حساباته الفادح في 56؟!

ويروي السفير مراد غالب في لقاء مع الجزيرة تفاصيل زيارة وزير الحربية شمس بدران لموسكو في تلك الايام الصعبة فيقول ان الوزير كان ضمن لقاءاته مع كبار المسؤولين الروس «لا يسمع نصف الكلام ولا يفهم نصفه الآخر»، وان كوسيغين حذر عبدالناصر في تلك اللقاءات عبر وزيره من عملية التسخين ومن مغبة مخاطر اغلاق المضايق، وسأل كوسيغين الوزير الزائر عما ستفعله مصر فيما لو حاولت اميركا ارسال بوارج حربية لفتح المضايق بالقوة، وكان رد الوزير: سنحول تلك السفن الى علب «سردين» غارقة، ويضيف السفير غالب ان شمس بدران عاد لمصر واخبر عبدالناصر بشيء مختلف تماما وهو ان السوفييت تعهدوا له بدخول الحرب مع مصر حال نشوبها مما جعل عبدالناصر يتشدد في مواقفه كما اوضح السفير في اللقاء انه ارسل لعبدالناصر يخبره باحتمال نشوب الحرب في صباح 5/6 بناء على معلومات استقاها بطريقة غير مباشرة من السفير الاميركي.

وقبل ايام قليلة نشرت الزميلة «الرؤية» الرؤية على الجانب الآخر اي الاسرائيلي، فذكرت ان مجلس الوزراء الاسرائيلي انعقد في 28/5/67 وقرر بالاجماع عدم دخول الحرب والاكتفاء بالجهد الديبلوماسي، إلا ان زيارة الملك حسين للقاهرة في 30/5 وإعلانه احياء معاهدة الدفاع المشترك مع مصر جعلتهم يغيرون رأيهم بعد احكام الطوق عليهم ويقررون في اجتماع 2/6 وبالاجماع شن الحرب على مصر اي ان هناك اجتهادا خاطئا آخر من الملك حسين رحمه الله اراد من خلاله وقف الحرب عبر تخويف اسرائيل من شنها فانتهى الامر بعكس ما قصد منه.

وفي 16/9/68 أصدر الصحافيان الفرنسيان فيك فانس وبيار لور كتابا من 130 صفحة تضمن لقاء مطولا مع الملك حسين حول اسرار وخفايا حرب 67 تم من خلاله بق البحصة وكان مما قاله الملك ان المشير عامر اتصل به صباح 5/6 واخبره ان مصر اسقطت 75% من الطائرات المغيرة وان طائراته تغطي سماء اسرائيل وتقصف تل ابيب وانه يطلب منه فتح جبهة جديدة من الاردن للمشاركة مع مصر بالنصر.

وبالمقابل ارسل له ليفي اشكول رئيس وزراء اسرائيل رسالة عن طريق الجنرال النرويجي اود بول رئيس قوات الهدنة يقول له فيها «اذا امتنعتم عن التدخل فلن يصيبكم ضرر»، ويضيف الملك حسين انه قرر دخول الحرب بعد اتصال عبدالناصر به الساعة 12 ظهرا وتكرار ما قاله عامر له، لذا ارسل لسورية طلبا بأن تشن طائراتهم عمليات مشتركة لضرب الطائرات الاسرائيلية العائدة من مصر دون اسلحة او وقود إلا ان القيادة السورية التي ورطت العرب بالحرب آنذاك اعتذرت بحجة ان طائراتها تقوم بعمليات «تدريب» وهو ما افشل خطة ضرب الطائرات الاسرائيلية وهي عائدة او وهي تتزود بالوقود على الارض مما كان سيعدل الكفتين ويمنع الهزيمة.. وكم في التاريخ العربي من عظات وعبر!

سامي النصف

هل نحن شعب إصلاحي؟

اكثر كلمة تستخدم شعبيا هذه الايام هي «الاصلاح»، وجميل ان نطالب جميعا بالاصلاح الا انه علينا ان نعي المعنى الحقيقي لتلك الكلمة حتى نعلم بعد ذلك هل نحن حقا اصلاحيون ام اننا ندعو إلى الامر ونفعل عكسه تماما؟!

للاصلاح معان عدة في القاموس السياسي، فالاصلاح في مجتمع شيوعي يعني القضاء على معاقل الرأسمالية وأسس الديموقراطية الليبرالية في الدولة، بينما يعني الاصلاح في بلد تحرر للتو من النظام الماركسي تحرير الاقتصاد وفتح صناديق الاقتراع الحر. ان الاصلاح بشكل عام هو العمل على بسط سلطة القانون والقضاء على الفساد والبعد عن التخندقات الطائفية والعائلية والقبلية ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتعزيز مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص في الدولة والحفاظ على المال العام والتخطيط لمستقبل مشرق للاجيال القادمة.

وقد جرت العادة ان تؤمن شعوب العالم الثالث بتلك المبادئ الاصلاحية الخيّرة وتعارضها بالمقابل حكوماتها، ولدينا في الكويت نلحظ في بعض الاحيان العكس من ذلك تماما فالحكومة تبعد المسؤولين السيئين عن مواقع العمل فيها فتحملهم الجماهير على الاعناق وتوصلهم لكراسي البرلمان، وتحاول الحكومة جاهدة الحفاظ على الاموال العامة لاجيالنا المقبلة بينما تدعو المطالب «الشعبية» بالمقابل لسفك حرمة تلك الاموال على مذبح القضايا الاستهلاكية التي لا تضع في الحسبان ما سيحدث للكويت في القادم من الزمن.

وتعطي الدولة للمرأة حقوقها السياسية، فتسقطها الجماهير وتحرمها من حق الفوز في الانتخابات البرلمانية، كما تحاول عبر بعض ممثليها ابعادها عن الكرسي الوزاري، وتسعى الحكومة لتطبيق القانون ومنع التجاوزات على اراضي الدولة في وقت تسعى فيه الجماهير للاستيلاء على الاراضي العامة تحت الف مسمى ومسمى، كما تحاول عبر بعض ممثليها محاسبة المسؤول الذي يحرص على تطبيق القوانين، لا العكس.

ويسعى المسؤولون في الدولة لتعزيز مبدأي العقاب والثواب وعزل المتجاوزين فتأتي رياح الجماهير قوية ومعاكسة لذلك التوجه، بل تدعو في بعض الاحيان للتمسك بهؤلاء المتجاوزين ومكافأتهم ان امكن.

ان المجتمعات الانسانية لا تتجه للامام عبر الشعارات التي ترفع دون مضمون ولذلك فنحن في حاجة ماسة لحركة مجتمعية نشطة تقوم بإنهاض الهمم وتوقظ الضمائر التي افسدتها المصالح الشخصية الضيقة حتى تتطابق الاقوال مع الافعال وتبدأ سفينة الوطن بالتحرك ودون ذلك سيمر علينا قرن، ولربما ألفية اخرى، ونحن نحلم كجماهير بالاصلاح ليلا لنمارس الفساد نهارا.

سامي النصف

لماذا تخلفنا 3 عقود؟!

من الجُمل التي تصدح بها بعض قوى المعارضة وترددها بعدها الجموع دون تفكير هي السؤال المتكرر عن السبب في عدم بناء اي جامعات أو مستشفيات أو بنى أساسية رئيسية خلال 3 عقود، مما اتاح الفرصة للجيران للتفوق علينا، متناسين دور القوى نفسها الرئيسي في ذلك التخلف وحقيقة استمرار ذلك الدور حتى يومنا هذا.

ان لتخلفنا خلال تلك الحقبة اسبابا عدة منها ادعاء بعض قوى المعارضة الدائم بأن كل مشروع سرقة، وكل مسؤول متجاوز، مما جعل الحكومات المتعاقبة تقوم بإعلان طهاراتها امام الشعب عبر التوقف عن تنفيذ أي مشاريع كبرى، وقد امتد هذا الامر حتى لفترات غياب مجلس الامة، حيث ان طرح اي مشروع رئيسي في تلك الفترة سيتم التعقيب عليه من بعض قوى المعارضة بالقول «غاب القط العب يا فار» وان الحل لم يتم الا لتمرير سرقات ذلك المشروع.

سيادة نظرية حكومية كانت تضع دائما «الشيء مقابل الشيء» اي لا تحدثونا عن قضايا التنمية والتعمير والبورصة وبقية الامور الاقتصادية ما دمنا مشغولين بقضية الامن الداخلي (الثمانينيات) أو الخارجي (التسعينيات) وهو أمر استمعنا الى شيء قريب منه قبل فترة قصيرة عندما نزعت ملكيات المشاريع الكبرى في الدولة من يد اصحابها عبر الغاء عقود B.O.T، وقيل لهم انكم تربحون اقتصاديا بينما نخسر نحن سياسيا أي مرة اخرى وضع شيء (السياسة) في موقف مضاد لشيء آخر (الاقتصاد) بينما يفترض ان تمشي الامور من امن وسياسة واقتصاد بشكل متواز يدفع بعضها بعضا الى الامام.

النظرة الخاطئة لبعض التيارات السياسية السائدة (تحديدا الدينية والمحافظة) لعمليات التغيير، فإنشاء الجامعات والاسواق والمدارس والطرق والمستشفيات يعني بنظرها الانفتاح الذي سيخل بالاخلاق العامة في الدولة، لذا حاربت بشكل علني او عبر مسؤوليها القابضين على مفاصل الدولة عمليات البناء والتطور كي لا نصبح مثل تلك الدولة المنفتحة المليئة بالمخالفات الشرعية حسب رؤيتها.

في الوقت ذاته تسيدت على الجهاز التنفيذي في البلدية التي بيدها المنح والمنع وبعض الوزارات المعنية الاخرى ولمدد طويلة في السابق عقليات فاسدة مفسدة محاربة لكل مشروع ابداعي مادام لا يدخل في جيبها الخاص شيء، مستغلة عدم المحاسبة السائدة في البلد بسبب واسطات الاعضاء، فكلما رفضت مشروعا او افسدت حلما يفيد الكويت تم التمديد لها، ومازلت اطالب بإنشاء لجنة تحقيق تاريخية تبحث عن الفاعلين والجناة في قتل كل الافكار الجميلة التي تقدم بها رجال القطاع الخاص، بل بعض المسؤولين من وزراء وغيرهم وجعلها تنتهي كجثث هامدة في ادراج يغطيها الغبار.

وبودنا ان نسأل بعض المخضرمين من نواب وساسة ممن كانوا في مواقع المسؤولية في مجلس الامة او على رأس حركات سياسية مسموعة الصوت عمن منعكم من رفع الصوت آنذاك والمطالبة بإنشاء المستشفيات والجامعات والاسواق التي يتم التباكي عليها هذه الايام، فمحاضر مجلس الامة موجودة وشاهدة بأنكم لم تكتفوا بعدم المطالبة، بل كنتم انتم من يسيء الظن ويمنع قيام المشاريع الكبرى التي تنهض بحال البلد.

آخر محطة:
العزاء الحار لعائلة آل شميس الكرام بوفاة العم المرحوم عبداللطيف الشميس، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.