سامي النصف

المصالحة الوطنية وعبدة الشيطان

نشرت الصحف قبل مدة اعلانا لاحد افراد عائلة العوضي الكريمة شكر فيه صاحب السمو الامير، حفظه الله، على تدخله لاصلاح ذات البين بينه وبين بعض اقاربه، كما نشرت الصحف قبل يومين استقبال سموه للشيخين خليفة وعلي الخليفة الصباح ثم النائبين عدنان عبدالصمد واحمد لاري لاغلاق ملف التأبين، ولا شك ان تلك الجهود الطيبة لـ «اطفائي» الازمات في الكويت ستساهم في حل بعض الاشكالات القائمة على سطح الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعائلية الكويتية، والمطلوب ان تساهم جهات اخرى وافراد في تلك المسيرة الطيبة كل بقدر جهده.

وضمن الامور المستغربة انه في الوقت الذي يتكاتف ويتلاحم فيه ابناء امم يبلغ عدد سكانها المليارات كالصين والهند والحال كذلك مع أتباع امم اخرى واسعة الارجاء وافرة السكان، نجد ان الخلاف على اشده في بلدنا الذي لا يزيد عدد سكانه على مليون نسمة ولا تزيد مساحته الآهلة بالسكان على 30كم شمال وجنوب العاصمة حتى ندر ان نسمع بكويتي يشيد او يثني على كويتي آخر وكأن الكويت خلت من الاخيار والطيبين، والعياذ بالله.

لقد استفحل الخلاف الشديد دون مبرر بين ابناء الاسرة الواحدة وامتد الخلاف ليشمل ابناء المجاميع السياسية والاقتصادية والدينية وحتى ابناء المهنة الواحدة الذين اعتادوا ان يتراصوا في الامم الاخرى كي يدافعوا عن مصالحهم المشتركة فوجدنا لدينا ظاهرة الطبيب ضد الطبيب، والدكتور ضد الدكتور، والمحامي ضد المحامي، والصحافي ضد الصحافي، والاديب ضد الاديب ..الخ، بشكل بعيد عن التباين والتنافس الصحي الذي يهدف للصالح العام فأغلب تلك الخلافات والصراعات قائمة على معطى شخصي لا غير ولو سألت اغلب المتخندقين بها وحولها عن اسبابها لما وجدت عندهم اجابة معقولة عدا مقولة «مع الخيل يا شقرا» فاذا شاهدنا اناسا يتصارعون فبدلا من الاصلاح بينهم تصارعنا معهم.

وتثبت ظاهرة الصراع المستدام في الذهنية الكويتية ان جينات مقاتلي حربي «البسوس» و«داحس والغبراء» اللتين يضرب بهما المثل في الغباء والتدمير الذاتي الهدمي قد ورّثت مرة اخرى لدى الاحفاد، والغريب ان نسمع من امثال هؤلاء المتخندقين والمتحاربين شكوى مريرة من تخلف الكويت عن جاراتها دون ان يشيروا باصبع الاتهام لانفسهم، فكيف لمرفق من مرافق الدولة ان ينهض وينافس اقرانه من الجيران والقائمون والعاملون فيه يمضون جل اوقاتهم في «كعبلة» وعرقلة بعضهم البعض حتى اصبحنا كالسفينة التي يجدف نصف بحارتها الى الامام ونصفهم الآخر الى الخلف فتبقى ساكنة في الميناء رغم وفرة الجهد الضائع، بينما تمر عليها سفن الجيران منطلقة بأقصى سرعتها الى المستقبل الزاهر.

ولتلك التخندقات الضارة والمعارك والصراعات العبثية اكثر من سبب، فبعضها يقوم على معطى الحقد والحسد غير المبرر، الذي يؤمن بعض اصحابه بسياسة «الارض المحروقة» او مقولة «علي وعلى اعدائي يا رب»، تجاه الناجحين، والبعض الآخر يقوم على تصديق مقولات الزيف والكذب والافتراء وتصديق الاشاعات والاقاويل دون عناء التأكد مما ينقل من المصدر مباشرة وهو احد ادنى مستوجبات العدل، والبعض الثالث – وخاصة ما هو قائم في الدوائر الحكومية – يقوم الخلاف الشديد فيه على معطى عدم الاحتراف حيث يقوم بعض الموظفين باختصام رؤسائهم والتشهير بهم دون الاحترام الواجب من المرؤوس لرئيسه، او بالمقابل الخطأ الفادح لبعض الرؤساء واعتقادهم ان الوزارات والمؤسسات الحكومية هي ملك «خاص» بهم يقربون او يبعدون من جنتها من يشاءون، ضاربين بالانظمة والقوانين عرض الحائط، والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
 
1 – نحتاج لمؤتمر مصالحة وطنية يتم خلاله مصالحة القريب مع القريب واصحاب التوجهات السياسية والمهنية مع بعضهم البعض وهذا العمل اجدى وانفع للجنة الظواهر السلبية من التعامل مع قضايا لا تمس الا اعدادا لا تذكر من المواطنين او حتى لا توجد، ولله الحمد، في مجتمعنا كأكذوبة عبدة الشيطان التي اخترعها احد الاعلاميين لجذب المشاهدين لبرنامجه والتي سيحولها الوهج الاعلامي والبرلماني لحقيقة واقعة، لحب الشباب لكل ما هو غريب.

2 – لو وزع عدد الشكاوى والدعاوى والعداوات على عدد السكان لحاز بلدنا، ولا فخر، المركز الاول بين امم الارض.

سامي النصف

عتب رئيس البرلمان

نقل الزميل الباسم داهم القحطاني في عدد الأمس للزميلة «الراي» عتب سعادة رئيس مجلس الأمة على رجال السلطة الرابعة وقال ان عليكم ان تتذكروا ان للمسؤولين أهلا وزوجات وأبناء وهو حس انساني راق غير مستغرب من أبو عبدالمحسن ومازلت اذكر ما قاله لي احد الاصدقاء من الوزراء من انه يقرأ الصحف يوميا بعد صلاة الفجر كي يخفي الجريدة التي تحتوي على هجوم شخصي يمسه كي لا يغضب ابناؤه او تتم الاساءة لصورته عند أهله.

هذا العتب المقبول من أبو عبدالمحسن هو بالقطع طريق ذو اتجاهين كونه يطرح بالمقابل تساؤلا حول من يسيء من رجال السلطة التشريعية للآخرين وللمؤسسة التي تضمه بل حتى لزملائه النواب حتى وصل الانحدار الأخلاقي لمستوى جديد يتقصد به النائب الأبرياء من أقارب وأهالي المواطنين حتى أصبحت الحصانة البرلمانية التي يقصد بها حماية العضو من كيدية الحكومة وسيلة يختبئ بها ممثل الشعب من أبناء الشعب المعتدى عليهم.

ان احدى الوسائل اللاأخلاقية التي يستعملها بعض النواب لتشويه صورة من يستقصدونهم هي عبر توجيه اسئلة برلمانية توزع على وسائل الاعلام يتم من خلالها وعلى سبيل المثال سؤال وزير المالية عن تفاصيل ارساء عطاء خارج اطار القانون وبعشرات الملايين على «زيد بن عمر» وهو الشخص المراد تشويه سمعته، وسؤال آخر لوزير الداخلية يتضمن طلب محاضر القبض على «محمد بن زيد بن عمر» في احدى الشقق المشبوهة وبالطبع ستأتي الاجابات اللاحقة التي تودع بالسر لدى أمانة سر مجلس الأمة نافية وجود مناقصة أرسيت أو عملية قبض تمت، وتلك العملية اللاأخلاقية نلحظها تمارس بشكل أو آخر كل صباح دون رادع ديني أو واعز أخلاقي.

ففي مصر على سبيل المثال يسيطر الحزب الوطني على أغلب مقاعد مجلس الشعب الا ان ذلك الحزب لا يتوانى كل عام في اسقاط عضوية المتجاوزين من النواب من اعضائه كمن استغلوا صفتهم البرلمانية للحصول على القروض الضخمة من البنوك وسموا بنواب القروض ومثلهم النواب الذين تورطوا في قضايا تهريب الممنوعات، لدينا بدأت هذه الأيام الأنباء تتواتر عن نواب يتاجرون بالبشر مما أوصل سمعة بلدنا للحضيض فهل سنسمع عن اي محاسبة لهؤلاء متى ما ثبتت التهم بحقهم كالحال في مصر أم سنقرأ عن رفض آخر لرفع الحصانة؟!

وسنقف بقوة مع المطالبة بالسجن 5 سنوات لمن يدعون للحل غير الدستوري بل سنطالب بمضاعفتها على شرط ان تخلق توازيا معها آلية تحاسب بعض النواب ممن تسببوا في إعطاء الصورة المشوهة جدا لممارستنا الديموقراطية حتى أوصلت قطاعا لا يستهان به من المواطنين إلى الكفر بها والمطالبة بذلك الحل غير الدستوري وأحالوها بأفعالهم من القدوة الحسنة للاخوة في الخليج والمنطقة العربية الى القدوة التي لا يريد احد الاقتداء او الاستشهاد بها، ان محاسبة المتجاوزين من الاعضاء هي الكفيلة بمعالجة أصل مرض «الحل غير الدستوري» لا اعراضه المتمثلة بدعاوى المواطنين والكتاب.

آخر محطة:
وسط ظلام قلة القدرة والكفاءة المتفشية في مجتمعنا للأسف، تسطع شموس ونجوم تضيء الطريق لأجيالنا الصاعدة، فالشكر الجزيل لطبيب العيون والغطاس البارع د.خالد السبتي على قدراته المميزة وعنايته الراقية والانسانية بمرضاه وجزاه الله كل خير عنهم وأكثر من أمثاله.

سامي النصف

رجال الدين ورجال السياسة

تمتاز اللعبة السياسية العربية، ولربما بعكس الألعاب السياسية في الدول الأخرى، بتواجد رجال الدين ضمن لاعبيها من منظور حقيقي هو ان الإسلام «دين ودولة»، وهو أمر نافع ومفيد لأخلاقيات تلك اللعبة متى ارتفع رجل الدين بالسياسية لمستواه بدلا من أن ينزل هو لمستوى ومتطلبات اللعبة السياسية التي تحتاج في بعض الأحيان إلى كثير من الغش والكذب والخداع وهي أمور لا تصح ولا تصلح أبدا لرجل الدين الذي لا يمثل كحال رجل السياسة نفسه بل يمثل العقيدة التي يتدثر بردائها الكريم وينعكس بالتالي أداؤه على نظرة الناس لها.

لذا فمن بديهيات القول ان على رجال الدين وهم يمارسون السياسة ألا يضعوا «إعادة الانتخاب» أو خدمة الناخب، ظالما أو مظلوما، هدفا لتحركاتهم وممارستهم بل عليهم تحكيم الضمير، وان يكونوا القدوة الحسنة في أخلاقهم وتصرفاتهم فلا يشتموا أو يفحشوا أو يغضبوا أو يفجروا في الخصومة عند الاختلاف حتى تصبح الممارسة الخليجية والعربية والإسلامية مثالا يرفع أمام الأمم الديموقراطية الأخرى.

وفي المقابل، على الناخبين ان يجلوا ويحترموا رجال الدين من الساسة فلا يتعاملوا معهم كما يتعاملون مع بقية النواب أي ان يستغلوهم في حروبهم وخصوماتهم وأكاذيبهم وافتراءاتهم حتى لا تتسبب تلك الأفعال الدنيئة في الضرر لرجال يفترض ان يكونوا فوق تلك الترهات والادعاءات، وان يكون الناخب أول الحريصين على عدم إيذاء سمعتهم وكرامتهم ومن ثم زجهم في تعدياتهم على الأبرياء.

أما رجال السياسة من أهل الدين فنذكرهم ونذكر أنفسنا ونذكر بقية النواب بحديث رسول الأمة ( صلى الله عليه وسلم ) «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» فمطلوب من النواب وخصوصا رجال الدين منهم ان يحفظوا الأمانة ويصدقوا في القول ويحفظوا ما عاهدوا الأمة عليه في قسمهم وألا يفجروا في الخصومة كأن ينحرفوا بالأدوات الدستورية عن مقاصدها الخيرة وغيرها من ممارسات سالبة.

آخر محطة:
أتى في صحيح الكافي عن أبي جعفر ( رضي الله عنه ) «إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره» الى آخر الحديث الذي يدل على ما للغضب من ضرر على الناس فلنسمع ولنتعلم ولنتعظ.

سامي النصف

شرف الخصومة

اختلاف الخلق حول القضايا المختلفة امر طبيعي ومعتاد ولاضرر منه على الاطلاق مادمنا حافظنا على «شرف الخصومة».

وقد تباينت ذات مرة بالرأي مع احد النواب فلم اذكر اسمه في مقالي، الا انه ذكر اسمي بالسوء في مقاله، فأتتني انذاك اتصالات تستهجن ما كتبه، الا انني اعتبرت الموضوع منتهيا مادام الامر لم يزد على تبادل وجهتي نظر قد تخطئ أو تصيب، الا انني فوجئت بذلك النائب يرسل للنشر حزمة من الاسئلة الكيدية المليئة بالمغالطات المفضوحة، يروم منها الاساءة المقصودة لي عبر وضع الاسم الثلاثي لابني الطيار، وارسالها لوسائل الاعلام في قضية واضح عدم الخطأ فيها وضوح الشمس في منتصف النهار، ومن ثم لا تستحق قطرة حبر واحدة مما كتب فيها.

فمن يرتحل على «الكويتية» وغيرها من شركات الطيران العربية والعالمية للقاهرة وبيروت ولندن.. الخ يجد بشكل دائم معه في كابينة الركاب – لا القيادة – طيارين يسجلون اسماءهم كملاحظين او ما يسمى مختصرا «S.N.Y» للسفر على الرحلات المختلفة في الاجازات وغيرها، وهو تماما ما قام به ابني الطيار عند ارتحاله على احدى رحلات «الكويتية»، ولا يتطلب الامر للعلم ان يكون الطيار«الملاحظ» مؤهلا على نوع الطائرة التي يسافر عليها كونه يسافر كراكب منذ الاقلاع حتى النزول، مع ملاحظة ان ابني الطيار كان مؤهلا تماما على الطائرة التي سافر عليها بعكس ما اوحى به السؤال.

ان استخدام الاسم الثلاثي في السؤال الخاص بابني، رغم ان النائب المعني قد تقدم في الوقت ذاته باسئلة ظالمة اخرى مست ابرياء اخرين على الارجح الا انها اكتفت بالاسم الثنائي (!) ومعها استقصاد شاب في مقتبل العمر بقصد الاساءة لابيه هي امور يعف عنها الرجال وتتوقف عندها الاقوال، وهل كان ذلك النائب سيسعد لو انني عاملته بالمثل وتناولت اسم ابنه البريء بالسوء كوسيلة للوصول اليه؟!

وكنا قد اشرنا في مقال سابق لكتاب «المكلمة البرلمانية» للدكتور المختص زين فراج الذي ذكر ضمن كتابه ان من ضوابط الكلام والاسئلة البرلمانية في الديموقراطيات المتقدمة الا يتم ذكر اسماء المواطنين والموظفين العامين حتى لا تتم الاساءة لهم بالعلن ثم تأتي الحقائق جلية ضمن الردود التي تودع في السر لدى امانة المجلس، لذا نرجو من رئاسة ومكتب المجلس الحرص على الا تتم الاساءة مستقبلا لابناء الشعب من بعض ممثلي الشعب عبر الاستقصاد الكيدي للابناء بالاسماء للاساءة للاباء، ولا حول ولا قوة الا بالله.

سامي النصف

ديموقراطية النهب والهدر

قلنا ان الديموقراطيات في العالم تمتاز بمنحها الحريات للشعوب وديموقراطيتنا بالمقابل هي القامع والمصادر الاول للحريات العامة تارة باسم الرقابة وتارة باسم محاربة الظواهر الدخيلة، كما اشتهرت الديموقراطيات عامة بدعم عمليات البناء والتنمية بينما اوقفت ديموقراطيتنا الفتية التنمية بحدها من الاعمار الحكومي لاعتقادها ان خلف كل مشروع كبير سرقة كبرى، ثم ألحقته بإيقاف المشاريع الكبرى للقطاع الخاص المقامة بنظام B.O.T بحجة ان في ذلك تفريطا بالاراضي العامة للدولة التي يجب ان تبقى حسب ذلك الفهم صحارى قاحلة تورث لأجيالنا القادمة.

وجرت العادة ان يصاحب قيام الديموقراطيات وقف النزيف المالي للدول بحكم السلطة الرقابية للبرلمان، الا اننا نلحظ الامر معكوسا تماما في ديموقراطيتنا الفريدة، حيث اظهرت دراسة للزميلة «القبس» ان كلفة الطلبات النيابية المدغدغة لبرلماننا الجديد (برلمان 5 دوائر) جاوزت 17 مليار دينار خلال ايام قليلة وهي في جلها تستهدف القضاء على روح العمل والابداع لدى الشعب الكويتي كحال من يغدق المال على ابنه ليفسده.

ومن أوجه الهدر والصرف غير المعقولة وغير المسبوقة حتى في البرلمانين الصيني والهندي اللذين يمثل نواب كل منهما 1.3 مليار نسمة، حكاية 15 – 20 «سكرتير تنفيعي» لكل نائب ستستخدم بالقطع كمكافأة للمفاتيح الانتخابية يدفع لها من المال العام الذي يفترض ان يكون النواب الافاضل امناء اشداء على اوجه الصرف منه، ونتحدى ان يكون من هؤلاء المنتدبين احد مختص في الاقتصاد او التشريع او المحاسبة.. الخ ممن يحتاجهم النائب لتحسين ادائه.

وبدأنا اليوم نحصد كلفة مزايدات نواب الامس، حيث اتضح تزايد العجز الاكتواري في مؤسسة التأمينات التي تظلنا جميعا بظلها، قارب 10 مليارات دينار، والتساؤل المحق، من اين كنا سنأتي بتلك الاموال لو ان اسعار النفط قد انخفضت بدلا من ارتفاعها ومن سيسد بعد سنوات قليلة عجزا اكتواريا جديدا بسبب دغدغة هذه الايام؟!

ومن بدع البرلمان الكويتي غير المسبوقة في تاريخ الديموقراطيات الاخرى في العالم حكاية اعادة اي مشروع مدغدغ يتم رفضه من قبل عقلاء المجلس على نهج «وراهم وراهم»، اي يسقط مقترح اسقاط القروض فتتم اعادته ويتم اسقاط فتح زيادة 50 دينارا لمن يتجاوز راتبهم الألف دينار، فتتم الاعادة.. الخ، وكأن هناك من حلف واقسم على افراغ خزائن الدولة من الاموال العامة بدلا من الحفاظ عليها، كما اتى في القسم الدستوري كي تبيت اجيالنا المقبلة في العراء.

وكم ثمن الاجازة الصيفية؟! وهل يعقل ان تسلق ميزانية عامة جاوزت 80 مليار دولار في دقائق قليلة لأن هناك من يود الاسراع في قضاء اجازته الصيفية؟! ان الرقابة على الميزانية العامة هي عين الشعب والحكومة والقيادة السياسية على الاموال العامة، فأين ذهبت الملاحظات والتعقيبات التي تحتاج لسهر الليالي في دراسة الميزانية ومشورة المختصين كي تستفيد الكويت من الملاحظات والتعقيبات الراقية على أوجه الصرف في تلك الميزانية غير المسبوقة في تاريخ البلد منذ نشأته؟ لا جواب.

آخر محطة:

(1) مبروك للاخ الفاضل هشام البغلي فوزه بانتخابات المجلس البلدي وسنوصل له ان شاء الله مطالبات منطقتنا المنكوبة.. اليرموك!

(2) و«مبروك» كبيرة، فقد حزنا اخيرا المركز الاول في شيء ما حيث نشرت صحف الامس حيازة ديبلوماسيينا وبجدارة المركز الاول في عدد المخالفات المرورية في ولاية نيويورك مقر الأمم المتحدة مقارنة بديبلوماسيي 200 دولة اخرى، خوفي بعد ذلك أن يتحسر العالم على تحريرنا..!!

سامي النصف

سَكِر فأصبح بطلاً عربياً

ردت مرشحة الرئاسة هيلاري كلينتون على من لامها بأنهم وصلوا لقرب موعد المؤتمر الديموقراطي العام المزمع عقده في شهر أغسطس ولم تنسحب بأن المرشح روبرت كينيدي قام بذلك الأمر قبل أربعين عاما حيث كان يحاول دون كلل الحصول على ترشيح الحزب حتى يوم مقتله في 4/6/68 وقد استهجنت الصحافة ذلك التشبيه مما عجل بانسحابها دون ان يعلموا ان فرصة هيلاري كانت أكبر بكثير من فرصة كينيدي الذي لم يحز إلا 390 من أصوات المندوبين مقابل 570 مندوبا لمنافسه هوبرت همفري الذي خسر في النهاية أمام الرئيس نيكسون.

ويتهم كثيرون الرئيس جون كينيدي بوفرة علاقاته النسائية وهو أمر لا يعد شيئا كما يذكر الكاتب ديڤيد كيسلر في كتابه «داخل البيت الأبيض» مقارنة بخليفته «الكاوبوي» الليبرالي القادم من الجنوب الرئيس ليندون جونسون الذي كان يحضر معه بعد كل اجازة يقضيها في تكساس فتيات جميلات يمارس مع بعضهن الحب على الطائرة الرئاسية في وقت تجلس فيه زوجته الليدي بيرد في مقدمة الطائرة، كما اشتهر عنه تجواله مع أحد «مساعديه» على المبتدئات العاملات في البيت الأبيض (كحال مونيكا لوينسكي فيما بعد) وكان يشير بالاصبع لمن يريدها من الفتيات حيث يفاتحها المساعد بالأمر ويرتب جلسة الأنس متى ما وافقت وهي أمور كانت مقبولة في حقبة الستينيات أي زمن الحريات الجنسية.

وفي يونيو 67 حدثت النكسة العربية الكبرى، وفي يونيو 68 كان الشعب العربي مازال محبطا ويبحث بلهفة عن بطل يرفعه للعلياء بدلا من بطله السابق عبدالناصر حتى أحيلت هزيمة «الكرامة» في الأردن التي وقعت في شهر مارس من ذلك العام الى بطولة وهمية رفع من خلالها البطل الجديد ياسر عرفات الى عنان السماء وتسابق بعد ذلك مئات «الأبوات» من قيادات المنظمات المختلفة لادعاء عمليات وبطولات وهمية داخل اسرائيل طمعا في المال والسمعة.

ضمن تلك الساحة العربية المتعطشة لبطل وصل المرشح الديموقراطي روبرت كينيدي لفندق الامبسادور في لوس انجيليس ضمن جولته الانتخابية وكان حاله كحال المرشحين الأميركان في الأمس واليوم قد اعلن عن دعمه لاسرائيل ووعد ببيعها طائرات الفانتوم حال فوزه، ولم يكن ذلك الدعم – للعلم – سيغير من وضعه الانتخابي اليائس شيئا كما ان بقية المرشحين قد وعدوا بالشيء نفسه ووصلت فيما بعد تلك الطائرات لاسرائيل التي حققت من خلالها الانتصار في حرب الاستنزاف حيث مكنتها من ضرب العمق المصري ومنعت وصول الطائرات المصرية لعمقها لتفاوت القدرات الكبير بين الطائرات الأميركية والروسية.

في الوقت ذاته كان يوم 4/6/68 تعيسا جدا لشاب فلسطيني هاجر قبل عشرة أعوام لأميركا ولم يعرف عنه قط اهتمامه بالسياسة بل انصرف كليا للعمل في احد أندية الصيد والفروسية كـ «جوكي» وكان يتدرب كحال الأميركان على ضرب النار من مسدسه الشخصي الصغير في ذلك النادي وقد ترك ذلك المساء النادي غاضبا لأحد البارات ليحتسي أربعة أقداح «توم كولن» كبيرة ويسكر للمرة الأولى في حياته كما روى في اعترافاته التي نشرت في كتاب «قتل روبرت كينيدي» للمحقق الجنائي الشهير دان موليديا.

لم يستطع سرحان المشي او قيادة سيارته للذهاب لبيته لذا دخل بالمصادفة البحتة لمطبخ فندق امبسادور صارخا «قهوة، قهوة» كما يروي الشهود الا ان القدر جعل المرشح كينيدي يترك الممر الطبيعي والمعتاد ويدخل الى المطبخ للسلام على الطباخين ليفاجأ سرحان السكران والغاضب والمشوش معا بشخصية بارزة أمامه فيخرج مسدسه ويطلق النار دون وعي ومازال حتى هذه اللحظة يروي أنه لا يذكر ما حدث على الاطلاق وينتهي الحادث في تلك المرحلة المضطربة بأن يصبح السكران سرحان بطلا قوميا عربيا ولولا مسيحيته لأصبح بطلا اسلاميا كذلك، ويذهب روبرت كينيدي ضحية لعربي فاقد الوعي يبحث عن فنجان قهوة أميركية لا عربية لاستعادة وعيه.

آخر محطة:
بعد عرض فيلم «المرشح المنشوري» قبل أعوام قليلة الذي يظهر مرشح رئاسة أميركيا يزرع في رأسه زر صغير يجعله يأتمر بالأوامر ويفعل أشياء لا يتذكرها فيما بعد، قال أصحاب نظرية المؤامرة الأميركان ان سرحان هو أول من جرب عليه ذلك الاختراع وان ذلك سبب عدم اطلاق سراحه حتى اليوم ونسي اخوتنا الأميركان دعاة المؤامرة ان عقلنا العربي لا يحتاج لزرع أزرار كي تشوش عليه للقيام بأعمال مجنونة لا يذكرها فيما بعد فتلك الأمور مزروعة في ادمغتنا خلقة ونقوم بها كل يوم.

سامي النصف

الأشجار تموت واقفة

صندوق المعسرين الذي تقدمت به الحكومة كأخف الشرّين أمام الفكرة المجنونة والظالمة القاضية بإسقاط القروض، يذكرنا بصندوق آخر فرضه المجلس اوائل الثمانينيات على الحكومة وسمي آنذاك بصندوق صغار المستثمرين والذي حدد رأسماله بـ 500 مليون دينار بقصد طيب هو إنقاذ الصغار، فانتهى بإفادة الكبار بعد ان تجاوزت الاموال التي صرفت منه 2 مليار دينار، وساد التدليس بعض اعماله فعوقب – كالعادة – الشريف واستفاد المتحايل.

اشكالية صناديقنا وحلولنا انها غير مستوردة، اي انها اختراعات كويتية بحتة، تلبس الدشداشة والعقال، ولم تجرب في بلدان اخرى حتى تعرف اوجه الخطأ والقصور وتسد الثغرات تباعا، ومما سمعته شخصيا بالأمس ان عمليات التدليس والتحايل قد بدأت للاستفادة بطريقة غير مشروعة من الصندوق، واننا سنشهد خلال الايام القليلة المقبلة رفع عشرات ولربما مئات القضايا والدعاوى المصطنعة التي تحيل المشتكى ضدهم (بالتراضي) الى معسرين كي يستفيدوا من الملايين التي رصدت للصندوق الذي نود ان يغلق فور انتهاء اعماله وامواله والا يتم طلب صندوق ثان وثالث.. الخ، كل عدة سنوات ليسدد المال العام ثمن مغامرات المغامرين.

جرت العادة في العالم اجمع ان يبتدئ الانسان حياته العملية بشراء سيارة معقولة الثمن وبناء بيت صغير يتناسب مع دخله وحجم عائلته، وبعد سنوات طوال ومع ازدياد الدخل يتم التغيير الى سكن اكبر وسيارة احسن، ولدينا يحدث العكس تماما، حيث يبدأ الشاب الصغير بشراء افخم وافخر السيارات وبناء اكبر المنازل حتى قبل ان يصل ولي عهده الاول ثم الصراخ المعتاد «الحقونا يا حكومة، والحقونا يا مجلس».

«خطآن لا ينتج عنهما قط صواب واحد»، اذا كان السكوت عن التجاوزات على الاراضي العامة للدولة خطأ كبيرا فإن ما يتم هذه الايام – وكما ابلغني محب البيئة الصديق عمر القاضي – من تدمير للاشجار وكل شيء اخضر جميل جنوب البلاد هو بمنزلة الدواء الذي هو اسوأ كثيرا من المرض ذاته.

اننا بحاجة لقرار سريع من الجهات العليا في الدولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولإيقاف عمليات قتل الأشجار البريئة مادام انه لا يوجد ما يدل على تسييجها او اقامة منشآت وإحاطة حولها.

إن ما يقوم به عاشق البيئة الصديق عمر القاضي وغيره من اصحاب المنازل والشاليهات من زراعة المناطق القريبة منهم امر يجب ان يشجع مادام انه لم يسيج او يدعي ملكيته، خاصة ان الذي يقوم بذلك يصرف عليه من جهده وحرمانه دون مردود عدا تخضير بلده الصحراوي حيث تخفف الزراعة من الغبار المتطاير الذي يملأ الاجواء.

آخر محطة:
سواء في المناطق السكنية او الشاليهات الجنوبية لا يجوز لوزارة المالية ان تحل محل ادارة المرور في تقرير مناطق الامان القريبة من الشوارع التي تمنع الزراعة بها.

سامي النصف

القمعيون الجدد والديموقراطيون الجدد

السبب الرئيسي لوفرة الفتن والمشاكل في منطقتنا العربية هو استمراء بعض السفهاء لمعطى الافتراء على الآخرين والادعاء عليهم بما لا يقولونه أو يضمرونه، ثم ادعاء البطولات الكاذبة عبر الرد المفحم على أقاويل وأكاذيب هم من اختلقوها وادعوها، وهو أمر نلحظه كثيرا عند اختلاف المذاهب والأديان، حيث ينسب الخصم لخصمه ما يريد ثم يتكفل بالرد المفصل على بطلان ما ادعاه هو ذاته، دون ان يتعب أحد نفسه بالتأكد من ثبوت الدعوى على الآخر.

مثل ذلك قيام مئات الدواوين برفع عريضة تبدي فيها دعمها الكامل للنطق السامي الداعي لتخفيف الأزمات السياسية وتركيز الجهود على عمليات البناء والتنمية، وقد عكسوا ذلك التوجه برسالة مكتوبة بلغة عربية فصيحة لا لبس ولا غموض فيها، وكان يفترض، حالها كحال جميع الرسائل والعرائض الأخرى التي ترسل لولي الأمر من قبل المواطنين بل حتى من قبل أعضاء المجلس أنفسهم، ألا يعلم بها أحد ومن ثم لا تثير الضجة التي أثارها خصومها، لا الموقعون عليها.

ومن البديهيات التي يعلم بها الصغير قبل الكبير أنه لو اجتمع المئات من اصحاب الدواوين من الموقعين على رسالة «للتآمر على الدستور» أو «لطلب الحل غير الدستوري» لعلم بذلك السر الكبير الكويت قاطبة فالكويت بلد لا سر يخفى فيه، إلا أن من الأمور الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار أن أحدا لم ينسب للموقعين الأفاضل أي رواية تثبت أن هناك من أشار، تصريحا أو تلميحا، لذلك التوجه المعادي للدستور.

ورب ضارة نافعة، فقد اظهرت ردود الفعل على تلك الرسالة التي وقع عليها أبناء الكويت من أقصى شمالها إلى جنوبها للسطح وجود تجمع يصح تسميته بـ «القمعيين الجدد» ممن يؤمنون بأن حرية الرأي التي نص عليها الدستور مقتصرة عليهم فقط ولا مانع لدى هؤلاء القمعيين ومن تبعهم من «ببغاوات» شارع الصحافة، كما اسماهم أحد الزملاء، من استخدام كافة وسائل الزيف والافتراء والخداع تجاه الخصوم وتكرار تلك الاكاذيب حتى يصدقها البسطاء من الناس.

ومع قدوم «القمعيين الجدد» خلقت معهم شريحة «الديموقراطيين الجدد» ممن لا يخرج تأييدهم الاعلامي ونصرتهم للديموقراطية ومجلس الامة عن المصالح الشخصية البحتة حيث يمثل المجلس لهم تحقيق المطالب المدغدغة والشعبية غير المسبوقة في تاريخ بلدان العالم الاخرى ولو وعدوا بتحقيق تلك المطالب المدغدغة في غياب المجلس لما مانعوا للحظة من تأييد الوضع الجديد.

يتبقى القول إن ظاهرة القمعيين الجدد والديموقراطيين الجدد قد تفشت في ديموقراطيتنا الفتية حتى بتنا نخشى أن تصبح هي القاعدة وما عداها استثناء، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:
التهنئة القلبية للأخت الفاضلة فاطمة يوسف العلي لحصولها على شهادة الدكتوراه والتهنئة موصولة لبعلها الزميل صالح الشايجي، ومبروك.

سامي النصف

الهوية الخليجية والروشتة الثورية

تمثل قصة النجاح الخليجية القائمة على التعقل والحكمة احراجا كبيرا للثوريات العربية التي تسلمت دول حضارة تملك بشكل فريد اربعة من مقومات النجاح قلّ ان وجدت في بلد آخر وهي الطاقة والماء والارض الزراعية والمناخ المعتدل واسس الاستقطاب السياحي الثقافي والديني والترفيهي الا انها انتهت بتدمير البلدان التي ابتليت بها واوصلتها الى الحروب والكوارث والمجاعات.

فبعد الدعاوى الكاذبة بفشل مجلس التعاون (قارنه بالمجالس الاخرى في المنطقة) والصياح الثورجي على معاهدات التحالف الدولية مع الديموقراطيات الكبرى في العالم بحجة عودة الاستعمار(!) من قبل من جعل من بلاده قواعد عسكرية للمستعمر الاكبر في التاريخ ونعني الاتحاد السوفييتي الذي كان يستعمر ويحكم بالحديد والنار 15 جمهورية ضمن مكوناته اضافة الى استعماره دول اوروبا الشرقية وبعض دولنا العربية حيث كان سفيره في عدن على سبيل المثال يغير حكامها بأسهل مما يغير الوان بدلاته.

وعندما فشلت جميع تلك الغوغائيات الثورية في تفكيك اواصر اللحمة الخليجية او فسخ معاهداتها مع الدول الحليفة، بدأت نغمة او اسطوانة جديدة تسفك فيها دموع التماسيح على ما سمي بـ «فقدان الهوية الخليجية» مستغلين ما نسب الى احد مسؤولي الأمن في الخليج ممن لا نعلم حقيقة ما قاله وان كنا نعلم ان المحاسبة تتم على ما يعمل لا على ما يقال حيث ان الامارة التي يتولى مسؤولية الأمن بها يقارب عدد العمالة الاجنبية فيها 90% دون مشاكل.

اننا في حقيقة الامر امام وصفتين طبيتين مجربتين، الاولى هي الوصفة الخليجية القائمة على الانفتاح والتسامح وعدم الخوف على الهوية وهي وصفة جربتها مصر في عصرها الذهبي حين فتحت ابوابها حتى منتصف القرن الماضي للملايين من الاوروبيين وغيرهم للعمل على ارضها فأفادوها واستفادوا منها حتى ان السد العالي هو فكرة مهندس يوناني مقيم في مصر ومثل ذلك قناة السويس التي هي فكرة وتنفيذ المهندس فرديناند ديليسبس المقيم هو ووالده في القاهرة وقد ساهم هؤلاء بعلمهم واموالهم مع مضيفيهم المصريين بجعل مصر «باريس افريقيا» والقدوة الحضارية التي نظر لها الالمان واليابان اوائل القرن الماضي، الوصفة الثانية هي الروشتة الثورية القائمة على النظرة الشوفينية العنصرية للآخرين وطردهم وتأميم ممتلكاتهم كما حدث في مصر بعد عام 52 وغيرها من دول ثورية ادت بها الى الخراب والدمار.

اخيرا ان الهوية الخليجية والقومية العربية والدين الاسلامي بألف خير وعافية في اقطارنا الخليجية ولا خوف عليها الا من اصحاب الطرح الثوري ممن يريدوننا ان ننظر لاخوة لنا في الانسانية، يشاركوننا بناء اوطاننا وتحقيق المعجزات القائمة، بنظرة الازدراء والطرد كي تتوقف عمليات التنمية في الخليج كما توقفت في الاقطار التي ابتليت بهم بدلا من ان يأخذوا هم بوصفتنا الناجحة فيفتحوا بلدانهم للآخرين كما تقوم بذلك جميع الدول المتقدمة التي لم تعد عواصمها او حتى منتخباتها الرياضية يتمثل بها عنصر واحد حيث وجدوا ان التنوع والتسامح هما وصفة النجاح الدائم.

آخر محطة:
لا تطمح ولا تطمع العمالة الاجنبية في التوطين او الحصول على الجنسية الخليجية لذا فمن اين اتت دعاوى الخوف على الهوية الخليجية التي هي دعوى حق اخرى يراد بها باطل؟

سامي النصف

أرق وزير المواصلات

توسعت أعمال ديوان المحاسبة وأصبح الديوان يمسك بمفاصل الدولة، فعبر تقاريره يتم استجواب وإبعاد الوزراء، لذا نرجو الحرص كل الحرص على ألا تتولى زمام أموره أطراف حزبية أو سياسية تصبغه بصبغتها وتجعل هذا الطرف أو ذاك يهيمن بشكل مباشر على القرار الحكومي في بلد تتغير فيه التحالفات والصداقات بأسرع من تغيير سرعة الرياح، وكيل الديوان السيد عبدالعزيز الرومي شخصية كفؤة عاقلة أمينة غير منتمية لأي تيار وهو المرشح الأفضل لذلك المنصب المهم بعد تقاعد العم براك المرزوق الذي لا توفيه الكلمات حقه من الثناء.

أقولها بصراحة كبيرة وبقلب محب للديموقراطية في البلد: إنني أجد استحالة – لا صعوبة – في شرح أو ترجمة القضايا التي تدور حولها الأزمات في ملعبنا السياسي لأي صديق أو إعلامي زائر، أي كيف أشرح أزمة رسالة الدواوين أو لبس الوزيرتين أو الظواهر السلبية أو المقترح الأخير بالسجن 5 سنوات لأي مواطن يبدي رأيه الحر الشخصي بدعم الحل غير الدستوري، أحد الزملاء المخضرمين لم يتعرض لمثل هذه العقوبة القاسية جدا إبان المجلس «المزور» عام 67 عندما قام بزرع المتفجرات في منزل وزير الداخلية، فهل يتعرض لها هذه الأيام بسبب مطالبته الشخصية بالحل غير الدستوري؟ وللعلم لا توجد اتفاقية تبادل مجرمين مع البرازيل إن أحب الارتحال إليها.

لدى بعض مصوري البرلمان مكر شديد، فقد قام البعض منهم بنشر صور للقطات مقربة تظهر بعض النواب المعترضين على لبس الوزيرات الفاضلات وهم في حالة أحاديث ضاحكة معهن لذا فما الداعي لعمليات التصعيد غير المبررة التي تحاول الحصول على حكم قضائي دستوري بفرض «الملافع» أو «البراقع» على وزيرات الحاضر والمستقبل؟! علينا أن نحاسب الوزيرات الفاضلات على ما في رؤوسهن من خطط لخدمة الوطن والمواطنين لا على ما يلبسنه فوق الرؤوس.

لا ألوم على الاطلاق وزير المواصلات الفاضل عبدالرحمن الغنيم على تكرار مقولته انه لا ينام الليل بسبب قضايا السلامة في «الكويتية» واشاطره تماما ذلك التقييم الذي ستتلوه مقالات مختصة لاحقة، وأرى أن مساري السلامة والتخصيص متلازمان، حيث لن يتقدم احد لشراء مؤسسة ذات طائرات متهالكة يتم التخبط الشديد في التعامل مع قضايا السلامة فيها، لقد دوّن في محاضر مجلس الامة ذلك التحذير الذي يمس حياة كل مواطن، ويفترض أن يتلوه تقرير يومي يوضع على مكتب الوزير كل صباح عن مستوى السلامة في المؤسسة من قبل الجهة المختصة بالرقابة عليها، ونعني سلطة الطيران المدني التي يرأسها شخص شديد الكفاءة والاختصاص هو م.

فواز الفرح الذي يجب ان يستمع لاقواله وألا يضرب بتوصياته عرض الحائط.

وفي هذا السياق لم أفهم على الاطلاق ما قاله أحد النواب من أن شراء الطائرات قبل التخصيص خط أحمر، فما نعرفه هو أن «جميع» شركات الطيران العربية الحكومية قد تقدمت دون استثناء بطلبات شراء طائرات وتحديث لاساطيلها توفيرا لنفقات الوقود الباهظة وحفاظا على سلامة ركابها، رغم أن كثيرا منها لديه خطط مستقبلية «للتخصيص»، فهل من قال تلك المقولة أكثر علما وعقلا وكفاءة من القائمين على تلك الشركات الحكومية الدولية كالإمارات والقطرية والاتحاد والخليج..إلخ؟ قاتل الله الجهل والفساد وسيادة مبدأ إما أن استفيد شخصيا أو فلتذهب المصلحة العامة للجحيم.

وللمعلومة، سواء بقيت «الكويتية» حكومية وهو الأمر المرجح، أو وجدت – في أمر أشبه بالاستحالة – من يرضى بشراء شركة تخسر مئات ملايين الدولارات سنويا وأصولها عبارة عن طائرات متهالكة ومبان مملوكة للغير، فالواقع يظهر أن عليها أن تجدد الأسطول حفاظا على سلامة ركابها، ولا يوجد في أسواق الطيران إلا أسطول طائرتي بوينغ 787 والايرباص 320، كبديل لما هو موجود فما الذي استفادته الكويت و«الكويتية» من إلغاء صفقة شراء طائراتها بعد أن تضاعفت هذه الأيام أسعارها وتأخر موعد تسليمها والنتيجة في النهاية واحدة، هذا ما لم ننتظر حتى ندفع ضريبة الدم قبل اتخاذ القرار السليم، والحديث ذو شجون.