سامي النصف

أغبى جريمة في القرن الـ 21

حفلت السنوات الماضية بعدة جرائم عاطفية مروعة كجريمة اوجي سمبسون ومقتل الفنانة ذكرى على يد زوجها رجل الأعمال أيمن السويدي، إلا ان جميع تلك الجرائم لا تعد شيئا مقارنة بحقائق جريمة مقتل الفنانة سوزان تميم على يد المجرم «الداهية» محسن السكري وبتحريض من النائب ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى.

وهشام مصطفى رجل سياسة واقتصاد ناجح جدا ومشاريعه العمرانية في مصر تقارب الكمال كـ «الربوة» و«الرحاب» و«مدينتي» وسلسلة فنادق الفور سيزن وغيرها، وقد لحظت انه أقام وسط المدن والنجوع مكاتب باسمه لخدمة المواطن، لذا فرجل بمثل هذا الكمال في عمليه السياسي والاقتصادي كان يفترض به ألا يرتكب غلطة عمره الأولى بارتباطه بفنانة وافرة المشاكل مع الآخرين كالراحلة سوزان تميم والثانية عبر تصحيح ذلك الخطأ الشنيع بخطأ أكبر منه عبر محاولته التخلص منها.

وقد اختار رجل الأعمال، كما أتى في الصحف المصرية، ضابطا سابقا في أمن الدولة للقيام بعملية القتل وكان يفترض به ان يعلم أن طبيعة عمل ذلك الضابط السابق ستجعله يسجل مكالماته، مما سيجعله، حتى لو نجحت العملية، عرضة لابتزازاته اللاحقة، كذلك كان مقترحه بإلقائها من البلكونة في لندن سيثير كثيرا من الشبهات والتحقيقات بعد تكرار حدوثه في تلك العاصمة، كما كان واضحا من سيرة محسن السكري في العراق انه شخص لا يتوقف عن الطمع وليس متقنا لعمله الإجرامي، حيث كشفت سريعا عملية الاختطاف الوهمية التي قام بها لبعض الموظفين.

دفع هشام مصطفى مبلغ 10 ملايين جنيه (2 مليون دولار) لمحسن السكري لإتمام تلك الجريمة وهو مبلغ مجز جدا لجريمة يفترض الا يعرف الجن الأزرق تفاصيلها، إلا ان السكري أقام في فندق يقع مباشرة أمام شقة القتيلة لربما توفيرا لأجرة التاكسي! ثم قام بشراء السكين والـ «تي شيرت» المستخدمين في الجريمة ودفع ثمنهما – وهنا العبقرية – بكارت الڤيزا المسجل باسمه ولربما كذلك توفيرا لسعر الصرف، كما قام فور قتلها بإلغاء حجزه اللاحق والسفر سريعا لشرم الشيخ، حيث وافاه رجل الأعمال القادم من سويسرا وأكمل له وبذكاء شديد كذلك باقي المبلغ الذي أصبح حجة عليه.

ولم يجد رجال الأمن الأكفاء في دبي صعوبة على الاطلاق في الاستدلال على القاتل، حيث وجدوا ان السكين والـ «تي شيرت» الملطخين بدماء القتيلة، والبصمة الوراثية، للقاتل، قد تم شراؤهما بالبطاقة الائتمانية للسكري، كما وجدوا انه سكن في فندق مقابل شقتها وسافر سريعا بعد مقتلها، ولا يقل غباء عن ذلك دعواه الجديدة عبر محاميه بأنه كان يعتزم بقلبه الكبير الاكتفاء بدس المخدرات في شقتها وابلاغ السلطات عنها ولم يقل عن سبب الحاجة للسكين و«التي شيرت».

اذا كان هذا مقصده، اعتقد انه سيمضي وقت طويل قبل ان نشهد جريمة بهذا الكم من الغباء وعدم الاتقان الذي بتنا نشتهر به للأسف كعرب.

آخر محطة:
قصة حقيقية.. زارني قبل مدة في القاهرة صديق سعودي يسميه اصحابه «الشرارة» وسكن في فندق الفورسيزن حيث التقيته هناك وقد ابدى دهشته الشديدة من حد الكمال في الفندق، حتى خشيت على الفندق من الحريق، ثم تمت دعوته من قبل أصدقاء دراسة له على حفل عشاء في منطقة الرحاب في القاهرة الجديدة، وأبدى دهشته الشديدة كذلك من جودة العمل في ذلك المشروع حتى خشيت عليه – لمعرفتي به – من الزلزال المدمر، لم يحدث الحريق أو الزلزال كما توقعت، إلا ان صاحب الفورسيزن والرحاب هشام طلعت مصطفى راح في الحديد ولربما ينتهي به الحال إلى المشنقة ولن ينشئ طلعت بعد تلك الزيارة الميمونة أي مشاريع أخرى!

سامي النصف

جمعية المصالحة الكويتية

في البدء العزاء الحار لآل الساير الكرام في فقدائهم الأبرار، ولرجل البر والإحسان وصديق الكويت العم جمعة الماجد في وفاة السيدة حرمه، وإلى آل الوطيان الكرام في رحيل فقيدتهم الغالية، للراحلين جميعا العفو والمغفرة ولأهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

عدنا والعود أحمد لمجتمع بيزنطة الحاضرة والخلافات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي لا تنتهي قط في مجتمع «الأسرة الواحدة!» والتي تسببت ومازالت في توقف عمليات التنمية في بلدنا وساهمت بشكل مباشر في طمع الآخرين فينا ومازلنا لا نرى بصيص أمل في المستقبل القريب في إنهاء تلك الخلافات والصراعات العبثية التي جعلتنا أضحوكة ومسخرة و«طماشة» أمام الخلق القريب منهم قبل الغريب.

لذا أعتقد أن أجمل هدية يمكن أن نهديها لوطننا المعطاء مع دخول هذا الشهر الفضيل هي إنشاء «جمعية المصالحة الكويتية» التي هي على النقيض من جمعيات «الحقد والكراهية الكويتية» و«الغباء والغفلة الكويتية» و«عدم الصفح والمغفرة الكويتية» و«علي وعلى أعدائي الكويتية» و«سياسة الأرض المحروقة الكويتية» و«جمعية الغضب ودرجة الغليان السريع الكويتية» وجميعها جمعيات عاملة وفاعلة بجدارة واقتدار على ساحتنا المحلية.

ان الحاجة باتت ملحة اليوم قبل الغد لقيام أخيار الكويت بإنشاء جمعية نفع عام تدعى «جمعية المصالحة والمغفرة الكويتية» التي اعتقد انها ستكون الجمعية الأهم في تاريخ الكويت، حيث لم تعد هناك فائدة من جمعيات المجتمع المدني الأخرى التي أصبح يشلها ويعطل عملها الخلافات الشديدة السائدة بين أعضائها وليعطنا أحد جمعية نفع عام واحدة لا تسودها روح حروب داحس والغبراء بين اعضائها.

لقد تفككت أواصر العائلات والقبائل والطوائف والتجمعات السياسية والمهنية بسبب الخلافات والمعارك الغبية المستحكمة في المجتمع والتي تظهر على شكل بيانات واحتجاجات وحتى اضرابات والتي يمكن لتلك الجمعية متى ما أنشئت ان تقضي عليها في أقل من عام حيث ان تلك الخلافات في الأغلب لا تقوم على معطى مذابح ودماء، بل انها في الأغلب نتاج عمليات غفلة وسوء فهم وترف وغضب مؤقت يمكن اصلاحها بجلسات قليلة كي نشهد قبيل رمضان القادم حالة انفراج شديدة في المجتمع حتى لا نضع أنفسنا في وضع أسوأ مما وضع الحمقى من أهل بيزنطة أنفسهم فيه، فهؤلاء على الأقل لم تتح لهم كحالنا فرصة العودة لوطنهم الذي ضيعوه بخلافاتهم العبثية عن جنس الملائكة كي يرجعوا سريعا لمثل تلك الخلافات كحالنا، راجيا ألا يسألني أحد عن ذلك الجنس!

آخر محطة:
حتى تنشأ تلك الجمعية العامة وبمناسبة دخول الشهر الفضيل أرجو ان تبدأ قلوبنا وعقولنا وضمائرنا وشخوصنا بالمغفرة والتواصل مع من نعتقد انهم خصومنا، ولم يعد لدي شخصيا منذ اليوم خصومة مع أحد أيا كان ذلك الطرف، ومبارك عليكم جميعا الشهر.

سامي النصف

الطريق إلى البيت الأبيض

استقلت اميركا في عام 1776 وبقي ما يربط دولها او جمهورياتها حبلا من رمال، كما قال واشنطون، حتى خلق الدستور الاميركي عام 1787 على يد جمع من العباقرة امثال توماس جيفرسون والكسندر هاملتون اللذين اختلفا فخلق الاول الحزب «الديموقراطي الجمهوري» وخلق الثاني الحزب «الفيدرالي» الذي فاز بأول 3 دورات رئاسية، حيث مثله جورج واشنطن لدورتين وجون آدامز الاب لدورة، ثم فاز منافسه الحزب الديموقراطي الجمهوري بسبع دورات متلاحقة آخرها فوز جون آدامز الابن، وبعد ذلك تم التحول للحزب الديموقراطي الذي نافسه الحزب «الوطني» ثم حزب «الويغ» وبدءا من عام 1860 بدأ التنافس بين الحزب «الجمهوري» الذي مثله الرئيس لينكولن والحزب الديموقراطي، وبدأت الحرب الاهلية، فتحول الجنوب الى مناصر للديموقراطيين حتى ان الرئيس الحالي جورج بوش هو اول رئيس جمهوري قادم من الجنوب، حيث ان والده جورج بوش الاب من الشمال.

ورغم ان هناك من الرؤساء الاميركان من كانوا عباقرة بحق مثل الديموقراطي متعدد العلوم والقدرات توماس جيفرسون، حيث استضاف ذات مرة الرئيس كنيدي 50 من حملة نوبل للعلوم المختلفة وخاطبهم بالقول انه لم يسبق للبيت الأبيض ان التقى على مائدة عشاء بمثل هذا الكم من العباقرة عدا المرات التي كان فيها الرئيس جيفرسون يتعشى فيها هنا وحده، ومثل ذلك الرئيس الجمهوري تيودور روزفلت الفارس والمخترع والكاتب والحائز على جائزة نوبل للسلام ومؤلف 50 كتابا في مختلف العلوم الانسانية، فالحقيقة تُظهر ان الرئيس الاميركي هذه الايام لا يحتاج الى ان يكون عبقريا او اداريا من النوع الممتاز، بل يكفي ان يكون قادرا على التعامل مع وسائل الاعلام وكسب قلوب الناس، حيث يتكفل فريقه بالباقي، ونذكر هنا دور كارل روف مستشار الرئيس بوش الحالي الذي دس في ورقة انتخابات 2004 استفتاء على زواج المثليين، فأخرج جميع المتدينين الاميركان من منازلهم كي يصوتوا ضد ذلك الزواج ويصوتوا في الوقت ذاته للرئيس بوش، وقد زرع فريقه ضمن الانتخابات المقبلة استفتاءات مماثلة عن الاجهاض وغيره كوسيلة لدعم المرشح ماكين.

ومنصبا الرئيس ونائب الرئيس لا ينتخبان مباشرة من الناخبين (وحتى عام 1903 كان اعضاء مجلس الشيوخ يتم تعيينهم وليس انتخابهم من قبل الولايات المختلفة)، بل يتم انتخابهم من مندوبين عن الحزبين وعددهم 538 (نصفهم 270 مندوبا)، وقد حاز الرئيس جورج واشنطون في دورتيه «جميع» اصوات المندوبين، ولم يتكرر ذلك قط ويسمى هذا اجتياحا (Landslide)، وحقق قريبا من هذا الاكتساح الرؤساء مونروا ولينكولن وفرانكلين روزفلت ونيكسون وريغان عام 1984 امام مونديل ونائبه جيرالد فيراريو، حيث فاز بـ 525 مقابل 13 مندوبا، وفي حال تساوي اصوات المندوبين يختار مجلس النواب الرئيس ومجلس الشيوخ نائب الرئيس ويحدث احيانا ان يحصد الرئيس الفائز اكثر بأصوات المندوبين واقل بأصوات الناخبين وقد خسر آل غور رغم حصوله على 51 مليونا مقابل 50.5 مليونا للرئيس بوش.

وانتخابات هذه الايام تشابه انتخابات عام 1988 عندما كان من المتوقع ان يفوز الحزب الديموقراطي بعد دورتين للحزب الجمهوري، الا ان اختيارهم لمرشح صاحب اسم غريب هو دكاكيس ذو الاصول اليونانية الذي اتهم بعدم الخبرة السياسية، فاختار نائبا كفؤا كبير السن من تكساس مما جعل الناخبين يقولون ان النائب افضل من رئيسه، مما اساء إليه، كما اساء له التقاط صورة وهو مبتسم كالأهبل فوق دبابة عسكرية مما جعل الرئيس بوش يفوز عليه باكتساح وهو ما تسبب في وقوف اميركا معنا عام 1990 – 1991.

سامي النصف

هل نحن حكومة رأسمالية وشعب ماركسي؟!

في جميع الديموقراطيات تعكس الحكومات صورة ورغبات شعبها، في بلدنا الحبيب هناك وضع غريب، فالحكومة رأسمالية بالمطلق حيث تؤمن بالانفتاح والاستثمار واعطاء القطاع الخاص دوره في عملية التنمية، وهو أمر يتطابق مع نصوص الدستور التي ترى ان رأس المال والعمل هما مقومان أساسيان لكيان الدولة.

هذا الفهم وتلك السياسة تتطابق كليا مع مفهوم «الحكومة الصغيرة» السائد في العالم أجمع حيث تخلت الحكومات عن ملكياتها العامة بطريقة متدرجة وصحيحة (وليس كحال مخطط تدمير «الكويتية») واستبدلت دور المالك بدور المدير والمنظم لتلك الملكيات الخاصة، ولم تمانع الشعوب بالمقابل من التحول من العمل لدى المؤسسات العامة الى العمل لدى الشركات الخاصة دون ان يرى أحد ان في ذلك تحولا الى «صبيان» لدى من سيدير تلك الشركات كما أُطلق على نهج الخصخصة لدينا.

وبالطبع هناك فروقات بين الدول فالقطاعان العام والخاص في أميركا أو تونس يعمل بهما مواطنو هذين البلدين لذا لا فرق كبيرا بين الملكيات العامة والخاصة وهذه قضية مهمة جدا يجب النظر لها بشكل جاد عند الحديث عن الخصخصة في الكويت حيث يعمل 98% من الكويتيين لدى الحكومة و2% فقط لدى القطاع الخاص مما يخلق خشية مبررة لدى المواطنين ونوابهم في البرلمان من طردهم لدى التحول لنهج الخصخصة واستبدالهم بالعمالة الآسيوية الرخيصة، وما في ذلك من تعارض صريح مع المادة 16 من الدستور التي نصت على ان لرأس المال «وظيفة اجتماعية» في الكويت.

ان ذلك التخوف المشروع لدى المواطنين من الخصخصة والتحول لنهج القطاع الخاص يجب ألا يتحول الى عداء له والإيمان أكثر وأكثر بالنهج الماركسي الداعي لتملك الدولة كافة وسائل الإنتاج كي تقوم بتوزيع عادل لثروة البلدان، فذلك المبدأ الجميل بمظهره قد جُرّب سابقا في الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الشرقية وبعض بلداننا العربية فأدى الى دمار شامل في اقتصادياتها وتحولها الى الفقر والمجاعات ويكفي هذه الأيام مقارنة أحوال كوريا الجنوبية بكوريا الشمالية.

ولا يمانع عادة الأميركان ونحن في أشهر انتخاباتهم من انتخاب الأغنياء والأثرياء للمناصب العامة من رئيس جمهورية وحكام ولايات وأعضاء في مجالس الشيوخ والنواب، حيث ترى أغلبيتهم ان ذلك أمر محبذ كون الثراء قد يدل على الذكاء والانجاز فما الخطأ في استخدام مواهب المرشح الخاصة التي أفاد بها نفسه لإفادة وطنه، كما يرون ان الثري أو ميسور الحال بالوراثة يعني انه صُرف عليه وحاز تعليما خاصا مميزا فلماذا كذلك لا يستفاد من خريجي مثل ذلك التعليم كإضافة للبلاد.

وأمر آخر يحبذونه في المرشحين الأثرياء، وهو ان ذلك الترشيح يجعل كبار الأثرياء يتنافسون على كسب ود مشاعر الناخب العادي مما يساعدهم على فهم متطلبات الشعب عامة، أما ما يرفضونه فهو من يشعرهم بأنه من «النخبة» أو من طينة مختلفة ومن ذلك فقد اسقطوا في الانتخابات الماضية المرشح الرئاسي جون كيري كونه قال ذات مرة انه يجيد الفرنسية بطلاقة، وانه يمارس رياضة التزحلق على الجليد التي لا يمارسها العامة، كما يحاول هذه الأيام المرشح ماكين دمغ منافسه أوباما بأنه من النخبة التي تدرس في هارفرد وانه أشبه بالثريتين المرفهتين پاريس هيلتون وبريتني سپيرز.

سامي النصف

الاستخفاف بإصدار التشريعات يدمر البلد

لا أعتقد ان هناك ديموقراطية في العالم تشهد شيئا مماثلا لما يتعرض له بلدنا من استخفاف شديد في قضية إصدار التشريعات التي يترتب عليها التزامات مادية وأخلاقية على الدولة حيث ان البعض منها يكلف الخزينة العامة بشكل مباشر مليارات الدنانير والبعض الآخر يتسبب بنزوح مليارات أخرى من القطاع الخاص للخارج والبعض الثالث ساهم حتى اليوم بخفض ممتلكات وموجودات المواطنين الى النصف وأكثر والبعض الرابع يسيء لعلاقاتنا مع الدول الأخرى مما يهدد وجودنا.

والحقيقة ان أي تشريع لا يصدر في الديموقراطيات الأخرى إلا بعد سنوات من الدراسة والبحث والمرور على عشرات اللجان الفرعية المشكلة من الأحزاب المختلفة وقد عمد المشرع في تلك البلدان الى خلق مثل تلك الأدوات التي تدعو للتأني حتى لا تتورط بلدانهم وشعوبهم وأجيالهم المستقبلية بتشريعات مستعجلة هي خلاصة ردود أفعال عاطفية أو مدغدغة أو منفعلة للقاء نائب مع ناخب علما بأن جميع نواب تلك البلدان المتقدمة هم ساسة محترفون يتم تدريبهم لسنوات طوال ضمن الأحزاب القائمة.

أما لدينا فيصل الى البرلمان في بعض الأحيان من أتى من الديوانية مباشرة دون ان يتلقى أي تدريب على العمل السياسي أو إصدار التشريعات، لذا ما إن يسمع بمقترح من أحد حضور ديوانيته أو من صديق حتى يصوغه على شكل تشريع يحاول بعد ذلك إرغام أو إحراج زملائه النواب كي يوافقوا عليه دون إحساس بخطورة ذلك التشريع على سمعة الكويت الدولية أو مستقبل أجيالها.

وتفتقر ديموقراطيتنا بشدة لدور فاعل للمحكمة الدستورية حتى تدرس وتقيم وتسقط التشريعات غير الدستورية (90% من التشريعات المدغدغة المطروحة تتعارض مع روح ونصوص الدستور) كما يحدث بشكل متواصل في مصر والولايات المتحدة وأغلب الديموقراطيات الأخرى.

لقد تسببت التشريعات غير المدروسة والمستعجلة بتوقف تام لمشاريع B.O.T وخروج مليارات الدنانير التي كان بإمكانها ان تحيل صحراءنا القاحلة إلى عمران نستمتع به ويجلب لنا السائحين من الدول القريبة والبعيدة، كما تسبب تشريع انفعالي آخر بتقييد يد البنوك في منحها القروض والتسهيلات متناسين ان هذا هو عمل البنوك في العالم أجمع، كما صدر قبل مدة تشريع تسبب في الأضرار الفادحة بالشركات المساهمة المدرجة بالبورصة والتي يمتلك أسهمها مئات آلاف المواطنين.

لقد ارتفع سعر النفط بشكل مؤقت.. وارتفعت الأسعار في العالم كله وليس في بلدنا فقط ولم نسمع بمن قام بإصدار تشريعات مستعجلة تحيل بلده الى دولة شيوعية جديدة تتكفل من خلالها الحكومة بكل شيء، ان الأسعار التي ارتفعت عادت للانخفاض التدريجي ولا حاجة لخلق حالة «اسهال» تشريعي لمعالجة تلك المشكلة المؤقتة فالكويت بلد قائم على الاقتصاد الحر الذي يضمن خفض أسعار السلع فيه التنافس الحر وسيادة مبدأ العرض والطلب.

آخر محطة:
 «الكويتية» مؤسسة يعمل بها آلاف الكويتيين وقد صدر عبر الانفعال والاستعجال حكم الإعدام عليها وعلى العاملين فيها حيث لم يشهد العالم قط خطة تخصيص شركة طيران مدتها أقل من 5 سنوات من العمل الجاد كما جرت العادة بتخصيص جميع قطاعات الدولة الأخرى قبل المساس بمؤسسة الطيران ومن ذلك نجد ان شركات الطيران مازالت حكومية في دول مثل سنغافورة ودبي ولبنان ومصر والبحرين وغيرها رغم خصخصة قطاعات الدولة الأخرى منذ عقود.

سامي النصف

كيف تفقد صديقاً أو قريباً في الكويت؟!

تدعو الشرائع ويشير خبراء الاجتماع وعلماء النفس لأهمية الصداقة والتواصل الاجتماعي في حياة الإنسان، في الكويت أصبح من أسهل الأمور عندنا فقد الأصدقاء وحتى الأقرباء وأعتقد ان لتلك الظاهرة السالبة 13 سببا هي:

تصديق المقولة الكاذبة بأن «الاختلاف لا يفسد للود قضية» فالحقيقة الجلية تظهر انه يفسد للود ألف قضية وقضية في مجتمع يمتلئ بالنرجسية والأنانية و«الصداميين الصغار» لذا لا تخالف صديقك أو قريبك حتى لو قال للخلق ان الشمس لا تشرق من الشرق.
تسيد المصالح والمنافع الشخصية حيث تغيرت مفاهيم الصداقة من علاقة إنسانية راقية تقوم على الود والدفء الى ما هو أشبه بصفقة تجارية تقوم على ميزان الربح والخسارة المادية.
ردود الفعل الغاضبة وغير العقلانية أو ما يسمى «overreaction» فأي كلمة أو فعل صغير يتم الرد عليه لا بالمغفرة والصفح والنسيان بل بهدم المعبد وحرق الأرض و… إنهاء الصداقة.
التناحر السياسي اليومي لدى الكتاب والنواب والمسؤولين ما جعل تصرفاتهم قدوة للآخرين وجعل العداء – لا الصداقة – بين الناس أمرا معتادا.
وفرة الطلاق وكثرة الاختلاف في مقار العمل ولدى أصحاب المهن الواحدة ساهم في تحويل الأصدقاء والأقرباء إلى أعداء.
تعويض الاخفاقات بتصديق الخرافات فكثيرا ما يهمل الكويتي أو الكويتية في عمله أو شؤون بيته فإذا ما ارتد ذلك عليه بالسلب وهو أمر منطقي لجأ للدجالين والمشعوذين ممن يشيرون عليه بأن أقاربك أو أصدقاءك يحسدونك أو يسحرونك فتنفك أواصر الصداقة والقرابة على معطى تلك الخرافات والأكاذيب وتلك ظاهرة متفشية لدى النساء.
الأمراض النفسية… أحد الأسباب المهمة في هدم الصداقات وتحول القرابات للعداء هو تفشي الأمراض النفسية في المجتمع دون علم أصحابها وما يصاحبها من أوهام وكلام غير مسؤول.
الواسطات، فالكويت بلد الواسطات فما ان يطلب أحمد من بدر ان يتوسط لدى جاسم لتحقيق خدمة ما ثم لا تتحقق الخدمة حتى يتفشى العداء بين الثلاثة وأكثر من يعاني من هذه الظاهرة هم الأفاضل من أعضاء مجلس الأمة.
الغباء والكسل حيث يعجز أو يكسل البعض عن تتبع الأخبار والتأكد من صحتها متى ما مست صديقا أو قريبا فيلجأ للحل الأسهل وهو… إنهاء الصداقة.
تفشي التخندقات الاجتماعية والطائفية والفئوية، فبعد ان كان المجتمع الكويتي بسيطا لا يفرق بين أبنائه مما ساعد على بناء الصداقات الحميمة أصبح كل طرف ينظر بعين الريبة والشك للآخر مما فك عرى كثير من الصداقات الحميمة.
النسيان وعدم العرفان… هناك من يلقي مشاكله التي يتسبب بها على الآخرين ممن يتقبلونها بصدر رحب ويساهمون بحلها ولكن إن أخفقوا ذات مرة في حل مشكلة جديدة له نسي كل ما تم عمله في السابق وأحال الصداقة الى عداء مستحكم.
افتراض سوء النوايا بالآخر، فالديوانيات على سبيل المثال ليست دور عبادة أو مقار عمل يفرض زيارتها بشكل دائم ويحدث أحيانا ان ينقطع إنسان لظروف قاهرة عن زيارة ديوانية أو جمع من الأصدقاء وبدلا من ان تؤخذ الأمور بوجه حسن يتم افتراض سوء النوايا وينهدم جدار الود بين الأصدقاء وينفض السامر.
أخيرا… بعض الكويتيين يمل بسرعة ويميل للتغيير وقد يصيب الملل الزوج أو الزوجة فيحصل أبغض الحلال أو يصيب الصداقة فيعلن شهادة وفاتها.

آخر محطة:
 العزاء الحار لـ «آل طفلة» الكرام وللزميل د.سعد بن طفلة بفقيدتهم، للمرحومة الرحمة والمغفرة ولأهلها وذويها الصبر والسلوان.

سامي النصف

ماذا بعد حكم البراءة؟!

القضية أكبر كثيرا من حكم البراءة الذي صدر بحق رئيس «الكويتية» السابق الشيخ طلال المبارك حيث ان السؤال المستحق هو: ماذا بعد حكم البراءة؟! ومن سيعوض الشعب الكويتي وماله العام مبلغ 2.2 مليار دولار عدا الضحايا في الأرواح – لا سمح الله – فيما لو وقع حادث بسبب تقادم أسطول «الكويتية» كنتيجة مباشرة للقرارات الخاطئة التي اتخذها أحد المسؤولين وأدت في النهاية الى إلغاء الخطة الذكية والطموح التي رسمها الشيخ طلال لتحديث أسطول «الكويتية» وتوسعة خطوطها والحفاظ على أرواح المواطنين والتحول بها الى الربحية.

لقد كانت خطة مجلس ادارة المؤسسة السابق الذي رأسه الشيخ طلال تهدف الى خدمة استراتيجية «كويت المركز المالي» عن طريق الشراء، وبتمويل ذاتي ودون أي كلفة على المال العام، لـ 16 طائرة مدنية من نوع «بوينغ 787» بسعر معلن هو 110 ملايين دولار للطائرة و19 طائرة من نوع «ايرباص 320» بسعر 45 مليون دولار للطائرة من شركة كويتية مساهمة هي «الافكو» وبمواعيد تسليم قريبة تبدأ العام المقبل وتنتهي خلال 3 سنوات حتى تستطيع «الكويتية» ان تنافس قريناتها في المنطقة والتي اصبحت تمتلك مئات الطائرات الحديثة مثل الإماراتية والسعودية والقطرية والاتحاد وطيران الخليج وكي يمكن ايصال الكويتيين وجلب السائحين والمستثمرين بشكل مباشر من مشارق الأرض ومغاربها، كما لن تحتاج «الكويتية» حسب تلك الخطة لمنافسة الشركات الخاصة على الخطوط القريبة كما سيحدث فيما لو نجحت خطة التخصيص غير المدروسة القائمة.

وقد قام قبل عام أحد المسؤولين – ولأسباب لم تعد خافية على أحد – بالتصادم مع مجلس الإدارة وإلغاء عقد شراء الطائرات وخلق لجنة ترأّسها المسؤول للحصول على الطائرات بسعر أفضل (كذا) ولما لم يتحقق ذلك الهدف غير الخافي تم حل اللجنة بعد شهر من تكوينها! واصبحت «الكويتية» في مهب الريح، كما أحال ذلك المسؤول الشيخ طلال الى النيابة العامة بأسباب تافهة جدا هي عدم تطابق تقرير شركة لوفتهانزا الاستشارية مع تقرير الادارة الكويتية حول التحول للربحية (من قال انهما يجب ان يتطابقا؟!) وقد صدر قرار التبرئة الأخير ليؤكد ما هو معروف من نزاهة وكفاءة وأمانة الشيخ طلال المبارك الذي كان عيبه الوحيد اغلاقه باب التوظيف العشوائي في المؤسسة أمام المتنفعين وعدم تماشيه مع رغبات بعض الطارئين من أصحاب العمولات.

وقد نشر في الصحف قبل مدة خبر ابرام «الافكو» صفقة بيع 8 طائرات «بوينغ 787» لاحدى الشركات الخليجية بقيمة 1.6 مليار دولار، أي 200 مليون دولار للطائرة، و5 طائرات «ايرباص 320» لاحدى الشركات المحلية، أي 65 مليون دولار للطائرة، وبحسبة بسيطة نجد ان «الكويتية» سواء بقيت حكومية أو اشتريت من قبل القطاع الخاص، وهو مال كويتي في النهاية، قد خسرت 2.1 مليار دولار فارق سعر تلك الطائرات التي لن تستطيع «الكويتية» الاستمرار دونها.

ان حكم البراءة لم يعد كافيا لرد اعتبار الشيخ طلال المبارك بل يجب ان يحظى باعتذار معلن وان يعطى المركز المناسب الذي يستحقه بعد ان أثبتت الأيام نزاهته وعدم طهارة بعض خصومه.

آخر محطة:
يعتقد بعض الجهلاء ان المستثمرين سيصطفون في طوابير طويلة لشراء مؤسسة طيران تزيد خسائرها على المائة وخمسين مليون دولار سنويا، متناسين ان «الأردنية» عندما عرضت للبيع عام 98 كان سعرها 350 مليون دولار «بالسالب» أي ان على الحكومة الأردنية ان تعطي من يود شراءها ذلك المبلغ لسد ديون تشغيلها المكلف وتحديث اسطولها كحال «الكويتية» هذه الأيام، وهو أمر مشابه لشركات طيران شرق أوروبا التي عرضت بدولار واحد للمستثمرين.. قديما قيل: العلم بحر، والجهل محيط!

سامي النصف

حكاية مطلق السور مع الحور

هل أصبحنا في الكويت كالقطة التي تأكل ابناءها حتى تصبح ذات يوم فلا تجد ما تأكله؟! 95% من مواردنا المالية تأتي عن طريق بيع النفط للخارج والعيش من تدفقاته النقدية، لذا كان مستغربا ان نمر مرور الكرام على تصريح وزير الطاقة بأن زيادة القدرة الكهربائية ستعني استهلاك 900 الف برميل نفط يوميا (50% من الانتاج) لتوليد طاقة كهربائية تكلف الوحدة منها 37 فلسا وتباع محليا بفلسين لمن يود ان يدفع حيث ان القضية اختيارية بالمطلق.

لقد جف حبر قلمنا ونحن نشير لحقيقة ان الترشيد لن يؤتي ثمره ما دام الانسان لا يدفع مقدار استهلاكه من الكهرباء والماء بسبب العدادات القديمة ومن ثم «تقدير» كم الاستهلاك، لقد اصبحنا بسبب التسيب الاكثر استهلاكا في العالم للماء والكهرباء رغم أننا لا نملك الانهار (عدا أنهار غسيل السيارات صباحا) ولا تتساقط علينا الامطار، كما ان كهرباءنا تنتج من شريان حياتنا الوحيد، ونعني النفط.

سعدنا بلقاء عضو المجلس البلدي م.هشام البغلي مع مسؤولي المرور لوضع حل لاختناقات الدائري الرابع، وسنكرر الحل الذي طرحناه في اكثر من مقال والذي سيقضي على 70% من تلك الاختناقات دون دفع فلس واحد، وهذه نقطة الضعف الوحيدة في المقترح، الحل يتلخص في اعادة الدائري الثالث لوضعه السابق عند بدء انشائه، أي ازالة الاشارات المرورية منه حتى يكون الطريق الموازي والبديل للدائري الرابع، فيتحمل 50% من الحركة المتجهة من الشويخ الصناعية وما خلفها لحولي والنقرة والشعب البحري والسالمية، ثم يجب زيادة السرعة على الطريقين الثالث والرابع الى 100كم/ساعة (80 كم فوق الجسور فقط) وهو أمر كفيل بتخفيف الزحام بمقدار 20% طبقا للعلاقة المعروفة بين السرعة والمسافة والزمن، فاذا ما جمعنا الاثنين وصلنا للرقم المذكور اول الفقرة ودون كلفة مالية.

تهديدات ايران بإغلاق مضيق هرمز تفيدها وتفيدنا كونها تتسبب برفع اسعار البترول المتنازلة هذه الايام، اما من الناحية الواقعية فلا يمكن لايران ان تغلق المضيق الا سويعات قليلة بالصواريخ او القوارب السريعة قبل ان يتم تدميرها، فاتساع المضيق الذي يقارب 50 كم يمنع اغلاقه عبر اغراق البواخر المحملة بالاسمنت فيه كما كان يحدث مع قناة السويس التي لا يزيد عرضها على 190 مترا.

جاء في مذكرات الكولونيل ديكسون التي تنشرها الزميلة «الشاهد» في عدد امس ان الشيخ مطلق السور كان الساعد الايمن للشيخ فيصل الدويش عام 1920 وكان الاكثر تعصبا في قومه، يقول ديكسون ان الشيخ مطلق السور اخبره انه ترك الاخوان ولجأ للعراق والكويت بعد ان لاحظ ان قائدهم ومفتيهم كانا يعدان الشباب المتحمس بحور العين ومساكن من فضة وذهب ثم يجلسان ابان المعارك في الخلف مع النساء بينما يتساقط الشباب المتحمس قتلى بالمئات.

يقول الشيخ مطلق انه سألهما لماذا لا يبديان حماسا للقاء حور العين اللاتي يكثران الحديث عنهن ومن ثم يتصدران المعارك؟! فغضبا عليه وحذراه من قطع رأسه ان عاد لتكرار مثل تلك السيرة، حقيقة لماذا لا يسأل الشباب المغرر بهم هذه الايام محرضيهم نفس سؤال الشيخ مطلق السور لمحرضيه قبل 90 عاما؟!

آخر محطة:
العزاء الحار لآل القناعات الكرام بفقيدهم المرحوم سامي البدر، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

سامي النصف

المقال في أزمة العمال البنغال

هل تريد أن تصبح من أصحاب الملايين في لحظة؟! الفرصة لم تفت والقضية أسهل مما تتصور، فما عليك الا ان تؤجر مكتبا 4X3 امتار وتستخرج رخصة جلب عمالة، ثم تتقدم بالعطاءات لجلب آلاف العمالة لسد حاجيات الوزارات والمؤسسات المختلفة براتب 5 دنانير للراس، وسترسو عليك المناقصات طبقا لقاعدة «أقل الأسعار» الشهيرة، ثم ما عليك بعد ذلك الا ان تتسلم من الجهة الحكومية رواتب العمال ثم لا تعطيهم شيئا وتتركهم يشحذون لقمة عيشهم.

ان احد أوجه معضلة العمالة هو عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور وعدم تعديلها تباعا لمواجهة الغلاء الفاحش في الكويت، كذلك فاحدى مصائب قضية العمالة هي الشركات «الطرثوثية» التي تنبت على الأرض دون ملاءة مالية والتي ما ان تحدث مشكلة لها مع الجهة الحكومية حتى تتوقف الشركة المعنية عن صرف رواتب العمال المستضعفين فيها، لقد خرجت كبرىات شركات العمالة المحترمة من السوق وحلت محلها شركات طارئة يقف خلفها بعض المسؤولين والنواب بقصد الاثراء السريع.

وأحد الأمور الخاطئة هو الاعتماد على العدد لا النوع في مناقصات التنظيف، فأغلب مناقصات تلك العمالة يمكن الاكتفاء بنصف او ربع عددها، فمن يزر مستشفيات ووزارات الدول المتقدمة يجدها في أحسن حال دون الحاجة لمئات الألوف من عمال السخرة الذين يملأون الطرقات والشوارع، ان عمالة نوعية أقل براتب أكبر، افضل من عدد كبير برواتب اقل يؤدون لنفس النتيجة.

ولاشك في أن هناك فساداً ينخر في بعض الجهات الحكومية المتعاملة مع قضايا الكفالة والعمالة التي اسماها البعض «النفط أو التثمين» الجديد، اي ان من تمكن منها وعرف خفاياها اصبح كمن اكتشف حقل نفط في داره، ان اصحاب الاسماء المتداولة في «تجارة البشر» المغموسة بالعرق والدم هم من تفترض مناصبهم بهم ان يكونوا اول المحاربين لتلك الجريمة الشنعاء غير المغتفرة.

يتبقى ان تلك الثغرات والمظالم قد اتاحت لبعض العاملين في السفارات التدخل السافر في شؤوننا الداخلية من تحريض على الاضراب والحرق والتظاهر، وهو امر خطير للغاية، حيث ان الكويت تضم رعايا 160 دولة، ومتى ما اعطي للسفارات حق التدخل في شؤوننا الداخلية فسنصبح «مطقاقة» للجميع وفرجة بين الأمم، وفي هذا السياق علينا الا نتدخل في شؤون الدول الاخرى عندما يتجاوز احد طلبتنا او مواطنينا على الآخرين في بلدانهم، وعامل الناس بما تحب ان يعاملوك به.

آخر محطة:
شاهدت لقاء ممتعا ضمن برنامج «نجوم على الأرض» مع الزميل فؤاد الهاشم وكان مما قاله بعد خبرة 30 عاما في مجال الاعلام ان الكتابة الساخرة هي موهبة وقدرة تولد مع الانسان وتصقل بالقراءة والاطلاع وليست قرارا يتخذه الفرد لنفسه، اوصلت ذات مرة مثل تلك النصيحة «بالسر» لأحد الكتاب ممن كانت تعجبنا مقالاتهم حتى لا يغير اسلوبه ويسيء لنفسه ولمن يحاول تقليد كتابته الساخرة فغضب وكتب ما كتب في الأمس القريب، قديما قيل: النصيحة بجمل، هذه الايام النصيحة المحبة تسبب الزعل ولا حول ولا قوة إلا بالله.

سامي النصف

كتابات على جدار الاحتلال

كتبت إبان حرب الفاو بين العراق وإيران أطالب باستضافة قواعد عسكرية أميركية في بلدنا، كما هو الحال في بريطانيا وألمانيا وكوريا واليابان التي لا تشهد حروبا على حدودها، ولا يوجد خطر داهم يحيط بها، فأخبرني الصديق أحمد المفرح من وزارة الإعلام انه استمع لمن قام بتكفيري وطنيا آنذاك فمن يقبل إبان هوجة الشعارات بدعوة عاقلة لإنشاء قواعد تحمي بلدنا من الخطر المحيط بنا؟!

وفي عز المد العاطفي المؤيد والمناصر لصدام كتبت مقالا في منتصف الثمانينيات اسميته «نحن والأشقاء» قلت فيه ان الكويت تدفع الأثمان باهظة لنصرتها العراق من خطف طائرات وضرب ناقلات وتفجير مصاف، لذا فان على الشقيق العراقي ان يقوم بمبادرة موجبة نحونا عبر تخطيط الحدود بشكل نهائي بيننا وان من لا يقم بذلك الأمر وهو بحاجة لنا فلن يقوم به بعد انعدام تلك الحاجة، وضمن المقال طالبت دول الخليج بإرسال قواتها لحدودنا الشمالية كترجمة حقيقية لمقولة التضامن الخليجي، كنت جالسا مع الصديق الكابتن فهد الدغيشم عندما أتاني آنذاك اتصال من شخصية رفيعة في وزارة الإعلام تثني على الروح الوطنية التي تضمنها ذلك المقال، الا ان الظروف حسب قول المسؤول لا تسمح للكويت بطرح مثل تلك المطالب.

ويوم الأحد 29/7/90 كنت عائدا من لندن واطلعت على ما احتوته صحافة ذلك اليوم ولفت نظري تصدير الـ«صنداي تايمز» خبر التهديدات العراقية، وما خطه كبير مراسلي الـ«صنداي تلغراف» باتريك بيشوب من الكويت من ان العراق سيحتل الكويت ولن يعترض أحد في العالم على ذلك، واننا سنشهد بعد ذلك هجرة كويتية للسعودية، كتبت تبعا لما قرأت مقالا احذر فيه من ان القضية ليست احتلال شريط حدودي، كما نعتقد، بل ان علينا ان نضع في الأذهان والحسبان مخاطر الاحتلال الكامل، قدمت المقال لمدير التحرير آنذاك الأستاذ يحيى حمزة الذي أبلغني بأن الرقيب سيرفضه قطعا، حيث ان السياسة العامة خاصة بعد زيارة بعض المسؤولين العرب تقوم على التهدئة فكيف بمقال يتحدث عن احتلال صدامي كامل للكويت، وقال إن التهدئة وصلت إلى حد ان الرقابة في وزارة الإعلام منعت وسمحت 8 مرات بنشر تصريح وزير النفط حول حصص الإنتاج.

والحقيقة الجلية ان ذلك المقال التحليلي والتحذيري لو أباحه الرقيب ونشر فانه كحال ما سبقه لن يغير شيئا على الإطلاق فقد تعودنا على عدم الأخذ بجد ما ينشر في وسائط إعلامنا المحلية ومن ثم تتبعه والاستفادة منه، وقد يكون الاستثناء الوحيد هو التتبع الجاد للمقالات الفارغة التي تحتوي اما على الذم والشتم أو الثناء والنفاق.

وقبل مدة نشر قائد الفيلق الثاني في الحرس الجمهوري العراقي رعد الحمداني انه ابلغ في 15/7/1990 بقرار الاحتلال الكامل للكويت وهو ما يكذب كتاب «الجنرالات آخر من يعلم» للأستاذ سعد البزاز ومن ثم لم يكن مهما على الاطلاق ما سينتج عن لقاء صدام مع السفيرة الأميركية أو لقاء جدة فقرار الاحتلال كان منتهى منه، لو اننا استطعنا وعبر 8 سنوات من العلاقة الحميمة بالعراق تجنيد ضابط كبير أو أكثر في الحرس الجمهوري لمعرفة الوضع الحقيقي على جبهة القتال العراقية – الإيرانية لاستفدنا منه فيما بعد ولأخذنا حيطتنا، هل اتعظنا من ذلك الدرس وبدأنا نبث العيون والآذان لدى الجيران؟! لا اعتقد..!

آخر محطة:
الدافع الحقيقي للاحتلال هو الانهيار الاقتصادي التام في العراق وحاجة صدام لإشغال جيش المليون جندي ولو حمينا أنفسنا بالقواعد العسكرية لتوجه صدام بجيشه في ذلك الصيف على الأرجح لاحتلال الأردن بحجة اتفاق اتحاد عام 58 والحاجة لخط مواجهة مع إسرائيل ولخرج بعض الكويتيين والفلسطينيين في الكويت لنصرة ذلك العمل الوحدوي.
 
كما خرج بعض الأردنيين والفلسطينيين لنصرته في الأردن.