سامي النصف

انتخاب واستجواب وحزام عفة للعزاب

نبارك في البدء للنائب الفاضل محمد الصقر إعادة انتخابه رئيسا للبرلمان العربي، والتهنئة موصولة للنائبين الفاضلين عسكر العنزي وسعدون العتيبي لفوزهما بالمقعد النيابي راجين أن يتم تعديل نظام الفرز الآلي لا إلغاؤه كي لا يرهق القضاة ورجال الأمن والمندوبون من عمليات الفرز اليدوي التي قد تستغرق أياما عدة.

كتب الزميل مبارك الدويلة مقالا برر فيه وجود السفيرة الأميركية في حفل غبقة «حدس» بأن الدعوة وجهت لجميع الوزراء والسفراء، والحقيقة التي قد لا يعلمها بومعاذ ان الدعوة وجهت للسفيرة الأميركية وهو أمر جيد إلا ان تلك الدعوة لم توجه لوزيرتي الإسكان والتربية وهو أمر نرجو تلافيه في العام المقبل خاصة ان الحركة الدستورية تمتاز بانفتاحها السياسي والاجتماعي وبعدها عن التشدد والتطرف.

يجب أن تتوقف البدعة السياسية القائمة على محاسبة الوزير على خطأ أي موظف يعمل في وزارته لحقيقة أن الوزراء لا يقودون جيوشا من الملائكة المطهرين بل بشرا خطائين، المطالبة مرة أخرى بمحاسبة وزيرة التربية عن عملية تعدي حارس مدرسة على طفل صغير تجعلنا أمام خيارين لا ثالث لهما:

الأول وتطبيقا لمبادئ العدالة والمساواة، علينا ان نحاسب كل وزير في اليوم والغد يتعرض أحد موظفيه لعملية تحرش جنسي كتعدي مدير على سكرتيرته أو زميل على زميلته… الخ، ومن ثم علينا ان نقيل مع كل إشراقة شمس أحد الوزراء لحقيقة ان المحاكم تمتلئ بالآلاف من تلك القضايا الشائنة، الخيار الثاني ان ينحصر ذلك المعيار أو ذلك الاستجواب وطرح الثقة بالوزيرة نورية الصبيح ويغض النظر فيما لو حدث مثل ذلك التعدي في أماكن عمل أخرى وهذا ظلم ما بعده ظلم.

ثم ما الذي سيغيره ترك الوزيرة لمنصبها؟ أي هل سيعف الحراس والعزاب وعددهم يقارب المليونين وهم في تزايد مع تزايد عمليات التنمية في البلاد، عن القيام بتلك الجرائم البشعة؟ وماذا سيحدث لو تركت الوزيرة منصبها وحدث اعتداء جنسي آخر في الوزارة مع قدوم الوزير الجديد هل ستتم محاسبته وإقالته كذلك؟ ومتى ستنتهي بعد ذلك النظرية المجنونة القائلة بقدرة كل منحرف على إقالة وزير؟!

آخر محطة:
وإذا لم يتوقف مثل هذا المنطق العقيم فهل سيصبح البديل هو إلباس كل عازب قادم لديرتنا حال وصوله الى المطار حزام عفة حديديا كالذي كانت تلبسه النساء في عصور الظلام الأوروبية؟!

سامي النصف

ضرورة تدخل الدولة في البورصة

تعلمت منذ أمد بعيد أن أخالف توجه القطيع أو الجموع، لذا ما ان أرى أروقة البورصة قد ازدهرت واكتظت بالمتعاملين الفرحين بالأرباح المحققة وغير المحققة حتى انسحب بهدوء وابيع ما أملك من أسهم وانتظر ما يحدث، لذا لا مصلحة مباشرة لي في دخول أو عدم دخول الحكومة لدعم سوق أوراقنا المالية.

في ظل هذه الحيدة الواجبة أرى ضرورة تدخل الحكومة في دعم سوق أوراقنا المالية لكون تلك التوصية قد أتت من الجهات المختصة كالسيد إبراهيم دبدوب الذي دعا لذلك وقال ان ما نراه أسوأ من أزمة سوق «المناخ»، كما انه أمر لم يسبق ان رقب مثله عبر حياته البنكية التي جاوزت 48 عاما وتلك التوصية مطابقة تماما لتوجه اتحاد المصارف واتحاد الشركات الاستثمارية.
 
ان الاستماع لجهات الاختصاص بدلا من تجاهلها أمر محبذ ولقد تعلمنا من تجربة المناخ ان ترك الأمور على سجيتها يضر في النهاية باقتصادنا الوطني ويحرق أيدي الجميع، أي من تعامل بالبورصة أو لم يتعامل.

والسبب الآخر الذي يدعو لذلك هو متابعة ما قامت به دول الليبرالية الاقتصادية في العالم كحال اليابان في حقبة انهيار بورصتها وسوق عقارها (1990 وما تلاها) حيث تدخلت الحكومة واشترت الأسهم والأصول العقارية ومثلها هونغ كونغ عام 1998 عندما اشترت حكومتها كل ما عرض من أسهم في بورصتها وقد سبقتهم إلى ذلك حكومة الكويت عام 76 وفي «جميع» تلك الأمثلة حققت الحكومات المعنية أرباحا طائلة لاحقة كون الشراء وقت الكوارث والأزمات والبيع وقت الانتعاش هو النهج الأمثل لتحقيق الأرباح والعوائد.

في المقابل «تشتكي» حكومتنا والحكومات الخليجية من فوائض وسيولة مالية أتتها دون حساب وقد استخدم البعض منها في شراء أصول لشركات أميركية متعثرة وهو مر قد يكون له تأثير استثماري موجب على المدىين المتوسط والبعيد، والواجب ان يتم استخدام تلك الأموال في شراء الأسهم الجيدة في اسواقنا المالية كوسيلة للإفادة والاستفادة وكي لا يعم الضرر الماحق اللاحق وتلام الحكومة مرة ثانية.

وترتبط صحة الأسواق عادة بالسياسة النقدية للدول ولا شك في أن أحد أسباب انهيار بعض المؤسسات المالية الأميركية هو «التوسع» في السماح بإعطاء القروض والتسهيلات للأفراد والشركات، الوجه الآخر للعملة يظهر ان «الشح» في اعطاء تلك القروض والتسهيلات يمكن ان يسبب انهيارات اقتصادية كما هو الحال لدينا، حيث تضررت البنوك وهي أعمدة الاقتصاد الراسخة بسبب تقييد يدها، الحل بالطبع هو الوسطية فلا منح دون ضوابط ولا شح مطلقا.

سامي النصف

البورصة… المشكلة والحل

رغم أن الكويت هي الأقدم خليجيا وعربيا في إنشاء سوق للأوراق المالية، إلا أن بورصتنا اشتهرت بأنها الأكثر انهيارا في المنطقة وربما في العالم، مما يضر أمنيا بالدولة واقتصاديا بالبنوك والشركات واجتماعيا بالأفراد، والملاحظ أن أسواقنا تنهار عندما تنخفض أسواق الآخرين وتنهار مرة أخرى عندما ترتفع أسواقهم، رغم تكرار تلك المآسي، إلا أن أحدا لم يفكر في وضع حلول مؤسسية تمنع عودة الإشكالات بدلا من الاكتفاء بضخ الأموال التي هي أشبه بإعطاء حبة بندول لمريض السرطان!

إن ترك انهيار البورصة الحالي يستشري ويستفحل سيعني الإضرار الدائم باقتصاد البلاد وإنهاء حلم كويت المركز المالي ومن ثم العودة للنهج الشيوعي الذي تتملك فيه الدولة كل شيء علما بأن تجربة الاحتلال أظهرت لنا فائدة وجود مؤسسات قطاع خاص فاعلة، حيث تكفلت بعض البنوك الكويتية الخاصة آنذاك بإقراض الحكومة ما تريده من أموال لسد احتياجات الناس.

إن للأزمة الحالية أسبابا عدة منها تشدد البنك المركزي في سياسات الإقراض وإلغاؤه التسهيلات المعتادة بناء على التشريعات والتوصيات التي أصدرها مجلس الأمة كردة فعل عفوية ومستعجلة على شكاوى قلة قليلة من المواطنين تجاوزوا بإرادتهم الحرة حدود الاقتراض الطبيعي، كما أريد من تلك التشريعات سد الذرائع أمام الاقتراح المجنون بإلغاء القروض، إن الدرس المستقبلي المستفاد هو عدم الاستعجال في إصدار تشريعات تفيد مواطنا واحدا وتضر بمليون شخص آخر.

ومن ضمن الحلول المطلوبة الإسراع بتعديل قانون التجارة كي يواكب العصر ومتطلبات المرحلة القادمة، وضمان عدم تداخل السياسات المالية (وزارة المالية) والسياسات النقدية (البنك المركزي) ومن ذلك عدم الحاجة لهيمنة البنك المركزي على إنشاء الشركات الاستثمارية التي يجب ان تختص بها هيئة سوق المال التي تهيمن عادة على شؤون البورصة والتي نأمل رؤيتها في القريب العاجل.

ومن الحلول المؤسسية والدائمة كذلك ضرورة إنشاء محافظ مالية تمولها البنوك (كما حدث قبل أيام في بورصة نيويورك) وتديرها شركات الاستثمار للحفاظ على التوازن المطلوب في السوق ومنع انهياراته، كما يمكن للهيئة العامة للاستثمار أن تدخل شركات في استثماراتنا المحلية وبنوكنا ضمن مشاريع صناديقها السيادية الضخمة المنتشرة في العالم لضمان عوائد مالية جيدة ودائمة للبورصة، كما يمكن لمؤسسة التأمينات الاجتماعية أن تستثمر جزءا من أموالها في السوق الكويتي كوسيلة للإفادة والاستفادة منه.

آخر محطة:
 تستضيفنا قناة «العالم» الساعة 11 هذا المساء (الخميس) للحديث عن الاستثمارات الكويتية والخليجية في الولايات المتحدة وسيكون الضيف الآخر هو دكتور الاقتصاد والقانون المصري عبدالخالق فاروق الحائز جائزة الدولة مرتين، ود.عبدالخالق ذو توجه ناصري وأحد قيادات حركة كفاية، فرؤية ممتعة لمن يرغب.

سامي النصف

إعلاميات

احد الامور الجميلة في رمضان هو الغبقات «الاعلامية» التي يدعو لها المسؤولون، وقد فاتنا حضور غبقة وزير الاعلام العامرة هذا العام، بسبب زيارة اعلامية سريعة قمنا بها لدبي، راجين ان يعيدها الله على الجميع باليمن والبركات.

فتوى قتل اصحاب الفضائيات الصادرة من احد المشايخ الاجلاء هي انعكاس لاشكال الافتاء «الفردي» على الهواء مباشرة، بدلا من البحث المسبق المستفيض واخذ الرأي الجماعي في القضايا المستجدة المهمة قبل البت فيها في وسائل الاعلام، وكلنا يذكر الفتاوى المستعجلة بتحريم الانترنت والفضائيات وتحليل رضاعة زميل العمل مما اساء لصورة الاسلام الناصعة ثم تم التراجع عن تلك الفتاوى بعد فوات الاوان.

والى قضايا القتل الحقيقية ومتابعتي لبرنامج انساني جميل على فضائية «الشرقية» العراقية اسمه «فطوركم علينا»، وكانت الحلقة تستضيف ارملة شابة وايتامها بعد ان قتل زوجها قبل اشهر قليلة، وفجأة يتم خطف اربعة من فريق البرنامج في عز النهار بتحريض من قناة فضائية منافسة ! ويتم ذبحهم على الفور وهم صائمون، ومن ثم ترميل نسائهم وتيتيم اطفالهم في هذا الشهر الفضيل، متى ينتهي جنون القتل في العراق قبل ان يستشري وينتقل للدول العربية الاخرى؟

وطئ الزميل العزيز صالح الغنام قبل ايام قليلة في زاويته الشائقة على الصفحة الاخيرة لجريدة «الرؤية» عدة مواضيع مهمة تختص بما يكتبه صاحب المقال اليومي وما يفعله امام طلبات بعض القراء بحصد الاهتمام بالشأن المحلي، ضاربا المثل بمقالنا عن مقتل سوزان تميم، ورأيي الشخصي ان على الكاتب ومثله النائب ان يوجه الجموع لا العكس، كذلك فهناك قطاع عربي واسع في الكويت وخارجها يقرأ صفحاتنا ويحتاج الى من يستقطبه اضافة الى عدد كبير من الكويتيين ممن زهقوا وملوا من الكتابات المثيرة في الشأن المحلي، اما تعليقات الانترنت فكثير منها يا ابواحمد يكتبها في العادة شخص واحد – ولا اقول حاقدا – ويضعها بعد ذلك بعدة اسماء، واعجبني في هذا السياق ما قاله الممثل السوري الشهير جمال سليمان من ان الانترنت جعل من الممكن لفرد يكتب في المنتديات وبمعرفات مختلفة ان يحيل الابيض اسود والاسود ابيض.

التقيت بالامس في الهيئة العامة للاستثمار بوفد الماني زائر ينظر في فكرة احياء مشروع المدينة الاعلامية، وكانت وجهة نظري التي نقلتها له اننا في امس الحاجة لمثل تلك المدينة نظرا لموقعنا الجغرافي المتميز في الخليج، كما ان صحافتنا اليومية والاسبوعية القديمة والجديدة وفضائياتنا الخاصة تحتاج الى مكان راق يجمعها بعيدا عن كراجات السيارات ومحلات النجارة ومواد البناء، واوضحت ان عليهم ان ينظروا في شروط تأجير اراضي الدولة الجديدة (B.O.T) بعد ان اضيفت لها شروط تعجيزية ادت الى انصراف المستثمرين عنها ومن ثم قدرة البعض على الضغط مستقبلا لفسخ عقود تلك المدينة الاعلامية مع اول لقاء فضائي او مقال صحافي ينتقد هذا التوجه السياسي او ذاك.

آخر محطة:
استضافتنا الاعلامية النشطة هالة عمران في لقاء سياسي اجتماعي على صدر صفحات الزميلة «عالم اليوم»، وقد حدث خطأ بسيط في ذكر اسم الصديق ساير الساير، لذا اقتضى التنويه.

سامي النصف

منتصف الأسبوع

أتساءل كلما التقيت بالديبلوماسي المثقف الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة عما اذا كان سفيرا للبحرين في الكويت أم سفيرا للكويت في البحرين نظرا لحبه وتواصله الحميم مع مجتمعه الكويتي، السفير البحريني أو الكويتي – لا فرق – يمثل الفكر الوسطي بأجلّ صوره وقد عكسه خطابه في غبقة الكنيسة الإنجيلية والذي عنونه بـ «من الجوار إلى الحوار».

يشتكي الصديق د.رمضان الشراح من التقصير في زراعة وتجميل الجسور الجديدة المتفرعة من الدائري الرابع وطريق الملك فيصل رغم انتهاء الأعمال فيها منذ زمن بعيد، كما لفت نظرنا الى تدني مستوى بعض الأعمال الدرامية الكويتية التي وصلت الى حد التهريج المبتذل واستخدام الكلمات والألفاظ الشاذة التي أصبحت تتردد على ألسنة الأطفال والشباب، نرجو أن نشهد مستقبلا عمليات دس موجب – لا سالب – في الأعمال الدرامية الكويتية والعربية تحث على الأمانة والجدية في العمل والتمسك بـ «المرجلة» والكرم والخلق الحسن.

وفي سياق الأعمال الدرامية اتصل بي الصديق «التنديل» عبدالحسين عبدالرضا من لندن وطمأنته بالقبول الطيب لعمله الأخير وسط الأعمال الرديئة التي انتشرت على أغلب الفضائيات هذا العام، سألته لماذا لا ترجع سريعا للكويت؟ فقال بخفة دمه المعهودة «اخشى أن أموت ولا يحضر أحد دفني وعزائي بسبب الحرارة والرطوبة الشديدة السائدة».. لك طولة العمر يا بوعدنان.

أتابع ما استطعت الفقرة الاقتصادية الجيدة التي تبث ظهرا على تلفزيون الكويت وبودي أن يتوقف بعض ضيوفها عن الترويج والتسويق لعمليات شراء هذا السهم أو ذاك بدعوى رخص سعره هذه الأيام مستشهدين بأرقام ونسب العوائد ومكرر الربحية (P/E) للنصف الأول من هذا العام.

الحقيقة ان من يرغب في الشراء عليه ان ينظر لنتائج النصف الباقي من السنة خاصة في ظل الانخفاض الحاد للعقار والأسهم التي تمثل ما يقارب 80% من عوائد شركات السوق.

تستحق جريمة قتل سوزان تميم أن تسمى وبحق «جريمة الأنذال» فكل المرتبطين بالجريمة من ضحايا وأقارب وفاعلين ومحرضين وأزواج حاليين وسابقين ومحامين هم للأسف «أنذال» وأقرب للضباع التي تتقاتل على الجيف والجثث، كمّ الأكاذيب الذي نسمعه من المعنيين بالجريمة جعلنا نجزم بأن التقرير النهائي سيحتوي على بندين: الأول ان الضحية توفيت بسبب تماس كهربائي في الشقة (كظتها الكهرباء حسب قول الاخوة العراقيين)، والثاني اقتسام ثروتها من قبل جميع الضباع الآدمية الجائعة، للعلم توفي قبل مدة المشير عبدالحليم أبوغزالة الذي قضت على مستقبله الفاتنة لوسي أرتين، العربي إن وضعت أمامه امرأة جميلة أضاع نصف عقله في عشقها ثم يضيع نصفه الآخر عندما يكرهها.

آخر محطة:
 الحكمة تقول ان العودة عن الخطأ فضيلة، إصلاح أوضاع البورصة وتحفيز الاقتصاد الوطني وتشجيع عمليات التنمية تفرض على مجلس الأمة العودة عن القوانين غير المدروسة والمستعجلة التي قيدت مشاريع «B.O.T» وحدت من عمليات الاقراض والتسهيلات وقتلت سوق العقار، حيث لا يجوز تدمير اقتصاد البلد بسبب شكوى قلة من الأفراد أو حفنة من المغفلين أو الحاقدين.

سامي النصف

أكذوبة «رجال الأعمال أعداء للأوطان»

استضاف الزميل يوسف الجاسم ضمن برنامجه الشائق «ذاكرة وطن» على قناة الوطن عدة شخصيات تاريخية كويتية اكتشفنا من خلال حديثها الدور الخيّر لرجال الكويت في الماضي ممن لم يكونوا يعتمدون في عيشهم على الوظائف الحكومية حيث كان القلاليف الكويتيون يبنون أجود سفن المنطقة وأكبرها والتي يعمل عليها النواخذة والبحارة الكويتيون ممن استفردوا بحمل غلة الهند والعراق الى المنطقة وإلى سواحل افريقيا.

وفي مرحلة لاحقة أي حقبة الخمسينيات والستينيات قام رجال الأعمال الكويتيون بمخاطرة كبيرة عندما تصدوا لإنشاء شركات ومؤسسات مالية وطنية تحل محل الشركات الأجنبية، فكان إنشاء البنوك وشركات الطيران والناقلات والبترول الوطنية ومطاحن الدقيق وغيرها، وقد اضطروا في بعض الأحيان ليرهنوا، كأعضاء مجلس إدارة البعض من تلك الشركات، كل ما لديهم دعما لبقائها وهو أمر غير مسبوق في العمل التجاري.

إن مصطلح تاجر أو رجل أعمال ينطبق على كل من لا يعتمد على الوظيفة الحكومية في رزقه، ولا يصح في هذا السياق إلقاء التهم جزافا وبشكل عام على جميع رجال الأعمال واتهامهم دون بينة بأنهم السبب في موجة الغلاء – المتراجعة – التي أصابت البلد والتي كان سببها الرئيسي هو الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة والبناء والمواد الغذائية.

لقد قامت الثقافة الاشتراكية والماركسية التي سادت الوطن العربي في فترة من الزمن بالتلطيخ المتعمد لدور رجال الأعمال في المجتمع عبر تصويرهم بشكل سيئ دائما، والغريب ان أحدا لو زار نجوع وقرى مصر لوجد ان مبرات وأعمال خير رجال اقتصاد ما قبل عام 52 تغطي أغلب تلك المناطق وذلك عبر إنشاء المدارس والمصحات والمصانع التي توفر فرص العمل وتمنع الهجرة للمدن أو السفر للخارج، وقد تم القضاء على تلك الطبقة المنتجة في مرحلة ما بعد 52 وحلت محلها طبقة طارئة تقوم بالاقتراض والهرب أو استخدام الأموال لخدمة نزواتها وأهوائها الشخصية.

آخر محطة:
 تابعت اللقاء الشائق لجريدة «الرؤية» مع رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس وتوصياته الأربع في ختام اللقاء والتي توصي بقيام ثورة في التعليم وضرورة خلق فكر ليبرالي جديد يستقطب الجماهير وإعادة الهيبة لرجال المرور كونها المدخل لانضباط الشارع العربي والحاجة لتفرغ كل قطر عربي لتطوير ذاته بدلا من الانشغال بهموم ومشاكل الآخرين.

سامي النصف

حقول.. طائرات.. مصفاة وعلوقات كويتية

بعد ان سمعنا مقامات حزن شديدة على عدم قيام مشاريع كبرى في الكويت منذ السبعينيات، عاد من يقوم بغناء تلك المقامات البكائية الحزينة نفسه لمحاربة إنشاء أي مشاريع جديدة في الدولة! حيث تم قتل مشاريع B.O.T عبر إطلاق علوقة «التفريط بأراضي الدولة» عليها، كما خنق الاقتصاد الوطني بإصدار قوانين متعجلة وغير مدروسة تختص بالعقار والتسهيلات والقروض، مما تسبب في الانهيار السريع للبورصة وتضرر مئات آلاف المواطنين ممن هللوا وبذكاء شديد لصدور تلك القرارات الضارة بهم.

وقبل 15عاما تم الإعلان عن طرح مشروع حقول الشمال واستمعت وغيري من اعلاميين ومواطنين من قبل المختصين النفطيين للفوائد الجمة لذلك المشروع الحيوي الذي قيل انه سيضاعف إنتاجنا النفطي من حقول الشمال عبر استخدام الوسائل الحديثة للتنقيب ويريح في الوقت نفسه مكامن النفط المستهلكة في الجنوب، ولو أنجز ذلك المشروع في حينه لكسبنا عشرات المليارات من مضاعفة إنتاجنا النفطي وبيعه بالأسعار غير المسبوقة التي وصل اليها برميل النفط في الأشهر الماضية، مرة أخرى تم إطلاق علوقة «سرقة العصر» على ذلك المشروع الحيوي، وتم إصدار شهادة وفاة سريعة بحقه، ولم يذرف أحد دمعة واحدة على مصلحة الكويت التي دفنت معه.

وكانت طائرات «الكويتية» قد تقادمت وقارب عمرها العشرين عاما وأصبحت شديدة الكلفة في التشغيل وتدنت بالتبعية عناصر السلامة فيها، لذا قرر مجلس إدارتها السابق تفعيل صلاحياته وشراء أسطول حديث بتمويل ذاتي دون الحاجة لفلس واحد من الدولة وبأسعار «لقطة» معلنة للجميع وبمواعيد تسليم مبكرة وعبر شركة مساهمة كويتية.

مرة أخرى تطلق العلوقات ويختلط الحابل بالنابل ويتصدى للموضوع من أراد تحويل ذلك المشروع العام الى مشروع تنفيعي خاص به، ولما فشل في مسعاه ألغاه، مما تسبب في خسارة المال العام 2.2 مليار دولار كما بينا في مقال مفصل سابق، وأصبحت احدى أقدم مؤسسات الطيران في المنطقة في مهب الريح رغم كل ما يقال.

هذه الأيام نرقب كمواطنين وإعلاميين الصراع المحموم حول مشروع المصفاة الرابعة، ولا يفهم أحد حقيقة ما يحدث، فلم نشهد حوارات هادفة حول ذلك المشروع تسوّقه وتبين أهميته وتبرر كلفته وتظهر فوائد إبقائه ومضار إلغائه أو بالمقابل مضار إبقائه وفوائد إلغائه، لقد شبعنا من عمليات الصراخ ومنهج الصراعات السياسية والاقتصادية التي يدفع الوطن والمواطن ثمنها غاليا وبتنا في حاجة ماسة لمنصة حوار هادئ تستضيف أصحاب الرأي والرأي الآخر حتى ننتهي الى القرار الصحيح بعد ان ادمنّا وادمانا كم القرارات الخاطئة التي نتخذها.

آخر محطة:
ليس من الإنصاف في نهاية الأمر ان يصبح الوطن بين خيارين مرّين، فإما إيقاف كل المشاريع الحكومية عبر التشكيك فيها وإطلاق «العلوقات» السياسية عليها ومن ثم استمرار مسيرة التعطيل التي عشناها خلال الـ 30 عاما الماضية، أو عدم دراسة جدوى تلك المشاريع بشكل جاد والقبول بمضاعفة أسعارها مقارنة بما لدى الآخرين.

سامي النصف

الكويت وديوان المحاسبة العراقي

صدر قبل مدة قصيرة كتاب ذكريات الاستاذ حنا رزوقي الصائغ والذي عاصر كرئيس لديوان المحاسبة العراقي 6 عهود عراقية هي عهد الملك فيصل الثاني وعبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف وعبدالرحمن عارف واحمد حسن البكر وصدام حسين، وقد كان شاهد عصر على احداث كثيرة اخترنا تسليط الضوء على البعض منها.

يقول الكاتب ان العصر الملكي كان الوحيد الذي خلقت فيه الميزانيات بشكل صادق ومراقب ومتوازن، أما بعد ذلك فأصبح هناك صرف دون السؤال عن الموارد اللازمة لتغطيته، وقد كان شاهدا على لقاء قاسم بوكيل وزارة المالية الشجاع احمد عبدالباقي الذي سأله الطاغية عن احوال الميزانية فأجابه بأنها في أسوأ حال ما دام سيادتكم توزعون العطايا والمشاريع تحت الاضواء دون الرجوع الينا، ويضيف الصائغ ان اول ازمة مالية خانقة بتاريخ العراق حدثت في ابريل 1961 وقد تكون السبب الرئيسي في مطالبة قاسم بالكويت بعد شهرين من تلك الازمة.

وقد كان الصائغ ضمن الوفد العراقي برئاسة احمد حسن البكر الذي زار الكويت عام 63 للحصول على قرض كويتي بـ 30 مليون دينار، ويقول انه عند انتهاء الزيارة وفي قاعة المطار التي تصدرها الشيخ صباح السالم واحمد حسن البكر سأله الفريق صالح مهدي عماش وزير الدفاع: وين الفلوس؟! معتقدا انها تقدم نقدا، فأجابه الصائغ لقد تم تحويلها للبنك المركزي العراقي، وهنا هدده عماش بالاعدام ان وصلوا بغداد ولم يصل المبلغ، وقد استخدم عماش الشتائم الكبيرة بحق من يعيد ذلك القرض للكويت.

ومما يذكره الصائغ ان حكومة الكويت اهدت شيكا بمبلغ مليوني جنيه استرليني شخصيا للرئيس عبدالسلام عارف، الا انه طلب من وزير المالية ومنه ادخاله في حساب الدولة كونه لا يريده، ويضيف الصائغ: ان السيد نزيه الشهواني وهو صديق شخصي لعارف اخبره عام 95 بان عارف ظل يردد امامه حتى وفاته عام 65 أنه ارجع اموال هدية الكويت للخزانة العامة، الا ان البعثيين وعلى رأسهم البكر وعماش وصدام وآخرون احتفظوا بها لأنفسهم، ويرى رئيس ديوان المحاسبة العراقي ان النهب والسرقات المكشوفة بدأت في عصري البكر وصدام، ففي عام 74 أمر البكر باعطاء العقيد لطيف نصيف جاسم مبلغ 3 ملايين دولار نقدا ودون وصل او اوراق مستندية، ومثل ذلك مع وزير التخطيط آنذاك طه ياسين رمضان وعزة الدوري، ويقول ان عدنان الحمداني حاول استخدام الوضع المالي السيئ للدولة كوسيلة للحد من توسع سلطات صدام الذي كان يستخدم الاموال العامة كوسيلة لرشوة الآخرين، ويذكر انه كان يطلب منهم تحضير شنط سفر كبيرة تحوي مبالغ تصل الى 50 مليون دولار كانت ترسل لبعض الحكام العرب ممن كانت لهم مواقف شائنة لاحقة من غزو صدام للكويت.

وضمن المذكرات روايات عن المبالغ التي كان يحصلها صدام من دول الخليج ابان الحرب العراقية – الايرانية فيذكر انهم استقلوا الطائرة الخاصة صباحا في جولة لعدة دول خليجية وعادوا في المساء وكانت بحوزتهم 7 مليارات دولار دعما من تلك الدول وهو أمر غير مسبوق.
 
ويضيف: ان ذلك الامر تكرر معهم عدة مرات خلال الـ 6 اشهر اللاحقة حتى جاوز المبلغ المستحصل 18 مليار دولار منها 9 مليارات من السعودية و6 مليارات من الكويت و3 مليارات من الامارات.

وعلى هامش المذكرات يقول الصائغ ان وزير الاقتصاد العراقي د.عبدالكريم كنونة رأس ذات مرة المجلس الاقتصادي العربي وما ان جلس على يمينه امين عام الجامعة عبدالخالق حسونة حتى انفجر د.عبدالكريم بضحك هستيري لعدة دقائق وفيما بعد سأله الصائغ عن سبب الضحك فأجابه بأنه نظر لحسونة فتذكر مقولة المهداوي عنه ابان محكمة الشعب وبأنه «حسونة بزونة» فلم يتمالك نفسه من الضحك.

آخر محطة:
ويذكر الصائغ ما رواه له صديقه د.محمد حلمي مراد وزير التعليم العالي المصري عن سبب خروجه من الوزارة فيقول ان مجلس الوزراء انعقد في جلسته الاولى برئاسة عبدالناصر وقرأ رئيس الديوان عبدالمجيد فريد بنود الجلسة، وبعد قليل اعلن انتهاءها، ولما سأله مراد فيما بعد عما يحدث اجابه فريد بأن الموضوعات نوقشت وانتهت، فعندما يحني الرئيس رأسه لتحت فهذا يعني الموافقة، وعندما يرفعه يعني الرفض، ويقول د.حلمي انه سأله مازحا: ماذا لو كان الرئيس موافقا وحطت ذبابة على رأسه فحركه الى اعلى لطردها فهل يعني هذا الرفض؟ وقد اعفي د.مراد من الوزارة بسبب تلك المزحة في زمن لا مزاح فيه!

سامي النصف

الوصفة السحرية لحل الإشكالات العربية

درت وصلت في وطننا العربي من محيطه حتى خليجه، وزرت قراه ونجوعه وجباله واريافه وسهوله قبل زيارة مدنه وحواضره، واقول كمراقب ان حكوماتنا العربية لا تسيطر بأحسن الحالات الا على 60% من السكان و70% من الاراضي، اما الباقي فهو خارج سيطرة الدولة المركزية ولا ترتبط الاطراف بالعواصم الا بشكل شكلي مما سيسهل مستقبلا على تلك الاطراف ان تتخلى عن القلب وتستقل بذاتها، خاصة ان اغلب الثروات تتمركز فيها لا في العواصم.

واحد الاشكالات الحقيقية ضمن اقطارنا العربية التي هي للعلم من اجمل بلدان العالم في جبالها وسواحلها ومناخها وآثارها وتاريخها ومراكزها الدينية انها تعاني في الاغلب من الفقر الشديد وضعف البنى الاساسية من طرق ومستشفيات ومدارس رغم وفرة الثروات بسبب سوء الادارة وتضييع الموارد في الحروب العبثية المتلاحقة منذ نصف قرن حتى اليوم، فمن حروب خارجية الى حروب اهلية الى سرقات علنية للموارد.. الخ.

ان الحل الامثل للإشكال العربي بعيدا عن الشعارات المدغدغة الكاذبة التي جربت مرارا وتكرارا والذي سيحيل وطننا الكبير الى جنات تسعد بها الشعوب يتلخص فيما يلي:

البدء بهجمة سلام حقيقية شاملة تجاه جيران الوطن العربي، ونعني اسرائيل وايران وتركيا، ونحو الدول المؤثرة في العالم كالولايات المتحدة واقرار مبدأ اللا حروب معلنة او خفية مع الآخرين للمائة عام المقبلة، على الاقل. وخلق حالة سلام شاملة في الداخل عبر ايقاف حالات القمع والاستعلاء على الوان الطيف الدينية والمذهبية والعرقية الشركاء لنا في اوطاننا والبعض من هؤلاء هم اصل تلك الاوطان التي يتم الاستعلاء عليهم فيها. وجوب الطلاق النهائي للعمل السياسي من قبل شعبنا العربي وترك قلة محترفة تمارسه بنجاح، فقد اثبتت شعوبنا المرة تلو الاخرى انها اسوأ شعوب الارض قاطبة في ممارسة العمل السياسي الذي يعتمد على العقلانية والحكمة وأنصاف الحلول، بينما تمارسه شعوبنا طبقا لمقولة «لنا الصدر دون العالمين او القبر»، يعني «يا قاتل او مقتول». البعد كل البعد عن خيار الارهاب والحرب والاعتقاد بأن الغاية تبرر الوسيلة، فالاختلاف مع الآخر يبرر خطف طائراته وتفجير عماراته وقتل الابرياء من نسائه واطفاله، وهي امور لم تقم بها اي من الامم الاخرى، كما ان علينا الايمان بعدم احتكارنا للحقيقة، والتواضع والاعتراف بأن فضل الآخرين علينا وعلى الانسانية جمعاء يفوق ودون مبالغة بملايين المرات فضلنا التاريخي على الآخرين. والبعد كذلك عن الاعتقاد الخاطئ بأن بامكاننا حل مشاكل العصر المستعصية عبر النظر للماضي، ان علينا الاهتمام الشديد بالعلوم الحديثة والتكنولوجيات المتطورة والعمل الجاد منذ الصباح حتى المساء وباتقان شديد حتى نحاول ان نجاري الشعوب الاخرى التي باتت تسبقنا بقرون عدة. البدء بعمليات الحد من التكاثر والتناسل، فالشعوب المتقدمة تتناقص تباعا لمعرفتها ان القوة هي في نوع الانسان لا عدده، وان الاعداد المتزايدة على نفس الموارد تعني افتقار الجميع والضعف والانشغال بعد ذلك بالحروب المدمرة داخل الاوطان للحصول على مصادر العيش. كما علينا ان نتوقف عن الحلم بحلول تتحول عند وصولها الى كوابيس، فقد جربنا في السابق جميع ما يدعى هذه الايام انه حل، حيث لبسنا لباس الديموقراطية والليبرالية والدولة الدينية والاشتراكية والشيوعية والحكومات الثورية والعسكرية والقومية، وانتهت جميعها دون استثناء بكوارث، ان الإشكال هو في الشارع لا في القصر، وفي الناس لا في الحكومات، ولن تنهض امتنا الا بنهوض شعوبنا عبر الايمان بالفكر الجديد ودون ذلك سنبقى ندور كدوران الثور في الساقية.

آخر محطة:
         علينا كذلك كجزء مهم من الحل ايقاف عمل مئات الفضائيات الاخبارية التي تبلبل فكر المواطن العربي.

سامي النصف

الكويت من الإمارة إلى الدولة

أحد الأمور التي نلحظها في مذكرات الساسة والقادة العسكريين الأجانب هو انصافهم وثناؤهم الشديد على خصومهم وهو ما يعطي ما يكتبونه كثيرا من المصداقية والموضوعية.

في المذكرات السياسية والعسكرية العربية نلحظ العكس من ذلك تماما، حيث ان الخصوم هم دائما شياطين وجبناء ومخطئون على طول الخط، اما من يكتب المذكرات فهم دائما ملائكة وملهمون ولا يأتيهم الزلل او الخطأ أبدا في القول او الفعل.

واحد الاخطاء الكبرى في الكويت التي ستدفع اثمانها الاجيال المقبلة غاليا هو قلة او انعدام كتابة المذكرات من قبل رجال الحكم والساسة والاقتصاد والفكر والاعلام والوزراء السابقين، بل وحتى الرجال العاديين مما يجعلنا مستقبلا امة دون تاريخ مما سيسهل عمل الطامعين والمزورين ويصعب من عمل من سينكر تلك الدعاوى المتوقعة اللاحقة في غياب القدرة على الاستشهاد بكتابات ومذكرات وذكريات من عاشوا حقبنا التاريخية المختلفة والتي لا يوجد – للعلم – ما نخجل منه او نخشى ذكره.

من ذلك المنطلق سرّنا كمبدأ اولي ان يقوم د.احمد الخطيب بكتابة مذكراته وقد وددنا ولايزال في الوقت متسع ان يكون حاله كحال رجال الامم المتقدمة السالف ذكرهم منصفا في حق خصومه ومتوازنا في حكمه على الامور، حيث ان تلك المذكرات كما قدم لها ستقرأ من قبل اجيال لم تشهد الاحداث التاريخية التي يتم التطرق لها، وفي غياب واضح لمذكرات الشهود الآخرين لتلك الحقب من اصحاب الرأي والرأي الآخر، مما يحمل الدكتور الفاضل مسؤولية مضاعفة عن وجوب الموضوعية في الطرح في تلك المذكرات.

وقد شهدنا في الجزء الأول من المذكرات حدة لا نود ان تتكرر في الجزء الثاني كونها دعاوى كان الطرف الآخر فيها من الراحلين، كما ان بعض تلك القشور جرفت الردود بعيدا عن صلب الاحداث التي عادة ما تصبح اضافة للطبعات اللاحقة من الكتاب، كما ابتعدت المذكرات عن تخطئة الذات او مدحها، كما تم في موقفين تاريخيين مشهورين: أولهما اللقاء مع عبدالكريم قاسم في اغسطس 1958م، والثاني امام انشاء «الحركة الثورية الشعبية في الكويت» في صيف 1968، فالأول يستحق التخطئة، والثاني يستحق الثناء.

وقد بدأت هذه الايام الزميلة «الجريدة» بنشر الجزء الثاني من مذكرات د.احمد الخطيب راجين، كمتابعين ومهتمين بتاريخ الكويت الحديث، ان يتم خلالها تعزيز الموضوعية واحترام الرأي الآخر والبعد بتلك المذكرات المهمة عن الشخصنة وتصفية الحسابات الشخصية والتباينات السياسية التي ليس موضعها كتب المذكرات والذكريات الهادئة والمتزنة والمنصفة، التي يجب ان تنأى بنفسها عما يحمله المقال اليومي من انفعال.

آخر محطة:
 
(1) لاحظت ان اسم المذكرات هو «الكويت من الدولة إلى الإمارة» بينما يفترض السياق التاريخي ان يكون العنوان على العكس من ذلك اي «الكويت من الامارة الى الدولة» اي من حالة «الامارة» التي عاشتها الكويت خلال الـ 250 عاما الأولى من عمرها الى حالة «الدولة» التي عشناها خلال الـ 50 عاما الماضية.

(2) كتب المقال بعد قراءة الحلقات الأربع الأولى من الجزء الثاني من المذكرات.