سامي النصف

ادعموها ثم حاسبوها

هناك مفهوم خاطئ متوارث لدى النواب الافاضل هو ان دعم برامج الحكومة يعني عدم القدرة على محاسبتها اللاحقة، والحقيقة ابعد ما تكون عن ذلك بل هي تحديدا على النقيص منه حيث ان معارضة واسقاط كل ما يأتي من الحكومة يعني بالتبعية عدم القدرة على محاسبتها، فكيف تحاسب من غللت يده ومنعته من العمل؟! ان الموافقة على خطة عمل الحكومات، كما يحدث في جميع الديموقراطيات الاخرى تعني المحاسبة طبقا لمبدأ وافقناكم واعطيناكم الفرصة فماذا فعلتم؟!

نقول هذا بعد ان تقدمت الحكومة عبر الامانة العامة لمجلس التخطيط ببرنامج عملها الضخم المكون من مجلدين يحتويان على الف صفحة ويتضمنان مسودة خطة التنمية الخمسية للاعوام 2009 – 2014 لتقديمها لمجلس الامة في 02/01، وبداهة فتعطيل تلك الخطة يعني بكل بساطة ايقاف حال البلد ثم الشكوى بعد ذلك من تقدم الآخرين وتأخرنا.

وأحد الاسباب التي تخلق حالة المعارضة والصدام الدائم بين المجلس والحكومة والتي ادت الى اوخم العواقب في السابق، يقوم على حقيقة ان الناخب الغاضب يخرج دائما نائبا غاضبا، فكلما زار النواب الافاضل دواوين المواطنين وسمعوا منهم تذمرهم ومعارضتهم وتشكيكهم بكل ما يأتي من الحكومة عكسوا ذلك بمواقف حادة في المجلس، فالنائب في النهاية هو مرآة للناخب.

وعليه فان الدعم «الحقيقي» والفاعل لبرنامج عمل الحكومة يقوم على خلق عمل مؤسس منظم يبدأ قبل سنوات من عرض ذلك البرنامج لتسليط الضوء على مشاريع الدولة كي تعطي المواطنين الطمأنة بان اموالهم في يد أمينة وتستخدم لخدمتهم وخدمة اجيالهم المقبلة عبر المشاريع التنموية الكبرى التي تتقدم بها الدولة، ومن ثم ضخ كم كبير من العقلانية والموضوعية والتفاؤل – بدلا من الاحباط والسوداوية – لدى الرأي العام الكويتي.

اننا امام لعبة كرة قدم سياسية متصلة منذ ما يقارب نصف قرن تلعب امام المواطنين الكويتيين تخلى احد طرفيها، ونعني الحكومة، وبشكل فريد عن القيام بأي جهد لكسب الجمهور الذي تحول بأسهل الطرق للفريق الآخر، ونعني النواب، ممن بالغوا في استمالته حتى اصبحوا اسرى دلاله ورغباته التي منها ان يحل هو محل اللاعبين والحكام والمدربين، اننا بحاجة الى وقفة جادة تعيد النظر في قواعد لعبتنا السياسية لتجعلها في رقيها وتقدمها وانضباطها قريبة مما نراه قائما في الملاعب السياسية الأوروبية.

آخر محطة:
ان برنامج عمل الحكومة المقدرة كلفته بمليارات الدولارات حاله كحال أي سلعة أخرى مهما قل ثمنها بحاجة الى تخصيص أموال وموارد لتسويقه، لقد تبنت الحكومة في السابق مشاريع لتسويق الوسطية ومكافحة المخدرات… الخ، والواجب ان تتبنى قضية تسويق برنامجها، فدون تسويق لن ينجح البرنامج.

سامي النصف

في الدفاع عن التوجهين الإسلامي والليبرالي

الليبرالية في الفكر السياسي هي حالة مكملة للتوجه الإسلامي، حيث ان طغيان حالة واحدة على المجتمعات يعني بكل بساطة سيادة الفكر الديكتاتوري القمعي، لما يملكه متشددو الطرفين من أنياب بارزة ستدمي فيما لو تركت منفردة في ساحة العمل السياسي، ومن ثم ستنتهي البلدان والمجتمعات المبتلاة باللون الواحد الى الدمار والإفقار للشعوب والأوطان.

وإذا ما ابتعدنا عما يصم به بعض منضوي توجه التوجه الآخر فسنجد ان التوجه الإسلامي لا يعني في أساسه التطرف والتخلف حيث ان من قادته في الكويت وخارجها وضمن المجالس النيابية والمنتديات الإعلامية قيادات إسلامية شديدة الثقافة والاعتدال، كذلك لا تعني الليبرالية الإلحاد أو الدعوة للانحلال الأخلاقي، حيث ان قياداتها ومنضويها هم أبعد ما يكونون عما يتهمهم به بعض متطرفي الطرف الآخر.

وإذا كان وجود التوجهين و«تنافسهما» يؤدي بالتبعية للارتقاء بممارستهما الفكرية والسياسية فإن عملية النقد وخاصة الذاتي منه تؤدي كذلك لتصحيح الأخطاء وتحسين الأداء، ومن ذلك دعمنا لما خطته قبل أيام الزميلة حنان الهاجري في صحيفة «القبس» تحت عنوان «العيب فيكم لا في الليبرالية» وهي في نهجها السياسي النقدي الهادف شبيهة بالكاتب الإسلامي ساجد العبدلي فيما يكتبه في كشفه لأخطاء التيار الإسلامي لتصحيحها وتلافي تكرارها.

وهناك أسباب عدة لضعف أداء التوجه الليبرالي بشكل عام أولها عدم وجود الدولة الراعية والداعمة له بالخبرات والموارد والتنظير وتسخير وسائط الإعلام كحال الاتحاد السوفييتي سابقا مع الشيوعية، والسعودية مع الإسلام السني، وإيران مع الإسلام الشيعي، فرغم كل ما يقال لا توجد صلة على الإطلاق بين الدول الليبرالية الممتدة من اليابان شرقا حتى الولايات المتحدة غربا والحركات الليبرالية في دول العالم الثالث، بل استطاعت الحركات الإسلامية وبذكاء شديد النهل والاستفادة من الأفكار السياسية والاقتصادية الغربية لدعم توجهاتها ونشرها.

وغياب هذه المرجعية حرم التوجه الليبرالي العربي والإسلامي من التواصل بعضه مع البعض والاستفادة من حالتي الإخفاق والإنجاز في أحد الأقطار لمنع تكرارها أو إعادة تكرارها في القطر الآخر، فالتوجه الليبرالي في الكويت على سبيل المثال غير متصل بمثيله في السعودية والبحرين ومصر ولبنان والأردن والمغرب.. الخ، بعكس التوجهات الإسلامية العابرة للقطر والداعمة بعضها لبعض بالخبرة والتجربة والموارد.

كذلك نجح التيار الإسلامي وببراعة شديدة في ربط توجهه السياسي بمراكزه الاقتصادية من بيوت مال وبنوك وشركات استثمار وبيوت زكاة وجمعيات خيرية وتعاونية، في حين لم ينجح التوجه الليبرالي في مثل هذا العمل حيث نجد الانفصام الحاد بين رجال السياسة وفعاليات الاقتصاد لدى الليبراليين.

ان توافر الموارد المالية لدى التوجه الليبرالي كفيل بخلق فعاليات ونشاطات تستقطب الشباب وتظهر المبرزين منهم كما يحدث مع التوجه الإسلامي الذي أبرز وبشكل جميل قيادات وفعاليات شابة استقطبت الجماهير كعمرو خالد ومشاري العفاسي ومشاري الخراز.

أخيرا، ان دعم وتقوية التوجه الليبرالي في حال ضعفه أو التوجه الإسلامي فيما لو وهن، فيه اصلاح للأمة حالنا حال أمم الغرب التي لا تترك العمل السياسي لتوجه واحد بل تبدأ منذ اللحظة الأولى لصعود توجه ما (جمهوري، عمالي.. الخ) بتقوية التوجه الآخر لعلمهم أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

سامي النصف

جمهورية الموز

في عام 2000 جرت انتخابات نيابية تنافس فيها آل غور الذي يمكن وصف قدرته بالعبقرية ومنافس له محدود القدرات هو الرئيس جورج بوش الذي كان يعتمد على دعم عائلته وأصدقاء والده كحال انتخابات الأرياف العربية، وقد انتهت الانتخابات في البلد الأكثر تقدما في العالم بالفوز بالتلاعب بها وخطفها من المرشح الأكثر شعبية كما يحدث عادة في دول العالم الثالث وجمهوريات الموز الشهيرة.

وفي سبتمبر 2001 قام إرهابي كبير يدعى أسامة بن لادن بالتعدي على الأبرياء في نيويورك وقتل ما يقارب 2000 منهم – نفس عدد ضحايا المرور خلال أسابيع قليلة في أميركا ونصف عدد قتلى الأميركان في العراق – وبدلا من خلق رد فعل عاقل يضر بالجاني لا المجني عليه تمت عملية رد فعل عنيفة رهيبة انتهت بتحقيق نتائج مدمرة للذات لم يحلم بها بن لادن نفسه وتحويل أميركا من دولة عالم أول إلى عالم ثالث بامتياز مما أضر بصديقها وأسعد عدوها.

فقد انفعلت القيادة محدودة القدرات تماما كحال قيادات جمهوريات الموز وسطحت الأمر بمجمله إلى معسكر خير ومعسكر شر – نفس منطق عدوها بن لادن وقبله ستالين – وتم شن حروب باهظة الثمن غير محسوبة النتائج في أفغانستان والعراق ولو تم دفع واحد على مليون مما صرف على الحروب على تثوير الداخل ودعمه لسقط نظاما طالبان وصدام بطريقة أسرع وأقل كلفة بكثير.

وسيطر جهاز الأمن على مفاصل الدولة وبدأت المعاملات السيئة وغير الحضارية في المطارات الأميركية وتم سحب المئات دون محاكمات واستخدام التعذيب مع المعتقلين كما سمح بالتجسس على حياة المواطنين والتنصت على مكالماتهم وهي ملكيات فكرية محتكرة لدول العالم الثالث وجمهوريات الموز.

وتشتهــر أنــظمة جمهوريات المــوز بقدراتها العجيبة على تدمير اقتصاديات بلدانها وتحويل فوائضها إلى عجوزات كبرى عبر الصرف المبالغ فيه على النواحي العسكرية وشن الحروب – هل تذكرون صدام؟! – ودعم عمليات الهدر المالي دون اهتمام بالموارد اللازمة لتغطية ذلك الصرف مما يؤدي عادة إلى انهيار سعر العملات واختلال ميزان المدفوعات وفقدان العالم الثقة باقتصاد وأسواق مثل تلك الدول.

وضمن أوصاف وخصائص دول العالم المتخلف الذي انضمت له القوة الكبرى في التاريخ سوء اختيار القيادات في كل المجالات مما يجعلها وسيلة للتندر والتفكه وقيام الشعوب بإطلاق التسميات الشنيعة عليها، كما يتم في جمهوريات الموز عادة سحب الكمبيوترات واللاب توبات من أيدي الشباب وإعطاؤهم السلاح بالمقابل مما يعني عدم الاكتفاء بتدمير حاضر الأمم بل مستقبلها.

آخـر محطـة:
 حسـمت وانتــهت الانتخابات الأميركية الحالية بالانهيار الاقتصادي القائم ونرجو ألا نرقب حربا في الخليج كقرار غير حكيم أخير قبل الرحيل.

سامي النصف

معاركنا الخاسرة

لا أعتقد أن إشكالنا الكويتي أو العربي أو الإسلامي هو نتاج الخلاف الديني – العلماني، أو الليبرالي – الإسلامي، أو الديني – الديني، أو المذهبي – المذهبي، لحقيقة ان جميع تلك الفروقات والتباينات موجودة بشكل أو بآخر في أغلب دول العالم دون مشاكل سياسية أو مصاعب أمنية أو حروب أهلية.

ان الإشكال الحقيقي هو بين النهج العاقل والمتزن في مقابل المسار المتشدد والمتطرف أيا كان الرداء الذي يرتديه طرفا تلك المعادلة، فلم نشهد قط دمارا أو حروبا او خرابا بسبب تباين الآراء بين عقلاء تلك التوجهات أيا كانت، في المقابل لم يعمّر بلد قط ساده الجهلاء من ابنائه حتى لو تشابهوا في الأعراق او الأديان والمذاهب.

والمؤسف انني أؤمن حقا بأن النهج الثوري والمتشدد هو المنتصر لا محالة في الخليج وضمن منطقتنا العربية والاسلامية بسبب الأموال الطائلة والطاقات الهائلة التي تخدم ذلك التوجه ومعها وفرة وكثرة الفضائيات ومنتديات الانترنت التي تروج لما يقوله منظرو ومفكرو وحتى مرتزقة ذلك التيار، واذكر في هذا السياق انني التقيت قبل أسابيع بأحد الثورجية ضمن برنامج حواري شهير وعدت بعد أيام لأبحث في محرك الغوغل عن ردود الأفعال حول ذلك اللقاء.

آخر محطة:
العزاء الحار لأسر العيار والأحمد والسالم والغنام والمعجل والبشر على راحليهم الأبرار، للفقداء الرحمة والمغفرة، ولأهليهم وذويهم الصبر والسلوان.

سامي النصف

اعتذر جعجع فمتى يعتذر عون؟

بئر نفط لبنان الشقيق هي السياحة، وأعتقد ان على وزارة السياحة هناك استغلال حلول شهر رمضان المبارك خلال الاعوام المقبلة في اشهر الصيف ومواسم الاجازات لتسويق لبنان كأمثل وأفضل مركز سياحي لقضاء الاجازة الرمضانية، حيث برودة الطقس واعتدال ساعة الافطار – بعكس اوروبا – اضافة الى توافر المساجد والاجواء الرمضانية فيه.

وتبقى السياحة الخليجية والعربية والاسلامية للبنان محدودة مقارنة بالسياحة الدولية للقادمين من اميركا واوروبا والصين واليابان ودول شرق آسيا.. الخ، لذا يجب التقيد بمقترح ازالة صور الزعامات والقيادات من بيروت الكبرى على ان تتبعها بقية المناطق، خاصة ضمن المناطق المحيطة بالمطار، حيث يصعب على الاجانب تقبل الاصطياف في بلد يظهر نفسه، ومنذ الوهلة الاولى، على أنه في حالة اصطفاف مع الدول المتشددة في المنطقة، او يحاول الايحاء بأن الدولة اللبنانية لا وجود لها حال مغادرة المطار.

واشتريت خلال زيارتي للبنان شريطا أنتجته محطة «O.T.V» التابعة للجنرال عون، يباع في كل مكان، عن مجزرة «اهدن»، تم خلاله استضافة اهالي الضحايا وإلقاء اللوم في تلك المذبحة الرهيبة على القيادي د.جعجع، كما تم لومه ايضا على عملية اغتيال الرئيس رشيد كرامي وفي كلتا الجريمتين لا يمكن لأحد الا ان يتعاطف مع الاهالي ويلقي باللائمة على الفاعلين متى ما ثبتت الجرائم عليهم بالأدلة والقرائن.

وقد أنتجت احدى الشركات الاجنبية عام 2000 برنامجا وثائقيا محايدا عن «حرب لبنان» غطّى، عبر مئات المقابلات مع مختلف الاطراف، احداثها منذ بدئها حتى انتهائها وصدر على شكل اشرطة ممغنطة، ومما اتى ضمن تلك اللقاءات مقابلة مع الجنرال عون اقر فيها بأنه، كقائد للجيش، قد رسم خطة اجتياح مخيم تل الزعتر الذي انتهى كما هو معروف بمذابح فظيعة طالت المئات من النساء والاطفال، والمخطط للشيء كفاعله.

كما اعادت تلك الاشرطة للأذهان ذكرى احداث الثمانينيات عندما قام الجنرال عون بشن «حرب الإلغاء» على بيروت الشرقية وما نتج عنها من ضحايا تجاوزوا المئات، كما أظهرت الاشرطة الوثائقية ان حرب الجنرال على السوريين التي ورط الجيش اللبناني فيها لم تكن على الاطلاق حربا بدوافع وطنية بل كانت بالكامل حربا «مأجورة» لصدام الذي دفع ثمنها عدّا ونقدا وأرسل اسلحتها بحرا.

وقد خلفت «حرب البندقية المأجورة» لعون مئات القتلى من اللبنانيين والسوريين، عسكريين ومدنيين، وانتهت بترك الجنرال لعائلته في القصر المحاصر ولجوئه وحده للسفارة الفرنسية، وأتى ضمن الاشرطة اتهام سوري رسمي للجنرال آنذاك بأنه من اغتال المفتي حسن الخالد والرئيس رينيه معوض لمعارضتهما وصوله لسدة الرئاسة، اضافة الى قصفه المعابر بين شطري بيروت لمنع قيام الانتخابات الرئاسية، مما ادى الى قتل مئات الابرياء.

إن نبش الماضي اللبناني وإخراج الجثث يثير الاحقاد والمواجع ويحيي الفتن ويحضّر الارضية لحرب اهلية جديدة في لبنان، وهو ما فعله تماما الجنرال عون عبر محطته «O.T.V» وحصد تبعا لذلك اعتذارا من جعجع، فهل سنشهد من الاخير اشرطة تتضمن لقاءات ومقابلات مع ضحايا حروب الجنرال وحروب الاخوة الآخرين التي دمرت مناطقهم كي يعتذر البقية من لوردات الحرب عن افعالهم الماضية كما فعل جعجع؟! لست أدري!

سامي النصف

المناظرة المحتدمة والتصويت الاحتجاجي

لا أخفي تعاطفي ورغبتي الشخصية بفوز المرشح جون ماكين لأمور عدة، منها ان الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه هو من قام بتحرير بلدنا، ولو ان الديموقراطي الضعيف دوكاكيس هو من فاز بانتخابات 88 لما وقف الموقف الحازم الذي اتخذه الرئيس جورج بوش الأب ولأصبحنا هذه الأيام قضية «منسية» أخرى من قضايا العالم، كما ان الرئيس بوش الابن هو من أفرحنا وأراحنا من صدام رغم معارضة المرشح أوباما لحرب تحريرالعراق، يتبقى ان سياسة الجمهوريين متى ما وصلوا ستبقي أسعار النفط مرتفعة نسبيا ولن تدعم بشكل جاد مشاريع الطاقة البديلة كما انها ستضمن الأمن في الخليج والعالم بشكل أفضل مما قد يقوم به الديموقراطيون.

ويظهر تاريخ المناظرات التلفزيونية أن بإمكانها أن تقلب النتائج رأسا على عقب كما جرى في مناظرة كنيدي – نيكسون عندما استطاع كنيدي الباسم المنتمي للأقلية الكاثوليكية سحب البساط من تحت نيكسون الغاضب، وقد تعلم الأخير الدرس فامتنع عن المشاركة في المناظرات عامي 68 و72 ففاز بالانتخابات، وبالمقابل فاز جون كيري في مناظراته عام 2004 على الرئيس بوش إلا أن الأخير فاز بالانتخابات العامة بسبب تكتيكات الساحر كارل روف.

ويكفي في بعض الأحيان سطر واحد قد يقوله أو يحفظه المرشح بشكل مسبق للفوز في المناظرة، مما قد يؤدي في النهاية للفوز بالانتخابات العامة، وقيادة أكبر قوة في التاريخ كحال الرئيس ريغان الذي اكتسح المناظرات والانتخابات اللاحقة عامي 80 و84 بجملتين بسيطتين وجه احداهما لمنافسه بشكل طريف ومضحك وهي «ها هو يعود مرة ثانية» والثانية قوية ومؤثرة للجمهور وفحواها «هل وضعك اليوم أفضل من وضعك قبل أربع سنوات؟» وقد تابعت المناظرة الأخيرة وشعرت بان ماكين كان الأفضل خاصة ان أوباما ظل يردد «إن جون على حق فيما يقول» إلا أن استطلاعات الرأي اللاحقة أظهرت ان النتيجة متعادلة أو تميل قليلا الى أوباما، وضمن تلك الاستطلاعات فضلت النساء أوباما، بينما دعم الرجال ماكين وقد يكون السبب هو ان ماكين ظهر بشكل غاضب وقاس ولم ينظر قط تجاه منافسه، كما أكثر الحديث عن الماضي في زمن الرغبة في التغيير.

والحقيقة ان ماكين قد يخسر الاستفتاءات ولربما الانتخابات بسبب التصويت السلبي أو الاحتجاجي على الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الشعب الأميركي خاصة ان الكارثة الاقتصادية لن تختفي خلال الأسابيع القادمة، كما ان المناظرات القادمة ستختص بالوضع الاقتصادي الذي يجيد الحديث فيه المرشح أوباما بعد ان انتهت مناظرة العلاقات الخارجية المختص بها المرشح ماكين.

آخر محطة:
 العزاء الحار لآل المعوشرجي الكرام في فقيدهم الشاب محمد نايف المعوشرجي، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

سامي النصف

في رحاب الديار المقدسة

عدت يوم الاربعاء صباحا لأرض الوطن لألتحق عصرا بالصحبة الطيبة التي قادها كعادته كل عام الصديق عبدالعزيز البابطين لأداء مناسك العمرة المباركة ولقاء كبار المسؤولين السعوديين، وقد حان موعد الافطار في الطائرة مما أعاد للاذهان الحاجة الماسة لفتوى موحدة للمسلمين أجمعين حول كيفية تحديد موعد الافطار لمسافري الطائرات، أي هل يعتمد على مغيب الشمس أم مواعيد الدول المحلق فوقها، ام الدول التي تم الامساك على مواعيدها ام دول الوصول؟

وما يقوم به السيد عبدالعزيز البابطين من جهد طيب لتعزيز العلاقات على مستوى الشعوب وجعل الثقافة تصلح ما تفسده السياسة أحيانا، وذلك عبر القيام بمثل تلك الزيارات، ومثلها اقامة الندوات واللقاءات والمحاضرات وتبني دراسة الطلبة العرب والمسلمين هو امر يستحق الدعم والمؤازرة عبر تذليل العقبات امامه، فنحن مازلنا بلدا صغيرا يعزز من كينونته وبقائه الابدي حسن علاقاته بالآخرين.

واثناء الرحلة الى جدة روى لنا الاخ الفاضل عبداللطيف الروضان تفاصيل لقاء جدة المهم الذي عقد بين الشيخ سعد العبدالله رحمه الله والوفد الصدامي عشية ليلة الغدر عام 90 وكان الرأي ان محاضر ذلك اللقاء يجب ان تكتب وتحفظ للتاريخ كونه أحد أهم اللقاءات التي عقدت بتاريخ الكويت والتي تظهر حقائقه كما رواها شاهدها الاخ بوعبدالله، ان وفدنا لم يقصر على الاطلاق في مقارعة الحجة بالحجة والوقائع بالوقائع والأرقام بالأرقام التي تظهر أن الطرف الآخر هو من كان يتعدى على أراضينا، وهو من كان يسرق ويبيع النفط بأقل من أسعاره المعلنة.

وبدأنا أداء مناسك العمرة وكان الامر ميسرا رغم كثرة اعداد الزائرين، وقد ساعد الجميع على اداء المناسك انتهاء العمل بتوسعة المسعى، وقد سعدنا ونحن هناك بسماع الانباء عن اعمال التوسعات الجديدة للحرم المكي الشريف والبدء بأعمال وقف الملك عبدالعزيز (2) الذي سيوفر الموارد المالية وبشكل دائم للصيانة والتوسعة المستقبلية للحرم دون الحاجة لعوائد النفط المتغيرة، كما بدأت عملية ترسية المناقصات في مشروع نقل القطارات لأداء مشاعر الحج.

ومما يستغرب له ان يرجع المعتمر أو الحاج من الديار المقدسة ويستمر في اي ممارسات سيئة كان يقوم بها قبلها اي ان يذهب من اعتاد الغش والكذب والخداع والقسوة والفحش ويعود لها حال عودته لبلده، اذ بإمكان امة الاسلام ان تعكس واقع (خير أمة أخرجت للناس) فيما لو فهمت معنى ومغزى زيارة بيت الله الحرام من قِبَل الملايين وجعلته وسيلة للتخلص من العادات المذمومة دينيا وانسانيا كي يصبح المسلم هو القدوة الحسنة في مكارم الاخلاق بين الأمم.

آخر محطة:
الشكر للاخ الفاضل بسام الفهد على الكلام الطيب الذي خطه قلمه في زاويته الاخيرة بجريدة الوطن الغراء، والذي يجعل الزوايا والمقالات مجالا لتأليف القلوب لا تفريقها وتشتيتها، والشكر كذلك لكل من اتصل داعما موقفنا في لقاء الاتجاه المعاكس الاخير ودمتم.

سامي النصف

مقالات العشرينيات

كنت في العشرينيات من عمري عندما ابتدأت الكتابة في جريدة «القبس» أوائل الثمانينيات ثم بعدها «الأنباء» وقد رجعت لتلك البدايات وما تطرقت له ضمن المقال لقضايا الداخل والخارج وأترك للقارئ استنتاج ما يريد علما بان جميع تلك المقالات موجودة في ارشيف «القبس» لدى الزميل حمزة عليان.

القبس العدد 2751 الصادر في 13/1/1980 مقال بعنوان «كويت ما بعد النفط»، ذكرت فيه: «الوقت مثالي هذه الأيام للتفكير جديا في جعل الكويت مركزا تجاريا عالميا مثل هونغ كونغ وسنغافورة حتى يمكن الاستغناء تدريجيا عن النفط وبذا نعود الى ما كانت عليه الكويت قبل النفط عندما كانت المحطة التجارية في الخليج».

العدد 2758 يوم الاحد 20/1/1980 مقال «العطلة الجمعة والسبت» وبعد تقديم مبررات ضرورة التحول من عطلة اليوم الواحد الى عطلة اليومين على الا يكون الخميس والجمعة كتبت: «أقترح ان تكون العطلة الجمعة والسبت حتى لا ننعزل عن العالم اربعة ايام كاملة» انتهى، وقبل اشهر فقط تحقق المقترح.

العدد 2778 الأحد 20/2/1980 مقال «لمصلحة من إثارة هذه الأجواء؟» وضمنه نصا «يذكرني هذا بما حدث في أواخر الستينيات حين قررت شركة البترول الوطنية إنشاء مصفاة الشعيبة المدارة بالهيدروجين وفي ذلك الوقت تعرض ذلك المشروع الضخم لهجوم ضار من أقلام طالبت جدا أو هزلا بنقل المصفاة الضخمة من مكانها لمكان يحدده اصحاب تلك الاقلام، مرت السنون وأثبت مشروع مصفاة الشعيبة نجاحه الباهر ولو تأخر المشروع لتضاعفت كلفته»، وأضفت «ان ما يثبت نجاح المشاريع او فشلها ليس نقدها أو مدحها بل ان الأيام هي المحك الأمثل للحكم على مشاريعنا الكبرى ويبقى تساؤل: لمصلحة من إثارة جو الشعور بالفساد في البلاد؟!

العدد 3738 السبت 9/10/1982 مقال «السوق أزمة ام انهيار؟» تعقيبا على ما حدث في ازمة سوق المناخ ومما قلت فيه «يجب ان تتغير مفاهيم بعض مجاميعنا الاقتصادية، فالشطارة والذكاء ليسا في توريط المواطنين ببيعهم الأسهم عديمة الفائدة بل ان الشطارة هي في العمل على ان تكون الكويت صرحا اقتصاديا شامخا وان هذا الطريق هو الأخير لهم على المدى الطويل» و«كما يجب ان تتغير مفاهيم البعض وان يكفوا عن الانقياد الأعمى كالقطيع خلف من يحاول النصب عليهم وابتزاز أموالهم» لم يتعلم أحد منذ ذلك اليوم شيئا.

العدد 2770 الصادر يوم السبت 2/2/1980 مقال «ماذا فعلت الثورات بالعالم العربي؟» قلت فيه: «أتحدى ان يثبت احد ان انقلابا أتى بنتيجة موجبة للبلدان والشعوب او ان ثورة حدثت في بلد فقير فأصبح بعدها غنيا، او متخلفا فأصبح بعدها متقدما»، لم أغير نظرتي منذ ذلك اليوم للأنظمة الثورية بجميع أشكالها وألوانها لحقيقة ان كل يوم يمر يثبت صحة معتقدي بأن حل معاناة ومشاكل الشعوب هو بالتعقل والتطور لا بالغضب والثورة والانقلاب.

العدد 2785 الصادر يوم الاحد 17/2/1980 مقال اسمه «بين الثورة المصرية والثورة الايرانية» ذكرت فيه ان الثورة المصرية وقعت في خطأين رئيسيين ارجو ألا تقع فيهما الثورة الايرانية، الاول الايمان بمبدأ تصدير الثورة وإعطاء نفسها حق التدخل في شؤون الدول الاخرى للوصول لذلك الهدف وان الأمر احتاج الى حرب ونكسة كي يتعلم قادتها خطأ ذلك المسار، الخطأ الثاني عدم استيعاب حقيقة ان محاربة اميركا والغرب لا تتحقق بالخطب النارية والمظاهرات، بل بالبناء الاقتصادي في الداخل وتحسين العلاقات مع الجيران في الخارج وأتبعت ذلك بمقال اسميته «ولادة جديدة للعلاقات العربية – الايرانية» طالبت فيه بتضحيات متبادلة بين الطرفين لتحقيق الوفاق حيث ان الثمن الذي سيدفع لذلك الخلاف أعلى كثيرا مما يختلف عليه، بعد المقالين حدث امران مهمان الاول بداية تفعيل مشروع تصدير الثورة والثاني اندلاع حرب السنوات الثماني التي انتهت بالدمار وتجرع السم.

آخر محطة:
 أرجو ان يعود احد لمقالاتي واقتراحاتي هذه الأيام بعد 30 عاما ليرى ما تحقق منها وما لم يتحقق و«الهون أبرك ما يكون».

سامي النصف

هل يمكن لإيران أو العراق غزو الكويت؟!

لو فردت خارطة العالم أو قرأت تاريخه لوجدت بقرب كل دولة صغيرة دولة أكبر منها قد تكون غزتها أو تعدت عليها في حقبة تاريخية ماضية، كحال ألمانيا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا وفرنسا واليابان.. الخ مع جيرانها الصغار، هذا الأمر لا يعني ان على الدول الصغيرة مثل بلجيكا أو ايرلندا أو پولندا أو كوريا أو استونيا ان تبقى في حالة رعب دائم من اعادة ذلك الاحتلال أو أن تحاول نفخ نفسها كالضفدع لإخافة جيرانها الكبار.

وعليه اعتقد ان الحديث عن خوف كويتي من التسلح العراقي في غير محله لأسباب عدة منها ان فارق العدد والمساحة ايا كان التسلح سيعطي دائما وأبدا العراق ميزة رئيسية على بلد صغير مسطح كالكويت، كذلك فقد حدد الدستور العراقي الجديد مهام الجيش بالدفاع فقط والعمل ضمن الأراضي العراقية، كحال ألمانيا واليابان بعد الحرب الكونية الثانية، اضافة الى محدودية قدراتنا في التحكم بعملية تسليح الجيش العراقي وحقيقة ان حدودنا معه ملزمة بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

ان تسليح الجيش العراقي من قبل الولايات المتحدة كما هو معروف لحمايته من الجيران الآخرين ومنهم ايران التي افترض احد العسكريين الكويتيين السابقين انها ستغزو الكويت عن طريق البصرة لافشال الضربة الأميركية المرتقبة عليها، اي اننا امام موقفين متناقضين، فمن ناحية نطالب حلفاءنا بعدم تسليح العراق، اي اضعافه كي لا يحتلنا ومن ناحية اخرى نقول لنفس الحلفاء ان ذلك الاضعاف سيتسبب في اختراق ايران السريع لحدود العراق ومن ثم احتلالنا.

وكمبدأ استراتيجي وكنظرة واقعية لا مصلحة حقيقية لبلد صغير كالكويت ان يصدر عنه ما يسيء لعلاقاته بجيرانه كإيران والعراق أو حلفائه كالولايات المتحدة، عبر اساءة الظن المعلن بهم، كما لا يمكننا وضع العلاقة الأميركية – الكويتية بشكل يوحي وكأننا الطرف الأقوى فيها من حيث قدرتنا على فرض نوع تسليحها للعراق او كما اتى في احدى التوصيات التي ضمها مقال نشرته الزميلة «الوطن» بتاريخ 9/9 وكان نص التوصية: «اجبار الولايات المتحدة على تقديم معدات دعم هندسي ومدفعية ميدان….الخ». ولا اعتقد ان كلمة «إجبار» مناسبة.

كما أتى ضمن المقال نفسه الذي خطه احد المختصين حديث عن احتلال ايراني للكويت يسبقه احتلال ايراني لمدن البصرة والعمارة والفاو، اي افتراض قدرات عسكرية خارقة ستهزم الجيشين الاميركي والعراقي معا، إلا ان تلك القدرات الايرانية سيمكن صدها من قبل الجيش الكويتي بالتعاون مع كتيبة قوات خاصة اردنية وباكستانية وماليزية.

اننا أول من يحبذ خلق جميع انواع السيناريوهات العسكرية وحتى اكثرها جموحا ثم وضع الحلول الناجعة لها، إلا ان المكان الأمثل لتلك السيناريوهات هو الغرف «المغلقة» منعا للبلبلة او اساءة العلاقة بالآخرين، فلم نسمع قط بسيناريوهات عسكرية «معلنة» لدول صغيرة في اوروبا وآسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية تتحدث عن غزو جيرانها الكبار لها حيث ان الحديث المعلن في مثل تلك الأمور يضر أكثر مما ينفع.

آخر محطة:
 وافتراض ايران أن هناك مخطط ضربة عسكرية قادما لها لن يجعلها منطقيا تستبق تلك الأحداث بغزو العراق والكويت كون ذلك التعدي سيعطي المبرر الأخلاقي والقانوني للتعدي عليها، بل على العكس ستحاول خلق حالة طمأنة وسلام لجيرانها سحبا للبساط من تحت أقدام أعدائها.

سامي النصف

حوار في الاستثمار عند الانهيار

استضافتنا احدى الفضائيات للحديث حول ما اسمته بـ «تدخل الاموال الخليجية لانقاذ الاقتصاد الاميركي»، وكان هناك ضيف كريم آخر اخذ يأمر وينهى في كيفية استخدام تلك الاموال، مما جعلني اذكّره بالقاعدة الغريبة التي ترى ان بلح الشام للشام وعنب اليمن لليمن وزيتون تونس لتونس ونيل مصر لمصر وجبال لبنان للبنان (وهي معطيات محقة)، الا نفط الخليج وعوائده واستثماراته فهي مباحة للجميع ان يتكلم ويتحكم فيها، وكأن اهلها قُصّر! وهو أمر لم نر شبيها له في الامم الاخرى، حيث لم نرقب قط الاميركان او الالمان او اهل اليابان يتحدثون في كيفية تصرف أهل كندا او لوكسمبورغ او كوريا بأموالهم.

وقد طلبت ان يعطى اهل الخليج بعض «الكردت» في انهم اهل حكمة وتعقل ويعلمون ما يفعلون حيث اننا نناقش كيفية التصرف بالفوائض المالية «الخليجية» والافضل ان نناقش لماذا لا توجد فوائض مالية لدى دول عربية اخرى نفطية كالعراق وليبيا؟ او غير نفطية، حيث ان اكبر الفوائض المالية في العالم تملكها دول خدمات لا نفط كحال سنغافورة وسويسرا والصين واليابان.. الخ؟ فكيف يصح عمل البرامج الحوارية للوم من احسن التصرف بثروات شعوبه وغض النظر عمن ضيع الثروات العربية في حروب خاسرة او دعما للارهاب العالمي وغيرهما من امور عبثية؟! وقد ذكر المحاور الآخر، وهو دكتور اقتصاد، ان الاموال الخليجية تزيد على 5 تريليونات دولار، وقد عقبت بان ما يقوله هو حجة عليه لا له، ففوائض معلنة بهذا الحجم تعني الكفاءة والذكاء والامانة في التصرف، فلماذا التباكي ومحاولة الوصاية علينا؟!

ومما ذكرته ان دخول الاموال الكويتية والخليجية ليس بقصد انقاذ الاقتصاد الاميركي، حيث تكفلت الحكومة الاميركية بضخ 700 مليار دولار في شريان الشركات، بل هي فرص استثمارية سانحة، حيث تقتضي الحكمة الشراء عند الانهيار ـ كما يحدث ـ والبيع عند الانتعاش القادم لا محالة، حيث لا يوجد ركود دائم بل دورات اقتصادية متعاقبة، واستغربت من تطابق تحفظ الخط الثوري العربي على الاستثمار الخليجي في اميركا مع تحفظ الدوائر المتشددة والقريبة من اسرائيل هناك.

كما تساءلت عن الاوعية البديلة في ظل استثمارات خليجية في الدول العربية تزيد على 60 مليارا، مستشهدا بتقرير الامم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد) الذي يظهر ان الدول العربية مازالت تعاني بشدة من معوقات البيروقراطية والفساد والتطاحن السياسي غير العقلاني ومن ضمنها كتابات الضيف الآخر التي تسوّد صورة الاستثمار في بلده وتتهم المستثمرين العرب بكل الموبقات، واستشهدت كذلك بتقرير مشترك لمجلة «الايكونيمست» وبرنامج كولومبيا العالمي الذي يظهر ان الدول العربية الاكثر استقطابا للاستثمار الاجنبي خلال الاعوام الخمسة المقبلة، هي بالترتيب: قطر، الامارات، الكويت، السعودية والبحرين، وتساءلت: اين الدول العربية الاخرى ولماذا لا تنجح في خلق بيئة جاذبة لا طاردة للاستثمار؟!

وطالبت، كتصحيح للاوضاع العربية، بان يُقتدى بالصين وروسيا والهند والاتحاد الاوروبي ودول شرق آسيا ودول الخليج التي لا تجعل تباينها السياسي مع الولايات المتحدة يؤثر على تبادلها الاقتصادي معها القائم على قاعدة «WIN – WIN» الجميلة، واستحضرت ظاهرة غريبة اخرى ننفرد بها وهي ان من لا يملك حدودا مع اسرائيل يطالب بشن الحرب عليها، ومن لا يملك النفط يطالب بقطعه وعدم بيعه ومن لا يملك الفوائض المالية يقرر ايا من الدول يجب ان تستثمر بها، حقيقة: لماذا لا يتحكم كل طرف فيما يملكه لا ما يملكه غيره حتى لا نصبح كمن يتصدق بمال جاره؟

آخر محطة:

نشرت جريدة «الوول ستريت» قبل ايام حجم خسائر الصناديق العالمية المختلفة في انهيار الشركات الاميركية، وقد ثبت ان الهيئة العامة للاستثمار ومعها صندوق التحوط البريطاني هما الاقل تضررا، حيث لم تتجاوز الخسارة الكويتية «المؤقتة» 300 مليون دولار في صفقة «ميري لينش» التي اشتراها البنك الاميركي، والمتوقع ان تشهد ارتفاعا قريبا نظرا لما لتلك الشركة من سمعة عالمية وتاريخ حافل، ولم تشر الصحيفة لارباح محققة للصندوق جاوزت 800 مليون دولار في صفقة «الڤيزا كارد».. عفارم! نشارك الليلة (الثلاثاء) الساعة الـ 10 في حلقة جديدة من برنامج «الاتجاه المعاكس» للحديث حول الانظمة العربية، في محاولة متواضعة منا لتعديل مسار العقل العربي لمزيد من الحكمة والعقلانية والبعد عن الثورية البغيضة، ومن يود معرفة تأثير قناة «الجزيرة» وبرنامج «الاتجاه المعاكس» فعليه ان يرى ردود الفعل التي تصلنا والتي تكتب في الصحف والمنتديات من المحيط للخليج في الايام التي تلي عرض البرنامج.