سامي النصف

حل دائم لانهيارات متكررة

يمكن لنا هذه المرة بعد ان يتعافى وضعنا الاقتصادي – طال الزمن ام قصر – ان نواصل المسيرة السابقة أي عمل لا شيء انتظارا للانهيار الاقتصادي المقبل الذي ضربنا في الكويت الرقم القياسي بتكرار حدوثه حيث ننهار مع انهيار الآخرين وننهار مرة اخرى عند انتعاشهم، او بالمقابل نقوم ببعض الخطوات الفاعلة الكفيلة بعدم تكرار تلك المآسي الضارة بالوطن والمواطنين ومن ذلك:

خلق فريق مختص بالتعامل مع «الازمات والطوارئ الاقتصادية» لخلق محطة انذار مبكر والاستشعار بها قبل حدوثها ولتخفيف اضرارها متى ما حدثت وواضح ان مثل هذا الفريق المختص سيزيل الصداع من رأس الوزراء والحكومة وسيمنع تكرار الانهيارات وسيعطي سوقنا وهو الأقدم في المنطقة الريادة في كيفية التعامل مع الكوارث والمتغيرات الاقتصادية.

خلق اداة محاسبة تمنع منهاجية المقامرة والمغامرة المتكررة التي يقوم بها بعض اباطرة المال ممن يقتصر عملهم الاساسي على الايقاع بالآخرين وتفليسهم والخروج من الكوارث بالملايين والمليارات، للعلم بدأت في اميركا عمليات التحقيق الجنائي مع ادارة بنك «ليمان براذرز» المنهار، وفي دبي تمت احالة العديد من المدراء للتأكد من ان اعمالهم لم يسد عليها طابع الاحتيال او التمصلح الشخصي، في بلدنا لا يتحدث احد قط عن المتجاوزين على المال الخاص وكأن المحاسبة مقتصرة فقط على التعدي على المال العام.

خلق «هيئة سوق مال» تكون جزءاً من عملها المحاسبة سالفة الذكر اضافة الى التوعية المستمرة في وسائط الاعلام الحكومية والخاصة للمتعاملين في السوق اضافة الى حث الشركات ذات الطبيعة الواحدة على الاندماج لخلق كيانات عملاقة تشجع على استقطاب الشباب الكويتي، كما تحسن وتفعل علاقة السوق بالاعلام المحلي وتقوم تباعا بتصحيح اي معلومات خاطئة تهدف للتغرير بالمتعاملين، والنظر في خلق بورصات منفصلة للعقار والصناعة ..الخ.

ويفرض الحل الدائم ان تودع بعض المؤسسات الحكومية والصناديق السيادية بعض اموالها في بنوكنا المحلية وان تخص سوقنا المالي بالبعض من استثماراتها، كما يجب تشجيع برنامج هيكلة القوى العاملة الهادف الى الدخول الفاعل للشباب الكويتي من خريجي العلوم الادارية والتمويل الاسلامي والهندسة والتطبيقي لقطاع البنوك والشركات الاستثمارية والعقارية والصناعية.

آخر محطة:
مع انتهاء الفرز لاحظ القاضي المسؤول عن الدائرة الثانية ان هناك فروقات في عدد الاصوات فأصر على اعادة الفرز والا تعلن النتائج الا بعد حسم ذلك الاختلاف، وانهى القضية في حينها، لماذا لم يتم الامر نفسه في بعض الدوائر الاخرى التي اعلن بعض المندوبين فيها ان هناك فارقا كبيرا بين ما احصوه من اصوات وما هو معلن؟! وهل الحرص على السرعة في اعلان النتائج هو السبب؟!

سامي النصف

إضراب

في البدء نحن مع اي مطالبات محقة لإخواننا عمال النفط وغيرهم الا اننا ضد الاضراب كوسيلة للوصول للغايات كونه اسلوبا انصرفت عنه الامم المتقدمة لما يسببه من خسائر مادية فادحة تصيب كل الاطراف، اضافة الى انه ما ان يبدأ في قطاع ما حتى ينتقل سريعا الى جميع القطاعات الاخرى فينتهي اضراب النفط ليبدأ اضراب الاطباء او موظفي الكهرباء او المطار او البلدية ..الخ، مما يحيل حياة المواطنين الى جحيم ويساهم في تدمير اقتصاد بلدنا الذي انخفض دخله خلال اشهر بما يزيد على الثلثين، وفي وسط ازمة مالية عالمية يحلم خلالها الملايين بالحصول على الوظيفة وتوفير الخبز على المائدة.

وأحد الاشكالات التي تسبب الاضرابات في كثير من الاحيان، ضعف مستوى المتفاوضين من الجانبين فنشهد من جانب المسؤولين والمديرين اما رفضا قاطعا لكل ما يقدم ثم انتظار الاضراب لتحقيق بعض المطالب، او بالمقابل الانبطاح الكامل والموافقة سريعا على كل شيء بقصد كسب الثناء والشعبوية وتحميل كبار المسؤولين في الدولة بعد ذلك تبعات رفض المطالب غير العقلانية المقدمة.

على الجانب النقابي هناك كذلك إما اشكالية محاولة فرض الموافقة على كل ما يطلب دون مرونة وتحت راية التهديد بالاضراب، او محاولة استغلال المراكز النقابية للحصول على المكاسب الشخصية ومن ثم التفريط في مصالح العاملين مما يثير غضبهم لعدم الحصول على الحدود الدنيا من المطالب ومن ثم اعلان الاضراب، للمعلومة يستعين الفرقاء في الدول المتقدمة بمفاوضين محترفين ضمن صفوفهم لايصال المفاوضات المضنية التي تستمر لأشهر لبر الأمان بعيدا عن عمليات الاضراب المدمرة التي تضر بالطرفين.

وللتاريخ فان عمليات الاضرابات الحالية والمقبلة المتسبب الرئيسي فيها هو وزير وصل لكرسي المسؤولية في غفلة من الزمن واستخدم الكذب والخداع والانبطاح كوسيلة لكسب الشعبوية واعدا الجميع بتحقيق جميع مطالبهم وان لديه، حسب قوله، ولدى الوزراء كافة القدرة على تحقيق المطالب والقفز على اشتراطات المجالس المعنية كمجلس الخدمة المدنية وغيره.

وقد وضع ذلك المسؤول غير المسؤول كبار المسؤولين ومعهم الجهات المختصة في الدولة في حرج كبير بسبب وعوده الكاذبة بتحقيق جميع المطالب وارسل في الوقت ذاته رسالة لا لبس فيها ومازالت باقية لجميع النقابات بان الاضراب هو الوسيلة الوحيدة والسريعة لتحقيق المطالب وان عليهم الا يصدقوا الوزراء والمديرين عندما يستشهدون بعدم موافقة المجالس المختصة، وقد قرأت على احد المواقع الالكترونية لأحد موظفي ذلك المسؤول السابق ان اضراره على البلد واقتصاده قد قاربت اضرار صدام.

آخر محطة:
 انتخابات اللجان وامانة سر مجلس الأمة مقبلة ونرجو ان نشهد دعما حكوميا قويا للاكفاء و«المختصين» والمخلصين في اللجان المختلفة وخاصة اللجنة المالية لحراجة الاوضاع.

سامي النصف

كيف عاملنا اليهود العرب؟!

يجب ان نقر كعرب أننا أسأنا التصرف مع شركائنا واخواننا في الاوطان، فقد عانى الاكراد والبربر والافارقة واصحاب الديانات والمذاهب الاخرى كثيرا من عمليات الاضطهاد والتمييز والقمع التي مارسناها ضدهم عبر قرون، خصوصا ابان حكم الدولة العثمانية، وقد يكون من المناسب جدا ان تتقدم كل دولة عربية على حدة بالاعتذار او ان تتبنى الجامعة العربية ممثلة بأمينها العام اعلان اعتذار عربي عام لمن أسأنا اليه من اخواننا في الاوطان.

وأخشى في غياب مثل ذلك الاقرار والاعتذار ان ينشطر العالم العربي مستقبلا وينقسم الى عشرات الدويلات بدءا من اكراد العراق في شمال الوطن العربي وانتهاء بأفارقة السودان في جنوبه، مرورا بعشرات الاعراق والقوميات واصحاب الديانات والمذاهب ممن لم يعد ممكنا لعواصمنا العربية المدججة بالسلاح ان تفرض هيمنتها عليهم بالحديد والنار في عصر الحريات والتدخل العالمي لإنقاذ الاقليات.

وقد قرأت العديد من الكتب المختصة بأوضاع اليهود في دولنا العربية، والحقيقة التي لا زيف فيها، انه في الوقت الذي اساء فيه بعض المتطرفين الصهاينة في فلسطين لعربها، قام بعض العرب في كثير من اوطاننا خلال القرن الماضي بتحميل اليهود في تلك الاوطان ودون ذنب على الاطلاق مسؤولية ما يحدث وتمت عمليات قتل وابادة ونهب وتهجير لليهود العرب لا لأعمال قاموا بها او لخيانات ظهرت منهم بل لأسباب ثورية انفعالية لا يمكن تبريرها او السكوت عنها.

والغريب في تلك العمليات انها وجهت لليهود العرب الذين تمسكوا بالعيش في اوطانهم العربية ولم يهاجروا لفلسطين، اي اننا بدلا من شكرهم ودعمهم واحتضانهم قام ثوريونا والغاضبون منا بالعكس من ذلك تماما، واصطفوا مرة اخرى مع غلاة الصهاينة ممن كانوا يرغبون في تفعيل مثل تلك الهجرات لتعزيز وجودهم.

وفي هذا السياق يروي الوزير والسفير والمثقف المصري ثروت عكاشة في كتاب ذكرياته انه تسلم عام 1959 إبان الوحدة المصرية – السورية خطابا خاصا من المفكر الاسرائيلي المعروف الياهو ساسون قال فيه انه وكثيرا من المفكرين والساسة الاسرائيليين لا يمانعون فيما لو تحققت الوحدة العربية ان تكون اسرائيل ضمن تلك الوحدة على ان تكون لها وضعية خاصة وعلاقة مفتوحة مع كل العرب وقد فوتت الثورة العربية والانفعالية السائدة فرصة الحديث العاقل حول تلك المبادرة او اي خيار آخر ينهي الإشكال المزمن ويخلق حالة استفادة متبادلة بين الطرفين تجعل تقدمهم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي المعروف بمنزلة القاطرة التي تسحب المنطقة الى الأمام وتجعلهم بالمقابل يستفيدون من محيط شرقي مرحب بهم يعيد للاذهان دور اليهود الفاعل في نهضة الاندلس وعملهم آنذاك مع محيطهم الاسلامي المعتدل والمتسامح.

آخر محطة:
يقع خلف فندق الشيراتون في بحمدون مباشرة شارع يضم منازل ومعابد اليهود اللبنانيين المهجورة ويحسب للبنان ولسكان الجبل حفاظهم على تلك المنازل والمعابد دون مصادرة كما حدث في بعض الدول الاخرى.

سامي النصف

عندما ينقشع الغبار

بدأت معالم الصحة والعافية تخيم على اقتصاديات الدول المتقدمة حيث تحولت بورصاتها إلى اللون الأخضر الغامق وتبعتها على عجل الأسواق الخليجية عدا السوق الكويتي الذي مازالت تحكمه المزاجية والنظرة السوداوية، فينخفض مؤشره مع انخفاض مؤشرات الأسواق الأخرى ويعود للانخفاض مرة أخرى مع ارتفاع مؤشراتها.

نرجو حال انقشاع غبار الأزمة العالمية الطارئة الحالية ألا يتبعها قيام أزمة دائمة في بعض المشاريع العملاقة التي أقيمت على الأرض العربية من خليجها إلى محيطها بشكل متعجل ودون دراسة جادة للجدوى الاقتصادية، والتي تم تمويلها بقروض من البنوك جاوزت مئات المليارات من الدولارات، لقد ثبت أن الدول المتقدمة تملك السيولة اللازمة للتغلب على نكساتها الاقتصادية، فهل تملك بالمقابل بعض دولنا العربية مثل تلك الأموال؟!

قام أحد الأصدقاء بحضور جلسة الكونغرس التي نوقشت خلالها خطة انقاذ الاقتصاد الأميركي وأرسل لي انطباعاته من هناك وكان أولها ملاحظته كم الهدوء والعقلانية والاحتراف وعدم الانحراف عن الموضوع المطروح الذي ساد النقاش.

وقد أعطت رئيسة الجلسة دقيقتين لكل عضو، ولم يحاول أحد التمديد أو مقاطعة زملائه، نرجو أن نلحظ أمرا مماثلا عند مناقشة الأزمة الاقتصادية في مجلس أمتنا العتيد.

أجمل ما في اللعبة الديموقراطية أن نتعلم كيفية تقبل الهزيمة بروح رياضية وأن نؤمن بأن الخلاف لا يفسد للود قضية، وقد شاهدنا المرشح ماكين مؤخرا وهو يدافع عن خصمه أوباما أمام من شتمه واتهمه بتهمة شائنة وهي انه «عربي»! نقول هذا ونحن نستمع لأخبار نرجو عدم صحتها عن عزم من أسقطت المحكمة الدستورية عضويتهما حضور الجلسات بالقوة واعتبار حكم المحكمة الدستورية وكأنه لم يكن، الكويت بلد دستوري والتعامل مع أحكام القضاء يجب أن يمر عبر أروقة المحاكم أو انتظار الانتخابات القادمة لتحكيم الناخبين فيمن هو الأصلح لتمثيلهم.

آخر محطة:
كل المحاكم التي تختص بقضايا فردية صغيرة يتم الاختصام ضد احكامها أمام محاكم الاستئناف والتمييز، لماذا لا يتم خلق محكمة دستورية عليا يمكن الرجوع لها حال عدم الرضى عن حكم المحكمة الدستورية الأولى؟!

سامي النصف

نريد حل أبو بدلة

تزامن انهيار الأسهم والعقار في الكويت عام 82 مع انهيار مماثل في سنغافورة، في الكويت ألبسنا حلولنا الدشداشة كما قيل في حينه فبقينا في تبعات تلك الكارثة حتى اليوم، في سنغافورة شاهدت على تلفزيونهم إبان زيارتي لهم آنذاك كبار مسؤوليهم وهم محاطون بالخبراء السويسريين والإنجليز والأميركان ممن لم يعدوهم كحالنا بوصفة سحرية تنهي الإشكال في لحظة بل طلبوا منهم تعديلات جذرية تختص بالتعليم والتدريب للتحول إلى منهاجية التقنيات العالية بالعمل مع الحض على المزيد من الانفتاح كي ترتفع وتستقر أسعار الأسهم والعقار وهو ما تم خلال سنوات قليلة، نرجو أن نتواضع ونحضر هذه المرة الخبراء والمختصين الأجانب لنصحنا بكيفية تجاوز الأزمة الحالية كي لا تتحول من أزمة طارئة إلى كارثة دائمة، خاصة أننا لا نملك الخبرات اللازمة لإدارة الأزمات الكبرى.

ودعيت قبل 3 سنوات لحضور منتدى القادة في دبي وقد اخترت ضمن جمع صغير لا يزيد على عشرة أشخاص للقاء القادة خلال الاستراحة وكان مما استمعنا له وما كتبته في حينه هو تحذير بعض المحاضرين الأميركان خلال ذلك اللقاء الخاص من العجز الخيالي في ميزان المدفوعات الأميركي وأن اقتصاد الولايات المتحدة مقبل على كارثة عظمى بسبب الصرف غير المسؤول وعدم وجود أجهزة رقابية تخلق ضوابط لما يحدث، التساؤل المحق: لماذا لم نسمع بشكل مسبق تحذيرا واحدا من خبرائنا مما يجري هذه الأيام؟!

لو كان هناك جمع من الناس وأصيب بعضهم بمرض خطير، المتوقع حال وصول المسعفين أن يتعاملوا مع المرضى، لا أن يتوجهوا لإعطاء الأصحاء الأدوية والمقويات، خطة إنقاذ البورصة تتركز هذه الأيام على شراء أسهم المؤسسات المالية المتعافية وترك ما أصابها المرض، المفترض أن تشتري الدولة أسهم الشركات المعتلة ثم تقوم بإعـادة هيـكلتــها وتثبـيت من يصلح من إدارتـــها والتخلص ممن يقامرون بأموال المساهمين.

لا اعتقد أن هناك من رجال التشريع من سيعترض على خطة إنقاذ البورصة كونه سيتعرض لغضب ناخبيه من المساهمين، إضافة إلى تحمله تبعات تداعيات ما سيحدث للشركات مستقبلا، حيث إن الاقتصاد هو عبارة عن عجلة يستفيد منها الجميع متى ما تحركت ويتضرر منها الجميع متى ما توقفت، راجين أن نرقب تعاونا مثمرا بين السلطتين للتخفيف من تداعيات الأزمة الحالية، وللعلم كارثة مناخ واحدة في العمر تكفي وتزيد.

آخر محطة:
 يقوم بعض أعضاء مجالس إدارات الشركات المهمة بالبيع على الصناديق الحكومية من منطلق أن الدعم سيتوقف يوما وستهبط الأسعار وحينها سيشترون ما باعوه اليوم بثمن بخس، لذا فلست متفائلا على الاطلاق بنتائج الربعين الثالث والرابع لمعظم الشركات والبنوك كونها قد تطبخ بعكس ما يعتقد، لإظهار عجوزات مصطنعة كبيرة تساعد على الشراء من القاع.

سامي النصف

مع الجمهوريين وضد ماكين

استضافتنا الزميلة منتهى الرمحي ضمن برنامجها الشائق «بانوراما» الذي تبثه قناة «العربية» للحديث حول الانتخابات الاميركية وكان رأينا ان الجمهوريين اكثر فائدة للعرب من الديموقراطيين، حيث يدعمهم في العادة رجال النفط ومن ثم سيبقون اسعار النفط في مستويات معقولة بعكس الديموقراطيين، القادمين لا محالة، ومعروف ان النفط هو المورد الرئيسي للدول الخليجية والعراق وسورية ومصر والسودان وليبيا والجزائر واليمن اي اكثر من 85% من الشعب العربي، كما ان سياسة الجمهوريين الحازمة ستردع بعض المتربصين بوطننا العربي اضافة الى منعها قيام حرب اهلية في العراق قد تمتد الى جيرانه.

هذا الموقف الموجب والمؤيد للجمهوريين لا يمنعنا من الوقوف ضد المرشح ماكين بسبب غطرسته وعنجهيته حينما لم ينظر في المناظرة الأولى لمنافسه اوباما كما استخدم معه في المناظرة التالية مصطلح «هذا الواحد» وهو مصطلح يستخدمه بعض المتعصبين البيض عند تحدثهم عن السود، اضافة الى محدودية القدرات وقلة الذكاء حتى عند مقارنته بالرئيس بوش الابن الذي وصف اميركيا بالغباء وادت قراراته الى الكوارث لأميركا، والعالم، واحراج اصدقائها ومؤيديها.

ففي مقابل اوباما الحائز على الدكتوراه من جامعة هارفورد (في اميركا لا يتباهون بحرف الدال كما هو الحال عندنا) نجد ان سيرة ماكين تظهر انه انضم للكلية البحرية بواسطة من والده الادميرال، وقد كان ترتيبه عند التخرج هو 894 مما مجموعه 899 طالبا، وللمقارنة فالرئيس بوش الابن خريج جامعة ييل وقد اصبح طيارا في الحرس الوطني بواسطة كذلك من والده بوش الاب بعد سقوطه في امتحان تأهيل الطيران (الابتديود تست) حتى لا يخدم في ڤيتنام.

ولم يسقط بوش الابن اي طائرة قادها بعد سقوطه في امتحان القبول اما ماكين فقد اسقط 5 طائرات حربية في التمارين قبل ان يسقط وطائرته فوق هانوي وهو معدل لو قام به كل طيار حربي اميركي لانتصر الاتحاد السوفييتي على اميركا دون حرب، وقد اصيب ماكين في يديه – حتى انه لا يستطيع ان يصفف شعره بيده هذه الايام – ورجليه كونه لم يضمهما كما يعرف كل طيار حال خروجه من الطائرة بعد اسقاطها وقد سمي من قبل الاسرى الآخرين بـ «الكناري المغرد» بسبب حديثه لإذاعة ڤيتنام الشمالية وهو ما جعل هؤلاء الاسرى يخلقون تجمعات ومنتديات الكترونية ضده.

وقد بدأ معسكر ماكين بإطلاق اسم «حسين» على اوباما ووصفه بالخطر والغريب عن البلاد ومحاولة ربطه بإرهابي كان يعمل في الستينيات عندما كان عمر اوباما لا يتجاوز 8 سنوات (!) ونسي ذلك المعسكر ان ماكين هو من جمهورية بنما حسب مولده، كما ان سيرته الشخصية لا تسر على الاطلاق فقد تخلى عن زوجته الفقيرة الأولى التي وقفت معه ابان اسره بعد تعرضها لحادث سيارة وطلقها ليتزوج فتاة ثرية تصغره بحوالي 20 عاما استطاع ان يستخدم اموال ونفوذ والدها للوصول الى الكونغرس ومحاولة الوصول للرئاسة بعد ان كان راتبه لا يتجاوز 25 الف دولار في العام كضابط، وقد التزمت زوجته الاولى الصمت كونه التزم بمصاريف علاجها الباهظة طوال عمرها كتسوية طلاق.

آخر محطة:
تواترت الأنباء بأن رئيس جهاز الامن القومي الاميركي اصدر قرارا سريا بإطلاق النار على سارة بالين فور وفاة الرئيس جون ماكين، وقد اتى في شرح القرار عدم معقولية ان يحكم شخص بمحدودية خبرات وقدرات سارة باركودا، كما تسمى في الاسكا، دولة بحجم الولايات المتحدة، وتضمن القرار التذكير بكيفية وفاة الحاكمة شجرة الدر في مصر.

سامي النصف

كي يزداد السوق الأخضر اخضراراً

اللون البهيج الاخضر الذي صبغ تداول يوم الخميس الماضي يحتاج الى متابعة كي يبتعد عن الانهيارات التي اصابت بعض الاسواق الاخرى، خاصة ان الآخرين في المنطقة يتوقعون الحلول من الكويت صاحبة التجربة الرائدة في الأسواق المالية، ومن الامور التي تحتاج الى تسليط الضوء عليها حقيقة ان بنوكنا وشركاتنا مرتبطة بأسواقنا المحلية وقل ان تجد في ميزانياتها من له امتداد فاعل بالاسواق الاميركية الا ما ندر، كما ان اقتصادنا قد فك ارتباطه بشكل مبكر مع الدولار الاميركي الذي يتعرض للضغوط هذه الايام.

لقد ضخت الدول المتقدمة مئات المليارات في اسواقها المالية ولا يحتاج الامر في الكويت إلا لإنشاء محفظة «جامبو» لا تزيد مدتها عن 3 سنوات ولا يزيد رأسمالها عن مليار دينار كي تقوم بتوفير السيولة العاجلة للسوق لتمنع انهياره، ويمكن لهذه المحفظة ان يكون لها مردود مالي جيد حال استرداد السوق عافيته كونها ستشتري الاصول بأدنى أسعارها لبيعها حال انتهاء موجة الانخفاض.

والشركات المساهمة المدرجة بالبورصة هي المنفذ البديل لتوظيف الكويتيين واي ضرر يصيبها سيرغمها على القيام بعمليات خفض عمالة مما سيزيد من عدد العاطلين الكويتيين ويرسل رسالة قوية للشباب مضمونها عدم وجود ضمان وظيفي في شركات القطاع الخاص مهما كبرت، ومن ثم سيصطف الجميع مستقبلا في طوابير الخدمة المدنية كي توظفهم الدولة.

ويمكن للكارثة الحالية ان تصبح اداة تقييم ومحاسبة لأداء المدراء في البنوك والشركات فيكافأ من خرج من الازمة بأقل الخسائر ويعاقب من تسبب بخسائر معقولة تفهما للظروف العامة، ويحاسب من نام بالعسل وورط شركاته فيما لا يحتمل واكتشف انه لا يملك الذكاء والدهاء والمعرفة والمتابعة المطلوبة، إن نظرية أن المدراء هم كأسنان المشط في ادائهم لا صحة لها على الاطلاق والازمة الحالية هي اقرب للنار التي تمتحن بها معادن المدراء.

ومما هو ملاحظ ان الدول المتقدمة لا تربط امرا بأمر آخر، فحال وقوع الكارثة المالية العالمية قامت على الفور بضخ مئات المليارات لإنقاذ وتعويم الاسواق والشركات، ولم يقم احد بالكونغرس الاميركي او غيره بربط تلك الحلول بأمور اخرى كالقول لماذا ندفع للأسواق المالية ولدينا ملايين العاطلين ومن ينامون في الشوارع؟ ان القضايا المختلفة تناقش بشكل منفصل حتى لا نكرر في الاقتصاد ما قام به صدام في السياسة، اي عندما اعلن انه لن ينسحب من الكويت إلا اذا انسحبت سورية من لبنان واسرائيل من فلسطين.. الخ.

آخر محطة:
 اخشى ما اخشاه هو ان تنتهي الازمة العالمية الطارئة لتبدأ بعدها كارثة عربية واقليمية دائمة.

سامي النصف

ثرثرة على النيل

ضمتنا قبل ايام جلسة مسائية جميلة في القاهرة، عاصمة الثقافة العربية الدائمة، كان من حضورها الزميلان صالح الشايجي وماضي الخميس وجمع من الاعلاميين ورجال الاعلام العرب كان منهم مجدي الجلاد زميلنا في «الأنباء» سابقا ورئيس تحرير «المصري اليوم» حاليا التي تعتبر بحق أنجح الصحف المصرية المستقلة.

وكان من ضمن الحضور رجل المال والاعمال احمد المسلماني الذي سحرته اجواء الاعلام واستهوته اضواء الفن والتلفزة، حاله كحال زملائه نجيب ساويرس واحمد عز وهشام طلعت مصطفى، حيث يقوم هذه الايام بتقديم برنامج «الطبعة الاولى» على قناة «دريم»- قام ساويرس بتقليده وتقديم برنامج مماثل على قناة «او تي ڤي»- اضافة الى كتابته المقالات في «المصري اليوم» من حين الى آخر.

والزميل احمد المسلماني، والزمالة بالطبع في مجال الاعلام لا مجال الاعمال، يحب «الافتراء» واظهار النعمة حيث تحفل مقالاته بوصف جميل للبلدان والفنادق والمطاعم الفاخرة والفريدة التي يزورها بشكل دائم والتي يتابعها قراؤه «الغلابى» وهم يتحسرون على عدم استطاعتهم القيام بما يقوم به، كما يتابعها في الوقت ذاته رجال الاعمال العرب والمصريون لمعرفة توجهات الاسواق العالمية.

ومن روايات الافتراء، الذي يقوم به الزميل المسلماني، والتي كان عليها شهود من الحاضرين ما حدث لدى وصوله من سفرته الاخيرة، حيث كان في انتظاره كالعادة طابور طويل من سياراته السوداء الخاصة لحمل الشنط والهدايا التي يحضرها معه – بعد دفع جمركها بالطبع – وقد احتج في حينها سائقو تاكسي وليموزين المطار من عدم احساسه بمشاعر البسطاء امثالهم فاتخذ المسلماني على الفور قرارا فريدا يدل على كرمه وطيب معدنه.

فقد قرر انه سيبقى منذ ذلك اليوم على استخدامه لطابور سياراته السوداء الا انه سيدفع بالمقابل لكل سائق تاكسي في المطار اجرة «توصيلة» للبلد مضاعفة وسيقوم بذلك العمل الخيّر بنفسه ولن يوكله لاحد من مدراء اعماله الكثر كي يرى شخصيا الفرحة على الوجوه، وقد اصبح من الامور المعتادة ان يصطف السائقون في طوابير طويلة للسلام عليه واخذ الصور التذكارية معه، لذا لا تستغرب ان وصلت للقاهرة ولم تجد من يوصلك حيث قد يكون حسن او سوء طالعك قد جعلك تصل مع موعد وصول الزميل المسلماني.

ومما لاحظته ان الزميل الجلاد، وهو اسم على مسمى في حزمه وشدته وصرامته في التعامل مع من يعملون معه، كان يبقي دائما على صلة الود وثيقة مع المسلماني بعد ان عرّفه الاخير اثناء زيارتهما الاخيرة لفرنسا على رؤساء تحرير «لوفيغارو» و«لوموند» و«الاكسبرس» و«لوبارزيان» ولولا قصر الوقت، كما علمنا، لعرفه بالرئيس ساركوزي نفسه.

آخر محطة:
في طريق عودتي من القاهرة جلس بقربي رجل اعمال عربي شهير جدا وقد توقعت ان يطلب جرائد «الوول ستريت» و«الفايننشال تايمز» و«البزنس ويك» الا انه طلب مجلات «جرس» و«المرأة العربية» و«صباح الخير»، ولا عجب ان تدهورت احوال العرب الاقتصادية.

سامي النصف

تفنى أمة ليحيا فرد

المفهوم الإنساني العاقل هو أن يفنى فرد لأجل أن تحيا وتبقى أمة من البشر، وقد شهدت الإنسانية بالمقابل في القرن الماضي مفاهيم متوحشة معاكسة فحواها هي أحقية أن تفنى أمة ويموت الملايين من أجل أن يبقى فرد واحد في موقعه حتى لو أثبتت الأحداث والأفعال تباعا عدم أهليته لذلك الموقع.

خسر الألمان خلال السنوات الخمس الأولى من الحرب الكونية الثانية 3 ملايين قتيل ولم تدمر ألمانيا خلالها لكون الحرب كانت قائمة خارج حدودها ولامتلاكها آلاف المدافع والطائرات للدفاع عن أجوائها، وبعد تلك السنوات الخمس انهزمت الجيوش الألمانية على كل الجبهات وتوقفت المصانع وبانت الهزيمة واضحة جلية وكان المنطق يستدعي أن يضحي هتلر بكرسيه ويقبل الاستسلام أو الانتحار لإنقاذ ألمانيا من الدمار المحقق.

رغم معرفة الطاغية هتلر بتلك الحقيقة إلا أنه أصر على القتال مستخدما الأطفال من مخبئه المحمي تحت الأرض مما تسبب في الدمار الشامل لألمانيا وقتل خلال الأشهر التسعة الاخيرة من الحرب 5 ملايين الماني، وكان العسكر اليابانيون على الجبهة الأخرى يعتزمون القيام بالأمر ذاته أي إفناء الأمة اليابانية لأجل عيشهم وبقاء الإمبراطور هيروهيتو في سدة الحكم ولولا القنبلة النووية التي قتلت الآلاف لفني الملايين، وقد ساعد على إنهاء الحرب تعقل الإمبراطور الياباني وتوقيعه على وثيقة الاستسلام.

هذه المعادلة المجنونة تكررت مرارا وتكرارا في تاريخنا العربي الحديث، ويحسب للرئيس عبدالناصر تقديمه لاستقالته عام 1967 اعترافا بالخطأ ولإنقاذ الأمة، كما أتى في خطاب التنحي، إلا أن ذلك المفهوم لم يتكرر بعدها في محيطنا العربي فبقي عرفات رغم حرق عمان، ومثله شمعون وفرنجية ولحود رغم تدمير لبنان.

والمثال الصارخ الآخر هو صدام حسين الذي كان يعلم علم اليقين أن تركه للحكم سيرفع الحصار عن العراق ويوقف موت الأطفال، حيث كانت وسائل الإعلام وأبواقه المأجورة تفخر بموت 1.5 مليون منهم لأجل بقاء الطاغية على كرسيه رافعين شعار «تموت أمة ليبقى فرد».

والنظرية نفسها والمبدأ نفسه، أي التضحية بالشعوب لأجل الأفراد، قامت بهما ليبيا إبان حصارها الطويل، كما ان ذلك مشابه لما يجري في السودان هذه الأيام والذي سيتسبب تصادمه مع المجتمع الدولي في انشطاره لست دول، وقد سبق لقيادات ثورية في المنطقة أن أعلنت مفتخرة بحروبها أنها لا تهتم بعدد الضحايا من اتباعها بينما يتأثر عدوها عند جرح فرد واحد من أبنائه، وهي وصفة انتصار أفضل منها الهزيمة.

ولا يكتفي بعض ساسة ومفكري التثوير العربي بإفناء الأمة لأجل الفرد، بل يطالبون بإفناء أجيال الأمة المستقبلية لأجل ذلك الفرد أو امتداده بأبنائه القابعين على الكراسي عبر ترديد المقولة المدمرة بأن صدامنا مع الآخرين هو صراع أجيال فإذا لم ننتصر هذه المرة فعلينا أن نرحل تلك الحروب لأجيالنا المقبلة، بينما الآخرون يرحلون مشاريع الإعمار والبناء والتنمية لأبنائهم، وقيادات الضرورة لدينا يتوعدون أجيال الأمة بترحيل الخراب والدمار لهم، بئس المقولة!

سامي النصف

لو لم تكن في الكويت ديموقراطية!

يقول بعض المحللين المحليين اننا كنا قبل 50 عاما نسبق دول الخليج بخمسين عاما من التطور، واليوم تسبقنا بعض دول الخليج بما يقارب الخمسين عاما رغم وجود تشابه يقارب التطابق في اوضاع الكويت وشقيقاتها من حيث الموقع والطقس والتاريخ والدين والثقافة والاعراق والاعتماد على النفط، فلماذا تقدم المتأخر وتأخر المتقدم؟!

يصل هؤلاء المحللون الى نتيجة يرونها منطقية، وهي في ظل التشابه او التطابق السالف ذكره ووجود فارق وحيد هو الممارسة الديموقراطية في الكويت – والبحرين – التي ابتدأت قبل نصف قرن، وهي ان تلك الممارسة السياسية هي وحدها سبب تخلف وتراجع الكويت كونها غلت ايدينا في عمليات الاعمار والتنمية والتطور، بينما بقيت ايدي الجيران طليقة، فأين الحقيقة في ذلك القول الشائع؟!

اعتقد ان التجربة الديموقراطية لو لم تبدأ في الكويت لبقينا على تخلفنا النسبي عن دول الخليج الاخرى لاسباب عدة منها: اننا حصلنا على استقلالنا في بداية الستينيات وهو زمن علو ونهوض الاشتراكية العربية والعالمية بقيادة عبدالناصر والاتحاد السوفييتي مما جعلنا نستورد كثيراً من الافكار والانظمة المتخلفة منهم والتي تقوم على مفهوم الدولة الريعية وتمنع العقاب والثواب وتقضي على الابداع والابتكار في وقت استقلت فيه دول الخليج الاخرى في السبعينيات، اي بعد انحسار تلك التوجهات المدمرة وفي وقت حافظت فيه السعودية على صداقتها المميزة مع الدول الغربية المتقدمة مستوردة كثيرا من انظمتها منها ومبتعدة بالمقابل عن الدول الاشتراكية والماركسية.

لقد تخلت منظومة الدول الاشتراكية وعلى رأسها دول حلف وارسو عن تلك الافكار المعرقلة للتنمية، ومثلها مصر، بينما اصبحنا ومازلنا نجذرها مع كل اقتراح نيابي ريعي غير مسؤول يقدم – وما اكثرها هذه الايام – فاجتمع علينا ما لم تعان منه دول الجيران، اي بيروقراطية الديموقراطية وشيوع الافكار الاشتراكية.

وهناك ثقافة سالبة متوارثة في الكويت – وحتى لبنان – تسببت في قلة الانجاز، ولا يوجد لها مثيل في دول الخليج الاخرى، وهي حدة الجدل ووفرة الصراع السياسي بين الكتل المختلفة وعدم مناعتها لتوقف اعمال التنمية في البلد في انتظار انتهاء تلك الصراعات التي لا تنتهي وتلك الثقافة، ومعها ثقافة التشكيك في كل مشروع حكومي هي امور مترسخة في الاذهان ولا علاقة لها بوجود الديموقراطية من عدمه.

في الخلاصة:
سبب تخلف الكويت عن جاراتها يجب الا يحصر في التجربة الديموقراطية بل ان القضية اكبر من ذلك بكثير، وتستحق المناقشة العاقلة لها لدعم الصحيح وتصحيح الخطأ.

آخر محطة:
من غريب ما نراه في الكويت – ومثلها لبنان – ومما لا نرى مثله في دول الخليج الاخرى دعوى تفشي الفساد المالي والاداري الشديد في البلدين رغم وجود اجهزة رقابية لا توجد لدى الآخرين، ونعني البرلمانات والصحافة الحرة واستقلالية القضاء ودواوين المحاسبة، فماذا كان سيحدث لو لم تكن تلك الاجهزة الرقابية موجودة؟ اي هل سيزيد الفساد ام سيقل؟