سامي النصف

ماكين للخليج.. أوباما للثوريات العربية!

في قياس مصالحنا الأمنية والاقتصادية، المرشح ماكين هو الأصلح والأنفع للخليج وللعرب بالتبعية وقد حذر في لقائه مع جماهيره في فلوريدا من سياسة أوباما الهادفة للانسحاب من العراق وتركه لقدره ومن ثم تخذيل تركيا والكويت كما ذكر، ومن الواضح ان الحزب الجمهوري سيحافظ على النفط كمصدر للطاقة وبأسعار معقولة، أما أوباما فقد تعهد بدعم مصادر الطاقة البديلة حتى يتم الاستغناء عن نفط المنطقة وإفقارها وهو ما سيجعل الثوريات العربية تدعمه حتى… الانتحار!

يتهم العرب الإعلام الأميركي بأنه خاضع لسيطرة اليهود، والحقيقة ان تلك السيطرة على الإعلام الأميركي هي التي جعلته ليبراليا وديموقراطيا وعلمانيا وبعيدا في توجهه عن التعصب الديني أو تبني الأفكار الشوفينية المتطرفة، ومن ذلك أن هذا الإعلام قلبا وقالبا مع المرشح أوباما ومعاد لماكين ونائبته حتى ان صحف ولايتي أريزونا وألاسكا أعلنت تأييدها للديموقراطيين.

ذكرت جريدتا فورورد اليهودية الليبرالية والجويش برس اليهودية المحافظة ان 72% من اليهود يؤيدون أوباما و27% يؤيدون ماكين وان هناك من يسمون بـ «يهود أوباما» كحال «ديموقراطيي ريغان»، والحقيقة ان فوز أوباما سيفتح الباب مستقبلا للأقليات الأخرى كاليهود وذوي الجذوراللاتينية للترشح للرئاسة ومن ذلك فثلثا ذوي الأصول الإسبانية يؤيدون أوباما رغم أنهم يقفون تاريخيا ضد المرشحين السود.

جغرافيا وبشكل عام وليس مطلقا، الولايات الساحلية في أميركا مع أوباما والولايات الصحراوية والزراعية مع ماكين، وضمن الولاية الواحدة المدن مع أوباما والضواحي والمناطق النائية مع ماكين، السود تاريخيا كانوا مع الحزب الجمهوري بسبب تحرير مؤسسه ابراهام لينكولن لهم إلا أنهم تحولوا مع بداية القرن الماضي لدعم الحزب الديموقراطي، وقد بدأت هذا العام 31 ولاية تسمح بعمليات التصويت المبكر حيث يصطف الناخبون في طوابير تمتد لعشر ساعات من الانتظار قبل قيامهم بالتصويت ومتوقع ان يصل عدد الناخبين لأعداد غير مسبوقة في التاريخ الأميركي.

وتظهر السجلات ان الذي يفوز عادة بأصوات ولاية أوهايو يفوز بالرئاسة وأرقام المرشحين هناك متقاربة جدا كما يحوز المرشح الرئاسي العربي الأصل رالف نادر 1% من الأصوات ولو انسحب لتأكد فوز أوباما بالولاية وبالرئاسة إلا أن جيناته العربية ستجعله يتصرف على طريقة «عليّ وعلى أعدائي» ويعند ويبقى في الانتخابات لآخر رمق.

وهل هناك تاريخيا عمليات شراء ونقل للأصوات في أميركا كما يحدث في انتخابات العالم الثالث؟!، كتب هانس سيكوفسكي في صحيفة «الوول ستريت جورنال» قبل أيام ان المرشح الرئاسي جورج بوش فاز على منافسه ماديسون بعد ان رشا الناخبين بغالونات من الوسكي، كما صوت في أحد الأعوام 135% من الناخبين في نيويورك وتشير الأرقام هذه الأيام الى ان عدد الناخبين في ولايتين جنوبيتين يفوق عدد البالغين فيهما مما يعني تصويت الأموات والأطفال.

يرى المرشح جون كيري ان شريط ابن لادن المفاجئ الذي ظهر ابان انتخابات عام 2004 هو ما تسبب في سقوطه وإهداء الرئاسة لمدة ثانية للرئيس جورج بوش، وفي هذا رد على الدعوى الكاذبة القائلة بأن العرب غير مؤثرين قط في الانتخابات الأميركية، وفي هذا السياق شاب تقرير مراسل «كونا» من واشنطن بعض الأخطاء منها عدم صحة ما كتبه بأن الرئيس جورج بوش الابن لم يدخل الجامعة، حيث انه خريج جامعة «ييل» الشهيرة، كما ان الرئيسين فيلمور وتيدي روزفلت لم يبدلا حزبيهما بعد انتخابهما بل أكملا دورتيهما مع الحزب المعني وقاما بعد انتهائهما بالابتعاد أو إنشاء حزب خاص بهما كحال الحزب التقدمي للرئيس روزفلت.

آخر محطة:
مقالا اليوم والغد كتبا السبت الماضي أي قبل سفري وقد يحدث الجمهوريون مفاجآت اللحظة الأخيرة في هذين اليومين لكسب الانتخابات وهو أمر غير مستغرب عليهم.

سامي النصف

الحكومة والإعلام الخاص

أحد أهم أحداث العالم هذا الأسبوع هو الانتخابات الأميركية، ولو حاولت التنبؤ بالفائز الذي سيقبل الناخب الأميركي طرحه ويصوت له عن طريق قراءة استطلاعات الرأي فلن تنجح حيث سبق أن اخفقت الاستفتاءات في تحديد اسم الفائز، الأمر الذي لم يخطئ قط هو أن المرشح الرئاسي الذي يجمع ويدفع أكثر لوضع رسائله وخططه وبرامجه عبر وسائل الإعلام هو من يفوز دائما بالانتخابات.

ضمن لقاء قناة «سكوب» قبل مدة سألني مقدم البرنامج عن السبب الذي يجعلني أقف في بعض مقالاتي مع ما تطرحه الحكومة، وكانت إجابتي: أن ما يجعلني أقوم بذلك هو إيماني الشديد بالديموقراطية التي تقوم على الرأي والرأي الآخر، فالرأي الواحد حتى لو كان معارضا يعني الدكتاتورية بعينها، وما نراه في الكويت قائما بشكل يومي منذ عقود هو استفراد الساحة برأي واحد تمثله ثقافة سائدة سالبة تعارض كل ما تطرحه الحكومات المتعاقبة من مشاريع وبرامج وقوانين، مما أوقف عمليات التنمية وأفقد المواطن العادي حق الاستماع للطرح المتوازن في ظل غلبة الرأي الواحد.

وضمن ندوة لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة، اقيمت قبل أيام قليلة وحضرها جمع من الأساتذة والطلبة والضيوف العرب، عقّب أحد الدكاترة على الورقة التي القيتها في المنتدى بالتساؤل عن سبب تحول النخب المثقفة ورجال الاقتصاد للتحالف مع الحكومة بعد أن كانوا معارضين لها في مرحلة الاستقلال الأول، وكانت إجابتي: أن على جميع شرائح المجتمع وكتلة السياسيين أن تقف مع الحكومة أحيانا وتعارضها أحيانا أخرى طبقا للقضايا المعروضة، أما غير المعقول أو المقبول فهو العمل على جعل جميع النواب معارضين للحكومة طوال الوقت، حيث إن ذلك أمر غير مسبوق في أي ديموقراطية أخرى وسيوقف بالتبعية أحوال البلد ويجعلنا نتباكى على تخلفنا وتقدم الآخرين.

إن حل الأزمات السياسية المتلاحقة هو العمل بما نراه قائما في الانتخابات الأميركية من حق إبداء الرأي (الحكومي) والرأي الآخر (المعارض) ضمن القنوات الإعلامية كافة ولاسيما الخاصة منها كي تتحول الثقافة السالبة الغاضبة لدى الناخبين الكويتيين، والتي تؤثر بالتبعية على النواب الأفاضل، إلى ثقافة موضوعية وعقلانية لا تبني مواقفها بشكل مسبق ولا تصدر حكمها قبل المداولة لا بعدها.

إن تجربة 46 عاما من الديموقراطية الساخنة القائمة على الاحتراب الدائم والسلبية وسوء الظن وتعطيل المشاريع ثم الشكوى من عدم الإنجاز، توجب علينا خلق آلية حضارية للطرح والطرح المضاد، فقد مللنا الصراعات السياسية وباتت قلوب الشعب تصبو وتهفو لعمليات التنمية وحل المشاكل العالقة ويكفي تسبّبنا للأسف في كفر الشعوب الشقيقة بممارستنا السياسية وتفضيلهم عمليات التنمية عليها، فلنقف ولنقدم العقل والحكمة قبل أن يمتد ذلك الكفر السياسي منهم إلينا فنندم يوم لا ينفع الندم.

آخر محطة:
 العزاء الحار للزميل خضير العنزي في وفاة المرحوم ابنه نواف، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولوالديه وأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

سامي النصف

حواديت عربية معاصرة

كانت ومازالت هناك توأمة روحية بين الكويت ولبنان، فهل كانت هناك فرصة لضمهما في دولة واحدة؟! الجواب هو نعم، ففي فبراير 1958 تقررت وحدة مصر وسورية وانضمت لهما السعودية واليمن، لذا قرر العراق خلق مشروع الاتحاد الهاشمي، وطلب نوري السعيد من اميركا وبريطانيا اقناع الكويت ولبنان بالانضمام لتلك الوحدة كي تصبح رباعية كحال الوحدة الأخرى، الا ان الشيخ عبدالله السالم رفض تلك الدعوة مما جعل الرئيس اللبناني كميل شمعون يتردد في قبولها بعد أن كان موافقا عليها.

قامت الوحدة المصرية – السورية وصدر قبل أيام كتاب «شاهد من المخابرات السورية 1955 – 1968» وهو مذكرات فوزي الشعيبي الساعد الأيمن لعبدالحميد السراج، والشعيبي هو من كشف مؤامرة حلف بغداد للثورة في سورية عبر تتبعه لتحركات شكيب وهاب، وكانت تلك المؤامرة هي التي عجلت بالوحدة، كما شرح تفاصيل قضية المليون وتسعمائة الف جنيه استرليني التي دفعت للسراج للانقلاب على الوحدة، فسلمها لعبدالناصر الذي كان في زيارة لدمشق.

ويستمر الشعيبي في مذكراته فيروي تفاصيل تدخل سورية ومصر في شؤون لبنان واشعال الثورة على كميل شمعون، ومعها تفاصيل مقتل الزعيم الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو اثناء تعذيبه، وان نفى تذويبه بالاحماض كما اشيع، ويضيف انه سجل بواسطة احد زعماء محافظة السويداء تفاصيل المؤامرة التي خططت للانفصال بالاسماء والرتب، وانه حمل شريط التسجيل لمكتب المشير عامر في دمشق الذي طلب تسليم الاشرطة لمدير مكتبه دون ان يستمع له، وقد حدث الانفصال تماما كما أتى في المخطط، وانفصمت عرى وحدة عربية كبرى بسبب اهمال المشير المعتاد حتى ان مؤامرة الانفصال قام بها ضباط مكتبه.

والى «الجنة الضائعة» أي مذكرات نزيهة الحمص حرم اكرم الحوراني زعيم الانقلابات في سورية، وتذكر ضمنها ما حدث عندما خرج الحوراني وصلاح البيطار وميشيل عفلق هاربين من سورية الى لبنان عام 1953 واحضر لهم الزعيم الوطني اللبناني الكبير (…..) في سيارته الفولكسفاغن امرأة اجتمعت بالزعماء الثلاثة على انفراد، وعندما خرجت ابلغها الحوراني بأنها مرسلة من اسرائيل تعرض عليهم تبنيهم ودعمهم، وان ذلك الزعيم كان يعرف تفاصيل مهمتها.

وتروي الحمص ما حدث بعد شهرين من قيام الوحدة ووجودها وزوجها نائب رئيس الجمهورية اكرم الحوراني في جناحهما في فندق شبرد في القاهرة عندما دخل عليهما ليلا دون «احم أو دستور» رجال مخابرات صلاح نصر وفتشوا شنطهما أمامهما، كما عذب قريب زوجها عبدالفتاح السيهان ليتجسس عليهما، وتقول ان عبدالناصر كان يعتمد بالمطلق على ما تقوله وتكتبه مخابراته دون نقاش، وكان يستهزئ أمامهم بالعشرين الفا من معتقلي الواحات، ويقول إن اعداد الاخوان المسلمين منهم تكفي لبناء عدة مساجد، واعداد الشيوعيين تكفي لبناء عدة مستوطنات زراعية (كولخوزات) وقد أنهت تلك الوحدة حالة الود والاخوة القائمة قبلها بين مصر وسورية.

آخر محطة:
ما يفعله العرب بالعرب، مرت علينا قبل ايام الذكرى 30 لجريمة خطف الإمام المظلوم موسى الصدر ورفاقه ابان زيارتهم الرسمية لليبيا، وقد صدر قبل مدة قصيرة كتاب «معارك كلامية» للدكتور الباحث مأمون فندي، وقد أتى في صفحة 160 ان شقيقة زوجة من حل محل الامام المخطوف وشريكته في محطته الفضائية (….) قد «جمعت ثروتها من خلال عقد مع القائد الليبي معمر القذافي استطاعت بموجبه أن تطبع مليون نسخة من الكتاب الاخضر» وأمجاد يا عرب أمجاد.

سامي النصف

خطأ التشفي من كوارث الآخرين

انسانيا يجب الا نقبل من يجد في كوارث الآخرين وسيلة للتشفي منهم حيث ان الكوارث بجميع انواعها لا تختص بالرجال فقط بل تصيب بالتبعية الابرياء من نساء وكبار سن واطفال بل يمتد ضررها حتى للحيوان، ومن ذلك ما رأيناه ابان اعصار كاترينا من اقوال متشفية ومتناسية ان العواصف والزوابع والزلازل والاعاصير تصيب بلداننا الاسلامية التي ينهض من يتم التشفي منهم لدعمها ومساعدتها.

وفي خضم الكارثة الاقتصادية العالمية الحالية وجدنا مرة اخرى من يجدها وسيلة للاستهزاء والتشفي من الآخرين والادعاء بأن في ذلك عقابا لهم على انماط حياتهم او منهاج اقتصادهم ولم يذكر لنا، من قال بذلك، السبب في ان اقتصاديات تلك الدول – رغم ازمتها الاقتصادية – تبقى احسن بآلاف المرات من حال دولنا الاسلامية التي تضررت كذلك من تلك الازمة الخانقة.

والحقيقة ان الرأسمالية حالها كحال الديموقراطية هي السبيل الافضل والاختراع الأمثل لادارة الاقتصاد، وكما ان البديل للديموقراطية هو الديكتاتورية البغيضة كذلك فالبديل للرأسمالية هو الماركسية او الاشتراكية القائمة على الاقتصاد الموجه وتأميم وسائل الانتاج، ان الرأسمالية للعلم حالها حال الديموقراطية لها ألف وجه للتطبيق فالرأسمالية الاميركية تختلف عن الأوروبية وعن الآسيوية فاذا ما فشل أحد تطبيقاتها وجب التحول الى تطبيق آخر دون الخروج عن النظام الرأسمالي.

أما الحديث عن الاقتصاد الاسلامي كبديل محتمل عن الاقتصاد الرأسمالي فهو حديث مبكر وليس مجاله خطاب التشفي بل عبر دراسات المختصين ضمن الغرف المغلقة مع ملاحظة ان دولنا الاسلامية في تاريخها القديم قد تعرضت للمجاعات حتى اوقفت الحدود الشرعية، كما ان من يقرأ تاريخ الدولتين الأموية والعباسية وحتى الفاطمية بتمعن يجد ان موجات الغلاء والجفاف والمجاعات كانت تضرب اركان تلك الدول بين حين وآخر رغم التزامها بمثل ذلك الاقتصاد.

وضمن تاريخنا الحديث نجد ان الدولتين العثمانية والصفوية كانتا مثالا للضعف الاقتصادي والحال كذلك مع دولة طالبان في افغانستان، اما السعودية وايران فيقوم اقتصادهما على الرأسمالية والبنوك العادية، كما تعمل البنوك والشركات الاسلامية الناجحة ضمن النظام الرأسمالي في الدول الاسلامية المختلفة، الخلاصة ان المحك الحقيقي في النظامين الرأسمالي والاسلامي هو حسن الادارة والكفاءة في الفكر والعمل.

فإن اجادت الادارة كان الاداء جيدا كحال البنك الوطني او بيت التمويل او الاستثمارات الوطنية او الدار للاستثمار.. الخ، وإن اساءت كان الفشل والضرر اللاحق ففي المفهوم الرأسمالي الصحيح نجد ان شركة او بنكا اسلاميا يدار بطريقة ممتازة توفر الارباح للمساهمين وتنأى بهم عن الكوارث هو بالطبع خير بمئات المرات من شركة رأسمالية تدار بطريقة خطأ تفقد من خلالها اصولها واموال مودعيها والعكس بالطبع صحيح.

آخر محطة:
للمعلومة رؤساء وشخصيات سياسية رفيعة جداً في دول اسلامية يتصلون بالاقتصادي المرموق ابراهيم دبدوب ويستشيرونه في بعض الامور الاقتصادية في دولهم، لذا نود أن نرى اسم السيد دبدوب مضافا كعضو أو مستشار للجنة الاقتصادية المكلفة بحل الاشكال الاقتصادي القائم، كما نود أن يمنح الجنسية الكويتية تحت بند الاعمال الجليلة بعد عطاء متصل ومستمر منذ 50 عاما وتحقيقه انجازات كبيرة للكويت يشهد بها القاصي قبل الداني، وان تعدل بالتبعية المادة التي تجعل المعتقد الديني يقف عائقا امام تجنيس الكفاءات.

سامي النصف

تهريب الذهب وإشكال البورصة

لنبدأ من الازمة السياسية التي كادت تطغى اخبارها ومانشيتاتها على اخبار الازمة الاقتصادية لنقول ان الاوضاع العامة في امس الحاجة للتهدئة السياسية كي يتم تفرغ الجميع لعلاج الكارثة المالية التي يمر بها البلد ولن يستفيد احد من خلط الحابل السياسي بالنابل الاقتصادي، فالحكمة الحكمة، والتهدئة التهدئة.

وعودة للاوضاع الاقتصادية وحقيقة ان الازمة الحالية قد كشفت وفضحت بعض اوجه القصور المتجذرة في الذهنية الاقتصادية الكويتية المتوارثة والتي لا ترى خطأ او خطيئة في الالتفاف على الضوابط والتشريعات والقوانين التي يصدرها البنك المركزي وغيره مادام الهدف هو تحقيق الارباح، ولا شك في ان اشكال احد البنوك المحلية ومعه اغلب اشكالات الاقتصاد الحالية والسابقة، ولربما حتى المقبلة، تقع تماما تحت مظلة الايمان بمبدأ «ان الغاية تبرر الوسيلة» ونسيان ان تلك التشريعات ما وضعت الا لخدمة الصالح العام وحماية النفس من اطماعها ولمنع الانتكاسات المتكررة.

ولو اننا حاسبنا وعدلنا موروثاتنا الاقتصادية الخاطئة التي كانت تعتمد تاريخيا على «التهريب» للهند ودول الجوار، وهي وسائل غير مشروعة وذات مخاطرة عالية تهدف للربح السريع، لمنعنا كثيرا من الكوارث الاقتصادية اللاحقة المتصلة والمتواصلة منذ السبعينيات حتى اليوم، والتي قام الكثير منها على روح المقامرة والمغامرة أكثر منها على المعطيات الاقتصادية السليمة، ويخبرني صديق شديد الاختصاص بالشأن الاقتصادي المحلي بان بعض مديري المحافظ هم في الاصل مضاربون لا يتورعون عن القيام بأي شيء للوصول الى الارباح مما يؤدي بهم في النهاية الى المخالفات والسقطات والخسائر!

ومن غرائب السوق ان هناك خاسرين بالأصالة، اي من هم لاعبون دائمون بالسوق يقابلهم الخاسرون بالوكالة ونعني من لم يدخلوا السوق إلا في وقت متأخر استماعا لصيحات مضمونها ان الاسعار مغرية والأوقات مناسبة لتحقيق الأرباح والثروات كما كان يصرخ بعض «المحللين» الاقتصاديين في وسائل ووسائط الاعلام ممن حذرنا من نصائحهم في مقال سابق، وقد انتهى من استمع لأقوالهم الى أن اصبحوا من التابعين بخسران، ان الخــوف هذه الأيام هو من خروج الازمة من دهاليز البورصة إلى الشـــارع العـــام أو كما قيل في الغرب من الوول ستريت الى المين ستريت.

آخر محطة:
في منتصف الستينيات ارادت احدى الجهات السياسية الاضرار باقتصادي معروف يدعى يوسف بيدس الذي كان يرأس بنك انترا في لبنان فنشرت حول البنك الإشاعات مما جعل المودعين يقفون بالطوابير لسحب ودائعهم منه، مما تسبب حقا في إفلاسه، لقد ضمنت الحكومة الودائع في جميع البنوك اذن لا داعي للهلع او القلق او الوقوف في طوابير طويلة لسحب الاموال، وقد اخبرني في هذا السياق الصديق العزيز د.شملان العيسى، في لقاء ضمنا في ديوان الروضان الكرام بأنه لن يسحب ودائعه من بنك الخليج، وهو امر مطمئن جدا للبنك وزبائنه.

سامي النصف

وصفة دائمة لإشكالات اقتصادية قائمة

حسنا فعلت الحكومة بعملها على ضمان ودائع البنوك، واقرارها انشاء محفظة جامبو من مليار ونصف المليار دينار لانقاذ الشركات المساهمة العامة المتضررة من تداعيات الازمة العالمية وندرة السيولة، وبهدف حماية اموال مئات الآلاف من المساهمين الكويتيين ومنعا لامتداد الازمة الى كل قطاعات الدولة الاخرى.

ان القرارات السابقة مهمة وضرورية لمعطيات الحل الآني، الا انها تحتاج كما فعلت سنغافورة بعد كارثتي الاسهم والعقار فيها الى البحث عن الحلول الدائمة عبر خلق وصفة تتضمن تعديل مناهج التعليم الى ما هو قريب مما يدرس في المدارس الاجنبية وتحويل الكويت عبر عمليات التدريب المستمر الى مجتمع عالي الاداء والانتاج وتعزيز عملية التحول السريع الى مركز مالي عالمي ينافس ما لدى الجيران.

ومن ضمن الحلول الدائمة ضرورة الاسراع بالموافقة على برنامج عمل الحكومة او تحديدا برنامج عمل كل الكويت وابعاده عن عمليات العرقلة والابطاء المعهودة، فلم يعد ظرف الزمان يحتمل المزيد من الاعاقة ثم الشكوى من تقدم الآخرين وتخلفنا، ان على الجميع الحث على البدء في اقامة المشاريع المختلفة التي احتواها ذلك البرنامج الضخم لخلق موارد بديلة للنفط الذي اصبح سعره وحاله حال اسعار الاسهم لا يمكن لاحد ان يعرف قاعها الاخير.

وفي عز ارتفاع اسعار النفط وابان المقولة المتكررة من خبراء الطاقة ان اسعاره لن تقل أبدا عن 100 دولار للبرميل بسبب الطلب المتزايد عليه من الهند والصين والاقتصادات الناشئة، قلنا وكتبنا في حينه ان جميع تلك النبوءات خاطئة وان سعره سينخفض الى الحدود الدنيا مع اقتراب وصول الديموقراطيين للحكم كونهم يمثلون عادة الولايات الشمالية الشرقية غير النفطية، والاعتقاد انه سيقل كثيرا خلال حكم الديموقراطيين الذي قد يستمر 8 سنوات عجاف، وقانا الله تداعياتها.

آخر محطة:
عندما ارتفع سعر النفط الى 146 دولارا للبرميل، تابعنا عشرات المقترحات المدغدغة الكفيلة بحرق الفوائض المترتبة على تلك الزيادة «المؤقتة» دون مردود، الآن ومع الانخفاض الحاد في اسعار النفط هل سنرى مقترحات معاكسة تحث على تحميل المواطنين بعض اعباء تلك الانخفاضات، كأن نبدأ بالازالة التدريجية للدعم الحكومي عن اسعار الوقود والماء والكهرباء.. الخ كي لا نضطر لازالتها مستقبلا دفعة واحدة فتحدث القلاقل والاضطرابات كما يجري في الدول الاخرى؟

سامي النصف

حتى لا تتحول الأزمة إلى كارثة

العزاء الحار لآل المرزوق الكرام بفقيدهم وفقيد الكويت الكبير العم براك المرزوق الذي لم يختلف اثنان على سمعته العطرة وكفاءته وطهارة يده، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون.

نشرت صحيفة «الهيرالد تريبيون» الدولية قبل يومين مقالا في صفحتها الاقتصادية اشترك فيه اثنان من كبار رجال الاقتصاد الاميركي قالا فيه: لو ان الحكومة الاميركية تدخلت في وقت مبكر لانقاذ بنك ليمان براذرز لتم انقاذ البنك وانقاذ الاقتصاد الاميركي والعالمي معه، لقد احتاج الاقتصاد الاميركي لكارثة كبرى وتسونامي مالي كي يتم التعامل بشكل محترف وصحيح مع قضية اعتقد البعض ان تجاهلها او عدم رؤيتها سيعني اختفاءها ذاتيا.

واستمعت لجنة الرقابة في الكونغرس الاميركي للسيد آلان غرينسبان الرئيس السابق للمجلس الاحتياطي (البنك المركزي) الذي اقر بأنه كان مخطئا في فلسفته الداعية لعدم تدخل الحكومات في اعمال المصارف، كما انه كان مخطئا في خفض الفوائد على الودائع لمدة طويلة ما ارغم الاموال على التوجه لسوقي الاسهم والعقار، مما رفع اسعارهما بصورة مصطنعة وتضخمية.

ومن الاخطاء الشائعة الاعتقاد بأن البورصة هي سوق او ملك للقلة من المتداولين او يمكن حصرها بالخمسين محتجا او متظاهرا، ان سوق الاوراق المالية يعكس بصورة مباشرة الاحوال الاقتصادية في البلدان المعنية، ومن ثم فدعم السوق لا يعني بالقطع دعم المغامرين او المقامرين بل يعني في مفهومه الصحيح دعم البنوك والشركات الاستثمارية والعقارية والصناعية والخدماتية التي توظف عشرات الآلاف والتي تقوم بالاعمار والبنيان والصناعة والخدمات في البلد والتي هي الركيزة الاولى للاقتصاد المحلي ولمشاريع كويت المركز المالي.

والكويت بشكل عام ذات ملاءة مالية عالية ورقابة جيدة على الاموال والاسواق ولا تعاني كاقتصاد او كدولة من شح في السيولة، ولا يحتاج الامر إلا الى احضار خبراء مختصين من الخارج للنصح والارشاد في كيفية التعامل الامثل مع المعضلة الحالية كي لا تتحول من ازمة طارئة الى كارثة دائمة، ثم عرض توصيات هؤلاء الخبراء الاكفاء المحايدة على السلطتين التنفيذية والتشريعية لاقرارها بالسرعة الممكنة لتنعكس الحالة الاقتصادية الجيدة للدولة الى حالة اقتصادية جيدة للسوق.

ومما يجب معرفته ان الهيئة العامة للاستثمار تحاسب بشكل دائم من الاجهزة الرقابية ويطلب منها بشكل متواصل الاستثمار الآمن مما يضطرها لشراء الاسهم الزرقاء ذات العوائد المضمونة، والهيئة بحاجة الى تفويض واضح للتوجه لشراء شركات متعثرة يمكن لها ان تعيد هيكلتها وتجديد دماء ادارتها حماية لمساهميها وموظفيها كي تنتهي تلك الاستحواذات بأرباح تستبدل الـ 10 – 20% المعتادة بـ 100 – 200% بعد عام او عامين، والمهم حسن الاختيار والادارة.

آخر محطة:
عمليات الاستحواذ واعادة هيكلة وادارة الشركات المتعثرة لتحقيق عوائد مجزية جدا منها هي امور قائمة بشكل يومي في الاسواق المتقدمة ويمكن تطبيق التجربة في سوقنا المحلي.

سامي النصف

لقاءات وفريق الكوابيس!

ضمنا لقاء اعلامي مع تلفزيون قطر شارك فيه د.محمد صادق الحسيني من طهران الذي قال كلاما خطيرا تضمن ضرورة ان تقبل العراق بمعاهدات مع بعض دول الجوار مشابهة لاتفاقيتها مع الولايات المتحدة ان اقرت، وكان ردنا عليه ان القواعد الاميركية تغادر مع اللحظة الاولى للطلب منها ذلك، كما حدث مع الشقيقة السعودية، اما قواعد دول الجوار فستبقى كاحتلال دائم قد يتبعه ضم، كما شارك في اللقاء د.منذر سليمان الذي طالب واشنطن بأن يتم اخراج القوات الاميركية وان يقوم العرب الذين اتهمهم بالضعف الشديد (!) بحل جميع اشكالات العراق من امن واقتصاد وتأمين حدود واجراء انتخابات.. الخ.

وكان الرد عليه ان تلك الوصفة الحالمة قد جربت من قبل عندما طالب البعض اهل فلسطين بأن يغمضوا اعينهم عما يجري على ارضهم ويحلموا بجيش القدس الذي اوله في بغداد وآخره في فلسطين وقبله وعود عام 1948 وقد انتهت تلك الوعود بنكبات ونكسات وكوارث فادحة، وان على اهل العراق ان يتعظوا هذه المرة حتى لا تبقى نكبتهم 60 عاما اخرى دون حل انتظارا للفارس القادم على حصان ابيض، وان من واجبهم التعامل مع «الواقع» وان يقبلوا بالمعاهدة، حيث ان البديل هو الحروب والانشطار وتقاسم اراضيهم وثرواتهم من قبل بعض القوى الاقليمية الطامعة.

وكان الضيف الثالث هو الاستاذ صالح المطلك من بغداد الذي تعكس اقواله في العادة التوجه البعثي، وكانت آراؤه كذلك لا تختلف عن الآراء الثورية الغوغائية المعتادة التي ترفض كل الحلول دون توفير بديل، فقد رفض المطلك المعاهدة ورفض وجود قوات اميركية ودولية ورفض الحكومة القائمة ورفض نتائج الانتخابات العراقية الماضية وحتى القادمة ورفض قدوم قوات عربية، وكان ردنا عليه ان المتضرر الاكبر من خروج القوات الاميركية في هذا الوقت هو العراق والتيار الذي يدعي المطلك تمثيله اي التيار القومي.

واستضافتنا قناة «سكوب» في حوار مطول كان مقدماه اثنين من الشباب الواعد، وهما الزميلان احمد الفضلي وانور مال الله، ويمكن لي بعد هذه السنوات من اللقاءات والعمل الاعلامي ان اضع هذين الشابين في مرتبة متقدمة جدا من الاحتراف، فهناك التحضير الجيد للمواضيع المطروحة، وهناك المعرفة اللازمة بمتى يتم مقاطعة الضيف اضافة الى قصر الاسئلة وعمقها.

شاهدت اللقاء الثالث للمرشحين اوباما وماكين، وقرأت الملخصات، ووجدت انها لم توف الموضوع حقه، فقد اتى على سبيل المثال ذكر الكويت في تلك المناظرة عندما قال ماكين انه اختلف مع بايدن مرتين، الاولى عندما وافق ماكين على حرب تحرير الكويت وعارض بايدن، ولنا حسب قوله تصور ما سيكون عليه الوضع لو ظلت الكويت محتلة من صدام، كما اختلف مع بايدن حول الوضع في العراق الذي طالب بتقسيمه الى ثلاث دول، بينما اصر ماكين وحزبه على بقائه موحدا، واتى ذكر السعودية كذلك عندما قال اوباما في اللقاء: لماذا علينا ان نقترض 700 مليار من الصين لنشتري بها النفط من السعودية؟! واضاف ان خطته الاقتصادية تضمن التخلص من استيراد النفط من دول الشرق الاوسط.

وتابعت عدة لقاءات تلفزيونية مع محامي هشام طلعت مصطفى واسمه فريد الديب، وليس على النائب العام الا ان يستشهد بتلك اللقاءات لارسال مصطفى والسكري للمشنقة مباشرة، واضح ان رجل الاعمال قد اساء اختيار القاتل واساء كذلك اختيار المحامي المدافع عنه والذي رفض ان يشاركه احد آخر في الدفاع عن المتهم بعكس اوجي سيمبسون الذي شكل محاموه ما سمي بـ «دريم تيم»، ضمن المحكمة يتواجد ايضا المحاميان طلعت السادات ومرتضى منصور ممن يمكن ان يسموا مع القاضي الذي قبل ان يضم الدعاوى المدنية للقضية الجنائية – مما يعني بقاءها منظورة للعشرين عاما المقبلة – بـ «كوابيس تيم».

آخر محطة:
حسب ما اتى من مصادر مطلعة جدا فإن هشام طلعت مصطفى هو شخصية ضحلة وفارغة، وقد وصلت الى اعلى المستويات بضربة حظ فأصابها الغرور وقامت بعداء الكثير من الكبار، لذا ما ان سقطت بسبب الجريمة التي اعتقدت ان بامكانها القيام بها والخروج دون عقاب حتى تكالب عليها الاعداء الكبار وهم كثر وحرضوا عليها الاعلام ورجل الشارع.

سامي النصف

كيف نتعامل مع النطق السامي؟

نرجو أن يتم التركيز هذه المرة على كلمات القيادات السياسية التي القيت بالأمس في حفل افتتاح دور الانعقاد الثاني لمجلس الأمة، بعيدا عن النهج المعتاد الذي يرى أنها خطابات محدد دورها بإطار البروتوكول، وبالتالي تستمر إشكالات ما قبل الخطاب قائمة بعده.

لقد اتضح أن أحد أسباب الأزمات السياسية المستفحلة والحل المتكرر لمجلس الأمة هو الهوة الفاصلة بين ما يسمع في تلك الخطابات الهامة وبين ما يعمل بعدها.

لقد أتى النطق السامي لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، كافيا ووافيا وأقرب لـ «روشتة» علاج لكثير من الإشكالات والأمراض المزمنة القائمة، فقد ابتدأ النطق بالتركيز على قضية الحفاظ على الوحدة الوطنية والبعد عن المساس بالسلطة القضائية بعد أن تطاول عليها من يفترض أن يكونوا أكثر الناس حرصا عليها وفهما لدورها.

ومع تزايد الإصدارات الصحافية وانتشار القنوات الفضائية الخاصة كان طلب سموه بأن تكون مصلحة الكويت النبراس الذي تهتدي به وسائل إعلامنا، فتجعل من أولوياتها الحفاظ على أمن البلد واستقراره ونشر المحبة بين الناس ومد جسور الصداقة للدول الشقيقة والصديقة.

وضمن التعامل الواجب مع الأزمة المالية الطارئة أتى النطق السامي داعيا لتضافر الجهود لتلافي تداعيات تلك الأزمة وملقيا على كاهل رجال السلطة التشريعية مسؤولية إقرار تشريعات تحمي وتحصن اقتصادنا من أي هزات مستقبلية مماثلة، بعد أن تكررت النكسات دون وجود أنظمة تحاسب وتعاقب من يضر بمدخرات وأموال الناس لمصالحه الشخصية.

وأتى ضمن «وصفة» الخطاب السامي ضرورة تنويع مصادر الدخل وإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر والتحذير من وضع العقبات وإثارة الشبهات دون دليل أمام تنفيذ مشاريعنا التنموية الكبرى كي لا تتضاعف الكلفة نتيجة للتأخير والعرقلة، وركز النطق السامي على أهمية خلق نشاطات اقتصادية جديدة تعتمد على كفاءة وإنتاجية الإنسان الكويتي وتحذر من الاعتماد على فوائض مالية ذات صفة مؤقتة وخادعة.

آخر محطة:
لم أستوعب نتائج انتخابات اللجان، ففي ظروف اقتصادية صعبة وحرجة يسقط بعض المختصين من اللجنة المالية وينجح من ليس من ذوي الاختصاص، كما عادت اللجنة التشريعية بتشكيلة قريبة من التشكيلة السابقة التي أصدرت التوصيات الأخيرة التي أغضبت الحكومة.

سامي النصف

الفرعية والضوابط الشرعية للوزيرتين

تخلق جميع الديموقراطيات ثقافات وأعرافا خيرة للرقي بأدائها العام وإفادة مواطنيها، المؤسف أننا بدأنا نخلق في الكويت ثقافات وأعرافا خاطئة اضحت تجر عربة ديموقراطيتنا سريعا إلى الخلف، ومن ذلك منهاجية العودة للمواضيع التي صوّت عليها وتم إغلاقها ويفترض أن ينصرف المجلس بعدها للقضايا المستجدة، لدينا إذا لم تعجب النائب نتيجة تصويت ما يقوم بطرحه مع كل دور انعقاد فيبقى البلد مشغولا بمواضيع متكررة ودون تقدم.

من الأعراف الخيرة في الديموقراطيات الأخرى أن يبتعد من له مصلحة مباشرة في تشريع ما عن التصويت عليه فلا يجوز على سبيل المثال لمن عليه فواتير للكهرباء أن يقترح أو يصوت على إلغائها… إلخ، ولذلك كان يفترض بالنواب الأفاضل الأربعة من أعضاء اللجنة التشريعية الذين صوتوا مع إلغاء قانون الفرعيات الذي تم حسمه في تصويت سابق من قبل النواب بأغلبية 27 إلى 4، أن يتغيبوا عن الحضور لكونهم جميعا قد وصلوا عن طريق الفرعيات ولهم بالتالي مصلحة مباشرة في إلغاء قانون منعها، وأن يحضر بدلا منهم الإخوة الثلاثة الذين تغيبوا كونهم من دوائر لا فرعيات فيها ومن ثم فهم أكثر حيدة في اتخاذ القرار وقد حدث بالأمس العكس كالعادة.

وضمن أمورنا المعاكسة حقيقة أن المتضرر الأكبر من إلغاء قانون منع الفرعيات إضافة إلى الوطن هو من يعتقد أنه المستفيد منها حيث سيفتح ذلك الإلغاء الباب واسعا لفرعيات مضادة معلنة للتكتلات الأخرى تستخدم فيها الأموال والأفراد ووسائل الإعلام وهي أكثر وفرة على الجانب الآخر، كما قد تنتشر الفرعيات سريعا لجميع الدوائر فنرى بعدها تخندقات لاوطنية تجعلنا في وضع قريب مما يجري في لبنان والعراق والصومال وغيرها من دول دمرها الشقاق والتخندق فنقتل حب الكويت في النفوس ونستبدله بالأنانية وحب الذات اللذين يدمران الأوطان.

أما قرار عدم دستورية الوزيرتين الفاضلتين الحمود والصبيح فالمثالب فيه لا تعد ولا تحصى ففي البدء نص قانون الانتخاب على التزام المرأة بالضوابط الشرعية عند «التصويت أو الترشيح» وواضح أن الوزيرتين ليستا بصدد الانتخاب أو الترشيح حيث انهما «معينتان» في المجلس، وللعلم لم يطعن أعضاء اللجنة الأربعة وغيرهم بعدم التزام أو تقيد عشرات المرشحات وآلاف الناخبات اللاتي اختصهن القانون بتلك الضوابط ولم يشككوا في صحة مشاركتهن في الانتخابات الأخيرة.

والتساؤل المهم هو: هل يعتقد هؤلاء النواب الأفاضل أن ذلك التشريع قد قصد منه فقط الوزيرتان الفاضلتان الحمود والصبيح؟! لقد صورت كل الصحف ووسائل الإعلام المحلية والعربية نساء الكويت وهن يصوتن دون التزام بتلك الضوابط فهل يعني هذا عدم شرعية ودستورية المجلس القائم نظرا لتصويت من لا يستحق حسب رؤية اللجنة لأعضائه؟ وهل يمكن استخدام قرار اللجنة كدليل على ذلك؟!

إن الضوابط الشرعية تعني في البدء والمنتهى «الحشمة» وواضح أن ذلك الأمر مطبق بالكامل مع السيدتين المعنيتين وقد حفلت الصحف بصور «جميع» النواب دون استثناء وهم يتعاملون معهما فما الذي تغير؟ وما فائدة إشغال البلد وهو يعيش أوضاعا معيشية صعبة بقشور الأمور والعودة إلى تشريعات وأمور نوقشت وانتهت؟!

آخر محطة:
في قرار اللجنة التشريعية مخالفات عدة للدستور من مخالفة المادة 108 التي تنص على أن عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها لا عائلته أو طائفته أو قبيلته، كما أن فيه مخالفة للمادة 29 التي تمنع التمييز بين المواطنين بسبب الجنس ومن ثم ضرورة تطبيق مبدأ الضوابط في الشكل والملبس على الرجال التزاما بنص تلك المادة، وللمادة 30 التي تكفل الحرية الشخصية والمادة 56 المختصة بحق صاحب السمو الأمير، حفظه الله، بتعيين الوزراء والمادة 50 المختصة بفصل السلطات.