سامي النصف

الدستور الداء والدواء

يعتقد البعض مخطئا ان الديموقراطية هي الدستور وانتخابات وجلسات تعقد تحت قبة البرلمانات، والحقيقة هي ابعد ما تكون عن ذلك التصور، فعراق صدام حسين كان يملك كل تلك المقومات ومع ذلك كان العراق يعيش آنذاك اقسى واشد انواع الديكتاتورية، وعليه، علينا ان نؤمن بأنه لا علاقة للديموقراطية الحقيقية بثلاثي الدستور والبرلمان والانتخابات.

ان الفارق الحقيقي بل ربما الوحيد بين الديموقراطية والديكتاتورية هو ان الديموقراطية تقوم على مبدأ الحوار والبرغماتية والرأي والرأي الآخر كوسيلة وحيدة لحل اشكالات المجتمعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومن ثم تقل الازمات ويتقلص الغضب ويكثر الانتاج وتتسارع عمليات البناء والتنمية، ولا يوجد، للعلم، في المجتمعات الديموقراطية مجال لرفض الحوار او التعصب للرأي الشخصي او سيادة مقولة لا ترون الا ما ارى.

أما ضمن مجتمعات الديكتاتوريات المعلنة او «المستترة» كحال مجتمعنا الذي مازال يقبع في سنة اولى روضة ديموقراطية رغم مرور 50 عاما على بدء العام الدراسي الديموقراطي، فيسود عند الافراد الغضب وعدم التسامح والاخذ بالرأي الواحد الذي لا يقبل النقاش او الحوار او التشاور، فالحق كل الحق هو ما يقوله طرف، والباطل كل الباطل هو ما يقوله الطرف الآخر، لذا تكثر الازمات والتخندقات وتتعرقل بالتبعية عمليات التنمية.

ومن الفروقات المهمة الاخرى بين مجتمعات الديموقراطية الحقيقية ومجتمعات الديموقراطية الزائفة او الديكتاتوريات المستترة ان الاولى لا تحجر أبدا على الحريات العامة او تتعسف في الرقابة او تأخذ بمنهاجية محاكم التفتيش على الايمان، اما الثانية فتخلق آلاف الحجج والذرائع لمصادرة الحريات الشخصية ومحاربة الابداع برغبة من الزعيم الضرورة ضمن منهاجية الديكتاتوريات المعلنة او بدعوى ان تلك هي رغبة الاكثرية ضمن مجتمعات الديكتاتوريات المستترة.

لقد عشنا نصف قرن من الخديعة ومن دعاوى كذبنا بها على انفسنا بالقول اننا نعيش ضمن مجتمع ديموقراطي متسامح ـ لا مجتمع ديكتاتوري غاضب مستتر ـ وسمحنا لتلك الدعاوى بأن تدمر بلدنا بمشاحناتنا السياسية غير الديموقراطية التي لا تنتهي، وقد حان الاوان لنصحو ونصحح تلك المفاهيم الزائفة ونبدأ الخطوة الاولى في طريق الديموقراطية الحقيقية الطويل.

آخر محطة‍:
يقول توماس جيفرسون احد الآباء العباقرة المؤسسين للديموقراطية الاميركية: ان من الوسائل الديموقراطية المشروعة التي استخدمناها الطلب من بعض النواب ان يبقى في بيته والآخر ان يدعي المرض.. الخ، نقول هذا ونحن نؤيد ان يؤخذ بمقترح تأجيل الاستجواب الى آخر ايام الفصل التشريعي الحالي، حيث ان التأجيل لعام لن يؤدي الغرض كما نطالب بأن تستخدم تلك الاداة الدستورية المشروعة في كل مرة يشذ فيها احد عن اجماع نواب الامة ويستخدم اداة الاستجواب في غير محلها، فالمجتمعات الحية تخلق وتبتكر الحلول لمشاكلها وكي يصبح الدستور الداء والدواء في الوقت ذاته.

سامي النصف

العالم اليوم كله الهند

عندما وقعت جرائم 11/9 الإرهابية في نيويورك كتب الفرنسيون آنذاك اننا اليوم جميعا أميركيون كوسيلة لإظهار التعاطف معهم، مع وقوع جرائم مومباي المروعة هذه الأيام يصح القول ان العالم كله أصبح الهند لإظهار الدعم الواجب لتلك الأمة العظيمة.

وعندما كانت الكويت صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا ضرع فتحت أمة الهند العظيمة أبوابها على مصراعيها للكويتيين ممن أصبحوا رواد التجارة معها حيث كانت سفنهم تنقل خيرات الهند وتوابلها لدول الخليج والعراق وشرق أفريقيا وكانت تلك التجارة أحد مصادر الرزق المهمة للشعب الكويتي.

إن سكوت بعض كبار الإسلاميين عن الجرائم الإرهابية الكبرى في الماضي ومحاولة تبريرها بألف عذر وعذر هو ما شجعها وساهم في انتشارها وبالتالي تعريض أرواح آلاف الأبرياء للخطر وعليه يجب أن تكون الإدانة هذه المرة – وكل مرة – واضحة قاطعة دون محاولة اضافة كلمة «ولكن» الشهيرة لها.

لقد تضرر الإسلام والمسلمون من جرائم الإرهاب التي ارتكبت باسمهم في نيويورك وباريس ولندن وموسكو وشرق أفريقيا وإندونيسيا وغيرها ومن عمليات خطف وقتل وقطع رقاب الصينيين واليابانيين والكوريين في العراق وأفغانستان كونها تجعل الإسلام والمسلمين في مواجهة العالم أجمع فهل هذا ما تريده تلك القلة المنحرفة من الإرهابيين؟!

آخر محطة:
(1) لا أنسى ما حييت ما حدث صباح يوم الخميس 2/8/1990 عندما حططنا في مومباي (بومباي آنذاك) في رحلة مقررة واتجهت أنا وطاقم الطائرة وبعض الأصدقاء المرافقين لي إلى مبيتنا المعتاد في فندق تاج محل، وما ان انتشرت أخبار الاحتلال حتى قدم مدير عام الفندق ويدعى «سام» لإبداء أسفه مما حصل ولإخباري ان إدارة الفندق قررت ان مبيت ومصاريف طاقم الطائرة وحتى الأصدقاء القادمين معي ستكون على حساب الفندق دون التقيد بزمن محدد في وقت كان فيه الكويتيون يطردون ويطاردون في بعض العواصم العربية وكأنهم من احتل العراق وليس العكس.

(2) قرت أعين أهل الكويت بوصول المواطنين الذين احتجزوا في فنادق مومباي وما تشوفون شر.

سامي النصف

السخرية من الأوضاع المالية

ما ان تحل الكوارث التي تبكي الحجر وتفجع القلوب حتى يحولها البعض الى نكات وقضايا ساخرة تسيل الدمع من الأعين، في بلداننا العربية تعتبر «الغرز» و«الحشاشين الفاضيين» المصادر الرئيسية للنكت، وفي اميركا تعتبر الحانات والمخمورون مصادر التندر والسخرية.

مع ضخ 700 مليار لتنشيط الاقتصاد الاميركي رفع الخبراء الاقتصاديون للرئيس تقريرا جاء فيه ان تلك المليارات لو اعطيت للشعب الاميركي كي يشتري بها السيارات فستنتهي في ألمانيا واليابان واذا استخدمت لشراء النفط فستذهب للعرب واذا ما تم الشراء من محلات «وول مارت» الشعبية الشهيرة لذهبت للصين وان اشترى بها كمبيوترات لذهبت لتايوان، واما شراء التلفزيونات والالكترونيات فسيجعلها تذهب لكوريا وسنغافورة، كما ان شراء الخضار والفواكه سينتهي بها في المكسيك وغواتيمالا، لذا فالحل الافضل لتنشيط الاقتصاد هو ان يتم صرفها في الحانات فالجعة هي الشيء الوحيد الذي مازال يصنع في اميركا.

وطرفة أميركية اخرى تقول ان المستشارين الماليين في الوول ستريت رفعوا تقريرا محاسبيا قالوا فيه ان المواطن الاميركي لو استثمر ما قيمته الف دولار قبل عام بشراء اسهم شركة دلتا للطيران لأصبحت الآن 49 دولارا، ولو اشترى بها اسهم شركة فاني ماي العقارية لأصبحت 2.5 دولار ومع شركة التأمين الاميركية لأصبحت 15 دولارا، اما لو اشترى بها جعة خلال العام وشربها وباع علبها الفاضية لمصانع اعادة تصنيع الألمنيوم لحصل الآن على 214 دولارا، لذا فالاستثمار الأمثل للمواطن الاميركي هو ان يجلس في الحانات يشرب الجعة ويبيع العلب.

وكنت في السيارة في الطريق لسيتي ستار في مصر لحضور مؤتمر مؤسسة الفكر العربي مع جمع من الاصدقاء عندما استمعنا من الراديو لقرار وزير الاستثمار بتوزيع اسهم 153 شركة عامة مجانا على المواطنين المصريين الراشدين، اي ما فوق 21 سنة، ما جعل المستفيدين يتجاوزون 41 مليون مواطن وقد استمعت على الفور الى التعليقات التالية.

الأول قال ان الجمعية العمومية لتلك الشركات يجب ان تعقد في صحراء سيناء كونها المكان الوحيد القادر على استيعاب تلك الاعداد الملايينية من المساهمين، الثاني تكلم عن كيفية معرفة اكتمال النصاب من عدمه عند انعقاد الجمعية العمومية السنوية، الثالث تساءل عما سيحدث حال فتح باب النقاش وعمن سيعطى الدور للحديث، اما الصديق الرابع فقال ان المصيبة هي عند قفل باب النقاش وبدء عملية عد أصوات الموافقين والمعارضين لتقرير مجلس الإدارة وعما سيجري عندما يطعن مساهم «نحيس» بالنتيجة ويطالب بإعادة التصويت.

آخر محطة:
احرص على ان يكون مقال الخميس أي نهاية الاسبوع مختلفا عن مقالات الايام الاخرى إما عبر المقال المعلوماتي او التطرق لقضايا تاريخية من زوايا مختلفة او حتى تخصيص المقال للقضايا الخفيفة والباسمة، ومن ذلك مقالنا الذي كتبناه قبل اسابيع عن الصديق العزيز احمد المسلماني والذي اخذه البعض بجد واعتقد ان ذلك الاعلامي اللامع هو احد اكبر اثرياء مصر فاصطفت جموع رجال الاعمال امام بيته تبحث عن السيولة المالية في زمن الجفاف، قديما قيل «الصيت ولا الغنى» وأشهد ان المسلماني يملك الاول اي الصيت والسمعة الحسنة ولا يملك الثاني، او على الاقل ليس بالقدر الذي ذكرناه في المقال، يعني أكملوا الاصطفاف!

سامي النصف

أمامك 24 ساعة وإلا..!

علينا هذه المرة أن نتوقف عند ما يحدث لدينا من أزمات سياسية متلاحقة منذ 20 عاما، استقالت خلالها عدة حكومات وحلت على أثرها عدة مجالس نيابية وأبعد كجزء من استحقاقاتها العديد من الوزراء ولم تنته للحظة تلك الأزمات والمشاحنات السياسية التي أوقفت حال البلد وجعلتنا «فرجة» للخلق.

ويتحدث البعض في كل مرة وكل أزمة عن أن الاستجواب هو أداة دستورية وكأن الدستور لا يحتوي الا على المادة 100 المختصة بالاستجواب فقط لا غير، وينسى هذا البعض أن تلك المادة تسبقها المادة 50 التي تنص على فصل السلطات و«تعاونها» وليس من التعاون في شيء التهديد والوعيد و.. أمامك مهلة 24 ساعة وإلا..

لقد بدأت أعمال الفصل التشريعي الحالي – للتذكير – أواخر شهر مايو الماضي وتلاه عطلة صيفية جاوزت اربعة أشهر، لذا فإن العمل الفعلي للحكومة ولمجلس الأمة الحاليين لا يتجاوز أسابيع قليلة، ومع ذلك انتهى الحال بالأزمة الخانقة الحالية التي أدت الى استقالة الحكومة، ان الاكتفاء بحكومة ومجلس جديدين يحلان الاشكال كونهما جربا مرارا وتكرارا في الماضي وقد حان الأوان لأن نتداعى جميعا لخلق حلول مؤسسية تمنع تكرار منهاج الازمات التي تلد أزمات، التي أصبحت كأنها تعويذة شريرة لا فكاك منها.

ومن ذلك الحاجة لخلق دورات تعريف وتثقيف في العمل السياسي للنواب وحتى للوزراء الجدد كما هو الحال في البرلمانات المتقدمة حتى لا يتسبب النائب الجديد وفهمه الخاطئ لبعض مواد الدستور في أزمات فادحة الأثمان يدفعها الوطن والمواطنون غير السعداء بما يجري أمامهم، كذلك يجب أن يوضح المحاضرون للقادمين الجدد للعمل السياسي أن أصول اللعبة السياسية والاعراف الراسخة للديموقراطية تقوم على معطى الحوار الدائم وإبداء حسن النوايا وطلب الممكن لا الحلم بالمستحيل.

إن الحاجة باتت ملحة وضرورية لأن تتم اعادة النظر في أداة الاستجواب عبر تجارب السنوات الماضية، وان تخلق لجنة قيم تحاسب النائب المخطئ، فقد بدأ الإشكال الحالي على سبيل المثال نتيجة لتوسط أحد «النواب» لإدخال شخص عليه قيود أمنية، كما تواترت الأنباء عن مصالح وأموال متداخلة في الإشكال الحالي، فإلى متى يعامل النائب وكأنه شخص معصوم لا يأتيه الباطل من أمامه أو خلفه؟!

ومما نحتاج اليه ضرورة خلق رقابة مالية شديدة ومغلظة محاربة للفساد المالي والاداري لدى منضوي السلطات الثلاث، وأن يمنع الجمع بين التجارة والنيابة بعد أن أصبح دخول المجلس مفتاحا لتمرير المصالح وللإثراء الفاحش غير المشروع والتي بات يعلم بها الصغير قبل الكبير.

سامي النصف

ماذا يفعل الخاسر بالأسهم؟!

وارن بفت هو أغنى رجل في العالم، حيث تقدر ثروته بأكثر من مائة مليار دولار صنعها جميعا من تجارة الاسهم، ويقال إن من وضع 10 آلاف في شركة بفت للاوراق المالية عند بدئها تحولت الآن الى 300 مليون دولار، سئل السيد بفت قبل مدة قصيرة عن النصيحة التي يقدمها هذه الايام فقال «باي، باي، باي» ولم يقصد بتلك الكلمة «Bye» وداع الاسواق، بل الشراء Buy منها.

ولبفت نصائح عدة للشراء منها ألا تشتري سهما لم تقم بعملية بحث حقيقي عنه، كما يحذر من الافراط في التنويع ومن عمليات الشراء المتأخر أو البيع المبكر ويطلب الا تهتم بخسائر الفترة القصيرة، وان تشتري السهم الواحد وكأنك تشتري الشركة بأكملها، وأن تحرص على أن يكون للادارة القائمة على الشركة حصة كبيرة وفاعلة فيها، كما ينصح بأن تدفع دائما سعرا معقولا في السهم، فأحسن شركة في العالم يعتبر شراء اسهمها صفقة خاسرة اذا ما اشتريتها بأسعار اكثر من قيمتها.

وقد يكون لنصيحة الشراء لا البيع من أغنى رجل في العالم اسباب عدة منها ان البيع يحول الخسائر غير المحققة الى خسائر قائمة، كما أنه يساهم في خفض مؤشرات الاسواق ومن ثم زيادة الخسائر، اضافة الى ان وضع الاموال بعد تلك الخسائر في ودائع نقدية ذات عوائد منخفضة يعني ان الخاسر سيحتاج الى قرن من الزمن ليسترد ما فقده في الكارثة الحالية بعكس البقاء والشراء المدروس من السوق.

في عام 82 حدث انهيار المناخ واعتبر الناس ان الاسهم – كالحال هذه الايام – هي ورق لا قيمة له، لذا تم بيع اسهم شركة الاتصالات «زين» بـ 800 فلس للسهم، رغم أن سعر اكتتابها آنذاك كان بـ 1.100 دينار، اي ان قيمة 50 الف سهم كانت بـ 40 الف دينار، جزئت الاسهم بعد ذلك وتحولت 50 الف سهم الى 500 الف سهم، اصبح سعر الواحد منها بـ 4 دنانير اي ما مجموعه 2 مليون دينار، واذا ما اضيفت لها المنح والارباح لتحول مبلغ الـ 40 الفا المستثمر إلى 4 ملايين دينار لاحقة عبر – فقط ـ الاحتفاظ بأسهم التأسيس تلك.

وبالقطع هناك فرص مماثلة هذه الايام في العديد من الشركات التي اصبحت تباع بأقل من قيمتها الدفترية أو التأسيسية أو حتى من قيمة السهم فيما لو وزعت اصولها على المساهمين، وقد يكون اقرب مثال لما سبق هو سهم شركة «زين» السعودية التي تأسست قبل 6 اشهر في اكتتاب عام بسعر تأسيس هو 10 ريالات وبيعت في حينها بـ 25 ريالا، الا انها تباع هذه الايام بسعر التأسيس أي 10 ريالات، وهناك مقترح لتجزئة السهم لعشرة فيما هو اقرب مستقبلا للمثال الوارد في الفقرة السابقة.

ان الاستثمار في قطاع الاتصال والمعرفة وعلوم المستقبل هو الامثل حيث يقول السيد بفت انه أيّاً كان مستوى الركود الاقتصادي فسيبقى الانسان في حال اتصال بالآخرين ويملك هاتفا للبحث عن عمل وغيره (أسهم شركات الاتصالات) مع معرفة ان شركات المعرفة والاتصالات لا تحتاج الى مواد خام باهظة الثمن أو عمالة كبيرة، أي المصانع والمزارع وقطاع العقار، بل يقوم عملها على ركوب الهواء وبيع الكلام وهما أرخص مواد خام متوافرة هذه الايام على الارض.

آخر محطة:
نرجو ألا نبقى بعد الكارثة الاقتصادية الحالية على طمام المرحوم والا يعود السوق الكويتي الى سابق عهده مرتعا للسرقات وتكوين الثروات غير المشروعة دون خوف أو محاسبة.. وشبعنا طراقات ولم نتعلم!

سامي النصف

بقعة الزيت وأرصدة بعض النواب

ما بين عامي 84 و87 اندلعت حرب الناقلات بين العراق وإيران وتم الحديث آنذاك عن بقعة زيت ضخمة تتحرك تحت مياه الخليج وأصبح العالم يتابع أخبارها يوما بيوم بعد ان قيل انها قد توقف عمل محطات تحلية المياه ومن ثم قد يموت أهل الخليج عطشا، صحونا ذات صباح فإذا ببقعة الزيت تلك قد اختفت دون حس أو خبر.

2/8/90 احتلال رابع أكبر جيش في العالم للكويت وانتشار مقولة ان تلك القضية قد لا تحل للأبد ومن ثم سنشهد إشكالا فلسطينياً آخر، او انها ستحتاج لسنوات طوال لحلها بعد ان تم ربطها بقضايا الشرق الاوسط الاخرى، صحونا ذات صباح، وخلال اشهر قليلة من الاحتلال، لنشهد تحرر وطن النهار بأسرع وقت وبأقل الخسائر.

26/2/91 مع تحرير الكويت رقب العالم أجمع اشتعال النيران في 700 حقل نفطي بشكل لا مثيل له في التاريخ وأفاد الخبراء بأن إطفاء بئر واحدة يستغرق اسابيع عدة ومن ثم فإن تلك الآبار المشتعلة لن تنطفئ قبل مرور عدة سنوات وبعد تلوث شديد للجو، صحونا ذات صباح من نفس العام فإذا بجميع الحرائق النفطية قد أُطفئت واذا بالهواء العليل يغطي بلدنا ويدخل بيوتنا.

20/3/2003 مع بدء الحرب على العراق انتشرت مقولات جادة تحذر من ان صدام سيستخدم هذه المرة اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها، حيث لم يعد لديه ما يخسره وان الكويت ستكون اولى الدول التي ستوجه اليها صواريخ الكيماوي المزدوج واسلحة الحرب الجرثومية، ولربما النووية، وبتنا نرقب الموت بين لحظة وأخرى، ثم صحونا ذات صباح فإذا بالطاغية قد سقط والشعب العراقي تحرر ولم تمض على الحرب الا ايام قليلة.

نقول هذا ونحن نسمع صرخات مشابهة تتحدث هذه الأيام عن كارثة اقتصادية غير مسبوقة في التاريخ وان حلها سيحتاج الى سنوات طوال تفوق ما احتاجت اليه اميركا لحل إشكال كارثة 1929، وقد يصحو العالم ذات صباح يوم قريب من عام 2009 ليكتشف ان تداعيات الأزمة الاقتصادية قد تقلصت لحدودها الدنيا وان الاقتصادين العالمي والمحلي قد استعادا عافيتهما بعد اشهر قليلة لا سنوات طويلة من الكارثة.

في جميع الأمثلة السابقة هناك 3 اسباب رئيسية لتضخيم المشاكل ثم حلها بأسرع الطرق وأقل الاضرار اولها ان العالم المتقدم يأخذ دائما بمبدأ «السيناريو الأسوأ» فمن الأفضل ان تتوقع حل مشكلة في سنوات ثم تحلها في اشهر بدلا من العكس، السبب الثاني هو ان الإعلامين العالمي والمحلي يركزان فقط على اقوال مروجي السيناريوهات الأسوأ والأكبر ولا ينقلان عادة الآراء المطمئنة القادمة من مختصين آخرين كونها لا تخلق «مانشيت»، السبب الثالث هو ان تقدم العلم وتطوره وقدرة الإنسان وفكره الخلاق تساهم في خلق حقائق جديدة وغير مسبوقة على الأرض تحل كبرى المشاكل والمعضلات بأقصر الطرق وأقل الخسائر، وتفاءلوا رغم كل شيء!

آخر محطة:
هل هناك صلة بين الاشكالات السياسية والاشكالات الاقتصادية في البلد؟! الجواب نعم قاطعة، فقد أصبح الهدف من دخول البرلمان لدى بعض النواب لا الخدمة العامة بل لزيادة الأصفار في الحساب الشخصي ولا يهم إن تأزم البلد أو احترق بعد ذلك.

سامي النصف

حلول دائمة لمشاكل سياسية مؤقتة

لنبدأ بالمشكلة السياسية القائمة ونقول ان حلها يكمن في سحب الاستجواب او ان يخلق سمو رئيس مجلس الوزراء ثقافة وعرفا سياسيا جديدا يتضمن الوقوف على المنصة لمدة لا تزيد على 3 دقائق يجيب خلالها عبر عناوين عريضة لا تخرج عن ان الامور المطروحة في الاستجواب يتم التعامل معها عبر الانظمة والقوانين المرعية، وهو للعلم حال كل الاستجوابات «او الاسئلة المغلظة» في البرلمانات الاخرى المتقدمة منها والمتأخرة التي لا يزيد طرح الاستجواب والرد عليه على 3 أو 4 دقائق.

الحل الآخر يكمن في الاستمرار في الاخذ بمعادلة ان التعسف في استخدام أداة الاستجواب سيقابله – في كل مرة – رفع مذكرة عدم تعاون تنتهي بحل المجلس ليتفرغ النواب للانتخاب والوزراء للعمل الجاد لخدمة الوطن والمواطنين وليبقى ذلك العرف قائما حتى يتوقف للابد استغلال تلك الاداة للتكسب الشخصي والتمصلح وايقاف حال البلد والابتعاد في النهاية عن حل مشاكل المواطنين.

ان اشكالية الذهاب للمحكمة الدستورية وتأجيل انعقاد الجلسات سيؤجلان ويؤخران الإشكال ولن يحلانه بالضرورة، وقد تكون الفائدة الحقيقية للتأجيل هي في استغلال الوقت للاتفاق على تعديل دستوري واجب يمس اداة الاستجواب بعد ان خرجت تماما عن اهدافها السامية واصبحت وسيلة للشهرة والإثراء غير المشروع ودون هذا الحل المؤسس الدائم سنخرج من ازمة لندخل في اخرى وهكذا دواليك.

ويجب ان يتضمن التعديل او الحل الدائم الا يقل مقدمو الاستجواب عن 5 أعضاء منعا لتحكيم الاهواء الذاتية وان تكون محاوره وجلساته سرية حتى لا يساء لسمعة وكرامة المسؤولين كما حدث مرارا في الماضي وكي لا تتحول قبة البرلمان الرصينة الى مكان لحشد المشجعين والهتيفة كي يتم الضغط عبرهم على النواب الآخرين فيصوتوا طبقا للجو الضاغط لا تبعا لما تمليه عليهم ضمائرهم.

كذلك يجب ان يتضمن التعديل وجوب ان يرسل الاستجواب الى مكتب المجلس كي يتأكد من صياغته وعدم وجود شبهات قانونية تقتضي احالته للمحكمة الدستورية، كما تتطلب الامور الاجرائية المقترحة ان يلتقي مكتب المجلس بالمسؤول المعني ومقدمي الاستجواب للبحث في امكانية حله بما يكفل الصالح العام واكل العنب لا قتل الناطور.

وقد يقتضي الامر في حال ثبوت ادانة المسؤول ان يتم طلب اعفائه او حتى احالته لمحكمة الوزراء، او بالمقابل احالة مقدم طلب الاستجواب الى لجنة قيم برلمانية يتم انشاؤها كي تبحث في امر التوصية باسقاط العضوية متى ما ثبت ان ذلك الاستجواب قائم على معطى التكسب والمصالح الشخصية التي تسيء اساءة بالغة لسمعة المجلس.

آخر محطة:
 التهنئة القلبية للصديق د.محمد الرميحي على احتفال العام الأول لصدور الزميلة «أوان» وعقبال مائة سنة.

سامي النصف

هذا الصباح كلنا صباح

امن الوطن ووحدته ورفاه الشعب الكويتي هما الأصل وكل ما عداهما فروع ولا يمكن ان يقبل عاقل بمنطق مجنون يدعو لقطع الشجرة بحجة الحفاظ على فروعها، ان اعلى الأصوات المطالبة بالحفاظ على الدستور هي أكثرها تدميرا لنصه وروحه وتشويها للرسالة السامية التي حملها لنا عبره الآباء المؤسسون.

ومن أكثر الأباطيل التي تريد العبث بأمن البلد ووحدته ومن ثم تحويله لساحة حرب وضرب وجعله اقرب لسفينة دون ربان تتخاطفها الرياح والأعاصير هي المقولة الكاذبة بأن شرعية الحكم لا تقوم الا بهذا النص الدستوري او ذاك علما أن تلك الشرعية تستمد من مبايعة اهل الكويت المتصلة منذ اكثر من ثلاثة عقود والتي لم يشرطوها بنصوص كالتي تذكر هذه الأيام.

ومما يؤكد كذب تلك المقولة الصادرة من بعض اصحاب مطالب الخراب والفوضى ان الآباء المؤسسين للدستور والديموقراطية ممن شهدوا احداث عامي 76 و86 لم يقولوا بها ولم يسقطوا شرعية الحكم آنذاك، بل ظلوا على عملية التواصل مع النظام خاصة ان عمليات التعطيل المؤقتة اصابت بعض مواد الدستور وليس جله او كله، كما ان الكويت لم تشهد إبان حل المجالس البرلمانية ما نراه في الدول الأخرى من فتح لأبواب المعتقلات وانتشار عمليات القمع.

وللحقيقة وللتاريخ لم تكن عمليات الإيقاف المؤقت للدستور فعلا، اي ان الحاكم صحا ذات صباح فقرر حل المجلس بل كانت جميعها ردود فعل لتحركات سياسية غير حكيمة لم تراع الأوضاع الحرجة في البلاد عام 76 عندما اقتربت منا كرة النار التي احرقت 3 بلدان صغيرة في المنطقة هي الأردن وقبرص ولبنان، أو عام 86 عندما كنا نشهد نيران المعارك والصواريخ على حدودنا الشمالية.

ومن يقل ان سنوات تعطيل المجلس لم تشهد تنمية حقيقية وهي سنوات قليلة لم تتجاوز 10 سنوات فليقل لنا اي التنمية شهدناها ابان سنوات تفعيل المجلس التي جاوزت 3 أضعاف سنوات تعطيله رغم ان الظروف اصبحت اكثر مواتاة من حيث تراكم الثروات واستتباب الأمن وارتفاع مستوى التعليم.

ان الأوضاع حرجة، ونوخذة السفينة يشهد العبث الشديد الذي يدور داخلها وقفز بعض ركابها على سلطات ملاحيها حتى تسبب ذلك في اصطدامها بالصخور اكثر من مرة وكادت تغرق في وقت تنطلق فيه سفن الجيران سريعا للمستقبل المشرق، لذا يجب ان يعطى ربان السفينة حق تقدير المخاطر وتقدير الحلول ولسنا هنا بصدد الترويج للحل غير الدستوري (الذي لن يحدث) بل هي دعوة لأن نصبح هذا الصباح وكلنا صباح الأحمد فنتخلى عن أنانيتنا ومكاسبنا الذاتية لأجل وطن واحد ذي قيادة واحدة ممثلة بسمو أمير نصطف خلفه ونخبره بأننا على عهد الآباء والأجداد باقون، فذلك طريق النجاة ومنع الفتنة.

آخر محطة:
قرأت محاور الاستجواب واقتنعت بها ويبقى لدي سؤال بسيط هو لمن يجب ان توجه الملامة في تلك المحاور: للحكومة أم للمجلس؟

سامي النصف

لماذا تخدينا؟!

«الخداي» هو الغفلة أو العبط، كما يقول أهل مصر وقد كان بعض أهل الكويت يتهمون بعض أهل البحرين به حتى أجابهم المرحوم يوسف الشيراوي برد مفحم ضمن استراحة نشرها في الزميلة «الوطن» حين ذكر أن خداي أهل البحرين كلام منثور لا دليل عليه أما خداي أهل الكويت فهو مثبت بالحديد والاسمنت و«الكونكريت» حيث لا تخلو مشاريعنا الكبرى – بعكسهم – من الأخطاء الجسيمة التي تكلف المليارات دون داع.

وإليكم بعض الأسباب التي أدت إلى «تخدينا» وتخلفنا عن الركب بعد أن كنا في مقدمة الصفوف في جميع مجالات الحياة الفكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والفنية والرياضية والمسرحية والغنائية.. الخ، ليس في منطقة الخليج فحسب بل على مستوى وطننا العربي الكبير وما حوله ومن ثم فإن معرفة المرض تسهل علاجه.

كوننا وبخداي غير مسبوق كسرنا العصا وأكلنا الجزرة فانتقلنا من معاقبة المسيء ومكافأة المحسن إلى معاقبة المجد ومكافأة المسيء… وعجبي! وضعنا أصحاب الصفوف الخلفية في المدارس ممن لا فكر ولا علم ولا عزم لديهم في مقدمة الركب وجعلناهم بذكاء شديد من يقودون العمل في القطاع العام وحتي الخاص فدمروا الاثنين. خياراتنا في كثير من الأحيان لمن يقود الوزارات والإدارات والمؤسسات الحكومية خاطئة، خاطئة، خاطئة حتى النخاع ولن يصلح حالنا قط دون عمليات تغيير واسعة في مفاصل الدولة المترهلة تمس الأشخاص ومنهاجية العمل. في ظل تعقيدات الحياة وتشابك العلاقات لم نقم حتى اليوم بخلق مستودعات عقول تدرس القضايا وتأتي بالحلول الناجعة القابلة للتطبيق فلايزال القرار في دوائرنا الحكومية والخاص فرديا، فرديا. وقوفنا برضا شديد عند عملية الافتخار بممارستنا السياسية ولا أكثر من ذلك حتى أصبحت تلك الممارسة كـ «نونية» عمرو بن كلثوم التي قيل ان قبيلته «تغلب» استغنت بها عن المكارم. مشاحناتنا السياسية التي لا تنتهي وأكذوبة ان تلك المشاحنات الفارغة لا تدل على «الخداي» بل على حسن الممارسة السياسية وانها تدفع بعمليات التنمية إلى الأمام. عدم تعلمنا قط من أخطائنا كما تفعل حتى بعض أنواع القردة العليا وإصرارنا الدائم على تكرارها إلى ما لا نهاية. استماعنا لآراء أكثرنا غضبا واعلانا صوتا وتجاهلنا لآراء أكثرنا حكمة ورزانة. انعدام الوطنية وحب الوطن من النفوس وتقديم الولاءات البديلة ودعم المنتمين لها حتى لو انعدمت لديهم الكفاءة والمقدرة. اهتمامنا الشديد بالمظهر لا المخبر وتقديسنا لبعض أصحاب الشهادات العليا.. المشتراة! تفشي منهجي الحرمنة والحمرنة على مناحي الحياة وجعل المال لا المرجلة ومكارم الأخلاق هو الهدف الأساسي والأسمى للحياة. كثرة ووفرة الدواوين التي تسببت في ترهل أداء المهني والحرفي الكويتي حتى أصبح يضرب به المثل في وفرة الأخطاء و.. الخداي.

سامي النصف

وماذا عن أداء القطاع الخاص؟!

أعجب من استهزاء بعض رجال القطاع الخاص من أداء الجهاز الحكومي والواقع ان ذلك الأداء مهما تواضع حاله – حال أداء الأجهزة الحكومية في جميع الدول – فلن يتسبب ترهله في إفلاس الناس بعكس القطاع الخاص الذي يفترض ان يعلم مديروه أن ترهله وعدم كفاءته قد يؤدي إلى الإفلاس وخراب البيوت.

استمرت الحرب الأهلية في لبنان 17 عاما إلا أن بنكا واحدا لم يعلن إفلاسه رغم أن بنوكهم هي التي تدعم الحكومة بالأموال لا العكس، والحال معهم كذلك مع الأزمة العالمية الحالية التي كادت تطيح بأحد أكبر بنوكنا العاملة لولا إنقاذ الحكومة له، ويمكن عبر قياس أداء البنوك الكويتية أن نقيّم أداء القطاعات الخاصة الأخرى في البلد.

ففي عام 1976 أوشكت البنوك الكويتية والشركات الخاصة الأخرى أن تعلن إفلاسها لولا تدخل الحكومة السريع لشراء الأسهم وإنقاذ الاقتصاد ولم تمض سنوات قليلة حتى تكرر الحدث عام 1982 مع كارثة المناخ وضخت الدولة عشرات المليارات لمنع إفلاس البنوك والشركات الكويتية الخاصة «من تاني» وتكرر هذا الأمر للمرة الثالثة عام 1991 بحجة الاحتلال الصدامي الذي استمر 6 أشهر لا 17 عاما كحال لبنان، وفي منتصف التسعينيات اضطرت الحكومة إلى أن تصدر قرار شراء المديونيات الصعبة كي لا تفلس البنوك وشركات القطاع الخاص.

ويأتي التدخل الحكومي الخامس هذه الأيام لإنقاذ البنوك والشركات الخاصة وهو أمر لابد منه كي لا يضار مئات الآلاف من المودعين وحملة الأسهم إلا أنه يثير تساؤلا محقا عن الفارق في الأداء أو سوء الأداء بين القطاعين العام والخاص في الكويت وعما سيحدث عندما يستمر انخفاض أسعار النفط ولا يعد في الخزانة العامة ما يكفي لعملية إنقاذ سادسة للقطاع الخاص؟!

إن علينا كحكومة وكمواطنين أن نصرخ بأعلى صوت بعد انتهاء الأزمة الحالية بأننا لن نقبل بعد اليوم بأن يورط الشعب الكويتي مرة أخرى من المقامرين والمغامرين ممن يرون في البورصة وفي أموال المساهمين والمستثمرين غنائم وأسلاب حرب يجوز نهبها وسرقتها دون خوف من محاسبة أو عقاب وأن يتحول القطاع الخاص من داعم للميزانية العامة إلى مدعوم بشكل دائم منها.

آخر محطة:
لو بعث صدام من قبره وحشد على حدودنا جيشه المليوني لما توقفنا للحظة، هذه الأيام، عن الصراع والشقاق.. ومللنا ومل الناس معنا مما يجري و«كفاية».