سامي النصف

كويت الرؤية والحكومة الجديدة

لا تستغرب ان اخترت نفس الطريق أن تصل إلى نفس النهاية، ستواجه الحكومة القادمة تحديات عظاما منها انخفاض أسعار النفط وظهور العجوزات في الميزانية وتبخر العائدات المالية التي تستخدم لإرضاء الناس، ومع تلك التحديات المحلية سيساهم تقلص عائدات النفط في إشكالات حادة لدى بعض دول الإقليم مما سيؤدي بها لخلق إشكالات أمنية مع الجيران كي تغطي بها إخفاقات الداخل.

وإحدى الإشكاليات الحقيقية أمام الوزارة القادمة هي أن المزاج الشعبي في الكويت لم يعد يحتمل المزيد من الأزمات السياسية القائمة على أخطاء بعض الوزراء لذا يأمل الجميع بأن يرضي التشكيل القادم ومنذ لحظته الأولى الجموع وأن يحظى بتأييد الشارع السياسي الكفيل بتعديل توجهات بعض القوى السياسية، حيث إن النواب هم وكلاء عن أصحاب القرار الأصليين أي المواطنين.

ولا بديل عن تشكيل وزارة ائتلافية تحظى بدعم وتأييد ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الكويتي، على أن تكون ضمن شروط محددة فيمكن للكتل أن تتقدم للمسؤولين بعدة أسماء كي يتم الاختيار منها للتوزير، ويمكن لصاحب القرار بالمقابل أن يسلط الضوء على أسماء كفاءات شابة تنتمي لتلك التكتلات والفئات طالبا دعم توزيرها وفي كلتا الحالتين يجب الاتفاق على بديهية أن دخول ممثل لكتلة ما يقتضي بالضرورة دعم قرارات ومشاريع الحكومة مادامت اتخذت تلك القرارات بالتشاور مع وزراء الكتل المعنية.

فليس من المنطق بشيء أن ترشح الكتل وزراء ثم تزايد بعد ذلك على معارضة الحكومة الممثلة فيها ولا شك بأن موقف الوزير السابق شريدة المعوشرجي هو المثال الجيد الذي يجب أن يحتذى به في الحكومات المقبلة فلا مجاملة ولا قبول بازدواجية المواقف كما لا يجوز أن ترتضي الكتل ـ أخلاقيا ـ بأن تحصد خير الحكومة نهارا ثم تقذفها بالأحجار ليلا.

وفي غياب مستودعات العقول كحال الدول المتقدمة يصبح مجلس الوزراء هو من يقوم بذلك الدور الهام، لذا فالواجب أن يحظى التوزير القادم بعدد وافر من الساسة المحترفين ورجال الدولة والمنظرين، فاللعبة التي تجري تحت قبة البرلمان هي في البدء والمنتهى «لعبة سياسية» تقوم على التنظير والتفكير ويفوز بها من يتقن المناورة والحركة الإعلامية والجماهيرية.

ويمكن للمراقب أن يلحظ أن الموديل الكويتي المتكرر الإخفاق يقوم على العكس تماما من معطى الموديل الصيني الناجح فلدى الصين سياسة مقيدة واقتصاد مطلق السراح ولدى الكويت انفلات سياسي واقتصاد مقيد بالكامل لذا تحتاج كويت الرؤية والحكومة الجديدة لإعادة النظر في قواعد اللعبة بحيث يتم التقليل من كم السياسة وزيادة كم الاقتصاد والتنمية في كويت الغد.

آخر محطة:
يلقي ضيف الكويت الكبير د.محمد اركون محاضرة في الساعة 6 منص مساء اليوم في مقر الجمعية الثقافية النسائية بالخالدية، والطريف أن الجهة المستضيفة حاولت أن تستغل وجوده لإلقاء محاضرة في جامعتنا العتيدة فكانت الإجابة «محمد مين؟» وهو ما يذكرنا بعالم الموسيقى الكبير الذي سألوه عن رأيه في إحدى سيمفونيات بيتهوڤن فقال «بيت مين؟» و… «العلم نورن»!!

سامي النصف

رسالة ودراسة

الأخ الفاضل

                                    بعد التحية والسلام

هذه هي المرة الاولى لي شخصيا التي اراسل فيها كاتب عمود صحافي ولم اقم بهذه المراسلة الا بعد احساسي العميق بصدق ووضوح طرحكم الذي يختص بحس وطني مميز ومعه تقبل لآراء قراء عمودكم بسعة صدر وشجاعة ادبية قلما يتميز بها الآخرون من كتّاب الزوايا، ولي تعليق على مقالتكم «التغيير وحكومة ما بعد العيد» التي نشرتموها يوم الاربعاء 10/12/2008 وكأنك تأمل الخير فيما هو قادم، واحدى صفاتك الجميلة انك دائم التفاؤل فيما تخطه في زاويتكم.

أخي الفاضل، هناك عدة اسئلة هي محور اي تطور اداري في اي بلد ولا يخفى عليك ان الدول يقاس تطورها بمدى فاعلية ادارتها وقدرتها على العمل والتميز في جميع المجالات، لذا اتقدم اليكم بهذه الاسئلة التي ارجو ان ترى صداها ضمن اسطر عمودكم في الايام المقبلة:

هل هناك معايير لاختيار الوزراء؟! وهل هناك انظمة ومعايير تحكم اختيار القياديين بحيث لا يستطيع اي وزير ان يتخطاها كونها محصنة وتستهدف الصالح العام، اي على مستوى الوكلاء والوكلاء المساعدين والمديرين؟! لماذا عندما نرجع لارشيف الصحافة في الثمانينيات والتسعينيات نجد ان جميع مشاكلنا الحالية هي تكرار لتلك المشاكل؟! من يملك السلطة والقوة ومن يملك الثروة؟! هل هي السلطة الاولى ام الثانية؟!  هل وضعت في الكويت قط خطط لخمسة او خمسة وعشرين عاما؟! وهل قامت اي حكومة من الحكومات المتعاقبة بتنفيذ خطط من سبقها من حكومات ان وجدت؟!

والسؤال الاخير:
هل لو تم اختيار الوزراء وفق معايير محددة (القوة، الامانة، الصدق، حسن السيرة العلمية والقدرة القيادية ونظافة اليد)، وتم اعطاؤهم صفة الثبات ومنع التدخل والاخلال بمعايير اختيار القيادات العليا والوسطى، فهل يستطيع احد من النواب حينذاك مناكفتهم؟! ان المال بيد الحكومة، والسلطة بيد الحكومة، والتنفيذ بيد الحكومة، وتطبيق معايير العدالة بيد الحكومة، لو استخدمت تلك الاوراق في المرحلة المقبلة بشكل صحيح لتفرغ اعضاء مجلس الامة لسن التشريعات والقوانين التي تساعد تلك الحكومة الجادة على الانجاز، وهنا سينسحب من يفكر في مصلحته الشخصية لا مصلحة الوطن، ومن يعمل لتنمية ثروته الشخصية لا ثروة الوطن من العمل السياسي، سواء كان نائبا او وزيرا كونه سيعلم ان مرحلة التكسب غير المشروع قد ولت دون عودة.

اخي سامي، الكويت مساحتها 17 الف كلم2، ومبتلاه بفوضى ادارية وفساد مالي ومنهاجية محاصصة ساقطة، وقد سبق لي ان قدمت رسالة ودراسة مجانية بحكم تخصصي ورسالة بالماجستير اسمها «اسس ومعايير اختيار القيادات العليا في الكويت على مستوى الوكلاء ومساعديهم والقيادة الوسطى»، وارجو تحقيقا للاصلاح والتغيير ان يتم تطبيق معاييرها بقوة القانون.

آسف على الإطالة استاذ سامي، لكني للامانة وجدت متنفسا في عمودك خاصة ما يتميز به من هدوء وحكمة وعقلانية.

اخوك فايز المطيري    

[email protected]

ارجو ان نضيء الشموع بدلا من الاكتفاء بلعن الظلام، ولا شك ان رسالة ودراسة الاخ فايز المطيري تستحق النظرة الجادة لها ومن ثم العمل على تطبيق معايير ثابتة وواضحة لتعيين القيادات السياسية والادارية في الدولة من الوزير حتى ادنى مستويات القيادة في الوزارات والمؤسسات الحكومية.

سامي النصف

الوزارة الشابة القادمة وأدوار الوزراء فيها

لنبدأ بوزراء الأسرة الحاكمة والذين نعتقد ان ادوارهم تختلف عن ادوار الوزراء الآخرين فلا يطلب منهم الدخول في اللغو والقضايا الخلافية مع النواب والكتل السياسية حرصا على مكانتهم وحماية لهم من التجريح خاصة ان منهم أمراء المستقبل لذا فإن طلب من غيرهم من الوزراء الكلام، فالافضل لهم الصمت على ان يضربوا القدوة الحسنة في العمل وفي حسن اختيار القيادات الادارية التي تعمل معهم.

ويمكن النظر في خلق عرف ديموقراطي يبعدهم عن عمليات الاستجواب وبالمقابل من يثبت عليه بالدلائل والقرائن الخطأ الجسيم او التجاوز يطلب اعفاؤه على الفور من منصبه الذي هو نهاية مطاف عملية الاستجواب حفاظا على كرامة الاسرة التي يمثلها وكي لا نصحو يوما ونجد اننا قد جرّحنا وضعضعنا مكانة كل امراء المستقبل، وللاعراف في الديموقراطيات المتقدمة قوة الدساتير واكثر.

وقد استمعت قبل ايام من عالم الفضاء المصري فاروق الباز ابان منحه جائزة مؤسســـة الفكـــر العربي مقولــــة صفق لها الجمهور طويلا وملخصهـــا انه وبهذه السن لا يحتــــاج للتكريــــم والجوائــــز ويفضل ان تقدم تلك الجوائز للشبــــاب كحوافـــز لهـــم، وبعد ذلك التقيت في سفــــرة لاحقــــة بكثير من وزراء المغـــرب ودول الاتحاد الاوروبي ولاحظــــت انهم جميعا في الثلاثينيات أو اوائـــل الاربعينيــــات من العمر حالهـــم كحال الرؤساء اوباما وبوش وكلينتون كونهم الاكثر عطاء وتحملا وتجديدا في العمل.

وما يحتاجه الأمر هو البحث عن الوزراء في مراكز عمل العقول الشابة الكفؤة من خريجي ارقى الجامعات والمعاهد لا في دواوين الحش والحكي، حيث ان تلك العقول لا ترتاد مثل تلك المنتديات بل تجدها متفرغة لتطوير ذاتها، لذا بودنا ان توضع لوائح بالمبرزين من شباب علماء معهد الأبحاث والاطباء والمهندسين وغير ذلك من مهن، وبذلك تسقط المحاصصة عن طريق توزير الكفاءات المحايدة التي لا يختلف اثنان على قدراتها ويصبح من واجب النواب والكتل اعطاء هؤلاء الشباب فرصتهم كاملة لخدمة الوطن لا ان يستبدلوا بالاستجوابات المباشرة كل اشهر قليلة، كي لا ننتهي باستبدال شعار «كل مواطن خفير» ليصبح «كل مواطن وزير».

وسيجد من يرغب ضمن القطاع الخاص قدرات وكفاءات شابة كويتية بارزة ومنجزة لم تتلوث بالروتين الحكومي المعتاد، والمهم عند الاستعانة بشباب ذلك القطاع ان نبعد عن اختيار من انتهوا للتو من اغراق ونهب الشركات الخاصة وبدأت شهيتهم تتجه لأمـــوال القطـــاع العام، فالقطاع الخاص كغيــــره مــــن القطاعـــات يضـــم بين اعضائه من هم اقرب للملائكـــة في نقائهــــم وضمنه كذلــــك مـــن هم اقرب للشيــــاطـــين في تدميرهــم.

سامي النصف

التغيير وحكومة ما بعد العيد

لم تعد الكويت تحتمل نهج الازمات السياسية المتلاحقة ومعها خيارا حل المجلس أو استقالة الحكومة والتي ثبت بشكل قاطع أن الآباء المؤسسين للدستور لم يحلموا أو يتنبأوا، قط، بهذا الكم أو النوع من الازمات السياسية التي باتت تفرض تشكيل عدة وزارات قبل انتهاء الفصول التشريعية.

وعبر التاريخ هناك درس ثابت دائما، وهو أن العهود لا تسقط بل تتآكل قليلا قليلا مع كل خطأ جسيم يحدث حيث تتناقص معها مصداقيتها امام الشعوب وتزداد بالمقابل مصداقية أعدائها والمتربصين بها والعكس من ذلك يحدث عندما تتشكل الحكومات بشكل صحيح فتقل الاخطاء ويزداد الانجاز وتبدأ الناس بالثقة بها والتصدي لمنتقديها.

ومما هو معروف بالبديهة ان التشكيل الحكومي يرسل مع الثانية الاولى لإعلانه رسائل سريعة لا تخطئ للناس فإن قام على الكفاءة والامانة وثقت الناس به ودعمته، وان قام على العكس من ذلك وتم احضار من لا يرون في العمل العام الا وسيلة للتكسب والارتزاق والاستفادة الشخصية عبر التجاوز ع‍لى القوانين المرعية ستصل معه كذلك رسالة مضادة وبأقصر الطرق للمواطنين.

ومن الامور التي تهتم بها الشعوب الرايات التي ترفعها الحكومات، وواضح ان شعار الاصلاح لم يعد صالحا بعدما حصل في الماضي وبعد توزير من لم يلتزموا به والافضل منه رفع شعار «التغيير» وان يثبت هذا الشعار، عملا لا قولا، هذه المرة عبر التشكيل القادم للحكومة والذي سيتم على معطاه، إما التفاؤل والعمل أو التشاؤم والقنوط ولا خيار ثالثا لهما.

وقد قام الوزراء المخطئون بخلق تعيينات خاطئة اذا لم نقل شديدة الخطأ والفساد في الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية بشكل لا تخطئه العين، والواجب، ان اردنا زرع الامل لا اليأس، والتفاؤل لا التشاؤم والبحث عن الاستقرار لا الانهيار، ان يشهد المواطنون إبعادا سريعا لعناصر عدم الكفاءة تلك ودون ذلك ستبقى عمليات التآكل السياسي مستمرة، وإلى مقال الغد.

سامي النصف

قضايا منتصف الأسبوع

طرح الزميل المبدع صالح الغنام في زاويته بجريدة «الرؤية» مقترح قيام تجمع لأصحاب القلم ليصبح بمنزلة ضمير الأمة تجاه تجاوزات بعض النواب، ولاستخدام التجمع للردع والمحاسبة، وهو مقترح رائع من أبوأحمد واقترح ان يكون مكان تجمع الكتاب احد المقاهي الحديثة، حيث مازلنا في حالة استشارة وبحث مع بعض الزملاء لتحديد موقعه وبذا نضرب عصفورين بفنجان قهوة واحد.

تشريعات كسر الاحتكار في الكويت لا تفرض «المنافسة» وعليه لا نستغرب ما قرأناه من قيام وكيل وزارة المواصلات بدعوة شركات الاتصالات للالتقاء به بعد العيد «لتثبيت» الأسعار على المستهلك ومنع المنافسة التي هي أساس خدمة المواطن في النظام الرأسمالي، للمعلومة لو كنا فرضنا المنافسة قانونا لحصدنا جائزة تخفيض الأسعار مع إنشاء الشركة الثانية ولما احتجنا أساسا لشركة اتصال ثالثة.

وبناء على ما سبق سنسمع في القريب العاجل خبر إنشاء «اتحاد شركات الهواتف المتنقلة» لتوحيد الأسعار كحال الاتحادات الاحتكارية الأخرى والتي لولاها لكانت اسعار الفنادق والمنتجعات بربع سعرها ولبقي اغلب المواطنين والوافدين في الكويت يستمتعون بتلك المنتجعات بدلا من بقاء فنادقنا شبه فارغة وامتلاء فنادق الدول الخليجية والعربية من مواطنينا ووافدينا، ولو علم ادم سميث حقا بما نفعله في النظام الرأسمالي لانتحر.

وضمن قضايا الترفيه ما قاله لي كويتي مخضرم قبل أيام من ان هناك مجاميع «واصلة» تعرف من أين تؤكل الكتف الحكومية لذا تجد انها استفادت من كل تخصيص حكومي فحصلت على المزارع والجواخير والاسطبلات والمناحل في الوقت ذاته، لذا يقترح هذه المرة، وقد قرأ عن مشروع هيئة الزراعة، توزيع قسائم 5 آلاف متر في الشمال كمناطق ترفيه وزراعة لا تمنح لمن حصل على تخصيص حكومي سابق وان تحصر في المتزوجين ومن هم فوق 30 عاما والا يجوز منح قسيمة للزوج وأخرى للزوجة كما كان يحدث في السابق ومنا لمدير عام هيئة الزراعة النشط الأخ جاسم حبيب.

ومما يلحظه الزائر هذه الأيام لمصر الحبيبة ان صحافتها الصفراء لم تكتف بتشويه كل شيء جميل على ارض النيل بل بدأت بالتعدي على كل بلد عربي يصدر فيه حكم ضد متهم مصري، ومعروف ان أهل مصر كأهل الكويت وغيرها من الدول ليسوا جميعا ملائكة ومن يخطئ سينزل به العقاب حسب قوانين الدولة المعنية وقد كادت تلك الصحف الصفراء ان تمنع ذهاب المصريين للعمل في السعودية لولا حكمة القيادة المصرية.

آخر محطة:
ضمن الجرائم الغريبة في مصر ما تواترت به الأنباء من ان الفنانة ليلى غفران قررت توكيل محامٍ للدفاع عن المتهم بقتل ابنتها كونها لا تصدق الرواية التي ذكرها أمام النيابة لعدم منطقيتها ولنا ان نتصور لو ان تلك الجريمة الغامضة قد ارتكبت في دولة خليجية وقبض خلالها على نفس الشاب المصري وما كانت ستقوله الصحف الصفراء عن تلك القضية وعن تلك الدولة، ويا صحف مصر ارفقوا قليلا بحال مصر وحال شقيقاتها.

سامي النصف

يا أهل الكويت شدوا الأحزمة

عندما اقترب سعر برميل النفط من 150 دولارا، تصارع الدكاترة و«العباقرة» الكويتيون من أهل الاختصاص الاقتصادي والنفطي بالقول ان سعر النفط لن يهبط قط عن 100 دولار للبرميل نظرا لتزايد الطلب عليه من الهند والصين!

وقد كتبت ونشرت آنذاك ان اسعار النفط ستنخفض مع اقتراب وصول الديموقراطيين للحكم لـ 50 دولارا للبرميل، وقلت انها ستنخفض اكثر من ذلك بكثير مع وصولهم المؤكد، ودللت على خطأ مقولة الخبراء عبر التذكير بخطأ الخبير احمد زكي اليماني الفادح عام 2000 عندما تنبأ بأن اسعار البترول للعشرة اعوام القادمة لن تزيد عن 13 دولارا (!)، كما ذكرت بأن عمليتي العرض والطلب لا تحددان سعر سلعة استراتيجية كالنفط ضاربا المثل بما حدث في الثمانينيات عندما انخفض سعر النفط من 40 دولارا عند بدء الحرب العراقية ـ الايرانية الى 6 دولارات في منتصفها رغم توقف صادرات النفط العراقية والايرانية وحتى الكويتية والسعودية بسبب حرب الناقلات، وكان سبب الانخفاض آنذاك سياسيا وليس اقتصاديا وبقصد ارغام ايران على ايقاف الحرب والامتثال لقرارات الامم المتحدة.

ويحدث هذه الايام ما قلناه لا ما قاله عباقرة النفط والاقتصاد ممن تنبأ بعضهم بوصول سعر البرميل الى 300 وحتى 500 دولار (يا سلام)، ونقول هذه المرة ان اسعار النفط ستبقى منخفضة مع تذبذبات صغيرة هنا وهناك للثماني سنوات المقبلة، وتتسابق خلالها دول الانتاج على اختراق حصصها المقررة، واثناء الثماني سنوات العجاف تلك او بعدها سيتكفل مبلغ الـ 150 مليار دولار الذي خصصه الرئيس المحبوب اوباما بخلق بدائل عن النفط مما سيحوله لسلعة غير استراتيجية.

وقد ذكرت في مقال سابق ان مشروع «الطاقة المتجددة النظيفة» الذي تتبناه دول الاتحاد الاوروبي سيستغني عن البترول كوسيلة للطاقة ويجعل عمله محددا بـ «التصنيع» منه فقط، وهو امر ظاهره رحمة وباطنه عذاب، فمنتجات المشتقات النفطية التي تصنع في الكويت والخليج لا تلاقي قبولا في الاسواق العالمية مما يعني ان النفط سيصبح كباقي المواد الخام الاولية الموجودة في الدول الافريقية واللاتينية الفقيرة والتي تصدر بأرخص الاسعار للدول المتقدمة كي يعاد تصنيعها وتصديرها وبيعها لدول العالم بأبهظ الاثمان.

ومن الامور التي سنبكي دما عليها بخلنا وشحنا الشديد – بسبب الضغوط السياسية للسلطة التشريعية – على القطاع الخاص الكويتي بالاراضي العامة كي يعمرها بحجة ان التفريط في الارض كالتفريط في العرض، مما جعل المليارات ترحل لتعمير الدول الاخرى القريبة والبعيدة وتترك صحارينا القاحلة تبقى دون انماء، وهو ما سيحيل تلك الاتربة الى عالة حقيقية على اجيالنا المستقبلية، حيث لن يتوافر آنذاك المال العام او الخاص لتنميتها وخلق فرص عمل من خلالها.

والخلاصة، ان المستقبل كما نراه مظلم جدا، وبدلا من محاولة تغيير ذلك الواقع الكارثي القادم سريعا لنا بالتفرغ التام لعمليات الانماء والتصنيع والانتاج الزراعي والاقتصادي والخدماتي الحقيقي وفتح البلد للمستثمرين والسائحين الاجانب، اصبحنا ننشغل بالسرقات الكبرى في القطاعين العام والخاص والمشاحنات السياسية التي لا تنتهي، وستمحو كتب التاريخ اسم بيزنطة واهلها من سجلها وستضع بأحرف من نور اسم الكويت والعباقرة من اهل الاختصاص فيها بدلا منهم.

آخر محطة:
 العاقل والحكيم ـ إن وجد ـ هو من يبدأ بشد الاحزمة منذ اليوم ووقف الاستهلاك المبالغ فيه، وقد يحتاج البعض لاستثمار مدخراته في دول الاقتصاد الحقيقي لا الورقي ـ كحال بلدنا ـ لعل وعسى يكون هناك بصيص امل له ضمن ذلك المستقبل الكحلي اللون.

سامي النصف

مدير عام بـ 265 فلساً في العام

ما استشففته من زيارتي لأكثر من ديوان في منطقة الضاحية معقل رجال الاقتصاد الكويتي ان هناك توجها لكثير من المساهمين برفع دعاوى قضائية على مجالس الادارات تطالبهم تضامنيا بتحمل الخسائر الناتجة عن اساءة استعمال السلطة الممنوحة لهم طبقا للمادتين 148 و149 من قانون الشركات التجارية وان البعض من تلك الدعاوى اخذ طريقه للمحاكم.

ومما قيل في البعض من تلك الدواوين ان احدا لا يمكن ان يفهم او يقبل القروض الضخمة التي تحملتها بعض الشركات المساهمة وبالتبعية مساهموها كوسيلة غش وتدليس يراد منها افادة بعض الادارات من التي لم تستخدم تلك الاموال لاجل التوسع في اعمال الشركات بل للمتاجرة الشخصية بالاسهم لاجل خلق ثروات ذاتية ضخمة عن طريق مبدأ ان ربحت لنا وان خسرت حملناها الشركة ومساهميها.

ومازال النقاش الساخن مستمرا في الولايات المتحدة حول دعم شركات السيارات الثلاث عن طريق اقراضها 34 مليار دولار كحماية لـ 3 ملايين شخص يعملون في مصانع السيارات ومعارض البيع والصناعات المصاحبة وقد اثبتت استطلاعات الرأي اعتراض 63% من الاميركيين على ذلك الدعم، مما خلق ما سمي بازدواجية معايير، حيث دعم مديرو بنوك وول ستريت بـ 700 مليار دون سؤال بينما تُخلق الشروط والعراقيل امام دعم تلك المصانع الكبرى بـ 5% من ذلك المبلغ.

وفي جلسة الاستماع الاولى لمديري شركات السيارات امام الكونغرس قيل لهم كيف تتوقعون الدعم المالي منا وانتم تصلون بالطائرات الخاصة وتتسلمون الرواتب الباهظة من الشركات التي تسببتم في الاضرار بها وهو ما جعلهم يعرضون طائراتهم للبيع ويحضرون هذه المرة لواشنطن بالسيارات بعد ان امضوا يومين في الطريق دون سائقين وان يقبلوا العمل للاعوام المقبلة بدولار واحد في العام (265 فلسا) وفي هذا السياق لم نسمع ان احدا من المديرين العباقرة الكويتيين ارتضى ان ينقص «فلس احمر» من راتبه الذي يتسلمه من اموال المساهمين الذين حول مدخراتهم الى اصفار كبيرة.

وقد اثبتت الكارثة الحالية القصور الكبير في اعمال الرقابة على الشركات والاموال الخاصة فلم نسمع بأي تحرك للجنة السوق او البنك المركزي او الجهات المعنية في قسم الشركات بوزارة التجارة تجاه ما كان يحدث في بعض الشركات المساهمة من نهب فاضح لاموال المساهمين وقد اعجبنا ما اتى في الصحف من مداخلات الشيخ احمد العبدالله في اجتماع الجمعية العمومية لبنك الخليج وان أتت بعد خراب البصرة.

اننا بحاجة ماسة بعد تجاوز الازمة الحالية – ان تجاوزناها – لخلق آليات رقابة صارمة على الشركات وعلى مكاتب تدقيق الحسابات وعدم الاكتفاء بالمقولة الساقطة الخالدة إن الجمعيات العمومية (الخاملة) هي التي تحاسب الادارات اي الرقابة اللاحقة حالهم كحال من يقول ان لنائب الامة ان يتجاوز ويتعدى على الاموال العامة ويثرى ثراء فاحشا غير مشروع ثم يحاسب بعد اربع سنوات من قبل الناس عن طريق عدم انتخابه و«يادار ما دخلك شر»، ان في القولين دعوات صريحة للسرقات المكشوفة والاثراء غير المشروع.

آخر محطة:
 آخر نكات نكبة مصانع السيارات الاميركية ان اسواق «وول مارت» الشعبية وضعت اعلانا تقول فيه: اشتر ماكينة تحميص الخبز وخذ سيارة مجانا معها.

سامي النصف

كتب تستحق القراءة

وصلنا من الصديق يوسف الجاسم كتابه القيم عن راحلنا الكبير د.أحمد الربعي والكتاب يؤرخ لمسيرة الربعي باللقاءات والصور، وخيرا ما فعلت يا اباخالد فقد تعبت وانا احاول اقناع بوقتيبة باصدار كتاب يروي فيه ذكرياته.

ومن الزميل الكاتب يوسف مبارك المباركي كتاب موسوعي متكامل عن وقائع ووثائق دواوين الاثنين ولا شك ان تلك الاحداث المهمة مهما اختلفنا حولها يبقى كتاب المباركي مرجعا مهما لها.

«لبنان الذي في خاطري» آخر كتب الصديق الديبلوماسي د.عادل العبدالمغني والمخطوط مليء بالصور التاريخية الجميلة والحكايات الطريفة ويعتبر تدوينا جيدا لتاريخ الاصطياف الكويتي في لبنان.

«هكذا عرفت البكر وصدام» يتحدث مؤلف الوزير العراقي د.فخري قدوري عن ذكريات 35 عاما في حزب البعث ومأساته وما حدث لقريبه شفيق الكمالي الذي كتب السلام الوطني العراقي «وطن مد على الافق جناحا» والذي سم في السجن وتوسط له من ادباء الكويت احمد السقاف ود.خليفة الوقيان لاطلاق سراحه، وضمن الكتاب ورقة للمستشار العم عبدالرحمن العتيقي ارسلها للمؤلف حول علاقة السياسة بالاقتصاد والامل في العم ابوانور ان يكتب مذكراته التي طال انتظارها.

«حماس من الداخل» للمؤلف الفلسطيني زكي شهاب وهو احد اشهر الفلسطينيين في حقل الاعلام العربي والدولي ويروي ضمن الكتاب لقاءاته مع شخصيات فلسطينية قبل اعدامها مثل الازهري أكرم الزطمة الذي قدم لقاء 100 دولار معلومات ادت الى استشهاد القيادي صلاح شهادة و16 ممن معه ومسؤول جهاز الدعوة في حركة حماس وليد حمدية الذي كانت آخر كلماته للمؤلف قبل اعدامه، ان السلطات اعتقلته قبل ان يصل الى يحيى عياش ويساهم في قتله وقد كان نادما على اخفاقه بتلك المهمة.

«مهمتي في اسرائيل» مذكرات سعد مرتضى اول سفير مصري في اسرائيل ويروي ضمن مذكراته التي صدرت هذا العام ان هناك رغبة صادقة من شعب اسرائيل في العيش بسلام مع العرب وان الاسرائيليين لا يقبلون كلمتي «معليش» و«المسامح كريم» كونهم لا يتقبلون الاخطاء والاعتذار عنها.

«حلف المصالح المشتركة» للبروفيسور الايراني الاميركي تريتا بارسي ويرى الكاتب الذي اشرف على كتابه الدكتوران زبنغيو بيرجنسكي وفرانسيس يوكوهاما ان هناك تحالف مصالح بين الاجنحة المتشددة في واشنطن وطهران وتل أبيب.

سامي النصف

الكويت تحتاج كذلك لنواب دولة

استضافنا قبل أيام الزميل علي الطراح ضمن برنامجه الشائق «حديث الديرة» على قناة الوطن للحديث عن الازمة السياسية الحالية، وكان مما قلناه واقترحناه ان يتحول القرار الحكومي الى قرار مؤسسي مدروس عبر خلق «مستودعات عقول» عالية الاداء تساهم في دعم القرار الحكومي وتحصنه من الزلل والخطأ.

وبعد ساعات قليلة من اللقاء كنت والزميلة د.هيلة المكيمي نستقل الطائرة بدعوة كريمة من سفير المملكة المغربية لدى الكويت للمشاركة في منتدى «حوض البحر الابيض الجديد» الذي عقد في مدينة طنجة الساحرة، والذي أشرف على أنشطته «معهد امادوس» الذي هو كما أتى في تعرفته مستودع عقول مغربي ودولي يقوم بتسليط الضوء والبحث عن حلول للمشاكل الجيواستراتيجية والاقتصادية التي تهم المغرب والعالم أجمع.

وقد بدأ معهد امادوس اعماله قبل اشهر قليلة بجهد وافر من مجاميع شابة ترأسها ابراهيم فاسي فهري ابن وزير الخارجية المغربي الحالي، وقد استطاع ذلك المنتدى في اول أنشطته التي حضرناها ان يستقطب رؤساء حكومات ووزراء ومفكرين ومختصين من المغرب العربي وفرنسا واسبانيا والاردن ومصر وغيرها من دول وجدت في ذلك المنتدى، الذي بات قريبا في نشاطاته من مؤتمر «دافوس» العالمي، ما يستحق الدعم والمتابعة.

ومن القضايا المهمة التي عرضت على المؤتمر آخر مستجدات مشروع «الطاقة النظيفة المتجددة» التي تقوم فلسفتها على ان النفط مادة ناضبة وهي أثمن من ان يتم «حرقها» وتلويث الاجواء بمخلفاتها لاستخدامها كوسيلة للطاقة في الطائرات والسيارات والبواخر والقطارات.. إلخ، لذا بدأ العمل على خلق طاقة نظيفة بديلة لا تنضب تقوم على استخدام اشعة الشمس وحركة الهواء والمشروع سيصبح حقيقة واقعة خلال سنوات قليلة.

وعلى هامش المؤتمر اتيحت لنا الفرصة مرة اخرى لزيارة مدينة طنجة الساحرة التاريخية وضواحيها وروابيها النظيفة والجميلة التي تستحق وبحق الزيارة والسياحة والاستثمار، واسألوا في هذا السياق الزميلة د.هيلة المكيمي وزوجها عن معالم «كهف هرقل» السياحي المطل على البحر، والخلاصة أن معهد «امادوس» يستحق الدعم والمؤازرة والمشاركة في نشاطاته المستقبلية.

آخر محطة:
 استضافتنا ليلة قبل الامس الزميلة منتهى الرمحي ضمن برنامجها واسع الانتشار «بانوراما» على قناة العربية وقد طالب الضيف الآخر وهو أحد النواب الافاضل وبحق، ان يتم توزير رجال دولة في الحكومة القادمة، وكان رأينا في المقابل حاجة الكويت لـ «نواب دولة» يتماشى عملهم مع وزراء الدولة القادمين فلا تأزيم ولا عيش على الدغدغة أو خلق سلسلة المشاكل المتصلة.

سامي النصف

الوزراء اللاعبون والوزراء الصامتون

من الأمور البديهية حقيقة انه لا يجوز لك، فيما لو أردت ان تلعب كرة قدم ضد فريق تطمع في الفوز عليه، ان تحضر معك فريقاً مكوناً من لاعبي كرة سلة يجيدون استخدام الايدي ـ لا الأرجل ـ في الملعب، وأمر كهذا ان جربته مرة فلا يجوز أن يجرب مرة أخرى.

ثبت ضمن الخيارات الوزارية المتتالية أن هناك وزراء غير ملائمين أو مناسبين على الاطلاق للعمل السياسي الديموقراطي القائم على الحوار والتنظير والتفكير وخلق الحلول المناسبة لكل معضلة ومن ثم علينا هذه المرة البعد عن الاختيار القائم على معطى الصداقة والمعرفة الشخصية.

فقد أثبتت الازمات المتتالية فشل امثال هؤلاء الوزراء ممن يعاد توزيرهم عادة طبقا للمبدأ الذي اخترعه المشير عبدالحكيم عامر والقائل ان الثقة تقدم على الكفاءة وان للمسؤول أن يخطئ ويستمر في تكرار اخطائه دون محاسبة حتى يغرق البلد أو يتوفاه الله.

ان هناك حاجة ماسة لإعادة النظر في كيفية تشكيل الوزارة القادمة منعا للمشاكل، وان يتم خلق مستودع للمعلومات يوفر اسماء الاكفاء ممن يمكن توزيرهم بعد القيام بسلسلة لقاءات شخصية يشرف عليها مختصون، وذلك لأخذ موافقتهم على المشاركة الوزارية وللاستماع لخططهم المستقبلية ومعرفة مدى استعدادهم للدفاع عن تلك الخطط تحت قبة المجلس وفي المنتديات الاعلامية.

ولصمت المسؤولين أسباب غير وجيهة عديدة، فالبعض يريد أن يأكل من بلح الحكومة وعنب المعارضة في الوقت ذاته، لذا يتعمد الصمت غير الحميد عند وقوع عمليات التسخين السياسي، مما جعل الحكومات المتتالية تخسر الدعم الشعبي ويستأسد عليها بعض النواب بالتبعية حتى ينتهي الحال إما بحل المجلس أو استقالة الحكومة.

آخر محطة:
يصرخ البعض: «لا للمحاصصة» إلا أنه يصبح أول الصارخين والمعارضين فيما لو تم الاستماع لنصيحته ولم يتم توزير أحد من جماعته، ان المحاصصة لا تضر بذاتها فيما لو تم اختيار الاكفاء من كل انتماء سياسي أو شريحة اجتماعية.