سامي النصف

الانتصار القادم من غزة

أحد أسباب هزيمتنا في حرب 48 هو سياسة المفتي المتشدد أمين الحسيني التي ضخمت ما جرى في دير ياسين وكفر قاسم ونشرته إعلاميا مما تسبب في رعب السكان وهجرتهم لأرضهم وقراهم وقد رحب المفتي ـ سامحه الله ـ بتلك الهجرة بحجة انها ستسهل من عمل الجيوش العربية، كما انها ستتيح المجال لتدريب الأهالي في أراضي الشتات حتى يمكن لهم العودة المظفرة السريعة، وقد أثبت التاريخ مدى خطأ تلك السياسة الانفعالية غير الحكيمة، حيث لم يعد أحد، وظهرت بسببها مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، بينما لم تكن هناك مشاكل لاجئين في قضايا الاستيطان والاحتلال المشابهة في الجزائر وجنوب أفريقيا وروديسيا.. إلخ.

ومع قدوم عصر الثوريات العربية بدأ فصل جديد من تزييف الوعي وإخفاء الحقائق وتمت احالة الهزائم النكراء الى انتصارات باهرة، فحرب 56 التي احتلت خلالها سيناء ومدن القناة ودمرت الأسلحة التشيكية الجديدة من دبابات وطائرات على الأرض وقتل خلالها الآلاف وفتحت بسببها مضايق تيران لاسرائيل دون ضرر حقيقي على الغزاة، تحولت الى انتصار كبير بفضل خطاب «حنحارب» التي قيلت ضمنه دون ان ينتبه احد وسط الصراخ والتصفيق والتهليل الى ان الأوامر صدرت للجيش بالانسحاب من سيناء وتسليمها دون حرب لإسرائيل، وزاد من روعة الانتصار واقناع الناس به تأليف العشرات من الأغاني الوطنية الحماسية مثل «الله أكبر» و«اليوم اليوم النصر»، وغيرها من أناشيد وخطب قلبت الحقائق المرّة الى أكاذيب سعيدة.

وفي عام 67 اعتبر ان عدم نجاح اسرائيل في إسقاط الأنظمة الثورية هو انتصار باهر بذاته (ومن قال انها حقا تريد اسقاطها؟) كما خلقت في حصار بيروت وتدميرها عام 82 معادلة «جديدة» للنصر مازالت باقية وهي احتساب الفترة المنقضية بين اطلاق أول رصاصة اسرائيلية واطلاق آخر رصاصة وكذلك بين دخول أول جندي اسرائيلي لأراضينا وخروج آخر جندي، انتصارا بذاتها أي كلما طالت كبر الانتصار خاصة عند المقارنة بحرب الأيام الستة عام 67.. وبالطبع لم تخلق أمة من أمم الأرض الأخرى مثل هذا التعريف الجديد لانتصاراتها خاصة انه كلما طالت الفترة بين اطلاق اسرائيل اول رصاصة واطلاقها آخرها عنى هذا الأمر ان هناك المزيد من الدمار والمزيد من القتلى، والمزيد من الخسائر المالية والمزيد من الجرحى والمشوهين والمعاقين في صفوفنا لا في صفوفهم مادامت الحرب تقوم على ارضنا لا على ارضهم وما يدمر هو بنياننا لا بنيانهم، لذا فهزيمة الأيام الستة في حقيقة الأمر هي اقل ضررا على امتنا من انتصار حصار الستين يوما لأبي عمار في بيروت.

لقد بدأت الحرب الحالية في غزة دون ان يشاور أحد العرب والمسلمين في بدئها مما يطرح تساؤلا محقا هو: هل توقع من قام بهذا الأمر الرد الإسرائيلي المدمر الذي يدمي القلوب الذي نراه، ان كانت الإجابة بـ «لا» كما اتى على لسان بعض المسؤولين فتلك مصيبة، وان كانت الإجابة بـ «نعم» وان هذا الرد كان متوقعا دون الاستعداد له فتلك كارثة.

اننا نفهم لماذا لا يلتزم العدوان الاسرائيلي هذه الأيام بقرارات وقف اطلاق النار مادام يقتل ويدمر موارد عدوه مقابل خسائر لا تذكر في صفوفه ومقابل ردات فعل انفعالية «مؤقتة» يتكفل الزمن بتجاوزها سريعا كحال المظاهرات والمقالات النارية وطلب تجميد العلاقات.. الخ، إلا اننا لا نفهم سبب رفض الاخوة في «حماس» مثل ذلك الطلب الذي يحقن الدماء ويوقف العدوان، نرجو ألا يكون السبب هو رغبة البعض في تحقيق الانتصار هذه المرة من غزة ـ حسب التعريف الجديد للانتصار ـ عبر محاولة إطالة الفترة الممتدة بين اطلاق أول رصاصة إسرائيلية واطلاق آخر رصاصة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:
على ذكر دير ياسين، تسمح القوات الإسرائيلية هذه الأيام لوسائل الإعلام العربية بالعمل بكل حرية لنقل صور فظائع الحرب التي تجري في القطاع، فهل من مذكّر؟

سامي النصف

حتى نحصد البطولات الرياضية

زرت قبل أيام عمان الهادئة والجميلة، بدعوة من هيئة سوق المال العمانية لتقديم محاضرة حول دور الصحافة في تشجيع الوعي الاستثماري، وقد تزامنت تلك الزيارة التي سنكتب عنها لاحقا مع بدء فعاليات دورة الخليج التي بودنا ان تتوسع مستقبلا وتمزج الرياضة بالاقتصاد والفن والثقافة عبر خلق مهرجانات تسويق وسياحة وحفلات غنائية وعروض مسرحية وندوات ثقافية وفكرية وشعرية تتزامن مع إقامة تلك الدورات بحيث لا تقتصر الزيارة على جمهور شبابي يشاهد المباراة لمدة ساعتين ويرحل، بل تصبح فرصة لزيارة آلاف العائلات والرجال للتسوق وغيره.

أكتب المقال قبل مباراتنا مع العراق وبالطبع بعد مباراتنا مع البحرين واعتقد ان فريقنا من أفضل الفرق الا ان هناك اسبابا متكررة منذ سنوات تمنعه من حصد البطولات منها الإعداد النفسي السالب والخاطئ للاعبين، حيث ينصح عادة المختصون النفسيون الآباء وقادة الفرق الرياضية والعسكرية ومديري الشركات بالعمل بما يسمى «التحفيز الموجب» اي تكرار مقولة «انكم قادرون على الفوز والنصر وحيازة البطولة.. الخ».

لدينا نقوم دائما بالعكس من ذلك، حيث يتم تكرار المقولات المحبطة منذ البدء مثل «انتم جايين للمشاركة لا للفوز» و«نحن نرشح الفريق المنافس للفوز بالمباراة والبطولة» و«الحكام راح يستقصدونكم ليخسروكم» وقد اثبتت مثل تلك التصريحات انها تقتل روح الطموح وتجعل اللاعبين محضرين بشكل مسبق للهزيمة وواضح ان مثل تلك التصريحات تطلق في العادة لحماية الجهاز الفني حتى يقال «ما قلنا لكم اننا لن نفوز» ورغم تكرار خسارتنا للمباريات والبطولات عبر السنين فمازلنا نعيد ونكرر ذلك التحفيز السالب بدلا من الموجب.

وهناك إشكالية فنية متكررة منذ عقود كذلك، ولا نرى مثلها لدى الفرق الدولية وحتى لدى الفرق الخليجية والعربية المتكررة الفوز بالبطولات، وهي ان فريقنا ما ان يحرز هدفا على الفريق الخصم بسبب خطة جميلة يلعب بها، حتى ينكمش على نفسه ويقوم بلعب دفاعي ممل ويتساقط خلاله اللاعبون ويكثرون الاحتجاج على الحكام دون مبرر، ومما يدل على غباء تلك الخطة العقيمة ان عملية التعادل مع البحرين كانت ستساهم في إخراجنا من البطولة ومع ذلك اكتفينا بهدف واحد وكان بإمكان البحرين ان تعوضه في اي دقيقة من دقائق المباراة الاخيرة.

وقد قرأت في إحدى الصفحات الرياضية تصريحات للجهاز الفني حول مبررات اللعب غير المرضي امام البحرين بعد تسجيل الهدف اليتيم قيل ضمنه ان السبب هو الشحن النفسي الذي خلقته جماهيرنا الرياضية (!) وهو عذر اقبح من ذنب وكأن المطلوب ألا تشجع جماهيرنا فريقنا، بل وكأن الفرق الأخرى في هذه البطولة وخارجها لا تملك جماهير بالملايين تقف خلفها دون ان يلومها احد على سوء الأداء.

وقد تابعنا مباراة السعودية واليمن ـ ومثلها مباراتا عمان والبحرين مع العراق ـ ولم نشهد تراجع الفريق السعودي للخلف بعد تسجيله هدفه الأول كحال فريقنا، كما شاهدنا مدرب الفريق ناصر الجوهر يجلس بهدوء ويسجل الملاحظات طوال المباراة، بينما تظهر صور مدربنا وهو شديد الانفعال والحركة دون تدوين اي ملاحظات وهو ما يمهد لتكرار نفس الأخطاء، لذا بودنا كجماهير ان نتعظ مما جرى وان نتجنب اللعب الدفاعي بعد تسجيل الاهداف، ومثل ذلك ترشيح الفرق الاخرى للفوز بالمباريات والبطولة كونها تؤدي لنتائج عكسية.

آخر محطة:
 (1) يروي الإعلامي الإماراتي محمد الجوكر ذكرياته في ملحق صحيفة «الشبيبة» العمانية حول الدورة الرابعة في قطر فيقول ان كابتن الفريق العراقي آنذاك مجبل فرطوس أسرّ له بأن الرئيس احمد حسن البكر اتصل ليلا باللاعبين ليبلغهم بتخصيص ڤلل لهم ان فازوا على الكويت وقد اتت تلك المكالمة بأثر عكسي، حيث لم ينم اللاعبون طوال الليل من الفرحة وهو ما جعلهم يخسرون المباراة امام الكويت (2)4 بسبب الارهاق!

(2) تقوم الصحف الخليجية بخلق ملحق رياضي منفصل لدورة الخليج، كما لاحظت انها تملأ لوبيات الفنادق والمراكز الإعلامية بنسخات من تلك الملاحق والصحف.

سامي النصف

هل ثار العرب على الدولة العثمانية؟!

عندما يختلف العرب فإن أول ما يضحون به هو الحقيقة، وهذا تماما هو ما تم في الخمسينيات ابان الصراع القومي ـ الإسلامي، حيث اتهم الاسلاميون القوميين بأنهم من ثار واسقط الدولة العثمانية رغم ان السلطان العثماني عبدالحميد الثاني هو من رفض بيع فلسطين لليهود، اي بمعنى تحميل القوميين ممن كانوا يرفعون شعار تحرير فلسطين آنذاك مسؤولية ضياعها.

كان العرب تاريخيا الأكثر اخلاصا للدولة العثمانية من باقي رعاياها وفي 27/4/1909 أفتى شيخ الإسلام التركي محمد ضياء الدين بجواز خلع السلطان عبدالحميد مما جعل جمعية الاتحاد والترقي الطورانية المسيطرة على مجلس الأعيان ترسل وفدا من اربعة اعضاء هم ايمانويل قراصو وآرام واسعد طوبطاني وعارف حكمت لإبلاغ السلطان قرار الخلع، والملاحظ ان الوفد تكون من ممثلين عن القوميات المكونة للدولة العثمانية ولم يكن بينهم عربي واحد.

قام الاتحاديون بعد ذلك (وقبل اتاتورك بسنوات) بتوجيه الدولة وجهة قومية تركية لا دينية واستهدفوا خلالها العرب بالاضطهاد والعنصرية والاحتقار وتم عزلهم من المناصب وكان آخر ذلك عزل وزير الاوقاف العربي واستبداله بتركي، واوقفوا العمل باللغة العربية وقد حاول بعض الزعماء والضباط العرب اواخر 1909 التوجه للاستانة وحل الاشكال الا انهم اهينوا من قبل بعض غلاة الاتحاديين امثال احمد اغايف ويوسف قسورة مما قضى على آمال المصالحة بين الترك والعرب.

وأنشأ الاتحاديون جمعية طورانية عظمى سموها «ترك اوجاغي» جعلت غايتها محو الإسلام وتتريك العناصر العثمانية وقد تفرع عنها عدة جمعيات منها «ترك يوردي» لتطهير اللغة التركية من الكلمات العربية، كما قررت نزع اسماء الصحابة من الجوامع كونهم عربا كما طعنوا من على المنابر في الخلفاء الراشدين وساهموا في نشر كتب الكفر والإلحاد في الدولة مما آذى شعور العرب المحافظين.

فما أن اعلنت الحرب الأولى في اغسطس 1914 حتى اصطف العرب، رغم ما جرى، خلف الاتحاديين الحاكمين في الاستانة وارسل جمال باشا السفاح (علي كيماوي عصره) الى بلاد العرب بعد تدبيره مذابح الأرمن في أضنة فنصب المشانق للأحرار وتسبب في مقتل مئات الآلاف من العرب عبر عمليات التهجير القسري والمجاعات التي اختلقها وقد اتهم العرب بالخيانة لتبرير التنكيل بهم بينما كشف البلاشفة بعد ثورة 1917 عن رسائل سرية ارسلها السفاح لقيصر روسيا يعد بها الحلفاء (الأعداء) بأن ينحاز لهم لقاء القبول به ملكا على الشام والعراق ولأبنائه من بعده، وليست بعد تلك الخيانة العظمى خيانة.

لذا قرر من نجا من مذابح السفاح التوجه للحجاز وإعلان الثورة من هناك تحت راية الشريف حسين ومما جاء في نص خطاب الشريف للاستقلال والانفصال عن حكومة الاتحاديين «ان صحيفة «الاجتهاد» الاتحادية وصفت سيرة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بأنها شر سيرة (!) وان الحكومة الاتحادية ألغت قوله تعالى (للذكر مثل حظ الأنثيين) فساوت بينهما في الميراث، وانها امرت جنودها في المدينة ومكة والشام بإفطار رمضان للمساواة بينهم وبين المقاتلين على حدود الروس وفي ذلك هدم لأحد اركان الإسلام الخمسة» كما عدد جرائم الاتحاديين ببيع اراضي ودول الإسلام في البوسنة والهرسك لحكومة النمسا واراضي طرابلس الغرب وبرقة ومقدونيا وجزيرة كريت وجزر الارخبيل للإيطاليين.

آخر محطة:
قام الاتحاديون بعد يوم من خطاب الشريف حسين بإطلاق المدفعية على الكعبة المشرفة فوقعت احدى القذائف فوق الحجر الأسود والثانية تسببت في التهام النار لأستار البيت حيث هرع آلاف المسلمين لإطفاء لهيبه وهم ينتحبون، وسقطت القذيفة الثالثة على مقام ابراهيم گ فهل يجوز الترحم على ذلك الحكم الطوراني (لا العثماني) المتعصب وهل يلام العرب على الثورة عليه؟!

سامي النصف

لائحة جديدة لحقبة جديدة (2)

استكمالا لمقال الأمس حول مكونات اللائحة او خارطة الطريق الجديدة الواجبة للكويت الجديدة والمواكبة للتحديات غير المسبوقة القادمة.

(5) بعد فشل الشركات المساهمة الكبرى في توفير بدائل التوظيف للشباب الكويتي بسبب الخسائر الضخمة التي تكبدتها نتيجة لمضاربات أسواق الأسهم واضطرتها للتخلص من العمالة الكويتية بدلا من الاستزادة منها، نرى الحاجة الى تحول مالي ومجتمعي لدعم اقتصاد المبادرات الفردية كالحال في الدول المتقدمة ومن ثم تحويل القطاعات التعاونية والنفطية والغذائية والحرفية والفنية من استحواذ الشركات المساهمة عليها الى ملكية الأفراد، فهذا يملك سوبر ماركت بدلا من الجمعية التعاونية وذاك يملك محطة بنزين، وثالث مطعم وجبات سريعة.. الخ.

(6) القضاء التام والسريع على البيروقراطية الحكومية ودهاليز الفساد المعششة فيها لصالح مرونة مدروسة توفر التصاريح السريعة لأصحاب المبادرات الفردية الراغبين في فتح مطاعم وكراجات وبسطات ومحلات كي يقتاتوا منها، كما يجب ألا يسمح بقيام تجمعات احتكارية لأنشطة معينة.

(7) بعد معاناة البنوك مع قروض الشركات والقروض الاستهلاكية، يجب ان تتحول بنوكنا التجارية إلى جهات تختص باعطاء قروض تصاحبها توصيات فنية لتشجيع الشباب على العمل الفردي الحر كحال بنوك الدول المتقدمة التي تقوم – وكواجب اجتماعي – على اقراض العاطلين قبل العاملين وعلى القروض المنتجة قبل المستهلكة وللأفراد قبل الشركات.

(8) حث الوكلاء العامين في الدولة على تشجيع الشباب على فتح عشرات المحلات والمنافذ لتوزيع منتجهم بدلا من احتكار الاستيراد والتوزيع.

(9) التحول بالتعليم العام الى ما هو أقرب لمناهج التعليم في المدارس الخاصة الأجنبية وثنائية اللغة التي تقوي شخصية الفرد وتزوده بالتقنيات اللازمة لخوض التحديات الاقتصادية القادمة وفي المقابل تقليص دور مدارس تخريج الموظفين واصحاب البطالة المقنعة عبر تحويل البعض منها الى منهاجية التعليم المشترك التي يشارك فيها أولياء الأمور بجزء من تكلفة التعليم المتقدم.

(10) اعادة النظر في كثير من المفاهيم الخاطئة والتشريعات الضارة التي اقرت في حقبة تختلف تماما عن تحديات ومخاطر الحقبة القادمة فيتم منح ـ لا منع ـ الأراضي العامة لمن يريد ان يطورها ويستثمرها.

1(1) الاستماع ـ وكنوع من التغيير ـ للمختصين «صناعاً وزراعاً وتجاراً وعقاريين ومستثمرين.. الخ» عند الرغبة في اصدار تشريعات تمسهم، فأهل مكة ـ لا غيرهم ـ هم أدرى بشعابها.

1(2) وضع وزراء شديدي الاختصاص في أعمال الوزارات التي سيقومون عليها فلا توجد وفرة مالية أو فسحة من الوقت لمنهاج التجربة والخطأ.

آخر محطة:
وصلتنا من الأخ الفاضل توفيق الجراح رئيس اتحاد العقاريين رسالة ودراسة أعدتها شركة مجمعات الأسواق وشركة المشروعات العالمية الاستشارية حول قانوني السكن الخاص 8، 9 لسنة 2008، الدراسة وافية وكافية وتظهر سلبيات هذين القانونيين على النشاط العقاري في الكويت، مرة أخرى نرجو الاستماع للمختصين والأخ توفيق الجراح من كبارهم، ولنا عودة للموضوع وللدراسة المرفقة.

سامي النصف

لائحة جديدة لحقبة جديدة (1)

مررنا خلال العقود الماضية بالعديد من الازمات والكوارث، الا أن الازمة الحالية قد تفوق كل ما شهدناه وعشناه حتى اليوم لغموض معطياتها الثلاثة وهي تحديدا (أ) تداعيات الازمة الاقتصادية المالية واستحقاقاتها وتأثيراتها على الناس، (ب) مدى مستوى انحدار أسعار النفط وهل سيبقى سلعة استراتيجية أم يتحول مستقبلا الى سلعة خاملة كالفحم والموز وغيرهما، (جـ) الملف النووي الايراني وما سيحدث له وكيف سيستخدم الملف بالتوازي مع الوضع الاقتصادي الخانق هناك، حيث يقال ان ايران هي إحدى اكثر ثلاث دول في العالم تضررا بما يجري.

لقد وفرت لنا الوفرة النفطية في السابق الاموال التي تكفلت بتغطية العيوب وتصحيح الاخطاء وعمليات الارضاء، والواجب ان نحتاط للاسوأ هذه المرة ونبتعد عن السقوط المتكرر والمعتاد في الحفر الاقتصادية والسياسية والامنية، حيث قد لا تتوافر لنا مستقبلا الموارد الكفيلة باخراجنا منها وعليه فالحكمة والقراءة الصحيحة للاوضاع تحتم علينا ان نستبدل اللائحة أو الخريطة الزرقاء للماضي بخريطة ولائحة جديدة للمستقبل من مكوناتها:

إعادة تعديل الهرم المقلوب منذ عقود عبر اختيار أكفأ وأذكى وأفضل العناصر البشرية المتاحة في البلد ـ لا أسوئها ـ لتسلم زمام الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية، فقد استشعر الاخوة النواب واعضاء الكتل السياسية والمثقفون والاعلاميون خطورة المرحلة غير المسبوقة المقبلة وطالبوا علنا باختيار الاكفأ والافضل، وعدم التذرع بالمحاصصة، وهو ما سيرضيهم ويرضي قبلهم الشعب الكويتي قاطبة. تبنى على تبني تعيين شخصيات غير كفؤة في السلالم الوظيفية إذا اصبحنا القدوة غير الحسنة في عقد الصفقات الاقتصادية والتنموية في المنطقة وقد تفرض ظروف المستقبل أن نتحول للقدوة الحسنة، فلا نقبل قط بأن يقوم المفاوض الكويتي بشراء ما قيمته مليار بخمسة مليارات، أو ندفع ما تبقى من اموالنا العامة لحيازة ما لا نحتاجه. استيعاب حقيقة مهمة بأننا في اللحظات الاخيرة لاتخاذ قرارات كبرى لصالح ديمومة الكويت فبقاء وازدهار الامم لا يتم بالمصادفة والركون للدعة وغياب التخطيط الصحيح، ومن ثم انتظار الكوارث لمعرفة اضرارها، ان القرارات الاستراتيجية الصحيحة تحتاج الى سنوات طويلة لتؤتي ثمرها فلا يوجد شيء اسمه «مصباح علاء الدين» الذي يلبي الطلبات ويحقق الاحلام في التو واللحظة، كما ان العناصر الصالحة والدماء الكفؤة تحتاج لفسحة من الزمن لنجني خيرها وثمرها فقد ولّى زمن المعجزات. ضرورة العمل على التحول من منهاجية الاقتصاد الكسول غير المنتج الذي ساد عمل القطاعين العام والخاص في السابق الى منهاجية الاقتصاد الصناعي والزراعي والتجاري والعقاري النشط والمنتج كي تتحول البورصة «غير المنتجة» أو للمرة الاولى من اول اهتمامات الناس الى آخرها.. يتبع في الغد.

آخر محطة:
 كشفت احدى الصحف الزميلة ان حذاء النائب الذي هدد به القيادة الفلسطينية التي لامها على تحالفها مع «الغرب» هو من نوع «هش بوبي» الانجليزي الفاخر ـ رغم توافر الاحذية المصنوعة في الدول الاسلامية بالاسواق ـ وقد شوهد النائب الفاضل وهو يغادر الحفل في سيارته الاميركية، وهيك نضال وإلا فلا!

سامي النصف

فريق كرة قدم سياسي

اللعبة السياسية هي كاللعبة الرياضية، حيث يعلم على سبيل المثال رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم المتواجد مع فريقه في مسقط انه لن يستطيع الفوز بالمباريات والتحديات الموجودة امامه فيما لو اعتمد المجاملة والمحاباة والمحاصصة في تشكيله للفريق وأبعد الاكفاء والمقتدرين.

فلكي تفوز بالمباريات ضد الفريق الآخر عليك ان تختار اكفأ اللاعبين واشدهم احترافا، ثم تحتاج لهم بعد ذلك مدربين واصحاب خطط استراتيجية وتكتيكية يعرفون كيف يتقدمون ومتى يتراجعون، وكيف يسجلون الاهداف في مرمى الخصم لا مرمى فريقهم وما اكثر من اعتادوا تسجيل الاهداف في مرمى فريقهم ضمن بعض فرقنا الحكومية السابقة.

كما ستنعدم فائدة الاستعانة بأحسن اللاعبين اذا لم يتجانسوا ويلعبوا كفريق واحد بدلا من اللعب الاناني الفردي، او حتى قيام نصف الفريق بعرقلة نصفه الآخر في الملعب وامام المشاهدين، وقد حدث احيانا ان تآمر بعض اللاعبين مع الفريق الخصم ضد زملائهم في الفريق عبر تسريب الخطط والمناورات والتكتيكات طمعا في المكاسب الذاتية.

وضمن التكتيك الصحيح ان يحاول فريق كرة القدم السياسي ان يحوز رضا الجمهور ودعمه الا ان ذلك الهدف السامي يجب الا يتم على حساب حسن اداء اللاعبين او جودة اللعب، فالجمهور قد تعجبه احيانا بعض الألعاب الخارجة والعنيفة والغريبة التي قد تخسر الفريق المباراة وتتسبب بطرد بعض اللاعبين وعندها ينقلب عادة الجمهور على فريقه ولا يقبل حينها مقولة اننا لم نقم بتلك الحركات الا رغبة في ارضائك.

ولا شك في ان مستلزمات واستعدادات فريق ينوي الدخول في مباريات ضد فرق محلية صغيرة كما حدث لفريقنا خلال الـ 45 سنة الماضية، ستختلف بشكل كامل وجذري عما سيقوم به نفس الفريق فيما لو اخبر بأنه سيواجه هذه المرة تحديات بحجم متطلب الفوز على فرق البرازيل والمانيا والارجنتين وايطاليا، اللعب هو اللعب والملعب هو الملعب الا ان الفارق يكمن في حجم ونوع تحدي الماضي مقارنة بتحدي المستقبل.

ان الجمهور وممثليه من الاخوة اعضاء مجلس الامة قد شعروا هذه المرة بحجم التحديات المستقبلية واتفقوا في الاغلب على انهم غير راغبين في التدخل بتشكيل الفريق حتى لا يلاموا على اخفاقه او حتى على تداعيات ما قد يحدث مستقبلا، كما اعلنوا مشكورين انهم يودون الغاء المحاصصة التي تسببت في اشراك لاعبين دون المستوى تسببوا في انزال الهزائم في الماضي لذا لا داعي للعجلة هذه المرة فالمهم حسن التشكيل وجودة اللعب وقبلهما الفوز والاداء المميز للفريق فهذا ما سيرضي الجمهور وممثليه او يغضبهم.

سامي النصف

على اعتبار عام جديد

مع بداية كل عام تمتلئ الصحف بأخبار من يقومون بالتنبؤ بأحداث العام الجديد والحقيقة ان الفارق بين النجاح والفشل في الحياة يكمن في كثير من الاحيان في القدرة على التوقع «العلمي» الدقيق بما سيأتي وذلك عبر القراءة والربط المنطقي بين احداث الامس والحاضر والغد فثوب المستقبل تحاك خيوطه في نهاية المطاف من نسيج الحاضر ولا يأتي منفصلا عنه.

ندرة القراءة والاطلاع وقلة المشورة والاستماع كانتا سبب تباينا مع بعض الاحبة المنضوين للتيارات السياسية في اعتقادهم الجازم بالامس بأن تغيير الدوائر الانتخابية لم يقض على امراض اللعبة السياسية في الكويت من شراء اصوات وتفشي القبلية والعائلية والطائفية واعتقادنا بغير ذلك وان تطبيق القانون وتفعيله هما الحل وان من يدعون للتغيير فسيكونون اكبر المتضررين منه، وحدث ما حدث.

وابان الانبهار الشديد لبعض اقتصاديينا بما يجري في بعض دول الاقليم من مشاريع عمرانية ضخمة وتكرار طلبهم بتقليده تباينت معهم وكتبت في 12/7/2008 مقالا بعنوان «الانهيار الكبير» حذرت فيه من ظاهرة تحويل البترودولار الى مشاريع عمرانية لن تجد من يشتريها واستغربت ان دولنا قليلة السكان اصبحت تحوي «اكبر» الاسواق و«اطول» العمارات و«اضخم» المدن الترفيهية والفنادق في وقت يفترض ان تكون تلك المنشآت في البلدان شديدة الثراء كأوروبا وأميركا واليابان او وافرة السكان كالهند والصين واندونيسيا كما أتى نصا في المقال.

واستطردت بالقول اننا قد نشكر «يوما ما» بيروقراطيتنا العتيدة وازمات مجلس الامة المتكررة كونها حدّت دون قصد من قيام الكويت بمثل تلك المشاريع الضخمة عالية المخاطر ومن ثم منعنا خسارة ثلاثية كانت ستتم عبر دفع المليارات لانشاء تلك المشاريع ثم دفع مليارات لاحقة لصيانتها وتشغيلها ومليارات ثالثة «لانهيارها» انتهى، بالفعل هل لنا ان نتصور وضعنا الحالي فيما لو كنا قد قمنا بشكل مستعجل بتلك المشاريع الاسمنتية الضخمة التي أوصى بها وبقوة مختصونا وحدث الانهيار المالي.

وكنا قبل ذلك قد تباينا كذلك مع خبرائنا النفطيين ممن اشاعوا وصدقوا مقولتهم بان الطلب الصيني والهندي المتزايد على النفط سيمنع هبوط سعره عن 100 دولار، كما رفضنا الفكرة المجنونة التي روج لها بعضهم بانشاء انابيب نفطية تنقل نفطنا الى بحر العرب تحسبا لاغلاق مضائق هرمز التي قلنا في حينها انها لن تغلق كونها تمتد لاكثر من 55كم وليست كقناة السويس التي لا يزيد عرضها على مئات الامتار حتى لو اغلقت فلن يتعدى الامر الا سويعات او اياما قليلة لفتحها.

تبعا لما سبق نقول ودون حاجة لكثير من الشطارة والذكاء والاطلاع ان عام 2009 سيكون اسوأ بكثير من عام 2008 اقتصاديا وامنيا وسياسيا وضمن محيطنا المحلي والاقليمي والعالمي، فالازمة الاقتصادية التي اصابت الربع الاخير من العام الماضي ستمتد تداعياتها لجل العام الحالي حيث ستفلس الشركات وتتفشى البطالة ويهتز الأمن وتتكرر الازمات السياسية، والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
 أمنية قلبية بالشفاء العاجل للزميل خليفة علي الخليفة رئيس تحرير «الوطن» وما تشوف شر يا بوعلي.

سامي النصف

النابغة سعاد

ذكّرنا الزميل المبدع ذعار الرشيدي مشكورا بمقالنا في 1/1/2008 والذي تطرقنا فيه لكيفية منع قتل 400 بريء منذ ذلك اليوم حتى 1/1/2009 عبر حوادثنا المرورية غير المبررة، وقد وضعنا ضمن المقال جملة مقترحات للتخفيف من الحوادث وتقليل عدد القتلى والجرحى والمعاقين، وبالطبع لم يؤخذ بشيء منها وانتهى العام بمقتل ما يقارب 400 قتيل و… على من تقرأ مزاميرك يا داود؟!

لو ركبت مع سائقين الأول لم تشعر بقيادته والثاني كاد في بدء الطريق ان يصطدم بسيارة وبعدها بقليل تجاوز في آخر لحظة اجتياح أحد المارة ثم اقترب بعد ذلك كثيرا من الاصطدام بالرصيف، السائقان لم يقع لهما حادث الا ان الدلالات العلمية تظهر ان السائق الثاني سيتعرض لحادث مريع لتكرار قربه في أكثر من موضع من حدوثه ولن تسلم الجرة في كل مرة، تعلمنا ضمن علوم سلامة الطيران التخصصية ان كثرة الوقائع تعني قرب وقوع الكوارث وقد حذرنا قبل أشهر قليلة الفاضل وزير المواصلات من قضايا سلامة الطيران ولكن… على من تقرأ مزاميرك يا داود؟!

الوزارة القادمة هي وزارة السنوات الثلاث العجاف بكل تحدياتها الاقتصادية والسياسية والأمنية وانخفاض سعر النفط وانحسار الوفرة المالية التي تغطي عادة العيوب والأخطاء فهل سننتقي الرجال الأكفاء المناسبين لحقبة الغد أم نلتزم برجال بمواصفات الأمس ونرجع لمقولة… على من تقرأ مزاميرك يا داود؟!

أعلنت مكتبة البابطين المركزية عن اقامة دورات «مجانية» لمحو أمية الكمبيوتر للمتقدمين بالسن بعد أن أنهت 31 دورة حتى الآن انتسب لها مئات المتدربين والمتدربات، المرجو من الأخت سعاد العتيقي أن يتم في البدء تعليم الكبار كيفية استخدام الانترنت للتصفح والحصول على المعلومات وفتح البريد الالكتروني ثم الحاقها بعد ذلك بالعمليات التخصصية وليس العكس فشيابنا بالهم قصير وإذا ملوا هربوا، لو أعطينا العزيز عبدالعزيز البابطين أرض مكتبته ووقفه مجانا لما أوفيناه جزءا صغيرا من حقه تجاه بلده خاصة انه لا مصلحة أو فائدة شخصية له من هذين المشروعين إلا اسم وسمعة الكويت في الداخل والخارج وعلى من نقرأ مزامــيرنا يا بوسعود؟!

اسمه زياد بن معاوية بن ضباب بن يربوع وسمي النابغة الذبياني كونه قد كتب وقرض الشعر كبيرا وكان عزيزا في قومه وافر الثراء حتى انه كان يأكل ويشرب في آنية من الفضة والذهب وكانت تضرب له قبة حمراء أينما نزل، اسمها سعاد خالد عبداللطيف الحمد بدأت الكتابة قبل مدة قصيرة لدى الزميلة «الصوت» وهي جدة وكتاباتها تستحق ان تسطر بماء الذهب ولكن على من تقرئين مزاميرك يا النابغة سعاد؟!

وأخيرا مزمار لأبنائنا الأعزاء أعضاء اتحاد طلبة جامعة الكويت ممن كانت أعمارهم لا تزيد على أشهر قليلة عام 90، النظام المصري الذي تزمعون التظاهر أمام سفارته هو أكثر من وقف مع الكويت في عام الغزو، ورجح قرار تحريرها في مؤتمر القمة العربية في أغسطس 90 والرئيس المبارك مبارك هو من أرسل جنوده ليكونوا في مقدمة طلائع التحرير في حين كان أهل غزة والحركات المؤدلجة يتظاهرون بجنون مطالبين بإبادة شعبنا بالأسلحة الكيماوية، وقليلا من الخجل ايها الأبناء الأعزاء والكثير من العرفان للشقيقة العزيزة مصر وقيادتها وشكرا لقيادات الداخلية.

آخر محطة:

(1) العزاء الحار لآل دشتي الكرام وللزميل الإعلامي عبدالحميد عباس دشتي على مصابهم، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

(2) العزاء الحار لآل الاسطى الكرام وللزميل الإعلامي قيس الاسطى على مصابهم، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

سامي النصف

حكمة الأمة بين النباطة والجزمة

يعلم كل مراقب محايد، وجل الكويتيين سواء ممن يعتبرون الكويت وطنهم الاول والنهائي، أو ممن يعتبرونه وطنهم الثاني ـ بعد المائة ـ وممن لا يمانعون في التضحية بمصالحه وحتى ببقائه في سبيل خدمة ولاءاتهم البديلة أن اخوتنا وأحبتنا في فلسطين يختلفون على كل شيء الا انهم يتفقون في الاغلب حتى اليوم على عشق صدام، والايمان بصحة ما حدث لنا في 2/8/90، وتخطئة ما عملته الولايات المتحدة والقوى الدولية في 26/2/91، ومع ذلك فأواصر الاخوة والانسانية تفرض علينا تقديم النصح الصادق لهم هناك، ولحلفائهم الفاعلين هنا في الكويت ومن ذلك فعلى الجميع معرفة الحقائق التالية:

ان الرئيس محمود عباس هو ضيف رسمي على سمو أمير البلاد حفظه الله كما أنه ضيف الشعب الكويتي كافة ومن ثم على الجميع ابداء واجبي الضيافة والاحترام المستحقين له. ان الاشكال الحالي تسببت فيه أوامر قيادة حماس التي ارسلتها من مقرها الآمن في احدى العواصم العربية وتعرضت على اثره غزة ـ لا الضفة الغربية التي يحكمها رجال السلطة ـ لما قالت اسرائيل انها ستقوم به حال تعرضها لصواريخ حماس، وهي دولة ان قالت فعلت كما علمتنا تجارب الماضي. إذا قبلنا المستوى البعثي المنحط من صحافي صدامي اجير لا يمثل إلا نفسه، فإن أحدا لا يقبل التشبه بمثل ذلك التصرف غير المؤدب وغير المسؤول ممن يمثل الشعب الكويتي قاطبة كما أتى في المادة 108 من الدستور (عضو المجلس يمثل الامة بأسرها ويرعى المصلحة العامة) وحتى لا يصبح ممثل الشعب الكويتي الى ممثل على الشعب. نرجو ألا تتحول «المهرجانات العامة» الى «تهريجات» عامة عبر استخدام «النباطة» تارة و«القندرة» تارة اخرى واظهار قوة الحناجر واللوز من قبل من يحرضون الشباب على الثورة والخروج ثم يعودون بعد ذلك آمنين الى بيوتهم واحضان زوجاتهم. ان حدود وابواب الكويت ستبقى دائما وأبدا مفتوحة على مصراعيها «للمحرضين» ممن يودون محاربة الآخرين في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرهم، وهو أمر افضل من خطابات ساخنة تلقى في الساحات ثم تلغى من الاذهان بعد سويعات. في عصر المفاهيم المقلوبة وتحويل الابيض اسود والاسود ابيض لا نعلم كيف يتم تحميل دول التعقل والحكمة والسلام في المنطقة مسؤولية ما يجري وتتم تبرئة من حرض وأجج وفجر ويتم نسيان ان الدال على الشر كفاعله سواء بسواء؟!  ولا نعلم بنفس القدر لماذا تلقي بعض الحناجر الثائرة باللائمة عل‍ى معبر فلسطين الضيق مع مصر وتنسى في الوقت ذاته معابر أخرى تمتد لعشرات ومئات الكيلومترات مع فلسطين لا تطلق منها رصاصة أو تعبر منها خبزة؟ الحرب الحالية ستساهم في اكتساح الجناح اليميني المتشدد الانتخابات الاسرائيلية القريبة… كالعادة. ع‍لى «الداخلية الكويتية» ان تفرض هيبة الدولة في مثل تلك المهرجانات عبر منع رفع أعلام حماس وغيرها، كما تم في السابق منع رفع اعلام حزب الله حتى لا تتهم بازدواجية المعايير. لقد حان الاوان لنتخلص من نهج الغوغاء والتوقف عن تحكيم العواطف في قراراتنا القومية والاستراتيجية بعد أن جربنا هذا الاسلوب مئات المرات وانتهينا في كل مرة بهزائم مدمرة تسمى مجازا في القاموس العربي بـ «الانتصارات».

أخيرا نقول ألف أهلا وسهلا بضيف الكويت الكبير وصديقها ومحب السلام وصاحب الحكمة في التصرف والكلام الرئيس محمود عباس ولا عزاء على الاطلاق للاغبياء والمخدوعين والمغرر بهم، ممن إذا قبلنا خداع الآخرين لهم مرة فكيف نقبل بأن يلدغوا من نفس الجحر.. ألف مرة؟!

سامي النصف

المفاوض الكويتي في «الداو» وغيرها

قرأت ذات مرة ان الكويت تخسر سنويا ما يزيد على 600 مليون دولار بسبب ضعف قدرات المفاوض الكويتي مقارنة بالمفاوض الآخر وهو أمر سيبقى ما بقيت التعيينات الحكومية ـ وحتى الخاصة ـ في المراكز القيادية التي لا تعتمد على الذكاء والكفاءة والقدرة بل على التوجهات السياسية والانتماءات الاجتماعية.

واشكالات المفاوض الكويتي تنبع من شقين، الأول ضعف قدراته الذاتية وقلة احترافه وندرة القراءة والاطلاع لديه وفقدانه لعنصر التحضير الجيد الذي يحتاج لسهر الليالي في الاعداد لمثل تلك اللقاءات، الشق الثاني سببه الغرور الزائف لدى المفاوض الكويتي الذي يجعله لا يستعين بالمستشارين الاجانب شديدي الاختصاص والاحتراف وحتى ان فرضت عليه الاستعانة بهم يقوم عادة بتجاهل توصياتهم او العمل على النقيض منها كي يظهر نفسه بأنه افضل منهم.

ومن الأمور المهمة التي ساعدت على ديمومة ظاهرة ضعف المفاوض الكويتي ان احدا لا يحاسبه قط متى ما اخفق في عملية التفاوض التي قام بها او تسبب ضعفه في جعلنا ندفع اضعافا مضاعفة مما يدفعه المشترون او الشركاء الآخرون خاصة في غياب فهم لحقيقة الطرف المقابل شديد الاحتراف والقدرة كونه يستخدم اذكى الناس ويقوم بعمليات بيع وشراكة طوال الوقت بينما لا يمارس الطرف الكويتي عملية التفاوض الا مرة كل عقد من الزمن.

وأذكر في هذا السياق ما قاله لنا مستشار اجنبي مختص بتخطيط الاساطيل وشراء الطائرات تستعين به عادة شركات الطيران الكبرى عند تفاوضها مع الشركات المصنعة للطائرات كاعتراف منها بمحدودية قدرتها على الحصول على افضل الاسعار والمزايا من ان شراء طائرة واحدة يحتاج الى ما يقارب العام من التفاوض وتبادل المعلومات والتحقق منها، بالمقابل قام مسؤول مواصلات سابق بقيادة عملية تفاوض مع الشركات المصنعة للطائرات بعد عملية اعداد وتحضير لم تتجاوز نصف الساعة كاد الفنيون الحاضرون معه ان يذوبوا على كراسيهم خجلا مما يشاهدون ويسمعون وانتهى الأمر بفضيحة كبرى وخسارة المال العام لـ 2.2 مليار دولار وتدمير مؤسسة عريقة عامة ومعها سمعة الكويت التي لم تعد تحترم في المنتديات الدولية.

وأحد الأسباب الرئيسية لنجاح الكويت في الستينيات ان وزراء ونواب تلك الحقبة كانوا يعترفون بمحدودية قدرتهم امام المتغيرات السريعة التي يمر بها البلد، ما جعلهم يستمعون لنصائح المستشارين الأجانب الذين تم احضارهم لمساعدتهم وهو ما خلق النهضة الكويتية الباهرة آنذاك في كل المجالات، وكان نواب الأمة يستمعون للخبراء والمستشارين الدستوريين المتواجدين في الجلسات وتحت قبة البرلمان ولم تبدأ النكبة الا عندما استغنينا في امورنا عن المختص وسلمناها للجاهل.

وقد ضمني ذات مرة مجلس كان متواجدا فيه مستشار يعمل في احدى الشركات الاستشارية العالمية الكبرى وقد انتقدت توصيتهم فيما يخص احد المشاريع فقال ان جميع دول العالم تستعين بنا وتستمع لاستشاراتنا وتوصياتنا وإلا لماذا تم احضارنا ودفع المبالغ الباهظة لنا ماعدا دولتكم، حيث يتم تقييد أيدينا ورفض جميع توصياتنا ماعدا مسارا واحدا يطلب منا التوصية به وهو ما نقوم به بعد ان نضيف جملة «عدم مسؤوليتنا عن تلك التوصية».

آخر محطة:
بعد مقترحه الرائع الأخير، نقترح قيام عملية تبادل أسرى مع العراق الشقيق نسلمهم خلاله المجاهد الأكبر مبارك البذالي ونتسلم منهم ابنه القاصر المغرر به.