سامي النصف

أرواح وأرواح

الحفاظ على الأرواح في الأرض والجو هو أحد أهم واجبات الدولة وقد امتلأت الصحف بأخبار أخطاء الجراحين العاملين في احد المستشفيات الحكومية وقد تسابق البعض في طلب معاقبة المهملين وهو أمر جيد الا انه حل فردي لن يؤدي الغرض منه، حيث سنكتشف بعد حين وجود مهملين آخرين في مستشفيات اخرى او حتى في المستشفى نفسه كوننا لم نعالج الإشكال بشكل مؤسسي.

تتسبب أخطاء الأطباء ومضاعفات ما بعد العمليات في موت ما يقارب المائة ألف في الولايات المتحدة وقد اكتشف احد اطباء جامعة هارفرد مؤخرا نظاما قلل من عدد الأخطاء الطبية بمقدار 38% أي ما يقارب النصف وهو حل مستوحى مما يحدث في كبائن قيادة الطائرات أي لزومية استخدام لائحة «Check List» قبل وبعد كل عملية يتم التأكد خلالها من ان كل شيء يتم حسب الأنظمة والقواعد الطبية وبشفافية تامة، مقترح نرجو ان نراه مطبقا لدينا.

ومقترح آخر كنت قد تقدمت به إبان ترؤسي للجان التدريب والسلامة في الاتحاد العربي للنقل الجوي للجنة الطبية في الاتحاد وارجو ان تأخذ به الكويت وهو ان يطبق على الطبيب ما يطبق على الطيار اي ان يمتحن تحريريا وشفهيا وصحيا كل عدة اشهر حتى يتم التأكد من اهليته المهنية والصحية واذكر ان احد الأطباء اعترض آنذاك بحجة ان الطيار غير المؤهل يمكن ان يقتل 400 راكب وكانت اجابتي ان خطأ الطيار يفقده حياته ويعلم به الجميع، اما الطبيب المهمل وغير المؤهل فيمكن ان يقتل بتشخيصه القاصر او جراحته الخاطئة اكثر من ذلك العدد بكثير دون ان يشعر به احد.

فقدنا خلال السنوات الماضية مئات الشباب في حوادث انقلاب السيارات بسبب انفجار اطارات السيارات في اجوائنا الحارة ولجهلهم بكيفية التعامل الصحيح مع الانفجار، في بريطانيا والولايات المتحدة يضغط خبراء السلامة وأولياء امور ضحايا الاطارات لتحديد عمر الاطار الجديد بـ 6 سنوات فقط كونه لا يعد آمنا بعد تلك المدة حتى لو بقي مخزّنا دون استعمال، فهل لنا بحملة مماثلة في الكويت تحفظ لنا الأرواح قبل قدوم اشهر الصيف؟

أتى على موقع «نيوك بلز دوت كوم» ان الكويت اشترت 5.4 ملايين جرعة مضادة للإشعاع من الشركة صاحبة الموقع والسؤال المهم هو كيفية الاستفادة من ذلك الدواء؟ نرجو الا تكون الاجابة هي اننا سننتظر حتى ينفجر المفاعل النووي في بوشهر ثم نطلب بعد ذلك من 3.5 ملايين مواطن ومقيم أن يصطفوا امام الصيدليات لأخذ تلك الحبوب، وزعوها او بيعوها الآن لا عند وقوع الكوارث حفاظا على الأرواح.

تفاؤلنا شديد بوزير المواصلات م.نبيل بن سلامة الذي ارجو ان يقرأ بتمعن شديد ما اتى في تقرير ديوان المحاسبة، فلم تعد الكويت تملك الاموال اللازمة للتغطية على العبث الشديد القائم في «الكويتية» كما ان ارواح الكويتيين والمسافرين ليست لعبة بيد من سيكونون اول المتنصلين مما تفعله ايديهم المخربة هذه الايام والموضوع ذو شجون.

آخر محطة:
كتبنا عبر عدة مقالات في الماضي عن الفشل الذريع المتوقع لمشروع خصخصة «الكويتية» بالطريقة الخاطئة القائمة وهو ما تم، لذا نرجو عدم التفريط في المال العام عبر توزيع المكافآت والمنح يمينا ويسارا بحجة تلك الخصخصة المفترى عليها، وللعلم بيعت قبل ايام شركة «تي ام اي» اللبنانية العريقة للشحن الجوي بدولار واحد فقط لا غير بسبب خسائرها التشغيلية التي لم تتجاوز 15 مليونا، فبكم ستباع «الكويتية» بعد ان ضاعفت ادارتها خسائرها؟!

سامي النصف

شيء من السياسة والاقتصاد

أغمض عينيك للحظة وتصور ما كان سيحدث لو أن صدام مازال على سدة الحكم في بغداد وهو من قام بالدخول على الكويت مرة ثانية وعاث في البلاد والعباد خرابا ودمارا، ثم تناقلت وكالات الأنباء صور مبانينا المهدمة وأطفالنا القتلى ونسائنا الأرامل وأمهاتنا الثكالى أي إعادة لما حدث عام 90 فهل سيرق قلب الآخرين هذه المرة على مصابنا ودمارنا أم سنجد هناك من سيلوم ـ كالعادة ـ الضحية ويترك الجلاد؟!

وأغمض عينيك للحظة وتصور ما كان سيحدث لو أن منظمة حماس كانت من يتولى السلطة بالضفة الغربية الهادئة الهانئة وأن أبو مازن ومنظومة فتح من كان يحكم غزة وهم بالتالي من اطلق الصواريخ دون حساب لرد الفعل الإسرائيلي وما نتج عن ذلك من تدمير القطاع للمرة الثالثة خلال 3 سنوات (حرب خطف الجندي، حرب طرد الأشقاء والحرب الحالية) وما كانت ستقوله قيادات بعض الدول والمنظمات والأقلام المؤدلجة في محيطنا العربي والإسلامي من أن في ذلك إلقاء للنفس بالتهلكة المحرمة شرعا، وان قيادة السلطة لم تعد مؤتمنة على أرواح الشعب الفلسطيني أو على إدارة القطاع وأن أموال البناء يجب أن تذهب لمن عمّر وحقن دماء المسلمين (أي حماس الحاكمة في الضفة) لا من دمر وتسبب في ازهاق الأرواح (أي بالطبع سلطة أبو مازن الحاكمة في غزة).

وأغمض عينيك وعُد بذاكرتك لعام 90 وتذكر هل رأيت من بعض ساستنا ونوابنا وكتابنا ولو جزءا قليلا من تحركهم الفاعل الحالي ونشاطهم السياسي إبان محنتنا الكبرى واحتلال ارضنا أو حتى إبان تهديد صدام المتواصل لنا أعوام 91 – 2003؟! ثم استمر في قدح ذاكرتك وتذكر هل شاهدت بعض إعلاميينا المؤدلجين والمفوهين من أصحاب البرامج التلفزيونية والندوات مدفوعة الثمن في الأسواق العامة وهم يتصدون ولو لمرة واحدة لفيلق الإعلام الصدامي؟!

ثم افتح عينيك وعقلك وتساءل هل كان اختفاؤهم المشين والمريب عن الدفاع عما يفترض أن يكون وطنهم هو لعدم إيمانهم بالوطن والوطنية، خاصة أن بعضهم لم يخجل ضمن حروب «الوكالة» التي شنها علينا من القول ان ولاءنا لا يتعدى الأرض الممتدة من العبدلي حتى السالمي والنويصيب ناسيا متناسيا أن الولاء لغير حدود الوطن يعتبر في نظر الشعوب والشرائع «خيانة عظمى»، أم أن السبب الحقيقي هو أن الدفاع ضد فيلق الإعلام الصدامي هو جهد مجاني بينما تدر عليهم برامجهم الفضائية والاسواقية المال الوفير الذي يدخرونه لصرفه على حفلات الزواج الأسطورية للأبناء كحال ذلك القيادي الفلسطيني القابع في دمشق؟!

وضمن فوائد فتح الأعين والعقول معرفة أن احدى نتائج الأزمة الحالية هي بدء آلاف الشركات إعادة النظر في مواقع تمركزها في منطقة الشرق الأوسط وإذا كنا أذكياء (ولسنا كذلك) فسنستغل هذه الفرصة التاريخية كي نعرض عليهم كويت المركز المالي الآمنة سياسيا واقتصاديا كبديل مناسب لما هجروه بدلا من ذهابهم للدول الأجنبية، إن الحل بأيدينا متى ما أوقفنا عمليات الشحن السياسي (الماسخة) واهتممنا بقضايا الاقتصاد المفيدة ضمن ثقافة مرحلة ما بعد القمة الاقتصادية في الكويت.

وضعنا في الكويت أشبه بأب يبكي بحسرة وألم على أبنائه الذين يتضورون من العطش والجوع وفي يده اليمنى أكياس خبز وطعام لا يستطيع حملها من ثقلها وفي يده اليسرى أكياس أخرى مليئة بقناني المياه العذبة الباردة، الحكومة لديها الأموال الكفيلة بإعادة الحياة للاقتصاد الكويتي، إلا أنها تمتنع عن ذلك خوفا من غضبة هذا النائب أو ذاك الذي لن يحاسبه التاريخ فيما لو انهار الاقتصاد وأفلست الشركات وأصدرنا شهادة وفاة لحلم كويت المركز المالي بل سيحاسبها.

آخر محطة:
هل أكل الطير لسان الفريق الذي تم تشكيله للتعامل مع الأزمة التي تحولت الى كارثة وفي طريقها للتحول لانهيار كامل للاقتصاد الكويتي؟! لقد قلنا منذ البدء اننا لا نملك الخبرات المحلية القادرة على التعامل مع الأزمة الحالية وبودنا أن نحضر هذه المرة خبراء من كل الجنسيات للتعامل معها وعلى رأسهم كبير الاقتصاديين إبراهيم دبدوب.

سامي النصف

الأكثر تشدداً الأكثر ضرراً بالقضية

تذكر الكاتبة الفلسطينية هالة الغوري في كتابها الوثائقي «فلسطين فيما آلت إليه الأمور» أن المفتي أمين الحسيني التحق عام 1913 بالمخابرات البريطانية وخدم معها بالسودان وأنه استدعي مع اليوم الأول لوعد بلفور ليتقلد منصب الإفتاء رغم عدم استحقاقه لكونه أفنديا وليس معمما ولا يملك الأقدمية، وأن الحاكم الصهيوني لفلسطين هيربرت صموئيل قال له بعد أن أوصله لذلك المركز «عد إلى دارك وأطلق لحيتك» وتضيف: أن الحاكم كان حريصا على إنماء ثروة الحاج الشخصية عن طريق الإيعاز لصديقه الثري المصري جورج انطونيوس باستئجار دار يملكها المفتي بمبالغ خيالية كانت حديث الناس لسنوات، حسب قولها، كما جعله مسيطرا على أموال الأوقاف الإسلامية وميزانية المجلس الإسلامي الأعلى الوافرة.

والغريب أن الدور الذي طلب الحاكم من المفتي لعبه ليس التهدئة وإظهار صداقته لبريطانيا العظمى بل العكس من ذلك تماما، أي دور الثائر الرافض للمصالحات والمحرض للشباب الغض في المساجد والأزقة على حمل السلاح، وقد أتى ضمن كتاب الباحث الفلسطيني تيسير كاملة «وثائق الخارجية البريطانية 1917 ـ 1951» وثيقة 66/أ: أن اللجنة الملكية اطلعت على قضايا بيع أراض عربية كبرى للوكالة اليهودية كان «السمسار» فيها هو المفتي المتشدد الذي رفض توصيات لجنة «بيل» التي تعطي 90% من الأراضي للفلسطينيين وتحالف مع الطاغيتين الخاسرين هتلر وموسليني إبان كراهية العالم أجمع لهما، وفيما بعد رفض قرار التقسيم عام 1948 وساهم في ارعاب الفلاحين وتركهم لأرضهم.

وفي الخمسينيات والستينيات تسلم القضية بعد المفتي الذي وشى بثورة الشواف لعبدالكريم قاسم لقاء 1.62 مليون ليرة لبنانية، كما يروي السفير العراقي نجيب الصائغ في مذكراته ـ الأنظمة الثورية المتشددة في القاهرة وبغداد ودمشق ممن فوتوا على العرب بغوغائيتهم فرصة الانضمام لحلف بغداد العسكري ومشروع ايزنهاور الاقتصادي كي يأمنوا في أوطانهم وتنتعش اقتصادياتهم كحال دول غرب أوروبا وشرق آسيا وقد تسبب تشدد تلك الثوريات في حروب أسفرت عن مكاسب ومنافع لإسرائيل احتلت خلالها ما تبقى من فلسطين والقدس الشرقية وسيناء والجولان وفتحت لها مضايق تيران.

وأتت بعد هزيمة الأنظمة في عام 67 مرحلة ثورية المنظمات المتشددة التي اختصت بعمليات الارهاب فاختطفت تحت راياتها الطائرات والبواخر وفجرت المطارات والسفارات ثم احرقت عمان وبيروت تباعا مما تسبب في خسارة القضية الفلسطينية لتعاطف شعوب العالم ومن ضمنها الشعوب العربية ونتج عن ذلك تراجعها في وقت حلت فيه القضايا المماثلة في الجزائر وروديسيا الشمالية وجنوب أفريقيا..إلخ.

وكان الأكثر تشددا في تلك الحقبة هو المدعو «أبونضال» الذي كتب عنه باتريك سيل كتابه الشهير «بندقية للايجار» كشف فيه ان «أبونضال» كان عميلا للموساد، وانه اختص بقتل أعداء إسرائيل من المعتدلين، لا المتشددين كونهم الأكثر ضررا عليها، وفي عدد مجلة الوسط اللندنية الصادر في 2/9/2001 خبران على الغلاف الأول اعترافات جمال أبوزيد قاتل عصام السرطاوي قال ضمنها إن أوامر أبونضال له في 6/4/83 في بغداد هي أن يقتل السرطاوي ولا يمس شمعون بيريز المجتمع به، والغريب ان الخبر الآخر على الغلاف فيه صورة بن لادن وما نصه «توقعات السي آي إيه في تقرير سري، بن لادن سيضرب أميركا».

وتلا تلك الحقبة في الثمانينيات تشدد القيادة الثورية في إيران وإيمانها بمبدأ تصدير الثورة ورفضها وقف إطلاق النار والامتثال لقرارات الأمم المتحدة، مما دفع العالم للاصطفاف خلف الطاغية المعتدي صدام حسين وضياع مئات المليارات من الدولارات والملايين من القتلى والجرحى، وفي التسعينيات تسبب تشدد صدام في فشل المفاوضات واحتلاله للكويت وضياع الأرواح والأموال، ثم بدأت مرحلة المتشدد بن لادن التي تسببت في الدمار والحروب وكراهية العالم لنا ثم لحقه قاطع الرقاب الزرقاوي الذي قسم العراق واستباح الدماء المسلمة البريئة.

آخر محطة:
(1) الخلاصة: ليس الأكثر تشددا في الموقف والأعلى نبرة في الصوت هو الأكثر خدمة للقضية الفلسطينية بل العكس، فلو سلمت القضية منذ عام 1917 للمعتدلين لكنا ننعم بالسلام منذ عقود ولكانت منطقتنا الأكثر رفاها وثراء في العالم.

(2) أنصح الصديق «المتشدد» محمد العوضي بأن يتوخى الحرص الشديد فيما سيكتبه عنا.

سامي النصف

أمة بحاجة لزراعة أعضاء جديدة

الأمة التي نعنيها هي أمتنا العربية الواحدة، ذات الرسالة الخالدة، والزراعة التي نقصدها هي زراعة الأعضاء لا زراعة الأمن الغذائي حيث ان الأولى أهم كثيرا من الثانية فقد ابتلي جسد الأمة العربية بعلل كثيرة وحان وقت زراعة أعضاء جديدة له لعل وعسى نعيده للحياة ونكتب له شهادة ميلاد جديدة يكون يومها الأول هو 19/1/2009.

أول الأعضاء العربية التي تحتاج الى استبدال سريع هو الذاكرة العربية حيث انها سهلة الخراب والعطب فهزائمنا على سبيل المثال هي نسخ كربونية من بعضها ،فنكسة 67 هي صورة طبق الأصل من هزيمة 56، ودخول اسرائيل لبنان 82 هو نفسه دخولها 78، وضرب الجيش الصدامي 2003 هو نفسه ضربه 91، وغزوة غزة 2009 هي نفسها، في الأهداف والوسائل، غزوة لبنان 2006، لقد وصل ضعف الذاكرة العربية لمستوى خطير هذه المرة فنسيت بعض دولنا ممثلة بوزراء خارجيتها صباح أمس مصالحة قياداتنا في الليلة الماضية وقبل ان يجف حبر ورقها، اننا بحاجة لزرع ذاكرة عربية جديدة نذكر من خلالها الانكسارات حتى لا نكررها والاتفاقيات حتى ننفذها.

ثاني الأعضاء التي تحتاج للاستبدال السريع هو الضمير العربي كي يتوقف البعض منا عن التجارة بدماء الأطفال وبكاء النساء ونواح الأرامل وعويل الثكالى لبناء أمجاده الذاتية وتعظيم ثرواته الشخصية، ضمائر عربية جديدة لا تفسد ولا ترتشي ولا تباع ولا تشترى في أسواق النخاسة المحلية والدولية كي تدعي بطولات وتنسب لنفسها انتصارات أحسن منها ألف مرة الهزائم والنكبات..!

كما أننا بحاجة لزراعة عقول جديدة لا يخدعها الأعداء ولا يسيرها الغوغاء، عقول ليست مخادعة والمخادع لا يخدعها، عقول تميز بين الغث والسمين وتصدق ما ترى من أفعال لا ما تسمع من أقوال، عقول لا تبحث عن حلول لمشاكل الحاضر والمستقبل بالتفرغ التام لدراسة علوم الماضي بل تستخدم العلوم الحديثة والتقنيات المتقدمة لايجاد حلول واقعية مؤلمة بدلا من تسويق أحلام سعيدة تتحول عند كل صباح لكوابيس مرعبة تضر أكثر مما تنفع.

أخيرا نحن بحاجة لزراعة عضلات جديدة لجسد عربي جديد يؤمن، وبحق، بأن حل مشكلات البطالة والفقر والتنمية والأمن الغذائي والمائي والصحة والصناعة والتعليم والتحول للاقتصاد الحقيقي، ولمشروع الوطن العربي الجديد القادر على منافسة شركائه في القرية العالمية الصغيرة، يقوم على القدرة على العمل الشاق الخلاق لمدة 12 – 15 ساعة في اليوم (المعدل العام الحالي هو 12 – 15 دقيقة) ودون ذلك سنبقى في خانة اليك أو المربع الأول أو مكانك سر التي نمارسها منذ نصف قرن.

آخر محطة:
تظهر الاحصاءات ان انتاجية المزارع الهولندي تعادل انتاجية 19 مزارعا عربيا، وان انتاجية العامل الصناعي الكوري تزيد على العامل الصناعي العربي بثلاثة أمثال و… أمجاد يا عرب أمجاد..!

سامي النصف

صباح القمة لقمة صباح

صباح القمة يا قمة القمم، صباح القمة يا قمة أتت متأخرة ستة عقود عن موعدها فلو اننا بدأنا قمتنا الاولى في انشاص بمصر عام 45، بالشأن الاقتصادي، وما يختص بالامر المعيشي لمواطنينا بدلا من السياسي، او لو اننا خصصنا جزءا من مؤتمراتنا المتلاحقة للسياسة والباقي للاقتصاد لما انتهينا إلى ما نراه من نكسات عسكرية ونكبات اقتصادية وتنموية متلاحقة لا تنتهي.

وصباح القمة يا قمة جمعت البعداء وقربت بين الاعداء فغلبت على كلمات قادتها الحكمة والموضوعية فأحيت الأمل في قلوب شعوبنا المتلهفة لسطوع شمس جديدة تطرد ظلام الظلم والتخلف والفقر والبطالة والغوغائية والاحباط والتشاؤم الذي ساد مسار حياتنا الماضية.

وصباح القمة يا قمة حلمنا بها جميعا فعشنا حتى رأيناها متحققة بفضل قيادتنا السياسية الحكيمة والمبادرة وبدعم من الشقيقة الكبرى مصر، فوداعا لعصر التشرذم والتفرق واهلا بعصر التضامن والتفاؤل وأهلا بانجاز الخير لأمة الخير.

وصباح القمة لقمة التعقل والموضوعية والمكارم الملكية والأميرية والقرارات الواقعية القابلة للتنفيذ والتطبيق والتي ستحصد خيراتها الشعوب في اوطاننا الممتدة اراضيها الشاسعة من خليج العقل والحكمة (الثائر سابقا) الى محيط التسامح والمحبة (الهادر سابقا).

صباح القمة لمعارك حان وقت وأدها ونيران حروب قادمة وجب اطفاؤها، فقد شبعت امتنا من ازمات تلد ازمات، وحروب تلد حروبا ومعارك تلد معارك تهلك الزرع وتقتل الضرع في وقت يصرف فيه شركاؤنا واخواننا في القرية العالمية الصغيرة جل اوقاتهم ومواردهم في عمليات التنمية الاقتصادية والحفاظ على الصحة والبيئة وتطوير التعليم لا على المعارك والحروب كحال منطقتنا.

وصباح القمة لتعاريف جديدة لأبطال الامة فهم من يعمرون الارض لا من يدمرها، وهم من يحقنون الدماء لا من يسفكها ومن يوقفون الحروب لا من يشعلها، ومن يعقّلون ويهدئون الشعوب لا من يحرضها ويغرر بها، وهم من تطابق اقوالهم افعالهم لا من تناقضها، وهم الاقل كلاما لا اكثره وهم من يحكمون العقول عند الازمات لا من يغيبها.

اخيرا صباح القمة لقمة يرأسها صباح، أرست وأطرت مفاهيم جديدة راسخة لا تذهب فرص التعاون الاقتصادي فيها بجريرة الاختلاف السياسي ولا توجب الاجماع في تنفيذ المشاريع الحيوية، كما تتيح الفرصة كاملة لإشراك القطاع الخاص، وتحيل الاقوال الى افعال موجبة عبر التبرع المالي والدعم واعمار غزة ولبدء العمل الاقتصادي التنموي العربي.

سامي النصف

أهلا بالقادة

أهلا بالقادة العرب في مؤتمرهم الاقتصادي الأول في الكويت الذي هو بمنزلة وصفة أو روشتة جديدة للأمراض العربية المزمنة والخطيرة التي أثبتت التجربة المعيشة ان الروشتات السياسية لم تشفها من عللها بل زادت أمراضها سوءا حتى قاربت الأمة على الموت أو الفناء.

إن أمتنا العربية أمام مشروع «سايكس ـ بيكو» جديد، أطرافه هذه المرة ليسوا من خارج المنطقة بل يعملون من الداخل وتحت رايات براقة مدغدغة يرومون من خلالها تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم وأن نتحول مع بداية هذا القرن إلى رجل العالم المريض ـ كحال الدولة العثمانية بداية القرن الماضي ـ حتى يحل تقطيع أوصالنا وأوطاننا وتوزيعها كغنائم للطامعين.

ويمكن للقمة الحالية أن تكون البداية الصحيحة لنهضة الأمة وتقاربها وتوحدها على أسس اقتصادية سليمة، لذا فالانقسام المؤسف الحالي هو في حقيقته تباين على الأخذ إما بخيار الموت أو الحياة، التدمير أو التعمير، الحرب أو السلام، البقاء أو العدم، الأمن أو الخوف ولا ثالث بين تلك الخيارات المستحقة.

إن دولنا وشعـــوبنا أيــــها القادة هي الرابح الأكبر فيما لو اتفقتم على تفعيل القمم الاقتصادية وأولاها قمة الكويت ومتابعة قراراتها وتوصياتها، كما أن دولنا وشعوبنا هي الخاسر الأكبر فيما لو ابقينا على خلافاتنا الشديدة القائمة على معطى المزايدة ومن ثم تعريض أمننا القومي للخطر.

وضمن مخطط تدمير الأمة ما نلحظه من هجوم شرس على قياداتنا العاقلة وكأن هناك من يريد تحويل دولنا إلى مجموعة دببة أو قطيع أفيال ضخمة الأجساد لا عقل لها تتقاتل وتتطاحن طوال الوقت مما يهدد بقاءها ويتسبب في فنائها وانقراضها، ومن ذلك ما رأيناه من هجوم لا يليق بالرئيس العاقل محمود عباس وقبله الرئيس الحكيم فؤاد السنيورة على أمور لم يقرروها أو يقوموا بها.

إننا في حاجة ماسة لخارطة طريق عربية جديدة تخلق حالة سلام عامة في منطقة الشرق الأوسط الكبير وتشمل جميع الدول الأخرى الشريكة لنا في الجوار كي نحول عداءنا السياسي المتوارث معها إلى تعاون اقتصادي موجب يقوم على معادلة الربح لنا والربح لهم، ويمكن لقمة الكويت أن تكون البداية الحقيقية لمثل تلك الهجمة الاقتصادية التي ستمنع للأبد الحروب والمآسي وسفك الدماء وترسخ في المقابل أسس السلام كما جرى في أوروبا بعد الحرب الكونية الثانية.

آخر محطة:
انفردت أوروبا بحربين عالميتين، ونخشى أننا إذا لم نحقق السلام سريعا في منطقتنا أن تكون الحرب الثالثة من نصيبنا هذه المرة طال الزمن أو قصر.

سامي النصف

إلا مصر

نحمد الله ان على سدة الرئاسة في مصر قيادة واعية حكيمة ممثلة بالرئيس الطيار محمد حسني مبارك، لا تخدع ولا تقبل الانجرار وراء قضايا الدغدغة والانفعال التي تهدف لتوريط الآخرين وإدخالهم في معارك وحروب تدمر مواردهم وتقتل شعوبهم ثم تقوم بالتشفي فيهم بعد ذلك كما حدث عام 67.

ففي 13 نوفمبر 66 قامت اسرائيل باعتداء مدروس على قرية «السموع» بالضفة الغربية قتلت خلاله 18 شخصا وجرحت 125 آخرين وهدمت 125 منزلا، وقد وصف ذلك الاعتداء من قبل الاعلام الثوري آنذاك بأنه أقوى وأكثر فظاعة من مذبحتي دير ياسين وكفر قاسم، وبدأت الخطوة الاولى في الطريق الطويل الذي انتهى بالنكسة الكبرى التي سميت بحرب الايام الستة.

وقد تلقفت الترويكا الثورية المزايدة الحاكمة آنذاك في دمشق ـ والتي أطاحت بها فيما بعد حركة التصحيح التي قادها الرئيس المحنك حافظ الاسد ـ والممثلة بـ «زعين، ماخوس، جديد»، اخبار ذلك الاعتداء لترفع عقيرتها بالصياح وعبارات التهديد والوعيد، ولتعلن بدء حركة التحرير الشعبية لفلسطين والتحول لـ«هانوي العرب» كما ادعت أن إسرائيل تحشد الألوية العسكرية على حدودها استعدادا لدخول دمشق، وقد ثبت فيما بعد عدم صدق تلك الادعاءات.

وقد تفاعلت القيادة الثورية المصرية آنذاك مع تلك الدعاوى الكاذبة في اغلبها دون تفحيص أو تمحيص فسقطت سريعا في الفخ المنصوب لها، وقد كشفت فيما بعد مذكرات القادة كمال حسن علي ومحمد فوزي وعبدالمحسن مرتجي وعبدالحميد الدغيدي وأنور القاضي وصلاح الحديدي، الكثير من اخطاء ردة الفعل السريعة تلك، وأظهرت الاثمان الباهظة لاستخدام العاطفة بدلا من العقل عند الازمات.

لذا فهل نذكّر من يوجه سهام نقده للرئيس حسني مبارك بدلا من توجيهها لمن سبب الإشكال بأن مصر وقيادتها قد حاربت اسرائيل 5 مرات (48، 56، 67، الاستنزاف، 73)، وهل يخبرنا هؤلاء عن عدد الحروب الحقيقية التي خاضوها لأجل القضية الفلسطينية بعيدا عن حروب الاذاعات والحناجر والطناجر والقنادر التي استجدت هذه الايام؟!

وقد عدنا فيما نسمعه ونراه لمعادلة ان من لا يملك المعاهدات مع اسرائيل يطالب بتمزيقها، ومن لايملك السفارات يطالب بتجميدها، ومن لا يملك النفط يطالب بقطعه، ومن لا يملك الحدود يطالب بالحرب والتضحية بآخر طفل وامرأة فلسطينية، وبأصدقاء كهؤلاء من يحتاج حقيقة للأعداء؟!

آخر محطة:
تعقيبا على قرار وقف التطبيع كوسيلة «لوقف» العدوان الاسرائيلي المتكرر على الجيران، يرى بعض قادة حركات السلام في اسرائيل أن العكس هو الصحيح، حيث ان التطبيع ـ برأيهم ـ هو ما سيمنع الصقور في بلدهم من شن الحروب بين فترة وأخرى، حيث ستخلق العلاقات المتبادلة بين الشعوب مصالح مشتركة لا يمكن التفريط فيها، كما ستجعل الرأي العام الاسرائيلي يختار الحكومات المسالمة لا المحاربة.

سامي النصف

قضايا نهاية الأسبوع

بعد الهرج والمرج وانسحاب بعض النواب الافاضل امام بيان الحكومة الجديد، نتساءل بعيدا عن التفكير الجمعي وسياسة القطيع واسعة الانتشار في بلدنا الحبيب، هل كان الشعور بالخــيبة امام تشكيل الــــوزارة الجديدة مبررا؟ قد تكون الاجــــابة المستعجلة هي نعــــم، ولكن..

 

هل لنا ان نتذكر ان وزراء الحكومة الماضية او المستقيلة لم يقدم لهم استجواب كي نستغرب من عودتهم إلى مواقعهم؟ وهل لنا ان نتذكر كذلك حقيقة ان التشكيل الحكومي السابق ـ الحالي قد كسب كل التوصيات التي تقدم بها وخاصة القضايا الشعبوية المدغدغة التي يصعب في العادة كسبها كإسقاط القروض وازالة الديوانيات وزيادة الـ 50 دينارا وضمان الودائع؟ كما نجحوا بالامس في رفع الحصانة عمن اتهموا بالفرعيات.. الخ.

 

وواضح ان من انسحب من الجلسة هو من كان له موقف سلبي مسبق من الحكومة السابقة وهو حق مطلق له، كذلك فقد أبعد او ابتعد وزراء كان للبعض ملاحظات سلبية عليهم وما كان لهم ان يبعدوا بأي طريق آخر حيث كان البعض منهم يملك الاعداد الكافية لاسقاط اي استجواب او طرح ثقة يوجه إليه.

 

ومع ذلك، فأيا كان رأي زيد او عبيد في الحكومة القائمة او شخوص اعضائها، فالواجب ان تلقى الدعم من الجميع كوننا نمر بمرحلة شديدة الخطورة والحساسية تحتاج منا إلى لمّ الشمل لتخفيف اضرارها، فجميعنا ركاب سفينة واحدة ان غرقت تضررنا جميعا.

 

وفي البيوت والدواوين ما ان يعلن شخص غريب رغبته في الزيارة حتى يتنادى اهل الدار لاظهار بيتهم بأجل وأجمل صورة، فيختفي الخلاف وتترحل المشاكل، لذا الا نستطيع كنواب وكتاب وساسة ان نجمد خلافاتنا ونحن نستقبل على ارضنا عشرات القادة العرب وآلاف الاعلاميين العرب والاجانب؟ دعوة حقيقية لتغليب مصلحة الكويت والحفاظ على سمعتها عبر التهدئة المؤقتة التي نأمل ان تتحول إلى دائمة.

 

ان نهتم بالاعلام الزائر امر جميل وواجب بشرط ان نتابع ما يكتبه ويرسله والا فما فائدة وجوده؟ وبالمقابل علينا وبنفس القدر ان نهتم باعلامنا المحلي عبر إطلاعه على ما يجري اولا بأول ودعوة رؤساء التحرير والمحررين والكتاب للمؤتمرات الصحافية وغيرها، فالشعب الكويتي يقرأ ما يكتب في صحفنا لا في صحف الآخرين، ويشاهد ما يبث على فضائياتنا لا على فضائيات الآخرين، ولا تناقض ـ للعلم ـ بين الاهتمام الزائر والاعلام المحلي.

 

آخر محطة: 1 ـ وددنا لو صاحبت مؤتمر القمة الاقتصادية انشطة ثقافية وفكرية وعروض مسرحية.. الخ.

2 ـ التهنئة للفريق السعودي الشقيق على الفوز «وهارد لك» لفريقنا الذي عكس محدودية قدرات مدربنا مقابل قدرات المدرب السعودي ولا ملامة على اللاعبين او.. الخ.

سامي النصف

لا لمحاولة تخريب القمة الاقتصادية

نعلم ويعلم الجميع ان الطريق الى جهنم يمر بطريق مليء بأصحاب النوايا الحسنة، ونعلم ويعلم الجميع ان أعداء الأمة هم أسعد الناس بانشغال الشعوب والقادة العرب بالهموم السياسية التي لا تنتهي والتي كلما أطفأنا نارا منها اشتعلت بفعل فاعل نار أخرى.

لقد أتت فكرة القمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية العربية بمثابة ضخ كم هائل من الأوكسجين الصحي للرئة العربية التي كادت تتوقف بسبب مزايدات المزايدين وزعيق الصارخين وألعاب المشاغبين طوال العقود الماضية، وقد بدأت هذه الأيام جولة جديدة من التدمير عبر محاولة بث الدخان الكثيف على أعمال قمة الكويت الاقتصادية بحجة ما يحدث في قطاع غزة من مآس وكوارث.

وأول تساؤل يطرحه المواطن العربي هو ما ستفعله قمة سياسية عربية جديدة تجاه تلك الأحداث المتكررة عدا إضاعة الأوقات في بيانات الشجب والتنديد المعتادة، وتساؤل آخر يطرحه نفس ذلك العربي البسيط عن السبب في عدم مشورة الفاعلين لإخوتهم العرب في القرارات الجسام التي يتخذونها ومدى عدالة تحميل العرب بعد ذلك نتائج تلك الأفعال التي لم يُسألوا عنها؟!

وما يزيد الطين بلة ان العرب ـ لا غيرهم ـ هم من سيدفع الكلفة المليارية للخراب والدمار الناتج عن الكارثة والمأساة القائمة، وستخصم تلك المليارات من مشاريع التنمية العربية وتذهب لمعادلات صفرية عبثية، أي إعمار ما كان قائما ثم دمر بسبب قرارات انفعالية تهدف لخدمة أغراض لم تعد خافية على أحد.

ولتقريب ما نقول لذهن المواطن الكويتي والعربي نتساءل: هل كان سيوافق أحد فيما لو قررت احدى فصائل المقاومة الكويتية بعد تحريرنا عام 91 اتخاذ قرار منفرد بالتحرش بالنظام الصدامي آنذاك عبر إطلاق الصواريخ عليه أو خطف أحد جنوده بحجة وجود أسرى كويتيين لديه.. الخ، ومن ثم السماح له بالدخول للكويت مرة أخرى وقتل الآلاف وهدم المباني والمنشآت؟!

ثم هل يجوز ضمن ذلك السيناريو البكاء والتشكي ولوم الشعوب العربية الأخرى وقادتها على تقصيرهم في إنقاذنا من الأوضاع التي وضعنا أنفسنا فيها عبر تحرشنا بقوة لا طاقة لنا بها؟! ولن أسأل تحديدا عن رد فعل هذه الدول أو ذاك القطاع وما سيقوله منظروهم ومفكروهم وإعلاميوهم على الفضائيات العربية في حقنا، فتلك أمور جربناها وخبرناها جيدا من قبل عندما حملت الضحية لا الجاني مسؤولية الغزو.

آخر محطة:
الفارق بين قمم المآسي السياسية الطارئة المعتادة وقمم التنمية الاقتصادية المخطط لها جيدا، كقمة الكويت، ان الأولى تبدأ بقضية كبيرة ساخنة تصغر وتختفي دون أثر بعد أشهر قليلة، والثانية تبدأ بمشاريع استراتيجية تكبر مع كل يوم يمر إلى ما لا نهاية وتشعر بفوائدها الشعوب العربية.

سامي النصف

تأملات في كيفية تشكيل الحكومة

مع خروج التشكيل الحكومي الجديد للعلن نرجو أن تتوقف ردات الفعل السالبة المستعجلة والمضادة، فحتى الانبياء والرسل اختلف عليهم الناس وما نراه من اسماء هي في النهاية لنساء ورجال من ابناء الكويت علينا كنواب وكتاب ومواطنين اعطاؤهم الفرصة كاملة للعمل والابداع في خدمة الوطن وألا نشغلهم و«ندودهم» بالازمات السياسية المتلاحقة ثم نتساءل بعد ذلك وبكل سذاجة: أين انتاجيتهم؟!

عدد سكان الولايات المتحدة 300 مليون وعدد سكان الكويت مليون، ومساحة الولايات المتحدة 10 ملايين كم2، ومساحة الكويت 17 الف كم2 ومع ذلك تم تشكيل الادارة (الحكومة) الاميركية بأسرع من تشكيل الحكومة الكويتية، وأرى أن هناك أسبابا عدة لمثل تلك المفارقة ليس منها اشكالية القبول والرفض كونها موجودة لدى الطرفين.

الفارق الحقيقي هو ان عملية تشكيل الحكومة لدينا «تبدأ» مع انتهاء الانتخابات أو مع اعادة التشكيل بينما «تنتهي» عملية تشكيل الادارة الاميركية هناك مع ظهور النتائج، حيث ان بداية عملية الاختيار تكون قائمة وبشكل متواصل قبل سنوات من ظهور النتائج، وهو ما جعل الرئيس أوباما يشكل ادارته في زمن قياسي بالقصر.

ان علينا خلق مستودعات حكومات بديلة يتم تخزينها بالكمبيوترات بعد فحص السير الذاتية وارسال الكشافين وعمل المقابلات الشخصية لمعرفة الرغبة في المشاركة من عدمها، وهل ما يمنع ظروف طارئة أم مؤقتة وغيرها من امور تحتاج الى ايضاح ويمكن الرجوع لما تم تخزينه عند الحاجة لملء المراكز القيادية في الوزارات أو المؤسسات والشركات الحكومية، أمر كهذا لو طبق وتم تجديده تباعا لجعل تشكيل الحكومات أو استبدال الوزراء عند استقالتهم قضية سهلة وبسيطة وقائمة على نظام مؤسسي وعلمي لا على التزكيات الفردية التي تتدخل بها أمور كثيرة لا علاقة لها بالاهلية والقدرة على الخدمة العامة.

ومع كل حدث أو اشكال سياسي يطرأ، يتم البحث في نصوص الدستور عن حل لذلك الاشكال، والحقيقة ان دساتير العالم أجمع لا تستطيع أن تغطي كل الحالات والاحتمالات في كل الاوقات، بل تخلق الدساتير الخطوط العريضة والمفاهيم العامة للعقول النيرة والضمائر الحية، وتترك مجالا واسعا لإبداء حسن النوايا بين السلطتين وتسامح بعضهما مع البعض بدلا من التنابز بالمواد الدستورية أو التسابق للمحكمة الدستورية.

آخر محطة:
التهنئة القلبية للوزيرين الجديدين، العزيز بوعزيز روضان الروضان وزير الصحة، والوزير الفاضل نبيل بن سلامة الذي نرجو ان يهتم بسلامة الطيران بعد ان انحدرت لمستويات خطرة وغير مسبوقة، والاثنان مؤتمنان على الارواح، وهي أغلى ما يملكه الانسان.