سامي النصف

شهادات دون كفاءة أو ذكاء

لم يكن الشيخ مبارك أو الملك عبدالعزيز أو الآباء المؤسسون للكويت الحديثة من أصحاب الشهادات العليا التي يسبقها حرف الدال إلا أنهم كانوا كما يشهد التاريخ عظماء وحكماء وأذكياء ومنجزين، والمستغرب ان الكويت لم تتعرض لوابل من النكبات المتواصلة إلا عندما سلمت أمورها لأصحاب الشهادات التي لا يعلم أحد كيف تم الحصول عليها وممن لدى حامليها نرجسيات مرضية تؤمن بأن ما تراه هو الحق كله وما يراه الآخرون هو الباطل كله.

والكويت بلد صحراوي يقوم بقاؤه ووجوده على مداخيل النفط واستثمار الفوائض النقدية اللذين هما بمثابة الشرايين التي تغذي القلب بالدماء فإن توقفا توقفت القلوب وماتت الأوطان.

كانت لنا فيما سبق أحاديث عديدة مع مختصين كبار في شؤوننا النفطية ممن كانوا يعترضون بشدة على ما كنا نقوله ونكتبه من حتمية انخفاض أسعار النفط مع قرب وصول الديموقراطيين للحكم في أميركا وكانت حجتهم التي يرددونها دون تفكير ان الطلب من الصين والهند سيمنع انخفاض سعر البرميل سنتا واحدا عن 100 دولار وان الطريق المتاح هو الارتفاع والمزيد منه.

من جانب آخر مازلت أذكر دكاترة ومختصين في الاقتصاد كانوا يختلفون معنا كذلك فيما نقوله ونكتبه من خطأ ما يحصل في احدى دولنا الخليجية وحقيقة استحالة نجاح مثل تلك المشاريع «الكونكريتية» الضخمة التي لم تقم بها الدول المتقدمة شديدة الثراء، وافرة السكان معتدلة المناخ، ومازلت أذكر كلمات أحد دكاترة ومسؤولي الاقتــــصاد وهو يقــول لي معتـــرضا «ليتنا نعمل ولو جزءا مما عملته تلك الدولة».

إن الأمر المرعب والمخيف وقد تقلصت الموارد وقارب الضرع على الجفاف ولم نعد في وضع يسمح بأخطاء فادحة مرة أخرى، ان أمثال هؤلاء من أصحاب الشهادات والتسميات دون ذكاء أو حكمة أو كفاءة مازالوا في مواقعهم ومن ثم فالكويت مقبلة على سقطات وكوارث مستقبلية بشكل حتمي ولن تسلم الجرة في كل مرة، فمن «طافت» عليه القضايا الكبرى سالفة الذكر «سيطوف» عليه بالقطع ما هو أقل منها.

آخر محطة:
شكوى محقة من صديق يطالب فيها بأن يتوقف رؤساء الأندية الرياضية والاتحادات عن الجلوس على مقاعد اللاعبين ثم النزول بعد ذلك للملاعب للاختلاف مع الحكام وتعطيل اللعب، حقا هل رأى أحد مثل هذه الظاهرة الفريدة في أي دولة من دول العالم الأخرى؟!

سامي النصف

أمراض الديموقراطية الكويتية

بعد ان كانت ديموقراطية الآباء المؤسسين القدوة والنبراس في الانجاز والحكمة والتعقل لشعوب العالم ودول الاقليم، استطاع الأبناء المتخندقون وغير المجددين ان يحولوها لـ «فزاعة» لا يحب احد الاقتراب منها، ان للديموقراطية الكويتية بعد نصف قرن من الممارسة امراضاً عديدة تحتاج لتسليط الضوء عليها لعلاجها وتصحيح مسارها، ومن تلك العلل:

اننا الديموقراطية الوحيدة في التاريخ التي جعلت دستورها بمنزلة كتاب منزه لا يجوز مسه او تعديل حرف من حروفه، وهو ما يتعارض مع نصوص الدستور ورغبات مؤسسيه. كما اننا الديموقراطية الوحيدة في الدنيا التي اعطت العصمة المطلقة للنواب فغلت الايدي عن محاسبتهم حتى باتوا اقرب للملائكة التي تمشي على الارض. وامتدت العصمة، ولله الحمد والمنة، من بيت الشعب الى باقي الشعب ولقيادات وزاراته ومؤسساته وشركاته العامة والخاصة ولسلطاته الثالثة والرابعة فأضحينا بلدا لا يخطئ فيه احد قط. واذا كانت ديموقراطيات الآخرين هي الدافع والمدافع الاول عن الحريات العامة فقد انتهت ديموقراطيتنا الكويتية الغاضبة بأن أصبحت القامع والمقيد الاول لحرية القول والفعل والقراءة و..للفرح والمرح بكل انواعه. كما تشتهر العملية الديموقراطية بشكل عام بتشجيع عمليات التنمية، اما ديموقراطيتنا فهي المعطل الاول لها. ويعرف عن رجال الديموقراطية وممثلي الشعوب دفاعهم الشرس عن حرية الاموال العامة، اما لدينا فهم المتجاوز الاول على الاموال العامة عبر العطايا والمنح التي توزع يمينا وشمالا دون حساب لأجل إعادة الانتخاب. ومن اسس الديموقراطية المعروفة المساواة بين الناس، اما ديموقراطيتنا العتيدة فهي المضطهد والمميز الاول بين البشر طبقا لاعراقهم ودياناتهم ومذاهبهم، ويكفي للدلالة تشريع رفض تجنيس غير المسلم مهما انطبقت عليه شروط استحقاق الجنسية. واذا كانت الديموقراطية هي تعزيز المواطنة فقد انتهت ديموقراطيتنا ومنهاجية انتخاباتنا بتعزيز الولاءات البديلة واصبح الوطن ومصالحه في آخر سلم تلك الديموقراطية الفريدة. وتحاسب ديموقراطيات الآخرين عمليات الاثراء غير المشروع بينما اصبحت ديموقراطيتنا هي الباب الاوسع لمثل ذلك الاثراء في غياب قانون من اين لك هذا الذي يسمع به الجميع.. ولا يراه احد. وخلق بعض نوابنا ثقافة ديموقراطية جديدة شعارها «كلبونا جماعة»، وفحواها الا يحاسب النائب الوزير في كل الاوقات مهما نهب وخرب ودمر كونه من «الجماعة». الاستجوابات في ديموقراطيات العالم اجمع هي وسيلة عاقلة وهادئة لحفظ الاموال العامة، الاستجوابات لدينا وسيلة صاخبة مسرحية ملتوية لتوزيع المكاسب وللتفريط في الاموال العامة. لديهم يتم الاستجواب على القضية، ولدينا يتم الاستجواب على الهوية، لديهم يستجوب الوزير المتجاوز وغير المجد، ولدينا يستجوب الوزير المجتهد وصاحب القرار. 13ـ في ديموقراطياتهم يرفع شعار «احفظ القرش الابيض لليوم الاسود» ولدينا يرفع الشعار المدمر «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب». تصدر التشريعات لديهم للحفاظ على المؤسسات العامة، وتصدر التشريعات لدينا لتدمير المؤسسات العامة كالتأمينات و«الكويتية» والنفط. ديموقراطيتهم تحافظ على كرامة النائب والناخب عبر الالتزام بالقوانين وديموقراطيتنا هي السافك الاول للكرامات وماء الوجه عبر واسطات تجاوز القانون .. و«بس مليت».

سامي النصف

أمة انتحارية

أمران وددت لو يتم التطرق لهما في القمة الاقتصادية المقبلة في القاهرة نظرا لتأثيرهما السلبي على مشاريع التنمية العربية أولهما الحروب المتواصلة على الأرض العربية التي تهدم كل ما يبنى، وثانيهما الزيادة السكانية الرهيبة التي يعاني منها وطننا العربي الكبير والتي تجعله في عوز شديد للمال والحاجيات الأساسية.

نشرت جريدة «الخبر» المصرية نص الحوار الذي دار بين الوزير د.المصيلحي ومواطن لديه 13 ولدا ونصيبه من العيش رغيف وانه أرسل إليه 30 شكوى لم يرد عليها، وكانت إجابة الوزير الحكيم بسؤاله: «هل أنا جبت هؤلاء العيال أم أنت؟» وأضاف:كيف لنا ان نطور التعليم والصحة والإسكان وندعم قضايا التنمية ونقضي على الفقر ونحن لا نستطيع التحكم في نسلنا وعدد أولادنا؟

إن مشكلة زيادات السكان الكارثية تعاني منها أوطاننا العربية من الخليج الى المحيط واحدى المظالم التي تحدث ان من يكثرون النسل يستولون دون وجه حق على أموال شركائهم الآخرين في الأوطان، نظرا لتكفل الأموال العامة ـ لا أولياء الأمور ـ بعمليات تعليم هؤلاء المواليد الكثر ورعايتهم صحيا وسكنيا وتوظيفهم ثم الصرف عليهم في سجون الأحداث والكبار عند ارتكابهم الجرائم بسبب ضعف التربية.

ولتبيان حجم المشكلة في أكبر دولة عربية وهي مصر ولحقيقة انها الوحيدة التي تحتفظ بإحصائيات سكانية تمتد لأكثر من قرن ونصف قرن كنا قد ذكرنا في احد مقالاتنا السابقة ان عدد سكان مصر والدنمارك عام 1880 كان 5 ملايين لكل منهما وأصبحت مصر الآن 80 مليونا، بينما بقيت الدنمارك على 5 ملايين وسيتضاعف عدد سكان مصر على رقعة الأرض نفسها خلال الفترة الممتدة الى 2050 بينما تبقى الدنمارك على عدد السكان نفسه وهو أمر مشابه لأوضاع باقي الدول المتقدمة التي تتناقص أعداد شعوبها فتتحول من الثراء الحالي الى الثراء الفاحش مستقبلا بينما تتحول دولنا من الفقر الحالي الى الفقر المدقع مستقبلا.

قرأت قبل مدة كتابا مهما كتبه محمد علي علوبة باشا عام 1942 تحدث فيه باستفاضة عن كارثة التزايد السكاني آنذاك في مصر، حيث وضع جدول مقارنة تبين من خلاله ان نسبة المواليد من السكان عام 1937 كانت في مصر (44) لكل ألف وهي الأعلى في العالم، ثم الهند (34)، وألمانيا (18)، وأميركا (17)، وفرنسا (14)، كما أظهر ان عدد سكان بريطانيا وفرنسا كان 42 مليونا لكل منهما وعدد سكان مصر 16 مليونا إلا أن عدد مواليد مصر آنذاك كان 704 آلاف في العام الواحد، بينما لا يتجاوز عدد مواليد بريطانيا وفرنسا 600 ألف طفل.

آخر محطة:
أمل الأمة العربية الوحيد هو السلام والحد من القنبلة السكانية، وفي المقابل دمار وإفقار الأمة هو بالحروب والتكاثر السكاني، المؤسف ان أمتنا الانتحارية تعمل بجد للأخذ بالخيارين الأخيرين وتترك الخيارين الأوليين، قلة حكمة.

سامي النصف

هل تحل القضية الفلسطينية؟!

للسيناتور جورج ميتشيل قول شهير هو أنه لا توجد مشكلة في التاريخ غير قابلة للحل، فالمشاكل يخلقها البشر والمشاكل يحلها البشر كذلك، وقد نجح ميتشيل في حل المشكلة الايرلندية الصعبة التي تتشابه في كثير من جوانبها مع القضية الفلسطينية حيث يعتقد الايرلنديون الكاثوليك بأن مشكلتهم ليست دينية أو مذهبية بل عرقية استيطانية حيث ان الايرلنديين البروتستانت هم مهاجرون قدموا من اسكتلندا واستوطنوا ارضهم بمساعدة الانجليز.

وبينما يؤمن هنري كيسنغر بطرق الحديد ساخنا اي ان طريق السلام كحال كامب ديڤيد يجب ان يمر عبر حروب تقنع الطرفين بفائدة السلام، يرى ميتشيل العكس من ذلك اي ضرورة ان يسود الهدوء ووقف اطلاق النار حتى يمكن للاطراف المعنية ان تركز على عملية السلام، ويشترك ميتشيل مع كيسنغر في الايمان بمبدأ «الخطوة خطوة» اي التدرج في حل المشاكل ومبدأ «اللي فات مات» اي عدم جدوى العودة للماضي أو لوم هذا الطرف أو ذاك.

ولا ارى شخصيا اختلافا كبيرا بين لجنة ميتشيل الحالية وجميع اللجان الملكية البريطانية التي زارت فلسطين منذ عام 1917 حيث كانت جميعها تسمع وجهة نظر واحدة من الطرف اليهودي ووجهات نظر عديدة ومتناقضة من الطرف الفلسطيني حيث كانت فلسطين منقسمة بين آل الحسيني وآل النشاشيبي وكانت المجموعة الاولى تزايد بالرفض واعلاء سقف المطالب على الثانية مما افشل عمل كل اللجان وكان بعضها متعاطفا بالفعل مع الجانب العربي كلجنة بيل عام 1937.

لقد تخلت امم الجبارين امثال الانجليز والالمان واهل اليابان عن خيار الحروب، لذا بودنا ان نترك كمسلمين وعرب وفلسطينيين ذلك الخيار المدمر الذي لم نفلح فيه ونتوجه لخيار السلام والتطبيع الحقيقي وألا نسمح لأحد بأن يزايد علينا في قضيتنا أو ندفع دماءنا رخيصة لحروب وكالة مع الآخرين.

ان جميع المشاكل العالقة قابلة للحل، فعلى الجانب العربي يمكن استبدال طلب عودة جميع اللاجئين وهو طلب استحالة بمشروع تعويضهم فكثير من دول العالم لديها مهاجرون ومغتربون بالملايين في الخارج وفلسطين لن تكون استثناء من ذلك، اما الاماكن المقدسة كالمسجد الاقصى وكنيسة القيامة وحائط المبكى فسيشرف عليها اهل كل ديانة على حدة، ويمكن للقدس الغربية بعد ذلك ان تصبح عاصمة لاسرائيل والشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية التي طال انتظارها.

آخر محطة:

يقول البعض لماذا نتنازل ونحن الطرف الاقوى في المعادلة العربية ـ الاسرائيلية؟ وقد يظهر الواقع العكس من ذلك حيث فشل العرب والمسلمون معهم في تغيير قانون المطبوعات في دولة صغيرة هي الدنمارك بينما استطاعت اسرائيل ان تجعل الدول الاوروبية الكبرى تتسابق لتغيير تشريعاتها لمنع رفع القضايا على القادة الاسرائيليين، ان تلك القوة الاسرائيلية يمكن ان تكون لنا لا علينا لو بدأنا للمرة الاولى نفكر في متلازمة «ربح لنا وربح لهم» بدلا من المعادلة المستحيلة، أي «كسب لنا وخسارة لهم». تسمى القضية الفلسطينية بـ «قضية الفرص الضائعة» ونرجو بحق ولأجل اجيال العرب القادمة ألا نضيع فرصة تحقيق السلام هذه المرة كونها قد تكون الاخيرة.

سامي النصف

اقتصاديات واتصالات

الاشكالية الحقيقية للشباب الكويتي النشط العامل في الشركات المساهمة الكويتية (تجمع مستقبلنا) هي انهم يدفعون ثمن الاخطاء الفادحة لبعض المقامرين والمغامرين من العابثين بمصائر الشركات العامة، لذا نرجو من وزير التجارة الفاضل أحمد باقر ان يتم هذه المرة وضع الضوابط الكفيلة بمنع الانهيارات المتكررة في بورصتنا، حيث لن نملك مستقبلا الاموال الكفيلة بتعويم سوق أوراقنا المالية.

أضعنا كعرب جزءاً كبيراً من ثروتنا في انهيار الاسواق المالية العالمية، كما أضعنا جزءاً كبيراً آخر في مشاريع عمرانية ضخمة غير مدروســـة، أخـــشى أن نضيــع ما تبقى من أموالنا في بعض المشاريع شبه الخيالية التي اقترحتها الامــانة العـــامة للجامعة العربية، وأعني تحديدا مشـــروع ربط الوطن العربي بالسكك الحديدية غير المجدي اقتصاديا.

ويظهر المشروع الذي تختبئ الشياطين كالعادة في تفاصيله ان هناك 13 خطا ستتجه من الشرق الى الغرب و11 خطا من الشمال الى الجنوب، وان 11 الف كم من السكك الحديدية المهترئة الحالية ستزداد بمقدار اربعة اضعافها، أي 34 الف كم اضافية، حيث ستربط رام الله بغزة ثم عبر شمال افريقيا حتى موريتانيا كما ستربط شمال سورية بالاردن والسعودية واليمن ثم عبر البحر لجيبوتي والصومال ثم ربط شمال العراق بجنوب عمان وساحل البحر الابيض بجنوب السودان.

ومعروف ان اغلب مشاريع السكك الحديدية القائمة في الدول المتقدمة الاميركية والاوروبية واشهرها قطار «اليوروتنل» الذي يربط العاصمتين الشهيرتين لندن وباريس خاسرة رغم أن أوروبا تمتاز عنا بـ «أ» قصر المسافات، «ب» كثافة السكان بالنسبة لمساحة الارض، «جـ» كثرة الصناعات التي تحتاج الى نقل، «د» الثراء العام للناس الذي يساعدهم على الترحال الدائم والسياحة.

قد يكون البديل المناسب والممكن لمشاريع السكك الحديدية المكلفة انشاء وتشغيلا هو ربط الوطن العربي بشبكة طرق سريعة كحال الولايات المتحدة ع‍لى ان تتكفل كل دولة بتكلفة الطرق التي تمر بها مع مساهمات للقطاع الخاص يتم تحصيلها عبر فرض رسوم على استخدام تلك الطرق، ان عدم مساهمة الدول المعنية بجزء من تكاليف الطرق التي تمر ببلادها سيجعلها تتهاون في صيانتها، كما انها ستعمد لإغلاقها مع أول ازمة سياسية لها مع جارتها، وما أكثر أزماتنا.

ونشرت مجلة «الاقتصاد والاعمال» في عددها هذا الشهر قائمة بأكبر 1000 شركة عربية طبقا لحسن رأسمالها السوقي في مرحلة ما بعد طوفان 2008 وقد ضمت أول 6 شركات في الترتيب 4 شركات اتصالات، اضافة الى شركة سابك وبنك الراجحي، وبالمقابل نشرت نفس المجلة الخاسرين الكبار من الازمة واحتلت صناعات قطر المركز الاول، حيث خسرت 93% من قيمتها السوقية خلال عام ثم شركة اعمار العقارية 85% وبنك دبي الاسلامي 83% ومجموعة طلعت مصطفى 75%.. الخ.

آخر محطة:

نشرت جريدة الديار المصرية في عددها الصادر في 27/1 على صفحتيها الاولى والثالثة تفاصيل مشاكل أراض تخص شركة كويتية ـ مصرية، كنا قد نبهنا لعدم صحة استخدام أموال مساهميها لشراء أراض متنازع عليها تخص أعضاء مجلس الادارة. ادعى علينا أحد الكتاب بما لم نقله، بل قلنا عكسه تماما، وقد أرسلنا له تصحيحا ومازلنا في انتظار نشره كما تقتضي ذلك الاعراف الصحافية.

سامي النصف

إفتاءات وانتخابات وأوباما والراشد

أحد اكثر المواضيع اثارة للاهتمام هذه الايام هو قضية الافتاء وقد تقدم عضو مجلس الشعب المصري مصطفى الجندي بمقترح يجرم من خلاله من يقوم بالافتاء دون صفة او تأهيل مسبق كونه لا يختلف من قريب او بعيد عمن ينتحل صفة طبيب مع فارق ان الاول قد يكون اكثر ضررا من الثاني.

لقد امتلأت الفضائيات المحرضة والمؤدلجة بشباب غر صغار يفتون بالثبور وعظائم الامور مطلقين على انفسهم لقب «شيوخ» الدين رغم ان اعمارهم لا تتجاوز العشرينيات، ان اجمل ما في مقترح النائب الجندي هو امكانية رفع الدعاوى القضائية على المحرضين واصحاب فتاوى التكفير والتدمير واستباحة الدماء.

وأمران محددان وددنا لو تم منعهما في قضايا الافتاء أولهما وقف عمليات الافتاء على الهواء وعبر خط الهاتف المفتوح كونها لا تسمح للمفتي بالرجوع للمراجع الفقهية ومن ثم قد يستعجل في اصدار فتوى يثبت خطؤها وضررها فيما بعد ولا يستطيع التراجع عنها، والافضل من ذلك ان تبعث الاسئلة مكتوبة كي يقوم المذيع بدور السائل والشيخ بدور المجيب، كما كان يحدث مع الشيخين النوري والطنطاوي، الامر الآخر ضرورة الحد من الفتاوى «الفردية» خاصة في القضايا المستحدثة والمهمة والحساسة واستبدال ذلك بالعمل المؤسسي الجماعي حتى لا تصدر الفتاوى دون البحث والتشاور اللازمين.

ومن الافتاءات الى الانتخابات وحقيقة ان العراق سيبقى جارا لنا ابد الدهر ومن ثم سنتأثر شئنا او ابينا بما يحـــدث لديه وقد جرت قبل ايام الانتخابات العـراقية العامة التي ستحدد شكل عراق المستقبل خاصة في مرحلة ما بعد انسحاب القوات الاميركية وقد وددنا لو كان لنا دور او قول في تلك الانتخابات حالنا حال بعض جيران العراق المتداخلين في شؤونه حتى نحاول ان نصلح ما يفسدونه.

ان مصالح الكويت والخليج تفرض علينا العمل ضمن الجو الديموقراطي القائم لدعم الكتل الليبرالية والعلمانية (عدا البعثية) عند كل الطوائف والقوميات حيث لا ضرر على العراق او الجيران من تلك التوجهات التي تجمع ولا تفرق العراقيين، اما اغلب الكتل الاخرى فضررها على العراق وجيرانه كبير جدا كونها قد تشعل الحرب الاهلية فيه او تصبح مخلب قط للآخرين.

آخر محطة:

اختص الرئيس باراك اوباما المسلمين بأول خطاب له مبديا حسن النوايا تجاههم، كما اختص قناة «العربية» بأول لقاء تلفزيوني له بعد انتخابه، نرجو ان يمد العرب والمسلمون ايديهم للرئيس الاميركي الجديد لتحقيق السلام في المنطقة وألا يخذلوا اصدقاءهم، كعادتهم! تحية عطرة لمدير العربية المبدع عبدالرحمن الراشد على هذا السبق الاعلامي الدولي وكفو يا بوفهد.

سامي النصف

أوضاعنا المعكوسة

«حدس» هي حركة سياسية شعبية رائدة شديدة التنظيم وتعتمد الفكر الجمعي قبل اتخاذ المواقف وهو امر جيد، لذا صعب علينا فهم بعض القرارات والمواقف التي اتخذتها الحركة مؤخرا ومن ذلك:

يفترض ان تكون مشروعات «المصفاة» و«الداو» هي مشروعات عامة للكويت وليست مشروعات خاصة بالحركة، لذا فليس ملائما على الإطلاق ان تظهر الحركة غضبها لإلغاء تلك المشاريع عبر المطالبة بتشكيل لجان التحقيق او التهديد بالاستجواب كونه يوحي بأن الدفاع عن تلك المشاريع كان دفاعا عن مكتسبات خاصة بالحركة.

ثم ان في ذلك التوجه خلقا لثقافة «جديدة» خاطئة على الساحة السياسية الكويتية لا يوجد مثلها في الدول الاخرى وهي اعتبار إلغاء اي مشروع لأي وزارة (إسكان، أشغال، مواصلات.. الخ) هو امر يستدعي قيام «فزعة» للجهة التي ينتمي لها المسؤول ومن ثم تترسخ فكرة ان الوزارات هي ممالك ومكاسب ومغانم للوزراء ومن ينتمون اليهم، من جهة فإن في تلك الفزعة ضغطا لا يصح على الجهات الرقابية في البلد مثل مجلس الأمة وديوان المحاسبة اللذين ساهما في إلغاء مشروعي المصفاة والداو.

ولم تكسب الحركة شيئا من طلب تشكيل لجان للتحقيق في مشروعي المصفاة والداو عدا الايحاء بأنها تعلم بأن هناك اجراءات خاطئة تمت في تلك المشاريع ومن ثم تريد الضغط باستخدام تلك الورقة التي ان صحت فستدينها كونها ـ ولا احد غيرها ـ من تبنت تلك المشاريع ودافعت عنها، كما ان اثبات صحة تلك المشاريع كأفكار واسعار، وهو امر ضعيف الاحتمال في ضوء ما قاله المحللون، سيدينها من زاوية اخرى وهي انها لم تعد مؤثرة في الشارع السياسي او القرار السيادي.

وللحقيقة وللتاريخ، فمع تراجع النفط كوسيلة للطاقة يفترض ان تصبح الكويت ودول الخليج المركز العالمي للمصافي وللصناعات النفطية والبتروكيماوية والبلاستيكية.. الخ، لذا لم يكن هينا على شعبنا تقبل فكرة الغاء تلك المشاريع، لذا فالجميع يطالب بتحكيم الضمائر لا الأهواء لمعرفة حقائق ما جرى ومن ذلك صعوبة فهم وجود نواب في لجان التحقيق ممن كانت لهم مواقف مسبقة صارخة ضد او مع تلك المشاريع وكان من المفترض ان تضم تلك اللجان المهمة بعض النواب وبعض القضاة وبعض الاقتصاديين وبعض النفطيين المحليين والخارجيين ممن لم يعرف عنهم الانحياز الشديد لهذا الرأي او ذاك.

آخر محطة:

هل يتوقع احد لنائب او ممثل لتكتل ساهم في رفض واسقاط تلك المشاريع ان يرضى بتقرير نهائي يثني على تلك المشاريع ويلقي باللوم على من الغاها او اوقفها؟! ألم يكن من الافضل للأحبّة في الحركة الا يتخذوا موقفا حتى صدور التقرير النهائي للجان التحقيق فإن أثنى على تلك المشاريع كسبوا وان تم رفضها جاز لهم إما ان يطعنوا في حيادية اللجنة وهو امر مشروع او حتى ان يتقبلوا ذلك الرفض كونهم لم يرفضوا ذلك الإلغاء؟!

سامي النصف

الرئيس أوباما وجذوره العربية

جذور الرئيس باراك حسين اوباما ليست كينية الأصل، بل عربية المنشأ، حيث ان سكان كينيا في الأغلب والأعم من غير المسلمين، ولا تزيد نسبة المسلمين هناك عن 6% قدموا جميعا من السودان او الصومال، ومن جانب آخر يرى الكاتب غريفن تاربلي في كتاب صدر له مؤخرا عن الرئيس اوباما ان له 3 «عرابين» من رجال الأعمال العرب هم جاره السوري الأصل توني ريزكو والعراقي الكلداني المتصل بصدام نادمي اوجي ووزير الطاقة العراقي الأسبق ايهم السامرائي ويرى الكاتب انهم مَن دفعوه للأمام وموّلوا حملاته الانتخابية.

وللولايات المتحدة صلة تاريخية قوية مع العالم العربي يستحق بعضها تسليط الضوء عليه لطرافته او غرابته، فأول دولة في العالم اعترفت باستقلال الولايات المتحدة هي المغرب عام 1777 اي بعد اشهر قليلة من اعلان الاستقلال في 4/7/1776 وسبب ذلك الاعتراف ان السفن الأميركية بقيت آمنة لزمن طويل في موانئ طنجة ابان حرب الاستقلال وقد وجد ملك المغرب بحكمته ان من يستطيع ان يهزم جيوش الإمبراطورية البريطانية التي لا تغرب عنها الشمس يستحق ان يعترف به.

وفي عام 1787 فرض باشا ليبيا (طرابلس الغرب) عبر مفاوضاته مع سفيري الولايات المتحدة في لندن وباريس جون آدمز وتوماس جيفرسون (رؤساء اميركا فيما بعد) ما اسماه هو بـ «الجزية» وهم بالحماية للسفن الأميركية في البحر الأبيض المتوسط قدرها مليون دولار سنويا وهو ما يمثل 20% من الميزانية الأميركية وبقي هذا الحال لمدة 15 عاما، وفي عام 1801 وفور تقلد الرئيس جيفرسون الرئاسة قام الباشا الليبي الظالم بطلب 225 الف دولار اضافية، غير ان الرئيس الأميركي جيفرسون رفض العرض واطلق مقولته «ندفع الملايين للدفاع ولا سنتا للابتزاز».

تلا ذلك خوض أميركا الحرب الأولى في تاريخها اي حرب «الباربري» الأولى (180(1)1805) ضد حاكم ليبيا يوسف كرمانلي باشا الذي أسر أهم وأضخم البوارج الأميركية المسماة «فيلادلفيا» ولم تنته الحرب الا عندما قام القائد الاميركي بريزلي بانون بقيادة جيش ضخم من الاسكندرية ضم اميركان وعربا وبربرا ويونانيين نحو طرابلس، وفي 10/6/1805 تم الاتفاق على ان يسلم الباشا اسراه الأميركان ويسلم القائد الأميركي اسراه الليبيين، ولما كان الأسرى الأميركان يبلغون 3 أضعاف الأسرى الليبيين فقد اتفق على ان يدفع الجانب الأميركي 60 الف دولار لقاء فارق العدد.

استفادت أميركا من تلك الحرب في تعزيز قوتها البحرية وتوحيد جنودها حيث اصبحوا يحاربون للمرة الأولى كأميركيين لا كقوى تنتمي للولايات المختلفة كالحال في حرب الاستقلال لذا لم يكن مستغربا ان تقوم حرب «الباربري» الثانية (180(7)1815) ضد (باي) الجزائر هذه المرة وان تدك البوارج الأميركية عاصمتها وقصر حاكمها وقد شجعت تلك العملية فيما بعد فرنسا على ان تجرؤ هي الاخرى على غزو الجزائر واحتلالها بحجة صفع الباي (الحاكم) العصبي لسفيرها.

آخر محطة:
اثنى الزميل الفاضل مبارك المعوشرجي ضمن زاويته في جريدة «الرؤية» بشكل غير مباشر على الثائر تشي جيفارا والحقيقة انه بعيدا عن الصورة الوردية التي خلقتها الدعاية السوفييتية القريبة من النازية في منهجها لجيفارا الا ان سيرته الحقيقية ومعاملته السيئة لمن معه كانت ابعد ما تكون عن استحقاق مثل ذلك الثناء وقد نعود لتلك السيرة في احد مقالاتنا القادمة.

سامي النصف

قضايا الأربعاء

تقدمت إسرائيل بطلب لعقد هدنة دائمة في غزة فرفضت الحركة، فخرجت بديلا لها هدنة لعام ونصف العام فأصرت الحركة على ألا تزيد عن عام واحد، والسؤال: ما الذي ستفعله الحركة بعد الانقضاء السريع لذلك العام؟! اي هل ستحاصر تل أبيب أم ستهدم مفاعل ديمونة على رأس علمائه؟! ان على المتبرعين من الخليجيين (وهل يتبرع غيرهم؟!) ان يأخذوا الضمانات الكافية لعدم هدم ما سيتم بناؤه بالمليارات خاصة مع الشح المالي الحالي والمستقبلي.

في الدول المتقدمة عندما تصرف الأموال على مشاريع الطرق والبنى الاساسية بهدف تنشيط الاقتصاد تبقى الاموال في الدار وينشط الاقتصاد، ولدينا لو طرح مشروع بمليار دينار لتم استيراد الشركات والعمالة والمواد الخام ولن يدخل البلد الا 10% من ذلك المبلغ، لذا من الافضل ان تضخ الأموال العامة بشكل «مباشر» للبنوك والشركات المساهمة بدلا من استخدام الطرق المطولة والمكلفة للوصول لنفس الاهداف بعشرات الأضعاف.

وفي الدول المتقدمة تم ضخ المليارات في عروق البنوك والشركات لإنقاذها ووصل الأمر لحد ان قامت ام الاقتصاد الحر في العالم بشراء وتأميم بعض الشركات الكبرى كونها اكبر من ان يسمح لها بالانهيار، وفي الكويت هناك خطة مماثلة لإنقاذ الاقتصاد عبر دعم البنوك والشركات ولا يجوز لأحد ان يربط تلك الخطة بقضايا اخرى كوننا لم نسمع احدا من نواب تلك الدول يسأل لماذا لا تشترون ديون المواطنين يا.. يوبا؟!

دعم البنوك والشركات مع محاسبة الإدارات المتجاوزة امر واجب لإنقاذ الاقتصاد الكويتي اما القروض الشخصية فأغلبها يسدد بانتظام وتضخ الاموال السائلة لشريان البنوك، كما ان المعسر من تلك القروض خلق له صندوق خاص به مع احتفاظ موظفي الحكومة بأعمالهم ورواتبهم ومزاياهم وبقاء دعم الدولة الكبير للمحروقات والكهرباء والماء والمواد الغذائية، ضمن حالة خضراء لا مثيل لها في العالم، فلماذا لا نحمد الله على ما نحن عليه بدلا من تأزيم الأوضاع في البلد والناس «مو ناقصين»؟!

مع تقلص موارد النفط لأجل غير مسمى ومعه تقلص عوائد الاستثمار بسبب الأزمة العالمية، نحن في أشد الحاجة للأموال المقترح اضاعتها على قضايا الدغدغة حتى نبقي مستقبلا على اسعار المواد الاساسية المدعومة وكي نعزز ميزانيات الإسكان والتأمينات الاجتماعية منعا لرمي المتقاعدين على الأرصفة، وعدم الحكمة في الصرف هذه الأيام سندفع ثمنه باهظا خلال مدة قصيرة لن تزيد على الـ 5 سنوات المقبلة.

كيف يمكن إنجاح مشاريع «الخصخصة» وتشجيع الناس على البعد عن العمل الحكومي اذا ما سمحنا بسقوط الشركات المساهمة العامة التي يملك اسهمها الاغلبية المطلقة من الكويتيين، وفي هذا السياق نرجو ان تبدأ عملية غربلة وإزالة لمسؤولي المؤسسات والشركات الحكومية التي تفشّى فيها الإهمال والفساد والخسائر الفادحة حتى أزكمت الأنوف حيث يتعرض البعض من تلك المؤسسات لتدمير غير مسبوق في تاريخها عكسته تقارير ديوان المحاسبة الاخيرة، ما نرجوه هو ان ترسل الحكومة برسالة اصلاح حقيقية تبعد من خلالها غير الاكفاء والمتجاوزين والعابثين، لا ان تنتظر إبعاد مجلس الامة لهم وكسب الشعبية وكي ترجع قاطرة «الخصخصة» لمسارها الصحيح بعد طول انتظار.

آخر محطة:
(1) ما يصح ويصلح لاقتصاد 146 دولارا للبرميل قد لا يصح بالضررورة لاقتصاد 40 دولارا للبرميل، نرجو ان يعاد النظر في المشاريع الحكومية فينفذ المفيد والرئيسي منها فقط ويؤجل او يلغى غير الضروري كي نوفر الدينار الابيض لليوم الاسود القادم.

(2) الشكر الجزيل لمدير مركز خدمة المواطن في منطقة اليرموك العقيد فيصل المصيريع على البشاشة في الاستقبال والكفاءة في التعامل.

سامي النصف

خدعوك فقالوا

ان هدف اسرائيل الاستراتيجي من حربيها على جنوب لبنان وقطاع غزة هو التخلص من المنظمات التي خطفت جنودها او اطلقت عليها الصواريخ.

والحقيقة هي ان اسرائيل تعلم قبل غيرها استحالة قيام جيش نظامي بتصفية منظومة شعبية لا وجه لها حيث لم تستطع الولايات المتحدة بقوتها وجبروتها ومئات الآلاف من جنودها، وعبر سنوات طوال، القضاء على الفيتكونغ في ڤيتنام او تنظيم القاعدة وحركة طالبان في العراق وافغانستان.

الهدف الاستراتيجي لاسرائيل هو تدمير البنى الاساسية من بشر وحجر لدى اعدائها كي يصرفوا جل مواردهم البشرية والاقتصادية لاعمار ما هدم، ثم تدميره مرة اخرى فور انتهاء تعميره باستخدامه كأهداف لتجارب الاسلحة الحديثة وللتخلص من الذخائر الحية قبل انتهاء مدة صلاحيتها.

لم يترك الاستعمار الارض العربية الا بسبب قيام الانظمة الثورية بمحاربته في الخمسينيات والستينيات.

والحقيقة ان الدول الاستعمارية قررت فور انتهاء الحرب الكونية الثانية الانسحاب سلميا من المستعمرات كونها لم تعد مجدية اقتصاديا مع التزايد الديموغرافي الكبير لشعوب الدول المستعمرة لذا تم اعطاء الهند – جوهرة التاج البريطاني – استقلالها دون طلقة رصاص واحدة ولم يعد هناك سبب للبقاء العسكري في الشرق الاوسط لحماية الطريق الى الهند فبدأت عمليات الانسحاب من فلسطين والعراق ومصر، وفيما بعد انسحبت بريطانيا العظمى من دول الخليج الثرية دون ثورة او جعجعة مما يعني ان جميع الحروب والثورات والارواح التي قامت او فُقدت تحت راية محاربة الاستعمار في الخمسينيات والستينيات كانت جهدا ضائعا ودعاوى زائفة لا فائدة منها.

اصابت حركة التحرر الوطني بمحاربتها مشروع حلف بغداد ومشروع ايزنهاور.

والحقيقة هي كذلك ابعد ما تكون عن ذلك حيث لم يستغل العرب رعب الولايات المتحدة الشديد من الشيوعية والاتحاد السوڤييتي (المستعمر الاول للشعوب) كحال دول اوروبا الغربية وشرق آسيا ممن استفادوا من الدعم الاميركي لاقتصادياتهم وفتح اسواقها لمنتجاتهم وتأمينهم عسكريا ومنع غزو اراضيهم عبر مشاريع الاحلاف العسكرية معهم، ولو قبلنا الانضمام لحلف بغداد كما اقترح داهية العراق والعرب نوري السعيد ومعه كميل شمعون ولم نستمع لنصائح ضباط صغار لا خبرة سياسية لديهم لمنعنا تعديات اسرائيل على دولنا واحتلال اراضينا وتعدي بعضنا على بعض ولمنعنا كذلك حروب 56 وحرب اليمن وحرب 67 والاستنزاف و73 وغزو لبنان 78 و82 و2006 وحرب احتلال الكويت 90 وتحريرها 91 وتحرير العراق 2003، ولوفرنا اموال تلك الحروب واستخدمناها في التنمية.

سبب تأميم قناة السويس عام 1956 هو تمويل بناء السد العالي بعد سحب البنك الدولي والولايات المتحدة عرض تمويله بسبب صفقة الاسلحة التشيكية (الروسية).

والحقيقة ان الاتحاد السوڤييتي تقدم منذ اللحظة الاولى لسحب العرض بتقديم عرض اكثر سخاء وبفوائد اقل لكسب موضع قدم في المنطقة الا ان رغبة العسكر الحاكمين في القاهرة آنذاك في تحقيق اي انتصار بعد خسارتهم السودان دون تقدير للعواقب هي ما تسبب في التأميم والحرب التي تلته والتي جعلت السد العالي الاعلى كلفة في العالم رغم انه لا يأتي ضمن السدود العشرة الاعلى او الاكثر تخزينا للمياه والتي بنيت دون حروب، ودون تأميم لقناة اغلقت بسبب تلك الحروب لما يقارب عشر سنوات في وقت كانت ستعود فيه دون حرب لمصر خلال 12 عاما.

ساهمت حركة التحرر العربية في القضاء على التخلف في اليمن.

والحقيقة ابعد ما تكون عن ذلك فالانقلاب لم يتم على حكم الامام الرجعي احمد، بل على حكم ابنه الشاب المتنور الامير البدر الداعم للعصرنة وحتى لمشاريع الوحدة العربية، ولو لم يحدث انقلاب العسكر لكانت اليمن تحت حكمه شديدة التطور والرفاه فيما هو اقرب لما حدث في امارة ابوظبي او سلطنة عمان من تصحيح الاشقاء او الابناء للمسار الخاطئ لمن حكم قبلهم ولكانت اليمن قد تحولت لليمن السعيد دون ضرب او حرب او تضييع للموارد والارواح.

آخر محطة:
نحتاج لزيارات جديدة لتاريخنا المعاصر بعد ان سادت الاكاذيب صفحات كتبه واخفيت حقائقه المرة عن الشعوب، ومن لا يتعلم من هزائمه واخطاء ماضيه فالارجح او الاكيد انه سيعيد تكرارها.