سامي النصف

محاضرة في النادي الديبلوماسي

بدعوة من اتحاد البورصات العربية وهيئة سوق المال في قطر القيت يوم الثلاثاء الماضي محاضرة في النادي الديبلوماسي بالدوحة، كان عنوانها «دور الاعلام الاقتصادي في خلق وعي استثماري» وكان الحضور جمعا من رجال المال والاعمال ومحرري الصفحات الاقتصادية في الصحف القطرية.

ومما تضمنته الورقة حقيقة ان الاسواق المالية في العالم اجمع خلقت لتبقى ولتلبية حاجات المستثمرين ولاشك في أن الانخفاض الحالي في مؤشراتها هو انعكاس مباشر للازمة العالمية القائمة التي اصابت جميع القطاعات، وستبقى تلك المؤشرات في حالة انخفاض ما بقيت الازمة مع حقيقة ان الاسواق لا تبقى في حالة انخفاض او ارتفاع دائم الى الابد.

هناك اربع شرائح تستفيد عادة من دخول الاسواق المالية، ودور الاقتصاد الاعلامي هو نشر الوعي الاستثماري بين تلك الشرائح حتى لا تلتبس عليها الامور او يحاول البعض لعب دور البعض الآخر، واولى تلك الشرائح هي الشباب ممن يودون وضع اموالهم في اوعية استثمارية تحقق لهم عند قرب تقاعدهم بعد عقدين او ثلاثة عقود من الزمن عوائد ما كان لهم ان يحصلوا عليها فيما لو وضعوا اموالهم في اي اوعية اخرى.

هؤلاء ينصحون عادة بشراء اسهم بنوك وشركات جديدة يعرف عنها عادة النمو السريع في اعمالها وضربنا امثلة بما هو معروف من ان من اشترى اسهم تأسيس بشركة المليونير تافت بعشرة آلاف دولار تحولت الى 300 مليون دولار، ومن اشترى عام 84 اسهم شركة الاتصالات الكويتية بـ 40 الف دينار تحولت بعد عقدين من الزمن الى ما يقارب 4 ملايين دينار ومثل ذلك اسهم شركة المحمول المصرية التي ارتفعت خلال 10 أعوام بمقدار 1361%، وهي عوائد لا يمكن ان يحصل عليها المستثمر الشاب من اي نشاط اخر كما انها لا تتأثر بالصعود او النزول المؤقت للسوق.

الشريحة الثانية هي المتقاعدون ممن يريدون عوائد مجزية على مدخراتهم تسد الفجوة بين الراتب العادي والراتب التقاعدي ومثل هؤلاء يتجهون عادة لاسهم «العوائد» اي البنوك والشركات الراسخة التي تعطي في العادة ارباحا سنوية تعادل ثلاثة اضعاف عوائد الودائع فإن اعطت الودائع 3 – 4% اعطت اسهم العوائد 10 ـ 12%.

الشريحة الثالثة هي شديدو الاختصاص من اصحاب المعرفة والمعلومة والتفرغ التام للسوق ممن يخلقون ارباحا مجزية عبر الاستفادة من الاسهم «الدورية» والتذبذبات اليومية للاسعار، ومن الاخطاء الشائعة الحدوث ـ بسبب نقص الوعي الاستثماري مما يؤدي للكوارث ـ: توجه اصحاب الشريحتين السابقتين من غير ذوي الاختصاص والتواجد الى محاولة الاستفادة من تذبذبات الاسواق وهنا مكمن الخطورة.

الشريحة الرابعة هي من اصحاب الاختصاصات المهنية المختلفة ممن يرون بسبب تخصصاتهم ان المستقبل الزاهر هو لهذا القطاع او ذاك، اي للعقارات او الاتصالات او الخدمات او البتروكيميكال.. الخ، وقد لا يملك هؤلاء الثروات اللازمة للبناء او انشاء شركات خاصة بهم فيستعاض عن ذلك بشراء اسهم الشركات المعنية وانتظار تحقق رؤيتهم باسهل الطرق.

آخر محطة:
فتح النادي الديبلوماسي القطري ابوابه لمن يريد تأجير قاعاته ومطاعمه لخلق عوائد اقتصادية تغطي تكاليفه وتحقق الربح، نرجو ان يقوم النادي الديبلوماسي الكويتي بعمل مماثل والا يقتصر رواده على القلة من الديبلوماسيين.

سامي النصف

أميركا بين أعدائها وأصدقائها

الدول كالافراد يعرف مسارها وشخصيتها من أصدقائها كما يعرف من اعدائها، فإن صادقت الاشرار وعادت الخيرين كانت دولة شيطانية شريرة، وان صادقت الخيرين وعادت وحاربت الاشرار من طغاة وقتلة وارهابيين كانت دون شك خيرة يفخر بها تاريخنا الانساني.

طبقا للمعادلة المنطقية السابقة يمكن لنا تقييم الولايات المتحدة التي قامت في بدايات القرن الماضي بالتصدي لمحور الشر المكون من الاباديين هتلر وموسوليني والطغمة العسكرية الحاكمة في اليابان ممن ساموا شعوب الدول التي ابتليت باحتلالهم البغيض العذاب وارسلوهم لافران الغاز وخنادق القتل الجماعي، ومع نهاية الحرب الكونية الثانية أنشأت الولايات المتحدة منظومة حقوق الانسان وتصفية الاستعمار للدفاع عن شعوب العالم المستضعفة.

وفي المرحلة اللاحقة تصدت أميركا للطاغية ستالين ولمحور الشر الذي يمثله كما ارسلت جنودها لتحرير كوريا الجنوبية من غزو الطاغية كيم ايل سونغ وساهمت في ازدهارها وقد اثبتت السنون صحة ذلك المسار عبر ما نراه من مجاعات تجتاح كوريا الشمالية بسبب نظامها القمعي الابادي الذي يزمع هذه الايام تسليم سدة الحكم وعرش الجماجم لحفيد الطاغية الاول بعد ان سلمه لابنه.

كما تصدت الولايات المتحدة لقوى الاستعمار القديم الاوروبية فوقفت ضد بريطانيا وفرنسا ابان حرب السويس مما عجل بانحسار ذلك الاستعمار واستقلال الدول التي يحتلونها وواصلت أميركا دعمها الفاعل لشعوب العالم المستضعفة فشجعت ثورات الاتحاد السوفييتي وافغانستان ودول اوروبا الشرقية حتى حصلت على استقلالها والحال كذلك مع الشعوب التي حكمتها منظومات عسكرية قمعية موالية للغرب فشهدنا تساقط تلك الانظمة في ايران والسودان والفلبين وبنما وزائير وتاهيتي وغيرها بدعم من الولايات المتحدة إعلاما وأجهزة.

وشهدنا في منطقتنا تصدي الولايات المتحدة للانظمة القمعية كحال صدام وامثاله فبعضهم سقط والباقي سيسقط ويهزم في القادم من الايام كما تصدت في الوقت ذاته للجماعات الارهابية التي تخدع السذج والمغفلين وتتسبب في قتل الابرياء من شيوخ واطفال ونساء كمنظمات القاعدة وحزب الله وحماس والزرقاوي ومقتدى الصدر ومن دار في فلكهم التدميري وقد تصدت قبلهم لمنظمة شبيهة بهم هي الخمير الحمر الكمبودية التي يحاكم قادتها هذه الايام على جرائمهم.

وبالمقابل لأميركا اصدقاء يتشاركون جميعا في انهم رواد الرفاه والازدهار والتنمية في العالم كدول غرب اوروبا وشرق آسيا ودول الخليج ومصر والمغرب والاردن والبرازيل وتركيا والارجنتين والهند والصين الجديدة مما يظهر بشكل قاطع ان أميركا سلم لمن يهتم برفاه وتنمية شعبه وهي حرب ضارية على الطغاة والقمعيين، وتلك هي شمس الحقيقة التي لا تغطيها اكاذيب وتخرصات غوبلزات العصر امثال هيكل وعطوان والمسفر والبكري وغيرهم من ايتام صدام واطفال كوبونات النفط العراقي المغرية.

آخر محطة:
ورث كاسترو الحكم لأخيه ليكمل مسار تدمير بلده، ويزور ويزيف هذه الايام الطاغية الفنزويلي شاڤيز الانتخابات ليكتم انفاس شعبه للابد، كما اظهرت الانباء الموثوقة استيلاء بعض القادة الثوريين في المنطقة ممن يدعون التواضع والتدين على مئات المليارات من ثروات شعوبهم خلال الخمس سنوات الماضية، ولا عزاء بعد ذلك للاغبياء.

سامي النصف

زاد المسافر وسيوة وشاطئ الغرام

مصر جميلة بمناخها وطيبة اهلها واماكنها السياحية المتعددة التي تستحق الزيارة وقد قررت والزميل صالح الشايجي الذي اصبح يحمل لقب «مجاور النيل» ان نزور بعض ارجاء مصر المحروسة للاطلاع على احوالها وكانت نتيجة تلك الزيارات موجبة.

كانت زيارتنا الاولى برفقة الزميل العزيز اسامة الغزولي للقرية البيئية المسماة «زاد المسافر» التي اقامها الاعلامي عبده جبير في احضان الفيوم الخضراء بعد عودته من الكويت، ويمكن لزائر القرية ان يقيم بها وان يستمتع بالطبيعة والأكل الشهي من بط وسمك وفراخ غير ملوثة بالمبيدات وكل ذلك بسعر مغر جدا والقرية مليئة بالسائحين الاجانب الذين يعجبهم هذا النوع من الحياة.

ثم توجهت والزميل «مجاور النيل» الى مرسى مطروح وأقمنا في فندق سان جيوفاني الساحر الذي يقع على شاطئ الغرام حيث الصخرة التي غنت عليها الراحلة ليلى مراد اغنيتها الشهيرة «احب اتنين سوا، الميه والهوا» وقد سمي الشاطئ والشارع باسم الفيلم، وفي مطروح فندقان آخران هما الماظة وكارلوس ويقعان على شواطئ بيضاء وبحور متعددة الالوان وجميع تلك الفنادق تصنف بخمس او حتى سبع نجوم.

وارتحلنا برفقة صديق من مرسى مطروح هو السيد عبد بونويجي الذي ينتسب لقبيلة اولاد علي الى واحة «سيوة» الشهيرة التي تقع على بعد 300 كم من مطروح والواحة جميلة وتستحق الزيارة بعد انتهاء الاعمال في الطريق المباشر لها من القاهرة والذي سيختصر المسافة الى النصف وقد لاحظنا كثرة السائحين الاجانب فيها وتشتهر الواحة بتمورها وزيتونها ومياهها المعدنية ورمالها الساخنة التي تشفي امراض الروماتيزم.

ومما يحسب بالقطع لعهد الرئيس محمد حسني مبارك العمل الدؤوب والمتواصل لانشاء بُنى اساسية من طرق سريعة وخدمات ومدن متطورة على طول الطريق من القاهرة الى الاسكندرية وصولا الى مرسى مطروح وقد توقفنا في احد تلك المشاريع في طريق عودتنا للقاهرة والحقيقة ان ما شاهدناه من مروج خضراء وملاعب غولف ومطاعم ووسائل ترفيه يجعل تلك المنتجعات تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة و.. عمار يا مصر، غيرك يدمر وانت تبنين.

آخر محطة:
زرنا ابان زيارتنا للقناطر الخيرية قرية «سنتريس» المجاورة التي ينتمي اليها «الدكاترة» زكي مبارك وقد سعدت بمشاهدة بيته ومكتبته وقريته التي كنت اتابع ما يكتبه عنها في مقالاته بمجلة «الرسالة» المصرية في الثلاثينيات والاربعينيات من القرن الماضي.

سامي النصف

نحو تعريف جديد للبطل العربي

تمر علينا هذه الأيام ذكرى استشهاد أحد أبطال العرب الكبار ونعني الشهيد رفيق الحريري الذي من علامات ورموز بطولته انه أوقف الحرب الأهلية في لبنان عبر تبنيه لمشروع اتفاق الطائف في وقت يفخر فيه الآخرون من لوردات الحرب اللبنانية بإشعالها وتدمير وطنهم الثاني.. المائة!

ويحسب للشهيد الحريري انه عمّر لبنان الذي خرّبه منتقدوه، وحقنه لدماء أبنائه في وقت يبني فيه الآخرون عروش زعمائهم على جماجم الأبرياء من مواطنيه، ولم يعرف عن الشهيد انحيازه او تعصبه الديني أو الطائفي في وقت يفخر فيه منافسوه بانتماءاتهم الدينية والطائفية المدمرة.

وكما أنقذ الشهيد البطل الحريري لبنان من مأساته في حياته، استطاع عبر استشهاده وبعد مماته أن يحرر بلده من الاحتلال وان يوقف من عملية تسجيل قضايا الاغتيالات ضد مجهول عبر إشراك العالم أجمع في إصدار القرارات الأممية التي ستتأكد من عدم ذهاب تلك الجرائم دون عقاب كما هو الأمر المعتاد في لبنان.

إننا في حاجة هذه الأيام لتعريف جديد للبطل العربي بعد امتلاء تاريخنا المعاصر بالطغاة والقتلة والمغامرين والغزاة ممن أحالوا هزائمهم النكراء إلى انتصارات وهمية كاذبة، ونحتاج توازيا لتعريف جديد لمفهومي الهزيمة والانتصار في قاموسنا العربي.

فأي انتصار هذا الذي تم في غزة وقد سُفكت دماؤنا لا دماء الخصم، وهدمت مبانينا لا مبانيهم، وحوصرت أرضنا لا أرضهم، وعاش أهلنا في العراء والجوع والبرد القارس بينما يعيش مواطنوهم في البيوت والمستوطنات الدافئة والآمنة، كما تيتم أبناؤنا لا أبناؤهم وترملت نساؤنا لا نساؤهم وثكلت أمهاتنا لا أمهاتهم؟ إن كان هذا هو الانتصار بالمفهوم العربي والإسلامي فمرحى مرحى بالهزائم التي لن تكون بالقطع أسوأ من تلك الانتصارات.

آخر محطة:

تسببت الانتصارات المتتالية المذهلة في تحول الإسرائيليين إلى التوجه اليميني المتطرف الرافض لمبدأ الدولتين والمشجع لعمليات الاستيطان، وهيك نصر لن ينتج عنه إلا.. هيك نتيجة. هذه النوعية من الحروب تجعلنا نُصر على خيار السلام والاعتراف بإسرائيل، لا حفاظا على وجودها بل على وجودنا قبل ان نتحول إلى أمة عربية منقرضة.

سامي النصف

كيف تتحول الكويت لمركز مالي؟!

حلم «كويت المركز المالي» يمكن له أن يتحول الى حقيقة جميلة قائمة متى ما تم تسليمه إلى أيد أمينة توصله الى بر الأمان وذلك عبر الاطلاع الشديد والاستعانة بالخبرة الدولية «الملائمة» وان يوكل أمره إلى من يبحث عن مصلحة الكويت لا مصلحته الخاصة.

والذي يريد الخبرة في أعمال النجارة لا يأتي بحداد بل بنجار، والحال كذلك مع مشروع كويت المركز المالي الواعد الذي يحتاج إلى الاطلاع على ما كتبه من نجحوا في تحويل بلدان عالمهم الثالث إلى مراكز مالية وسياحية يشهد لها العالم اجمع كحال «لي كوان» الذي كتبتُ فيما سبق عن كتابه الرائع «من العالم الثالث الى الأول» والطبيب وعضو البرلمان ورئيس الوزراء مهاتير محمد الذي سنستعين ضمن المقال الحالي ببعض ما كتبه في كتبه ومقالاته لعله يرسم لنا الطريق الأمثل للتحول للمركز المالي المنشود.

يقول مهاتير ضمن رؤيته لماليزيا 2020 ان أول الأمور التي قام بها لتنويع مصادر الدخل والابتعاد عن الاعتماد على المواد الخام هو فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب عبر إغرائهم بالمزايا والعطايا وتملكهم الكامل لشركاتهم والبعد عن فرض نظام الشراكة أو الضرائب الباهظة عليهم فالمهم في نظره ان يصنعوا ويصدروا ويحضروا العملات الصعبة وان يوفروا فرص عمل للشباب الماليزي، ويقول: كان مغريا أن نضع كثيرا من الضوابط والشروط عليهم إلا أن هذا الأمر كان سينفرهم ويتسبب في هربهم.

ويتحدث مهاتير عن أهمية وجود حكومة قوية لتشجيع عمليات التنمية فيقول نصا: «ستقلق الحكومة الضعيفة من إمكانية هزيمتها أمام المعارضة وستجد نفسها، دون ان تشعر، تركز على سياسة البقاء وليست التنمية الاقتصادية» ويبين ضرورة خروج الوزراء والموظفين الحكوميين إلى أماكن التنفيذ للتأكد بشكل مباشر من تنفيذ قرارات مجلس الوزراء الأسبوعية وقد تم إنشاء وحدة تطبيق (ICU) لإزالة العقبات أمام تنفيذ المشاريع وللتأكد من ان الاستثمار الأجنبي سيؤدي لنقل التكنولوجيا وعلوم الإدارة الحديثة للماليزيين وتحويلهم من طاقات خاملة الى منتجة.

ويستطرد مهاتير القول: «ان هناك رغبة دائمة للإنفاق الشديد في ماليزيا إلا أن الواجب هو التأكد من ان المشاريع المقامة هي مشاريع مدرة للأرباح ولا تستوجب الصرف عليها بشكل دائم» كما يشير إلى كيفية تعامله مع الأزمة الاقتصادية الكبرى التي اصابت ماليزيا وشرق آسيا عام 97 وكيف أسس 3 مؤسسات للتعامل مع (1) الديون المعدومة (2) الشركات المشارفة على الإفلاس (3) البنوك المتضررة من الأزمة الاقتصادية، كما يتطرق لكيفية التعامل الأمثل مع الخصخصة ومع النقابات المهنية والكتل السياسية المختلفة… الخ.

آخر محطة:
 كيف يمكن الحديث عن «كويت المركز المالي» ونحن نحارب المدارس الأجنبية بدلا من تشجيعها وهي من يخرج الكوادر المؤهلة للعمل مع الشركات الأجنبية ويلبي متطلباتها.

سامي النصف

نادي الاستقلال

لم أكن سابقا منضما لنادي الاستقلال ولا اعتقد أنني سأكون بالضرورة عضوا فيه فيما لو تمت إعادة إشهاره، لذا أرى أنني أقرب للحياد والموضوعية في موضوعه.

أعتقد أن على الحكومة أن تسمح بعودة النشاط لنادي الاستقلال حفاظا على الحيدة والعدل والإنصاف تجاه القوى العاملة على الساحة السياسية الكويتية خاصة أنها تسمح في الوقت الحاضر لقوى تزمع استجوابها وإسقاطها بالعمل والحال كذلك مع القوى المتطرفة من جميع الألوان التي تستهدف زلزلة كيان الدولة والتي يمكن لتخندقها ان يحرق البلاد ويضر بالعباد.

إن على الحكومة أن تشجع توازن القوى في المجتمع وأن تدعم دعاة الدولة المدنية كما تدعم دعاة الدولة الدينية سواء بسواء حيث لا فائدة من الاستمرار في المسار الخاطئ السابق الذي يرجح كفة على كفة أو يدعم هذا التوجه ويعادي ذاك.

إن أدلجة ودروشة المجتمع الكويتي عبر السماح لتيار واحد بالعمل وتجنيد الأتباع لا يتماشى على الإطلاق مع التوجه الاستراتيجي الهادف لتحويل الكويت لمركز مالي عالمي حيث لن يتقاطر السياح والمستثمرون على بلد يسود الانغلاق أجواءه وتعادي قواه السياسية توجهاتهم الليبرالية.

إن على الحكومة أن تحزم أمرها سريعا فيما يخص مسألة نادي الاستقلال كي لا تخسر دعم ممثلي تيار سياسي كبير في البلد، كما ان عليها ان تدعم وتقوي التيار الوطني في البلد بعد أن ازدادت قوى الولاءات البديلة شراسة، كما ان عليها ألا تحسب تيار نادي الاستقلال على زيد أو عمرو من الناس ممن تسببوا في حله في المقام الأول كونهم لم يعودوا فاعلين على الساحة السياسية.

آخر محطة:
نتفهم تماما مبدأ عفا الله عما سلف وأن نغفر لمن وقف ضدنا إبان الاحتلال الغاشم، ما لا نفهمه أو نتقبله المحاولة الفجة لتزييف الحقائق أمام النشء الكويتي عبر الادعاء الكاذب بأن هذه المجموعة أو ذاك التوجه لم يفرح لأنيننا ويسعد لاحتلال بلدنا ويطرب حتى النخاع بسفك دمائنا، إذا ما استمر الحال فلن نتعجب لو قيل إن ما حدث في أغسطس 90 لم يكن إلا حلم ليلة صيف ولم يكن هناك احتلال ولا يحزنون.

سامي النصف

استجوابات ومحاسبة ونواب القروض

للدستور نصوص وللدستور روح، الاستجواب في روحه كما يتفق عليه الخبراء الدستوريون هو عبارة عن سؤال او اسئلة توجه للمسؤول المعني في قضية «محددة» فاذا لم يعجب النائب رد المسؤول أحاله ـ وبشكل محق ـ الى استجواب، الذي هو سؤال نيابي مغلظ يقصد منه البحث عن الحقيقة في امر ما.

فكيف يصح ـ ضمن المعادلة السابقة ـ ان يقدم استجواب للمسؤول ثم يعلن بعد ذلك ـ لا قبله ـ ممن قدموا الاستجواب انهم سيبحثون عن محاور له؟! لقد قلنا وكررنا ان الاستجوابات في العالم تقوم على القضية وان استجواباتنا تقوم على الهوية ومبدأ «ابيك، ابيك» وهي ثقافة سياسية مدمرة مستحدثة تفرغ دستورنا الرزين من محتواه وتجعله اداة رخيصة للمشاكسة بين السلطات، ارى ان الامر يحتاج لرأي المحكمة الدستورية في تلك الممارسة الخاطئة ـ ومعها الرأي ـ فيمن يعلن ويحدد موقفه من الاستجوابات قبل المداولة لا بعدها.

اعادة الثقة بالوزير احمد العبدالله امر جيد ولكن ماذا عن بقية من ظلموا في موجة استجوابات الهوية والاستقصاء الظالم امثال الشيخ علي الجراح ود.معصومة المبارك والنوري والسنعوسي والصبيح… الخ ومعهم رئيس الكويتية طلال المبارك الذي كان جل ذنبه انه لا يجامل في الحق ولا يضعف امام ضغوط النواب كما اثبتت الأيام صحة موقفه من تحديث اسطول «الكويتية» الذي يتحمل مسؤولية إلقائه ـ للعلم ـ الوزير المعني آنذاك لا نواب مجلس الامة.

نبارك للكويت اختيار السيد عبدالعزيز العدساني رئيسا لديوان المحاسبة كونه يمثل امتدادا جميلا للراحل الكبير براك المرزوق، نرجو أن نرى قريبا وفي عهد «ابو يوسف» منح رجال الديوان حق احالة المخالفات الجسيمة الى النيابة العامة وان يتم التعامل بجدية تامة مع المخالفات المرصودة من قبل الديوان وان توقف في المقابل العلاقة «المحرمة» بين بعض موظفي الديوان وبعض النواب حيث يأمر الاخير فينفذ الاول ويتم رصد مخالفات مصطنعة بقصد خلق ارضية صالحة لاستجوابات يستقصد من خلالها الأكفاء والمصلحون.

اتى في حكم المحكمة الدستورية أنه لا يجوز رصد مخالفات على وزير ما في مرحلة ما قبل تعيينه، بالقياس هل يجوز لديوان المحاسبة ان يتضمن تقريره لعام 2009، على سبيل المثال، مخالفات حدثت في وزارة ما عام 2000 او في السبعينيات؟ تقرير مثل هذا يدين الديوان قبل ان يدين الوزارة كونه هو الذي سكت عليه طوال هذه السنوات، كما ان اخراجه في هذا الوقت يعني استهداف المسؤول الجديد في قضايا حدثت قبل توليه المسؤولية، نرجو ان يتضمن تقرير الديوان سنة التقرير فقط والا يتعداها الا في قضايا كبرى ولأسباب واضحة.

يطالب البعض بأن يفصح النواب الذين لهم مصلحة في مشروع دعم الشركات، وهو مطلب محق، وان كان علينا ان نحدد تلك المصلحة، اي هل تعني من يملك سهما واحدا في احدى الشركات؟ ولكن ماذا عن المستفيدين من قانون شراء القروض والفائدة هنا اوضح واجل واكثر تكسبا؟ حيث كيف يصح لنائب او نواب ان يروّجوا لإسقاط القروض وهم من كبار المستفيدين من ذلك المقترح الذي لا يراد له ان يختص بالمعسرين وضعاف الحال بل ان يستباح المال العام عبر شراء قروض «المقتدرين» وبعض النواب بالطبع على رأسهم؟

آخر محطة:
 لماذا لا يعلن نواب القروض عن رغبتهم في عدم الاستفادة الشخصية من مشروع اسقاط القروض كي يعلم الناخبون ان كانوا يستهدفون افادة المقترضين أم افادة الذات؟ او ماذا عن المقترضين الجدد بعد اسقاط القروض؟ هل ستشترى قروضهم طبقا لمبدأ المساواة الدستوري ام سيميز ضدهم؟

سامي النصف

أودلف ورودولف

الاعلان في جريدة «النيويورك تايمز» عن وفاة الطبيب النازي في القاهرة بعد أن أمضى فيها أكثر من اربعة عقود متخفيا يعيد للاذهان قصة مؤسس النازية ونعني ادولف هتلر ونائبه رودولف هيس اشهر سجين سياسي في التاريخ والذي كانت تحرس سجنه الانفرادي طوال ما يقارب 50 عاما جيوش الدول الاربع العظمى في العالم.

ولد رودولف هيس في حي الابراهيمية في الاسكندرية لتاجر ألماني استقر وعاش بها ثم عاد لوطنه ليلتحق ابنه هيس بأرقى المدارس السويسرية، حيث امتاز بالتفوق الدراسي والذكاء الشديد، ثم انضم للجيش الالماني في الحرب العالمية الاولى وتعرف على هتلر ودخل معه السجن وعرفه على العالم والفيلسوف الالماني هاوسهوفر الذي سحر هتلر بفكره ونظرياته السياسية.

وتدعو افكار هاوسهوفر التي تأثر بها هتلر وضمها كتابه «كفاحي» الذي يقال ان هيس هو من قام بكتابته نظرا لثقافته العالية وضعف ثقافة هتلر الى ضرورة تفادي الحرب مع الانجليز، وكان هيس يؤمن كذلك بضرورة خلق محور للدول الانجلوسكسونية أي ألمانيا وبريطانيا وأميركا لمحاربة الشيوعية والعنصر السلافي في روسيا وشرق أوروبا بدلا من التحالف مع ايطاليا واليابان.

لذا فما اعلنت بريطانيا الحرب على المانيا وعقدت المانيا معاهدة سلام مع روسيا حتى اختلت الامور عند هيس وقرر السفر سرا لبريطانيا للالتقاء باللورد هاميلتون صديق كل من هاوسهوفر وتشرشل لعقد اتفاق يوقف الحرب بين بلديهما تمهيدا لغزو روسيا المقرر له ان يبدأ بعد 10 ايام من زيارته كي يتم محو الشيوعية من العالم.

كانت معضلة هيس ان آخر علمه بقيادة الطائرات كانت قبل 20 عاما عندما كان في العشرينيات من عمره اضافة الى عدم قدرة الطائرة «شميت 100» على الوصول الى اسكوتلندا وهو امر تم حله عبر عملية تدريب سريعة له ساعدته عليها قدراته المتميزة ثم ازالته لمقعد مساعد الطيار ووضع خزان وقود احتياطي بدلا منه.

وصل هيس بطائرته ليلا فوق اسكوتلندا ولم يرغب في النزول بها حتى لا يكشف الانجليز سر صناعتها لذا قرر القفز بالبراشوت منها قبل تحطمها، وكانت المرة الاولى له لذا ارتطم بالارض ونقله المزارعون للمستشفى دون ان يعرفوا هويته ولم يعر تشرشل لوصول هيس اي اهمية وفضل عليه مشاهدة فيلم سينمائي ثم عومل كأسير حرب وحكم عليه بالمؤبد في محاكمات نورمبرغ ولم يسمح له بأن يتحدث مع احد طوال فترة سجنه حتى وفاته وقيل انه اخذ معه الى القبر أعظم اسرار تلك الحرب.

سامي النصف

أنا والدكتور

كنت قد انتقدت دعوة احد المسؤولين للشراء من البورصة، وقبلها كتبت منتقدا دعوة بعض المحللين الاقتصاديين ضمن البرنامج الصباحي في تلفزيون الكويت للشراء من البورصة آنذاك بحجة ان الأسعار متهاودة، ثم نقلت في مقال لاحق ما قاله اغنى رجل في العالم من ضرورة الدراسة قبل الشراء وتزكيته لأسهم قطاع «الاتصالات» وقد ألحقت ما قاله بتزكية شراء أسهم «زين السعودية» للاتصالات كونها تباع بسعر الاكتتاب وهو 10 ريالات.

كتب بعدنا دكتور علوم سياسية في الزميلة «السياسة» منتقدا نفس المسؤول الذي انتقدناه إلا انه وضع اسمنا معه (!) وكأننا قد زكينا ـ لا انتقدنا ـ ما قاله ذلك المسؤول، وقد ارسلنا إليه رسالة خاصة نطلب منه تحري الصدق فيما يكتب عبر العودة لمقالنا المنشور وقد تأملنا ان ينشر في وقت لاحق تصحيحا كما تقتضي الأعراف، إلا انه لم يفعل، لذا اضطررنا للكتابة والإيضاح.

وكان موقع «العربية.نت» قد التقى مع نهاية العام بكثير من المختصين الاقتصاديين في الخليج وخرج بمانشيت في 30/12 فحواه ان قطاع الاتصالات هو الملاذ الآمن لمن خسر في القطاعات الأخرى، كما نشرت مجلة «مال وأعمال» قائمة بأكبر 1000 شركة في الخليج في مرحلة ما بعد الكارثة ضمت الست الأوليات، منها 4 شركات اتصالات، كما ارتفع سعر «زين السعودية» من 10 ريالات الى ما يقارب 12 ريالا هذه الأيام اي حصد من استمع لما كتبناه ما يقارب 20% وهو ما يعادل ارباح الودائع للخمس سنوات المقبلة.

ونشرت جريدة «المصري اليوم» بتاريخ 2/2/2009 مقارنة تستحق الإشارة إليها، فقد طرح سهم الشركة المصرية للمحمول في فبراير 1998 بسعر اكتتاب 10 جنيهات واصبح سعره في 31/12/2008 (146) جنيها اي بزيادة 1361% ونزل في نفس التاريخ اي 1998 سهم شركة نصر للمنسوجات للاكتتاب بـ 102 جنيه واصبح سعره في 31/12/2008 لا يتجاوز 1.3 جنيه اي بانخفاض قدره 99%، فهل أصبنا أم أخطأنا فيما كتبنا؟!

وكتب نفس الزميل المختص في العلوم السياسية قبل يومين مقالا قال فيه ان من «المعروف» ان حكم الديموقراطيين في أميركا يتسم بالضعف في مجال السياسة الخارجية اي انه ليس ميالا لاستخدام القوة.. إلخ. اي ان الجمهوريين هم أصحاب القوة والحروب في الخارج والديموقراطيين هم اصحاب السلام والانكفاء الى الداخل.

حكم الجمهوريون في بداية القرن الماضي 3 دورات متتالية دون حرب وما ان وصل الديموقراطيون للحكم حتى ادخل الرئيس الديموقراطي ويلسون أميركا في الحرب الكونية الأولى رغم انها لا ناقة ولا جمل لها فيها، وتلى ذلك انتخاب 3 رؤساء جمهوريين دون حرب حتى وصل الديموقراطي روزفلت للحكم فأدخل اميركا في اتون الحرب الكونية الثانية عبر إعلانه الحرب على ألمانيا رغم ان اليابان هي من هاجمته، وكان الاتحاد السوفييتي قد اكتفى بحرب ألمانيا التي هاجمته دون محاربة اليابان حتى 3 أشهر من انتهاء الحرب في عام 1945.

وتلا روزفلت الرئيس الديموقراطي ترومان الذي ألقى بالقنبلة الذرية على اليابان ثم ادخل اميركا الحرب الكورية اعوام 1950-1953 والتي اوقفها الرئيس الجمهوري ايزنهاور، وبقيت اميركا دون حروب حتى وصل الرئيس الديموقراطي كنيدي الذي خطط لغزو كوبا ثم اوصل العالم لشفا حرب نووية عالمية ابان ازمة الصواريخ، تلاه الرئيس الديموقراطي جونسون الذي ادخل بلده في حرب ڤيتنام التي اطفأ نارها الرئيس الجمهوري نيكسون.

آخر محطة:
 كلفت حروب الرؤساء الديموقراطيين اميركا مئات آلاف القتلى بينما لم يزد ضحايا حرب تحرير الكويت عن 140 قتيلا ومثلها حرب تحرير العراق وان فقد بضعة آلاف في العمليات الانتحارية اللاحقة في العراق.

سامي النصف

بيبي التي أعرفها

أكتب من خارج الكويت وقد علمت في وقت متأخر بنبأ ترك اختنا العزيزة بيبي المرزوق لرئاسة تحرير «الأنباء»، وبيبي لمن لا يعرفها هي بحق أخت الرجال في كرمها ونخوتها وفزعتها، حيث تجدها الأولى عند الملمات والشدائد التي تفحص وتمحص من خلالها المعادن، وكم تساقط رجال كبار في مثل تلك المواقف وكم تلألأ معدن بيبي فيها.

وبيبي التي اعرفها شديدة الثقافة والمعرفة وقل ان تجدها في مكان ما دون ان تجد معها كتابا تقرؤه، كما ان لديها اطلاعا واسعاً على المواضيع التي تطرح على الساحة فلا تناقشها في أمر ما إلا وتجدها قد ألمت به وسبرت غوره بشكل مفصل، وقد فوجئت أكثر من مرة حين كتابتي ضمن مقالي عن بعض الكتب أنها قامت بعد ذلك بشراء تلك الكتب وقرأتها.

وبيبي التي أعرفها شديدة الوطنية عاشقة حتى النخاع لبلدها، لا تتردد في التضحية بسبق صحافي او خبر اعلامي كبير ان كان فيه ما يضر الكويت، ومازلت اذكر لها سهرها الليالي الطوال في مطابع الأهرام ابان الاحتلال كي تصدر جريدة «الأنباء» حاملة وجهة نظر الكويت للعالم اجمع فمصلحة البلد ومصلحة اسرة الخير هي خطوط حمراء لدى بيبي لا تقبل النقاش حولهم او اللعب على تناقضاتهم.

وقد ترافقت مع اختنا بيبي ضمن الرحلات الأميرية والتقينا بإعلاميين كبار في الغرب ودول شرق آسيا، وكانت بيبي تعكس في كل مرة صورة ناصعة للمرأة الكويتية لقدرتها المتميزة على النقاش وشرحها المسهب للمواقف الكويتية، لا اعلم اين ستتجه بيبي إلا انني على يقين من أنها اضافة حقيقية لأي عمل ستتقلده.

أما الرئيس الجديد للتحرير يوسف خالد المرزوق فقد التقيته ذات صباح في الثمانينيات في منزل والده العامر في ماربيا وقد قام العم خالد المرزوق ـ اطال الله في عمره ـ برمي يوسف، وقد كان في سنوات عمره الأولى، في الجزء العميق من حمام السباحة وقد وجدنا يوسف وهو يتعلم العوم سريعا، ومنذ الوهلة الأولى، ويتجه لضفاف الأمان على حافة الحوض.

واعتقد ان العم خالد قد رماه هذه المرة كذلك في بحر الإعلام العميق وهو يعلم قدرة يوسف السريعة على التعلم والتوجه بـ «الأنباء» العزيزة الى المقدمة، فأهلا بيوسف ضيفا عزيزا على بلاط صاحبة الجلالة، ومرحبا به في مهنة المتاعب كخير خلف لخير سلف.

آخر محطة:
محاولة للفهم، لقد رفض مقترح اسقاط القروض عندما كان سعر برميل النفط فوق المائة دولار وعوائد الاستثمار في أعلى مستوياتها، فهل يجوز ان يقر ذلك المقترح ونحن في اسوأ حالاتنا الاقتصادية وامامنا اعوام سوداء عديدة قادمة؟! لست ادري.