سامي النصف

التحذير من الانهيار الاقتصادي الكبير

في ديموقراطيات الدول الاخرى يرسم المختصون في الاحزاب الكبرى السياسات الاقتصادية والتعليمية والصحية للبلاد، وتعكس بعد ذلك تصريحات النواب تلك السياسات المرسومة لهم، وفي ديموقراطية «حارة كل من ايدو الو» التي نعيشها اصبح كل نائب وحتى كل مرشح، حتى لو لم يحمل الا الشهادة الابتدائية ولم يقرأ قط ورقة في حياته، مفتيا واخصائيا كبيرا في كل الأمور.

فيفقعنا كل صباح ذلك النائب السابق أو المرشح الحالي بتصريح اقتصادي خطير يحار في تفسيره ادم سميث وكارل ماركس معا، وفي الظهيرة يتململ العالم اينشتاين صاحب النظرية النسبية في قبره مما يسمعه منه من تقييم لتقنية المفاعلات النووية في المنطقة، أما في المساء والسهرة فيتفرغ المحروس حفظه الله لتصريحات عميقة حول التنمية والبيئة والبنى الاساسية وكيفية معالجة اشكالية ثقب الاوزون وأي من الخيوط انفع لرقعه.

وفي الدول المتقدمة تصبح قصص نجاح الشركات الكبرى ومدرائها أمرا يقتدى به ولا يفرح احد قط بفشل أو اخفاق هذه الشركة أو تلك، وتصنف عادة بعض الشركات الرئيسية بـ «انها اكبر من ان يسمح لها بالفشل أو السقوط»، اما في بلد الحقد والحسد فلا ينظر قط بإعجاب لكبار الاقتصاديين والمنجزين في كافة المجالات، بل نرى الحبور والسرور لتعثر شركات كبرى مثل جلوبل والدار وغيرهما مما يعمل لديها آلاف الكويتيين والوافدين، ولا حول ولا قوة الا بالله.

يدعي البعض ان الشركات المساهمة العامة لا تقدم شيئا للاقتصاد المحلي بعكس الشركات الاجنبية التي تدفع الضرائب، والحقيقة كالعادة هي أبعد ما يكون عن ذلك القول، فشركاتنا المساهمة التي يملكها للعلم مئات آلاف المواطنين الكويتيين، لا رؤساء مجالس اداراتها، تدفع 3 ضرائب لا واحدة للبلد: اولاها ضريبة مؤسسة التقدم العلمي، وثانيتها ضريبة الزكاة للفقراء والمحتاجين، والضريبة الثالثة هي تحملها لكافة تكاليف ومصاريف مشروع دعم العمالة الوطنية، وكفى افتراء على تلك الشركات.

وقد تمخضت قمة العشرين عن تخصيص مبالغ جاوزت المليار مليار دولار جديدة (تريليونا) لضخها في الاسواق المالية في محاولة اخرى لوقف كرة الثلج المتدحرجة ولإعادة الثقة بالاقتصاد المحلي والعالمي.

والواجب علينا بعد اقرار مشروع الاستقرار المالي ان يترك لمحافظ البنك المركزي والفريق الاقتصادي المختص مرونة الحركة، فلا احد يعلم بشكل مسبق حجم المبالغ اللازمة لايقاف التدهور ولنضع جميعا ثقتنا بكبار المختصين كحال الدول الاخرى، لا بيد من لا يعون تبعات مزايداتهم الانتخابية على أمن البلد والتي ستجعل ثمن وصولهم للكراسي الخضراء الاغلى في العالم كونه سينتج عنه تدمير للوطن.

آخر محطة:

بدأنا نصدق بالفعل ان بعض المزايدات التي سبق ان ساهمت في وقف عملية التنمية في البلد والتي تروم هذه الايام وقف مشروع الاستقرار الاقتصادي بهدف تدمير البلد، ليست مصادفة على الاطلاق، بل هي مواقف مدفوعة الثمن من قبل بعض الجهات المستفيدة من خراب الكويت وتخلفها. حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له، لا احد يصدق في هذه الاوقات العصيبة ان يحقق البعض نسب أرباح تبلغ عشرات الآلاف في المائـة (!)، والسر سهل وبسيط ويمكن لجميع الشركات الاخرى ان تقتدي به في غياب الرقابة، وملخصه استدخال اصول يملكها اعضاء مجلس ادارة الشركة المعنية بأثمان مضاعفة آلاف المرات، فما يساوي مليونا يسجل سعره بمئات الملايين، وهكذا، ولا عزاء للمصداقية في البلد.

سامي النصف

إزالة مخالفات لا إزالة مساجد

لو يعلم من اخترع الديموقراطية بما يجري في بلدنا من جرائم تحت مسماها لقطع شرايينه واسال دمه حسرة وندما على اختراعه، ان الملتحقين الجدد بسنة اولى «حضانة» ديموقراطية ـ لا بعد نصف قرن من الممارسة ـ يعلمون جيدا ان صلبها واول اسسها هو رقابة نواب الشعب على الحكومة لمنعها من التجاوز على الاراضي والاموال العامة بعكس ما يحدث لدينا، حيث تحاسب الحكومة على التزامها بالقوانين لا مخالفتها.

ولا يعلم احد سبب ولع بعض المرشحين والنواب السابقين بعملية التعدي على الاملاك العامة التي نملكها جميعا وتملكها بعدنا اجيالنا القادمة وعشقهم رغم قسمهم الدستوري لرائحة ومناظر «الشينكو» و«الكيربي»، خاصة ما يقام منها على الاراضي المسروقة من الدولة، فتراهم يهددون بالثبور وعظائم الامور لمنع ازالة المخازن والشبرات التي تشوه المناظر العامة وتضايق الاهالي بحجة المحافظة على العادات الاجتماعية وما علمنا او خبرنا ان عاداتنا المتوارثة كانت تسمح باقامة المباني دون احم او دستور على اراضي الغير.

هذه المرة وصل الصياح والدغدغة والافتراء لاجل الانتخاب للمتاجرة بمسميات بيوت الله من قبل العالمين بحقيقة المساجد الضرار والمخازن التي لا يصلى بها، كما حدث من ازالة المخزن الشهير الذي سكت عنه عشرة من نواب المنطقة المقام بها والعالمين بصحة قرار الازالة وصاح به مدغدغون آخرون، اصبح صريخهم اشبه بصواريخ تهدد وتدمر اسس العدل والقانون والتنمية والديموقراطية في البلد.

ان ما يزال هذه الايام هو شبرات مخالفة لا مساجد مرخصة من قبل الدولة، فالكويت بلد شديد الاسلام فيه من المساجد ما يفوق عددها في قاهرة المعز ذات الـ 20 مليون نسمة، ولم نجد سببا واحدا يقنعنا بصحة المطالبين بإبقاء تلك «المخالفات» عدا رغبة بعض المدغدغين في ان تتمدد وتتوسع تلك المخالفات لنشهد مرة اخرى شبرات شينكو وكيربي امام كل بيت في الكويت تستخدم كمخازن مؤجرة واسكان للعزاب ومأوى غير مراقب للمتشددين والمتطرفين.

وهل نأمل بعد ذلك من الشباب المستنير في كل المناطق حجب اصواتهم عن دعاة الفوضى والتعدي والتخريب والتأزيم المستمر ممن بات البعض منهم يهدد بوقف عمليات التنمية المستقبلية في البلد عبر الاستجوابات التي يتوعدون بها الحكومة التي لم تشكل بعد، وهو امر لا مثيل له في الغباء والجهل في العالم، ان احدا لن يأخذ من هؤلاء المرشحين الا الوعود الكاذبة والاصوات العالية وخير منهم من يعد شعبنا بالعمل والحكمة وطرح الاقتراحات البناءة واطفاء النيران لا التوعد باشعالها.

آخر محطة:
ارجو الا نقوم في الانتخابات المقبلة بعملين متناقضين تماما، اي ان نشتكي من تخلفنا عن الجيران وسوء خدماتنا الصحية والتعليمية وتفشي البطالة.. الخ، ثم القيام بانتخاب المرشحين المتأزمين، فالمسؤولية هذه المرة لا تتحملها الحكومة ولا حتى هؤلاء النواب المخادعون، بل يتحملها من يوصلهم للكراسي الخضراء كي يمارسوا الخراب والدمار المعتاد.

سامي النصف

وبدأ التسونامي الاقتصادي تدميره

بينما نحن مشغولون بأزماتنا السياسية وانتخاباتنا النيابية ومعاركنا الإعلامية والكلامية بدأ يجتاح الكويت تسونامي اقتصادي مدمر لم نشهد له مثيلا في تاريخنا، ستسقط مقدمته الشركات المساهمة بمختلف أنواعها، ثم يتعداها الى البنوك التي اقرضتها ومنها الى كينونة البلد ومواطنيه حيث سيتسبب تفعيل قانون ضمان الودائع في تسييل جميع أصولنا وبيعها بأبخس الأثمان لدفع أثمانها للمودعين ما يعني التدمير الكامل لاقتصادنا وتوقف الدولة على الأرجح عن دفع الرواتب والأجور في المستقبل.

وإذا كنا نفهم ونتفهم ان تربح أو تخسر هذه الشركة أو تلك مليونا أو خمسة ملايين دينار، إلا أننا لا نستطيع ان نستوعب أرقام خسائر مجنونة كأن تخسر شركة مواد بناء ما يقارب المائة مليون دولار في حقبة كان فيها الطلب على أشده على تلك المواد، فمن أين أتت الخسائر؟ وأين ذهبت الأموال؟

ويردد بعض الساسة والأكاديميين والإعلاميين كالببغاء ان إنقاذ الشركات والبنوك في الشرق والغرب تم لأنها تدفع الضرائب (!) ونحن لا ضرائب عندنا، متناسين ان ما دفع للاستحواذ على شركات العقار والتأمين والبنوك الاستثمارية الغربية لا يمكن ان يسترد من خلال الضرائب حتى بعد ألف عام، فخطط الإنقاذ قد فعّلت كي لا تكبر كرة ثلج الأزمة الاقتصادية وتدمر كل شيء أمامها.

انّ جعل دفع الضرائب مقياسا للإنقاذ الاقتصادي من عدمه في بلدنا يعني الا ننقذ الافراد كذلك، حيث ان المواطن الأميركي والأوروبي والآسيوي يقوم بدفع الضرائب التي لا يدفعها المواطن الكويتي فهل يعني هذا تركه لمصيره كحال تركنا للشركات المساهمة والبنوك؟!

ان كبار الخبراء والمستشارين في العالم يحذّرون من تداعيات أزمتي شركات الاستثمار في الكويت وشركات العقار في دبي ومازالت دولة الامارات تعمل جاهدة لحل اشكالها العقاري بينما يكتفي البعض الجاهل لدينا في الكويت باختزال ذلك التسونامي في أنه مشكلة 10 أفراد لا غير يراد إنقاذهم وتعجز الكلمات بعد ذلك عن الرد على تلك الافتراءات.

ان على الدولة ان تتحرك بسرعة بعد ان تأخرت كثيرا في ضخ الأموال والسيولة اللازمة للسوق وتلك المبالغ لن يعرف مقدارها حتى تبدأ خطوات العلاج الأولى، وهذا ما حدث تماما في الغرب حيث ضخت الأموال ثم ضخ المزيد منها حتى ان بعض دولهم تقوم هذه الأيام بضخ الأموال للمرة الخامسة في السوق لعل وعسى أن يتوقف التسونامي ويقل تضخم كرة الثلج الاقتصادية وتداعياتها الرهيبة.

آخر محطة:
آخر ما يحتاجه البلد هذه الأيام هو حناجر تصدح وتصرخ ضد مشروع الإنقاذ الاقتصادي كوسيلة للوصول للكراسي الخضراء على حساب تدمير الوطن.

سامي النصف

خيارات المرحلة المقبلة

في خضم ما يدور في الدواوين وعبر رسائل SMS من سيناريوهات المرحلة المقبلة نرى ان هناك على الأرجح 3 سيناريوهات محتملة الحدوث يأمل الجميع ان تخرجنا في النهاية من نفق الأزمات السياسية المتلاحقة التي عطلت البلاد وأوقفت مصالح العباد.

السيناريو الأول هو ان يتولى سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد رئاسة مجلس الوزراء ومعروف ان الشيخ نواف يحظى بشعبية كبيرة بين المواطنين ولدى أفراد الأسرة الحاكمة كي يتم بذلك تحصين موقع رئاسة الوزراء من عمليات الاستجواب الهادفة لزعزعة وضعضعة هيبة السلطة لأهداف لا تروم مصلحة الكويت.

وخيار الدمج ان تم يجب ان توازيه حلول ناجعة للآليات التي سببت المشاكل السياسية في البلد وعلى رأسها سوء استخدام أداة الاستجواب، حيث قد يرجعنا بعض النواب بعد الدمج لما هو شبيه بما تم قبل عامين من استهداف اغلب الوزراء بالاستجوابات الكيدية المتلاحقة، اننا بحاجة للجنة من حكماء وخبراء كويتيين تنظر في العمل لإرجاع الاستجواب لأهدافه الخيرة وترشيد استخدامه عبر تمريره على مكتب المجلس ووضع حد أدنى لعدد النواب الذين يتقدمون به.

السيناريو الثاني هو قبول الشيخ ناصر المحمد بالعودة لتشكيل وزارة جديدة وهو امر يجب ان يصاحبه ما أتى في الفقرة السابقة، اضافة الى الحاجة لخلق قواعد جديدة للعبة السياسية من قبل الحكومة واختيار اللاعبين المناسبين لتلك الحقبة، فالعودة للنهج السابق تعني بكل بساطة العودة لنفس معاناة الماضي.

السيناريو الثالث في حال تعذر العمل بالسيناريوهين الأولين لأسباب قاهرة هو ان يتم تكليف احد افراد الاسرة الحاكمة برئاسة الوزارة دون الالتزام بالاستمرارية والديمومة، بل تحدد المدة بمقدار التوفيق والإنجاز، ومن ثم سيكون هناك تدوير بين حين وآخر للرئاسة، ما سيقضي على دعاوى الحاجة لشعبية الوزارة ويعطي فرصة لعدد اكبر من افراد الاسرة الحاكمة لإظهار قدراتهم.

آخر محطة:
سمعنا في أحد الدواوين كلاماً يستحق الوقوف عنده، حيث تم التساؤل عمن يقف خلف الأزمات المتواصلة في البلد ومعارضة القوانين الهادفة لإنقاذ اقتصاده وقبلها خلق تشريعات طفّشت رؤوس أمواله، ومما قيل ان الأمر ليس صدفة او جهلاً بل وراء الاكمة ما وراءها.

سامي النصف

«تو الليل» و«الاتجاه المعاكس»

شاركنا هذا الأسبوع في تجربتين إعلاميتين: الأولى مع تلفزيون الوطن حيث استضافنا الأخ محمد المنصور والأخت نادية صقر ضمن برنامجهما الشائق «تو الليل»، وأول انطباع خرجنا به من تجربة تلفزيون الوطن انها ذات رائحة وعبق كويتي مميز استطاع ان يشد الأنظار إليه.

فمن لحظة الوصول كان هناك استقبال بالبخور ودهن العود بتوصية من الإعلامي المبدع أحمد الدوغجي والشرقاوي «الفلة» بن هندي، كما يمتاز الجو العام في الاستديو وضمن البرنامج بإضفاء روح المرح والابتسامة – العزيزة هذه الأيام لأسباب غير معروفة – على الوجوه، فالرسالة تصل دون غضب أو زعل لقطاع كبير من المشاهدين وأرى ان هذا هو أحد الأسباب الرئيسية لنجاح القناة.

ومن الرسالة الباسمة إلى الرسالة الغاضبة حيث أشارك الليلة في حلقة أخرى من برنامج الاتجاه المعاكس الذي مازال، وبعكس ما يعتقده كثيرون، مشاهدا من قطاع كبير من المسؤولين والمواطنين العرب لذا وان قل اهتمام الكويتيين به بعد سقوط صدام إلا أن استفادتنا من الظهور خلاله تتأتى من حقيقة اننا في الكويت أصبحنا نمثل الفكر الجديد غير المتأزم على الساحة العربية التي انقسمت الى تيار إعلامي «ثورجي» يتبع دولا ثورية عربية وإعلام ثوري عربي يتبع دولا عاقلة وحكيمة، ولم يبق أحد يمثل صوت الاعتدال والحكمة على الساحة العربية.

وهناك حقيقة تستحق الذكر في هذا السياق وهي انني لم أسمع قط من مقدم البرنامج ومُعدّه أي أفكار شخصية عدائية تجاه الكويت، وانما توجد لديهم كإعلاميين محترفين رؤى تجاه البرنامج يرون من خلالها انها واجبة لاستمرار نجاحه واستقطاب المشاهدين له.

وتتعلق حلقة الليلة بالعلاقة العربية – اللاتينية على ضوء القمة التي تضم الطرفين في الدوحة بقصد الوصول لعلاقة أوثق بعد ان ارتفعت أرقام التبادل التجاري بينهما من 7 مليارات ابان القمة الأولى عام 2005 إلى 21 مليارا هذه الأيام، وتضم دول أميركا اللاتينية الملايين من أصول عربية انقطعت صلاتهم بأوطانهم العربية.

آخر محطة:
تفكر بعض الأنظمة الثورية اللاتينية والعربية في تشكيل تحالف يضم دول جنوب العالم لمحاربة شماله، وفي هذا يقول الزعيم الراحل سعد زغلول: ان مجموع الأصفار هو صفر كبير.

سامي النصف

هل هناك ديموقراطية عربية؟!

الجزائر بداية التسعينيات، بعد فترة حكم شمولي قاربت الثلاثين عاما أتت الديموقراطية البيضاء واكتسحت التيارات المؤدلجة الانتخابات فوقف زعيمها عباس مدني ليعلن على الملأ ان ذلك آخر عهدهم بالديموقراطية مكررا ما قامت به الأحزاب النازية والفاشية والماركسية من وصول عن طريق صناديق الانتخاب ثم إغلاقها بالضبة والمفتاح وسقط بعد ذلك مائة ألف رأس جزائري ثمنا لذلك الفهم الخاطئ للعملية السياسية.

لبنان أقدم ديموقراطية عربية قائمة حتى اليوم وتحت مظلتها قامت حروب 58 و69 و73 و75 ـ 90 و78 و82 و2006 والخير لقدام، وتحت راية الديموقراطية اللبنانية تقوم ديكتاتورية قمعية مستترة التي منها ديكتاتورية صدام لزعماء الأحزاب والطوائف فمن يعارضهم أو يبدي رأيا آخر يقتل أو يفجر أو يهجر، وهؤلاء الزعماء ـ لا الشعب ـ هم من يقرر أسماء المرشحين والفائزين بعد ان يتسلم المقسوم منهم، وآخر إبداعات الديموقراطية اللبنانية الاختراع الجديد المسمى «الديموقراطية التوافقية» أي لا يهم من يختار الناس توجهه وبرنامجه فللآخر حق التعطيل والڤيتو!

العراق 2003 وسقوط أعتى ديكتاتورية في العالم وتنفس الشعب المظلوم الصعداء لتشرق بعدها ديموقراطية مدمرة اخرى تعتمد على الطائفية والعشائرية والانشطارية والانتحارية ونسف أسس المجتمع المدني القائم منذ قرون واستبداله بمليشيات القتل والنحر والتفجير التي أعاقت عمل الحكومات المتعاقبة لإصلاح البنى الأساسية للدولة.

الكويت وديموقراطية الغوغائية والدغدغة والنهب والسلب والشتم والسب، والعرقلة المستمرة لعمليات التنمية وتطوير البلد، ديموقراطية السرقات والرشاوى والواسطات والمقترحات المضحكة والمجنونة، ديموقراطية الصياح والتهديد والوعيد ومحاسبة الشرفاء وترك المتجاوزين، ديموقراطية اختزل دستورها وجهد آبائها المؤسسين بمادة واحدة هي «الاستجواب ولا شيء غيره».

وكان الصديق العزيز د.مأمون فندي قد اتصل بي قبل ايام للسلام وللسؤال عن الرأي فيما طرحه في مقاله الأخير بجريدة الشرق الاوسط المسمى «الحل في غير الحل» والذي اقترح خلاله الاخذ بنظام المجلسين كحال اغلب الديموقراطيات الاخرى المتقدمة منها والمتخلفة والتحول لنظام الدائرة الواحدة ـ غير المعمول به في الديموقراطيات الأخرى ـ والحقيقة ان المقترحين يحتاجان لنقاش عاقل وجاد وتعديل دستوري في بلد اصبح فيه الحديث عن تنقيح الدستور امراً يعادل ارتكاب جريمة الخيانة العظمى، وأخشى ما أخشاه مع عدم عمل دورات تدريبية للنواب الجدد ان يتقدم احدهم بطلب استجواب للصديق مأمون فندي كما طالب بعضهم الآخر، فيما سبق، بمنع دخول الشاعر العراقي «المرحوم» معروف الرصافي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:
بعد سلسلة فضائح بعض النواب المالية نرجو ان يكون اول مقترح يقدم للمجلس المقبل هو إنشاء «لجنة قيم» تحاسب وتسقط عضوية المتجاوز منهم.

سامي النصف

التيارات الوطنية في المناطق الخارجية

مما كتبه الزميل سعد العتيبي قبل ايام ضمن رده على احد الكتّاب طلبه أن يفتح التيار الوطني ابوابه لجميع اطياف المجتمع الكويتي ليكون تيارا وطنيا بحق ويبتعد عن النخبوية، وان الشباب المستنير في المناطق الخارجية لا يجد امامه الا خيارين: التيارات الاسلامية أو العودة لمظلة القبيلة وما يحمله ذلك من تبعات سلبية على حساب الوطن وهمومه حسب ما جاء في المقال الشائق.

في البدء ما كتبه الصديق أبومحمد هو ما كللنا من قوله وتكراره وترديده على مسامع الناشطين في التيار الوطني وما كتبناه مرات عدة واعترف بأنني لم أستوعب فحوى الردود التي استمعت لها على مقترحات الانفتاح على المنطقة الممتدة من شمال الجهراء الى جنوب أم الهيمان وان كان البعض يخشى الفشل والبعض الآخر يدعي الجهل بالاوضاع.

ما أراه وأقترحه على شباب القبائل والمناطق الخارجية المستنيرين ان يبدأوا الخطوة المكملة لمسيرة الرجال الوطنيين العظام أمثال سعد طامي وراشد حجيلان وخميس طلق وعبدالله الركيان وغيرهم وقد يكون من المناسب في هذه الانتخابات أو القادمة أن يبدأ الشباب المستنير بتشكيل قوائم وطنية موحدة، فهذا عجمي وذاك مطيري وآخر رشيدي وعازمي وكندري وعتيبي.. الخ، وهو أمر سمعنا باحتمال قيامه في الجهراء لأسباب مناطقية أي نزول مرشحين من قبائل وانتماءات مختلفة ضمن قائمة جهراوية واحدة.

عمل كهذا لو بدأنا به قبل عقود لما شهدنا ما نشهده هذه الايام من دعوات لإحياء العصبيات الجاهلية المحرمة شرعا وما تجره من مشاكل أمنية وضرب للوحدة الوطنية، ان على الشباب الوطني في جميع دوائر الكويت الالتقاء والنزول بقوائم موحدة في الدوائر الخمس لا البعض منها.

وأعتقد ان النظام السابق للدوائر كان أسهل فيما يخص خلق تيار وطني يخترق بعض الدوائر الخارجية كما حدث في السابق مع الاسماء الوطنية السالف ذكرها، اما ضمن النظام الحالي فالامر أصعب نسبيا بسبب نظام الفرعيات وكبر الدوائر والحاجة لإمكانيات مادية ضخمة للنجاح ويبقى الامل قائما بوجود شباب وطني كالأخ سعد العتيبي.

آخر محطة:
أغلب المترددين من المرشحين الوطنيين سبب ترددهم هو نظام الدوائر الخمس الذي دعموه وقلنا لهم في حينه انهم سيكونون أول ضحاياه فحجم الدائرة يجعل الحسبة لا تضبط بعكس ما كان قائما في الدوائر الصغيرة، افضل ما يمكن عمله هذه الايام هو رفع يافطات مكتوب عليها «نظام 25 دائرة ضيعناك وضعنا معاك».

سامي النصف

ربيع حمانا

تبدو جبال لبنان اكثر جمالا واخضرارا في الربيع منها في الصيف لذا لا ارى سببا يجعل الاخوة اللبنانيين يسمون مراكزهم السياحية بـ «المصايف» والمواسم السياحية بمواسم «الاصطياف» مرسلين رسالة خاطئة للخليجيين والآخرين بأن السياحة في لبنان هي سياحة موسمية قصيرة المدة والمردود.

أمضيت الأيام الماضية في فندق جميل يدعى «قصر الوادي» يطل على وادي لامارتين من جهة وقمم جبال صوفر من جهة اخرى وقد تكون النصيحة الأولى لمن يود زيارة حمانا وبحمدون وغيرهما في أيام الشتاء والربيع ان يبتعدوا عن السكن الخاص حيث ان تبعيات انقطاع الكهرباء شتاء لا تُحتمل بعكس الصيف، لذا فالافضل السكن في الفنادق المجهزة والتي لا تنقطع عنها الكهرباء والتدفئة.

وتبدأ متعة اليوم بالتمشي تحت اشعة الشمس المشرقة او رذاذ المطر الخفيف بين المروج الخضراء والازهار متعددة الألوان وتبدو خلالها قمم الجبال البيضاء عن بعد مع وفرة المياه الناتجة عن ذوبان الجليد في الربيع وكثرة انواع الطيور المهاجرة وهي متعة تستحق وبحق الزيارة، خاصة انه قد زاد عدد شركات الطيران العاملة بين الكويت ولبنان وتهاودت اثمانها نتيجة للتنافس وانخفاض اسعار النفط.

ولا يمكن لي زيارة الجبل دون زيارة محمية ومتحف الاصدقاء الفنانين عساف ومنصور وعارف آل عساف الواقع على سفح احد جبال الشوف، واول ما يصادف الزائر تمثال ناطق للفنان الراحل فريد الاطرش ثم صور لعدة تماثيل قاموا بنحتها لشخصيات لبنانية بارزة كميخائيل نعيمة ود.مايكل دبغي في بلداتهم، وقد ساهم الاخوة عساف كذلك في بناء قصر ومتحف «الشملانية» للكابتن حسام الشملان الذي سيفتتح أبوابه في القريب العاجل بعد سنوات طوال من الانتظار والعمل الفني الشاق الذي اشرفت عليه اختنا أم مشعل زوجة الكابتن حسام ابان تحليقه وانشغاله الشديد بالاجواء.. السياسية!

عمرت بيروت بجهد طيب من الشهيد رفيق الحريري كي تصبح بوابة للسياحة والاستثمار كما بدأت عملية تعمير الجنوب بعد حرب صيف 2006، والأمران طيبان وجزء من تعمير لبنان ككل ولكن ماذا عن تعمير الجبل والشمال كي تكتمل الصورة ويزهو ذلك البلد العربي الجميل؟ اي لماذا لا تقوم الدول الخليجية ببناء جامعات ومستشفيات في الجبل تحت رعاية نائبه وليد جنبلاط كي تتوقف معاناة ابنائه ممن يحتاجون للتنقل عبر خمس مواصلات مختلفة للوصول لجامعات ومستشفيات العاصمة؟!

آخر محطة:
على مقربة من حمانا يقع مستشفى هملين التاريخي الذي انشأه بداية القرن الماضي الدكتور الأميركي هملين، وبالقرب من المستشفى تقع المقبرة الخاصة به والتي تضم رفات واسماء العديد من الكويتيين الذين قدموا للعلاج فيه ومنهم الشيخ علي الخليفة المتوفى عام 1943م كما هو مكتوب على شاهد قبره، ولدي صورة تضم والدي والمرحوم أحمد المرزوق ترجع لعام 1932 عند زيارتهما للمستشفى للعلاج فيه حيث كان البديل عن مشافي لندن واميركا هذه الايام.

سامي النصف

الكاتب الجديد

كنت قد خصصت مقال اليوم الأربعاء للتعقيب على المقال القيم للزميل الإعلامي سعد العتيبي الذي تطرق في جانب منه لدور القوى الوطنية الغائب في المناطق الخارجية وهو ما أتفق معه عليه ولي ضمنه مقترحات عدة، إلا أن رسالة وصلتني من الزميل الإعلامي د.محمد منيف العجمي جعلتني اضطر آسفا لتأجيل ذلك المقال للأسبوع القادم واستبداله بمقال اليوم الذي يأتي متصلا مع مقالات الأيام الماضية.

وكان نص رسالة د.العجمي ما يلي: «الأخ العزيز بوعبداللطيف، ما رأيك بـ «الكاتب الجديد» إكمالا لما تناقشنا فيه قبل مدة حول ظاهرة تقليد الكتاب؟ فما أجمل ان يكتب الكاتب بصدق وببصمته الخاصة وما أقبح ان يتقمص الكاتب شخصية غيره عند الكتابة ولكن يبدو ان كثيرا من كتابنا يعانون من «انفصام الشخصية» وهناك طبعا آخرون يكتبون وهم ليسوا بكتاب أصلا كما تعلم واعلم».

كنت فيما سبق اكتب كل يوم خميس مقالا عنوانه «الأسبوع في محطات» عبارة عن اخبار مختصرة في سطر يلحقها تعليق ظريف مختزل بكلمتين وقد طاب لبعض الزملاء (الظرفاء) تقليده عبر وضع خبر يكتب في 6 أسطر طوال ثم يلحقه تعليق ثقيل الظل في نصف صفحة، مما جعلني اتوقف عن ذلك النمط من الكتابة وقد بت اخشى على كتابنا الساخرين المتميزين وتحديدا الزميلين العزيزين فؤاد الهاشم ومحمد الوشيحي ممن يسيء لهم عبر محاولة تقليد طابعهم المميز كحال المصانع الصينية التي تسيء لمنتجي السيارات اليابانية والألمانية الشهيرة.

والكتابة الساخرة كما يكتبها الزميلان الهاشم والوشيحي كتابة صعبة للغاية وتحتاج إلى كم هائل من الثقافة والإطلاع بعكس ما يعتقده بعض مقلديهما من سخفاء الصحافة الكويتية، والملاحظ ان الصحافة العربية والأجنبية بالكاد تجد لديها صحافيا ساخرا واحدا كحال احمد رجب في مصر وأرت بوشولد في أميركا والسبب في ذلك ان العمود الساخر ومثله المقال الناقد هما اقرب للملح والفلفل اللذين لا تستطيع ان تأكل الوجبة دونهما إلا انك لا تستطيع أكلها ان زادا عن الكمية المقررة.

ومن جانب آخر، نحن في أمس الحاجة لقواعد ومسلمات للكتابة الصحافية حفاظا على سمعة الكتاب فيها ومن ذلك ضرورة إلزام الكاتب بأن يكون لديه شهادة حسن سير وسلوك ـ كباقي المهن ـ كي لا يمتلئ بلاط صاحبة الجلالة بالمجرمين وارباب السوابق، كما يجب ان تخلق مواثيق شرف و«لجنة قيم» تمنع ان يصبح الكاتب بوق شتم يسيء للمهنة أو ان يصبح مرتشيا وراشيا ووسيط رشوة معا كحال بعض الكتاب للأسف الشديد.

آخر محطة:
استمعت ذات مرة لقصة طريفة عن رجل اعمال خفيف الظل استورد ذات مرة عددا كبيرا من المظلات الشمسية وحار في تصريفها فقرر ان يسهر في الشاليهات التي يدور بها «الراح» ليلا وعند الصباح يزرع على شاطئ الشاليه الذي زاره بضعا من تلك المظلات ثم يرسل لأصحاب الشاليه الفاتورة مدعيا انهم من طلب منه ذلك ليلا، انتشر الخبر فتسابق اصحاب الشاليهات لنزع تلك المظلات حتى لا يفضحوا، هذه الأيام يمكن معرفة مصدر تمويل بعض المنتديات والجرائد الالكترونية من عدد المقالات البذيئة التي تنشر لبعض الكتاب الراشين والمرتشين ووسطاء الرشوة العاملين في تمويل بعض تلك المنتديات والصحافة الالكترونية المبتلاة.

سامي النصف

الوزير الجديد

إذا كان النائب هو خيار الشعب ومن ثم صعوبة التحكم في ذلك الخيار، فإن‍ الوزير هو الاختيار الاسهل متى ما اجتهدنا في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب للحقبة المناسبة، وهو بالمقابل الاختيار الاكثر كلفة متى ما اعتمدنا على معادلة وزير الديوانية أو الصداقة الشخصية غير عابئين بكلفة ذلك الاختيار الخاطئ على البلد وهيبة السلطة.

والوزير الجديد المكمل للناخب الجديد والنائب الجديد والمستحق لحقبة الكويت الجديدة التي نأمل أن تنأى ببلدنا عن المخاطر الامنية الخارجية وتداعيات الازمة الاقتصادية غير المسبوقة في الداخل، له ـ بالقطع ـ مواصفات قد تختلف كثيرا عن مواصفات بعض من جربناهم في السابق.

فالاختيار الجديد للوزير الجديد يجب ان يقوم على الذكاء والكفاءة والامانة، وهناك، بعكس ما يقال ويشاع، الكثيرون ممن يمتازون بتلك الصفات ومن أذهلوا حتى الاجانب في افكارهم وقدراتهم، واسألوا عما قاله الرئيس والمستشار توني بلير في قدرات من التقاهم من شباب ورجال الكويت في بعض الدواوين، ان عملية البحث عن الوزراء يجب ان تبدأ منذ الآن لا بعد ظهور النتائج مع عدم الاخلال بمبدأ التشاور آنذاك.

الوزير الجديد ونعني بالمفهوم الجديد هو اضافة للحكومة التي هو عضو فيها وللوزارة التي يتقلد مسؤوليتها لا عالة على الاثنتين، وضمن ذلك المفهوم ان يبدأ المسؤول بإظهار ابداعه وكفاءته، باختياراته الجيدة لأطقم وزارته، لا ان يعتمد على المحسوبية في تلك الاختيارات، ان احد اسباب حنق بعض الناس الدائم على الحكومة لا يختص بسياستها العامة وشخوصها بل انعكاس لما يراه المواطنون من فساد وترهل اداري في الوزارات والمؤسسات الحكومية، لذا فأول مهام وزراء الحكومة الجديدة القادمة هو القيام بعمليات تطهير وارتقاء بالاداء الاداري العام.

والوزير بالمفهوم الجديد هو عضو فاعل في الرأي والمشورة ضمن مستودع عقول مجلس الوزراء، فينبه لأوجه القصور في المواقف والقرارات التي ستتسبب في احراج الحكومة والدولة عند صدورها أو النكوص عنها، كما انه حافظ لأسرارها مؤمن بالتضامن مع زملائه الوزراء وليس عاملا على احراجهم اعتقادا منه ان هذا ما سيرفع مقامه ويحسن من صورته.

ولا يكتفي الوزير الجديد بأن يساهم في الاعلان عن مشاريع وزارته، بل عليه ان يدافع ويسوّق لتلك المشاريع بشكل دائم ومتواصل في وسائط الاعلام كما هو الحال في جميع الديموقراطيات الاخرى المتقدمة منها والمتخلفة، فهذا لقاء في الصباح مع التلفزيون وظهرا مع الاذاعة ومساء مع الصحافة أو ضمن البرامج الحوارية بعيدا عن الاعتقاد الخاطئ ان تلك هي مسؤولية «الناطق الرسمي» للحكومة، أي ايجاد شخص خارق يدافع عن أعمال كل الوزراء ويشرح أعمال ومشاريع كل الوزارات.