جمال خاشقجي

حرب السعوديين الطاحنة

بين مثقفين يدعون لاجتثاث خصومهم المفكرين، ودعاة يتهمونهم بالعداء للوطن، يعيش السعوديون حرباً طاحنة بين دعاتهم الدينيين ويمينهم المحافظ، وبين مثقفيهم وكتاب صحفهم، وتيار يقول إنه ليبيرالي.
اخترت الانسحاب على رغم أنني تورطت في السابق في صراع التيارات السخيف هذا، والذي بت أسميه «ملهاة الرعيان» إذ لا تفارق مخيلتي صورة مسؤول حكومي يتابع على شاشة بلازما كبيرة اثنين من ممثلي التيارين يتبادلان التهم، ويلوح كل منهما بأوراق تدين الطرف الآخر، وكلاهما يزعم أنه الأحرص على الوطن، بل أحياناً يستدعي السلطة على خصمه، فيبدوان وكأنهما ديكان يصطرعان، فيضحك المسؤول، ليضحك معه جلساؤه، الذين يندر أن يعارضوه في رأي، ويقول: «دعهم يتصارعون فهم يحرقون أنفسهم بأنفسهم»، ولكن كل الأطراف تحرق هذا الوطن بهذا الصراع، بما في ذلك من يشجعه ويتركه بلا حسم، فتتجزر هذه الانقسامات الوهمية، وتتحول إلى قبائل سياسية تختصم حول «ناقة بسوس» وليس حول تكلفة إعاشتها وحقها في الرعي من عدمه، وجدوى زراعة علفها أم استيراده، أو حتى الجدوى الاقتصادية لتربية بضعة ملايين من النوق مثلها في بلاد استهلكت مواردها الطبيعية منذ عقد أو اثنين، ولكنها لا تزال تفضل أن تختصم حول ثوابت حسمتها دول أصغر منها سناً، على أن تنشغل بما هو أدعى وأهم. متابعة قراءة حرب السعوديين الطاحنة

جمال خاشقجي

ليل طويل… طويل

كان من الضروري إعلان السعودية استعدادها إرسال قوات برية إلى سورية، وكذلك دعوتها إلى مناورة رعد الشمال، التي ستجمع جيوش دول إسلامية عدة على أرضها في أضخم تجمع عسكري منذ حرب تحرير الكويت، وعززت ذلك بإعلان أول اجتماع لقادة دول «التحالف الإسلامي» الذي أعلنته الشهر الماضي، لتترك العالم في حيرة مما تنوي أن تفعله الرياض بكل هذا الزخم، ولكنها نجحت في إعادة الاهتمام بقضية يريد المجتمع الدولي العاجز أن ينساها.
بتحركها النشط هذا تقطع الطريق أمام مؤامرة واضحة لتصفية الثورة السورية، لا يحتاج حصيف إلى البحث عن دليل لها، فالولايات المتحدة في حال انسحاب وتقهقر أمام الروس، وتبعها الغرب. سيقول أحدهم إن بلاده لا تتفق أخلاقياً مع الرئيس بوتين في ما تفعل قواته من جرائم حرب، ولكنه سيعترف بأنهم لا يملكون كثيراً يفعلونه، لم تبق عقوبات أخرى يفرضونها عليه، فلقد فرغ ما في جعبتهم في معركة أوكرانيا والقرم التي خسروها، في السياسة بين الدول انتهازية مثل تلك التي تجري في خصومات الحواري، وفق قاعدة «إن لم تستطع أن تغلبهم فشاركهم»، يسمونها هناك نذالة، ويسميها السياسي واقعية.
واقعية السياسي الغربي – وللأسف بعض العرب – أن الأسلم هو التسليم بالحل الروسي، لقد فعلها بوتين من قبل في الشيشان، فلم لا يكررها في سورية، يدعم نظام بشار حتى ينتصر بالقوة، يفرض هيبته وسطوته على شعبه، يعيد «النظام العربي القديم» القائم على الخوف لأجل الاستقرار، في مقابل ذلك يقضي على «داعش» بعدما استنفد غرضه منها، سيقبل الشعب بذلك خوفاً أو طمعاً بعدما باتت اختياراته صفرية، أما الموت قصفاً أو جوعاً أو لجوءاً، أو الحياة تحت الديكتاتور، الذي سيوفر له بعضاً من العيش، والأهم الأمان من الموت، كثيرون سيختارون ذلك بعدما تخلى عنهم العالم، سيغرونهم بما هو أكثر؛ إصلاحات شكلية، وانتخابات حتى من دون بشار الأسد، فثمة كثيرون مستعدون لأن يكونوا «قديروف» يحكم في ظل الانتداب الروسي، لازلت أذكر جملة المستشرقة الروسية يلينا سوبونينا لي، خلال مؤتمر عن التدخل الروسي في سورية: «غروزني (عاصمة الشيشان) لم تعد مهدمة كما تتذكرونها، لقد أضحت دبي القوقاز»! جملة مناسبة لحملة علاقات عامة، صورة بضعة أبراج عالية في حلب تنتصب بين الأنقاض، حتى لو كانت مجرد «موديل» يعرض في مؤتمر آخر للمانحين ينظم في دمشق برعاية الرئيس الجديد المنتخب وسط حضور عالمي وعربي كبير، كافية لكي يقول أحدهم: «انتصرنا ودحرنا الإرهاب». متابعة قراءة ليل طويل… طويل

جمال خاشقجي

السلم العالمي في مقابل الأمن القومي السعودي

انتصار السعودية وحلفائها في اليمن سيفضي إلى عودة السياسيين هناك إلى طاولة الحوار، بما في ذلك الحوثيين – إن رغبوا – لبناء يمن تشاركي لا يحكمه ديكتاتور أو فصيل سياسي واحد أو طائفي، بينما سيفضي انتصار روسي إيراني في سورية إلى إعادة حكم قمعي طائفي مجرب ثلاثين عاماً، وكان سبباً في الثورة الحاصلة، ما يعني تكريس حال التمرد والانقسام والمواجهة بين أطراف خارجية عدة، إما مباشرة وإما في شكل غير مباشر، ما سيهدد بالتأكيد الأمن العالمي، ذلك أن النزاع خرج من دائرته الإقليمية بالتدخل الروسي.
إنها حال لا تقل عن أزمة الصواريخ الكوبية، أو الشرق الأوسط 1958، تهدد بإشعال المنطقة عقداً آخر أو أكثر، وهي المنطقة التي يفترض أنها مهمة لاقتصاد العالم حتى ولو كان هناك فائض نفطي، وكذلك لموقعها الاستراتيجي، فلماذا لا ترى الإدارة الأميركية أن إفشال مفاوضات جنيف من الروس واستمرار حربهم الشرسة في سورية مهدد للسلم العالمي؟
لا يعقل أن السيد جون كيري ساذج لكي يعتقد أنه قادر على إقناع المعارضة السورية بالقبول بشراكة مع نظام بشار الأسد كي يستطيعا معاً محاربة الإرهاب! ولكنه تقريباً قال شيئاً كهذا لرئيس الهيئة العليا السيد رياض حجاب، عندما التقاه قبل أسبوع! متابعة قراءة السلم العالمي في مقابل الأمن القومي السعودي

جمال خاشقجي

«الدكان» مغلق للإصلاحات

أصدقائي كثر في الهيئة العامة للاستثمار، ولن تعجبهم فكرة مقالتي هذه، إذ تتعارض مع ما يسعون إليه ويناضلون من أجله، ولكنها فكرة للنقاش حامت في ذهني بينما كنت أقلب ناظري بفخر قبل أيام في أروقة منتدى التنافسية الذي تحرص على تنظيمه الهيئة كل عام، للترويج لفكرة التنافسية محلياً، ولجلب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة بدعوة رؤساء شركات كبرى واقتصاديين وإعلاميين أجانب، للحديث وزيارة البلاد ولقاء نظرائهم السعوديين. متابعة قراءة «الدكان» مغلق للإصلاحات

جمال خاشقجي

إنه ليس صراع ألف عام يا سيد أوباما

لم يسهب الرئيس الأميركي باراك أوباما في الحديث عن أوضاع الشرق الأوسط في كلمة الاتحاد الموجهة إلى الشعب الأميركي، فليس لديه هناك إنجاز يفخر به غير الاتفاق النووي مع إيران، الذي يسوقه بمثابة مشروع سلام للعالم، ولكنه مشروع حرب في عالمنا. من بين القليل الذي قاله وردت جملة خطرة يجب أن نتوقف عندها كثيراً، بل ونبني سياسات حولها، يجب أن نعرف فيما إذا كانت مجرد رأي انفرد به، أم أنها متعدية إلى غيره وباتت سياسة أميركية، وذلك عندما وصف ما يجري من تحولات خطرة في عالمنا بأنه «متجذر في صراع يعود إلى ألف عام مضت». متابعة قراءة إنه ليس صراع ألف عام يا سيد أوباما

جمال خاشقجي

صناعة الكوابيس في السعودية

كأننا لا تكفينا نحن – السعوديين – إيران وكوابيسها التي تحيط بنا من كل جانب، فنصرّ على صناعة كوابيس من بيننا، تفرق صفنا وتوهن عزيمتنا.
قبل عقد من الزمان، نشرتُ مقالة عنوانها: «الاستقواء بصناعة الكوابيس»، كنا في زمن الصحوة من التشدد الذي أصاب مجتمعنا وتسلل إلى عقولنا ومدارسنا ومناهجنا ومنابرنا، ولم ننتبه إليه أو نعترف به إلا يوم 11 أيلول (سبتمبر) الشهير وما تبعه. في ذلك الزمن، وبقيادة ولي العهد السعودي آنذاك الراحل الملك عبدالله، الذي نستذكر رحيله هذه الأيام قبل عام مضى، أخذنا في شكل متدرج نطرق أبواب الانفتاح ورفض التشدد. كانت كلماته نبراساً للمثقفين، مثل قوله: «نحن جزء من العالم ولا يمكن أن ننسلخ عنه». وكان بيننا من يريدنا بالفعل أن ننسلخ عن العالم، تارة بزعم «الخصوصية»، وتارة أخرى بالقول إننا فسطاط وهم فسطاط آخر والتباين بيننا عقدي وفكري. مثل هذه الأفكار وجدت طريقها حتى إلى مناهج أبنائنا الدراسية، فورد فيها أننا أمة لا يجوز أن تكون ضمن الهيئات الدولية. لمواجهة هذا الانفتاح حاول الرافضون له «صناعة كوابيس» قائلين: إنه سيفضي في النهاية إلى تغريبنا، وإخراج نسائنا من خدورهن، وإفسادهن، وإن المملكة مستهدفة بوصفها آخر دولة إسلامية تحكم بالشريعة. متابعة قراءة صناعة الكوابيس في السعودية

جمال خاشقجي

إما أن تكونوا معنا وإما ضدنا

إنه شعار جيد ومناسب للمرحلة، وحري بالسعودي أن يعتمده وهو يلج غمار أهم صراع وجودي يواجهه.
مشكلة الشعار أن جورج بوش الابن استخدمه إثر اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) ضد بلاده، فاشتهر به، على رغم أنه لم يكن أول من قاله، وقف في الكونغرس يلقي خطابه التاريخي لحشد تأييد شعبه حوله، يجهزهم للمضي خلفه لينتقم من أسامة بن لادن أو الإسلام السياسي، أو حتى الإسلام. أعتقد أن بوش لم يكن يعرف الفرق بينهم في ذلك اليوم، في الحقيقة لم يقله بتلك الصورة في العنوان، وإنما كان أكثر تحديداً، إذ قال يخاطب العالم «إما أن تكونوا معنا أو أنتم مع الإرهابيين».
وجد العالم صعوبة في قبول هذا الاختيار الضيق الذي قدمه بوش. الفرنسيون توترت علاقتهم بالولايات المتحدة بعدها، وتبين لاحقاً أن الحق معهم، فبوش ارتكب أخطاء كارثية، ويمكن لومه الآن على كوارث عدة، ابتداء من الأزمة الاقتصادية التي بدأت في بلاده وامتدت إلى العالم، إلى حال الشرق الأوسط المنهار اليوم عندما أسقط العراق بيد إيران وأشعل لهيب «القاعدة» المفضي إلى «داعش». متابعة قراءة إما أن تكونوا معنا وإما ضدنا

جمال خاشقجي

لماذا ننهض بالسعودية لغير السعوديين؟

حضر الزميل الكاتب في هذه الصحيفة فهد الدغيثر ورشة «التحول الوطني» التي دشنت إطلاع الرأي العام السعودي على أهم خطة تطوير وتنمية ستشهدها المملكة، ويتوقع أن تعلن تفاصيلها رسمياً خلال أسابيع قليلة.

عاد منها متحمساً، فهو يلح دوماً على ضرورة الإصلاح ورفع الإنتاجية في جل مقالاته وبين أصدقائه. لكنه طرح في مقالته أهم سؤال وتحدٍّ يواجه الخطة. سؤال مباشر ودقيق: «ما الحاجة إلى دفع مرتب 8 آلاف ريال لشاب سعودي إذا كان هناك من يقوم بالمهمة بألفي ريال من إحدى دول آسيا؟».
متابعة قراءة لماذا ننهض بالسعودية لغير السعوديين؟

جمال خاشقجي

مقالة عني

هذه المقالة عني. لا أعرف ما إذا كان هذا مناسباً. لكنني كمواطن وكاتب عربي في هذا الزمن سريع التغيرات أستحق «مقالة عني»، فأنا أيضاً نموذج لعربي حائر، مررت وأمر بتغيرات وضغوط، وأتعرض لانتقادات وسوء فهم. صحيح أنني لست مثقفاً سورياً يعيش تجربة ذاتية معقدة، بعدما انتهى لاجئاً يعبر الحدود على قدميه عبر بلغاريا، حائراً أن يكتب خواطره الآن أو يرتاح حتى يصل إلى المحطة التالية، ولست طبيباً من الموصل عليه أن يعمل ويداوي جرحى «داعش» ويعيش في دولتهم، ومضطراً أن يسامرهم، ويناقش معهم أحوال الموصل والعراق ويسمع منهم رؤيتهم للمستقبل، فيحتار في ما إذا كان من الحكمة نصحهم أم الصبر عليهم. يتمنى لو يكتب خواطره ولكن يخشى أن تقع بين أيديهم.
لا أمر بتجربة مثيرة مثلهما، لكنني أعيش أنا الآخر تحولات لا تقل أهمية في حياتي، وإن كنت آمناً مطمئناً مستقراً، وعليّ أن أشكر حكومتي، فرغم أنها تتصدر المشهد في دفع غوائل الزمن عن بلادي وتحاول إطفاء الحرائق في ما حولها، إلا أنها لم تدخلنا في أجواء مواجهة. الحياة تمضي عادية في المملكة، بل إننا حتى نخطط لتحولات اقتصادية وتحسين أداء الحكومة والاقتصاد، وكأن لا شيء يجري حولنا، وإن كنت أعتقد بأن حكمة القيادة في السعودية أن تسرع بهذه الإصلاحات بسبب ما يجري حولنا. متابعة قراءة مقالة عني

جمال خاشقجي

لدينا حلم مشترك: شرق أوسط سعيد

كنا معاً في بيروت، ضمن مجموعة باحثين، سفراء وربما رجال استخبارات سابقين يمثلون دولاً «متورطة» في صناعة الأزمة السورية التي كانت محور نقاشنا على مدى يومين، ومعها المشهد الشرق أوسطي الكارثي، بما مضى منه وما هو آتٍ، جمعنا «معهد الشرق الأوسط» الأميركي المدعوم أميركياً وعربياً. كانت جلسات اليوم الأول محبطة ومثيرة للكآبة، تبادلنا اللوم، بعضنا مصرّ على تبني موقف حكومته، فيبرر ما لا يمكن تبريره أخلاقياً وسياسياً من قصف وحشي وقتل عشوائي للمدنيين في سورية، بينما يفترض أن يكون باحثاً متجرداً من مواقفه السياسية.
متابعة قراءة لدينا حلم مشترك: شرق أوسط سعيد