لم أطلع على محضر اجتماعات العاهل السعودي بالرئيسين التركي والمصري، ولكني مستعدّ لأن أجزم بأن «الإخوان المسلمين» لم يُذكروا أبداً خلال الساعات التي أمضاها كلّ من الرئيسين مع الملك سلمان. كثير من الإعلاميين والمعلِّقين السياسيين كانت لهم وجهة نظر أخرى، وانقسموا – على طريقة محللي كرة القدم – كلّ ينحاز الى فريقه المفضّل، بين قائل إن الرياض بصدد فتح صفحة جديدة مع الحركة العابرة للحدود، وآخر يحذّر من خطر ذلك. بل ذهب رجل أعمال إماراتي شهير إلى أن نشر مقالة على نصف صفحة في صحيفة كويتية، دعا فيها بعبارات «حادة» السعودية إلى ألا تفرش السجاد الأحمر للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قائلاً: «إنه لا يستحق ذلك بحكم علاقاته بالإخوان». بالطبع، لم تلتفت المملكة إلى مثل هذا الكلام، وفرشت السجاد الأحمر، وفتحت صفحة تعاون واسعة مع الأتراك. متابعة قراءة سياسة شرق أوسطيّة جديدة من دون «الإخوان»
التصنيف: جمال خاشقجي
twitter: @jkhashoggi
«لويا جيركا» لليمن
«صفعة سعودية لإيران». هكذا وصف البعض خروج الرئيس اليمني الشرعي – وحبذا لو نكرر الشرعي كلما جاء ذكره – عبد ربه منصور هادي من معتقله في القصر الرئاسي بصنعاء إلى عدن من دون أن يشعر بهربه حابسوه الحوثيون.
لا أعتقد أن السعودية ترغب في تبادل الصفعات مع إيران، وتعلم أن معركة اليمن لم تحسم بعد، لكنها بالتأكيد سعيدة لتحول مجريات الأحداث هناك وتوقف الأخبار السيئة التي توالت منذ أن خرج الحوثيون، منتصف العام الماضي، من معاقلهم في صعدة إلى عمران ومنها إلى صنعاء، ثم سعوا للانتشار في بقية اليمن وإخضاعه لهم. ما يجعل الخبر الجيد أفضل، إن وصول هادي إلى عدن ترافق مع توقف تمدد الحوثيين وكأنما بلغوا أقصى مدى لهم، فبدا للمراقب أن مشروعهم توقف، بل ربما انعكس مساره، ولكن الوقت مبكر لإعلان ذلك والجزم به. متابعة قراءة «لويا جيركا» لليمن
حتى لا تسقط مصر في فخ «داعش»
أنقذ مجلس الأمن والمجتمع الدولي مصر من الوقوع في فخ نصبه تنظيم «داعش» لها ولجيشها، عندما رفضا دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى تدخل عسكري دولي في ليبيا، ففي غمرة الغضب والرغبة في الثأر بعد جريمة ذبح 21 مصرياً على يد فرع تنظيم «الدولة الإسلامية» بليبيا، تدافع كبار المسؤوليين والإعلام المصري يتنادون «الحرب… الحرب».
الرئيس السيسي اكتفى بغارات جوية على ما وصفه معاقل «داعش» في درنة. بعض الإعلاميين المصريين ذهبوا إلى حد التأكيد أن الغارات أصابت بدقة عدداً من الإرهابيين الذين نفذوا جريمة الذبح. إنه كلام مناسب للإستهلاك المحلي، ولكن الخبراء يعلمون أن القصف الدقيق الذي يصيب مكاناً بعينه حددته استخبارات مسبقة يحتاج إلى «قنابل ذكية» أو طيار مغامر يقصف من علو منخفض، وكل ذلك غير متوافر، فسلاح الجو المصري وكذلك الأردني الذي سبقه في قصف مواقع «داعش» يفتقدان القنابل الذكية، والطيران المنخفض تكلفته باهظة بعد حادثة سقوط طائرة الطيار الأردني معاذ الكساسبة وأسره، وبقية القصة المأسوية معروفة، وبالتأكيد لا يريد المصريون تكرارها، ولكن «داعش» يتمنى ذلك. متابعة قراءة حتى لا تسقط مصر في فخ «داعش»
لكل زمان دولة ورجال … وسياسة خارجية
تتغير سياسات الدول بتغيّر قادتها أو تغيّر الظروف أو دخول سياستها في طريق مسدود. كل هذا حصل للسياسة الخارجية السعودية، وبالتالي فإن من المنطق توقع تغيّر ما على تلك الجبهة، ولكن أين وكيف ومتى؟
الطريق المسدود في الشرق العربي المتداعي لم تدخله السياسة السعودية وحدها، بل دخلته معها السياسة الخارجية الأميركية، لذلك يبدو الحديث عن خلافات بين البلدين في تناول أحداث المنطقة غير ذي جدوى، ولكننا لم نرَ أو نسمع بخلافات يوم الثلثاء الماضي، عندما وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الرياض على رأس وفد عالي المستوى لم يقتصر على أعضاء من حكومته، وإنما جمع أصدقاء السعودية وأعداءه من الجمهوريين في مهمة استثنائية وهي تقديم واجب العزاء بالملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وتجديد العلاقة الاستراتيجية الحميمة في عهد ملك البلاد الجديد سلمان بن عبدالعزيز، فعقد جلسة عمل مطولة مع أركان القيادة السعودية الجديدة والتي جمعت لأول مرة ثلاثة أجيال: جيل التأسيس (الملك)، وجيل المرحلة الانتقالية (ولي العهد الأمير مقرن)، وجيل المستقبل (ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف). متابعة قراءة لكل زمان دولة ورجال … وسياسة خارجية
حديث لم ينشر مع الراحل عبدالله بن عبدالعزيز
المملكة العربية السعودية بخير، مر الربيع العربي فمضى من حولها، شعرت به، أحست بهبوبه ورأت سخونته من حولها، ولكنها بحاجة إلى إصلاح، يعزز قوتها ويثبت استقرارها، والملك سلمان بن عبدالعزيز قادر على ذلك بحكم خبرته العريضة والعميقة في الحكم منذ أكثر من نصف قرن، وميزة أخرى اختص بها، أنه أكثر أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود شبهاً به في الحديث والهيئة، ومن أعرفهم به من خلال عنايته بتاريخه وتراثه، فهو المؤسس لدارة الملك عبدالعزيز المعنية بذلك.
عبدالعزيز آل سعود، رجل الإصلاح الأول في جزيرة العرب بعد قرون من تجاهل التاريخ لها. ابن وفيٌّ لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية، ولكن فهمه لها لم يمنعه من الانفتاح على الحداثة والعالم. ابنه سلمان يعرف ذلك وفعله، ولكن هناك ميزة ثالثة ومهمة تجعل مهمة الملك الصعبة أسهل، وهي أن سلفه الراحل الملك عبدالله فتح باباً واسعاً للإصلاح، هذه الكلمة التي كانت قبل عقد من الزمان «حساسة» غير مستحبة، فسرتها بيروقراطية متكلسة أنها اعتراف بوجود أخطاء. الملك الراحل كان شجاعاً أن يقول لتلك البيروقراطية ومن خلال الإعلام، نعم هناك قصور وأخطاء تستوجب الإصلاح. متابعة قراءة حديث لم ينشر مع الراحل عبدالله بن عبدالعزيز
التستر و«داعش» وتوفيق الربيعة!
في السعودية، أضحى وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة الأكثر شعبية بين الوزراء، بعدما نشط في متابعة «الحال السائبة» للتجار، فأغلق متاجر كبرى تتلاعب بأسعار التخفيضات، وقبل ذلك أجبرهم على القبول بحق المواطن في إرجاع ما اشتراه، نجح أخيراً في توحيد نظام «الأفياش الكهربائية»، في المملكة بعد حيرة نصف قرن بين 3 أنظمة، الآن يخوض معركة مع مطوري العقار الذين يبيعون وحدات على الخريطة قبل استيفاء التراخيص اللازمة، ما أوقع كثيراً من المواطنين في مشكلات بعجز القضاء عن حلها بعد إفلاس التاجر أو اختفائه.
إنجازات تبدو للمراقب البعيد بسيطة، غير جذرية، ولكنها مهمة لدى المواطن، ما يؤكد أن «أكل العيش» أهم لدى المواطن من قضايا «الهوية الثقافية» أو «تحري جذور الإرهاب» أو «حجاب المرأة»، التي نشغل بها المواطن نحن معشر الكتاب والفقهاء والخبراء ونفرضها عليهم، بينما كل ما يريده المواطن هو سكن مناسب ووظيفة لائقة، وأسعار معتدلة، وتعليم وصحة. متابعة قراءة التستر و«داعش» وتوفيق الربيعة!
متى سينتصر «داعش» ؟ عندما نفكر مثله
لماذا استهدف «داعش» الأسبوع الماضي مركزاً حدودياً نائياً بين السعودية والعراق؟ الإجابة بسيطة، لأنه لم يستطع أن يضرب في قلب الرياض، ولو استطاع لفعل.
عملية معبر «سهيل» بعرعر السعودية سهلة، جاء الإرهابيون من العراق حيث دولتهم المزعومة، يخطّطون ويتآمرون ويتدربون فيها، إذ إن السلاح والمتفجرات فائضة عن الحاجة، ولو حاولوا القيام بعملية مماثلة في الرياض لاحتاجوا إلى تهريب هذه الأسلحة وتخزينها في بيوت آمنة، يلجأ إليها شبابهم العريقون في الإرهاب والمجندون الجدد، يخشون من المباحث أن تنجح في زرع أحد عناصرها بينهم، أو أن يتحدث شاب غرّ لوالدته أو ابن عمه عمّا يفعل، فيكشف عن خليتهم وسلاحهم، ويضيع جهدهم، وكل ما بنوه طوال أعوام سبقت إعلانهم «الجهاد في جزيرة العرب» في آذار (مارس) 2003 ضاع خلال أقل من عامين. نجح الأمن في قتل واعتقال أفضل عناصرهم، بعضهم حوكموا وآخرون يحاكمون، مئات منهم بين السجن وإصلاحيات المناصحة، نجحت وزارة الداخلية في مهمتها وباتت يدها العليا عليهم، حتى عندما لجأوا إلى اليمن لم يجدوها كما تمنوا، لا تصلح لإطلاق جهاد يعودون به إلى جزيرة العرب، هم مطاردون هناك أيضاً، والآن مشغولون بصراع مع الحوثيين. متابعة قراءة متى سينتصر «داعش» ؟ عندما نفكر مثله
2015 سنة احتواء الأضرار
لا توجد أية إشارات إلى أن عام 2015 سيكون عام حسم أو انفراج في منطقتنا، لن يغاث فيه الناس ولن يعصروا. سترحل كوارث 2014 وما قبلها إليه، وأقصى ما نرجوه «احتواء الضرر» المستحق قدر الإمكان.
لنبدأ بقضية العرب الأولى، «داعش»، لم يتطوع أحد ويعد بأنه سيهزمها هذا العام، إذاً هي باقية، ولكن الأمل ألا تتمدد. تحرير الموصل ليس في جدول أحد، ولكن المهم ألا تسقط بغداد أو إربيل، وبالتالي سيستمر التدافع في مدن السنّة البائسة في وسط العراق (الرمادي، وهيت، وبيجي) فلا يتمتع أهلها بأمن ولا استقرار، ستستمر الحرب سجالاً فيها بين «داعش» وجيش بغداد وميليشياته، يدعمهم حلفاؤهم الأميركيون والإيرانيون. ربما يشهد عام 2015 خروج الطرفين إلى العلن ومن على المسرح العراقي، وهما ممسكان بأيدي بعضهما. ولكن هذا أيضاً مرهون بالقضية الأهم بينهما، وهي المفاوضات على مشروع طهران النووي، والتي ستستأنف منتصف العام. إذاً لا شيء غير «داعش» يستحق الترقب في العراق، لا إصلاحات بنيوية، ولا مشاريع جديدة، ولا تغيير في الحكومة. ربما تدفع الأحداث إلى إصلاحات دستورية لإرضاء سنّة العراق وكسبهم صف التحالف. متابعة قراءة 2015 سنة احتواء الأضرار
الخطة «ج»: تنحوا جانباً أيها «الإخوان»… لتمر الديموقراطية
ماذا يريد الإخوان المسلمون، أن يحكموا أم أن تسود الديموقراطية التي تدعهم يعيشون وتدع غيرهم يعيش؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد خطوتهم التالية بعد أسبوع حافل بأحداث مفصلية من الدوحة حتى تونس.
أمامهم الحقائق التالية، أن شرارة الربيع العربي قدحت في لحظة تاريخية مناسبة لم يخطط لها أحد وإنما سنن إلهية، ثم مضت وتركت البشر يرتبون أمرهم بعدها، فمن أحسن التصرف فله ومن أساء فعليه، ولن يستطيع أحد أن يرتب لها من جديد، أو يبدأ دورة ثانية تعوضه عما فاته. متابعة قراءة الخطة «ج»: تنحوا جانباً أيها «الإخوان»… لتمر الديموقراطية
لا عاصم اليوم من أمر الله إلا مَن رَحِم
السقوط العربي الكبير مؤلم ومثير للإحباط لأجيال مضت حلمَتْ بعهد عربي يحيي الأمجاد الغائبة، ولجيل حالي أُغلقت أمامه السبل في الحياة والحرية والرزق فحَلِمَ بمستقبل أفضل واعتقد أن الزمان زمانه عندما ازدهر ربيع 2011.
الأكثر إيلاماً أن لهذا السقوط ويلات ثلاثاً، أولاها أنه سيكون طويلاً، طويلاً، طويلاً. ثانيتها تفسر أولاها، كأنه عُمّ على الجميع، فلا تجد من يبحث عن طوق حقيقي للنجاة، حتى من سلم لا يبحث لنفسه أو لمن حوله من الهالكين عن ذلك الطوق الذي ينجيهم من السقوط الطويل المؤلم، كأنهم يعلمون أنه «لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم». أما الثالثة فهي الأكثر إيلاماً، بعدما يكتمل السقوط ونصل إلى القاع سيكون النهوض صعباً جداً. لماذا؟ لأننا سنحمل معنا إلى القاع البذور والأسباب نفسها التي أدت إلى السقوط وتعثر النهضة خلال أعوام الاستقرار المهدرة. متابعة قراءة لا عاصم اليوم من أمر الله إلا مَن رَحِم