يتفاءل البعض بتولي الشباب المسؤولية في المملكة، وهو ما يتماشى مع التطورات التي يشهدها العالم، ويقودها شباب عالمي، يريد حياة أفضل تحميه، وتوفر له كرامة افتقدها منذ فترة طويلة، كبديل عن ثقافة الطاعة العمياء المذلة.
لسنا بمأمن عما يحدث في العالم، من انتفاضة عمَّت كل أرجائه، فنحن نعيش مخاضها المؤلم، عاجزين عن التنبؤ بموعد انتصارها.
التصنيف: د. أحمد الخطيب
الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية مفخرة للكويت
في عام 1961، أنشئ الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، برأسمال قدره 50 مليون دينار، عندما كانت الكويت في بداية تطورها، لتصبح دولة مستقلة معترفاً بها، وقد حباها الله، قبل غيرها، بوفرة من المال، بعد أن غدت الدولة النفطية الأولى في الجزيرة، وكانت بحاجة إلى كل دعم، لحمايتها من أطماع البعض، فلم يكن منها إلا أن أشركتهم في خيراتها.
كان من المفترض أن يزداد الدعم الحكومي، كي تصل ميزانية الصندوق إلى ألفي مليون دينار، إلا أن الحكومة لم تستطع الالتزام بذلك، بعدما انهارت أسعار النفط، وكانت قد دفعت 970 مليون دينار فقط، فطلبت من البنك أن يعمل على زيادة رأسمال الصندوق من أرباح المشاريع التي يموّلها ويُشرف عليها، وذلك بغية الوصول إلى عتبة الألفي مليون، المرصودة كميزانية، وهذا ما حصل، واستطاع الصندوق تحقيق هذا الهدف، وبالتالي أصبح يعتمد على ما يحققه من أرباح في تنفيذ مشاريعه المتعددة في دول عربية كثيرة، حيث يلزم الدول المستفيدة بدفع عجلة اقتصادها، وفق الخطط المقررة بمواقيتها، وبصرامة تامة.
الصندوق لا يدفع أموالاً لتنفيذ مشاريعه، بل يقوم هو بتنفيذ المشاريع التنموية المؤكدة فائدتها وربحيتها بشهادة دولية معروفة بمهنيتها، أي أن المساعدات تذهب لمصلحة الشعوب، وليس للحكام المتنفذين الفاسدين.
بقيت هناك بعض الدول الفقيرة التي كانت تعجز عن دفع ثمن هذه الدراسات الدولية، فتُحرم من المساعدة، لكن هذا الوضع أقلق الإنساني الفريد عبداللطيف يوسف الحمد، عندما كان رئيساً للصندوق، فقرر أن يقوم الصندوق نفسه بتمويل هذه الدراسات، ويصبح المبلغ المدفوع جزءاً من القرض الملزم للسداد.
سياسة محرجة
السؤال: هل هذه الطريقة الصارمة مريحة لنا سياسياً؟
الجواب: حتماً لا… فبعض الحكام يريدون أن يتسلموا المساعدة هم، وتكون النتيجة قبض المبالغ المرصودة للمشاريع التي لن تجد طريقها نحو التنفيذ الفعلي.
لطالما كانت هذه السياسة محرجة، كما حصل عندما طلبت حكومة دولة حبيبة لنا قرضاً بمبلغ 10 ملايين دينار، فأرسل لها الأمير الراحل جابر الأحمد وفداً، لمعرفة المشاريع المزمع تنفيذها، ليقوم الصندوق بتمويلها، ما أثار غضب تلك الحكومة وحنقها الشديد، الذي تجلَّى لاحقاً، بقيام تلفزيونها الرسمي بالربط البرامجي مع تلفزيون العراق، الذي كان يحتفل بعيد ميلاد صدام حسين، وذلك نكاية بنا، وقد كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا، حين شاهدنا ذلك على الشاشات، وبالطبع الناس لم تعرف حينها السبب الحقيقي وراء قيام حكومة تلك الدولة بهذه الحركة.
دور مخزٍ
الصندوق تحمَّل أعباء كثيرة، ومُني بخسائر كذلك في بعض المشاريع، ولاسيما عندما يصرُّ الوزير المعني بتقديم رشوة له للتوقيع على اتفاقية ما، وقد تكرر هذا الموقف أكثر من مرة، ولا داعي للإحراج بالإفصاح عنه.
في جميع الأحوال، القول بأن أموالنا تعمّر الخارج وتهمل الداخل، ما يسبب ندرة في المشاريع المنفذة، هو قول في غير محله، وظلم للصندوق وللقائمين عليه، فدخل الكويت من النفط خيالي، بكل المقاييس، وعدم تنفيذ المشاريع الحيوية في البلاد سببه صراع “الحرامية” عندنا، وإهمال التنمية الحقيقية، والتبذير الكبير على مشاريع مظاهر فارغة، بسبب سيطرة المافيا المالية الكويتية المتحالفة مع أطراف في النظام والقوى المتخلفة، وهيمنتها على مفاصل الدولة.
علينا ألا نغض النظر عن هؤلاء “الأعداء” الحقيقيين للتنمية في البلاد، وفي الوقت نفسه نشيد بالشرفاء من أبنائنا. إن من واجبنا دعم هذا الصرح الشامخ، شبابنا الأبطال، الذين صدقوا القول بالفعل، ورفعوا رؤوسنا عالياً، عربياً، وحتى دولياً، بالتعاون مع جهات عالمية خبيرة.
يكفينا فخراً، أن عبداللطيف يوسف الحمد كان قد رشح لرئاسة البنك الدولي، لكن قوى الفساد المسيطرة على البنك الذي سخَّر – مع الأسف الشديد- موارده في تنفيذ المشاريع الفاسدة التي دمرت أميركا الجنوبية، كما تحدث عنها السيد John Perkins بالتفصيل في كتابه المشهور Confessions Of an Econimic hit man، وهو المستشار الاقتصادي في البيت الأبيض، والمنفذ لهذه السياسة المجرمة، بالاشتراك مع شركات النفط والاستخبارات المركزية الأميركية ووزارتي الخارجية والدفاع، عارضت تعيينه في هذا المنصب المهم الذي يتم استغلاله في التآمر على الدول الفقيرة.
وقد دفع هذا الدور المخزي الرئيس أوباما إلى الاعتذار خلال زيارته لأميركا اللاتينية في بداية عهده.
فرسان الصندوق
أخيراً، من واجبي أن أذكّر بفرسان الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، أبطال هذه الملحمة الكويتية، وفق التسلسل التاريخي لتوليهم رئاسته، وهم:
عبدالعزيز أحمد البحر، وفيصل عبدالرزاق الخالد، وعبداللطيف يوسف الحمد، وبدر مشاري الحميضي، وعبدالوهاب البدر، وكذلك بالعاملين في هذا الصندوق من كفاءات ممتازة ذاقت الأمرّين من تعامل بعض المسؤولين العرب.
أما الهبات والأموال التي تصرف مباشرة من بعض المسؤولين، فمصيرها معروف، ونشاهد معالمها، في انتفاخ جيوب بعض الحُكام، وانتقالهم إلى رتبة بليونيرات العالم، ولا أستطيع تسميتهم، حتى لا أقع في المحظور، علما بأن أسماءهم ليست سراً.
كان الله في عون شعوبهم عليهم!
محنة القضاء الكويتي
القضاء العادل المستقل، هو الدعامة الكبرى لأي مجتمع يحلم بالاستقرار والإصلاح، وهو خط الدفاع الأول أمام مَن يعبث بكرامة الإنسان وحقوقه وأمنه وأمواله.
فلا عجب أن يلاقي القضاء محاربة شرسة من قوى الفساد والاستبداد، والمجتمع الكويتي يعاني هيمنةَ قوى الفساد والتخلف، الممسكة بمعظم مفاصل الدولة، لهذا يطول القضاء الكويتي الكثير من المعاناة، بسبب هذا الوضع الشاذ. متابعة قراءة محنة القضاء الكويتي
سطوة التيار الديني الكويتي
ظاهرة لافتة للنظر، وهي سرعة تلبية رغبات الأحزاب الدينية من قبل أجهزة الأمن.
فـ«الداخلية» مثلاً، توقف حفلة ترفيهية سمحت بها وزارة الإعلام ووزارة الشباب، وهي بذلك تتدخل في شؤون غيرها من الوزارات، وتصبح المرجعية الأولى في الدولة.
متابعة قراءة سطوة التيار الديني الكويتي
لتجنيب المنطقة ويلات الحروب والثأر الحل الحضاري موجود… لكن صوت العقل غائب!
الحروب الطائفية المدمرة… لماذا؟
لماذا نستسلم لها، ونحن ندرك تماماً، أن أعداء هذه الأمة، من مستعمرين وصهاينة، هم المستفيدون منها؟
الموقف المحايد لا محل له من الإعراب في معركة طائفية مشتعلة، شعارها «عليَّ وعلى أعدائي يا رب».
لكن هل هذه الكارثة نزلت علينا من السماء مصادفة، أم أن لها جذوراً ضاربة في تاريخنا الطويل؟
مَن هي الأطراف الأساسية؟ وما دوافعها؟ متابعة قراءة لتجنيب المنطقة ويلات الحروب والثأر الحل الحضاري موجود… لكن صوت العقل غائب!
هل أصبحنا دولة بوليسية؟
كنا دائماً نفخر بأن الكويت هي الدولة العربية الوحيدة التي لا تعرف «زوار الليل»، وليس فيها سجناء رأي، فالحجة تُقارع بالحجة، والرأي يقابله الرأي الآخر، والقوانين رادعة لمن أساء واستعمل كلاما بذيئاً. إني لأحزن لما آراه الآن من تصرُّفات شاذة، بحق كل مَن لديه رأي مخالف… صرنا هدف المداهمات الليلية والاعتقالات… لا، بل حتى التعذيب، ووقاحة البعض بالتباهي بامتلاك أحدث وسائل التجسس الحديثة، لمراقبة الناس في بيوتهم. متابعة قراءة هل أصبحنا دولة بوليسية؟
قادرون على الصمود أمام هذه الزوبعة إحنا غير!
الوضع الأمني في المنطقة أخذ في التدهور بصورة متسارعة، إثر الزلزال الربيعي الذي أطاح أنظمة فاسدة ومستبدة حكمت عقوداً كثيرة، ولكنها استُبدلت بقوى فاسدة متخلفة طائفية كانت بكامل جاهزيتها، وحاضرة لسد الفراغ الذي حصل، وزاد الطين بلة ظهور التنظيمات المتطرفة، التي فرّختها هذه القوى الدينية، فخرجت عن عباءتها، وتسلمت القيادة في حرب طائفية لم تستثنِ أحداً، لإقامة خلافة إسلامية جديدة وفق مواصفاتها.
هذا الوضع الجديد فاجأ هذه الحكومات، التي كانت تعيش مرتاحة، معتمدة على أجهزة أمنية، بجميع أشكالها، لحماية كراسيها، وعلى دعم خارجي يوفر لها الحماية الداخلية والخارجية، مقابل امتيازات مهمة تحصل عليها، للاستفادة من المخزون النفطي والموقع الاستراتيجي، وكانت سياسة سهلة ومريحة ومطمئنة، ولكنها فجأة وجدت نفسها في عين العاصفة… تهديد من الشمال، متمثل بالعراق وسورية ولبنان، بتعاطف إيراني، خطر سُميَ بهلال شمالي، فإذا به يتمدد، فيطيح الجدار الجنوبي الدافئ المطمئن، ليتحوَّل إلى خطر يحكم الطوق على أنظمة غير مؤهلة للتعامل معه، ويأتي «داعش»، وغيره من جماعات سُنية متطرفة، ليتزعم هذا الصراع الطائفي المدمر على أنقاض هذه الأنظمة الحاكمة التي أطيح بها. متابعة قراءة قادرون على الصمود أمام هذه الزوبعة إحنا غير!
اندلاع النار لدى الجار قد يدمر الجوار
الكويت منذ القدم نأت بنفسها عن الخصومات العربية والتكتلات التي تعبّر عن هذه الخصومة، وكانت، ولاتزال، حريصة على أن تكون صديقة للجميع، وعنصراً فاعلاً في حل الخلافات العربية– العربية، أو تهدئتها، وحياديتها هذه ساعدتها على لعب هذا الدور المميَّز، فها نحن نرى سمو الأمير في جولات مكوكية مرهقة، للقيام بهذا الدور الجليل، فنكسب محبة الجميع وتقديرهم.
الجديد في الوضع الإقليمي، هو ما نشاهده اليوم من توتر ليس له مثيل، فالمنطقة حبلى بالأحداث، ونشاهد أمامنا انقسامات طائفية مدمرة، وجماعات دموية تعمّق هذا الصراع المخيف، وتحالفات دولية قد نكون نحن ضحيتها.
متابعة قراءة اندلاع النار لدى الجار قد يدمر الجوار
الهلع الخليجي الرسمي يعطل التفكير المتزن
تجتاح منطقتنا الخليجية عاصفة من الإجراءات الأمنية غير المسبوقة وغير المفهومة، فقد فُرِضت قيود قاسية على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، لمنع أي رأي أو اجتهاد لا يتناغم مع إرادة الذات المُحصّنة لبعض المسؤولين، إضافةً إلى تغليظ العقوبة، لتصل إلى الجلد المبرح العلني، وسحب الجنسية التي تحوَّل مفهومها إلى مِنَّة من الحاكم لخَدَمِه!
متابعة قراءة الهلع الخليجي الرسمي يعطل التفكير المتزن
أما آن لهذا الليل أن ينجلي؟!
الوضع العام الذي نعيشه الآن في الكويت يُذكرني بعهد مضى، حزين، عنوانه العام «خذوه فغلوه»، من دون أن يكون هناك اعتبار أو مراعاة للحق والعدالة والإنسانية، بالاعتقال و«البهدلة» والجلد المفرط من دون حسيب أو رقيب، لأن ذلك يخضع لأمزجة المسؤولين والتافهين من الأتباع، فلا محاكم ولا قضاة ولا محامين.
متابعة قراءة أما آن لهذا الليل أن ينجلي؟!