الشيخ أحمد الفهد يقول بصوت واضح لمن لا يحسن الإنصات إنه موجود، وإلا فكيف نفهم الخبيصة السياسية في دولة "هذه الكويت صلِّ على النبي"؟ فالنائب مسلم البراك يؤكد أن النائبة أسيل العوضي في لقائها سمو رئيس الحكومة عرض عليها أن ترفع الحكومة قانون منع الاختلاط إلى المحكمة الدستورية مقابل تصويتها على عدم طرح الثقة بوزير الإعلام، أسيل نفت، وأكدت أن موقفها من القانون مبدئي برفضه وعدم دستوريته! البراك يؤكد وأسيل تنفي…! من نصدق كيف نبتلع "عافور" الغبار من الحكومة ومن النواب؟ مرجعيتنا هنا… الشيخ أحمد الفهد، كان حاضراً في لقاء سمو رئيس الحكومة والنائبة أسيل… وبالتالي فهو يقول بحزم للمتناسين، إنه موجود، وأكثر من فاعل في السياسة، سياسة الصفقات أو المساومات، وليسمها فقهاء السياسة كما يريدون، المهم أنها السياسة، ويعرفونها في العالم بأنها "فن الممكن"، ونعرفها في الكويت بأنها فن المقايضات، وفن أنا الموجود وأنصتوا إلي جيداً.
أيضاً، النائب مسلم البراك مرة ثانية وثالثة يتهم الحكومة بلعبة المقايضات في طرح الثقة بالوزير، ويقول إن الحكومة عرضت على النائب حسن جوهر اقتلاع مدير التطبيقي ومدير الجامعة والمقابل معروف. النائب حسن جوهر لا يعقب بالتأكيد أو النفي صراحة، ولكنه يؤكد أن شهادة مدير التطبيقي مزورة، وأن جامعته غير معترف بها، أما مدير الجامعة فهو غير لائق صحياً…
د. حسن جوهر ضمناً أكد ما نسبه إليه النائب البراك… ولكن تم مثل ذلك العرض المغري من الحكومة أو لم يتم فحسن جوهر سيمضي في ملاحقة وإصلاح العوج في وزارة التعليم العالي.
صفقات، مساومات، مقايضات، كلها تتم خلف الستار غاية بعضها لا وسيلتها مشروعة، مثل طرح قانون منع الاختلاط على "الدستورية"، هذا واجب على الحكومة وعلى كل نائب يؤمن بروح الدستور، هذا القانون وغيره عشرات القوانين من قانون المطبوعات والنشر إلى منع القضاء من النظر في مسائل الجنسية ودور العبادة والإبعاد… فيها غاية مشروعة بإعمال روح الدستور لكن ثمنها بخس متى ولجت لعبة الصفقات… كيف تسير الأمور بهذه الدولة؟… لا أدري… ما أعرفه تأكيداً أن الشيخ أحمد الفهد موجود بقوة… ويا رب غير علينا.
التصنيف: حسن العيسى
هل لفّق البراك التهم؟
لماذا خلط الأوراق؟ فإذا كان السيد وزير الإعلام حصل على الأغلبية في التصويت على طرح الثقة فهذه مسألة، ويستحق الوزير صك النجاح في موضوع الاستجواب تحديداً، فقد ظلم فيها دون وجه حق، وإن كان لابد أن يستجوب فليكن استجوابه، كما أسلفت في مقال سابق، على ترضية ثوار الوحدة الوطنية على حساب حرية الضمير، واتضح بعدها أن مشروع تغليظ العقوبات الحكومي لجرائم النشر كان "زلقة بطيحة"… زلقة متعمدة من الجويهل، وجدت الحكومة فيها ضالتها لحرق القليل الباقي من الحرية الإعلامية.
كان ذلك موضوعاً، ومسألة انتهت، لكن نقد وإدانة عدد من النواب لزميلهم مسلم البراك حين قال: "إن لكل استجواب ثمناً، وإن لكل اقتراح ثمناً، وهناك نواب يتلقون أموالاً خارجية لتشويه الديمقراطية في الكويت"، ومصدري هنا مقال الزميل بدر الديحاني بـ "الجريدة"، فتلك مسألة أخرى… فمن يطلب من مسلم البراك أن يقدم الدليل على أن هناك فساداً في المؤسسة التشريعية وفي جل مؤسسات الدولة فكأنه يحجب الشمس بمنخل! ما هو المطلوب من البراك أو غيره لإثبات وقائع الفساد وشراء الذمم؟ ليس في هذا أو ذاك الاستجواب فقط وإنما في تسيير وإدارة الدولة كلها…! هل يفترض بالنائب أن يقدم صوراً فوتوغرافية وتسجيلات صوتية تمثل صور الفساد في المؤسسة التشريعية، وهي تتربع على قمة من قمم مؤسسات الدولة "الصالحة"! وسمو الأمير قال قبل سنوات حين كان رئيساً للوزراء: "الفساد في البلدية ما تشيله البعارين…". كانت تلك حقيقة… وهناك حقائق أخرى تقطع بأن الفساد يكاد يعم اليوم معظم مؤسسات الدولة؟ نراه ونلمسه باليد في شوارعنا… في شراء رخص القيادة أو التوسط فيها أو تمرير المخالفات والصمت عن حرب الشوارع… نراه… في تفصيل المناقصات والممارسات على مقاس المتزلفين وأهل الحظوة عند السلطة… أليس مشهد تجمع مئات تناكر المجاري عند بداية الدائري السادس في مشرف، وتلويث البحر بأطنان نفايات المجاري… وكيف رست المناقصة في محطة ضخ الكوارث بمشرف، ومن كان المسؤول عنها… وزيراً أم غيره… وهل تمت محاسبته… أو حتى سؤاله…! أليس هذا التغافل واللامبالاة أبشع صور الفساد…؟ الفساد لدينا ينطق ببلاغة الوقاحة… ويتحرك بكل صوب وكل اتجاه… في التعيينات بالوظائف… في الترقيات الوظيفية… في كل صغيرة وكبيرة تحدث في البلد… الدولة تتدهور… وعلاج دائها ليس في وصفات النائب هايف الأخلاقية… وليس دواؤها في الاصطفاف مع الحكومة بالحق والباطل… لأنها المرجع القوي لوهن التقدميين… حلنا لن يكون بغير حكم القانون… والقانون إما غائب أو نائم… ولا فرق بين الاثنين.
أين أنتم؟
بالثقافة وفنون المسرح والسينما والرسم، بكل هذا يمكن أن نشعل شمعة في دروب الجهل والظلام، بكل هذا يمكن أن نسلط بقعة النور على دروب الغد.
كويت اليوم انتفخ كرشها بثقافة التسطيح، أتخمت الجرائد بمقالات "gossip"، يعني بالنميمة وبكلمات تنضح بالسذاجة وبأحداث خاوية مثل طليق يهدد طليقته في شارع عام أو ضبط وكر للدعارة في الجليب…! اقرأوا ردود القراء على حدث زواج لإعلاميين ولآنسة أرادت أن تخلق مؤسسة لتأليف القلوب بالزواج… في جريدتين قرأت أكبر عدد من ردود القراء على هذين الحدثين العظيمين اللذين سيغيران مسيرة التاريخ… فراغ ريعي خلق حالة الملل المستدامة لا التنمية المستدامة في دولة يا رب لا تغير علينا.
طالعت في جريدة النهار اللبنانية عدد الخميس لقاء مع الصديق الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، تحدث بألم عن واقع الثقافة بالكويت، وجد لغيابها أعذاراً لا أتفق معه عليها، لكن هذا ليس مكانه الآن.
فإسماعيل أديب وروائي وضع بصماته على الأدب العربي، في التسعينيات بجهده الخاص شرع أبواب "ملتقى الثلاثاء" ليكون نواة الثقافة الإنسانية والأدب، لكن إسماعيل من أهل الأدب لا من أهل الملايين، ظروف مادية قاسية عطلت "ملتقى الثلاثاء"، ثم يعود اليوم بعد أن قام "نبيل كويتي"، حسب تعبير إسماعيل، بالتكفل بنفقة المكان.
أعرف هذا النبيل الكويتي منذ زمن طويل، وأعرف عطاءه وأريحيته الدائمين لعالم الثقافة، أعرفه لكنه لا يريد أن تدري الناس عنه. فتحية لك أيها النبيل.
غير هذا "النبيل" ومن هم على أمثاله مع أعمال راقية لبيت لوذان ودار التراث الإسلامي… لا أجد مساهمة تستأهل من دعاة الحريات لدنيا الثقافة ولعوالم الأدب… بينما "هم" الآخرون من مشايخ التحجر والتزمت يسكبون ملايين الدنانير لسجون الانغلاق الفكري وثقافة "أنا صاحب الحقيقة المطلقة"… سطحت العقول… وتفهت الدولة… وأحرق المسرح الجاد… معنا جلادون يحملون السيوف بأيديهم ينتظرون الفرصة الملائمة لتقطيع أوصال الكلمات من كتاب أو جريدة… لوضع الحبر الأسود على ما يثير الشهوات في بئر الحرمان النفطية… لا يكفي تحجيب العقل والجسد… لابد من سحق الروح… لابد من مسخها من روح حرة إلى ببغاء يردد من غير فهم سحرهم وخرافاتهم وطلاسمهم… أين أنتم يا أصدقاء التقدم؟ الدنيا ليست سياسة وتخطيط مناورات وعقد صفقات مع الحكومة أو بعض نواب المجلس… هي ثقافة وعقل حر… هي الحرية.
مخاطبون بحكم القانون لا بحكم الشرع
نحن مخاطبون بحكم القانون الوضعي لا بحكم الشريعة الإسلامية، القانون يعني هنا التشريع المدني أو التجاري إلى بقية القوانين الصادرة من سلطة التشريع، حتى قانون الأحوال الشخصية يعد، في هذا المقام، قانوناً وضعياً ولو كان أساسه الفقه الإسلامي ما دام نفاذه متوقفاً على الإرادة التشريعية، وإذا كانت المادة الثانية من الدستور تنص على أن "دين الدولة الإسلام، والشريعة مصدر رئيسي للتشريع" فلا يعني هذا أن الشريعة الإسلامية هي القانون الحاكم، وإنما هي مصدر من "مصادر" التشريع. على ذلك، فالحكم الصادر من المحكمة الكلية برفض الفوائد البنكية هو اجتهاد خاطئ من المحكمة حين طرحت حكم القانون جانباً وأعملت حكم الشرع أو اجتهاد البعض في حكم الشرع.
وليس هناك من مشكلة، فالبنك يمكن له أن يستأنف الحكم، وبالتأكيد فإن ذلك الحكم سيُلغى أمام المحكمة الأعلى درجة، هنا تحسم القضية أمام المحاكم ذاتها ولا أحد يخشى في هذه الحالة على حقه، لكن حين نترك القضايا والمحاكم ونتجه إلى مجمل أوضاع الدولة تحت وطأة حمَّى المزايدة الدينية ويتصور البعض أنه لا مكان للقوانين الوضعية وأن "فهم" الفقهاء للشرع هو ما يجب أن يحكم الدولة، وأن قوانين الدولة تخالف الدين الإسلامي، كما "يفهمونه" فهنا تكمن الكارثة التي لا تعني سوى حرق الدستور من أول حرف من نصوصه إلى آخر حرف ونسف النظام القانوني للدولة كله.
نحن ضباط الضوابط
هلكنا بالضوابط ما هذا البلد؟ ما هذه الدولة؟ أخبرونا عن هذا النظام، أخبرونا عن هوية هذه الدولة! فلرياضة النساء ضوابط والأفضل أن نولي أمرها لضابط، وللحفلات ضوابط، وللاختلاط ضوابط، وللمقاهي ضوابط، ولمعرض الكتاب ضوابط، وللباس ضوابط، ولحرية الفكر ضوابط، ولأصول الفساد المالي ضوابط، ولدخول دورة المياه ضوابط وللخروج منها ضوابط، وللمرأة وجسدها العورة ضوابط! من أنتم ومن تكونون؟ في لحظة غياب ولجتم بدون استئذان غرف نومنا، تمددتم على أحلامنا، صرتم كابوساً لليلنا الطويل… من أنتم… ومن تكونون؟ مَن أذِن لكم، من سمح لكم، من رخَّص لكم الولاية على وجودنا؟
لا تتنفس بدون حكم الشرع… ونحن ولاته، لا تأكل بدون أمر العادات والتقاليد ونحن الأوصياء على العادة والتقليد… ونحن العادة وأنتم التقليد، لا تتحرك الا بأمرنا… وأمرنا هو ركام جهلنا… جهلنا هو "علمنا" الوحيد… أمرنا أن نرسم لك المشوار في طريق الدين والدنيا… فنحن "العلماء" رسالتنا الكبرى للإنسانية أن نبين لك الفرق بين الفضيلة والرذيلة، وأن نضع الحد بين الجد واللعب… رسالتنا الإلهية أن نعلمك أن حياتك فاحشة وأن ملبسك فاحشة وأن خطواتك في مدينة الملل فاحشة… وأن حريتك فاحشة… وأن وجودك فاحشة، فإن لم تدرك رسالتنا المقدسة، فالعصا لك بالمرصاد، وعقولنا الراسخة كجبال تورا بورا من عهد عاد ستتربع مسترخية على صدرك… ستكبس على أنفاسك… كيف لك أن تتكلم بدون ضابط؟!… اخرس… اسكت… صه… دعنا نلاحظ… دعنا، ونحن الدعاة، نراقب… كيف لك أن تقرأ بدون ضابط… كيف لك أن تعاشر امرأتك بدون ضابط… كيف لك أن تطلق ريحاً بدون ضابط…؟! سنربيك بالضوابط سنعلمك أصول الضوابط… حتى وإن مت وحملوا رفاتك إلى القبر فسنفصل لجثتك ولرمتك الضوابط …! تسأل من نحن؟ نحن ضوابط الدين والدنيا…؟ نحن الجنرالات، كنا ضباطا بالأمس واليوم ببركة تقوى السياسة صرنا ضباط الضوابط.
نجومنا المخفيون
نجوم في السماء تتلألأ بنورها على الدنيا، إلا أنها في فضائنا خاب ضياؤها، فثقافة المنع والتزمُّت من المجتمع أحياناً وأغبرة اللامبالاة وعدم الاكتراث من السلطة في أحيان أخرى حجبت جمالها.
بمن أبدأ وبمن أنتهي؟ الشاب خالد أحمد الربعي قبل سنوات يحوز جائزة أفضل البحوث من جامعة أميركية عريقة على ما أذكر… وتُطوَى صفحته ويُنسى… المخرج سليمان البسام غاص بعقل ثاقب في التراث العربي الإسلامي، وقدم لنا مسرحية عبدالله بن المقفع بإسقاط ذكي على واقع القهر الاجتماعي والسياسي، وما يعانيه المثقف الحقيقي الملتزم اليوم في العالم العربي بفكر مبدع خلاق، ثم يعود من جديد إلى أبطال مسرحية «ريتشارد الثالث» لشكسبير، ويضع على رؤوسهم الطربوش والعقال الشرقيين مصوراً فساد ومؤامرات القصور الحاكمة اليوم، وتُعرَض المسرحية بخجل وتُسدل عليها ستائر الخوف والقلق في مكان بسيط بالدولة، وكأنه ارتكب جرماً بحق ديناصورات التسلط الفكري، وتُعرض المسرحية في دمشق ليكون الرئيس بشار الأسد وحرمه في مقدمة الجالسين على الكراسي الأمامية للعرض، كان تقديراً كبيراً من الرئيس بشار للعمل الجاد والملهم، وتتصدى جريدة «الإيكنومست» الإنكليزية العريقة لتكتب مادحة سليمان وفنه الرصين… مَن يدري عن سليمان البسام في وطنه… هل يذكره أحد؟ هل تم تقديره في وطن الثراء المالي الكويتي، الذي يفتقد دار عرض مسرحي لائقة به… داراً تناسب مجمعات «الفاست فود» وطريق الحرير…!!
الدكتور نايف المطوع الذي حاز في صغره جائزة «اليونسكو» لقصص الأطفال بقصة «تنط أو لا تنط هذا هو السؤال»، وبكتاباته وبحوثه الدقيقة في ما بعد ليصبح أول كويتي يضعه منتدى دافوس للاقتصاد العالمي كضيف دائم على نفقة المنتدى المرتفعة الثمن في كل مؤتمر سنوي يقام بسويسرا، ثم ليضحى نايف أول كاتب كويتي تتعاقد معه دار نشر «نيويورك تايمز» والهيرالد تربيون ليكتب فيهما… نايف الحاصل على جائزة مؤسسة شواب للمبادرة الاجتماعية لابتكاره الـ99، أول مجموعة من الأبطال الخارقين مستوحاة من الثقافة الإسلامية… أقتطع الآن فقرة عشوائية من انطباعاته في لقاء دافوس الأخير… «لقد أعدني التطور لهذا الإنجاز.
وبطول 7.1 أمتار، كانت عيني بمستوى شارة أسمائهم. لم أكن بحاجة إلى التظاهر بمعرفة أي منهم. جعلني الانتقاء الطبيعي أرى أسماءهم قبل أن يراني حاملها. إن تناسق عقلي وعيني في رؤية وتقييم مثل هذه الأسماء ليس له مثيل. عيني في مستوى جذعه العلوي، وجسمي واسع ليكون حاجزي الدفاعي للهروب، ولو أن حارسه الخاص يتبعه، فإنه يظل مهماً أو معتزاً بذاته، وفي كلتا الحالتين فإنه يستحق مشيي بجانبه بطريقة متخفية، لا حاجة لشد عضلات أرجلي ورقبتي المكشوفة لأطلع على سماته، فأنا خلقت هكذا…» مَن يعرف أو يذكر نايف في وطن «ترى احنا ما نتغير ويارب لا تغير علينا…».
اقتصاد صلوح العبده
«صويلحين» واسمه الحقيقي «صالح» وينادونه كثيراً بنعت «صلوح العبده» وأخبروني في ما بعد أنه كان ضحية اعتداءات جنسية من أشقياء الفريج… كان يحني يديه ويترك شماغه الأحمر الملطخ بالأوساخ منسدلاً على كتفيه مقلِّداً تسريحة هند رستم حين كانت مارلين مونرو السينما المصرية… وذكرت لي شقيقتي الكبيرة أن «صويلحين» في أحد الأيام جاءنا مهرولاً يلهث من التعب وطرق الباب وسألها ما إذا كان في البيت سيارة «جيب»؟ فاستفسرت منه شقيقتي ماذا يريد من سيارة «الجيب»؟ فقال إنه يريد تفكيكها لكي يعيد تركيبها من جديد…! وأقطع أنها فكرة عظيمة لقتل الملل…
لا أعرف لماذا أكتب ثانية عن «صويلحين»… هل أفلست من الفكرة؟… ربما… أو ربما ذكَّرني بحكاية تفكيك الجيب تكرار مشاهدتي لعمليات تكسير الشوارع والأرصفة في منطقتنا، ثم إعادة تركيبها، لينتعش سوق المقاولات، وتجري الأموال ساخنة في جيوب المقاولين، وفي دماء الدولة بالتبعية، ويتحرك اقتصاد الدولة في النهاية، اقتصاد صلوح العبده…
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
هي قضية وحدة وطن
أسوأ من القوانين الجائرة هي تلك القوانين المَنْسيّة، وهي التشريعات التي حشرتها السلطة التنفيذية في أدراجها المُغبَرَّة، ونسيتها أو تناستها حسب مصالحها، ثم عادت ونفخت فيها الروح وأحيتها كما تريد أهواء السياسة المتقلبة.
ليس جديداً أن نقرر أن عدداً من التشريعات -وإن كان نافذاً نظرياً- غيرُ مُفعَّلٍ على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك عدد من مواد قانون المرور أو تشريع منع التدخين في الأماكن العامة ومنع الانتخابات الفرعية، وغيرها، لا مكان لها إلَّا في مدوّنة التشريعات، فالسلطة إما هي عاجزة عن أعمالها كتجريم الانتخابات الفرعية، أو أنها ليست جادة وغير راغبة في تفعيلها، مثل قانونَي منع التدخين والمرور.
قانون حظر الجمع بين الجنسية الكويتية وأُخرى، أو ما يُسمَّى ازدواج الجنسية، يعتبر مثالاً حياً على القوانين المَنْسيّة او المُتناسى أمرُها، فالسلطة كانت على علم وإدراك سابقَين بأن الكثير من المواطنين يحملون أكثر من جنسية، وسكتت سنوات ممتدة عن هذا الخرق لحكم القانون، ثم صَحَت فجأة لتذكِّرنا به في معرض مشروع صفقات سياسية، وبعد أن تعرَّض لأمره النائب علي الراشد.
ما هو خطير الآن، ليس موضوع "ازدواج الجنسية" ومخالفة القانون من قِبل عدد من المواطنين، إما طمعاً في كسب ميزات ومنافع مادية أو أنهم وجدوا أنفسهم غير مخيَّرين في تابعيتهم لدول أُخرى، إنما المصيبة في أن يصبح موضوع ازدواج الجنسية ترجمة ودعوة إلى تكريس التفرقة بين أبناء الوطن، ويصبح مرآة لإطلاق شعارات التهديد والوعيد، ليس ضد الحكومة، إنما وسيلة استغلال سياسي لاستدرار التعاطف العشائري أولاً، ثم يُكرَّس ثانياً كأداة للتقسيم العنصري بين بدو وحضر، وطائفي بين شيعة وسنّة، ولم يكن تصريح النائب محمد الحويلة المُخجِل عن الجناسي الإيرانية والأميركية والدماء الزرقاء، إلّا ترجمة فعلية لواقع الفرز الذي يُقنَّن الآن، ليس من السلطة الحاكمة كما حدث في السابق، إنما من نواب يُفترَض أنهم يمثِّلون الأمة بمجملها لا مناطقهم وجماعتهم.
هنا، لم تعُد قضية اليوم حلَّ معضلة "ازدواج الجنسية" وحكم القانون، إنما هي قضية وحدة وطن وإعادة الاعتبار إلى دستور الدولة.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة