حسن العيسى

عدلوا نصوص ملكية الطوابق والشقق


باستثناء الأثرياء أو ربما الذين لهم حظ معقول من المال أتساءل عن الذين يستطيعون شراء قطعة أرض لا تتجاوز مساحتها 400 متر مربع بقيمة لا تقل عن 150 ألف دينار، والأغلبية سيحتاجون إلى مثل هذا المبلغ على أقل تقدير لبناء منزل بسيط في منطقة معقولة بدولة "البوارح" والغبار. كيف يمكن للشباب أو أهاليهم توفير ما لا يقل عن ثلاثمئة ألف دينار أي ما يعادل مليون دولار لشراء منزل العمر لأبنائهم كي يستهلوا حياتهم الزوجية؟ الأمور شبه مستحيلة، ولا حل غير انتظار سنوات طويلة حتى تخصص لهم الدولة الأرض، ويمنحهم بنك التسليف القليل من المساعدة لبناء المنزل… وما عليهم غير الانتظار والانتظار الطويل ولسنوات غير معلومة حتى يفرجها الله عليهم.


الحل الآخر والمعقول، الذي يفترض أن تشجعه الدولة بالأفعال لا بالأقوال، يتمثل في خيار الامتداد الرأسي للبناء، أي بشراء الشقق، وتشجيع الشباب على امتلاكها، لكن ماذا فعل المشرع لذلك؟ لا شيء حسب ما أعلم، فلا يوجد غير نصوص قليلة في القانون المدني تبدأ من المادة 848 إلى المادة 874 التي تنظم الملكية الشائعة. معظم هذه النصوص هي قواعد مكملة بتعبير أهل القانون، أي قواعد لا تأمر ولا تلزم أهل الشأن وإنما تستكمل ما تم الاتفاق عليه، وبالتالي ينتهي الأمر بفوضى ملكية الشقق وترك الملاك لرحمة تجار العقارات، وعدم اكتراثهم حين تتم عملية بيع الشقة للمشتري، ويترك الأخير وشأنه في الخدمات المفروضة للعقار.


سأعطيكم مثالاً على ذلك، فمثلاً إذا اشتريت شقة في دولة أوروبية أو ربما أي دولة تنظم ملكية الشقق، تجد هناك ما يسمى "اتحاد الملاك"، الذي يفرض بصيغة "الإلزام" رسوماً محددة على كل مالك في الشيوع (مالك شقة بالعمارة السكنية) بدفع مبالغ محددة شهرياً، من أجل خدمة وصيانة العقار له وللشركاء في ملكية العقار، مثل خدمة المصاعد وصيانة العقار إلى آخره… وهنا لا يحتاج "اتحاد الملاك" إلى حكم من المحكمة المختصة لإلزام أحد الملاك بدفع رسوم الخدمة، وإنما يلزم بها "أوتوماتيكياً"، مثلها مثل ضرائب أو رسوم الدولة لا جدال فيها.


في الكويت نجد أن معظم النصوص، التي تنظم موضوع "اتحاد الملاك"، تبدأ بكلمة "يجوز"! فمثلاً تنص المادة 859 من القانون المدني على 1- يجوز للملاك بأغلبية الأنصبة أن يكونوا اتحاداً لإدارة العقار وضمان حسن الانتفاع به… إلخ.


ماذا لو لم يتفق الملاك على إنشاء مثل هذا الاتحاد… ماذا سيحدث؟ ماذا لو تعطل المصعد لساكن في الدور العاشر وطلب من الساكن في الدور الاول أن يدفع حصته لصيانة المصعد؟ سيقول بداهة: ما شأني أنا بالمصعد… "كلها درجتين وأصل شقتي"! ماذا لو تعطل المكيف المركزي على بعض الشقق دون أخرى أو انفجرت ماسورة الماء في شقة ما… فماذا سيكون مصير المبتلين بالشخصية الأنانية لأحد ملاك الشقق، حين يرفض المساهمة في الصيانة؟ لا حل لهؤلاء سوى انتظار حكم المحكمة بعد شهور أو سنوات طويلة من دون مصعد أو مكيف أو ماء…! وحتى حين صدر قرار وزير العدل رقم 64 لسنة 81، بدأ القرار مرة أخرى بصيغة "يجوز"، فلا إلزام ولا فرض إنما يترك الأمر للقدر وللجواز.


على المشرع الآن، وهذا هو الوقت المناسب اليوم وبعد فوات أكثر من ثلاثين سنة على صدور القانون المدني، أن يبادر إلى تعديل نصوص القانون "بفرض" إنشاء اتحاد الملاك بشخصية معنوية مستقلة على كل من يود أن يسوق عمارته في أسواق العقار… ولا يترك الأمر لقرار ذاتي من ملاك حصص الأغلبية، فنحن، في آخر الأمر، في دولة "أنا وبس"… والشباب ينتظرون الفرج في تملك المعقول بشقق سكنية، ولابد من حماية يوفرها لهم المشرع… عدلوا تشريعاتكم يا جماعة قبل نسج الأحلام حول مدينة الحرير.


حسن العيسى

صور فاشية كويتية


هناك أكثر من ألف صورة للفاشية، ولا يشترط أن تطل علينا بالملابس العسكرية عندما تروج لعقيدتها أو فكرها أو لأي شكل من أشكال عقدة التفوق بسبب العرق أو الدين أو الهوية، ومن ثم تفرض رأيها الأوحد وتدعي فيه الكمال وتنحر الرأي الآخر، وتتأله متعالية برؤيتها على غير المنتمين إلى حزبها ودولتها، فقد تتشكل بصور أخرى تظهر فيها وجه السماحة ومسايرتها لأحكام العادات الاجتماعية المزعومة والاحترام المفترض والحياء العام، و"يالله تزيد النعمة" على هذا الرياء الفاشي.


تلك فاشية حين تنتهج وزارة الداخلية عقوبة حلق رؤوس الشباب الذين يعاكسون الفتيات في الأماكن العامة، هنا لا يهم "الفاشية" ما إذا كانت مثل تلك العقوبة التي تمس الجسد الإنساني متفقة مع حكم القانون وشرعية حقوق الإنسان، كما هي في المواثيق الدولية أم لا! فالقانون هو رهن المزاج الفردي وإعماله في يد القضاة الضباط حين يكونون هم الخصم والحكم في آن واحد. وهي فاشية أيضاً عندما تتجاوب وزارات الدولة مع دعوة النائب وليد الطبطبائي إلى منع إنجاز معاملات المراجعين المرتدين "تي شرت والشورت"، حفاظاً على حياء الموظفات، كما جاء في تبرير الوزارات، كما نشرتها جريدة الوطن…! النائب وليد الطبطبائي يقترح فرض الزي الوطني على الموظفين، وهو يمهد لفرض النقاب والحجاب على الموظفات، والجلباب القصير واللحية الممتدة على الموظفين بداية، ثم كل يقطن في دولة اللا معنى الكويتية في النهاية، والسلطة الحاكمة ستساير رؤية هذا المنهج السلفي الخائب، فلن يضيرها بشيء، فالرافعة الدينية تؤسس وتستكمل شرعية الحكم حين تغيب شرعية الديمقراطية الصحيحة القائمة على الرضاء العام واستنارة الوعي العام بأنوار التقدمية الليبرالية وحقوق الإنسان.


وهي أيضاً فاشية عندما تمتنع وزارة العدل عن تصديق عقود زواج الكويتيين من غير الكويتيات، حتى تروج "غصب على خشومهم" فرض الزواج من الكويتيات، وهي فاشية حين ننسى خدم المنازل ونترك مصيرهم لمجهول الضمير الغائب لأرباب الأسر، وهي فاشية حين "تتحنبل" السلطة وتلاحق أصحاب الرأي في كل صغيرة وكبيرة بحجة هذا هو القانون وهذه "خلاجينه"! وهي فاشية هزيلة حين تدور معارك الرأي بالصحافة ليس على أساس الفكر والنهج وإنما بقذائف السب والقدح في صاحب الرأي الآخر، وتعييره بأصله وفصله… وكأن "المفكر" الكاتب من شعب الله المختار، ثم تأتي ردود قراء الجهل والفاشية النفطية منتشية ترقص فرحاً من عبارات الذم لجهابذة العقل الغائب… أليست تلك بعض صور الفاشية التي نحيا بها، ويتعيش بعضنا على رممها العفنة.


حسن العيسى

عراق فوبيا

هدأت اليوم حرب التصريحات في الكويت، وهي الحرب التي أعلنت على تصريح مقابل من مندوب العراق في الجامعة العربية، الذي طالب فيه بتسوية مسألة الحدود بين البلدين، عبارة قالها ومضت؛ واستنكرت الحكومة الكويتية ونواب "الأمة" وأصحاب الرأي ما قاله المندوب العراقي، وسارعت الحكومة العراقية- ولا نعرف هويتها ولا مدى سلطتها على أرض العراق- إلى نفي واستنكار ما صرح به المندوب العراقي، فصرح بقوة وزير الخارجية العراقي هوشي زيباري، مستنكرا ما تفوه به مندوب العراق لدى الجامعة، وأقر أكثر من مسؤول عراقي كبير بتقسيم الحدود بين البلدين كمسألة منتهية، حسب قرارات الأمم المتحدة… إلا أن كل ذلك لم يطمئن لا الدولة الكويتية ولا الكثير ممن نطقوا بعنتريات الغطرسة في الإعلام الكويتي، وكالوا أسوأ عبارات التكبر والتعالي ليس على العراق كوطن وإنما على كل ما يرمز إلى العراق، ما هذا؟ وكيف نسمح لأنفسنا بالتفكير بلغة العاطفة القبلية المتشنجة وننسى العقل؟ بعد أيام تمر علينا الذكرى العشرون للغزو العراقي، ومازلنا نحيا حتى هذه اللحظة تحت هواجس الاحتلال وعقدته، بكلام آخر ما زالت تلك العقدة هي التي تحكم النفوس عند الكثيرين من أهل البلد، ويكفي قراءة سريعة لعدد من صحفنا اليومية وكتابات الكثيرين من الزملاء لندرك بعدها حجم وكم عقدنا النفسية من العراق وكل من يحكم العراق أو يحيا فيه. عن أي عراق نحمل هذا الهم الكبير بعد أن ملأنا النفس خوفاً وريبة منه، هل هو عراق حكومة المالكي أم عراق أياد علاوي ودولة القانون أم عراق مقتدى الصدر أم عراق القبائل والقوميات والطوائف المتناحرة؟! من نحاسب وأي مسؤول عراقي نلوم اليوم كي نظهر سخطنا على أي كلمة تصدر من مسؤول أو غير مسؤول أو من نائب عراقي أو كاتب صحافي في جريدة نكرة في العراق؟! الواجب يفرض علينا أن نتعقل بلغة الخطابين الرسمي والشعبي، ولا نمارس بأي صورة كانت تصريحات وكتابات التحريض والكراهية لشعب أو شعوب بأكملها، فنحن لا نملك بساط الريح كي يحمل الدولة بمن فيها ويضعها في مكان عال على جبال الألب، وإذا تركنا جانباً المسألة القومية وعلاقات القربى بين البلدين فعلينا الإقرار بأن لدينا مصلحة ثابتة في عراق قوي وموحد يقيم أسسه على ركائز ديمقراطية ليبرالية وعلمانية تتسامى فوق الهويات القبلية والطائفية، مهما بعد هذا الحلم عن العراق وعنا، فما يحدث في العراق ينعكس علينا حتماً، ولم تكن التجاذبات الكلامية الطائفية الأخيرة التي شهدناها في عدد من جلسات مجلس الأمة، وما رافقها من استعراضات بعض أئمة الفكر الديني إلا مرآة مصغرة لما يجري في العراق.

في العدد الأخير من شهرية لوموند دبلوماتيك كتب رستم محمود مقالاً مهماً اجتزأت منه تلك الفقرة "… هل تقرأ الكويت راهن العراق؟ على أنه الأخ الجريح الذي لا يشفى من لوثة غضبه وشراسته إلا بسنوات طويلة من تصالحه النفسي والمادي مع واقعه، أم أن الثأر من الأيام الماضيات، سيدفع الكويت إلى مزيد من نكء جروح جاره وإضعافه…" لنسأل أنفسنا إذا كنا قرأنا واقع العراق أم أننا لم نفعل ولم نقرأ قبل هذا واقعنا؟!!

حسن العيسى

نعم تتعسفون في الإبعاد الإداري


يحسب للجنة حقوق الإنسان في المجلس قراءتها لملف الإبعاد الإداري، والتعسف في استعمال تلك "الرخصة" التي خولها القانون لوزارة الداخلية، وكان الأولى أن تخضع مسألة الإبعاد الإداري لولاية القضاء، بدلاً من إخراجها من حيز رقابته هي وقضايا الجنسية ودور العبادة، لكن في مثل ظروف الكويت التي يشكل الوافدون فيها ما يقارب ثلثي عدد السكان، منهم نسب لا بأس بها هم ضحايا لتجار الإقامات، يصبح إخضاع سلطة الإبعاد لرقابة القضاء قضية قد تكون غير عملية حين تغرق المحاكم في قضايا المخالفات لقانون الإقامة، ويضيع الحد الفاصل بين المظلومين من الأجانب وغيرهم من المخالفين.


ما يهم الآن هو تحديد مفهوم التعسف في استعمال رخصة الإبعاد الإداري حين صورها المشرع بأنها من اعتبارات مبدأ سيادة الدولة، والتعسف هنا يظهر حين يتم استغلال مثل تلك الرخصة على غير الهدف والقصد الذي وضعه المشرع. فكم بريء أبعد عن البلاد حتى يتجنب "الكفيل" الكويتي مطالبة مالية حالية أو محتملة من الأجنبي المبعد، وكم مظلوم تم تسفيره إرضاءً لاعتبارات سياسية جوفاء، مثل إبعاد مجموعة من المصريين الذين أبعدوا قبل أشهر، لأنهم أظهروا تأييدهم لمرشح الرئاسة المصرية محمد البرادعي… لنقف هنا ونسأل لماذا تتم معاقبة الأجنبي بالإبعاد حين يتوقف عن دفع "الجزية" السنوية لتاجر الإقامة، بينما يترك الأخير دون حساب لا عقاب؟! ولماذا نثور حين يزج باسم الدولة الكويتية في قائمة الاتجار بالبشر، وكأن الكثيرين لا يمارسون مثل تلك التجارة السوداء؟ ألم يصبح من مأثوراتنا الشعبية حين نقول لغير الكويتي "اسكت ولا أسفرك!" وقد كتب مشكوراً الزميل جاسم بودي افتتاحية في جريدة الراي قبل فترة، منتقداً تلك الممارسة المعيبة في ثقافة الاستعلاء والتكبر من بعضنا ضد الغير.


إذا أردنا أن يكون الكلام منصفاً لمن يخدمون ويشقون في هذا البلد، فالواجب أن يفتح ملف الخدم ووضعهم المبهم في النظام القانوني، فقد تم استبعادهم في السابق من أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي، وتم تناسيهم في القانون الجديد، ولا يبدو أن هناك نية لإصدار تشريع ينظم حقوقهم تجاه أرباب العمل في المنازل، فقد جاؤوا من بلاد الفقر والتعاسة من أجل لقمة العيش ليعيشوا هنا تحت ظلال شبح الاستغلال والإبعاد، عند البعض منا من أصحاب النفوس المريضة. هل نتخيل كيف تكون حياة الأسرة الكويتية من دون خادم…؟! وهل سنتصور كيف يمكن أن تسير شؤون البلد من دون "أجنبي"…؟ أغلقوا أبواب الدولة وامنعوا دخول جميع الوافدين القادمين للعمل، ولنر كيف تتفتح همم بني نفط لبناء مدن الحرير!


حسن العيسى

لكم الله

سمعت من زمان نقلاً عن أهل الخير هذه العبارة ان المشرع حين وضع مبدأ المشاركة بين الكويتي والأجنبي في قانون التجارة القديم في بداية الستينيات، كان يهدف إلى أن يكون رأس المال من الكويتي ويقدم الأجنبي الخبرة، وانتهت الأمور إلى أن يغادر الأجنبي برأس المال وينتهي الكويتي بالخبرة…! عبارة تضخمت بمعان عنصرية إلا أنها قد تصدق أحياناً، ولا أعرف لماذا تذكرتها حين شاهدت النائب السابق جمال العمر في تلفزيون قناة سكوب- ولم يكن جمال محسوباً يوماً على المعارضة- يبدي خشيته من المبالغ "الفلكية" التي خصصت للخطة الخمسية نحو تحقيق حلم أو وهم الكويت مركز مالي وتجاري للمنطقة، فقد خصص لوزارة الأشغال ما يزيد على ثلاثة مليارات دينار كويتي، كي تظهر الكويت بالشكل اللائق حسب المواصفات الخليجية، وتلك المواصفات تلخص الحداثة والتنمية بعمارات شاهقة من الأسمنت وشوارع من الأسفلت… ولا شيء عن الثقافة والتنمية البشرية كأعظم رصيد لما بعد عهد البترول.
أعود إلى السيد جمال العمر، فقد سأل جمال متعجباً: كيف يمكن أن نخصص كل تلك الأموال للمشاريع القادمة، ولدينا هذا الكم الرهيب من النقص في الخدمات من أزمة مرور وشوارع ومستشفيات وبيروقراطية؟ وقال بما معناه: كيف نبدأ تلك المشاريع العملاقة وننسى واقع حالنا، ليس هناك معنى لتلك الأموال التي ستخصص "للخطة" ولوزارة الأشغال تحديداً غير فسح المجال لمزيد من الفساد ومزيد من السرقات.
لنترك كلام جمال فقد وضع إصبعه على الجرح، ونتخيل كيف يمكن "هبش" الثلاثة مليارات دينار تكلفة "عشيش" الكويت كمركز مالي وتجاري، فرغم اقتناعي بنزاهة السيد وزير الأشغال وجدية ديوان المحاسبة ورقابة لجنة المناقصات فإن كل أجهزة الرقابة تلك لا تمنع متنفذاً من ماركة "الديولكس" أن يختار مقاولاً كبيراً، ويكون أجنبياً في أغلب الأحوال، ويتم الاتفاق معه على نسبة مشاركة بين الكبير (المتنفذ) والمقاول الكبير الآخر، وبدوره يقوم الأخير، وبناءً على رغبة الأول، بتوزيع بعض حصص الكعكة الكويتية على فلان وعلان من أهل الخير، لضمان صمتهم وشراء ودهم، وهكذا تمضي الأمور، فمجلس الأمة مضمون وفي الجيب الحكومي، و"دهان السير" سيجري على قدم وساق، وبدلاً من محطة مشرف للمجاري ستكون هناك عشرات المحطات الطافحة بالخراب والآسن، وبدلاً من مستشفى جابر، الذي توقف العمل فيه، سيكون هناك مئات الأراضي المسورة لمشاريع الوهم حوطت بأسوار مزينة برسوم الوعود الخادعة عن موعد الافتتاح الكبير وسيكون في المشمش، وعوضاً عن استاد جابر أيضاً، سيكون هناك مئات التجاوزات في ملاعب الكويت القادمة… والكويت كلها هي ملعب لهم…! من هو المتهم الذي سيحاكم بالغد في المشروعات الفاشلة؟ من سيساءل في النهاية… المصمم الأجنبي الذي قالوا عنه إنه لا يوجد خطأ في تصميماته أم الخطأ في الوزارة المشرفة… أم الخطأ منسوب للمقاول الذي ترك البلاد بعد أن أدى الواجب في المقاولة الكبرى لكويت المركز المالي والتجاري للمنطقة…؟ ليس هناك من كلمة عزاء نقولها لأبنائنا غير: لكم الله.

حسن العيسى

ما بعد عسكرة الدشاديش


في يوم قادم لن يطلب النائب وليد الطبطبائي فرض اللباس الوطني على موظفي الدولة فقط، ولن يسكت بقية النواب المفصلين على مقاس الطبطبائي على شكل ملابس الشرطة النسائية، حتى لو لبسن "الوزرة" بسخرية السيد وزير الداخلية في ملاحظة قديمة له على السابحات على شواطئ سان تروبيز في جزيرة كبر. سيمتد وباء مصادرة الإنسان وأبسط حرياته الشخصية إلى كل صغيرة وكبيرة، بحجة أن هذا هو الدِّين وهذا هو الشرع الإلهي، وبحجة العادات والتقاليد، التي تُكتَب للمستقبل بحبر الماضي. سيحدث كل هذا وأكثر، وفي كل مرة يقضم بها هبرة من حرية الإنسان ويحشر في إدراكه التفسير الغيبي عوضاً عن التفسير العلمي لظاهر الكون نجد أن الواعين لا يكترثون بمثل تلك القضايا، لأنها حسب رأيهم "قضية هامشية"، وكأن الأمر مجرد نائب يعبِّر عن رأيه، فلم يكن عزل كافتيريا الطلاب عن الطالبات في كلية الطب مسألة كبيرة، وسكت عنها، ولم يكترث أحد حين هرول مدير الجامعة في ذلك اليوم متسلحاً بعسس الاتحاد الوطني ليشهد بأم عينه كيف تتم جريمة الاختلاط بالكافتيريا… أيضاً كانت هذه عند فقه القلة الليبرالية مجرد "مسألة جانبية"! أكثر من ذلك أنهم يخشون حتى من وصفهم بالليبراليين، فقد أَدخل الإرهاب الفكري للجماعات الدينية والمؤسساتي للدولة التي تحيا على الرافعة الدينية (بتعبير جورج قرم في المسألة الدينية بالقرن الواحد والعشرين) الرعبَ حتى من التصريح بالإيمان بفكر الحداثة وكلمة الليبرالية، وتوهمت القلة الليبرالية أنه لا نجاة لها من بحور التخلف الجماهيري بغير الطوق الحكومي، والاصطفاف وراء خطاب السلطة الحاكمة في معظم الأحيان، نسي هؤلاء سواء كانوا في الكويت أو في بقية "الأمة العربية الواحدة" أن السلطات الحاكمة هي التي استثمرت روح التزمت والتعصب الدينيَّين في القرن الماضي لمقارعة الشيوعية، وهي المسؤولة بقلة ثقافتها ومراهنتها على الغرب الحارس للمصالح البترولية حين رعت قبليات الدول الدينية وما يندرج تحتها من طائفية لها جذورها العميقة في دولنا, وشجعتها بغرض ضرب القوى القومية والتقدمية.


إلامَ انتهينا اليوم؟ تم قتل الفن بدم بارد في الدولة وكتب الطبخ والعفاريت تملأ مكتبات معارض الكتاب كل عام، وبرامج تفسير الأحلام تتزاحم في محطات الاستهلاك التجارية، وقبلها محطات تلفزيونات الحكومة، وبدلاً من المسرح الجاد ضجت أراضينا بمولات الشراء والفاست فود، وبدلاً من إحياء الفرحة والبهجة الغائبتين وتوطين الثقافة العلمية وتنمية العقلانية تم إحياء حفلات المزايدات الدينية من قِبَل تجار البركة في القطاع الخاص، وهؤلاء هم تجارنا ورثة السندباد بجلبابه القصير ولحيته الممتدة… فلم يعد الأمر قاصراً على حفلات حفظ القرآن التي يرعاها كبار المسؤولين في الدولة ومؤسسات الوكالات التجارية، بل صار لدينا هذا الخليط العجيب عندما ينادى للأذان بمكبرات الصوت في "مول" متضخم بحداثة شكلية تضج ردهاته بالبنطلونات الضيقة وببنات الحجاب وقد غطين وجوههن بطبقة سميكة من المكياج الغربي!


هذا التشويه وتلك القباحة في بلد أضاع مشيته، أضحيا من "المسائل" الجانبية عند التقدميين، هي سنة التخلف أو التقدم! لا فرق بين الاثنين… ولا يهم وصفها… قالوا بأن قضايا المال العام هي قضيتنا الأولى والأخيرة، ولا شيء بعدها ولا قبلها…! ووصل الأمر إلى أن يكتب عبداللطيف الدعيج مصرحاً بكفره بقضايا المال العام على حساب الحريات الفردية!


قضيتنا – إذا فهمنا واجبنا الوطني – هي النضال على جبهتين، لا لجبهة على حساب أخرى، فعلينا محاربة الفساد المعشش في ردهات الدولة بلا استثناء، وقضيتنا الموازية لها اسمها الحريات والحداثة، ولا تنازل عن واحدة مقابل الأخرى، ولا مراهنة على عربة السلطة اليوم حين نشعر بضعفنا كأقلية، ولا بد من عون حبال السلطة. ولننتهِ من حديث الأغلبية الصامتة كما يحلو للزميل إبراهيم المليفي أن يعنون مقالاته باسمها… فأي فائدة لهذه "الأغلبية" إذا كانت خرساء لا تنطق ولا تصدر صوتاً؟! لنكن أقلية تؤمن بالحرية بكل معاني حرية الكلمة كركن أصيل للحرية السياسية مع نضال لا يكل من أجل بقية الحريات الاجتماعية الغائبة عن الجسد الكويتي وهي قوام معنى الوجود الإنساني.


حسن العيسى

جيب السلطة الكبير


تمنى النائب مسلم البراك على سمو رئيس الحكومة أن يكمل عبارته حين قال: إن الدستور بجيبي ليتممها بأن المجلس النيابي في جيبه الثاني (القبس عدد أمس)، يبدو أن البراك يريد الذهاب إلى أن رئيس الحكومة عندما يقول إن الدستور في جيبه لا بالمعنى الذي أراد رئيس الحكومة إيصاله إلى الإعلام من تمسك الحكومة بدستور الدولة نصاً وروحاً، بل بمفهوم ممارسة الالتفاف على المقاصد الدستورية، وأن هذا الدستور ليس إلَّا واجهة شكلية لديمقراطية صورية كما تريدها النخبة الحاكمة، ولم يكن بالإمكان أن يحدث هذا لو لم يكن المجلس في جيبه الثاني، هذا ما أفهمه من كلام النائب البراك في نقده سياسات سمو رئيس الحكومة.


إذا قبلنا حجة البراك القوية ضد الحكومة كما دلل عليها بموقف مجلس الأمة في التصويت على سرية الجلسات، وكما يظهر في ممارسات التصويت بالمجلس بالقبول أو رفض الاقتراحات النيابية حسب هوى الحكومة، يبقى السؤال المحير ماذا منع الحكومة من العمل لنفض عقود طويلة من اللاعمل وتأجيل كل مشروع وقبر كل رغبة في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بالدولة؟! إذا كانت نتائج استجوابات النواب للوزراء أو لرئيس الحكومة معروفة سلفاً مادام المجلس في "جيب" الرئيس فلماذا هذه العطالة في العمل الحكومي ما لم تكن هذه الحكومة وجل الحكومات التي سبقتها في حالة عطالة دائمة منذ نهاية الستينيات من القرن الماضي حتى اليوم عدا ومضات سريعة لمعت عند بعض المجالس وسرعان ما تم تعتيمها بالحل السلطوي للمجلس؟


هل يمكن اليوم أن نصدق تحقيق الأحلام العريضة بدءاً من طريق الحرير الى مدن الأوهام الحريرية التي تروج لها وسائل الإعلام الحكومية سواء ملكتها الحكومة مباشرة أو بطريق غير مباشر بسياسة العطايا والهبات؟ لا أتصور أن السلطة جادة في إصلاح أمرها حتى يتعدل بالتالي البيت الكويتي، فليس للسلطة رؤية واقعية للغد، ولا يمكن أن يكون لها هذا فأصحاب القرار ومن يحيط بهم من ضاربي الدفوف في وادٍ والحقيقة في وادٍ آخر، وليس هذا بالجديد عليهم، وإنما هذا إرث تتناقله جيل بعد جيل. انتظروا نهاية الثرثرة الرسمية عن الغد الوردي للدولة، وشاهدوا كيف سيكون سواده إن لم يكن عليكم فعلى أبنائكم.


لنقل إن مسلم البراك غلطان، فليس المجلس ولا الدستور فقط في الجيب الحكومي، وإنما الدولة كلها في الجيوب الفضفاضة لسلطة الحكم، ولا رقيب ولا حسيب.


حسن العيسى

ماذا لو كُتِب لك الخلود؟


أي رطانة رائعة تلك التي كتبها "جون وولش" في جريدة "إندبندنت"، وعنونها "لا تقل الموت… من يريد أن يحيا إلى الأبد"؟ يسأل الكاتب: ماذا لو توصل علم الجينات إلى أن يمد عمرَك لأكثر من مئة عام ولمئات السنين! ماذا لو أتاح لك العلم أن تؤجل موتك إلى ألف عام، كيف ستحيا كل السنوات القادمة الممتدة؟! ينقل الكاتب عن المخرج الأميركي الكبير "ودي ألن" الذي بلغ الخامسة والسبعين من العمر قوله: "لا أريد أن تخلِّدني أعمالي… وإنما لا أريد الموت"، عبارة صادقة تخلو من رياء مدَّعي الحكمة والنقاء الروحي.


تتزايد نسبة المعمِّرين الذين تتجاوز أعمارهم المئة عام بنسبة 7 في المئة كل عام، ويتضاعفون كل عشر سنوات، ولا يهم سبب الزيادة، سواء كان ذلك راجعاً إلى خفض كمية النشويات التي يستهلكونها أم لأسباب روحية، "فجين كالمنت" ماتت عام 1997 عن عمر يناهز المئة والعشرين عاماً، وبعد جيل من الآن سيُحطَّم هذا الرقم القياسي لنصل إلى مئة وخمسين عاماً… ويعود جون وولش ليسأل: هل نستطيع أن نخدع الموت إلى ما لا نهاية؟! فنحن نموت بأي واحد من ثلاثة أسباب، الكهولة أو المرض أو الحوادث… ماذا لو استطاع العلم أن يوقف الشيخوخة بالأدوية المانعة للمرض… وتجنبنا موت الحوادث؟ لو قدر للعلماء أن ينقلوا العقل من الجسد المصاب الجريح إلى جسد آخر سليم! تماماً مثلما تُنقَل المعلومات "سوفت وير" من جهاز كمبيوتر إلى آخر، ستنتقل ذكريات الماضي والوعي بالحاضر وبالتالي كل معنى لحياتك من جسدك المتهالك إلى جسد جديد… وهكذا يتم تخزين "الذاكرة" البشرية ونقلها إلى مئات وآلاف السنين، وتظل حياً خالداً بذكرياتك ووعيك.


ينقلنا وولش إلى رحلات جليفر ولكن ليس إلى بلاد الاقزام، بل إلى بلدٍ الكائنات فيه لا تموت، اسمها "سترلدبرغز"، يغبطها جليفر: يا بختكم لا تعرفون الموت… ولكنه يدرك أن تلك الكائنات الخالدة تتفجر بالحسد والثرثرة والملل، فهي تهرم وتشيخ وتسقط أسنانها، وتفقد ذاكرتها وتنسى بداية الجملة عندما تصل إلى نهايتها… فأي حياة هذه التي تحياها تلك الكائنات! هي تغبط وتحسد مَن يموت…!


ويتساءل وولش مثيراً في نفوسنا حلم العمر الطويل، يسأل عن آلاف الكتب التي سنقرأها وعن كل نقاط الأرض التي يمكن أن نزورها لو امتد بنا العمر مئات السنين… لكن هل ستريد الخلود للأبد؟ وهل ستعي معنى البهجة؟


ماذا يقصد وولش؟ برأيي، إنه لا يريد غير أن يقول لنا، إنه لا توجد بهجة دائمة… وما كنا لنعرف لحظات البهجة والفرح لولا أوقات الحزن والملل، فبضدها تتميز الأشياء… فلولا الليل ما عرفنا النهار، ولولا القبح ما أدركنا الجمال.. ومثلاً، لولا أنني لم أزُر سويسرا ولاس فيغاس لقلت ما أجمل الحياة في بلدي الكويت… إني أغرق في دنيا البهجة وأسبح على شواطئ الحبور.


حسن العيسى

هل ظلمنا رباب؟

ما حكاية الفنانة العراقية رباب؟! وكيف "حاسبها الوقت" ورحلت عن الدنيا مظلومةً بحرمانها دخول وطنها الكويت، الذي عاشت وتربَّت فيه وغنَّت من أجله، فعوقِبت بجريرة جنسيتها العراقية، وماتت بحلم لم يتحقق، هو أن تعود إلى وطن أحلامها!

ما حقيقة "فزّورة" رباب؟ هل كانت مظلومة حقاً أم أنها "تبلَّت" على دولة وزارة الداخلية؟!

نشرت جريدة "الراي" تحقيقاً صحافياً أمس، للزميلين ليلى أحمد وصالح الدويخ، وكان تحقيقاً مُحزِناً عن مأساة البيروقراطية واستبداد سلطة الموظف العام في حقوق الإنسان، متى "زركت" النياشين والنجوم كتفَيه كضابط أمن، فكلامه دائماً يمثِّل الحقيقة كما يُمليها خطاب السلطة، وهي سلطة الأمن والضبط والربط.

في تحقيق "الراي"، يؤكد شهود الفن مثل سليمان الملا وأنور عبدالله والشاعر عبداللطيف البناي، براءة رباب من تهمة التعاون مع الاحتلال، كما أن أحاديث رباب إلى الصحافة قطعت بأنها لم تكُن في الكويت قبل الغزو الصدامي، بل كانت في تونس ضمن مهرجان فني، وحدث الغزو ومرضت بالقلب وعولجت في أميركا على نفقة الأمير السعودي خالد بن فهد، ثم بعدها لم يُسمَح لها بالعودة إلى الكويت، وبقيت في دولة الإمارات، تغني باللحن والصوت الكويتيين… ورُفِضت كل محاولاتها للدخول إلى وطنها الكويتي، وتمنَّت في يوم ليس بعيداً، أن تقف على المسرح في الكويت في ذكرى تكريم المرحوم راشد الخضر، ورُفِض طلبها بدخول الدولة.

كان الرسميون يقولون مرةً إنها "متعاونة" مع الاحتلال الصدَّامي، أو إنها غنَّت له، ومرَّات لا يقولون شيئاً… فهم "أبخص"! وما الدليل وما الإثبات؟ لا شيء غير هواجس الريبة من كل ما يرمز إلى العراق.

في بداية الثمانينيات، حدث أن زارني في المنزل راشد الخضر، وطلب منّا (أنا وناصر أشكناني وسعود الديين والمرحوم نصرالله نصرالله)، أن نسمع لحنه الجديد "حاسب الوقت ولا تحاسبني أنا"، وأخبرنا أن مطربة جديدة يصعد نجمها عالياً اسمها رباب ستُغنّيه، غنّت رباب "حاسب الوقت" ونجحت الأغنية بمعانيها الجميلة، لم نعرف عن رباب غير أنها مطربة كويتية سمراء.

مضت الأيام والسنون… مات راشد، وماتت رباب قبل أيام… حاسبهما الوقت… كما يحاسب كل نفس منّا بالفناء… لكن من سيحاسب مَنْ ظلَمَ رباب وغير رباب؟

حسن العيسى

حول اللباس المحتشم

فرض اللباس "المحتشم" من الإدارة الجامعية على الطالبات ليس إلا ممارسة سادية تهدف إلى تدجين الجسد الأنثوي وتوطئة لسجن العقل الإنساني للفتيات بغرض تمهيدهن كي يقرن في منازلهن برسم خدمة مشاريع قوانين حقوق المرأة التي تطبخ على نار التخلف في مطابخ مجلس الأمة بمباركة "الشيف" الحكومي.

يحسب كثير من الواهمين أن "قضية" لباس طالبات الجامعة لا يجوز أن تكون من أولويات الدولة ولا معنى لأن يقف النائب صالح الملا في ندوة الوسط الديمقراطي معترضاً على فرض الزي المحتشم…! هذا التسخيف لقضية حرية اللباس في الواقع هو صورة مبطنة لتسخيف قضية الحرية كلها، فاليوم اللباس المحتشم، وغداً الحجاب، وبعده النقاب، ثم الختام وحسن الخاتمة كما يتجلى في الوجه القبيح للإنسانية في قندهار طالبان حين تمارس عمليات الرجم في ملاعب كرة القدم في فترات ما بين الشوطين، أو كما حاول إظهارها الفيلم الإيراني "يوم رجم ثريا" الذي كتب عنه الزميل علي البغلي.

قضية الحرية واحدة ولا يمكن تجزئتها إلى قضايا أخرى مثل حرية التعبير وحرية العقيدة وغيرها من الحريات الشخصية إلى أن ننتهي بالحريات السياسية، فالفكر الليبرالي الإنساني يرفض التنازل عن الحريات الشخصية مقابل حقوق الأغلبية في ممارسة حق الانتخاب مع بقية الحريات السياسية، والسلطة لا تتمثل في مجرد صورة واحدة هي سلطة الحكم والإدارة السياسية، بل تصور نفسها بوجوه كثيرة، منها ما يسمى حق الأغلبية في البرلمان أو سلطة العادات والتقاليد أو سلطة الفكر الديني، فكلها أشكال متعددة وألفاظ مختلفة لجوهر واحد اسمه سلطة القمع واستلاب الإنسان من وجوده.

الطريق للحريات طويل وشاق في زمن هيمنة الفكر العشائري والطائفي بدول العروبة وفي زمن شعارات من شاكلة أنا الوحيد الذي امتلك الحقيقة الكاملة ونحن دون غيرنا الفرقة الناجية، فالنضال الحقيقي يكون بمواجهة سلطتين للقمع الأولى سياسية والثانية جماهيرية شعبوية مستلب وعيها الحضاري من قبل الأولى، وسبيلنا لتلك المواجهة هي الكلمة الحرة.