قبل شهر بالضبط، وقفت الحكومة وخاطبت، على لسان وزير التربية وزير المالية بالإنابة وقتئذ، د. نايف الحجرف أعضاء مجلس الأمة بمناسبة مناقشة الزيادات والكوادر المالية، وكان الخطاب الحكومي “يعور القلب” حين أخذت الحكومة تشتكي الحال و”تنخي” نواب الأمة أن يتفهوا حالها وحال الدولة المائل، وكررت كلاماً حفظناه ورددناه كالببغاوات منذ تسعينيات القرن الماَضي عن مخاطر المستقبل وعن الدراسات الكثيرة التي تؤكد جميعاً أن “الواقع الاقتصادي يتجه نحو مسار منحدر بشكل حادٍّ، وينطوي على تحديات ضخمة تحمل مخاطر فادحة التكلفة…”.
ومضت الحكومة تولول وتذرف الدموع الساخنة علَّها تحرك قلوباً من حجر لدى أكثرية نواب الأمة الذين تعلموا من الحكومات المتعاقبة درس جماعة “الذين يأمرون بالمعروف وينسون أنفسهم”؛ فالحكومات التي تعظ وتنصح نواب الاستهلاك والهدر على اليوم الحاضر، نسيت نفسها حين بالغت في كرمها وسخائها بتقرير كوادر وزيادات وهبات مالية لم يطالب بها أحد، وكانت تلك رِشا تنسجم وتتجاوب مع متطلبات الربيع العربي، ما أخل بميزان العدل لصرفها لغير المستحقين… وهي الحكومات (ماكو غيرها) التي أهدرت المليارات على ربعها والمقربين من مراكز القرار في تفصيل المناقصات وترسية العطاءات، متوهمة أنها متى عدَلت مع الكبار في تقسيم الريع بينهم، فعليها أن تعدل مع الصغار في ما تبقى من الريع!
ومهما كان الأمر، ولو سلمنا بأن الفساد الرسمي مقسوم وقدر علينا، ومثله أيضاً الفساد الشعبي بعد أن انتقلت إليه العدوى الرسمية، فإن مثل ذلك الخطاب الحكومي المحذِّر من خطر المستقبل وإعسار الدولة خلال سنوات قريبة لم يحرك ساكناً عند معظم النواب، ومن السخافة أن نتصور أن أي نائب، مهما كان انتماؤه السياسي، سيلبس رداء المخططين الاقتصاديين وسيقنع قواعده الانتخابية بضرورة وقف الهدر المالي والتضحية بالقليل من الحاضر من أجل المستقبل، فمثل ذلك لا يمكن تخيله بعد عقود طويلة من التسيُّب الاقتصادي والسياسات الريعية للدولة، ومع غياب الحزم السياسي عند الحكومات حين يكون الحديث عن المزيد من التبديدات المالية، ويصبح كل ذلك كلاماً “مأخوذة زبدته” في النهاية، ومن دون أن ننسى أن مثل هذا المجلس كسابقه من مجالس العيب والحرام، ليس من أولوياته تدبر الواقع الاقتصادي للدولة، وترشيد الإنفاق المالي؛ فهموم نواب المجلس، حتى بالنسبة إلى عدد من النواب المختصين بالاقتصاد مثل خالد السلطان، محصورة في خنق الحياة الاجتماعية ومصادرة الحريات الشخصية، وملاحقة واضطهاد الأقليات “شبه الليبرالية” أو الشيعة.
هل هناك حل لأزمة الاقتصاد وأزمة الحريات في هذه الدولة مع حكوماتنا الرخوة ومجالسنا المتحجرة؟ لن تكون الإجابة بغير التشاؤم للأسف، فمثل هذه الحالة الكويتية ومثلها بعض دول الخليج الريعية لن يتعلما بالعقل ومن تجارب التاريخ ودول أخرى، بل سيتعلمان فقط حين ينزل “الفاس بالراس” وعندها لن نجد مَن يقول لنا “إذا فات الفوت لن ينفع الصوت” وكيف يمكن للأشرم أن ينفخ؟!
التصنيف: حسن العيسى
حسافة على الديرة
كارثة حين يتنحى حكم القانون جانباً ليحل مكانه الهوى السياسي، وتتكيف الوقائع، لا حسب مبادئ الاستقرار القانوني وهذا عماد الدولة وضمان حريات وحقوق الافراد، بل حسب الضغط السياسي وعواطف الجمهور. يبقى وضع المتهم بالإساءة إلى الرسول في يد القضاء حين يكيف واقعة الاتهام بوصفها الصحيح ومواد القانون التي تنطبق عليها، كما تنص تلك المواد ذاتها لا كما تطرح نفسها رغبات الانتقام والثأر على غير حكم القانون وعلى غير مقاصد الشرع، وحتى يصدر القضاء حكمه النهائي ويصير عنواناً للحقيقة كما يقول القانونيون، يفترض العدل والمساواة في معاملة ذلك المتهم أو أي متهم آخر خلال فترة السجن الاحتياطي بإيمان مطلق بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي.
واقعة الاعتداء على المتهم بالإساءة للرسول كما أخبرني بعض المهتمين بحقوق الإنسان ليست كما صورتها إدارة السجون ونشرت في الجرائد بتسطيح وتسخيف موضوع الاعتداء على حياة المتهم، وتصوير الأمر كأنه “هوشة” مساجين وانتهت بكدمات بسيطة، ولم تكن محاولة قتل وشروع به سببها إهمال، إن لم يكن غير ذلك، من القائمين على السجن، فالمتهم نقل قبل يومين من الاعتداء عليه من عنبره في السجن المركزي إلى عنبر أمن الدولة، ثم أحضرت إدارة السجون المتهم الآخر بالاعتداء عليه في الليل ووضعته في العنبر ذاته مع أن الأخير ليس من المتهمين بقضايا أمن الدولة حتى يوضع في ذلك العنبر! وهو محكوم عليه – كما أخبروني- بجريمة قتل وهرب إلى العراق وأفرج عنه هناك ليقبض عليه من جديد، هنا يفترض بإدارة السجون وهي العالمة بتاريخ وسوابق المساجين، أن تدرك أنه لم يكن من المناسب زج كلا المتهمين في عنبر واحد، وحدث أن قام المتهم الأخير فعلاً بالاعتداء باستعمال ما يسمى في ثقافة السجون بـ”سكين محلي”، وحاول نحر المتهم بالإساءة للرسول، فهل كان هذا ينفذ إرادة النواب المشرعين بمجلس نواب الأمة حين ثاروا للتهمة وتم سلق عقوبة الإعدام بالمداولة الأولى وبجلسة واحدة، وهذا ما يمكن تسميته بالإرهاب التشريعي، أم كان ممثلاً لرغبات الجمهور الغاضب من تهمة الإساءة… هل انتهينا الآن كي نجني عطاء حكم الأغلبية وتهاون الأقلية؟ أم أننا الآن وبعد أكثر من خمسين عاماً على إقرار المؤسسات الدستورية في الدولة من دستور وتشريعات عقلانية وسلطة قضائية قد استقر في يقين السلطتين التشريعية والتنفيذية أنه لم يعد هناك مكان لشكليات القانون والإجراء الواجب، ولا حكم لغير حكم الثارات الشخصية والتصفيات الطائفية! يا حسافة على الديرة فقد أتلفوها.
حدثت في سوق الصفافير
كريح صرصر أطلقها أحدهم في سوق الصفافير، كان لابد من تهذيب المثل الكويتي كي يتسق مع “ذرابة” أدبيات صحافتنا وخطابات المسؤولين في كوارث الدولة، لكن يبقى “صوت” الريح ودخانه القاتل باقياً ما بقت حالة غياب المسؤولية في دولة اللامسؤولين، فليس حريق الإطارات الكبير في منطقة الجهراء سوى “… في سوق الصفافير” الكويتي، ولا يصح تجميل البشع، ورسم الكحل على العين العمياء، ففي النهاية وأقسم مقدماً بأنه لا مسؤولية ولا مسؤولين عن حريق الجهراء، والقضية ستقيد- إن أصبحت قضية- ضد مجهول.
فبماذا سيختلف حريق الإطارات اليوم في تحديد المسؤولين وعقابهم عن حكم محطة مشرف للمجاري قبل أعوام وكارثة تحويل “اسن” المجاري لمياه البحر، فمن منا يتذكر أو يعرف أن مسؤولاً أو مسؤولين تمت محاسبتهم، كانت قضية بالأمس وانتهت باحتفالات في افتتاح ممشى جديد لمنطقة مشرف، وعفا الله عما سلف، وسينتهي تحقيق اللجنة التي شكلتها الحكومة بـ “فاشوش” بحكم الشعار الكبير لواقع الدولة وعنوانه “السير على البركة”.
فهذه الدولة ومنذ نهاية عقد الستينيات تسير على البركة، فساد في إدارة المرفق العام يتوطن، وغياب المسؤولية يتمدد، وذاكرة شعبية مسطولة بأفيون الرواتب والكوادر للصغار، وتفصيل المناقصات للكبار، فمن سيلقي بالاً ان احترق مليون إطار رميت منذ سنوات في مكان ما بالجهراء أو لم تحترق وتركت تنتظر يد العابثين.
من اهتم قبلها بانفجار في محطة مشرف، ومن اكترث لنهب خزانة الدولة أيام الاحتلال في استثمارات إسبانيا وغيرها؟ وندري الآن عن محاكمات في تهم رشاوى بألمانيا لمسؤولين في شركة سيمنز متهمين بمحاولة رشوة مسؤولين هنا، هل تمت الجريمة أم كانت شروعاً؟! وأيضاً هل سنسمع تصريحاً من مؤسسة التأمينات الاجتماعية يوضح لنا جدوى الاستثمار في الفلبين، فهناك الكثير من علامات الاستفهام حوله؟! ومن يسأل الآن عن لعبة تبديل الأرصفة في المناطق السكنية بين كل فترة وأخرى دون سبب؟ ومن تكون أسماك القرش التي تبتلع ريعها؟ وأين انتهت البلاغات التي قدمت للسلطات العامة من أفراد قلة وأصحاب ضمائر حية في تحديد المسؤوليات في تبديد الأموال العامة؟
لا نتذكر شيئاً، فلم يكن هناك خطأ، ولم يحدث إهمال ولم تتم محاكمة أحد، وظلت الأمور على حالها وأغلقت الملفات بتقارير لجان نتائجها معروفة سلفاً، فهي كالساعة السويسرية لا تقدم ولا تؤخر، فالدولة تسير على البركة، وفي مثل حالتنا نتعلم معنى العدمية في أنقى صورها، وعدميتنا بالفلسفة الكويتية تقول لنا “خل القرعة ترعى”.
مطلوب رؤوسكم ورؤوسنا
في التصويت على مشروع قانون الإعدام لمن يطعن في الرسول أو الذات الإلهية سكت النواب المحسوبون على التقدميين- أعتقد أن كلمة تقدميين كذبة كبيرة صدقناها بغباء- في النقاش حول مشروعية مثل تلك المادة “الدراكونية”، ثم صوتوا عليها كما وردت، ضاربين عرض الحائط بكل أدبيات العقل والاتزان في العملية التشريعية… هل تدرون ماذا حدث؟! حشرهم النائب جمعان الحربش في خانة من لا يصوت على المادة فهو محسوب على “الملاحدة الجدد”، أي أنه يرضى بالطعن في الرسول أو الذات الإلهية… وحدثت الطامة حين صدق هؤلاء تهديدات الحربش والقوى الدينية الحاكمة بأمر الاستبداد!
لم يقف نائب واحد من أشباه التقدميين، الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ليسأل من صاغ تلك المادة ما إذا كان المقصود بها الدفاع عن الرسول والذود عنه من سفه السفهاء أم هو إعلان الانتصار النهائي لدعاة الدولة الدينية الاستبدادية، وتم ترك موضوع مادة العقوبة للنواب الشيعة دون غيرهم ليعترضوا عليها من أبواب الفقه الجعفري- كما كتب فاخر سلطان في الوطن- لا من أبواب مرامي التشريع حين يكون أداة للتقدم والحريات. تصور “نوابنا” أن المقصود بالتشريع هو تلك الشراذم الفاقدة لحس المسؤولية، وتتعدى على معتقدات الغير! أو أنها معركة “الشيعة” وحدهم فما شأنهم بما يحدث! وما علاقتهم بالأمر؟!
يا حسرة عليكم، وعلى هذه الديمقراطية السوداء حين تقتل الحرية باسم الحرية، وحين تصادر المعتقدات الإنسانية باسم المعتقدات الإنسانية، وحين تشوه مقاصد الدين باسم الدين، وحين تسلق التشريعات من أجل إرضاء نهم دعاة الرأي الواحد والنهج الواحد وجماعات “البعد الواحد”.
المقصود بذلك التشريع ليس كما روج له دعاته بأنه للحفاظ على اسم الرسول والذات الإلهية، المقصود في الحقيقة أنتم ونحن وبقية خلق الله، لا فرق بين مؤمن وملحد ومسلم وغير مسلم! المقصود مصادرة وجودكم وتفكيركم، وفرض الرؤية الواحدة للدنيا من قبل حماة الدين كما يزعمون، كي تصبحوا (ونصبح معكم وقبلكم) في النهاية عبيداً في أسواقهم يتاجرون بحرياتنا وبعقولنا كما يريدون بثمن حماية الدين والمعتقدات… في تشريعهم عودة مخيفة لمحاكم التفتيش الإسبانية في نهاية القرون الوسطى حين هدد المسلمون واليهود: إما تغيير دياناتهم أو الخضوع لأبشع أنواع التعذيب بنبش صدورهم أو الطرد من قشتالة.
لنقف هنا قليلاً، هل تتذكرون المرحوم د. أحمد البغدادي، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الكويت، أعرفه جيداً، كان أكثر تديناً والتزاماً بالشرع من الكثيرين من دعاة أيامنا المظلمة ومن الانتهازيين الراكبين فوق الموجة الدينية والمتربصين بحرية الكلمة والفكر… أحمد البغدادي كتب كلمة واحدة في مقال بحثي طويل عام ٩٩ فسرته المحكمة، بعد بلاغ من أحد المحتسبة في ذلك العام، بأنه إساءة إلى الرسول، وحكم عليه بالسجن، وقضى أسبوعين في سجن طلحة، وأفرج عنه بعفو أميري من الأمير الراحل جابر الأحمد.
من أجل كلمة واحدة وفي اجتهاد قانوني لمحكمة الموضوع قد يختلف معه الكثيرون زج بالبغدادي في السجن، فماذا سيحدث اليوم أمام حفل المزايدات واحتفالات قيام الدولة الدينية… هل ستنبشون قبر أحمد لتعلقوا رفاته على مشانق طيشكم وتهوركم التشريعي؟ اتقوا الله في وطنكم وفي مستقبله الضائع بسببكم وبسبب غياب أولوياتكم وجهلكم بالحضارة والثقافة وحقدكم الدفين وكراهيتكم للغير.
لسنا أهل مكة
ليس في الدولة اللبنانية وحدها تحدث الحروب بالوكالة، وتنتهي بحكمة لا غالب ولا مغلوب، عندما تستغل القوى الأجنبية الصيغة المهلهلة للدولة اللبنانية وتجيش عملاءها الداخليين لتصفية الحسابات الدولية على الأراضي اللبنانية، ويدفع اللبنانيون الثمن في النهاية.
في الكويت لدينا أيضاً “حروب” بالوكالة، وإن كانت لا تجري مثل لبنان (وسورية غداً والقائمة تمتد لبقية دول المنطقة العربية) بالسلاح والتفجيرات، وإنما تتم عبر أشخاص يمثلون الأمة وفي الساحات الإعلامية، القوى المتصارعة في الداخل الكويتي ليست “أجنبية” على الدولة، وقد لا تريد إنهاء الخصم، لكنها حتماً تريد الثأر لذاتها، وتبحث عن أي وسيلة لرد اعتباراتها وحيثياتها السياسية.
أياً كانت وجهات النظر حول استجواب النائب القلاف لوزير الإعلام، وما انتهى إليه من زوبعة في فنجان القهوة الكويتي، فإنه ظهر بوضوح من هذا الاستجواب أن معارك الشيوخ وتصفية حساباتهم على حالها القديم وعلى “حطة إيدكم”، وأن من يغادر كرسي الحكم لا يغادر كرسي السلطة.
ماذا تعني “إبر لندن”، التي رد بها الوزير الشيخ محمد المبارك على النائب المستجوب؟ وما حقيقة ما كرره النائب القلاف من نفي أي علاقة له بالشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء السابق؟! هل ستسير السياسة في الكويت بمجاري الغمز واللمز، فهذه تصلح لجلسات الفراغ بالدواوين وحفلات شاي الضحى، لكنها حتماً لا تصلح لتسيير أمور دولة تقف على مفترق طرق، وتهب عليها رياح ملتهبة من مناطق قريبة تنذر بالكثير لمن يعي!
لا أعرف مرامي القصد من “إبر لندن”، لكني أدري عن الكثير من إبر السموم التي تغرز في الوطن الكويتي، من فساد مالي لا يبدو أن له حدوداً يقف عندها، إلى فراغ سياسي في السلطات أخذت القوى الدينية المتزمتة تسد شيئاً فشيئاً، إلى قلق مشروع من غد مجهول بسبب غياب الرؤية أو عدم اكتراث عند أهل الحل والعقد…!
أهل مكة كما قال الشيخ محمد المبارك أدرى بشعابها، لكن يا شيخ لستم أهل مكة، ولسنا نحن الأجانب ولا ندري عن شعابكم.
نحن في النهاية “أهل الكويت” ولا نريد غبار المجهول وما يجري عندكم يعمي عيوننا، فنحن من سيدفع ثمن معارك الوكالات من أرصدة أمننا واستقرارنا ومستقبل أجيالنا، وإن كانت هناك فواتير مستحقة بين بعضكم وبعض ولا ندري عنها فسددوها من رصيدكم لا من رصيد الدولة المنهوب.
بغيناكم عون…
“بغيناك عون طلعت فرعون”، هذا المثل ينطبق على جماعة الإخوان أو حدس في مواقفهم بمجلس الأمة، أو كما تتمثل تلك المواقف في تصريحات بعض الأعضاء المحسوبين على الجماعة، ففي بطولات المزايدات الدينية، وحين يرفع كل من “هب ودب” حراب الدفاع عن الإسلام “الحقيقي” كما يسوق هذا النعت مشايخه من “اكليروس” القرن الواحد والعشرين، لا نسمع أي صوت فيه “ريحة” عقل أو لمسة عقلانية من “المعتدلين الإخوان”، فهم من روج بالأمس أنهم يمثلون صوت الاعتدال والنصح الهادئ في طرحهم الدعوي، وأنهم بحكم تاريخهم السياسي الأعقل والأكثر تفهماً لظروف التغيرات الاجتماعية في كل دولة إسلامية.
إنهم دخلوا عالم السياسة من أوسع أبوابها، واحتلوا الصدارة والمراكز المتقدمة في الربيع العربي لقدراتهم الكبيرة في التنظيم مع الدعم المالي الذي سكب بغير حساب في جيوبهم من دول الخليج من أيام معارك الثروة ضد الثورة، وانتصار فريق الثروة بسلاح البترودولار وغطرسة واستبداد الأنظمة التي رفعت الشعارات الثورية واستولت على الحكم في خمسينيات القرن الماضي.
المهم أننا اليوم لم نعد نفرق الخيط الأبيض من الأسود في الطرح الديني الإرهابي القائم على نفي الآخر والطرح المعتدل الذي يفترض أن يكون دستور الإخوان.
كيف أفرق الآن بين السيد مبارك البذالي (وأتمنى على صحافتنا نشر أخباره بدون صوره) الذي يريد إقامة جولات تفتيشية في الجزر الكويتية ليحرق مكامن الفسق والفجور، وأعضاء محسوبين على حدس في اللجنة التشريعية بعد أن أوصت تلك اللجنة بعقوبة الإعدام أو المؤبد لمن يسيء للذات الإلهية أو الرسول أو زوجاته…!
ماذا تركت اللجنة التشريعية للقضاء من حرية في تقدير العقوبة المناسبة حسب ظروف كل تهمة والمتهم! وهل بذلك النهج “الدراكوني” في التشريع تنتصر اللجنة للإسلام أم تنفِّر الغير من روح الإسلام وجوهره الغائب عن تجار السياسة الدينيين، أين صوت الاعتدال والعقل من نواب حدس في الطرح الطائفي المتشنج من بعض النواب! هل هناك أي فرق بين الخطاب السياسي للنائب محمد هايف أو أسامة مناور وبين خطاب الحربش أو محمد الدلال (الاثنان من حدس) في دعوات الرقابة على الحسينيات ومساجد الشيعة؟ ولا أفهم كيف مرر رجل القانون والمحامي محمد الدلال العضو في اللجنة التشريعية مثل ذلك الاقتراح المرعب في عقوبة الإساءة للذات الإلهية والرسول؟ هل فكر أن مثل ذلك الطرح سيسيء للدين الإسلامي في المحافل الدولية بأكثر مما ينفعه؟… فهل هذا أهون الشرين وأخف الضررين…!
أسئلة كثيرة تدور في رأسي عن الحدود الفاصلة بين الدولة البذالية التي سترفع أعلامها في جزيرة كبر غداً والدولة الحدسية التي رفعت أعلامها على كل التراب الكويتي.
لم تخضع لهايف وسارت على القاعدة
أبداً… وزارة الأوقاف لم تخضع للنائب هايف، ولم ترفع علم الاستسلام الأبيض للشيخ هايف، أو زميلنا المحامي أسامة المناور، ومن رافقهما من ركاب القطار الديني المتزمت، مثلما صورت الأمر جريدة الجريدة بالأمس، فوزارة الأوقاف عندما قررت فتح أبواب مساجد السنة تقريباً طوال اليوم مثل مطاعم خدمة ٢٤ ساعة، وإلغاء الرقابة على خطب الجمعة، كرد فعل، لإلحاح الشيخين ومن معهما من نواب الأغلبية في مجلس تورا بورا بفرض الرقابة على الحسينيات ومساجد الشيعة التي لا يتجاوز عددها الثلاثين مسجداً وأقيمت على نفقة الأهالي أنفسهم ومن دون أريحية وهبات الحكومة مثل مساجد السنة، لم تشذ وزارة الأوقاف عن النهج الحكومي المتأصل في عمق وجدان سلطة الحكم بركوب الموجة وليس مواجهتها.
لا حاجة الآن للكلام عن الحكومة، فالحكومة هي الشيوخ، والشيوخ هم الحكومة، ويعلمنا التاريخ أنهم غير قادرين على المواجهات السياسية (ولا أقصد هنا شكليات الرد على استجوابات معروفة نتائجها مسبقاً) ويفتقدون قدرات الإقناع العقلية، ودائماً يؤثرون سكة السلامة والمشي “تحت الساس” متى هدد أي عوير وزوير بمساءلة الحكومة بالاستجواب أو إغراقها بالأسئلة البرلمانية، أيضاً الأمر في جل المطالبات الشعبوية التي كانت تقضم خاصرة مستقبل الوطن كانت الحكومة (أو الحكومات السابقة طالما أنها كلها حكومات شيوخ أصحاب القرار النهائي، أما بقية الوزراء فهم كمالة عدد) تبصم بالعشرة عليها بعد اعتراضات شكلية واهية.
وفعلت الأمر نفسه في جل المشاريع التي حاصرت حرية المواطن وفرضت علية الرؤية الأحادية للجماعات الدينية الحاكمة بأمر الواقع المهترئ، كانت حكوماتنا تركض خلف مرضاتهم من قانون العزل الجنسي (منع الاختلاط) في الجامعة، وقبله بأكثر من عقد من الزمان حرمت غير المسلم من حق اكتساب الجنسية الكويتية، ثم سارت الأمور تدريجياً بفرض النقاب على الحياة الاجتماعية بكل صورها شيئاً فشيئاً، ونتذكر حروب معارض الكتاب التي أضحت معارض هباب مع استثناء الفترة البسيطة التي كان فيها الراحل الشيخ سعود الناصر وزيراً للإعلام حين وقف صامداً أمام أحزاب الخروع، ودفع الثمن بعد ذلك بخروجه من الوزارة، كان سعود الناصر يملك القدرة على مواجهتهم سياسياً بخطاب العقل والمنطق، تلك القدرة المطلوبة سياسياً افتقدها الكثير من الوزراء من بعده، ولنا ان نتأمل قليلاً اليوم كيف كنا بالأمس، وكيف أصبحنا الآن في ساحات الثقافة والفنون والأدب وهامش الحريات الشخصية!
أبداً وزير الأوقاف لم يتصرف على غير المألوف لسلطة ركوب الموجة، ولم يشذ عن القاعدة، فهنيئاً لنا بحكم “القاعدة” والسائرين بهديها إلى أجل غير معلوم!
ماذا ننتظر من جمعية حقوق الإنسان؟
لا يصح أن تكون الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان مكاناً لـ”الرزة” وتحقيق وجاهات اجتماعية، أو أن يتصور أن فوز السادة أعضاء مجلس إدارتها الجديد هو تكريس لعملية انتقام من الأعضاء السابقين، وبالأخص الزميل علي البغلي ومواقفه السياسية التي كان يعبر عنها في كتاباته اليومية، والتي باجتهاد الكثيرين أو القليلين لم تكن متسقة مع ما يجب أن يكون عليه الفكر المفروض لرئيس جمعية ليس لها من هم غير قضية حقوق الإنسان.
مجلس الإدارة الخاسر لم يكن محصوراً في شخص رئيسه، وقدم أعضاؤه الكثير لقضايا حقوق الإنسان، وأخص منها قضية البدون على سبيل المثال.
فقضية حقوق الإنسان أسمى من علي ومن الجمعية ومنا كلنا، وأهم ما يجب أن نحشره في رؤوسنا وأن يكون دستوراً غير مكتوب للجمعية هو النأي بالجمعية عن التجاذبات السياسية، وألا تكون ساحة للصراعات السياسية والاجتماعية أياً كان وصفها؛ حضر- قبائل، سنة- شيعة، إسلاميون – علمانيون، حكوميون- معارضون، فقضية الجمعية الأولى والأخيرة هي كلمة “الإنسان” بالمطلق، بحقوقه وحرياته كما وضع إطارها العام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية، وبصرف النظر عن أصله وفصله أو معتقده الديني.
عزل “الرأي السياسي” الذي يخضع لمصالح واجتهادات متغيرة ومتناقضة هو أولى أولويات ما يجب أن تنتهجه الجمعية، ومن المحزن ما قرأته من تعبيرات عن مشاعر “الشماتة” والانتشاء بلحظة الفوز من بعض المتحمسين للقائمة التي فازت والتي لم تضم امرأة واحدة، وخلت من أي وجود شيعي، فهل أفهم أن الأغلبية في الجمعية العمومية التي صوتت للقائمة الفائزة لها مواقفها ضد المرأة وضد الشيعة! إذن أي حقوق إنسان وأي “بطيخ” معفن نتحدث عنه الآن إذا كانت تلك قطرة في أول الغيث للجمعية؟
يبدو أن الجمعية أضحت مرآة عاكسة لنتائج انتخابات مجلس الأمة الأخيرة والفكر المهيمن في المجتمع الكويتي اليوم، لننتبه هنا، فما يصح للبرلمان لا يصح لغيره من مؤسسات المجتمع المدني، فالمجلس هو نتاج عمل سياسي بداية ونهاية، بينما جمعية مثل حقوق الإنسان يجب أن تكون نتيجة إيمان أخلاقي سامٍ بحقوق الإنسان أولاً، وبمبدأ المساواة ثانياً.
أسئلة كثيرة تدور في رأسي الآن عن أولويات مجلس الجمعية الجديد، هل سيكون منها أوضاع البدون، والخدم، والعمالة الأجنبية وحقوق المرأة التي يجب عدم حصرها في “الانتخاب والترشيح”، كما قد يفهم يتامى عقيدة “أنا الخليجي”.
هل سنرى أعضاء من الجمعية في منطقة تيماء كـ”غيتو” البدون يضربون به في اعتصاماتهم، ثم يزج بهم في المحاكم الجزائية كلما عبروا بصورة سلمية عن تطلعاتهم في المساواة والكرامة؟!
هل سنسمع لهم ضجيجاً رافضاً وحركة دائبة لا تتوقف تنتصر لحقوقهم كما كانت تفعل مها البرجس التي خسرت في الانتخابات وخسرتها قضية “الإنسان”؟!
وهل سنشاهد صوراً في الجرائد لابتهال الخطيب وهي تذرف دموع الحزن في معمعة عمليات تأديب البدون؟!
هناك الكثير من الأسئلة. كم أحلم أن أرى تمنياتي لقضايا حقوق الإنسان تصير واقعاً حياً، وليست أوهاماً فارغة.
كتلة العشرج الكويتية
مثلما تأسى غلاة اليمين للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأميركية بتاريخهم في حادثة أطلقت شرارة الثورة الأميركية حين رمى الثوار الشاي بالبحر في ميناء بوسطن، كتعبير برفض دفع الضريبة للتاج البريطاني، رافعين شعار “لا ضرائب بدون تمثيل سياسي”، ومن ثمة استغل أقصى اليمين للحزب الجمهوري في رفضهم أي إصلاحات للنظام الصحي وغيره للرئيس أوباما تلك المناسبة التاريخية، وسموا أنفسهم “بحزب الشاي”.
من حقنا هنا أن نقترح إطلاق “حزب العشرج” على الغلاة الدينيين من الأغلبية السنية في مجلس الأمة. العشرج نبات صحراوي شديد “المرارة” استخدم نقيعة عند أهل الكويت قديماً، قبل مستوصفات البترول، لعلاج الإمساك المعوي، وكان ذلك العشرج (أو ربما الحلول) يسبب إسهالاً شديداً للمريض لا يخلو من الخطورة على صحته.
اليوم، ورغم وجود الأدوية الحديثة، يطالب “العشرجيون” الكويتيون بالوصفة العشرجية للبطن الكويتي المنتفخ بريح التخلف الفكري والاتكالية على عمل الغير، يطالب العشرجيون الحكومة بفرض وصاية الدولة ورقابتها على الحسينيات والمساجد الجعفرية، بمناسبة (وغير مناسبة) “تويت” المغرد الأهوج في تعرضه للرسول.
وبالوصفة العشرجية أيضاً نادوا بتعديل الدستور في المادة الثانية، وبعدها المادة ٧٩، كي تقف الدولة وتقسم بإشهار إسلامها! وكأن الدولة فرد يصوم ويصلي ويقيم الشعائر الدينية وليست ابتداعاً قانونياً لشخصية اعتبارية تحمل صفة السيادة على الإقليم.
يصر العشرجيون على قلب قوانين الدولة رأساً على عقب بحجة أسلمتها وفقاً لفقههم، وفي ذلك هم يطمسون حق الآخر، أياً كان، في الوجود الإنساني وممارسة حقه في التعبير وإقامة طقوسه وفق معتقداته الخاصة كما ينص دستور الدولة بخلاف قوانين الإسهال العشرجية التي شرعت في الماضي، وعلى سبيل المثال لا الحصر نتذكر شرط الإسلام لمنح الجنسية الكويتية في مجلس ٨١، ويعد لتشريعات مثله اليوم حين يواصل العشرجيون دعواتهم لفرض سيادتهم المطلقة على الدولة، أليست هذه الديمقراطية وحكم الأغلبية ومخرجات صناديق الاقتراع كما يريد إقناعنا علماء العشرج!
الحسينيات ومساجد الشيعة لا تبنيها ولا تنفق عليها الدولة، كما هو حادث مع مساجد أهل السنة، فهي تبنى وينفق عليها أبناء الطائفة الجعفرية من جيوبهم الخاصة، فبأي حق يطالب العشرجيون بفرَض الرقابة عليها، وكأنها بؤر مؤامرات لإيران وليست من صميم الهوية الكويتية وتاريخها، لينتبه العشرجيون في ما يطالبون به بإصرار وهم يهددون باستجواب وزير الأوقاف والعدل وكأنه متهم بتحريض المغرد بجريمة الإساءة للرسول، فمراهقتهم الدينية ستقود الدولة إلى فتنة طائفية لا تتحملها.
اعقلوا قليلاً وارتفعوا في أطروحاتكم لهموم اليوم وتحديات الغد، فكروا، مثلاً، في مواد الحبس الاحتياطي في قضايا الجنح في جرائم أمن الدولة الداخلي، وكم هي “دراكونية” في مضمونها، فحرق علم إيران أو علم أي دولة “غير معادية” لا يبرر حبس المتهم الهاجري ٢١ يوماً على ذمة التحقيق، ولا يصح أن تكون التشريعات أو إعمالها ردود فعل سياسية مرتجلة، وهناك غيرها من نصوص تشريعية وممارسات من السلطة التنفيذية تزايد معكم، ولدت بداية ببركتكم وبركة السلطة الحاكمة صادرت الدستور، وخنقت حقوق البشر في الوجود، وقتلت البهجة في النفوس، وطمست الفن والجمال وكل فرص الإبداع حتى صارت حياتنا صحراء جرداء، خاوية من أي معنى للثقافة، أضحت الحياة معكم مرة كالعلقم بطعم “عشرجكم”. فالدولة لا تعاني إمساكاً في أمعائها، بل هي تئن من حالة جفاف شديدة ممتدة في عقلها وروحها بسببكم. لمَ لا تدركون ذلك يا أطباء البؤس والفتن.
أين هي الدولة؟
أيقظ نواب الغم بجلسة الخميس الماضي أرواح موسوليني والجنرال فرانكو وغيرهما من رموز الفاشية الأوروبية من قبورهم، وزفوا لهم بشرى بأنكم ليس وحدكم في التاريخ يا عتاة الفاشية الأوروبية، بل لنا وجودنا ومستقرنا هنا في برلمان البؤس الكويتي، ولنا مكاننا الأكيد في تراثنا الغابر وأشكال أنظمة حكمنا المختلفة. فلم تكن سالفة المغرد المتهم بالاعتداء على الرسول وأهل بيته غير “زلقة بطيحة” وضرب عصفورين بحجر واحد، عند هؤلاء النواب المطالبين بإيقاع حد الردة على المغرد المتهم، وكأنه يوجد في قانوني الجزاء أو المطبوعات حد للردة، كي يستتاب المرتد مثلما بشرنا وزير الأوقاف والعدل! كانت فرصة لهؤلاء النواب ومن والاهم في تجمع الإرادة حين حرقوا علم الجمهورية الإيرانية أن يشعلوا نيران “الغضب” والكراهية الدفينة في مشاعر الجمهور السني ضد إخوانهم الشيعة، ولم تكن دعوة النواب المطالبين بالرقابة على الحسينيات أو مساجد الشيعة غير تحريض فج لنفي الآخر المسلم الجعفري اليوم، وبالغد نفي وإعدام كل من همس ولو بكلمة واحدة ضد مملكة الاستبداد لفقهاء المجلس ومريديهم. وضعت كلمة “غضب” بين قوسين كي أنبه القارئ إلى أن الفكرة الفاشية تقوم بداية ونهاية على استغلال حالة الغضب عند أقلية من الناس، ثم تنقله إلى جماعات أكبر لتصل في النهاية إلى الجمهور الشعبي العريض! هكذا فعل هتلر عندما استثمر “الغضب” الألماني على اتفاقية فرساي حين فرضت التعويضات على ألمانيا، وتم إلحاق إقليمي الإلزاس واللورين لفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى، وقبل هتلر بسنوات بسيطة فعل مثله موسوليني في استثمار غضب الجمهور الإيطالي على الكساد الكبير في نهاية عشرينيات القرن الماضي، وبالمناسبة، لنا مقاربة لفظية تحت اسم “الفساد الكبير” في الكويت حين يستغل العجز المزمن بالدولة في مكافحة الفساد المالي، لترفع أعلام الفاشية و”كتائبها” ضد الآخرين شيعة أو بدوناً أو ليبراليين ثم الأجانب عرباً كانوا أو غير “خليجيين”، ألا تستحق أغنية “أنا الخليجي” أن تكون النشيد الوطني للفاشية الجديدة هنا! قضية المغرد المتهم بالإساءة للرسول كانت أعظم مناسبة لإخضاع شيعة الكويت لوصاية علماء المجلس، وليس بالبعيد، لا قدر الله، وضعهم في الأيام القادمة بمعسكرات اعتقال خاصة، تمهيداً لـ “هولوكوست” (محرقة اليهود بألمانيا النازية) أو القتل حسب الهوية في مخيم صبرا وشاتيلا بصورة أخرى، أليست كتائب الأمس اللبنانية مستنسخة من كتائب الحزب الفاشي الإيطالي! دائماً توفر الأقليات العرقية أو الدينية الحالات الكاملة كقرابين يمكن تقديمها على مذابح الغضب الجماهيري. أسأل أين سلطة الحكم اليوم مما يحدث في جريمة تقطيع رحم هذا الوطن الصغير؟ هي تقف كمتفرج خجول، أو كشخص تائه وخائف لا يعرف ماذا يصنع في تيه الأصوليات المتشددة وربيعها المقيت. أين هي الدولة الآن وأين هو حكم القانون؟ نسأل أهل الذكر الخيرين عنهما.