المرجح أن تصوت الأكثرية في مصر بـ"نعم" للدستور بعد المرحلتين الأولى والثانية، وكلمة "نعم" لا تعني أن الرئيس المصري سيضع على رأسه العمامة الدينية، ولا تعني حتماً أن مصر، وكل دول الربيع العربي بالتبعية، ستنقلب عواصمها إلى "قندهارات" طالبان، فهناك ضمانات في عدد من مواد مسودة الدستور، وإن كان عليها الكثير من التحفظات الليبرالية- اليسارية، لكنها في النهاية تضمن عدم احتكار مرسي للسلطة لأكثر من دورة رئاسية واحدة، أما احتكار "الإخوان" للسلطة فهذا محتمل ومرجح، ليس بسبب الدستور وإنما لقناعة الأغلبية، مهما كانت بسيطة، بحكم "الإخوان".
هناك خشية مبررة من أن "الإخوان" اليوم يهمشون الآخرين من غير حزبهم والسلف، لكن ما العمل، وقد قدم المعارضون من اليسار والليبراليين كل ما يمكنهم أن يقدموه، فهم تظاهروا بتظاهرات حاشدة، وكتبوا المقالات الكثيرة، فماذا يمكنهم أن يفعلوا أكثر من ذلك؟! بالتأكيد رسالتهم وصلت واضحة إلى "الإخوان"، بأنهم كمعارضة لهم صوت ووجود يستحيل تجاهله، وقالوا بوضوح إن الديمقراطية لا تعني حكم الأغلبية فقط، بل لابد من ضمان حقوق الآخرين والأقليات، وإذا انحرفت الرئاسة المصرية واستبدت، فهنا يمكن القول إن مرسي سار على درب الفراعنة وسلك طرق هتلر وموسليني! أما الهجوم عليه الآن وبعد حوالي ستة أشهر من رئاسته، ووصفة بفرعون الجديد، فهذا تطرف وتجنٍّ عليه، ولن يستفيد منه أحد غير جماعات "الفلول" التي ستنقضّ على الثورة، وستستعمل ورقة العنف والعنف المضاد كقميص عثمان للسيطرة العسكرية من جديد، وتعود "المباركية" بأثواب مختلفة الألوان… وتيتي تيتي!
المصريون، بحاجة إلى الاستقرار السياسي لتوفير لقمة العيش الكريم لثمانين مليوناً من البشر، ومصر الآن أمام مفترق طرق، أمامها الدرب التركي كنموذج للتنمية والحرية، أو النموذج الطالباني كمثال للدولة الأصولية المتحجرة، وهناك خشية من أن يُحشَر "الإخوان" في زاوية لا يجدون فيها أمامهم غير الدرب الثاني، وهذا يعني كارثة على مصر وعلى الأمة العربية كلها، وهذا مستبعَد بحكم وضع مصر الإقليمي والدولي. مصر هي مركز الجاذبية للتغيرات العربية، لنراقبها جيداً.
التصنيف: حسن العيسى
نعم ونعمين
الجديد في الوزارة الجديدة أنه لا يوجد جديد، موظفو دولة خرجوا، وموظفو دولة دخلوا، فأين الجديد؟! الحديث عن التشكيلات الوزارية المتعاقبة مستهلك، فعدا الوزارة الأولى التي كان فيها الشعبيون الأقل تمثيلاً إلا أنهم كانوا، وللمفارقة التاريخية، الأعلى صوتاً والأثقل وزناً سياسياً. تجربة وزارة 63 مضت ولن تكرر، ولحظات حياة الدولة الدستورية الحقيقية حتى منتصف ستينيات القرن الماضي مضت أيضاً، ولن تكرر.
أستدرك، هي لن تكرر طالما بقي الوزراء الشيوخ هم المهيمنين على الدولة، وعدد كبير من أفراد الأسرة الحاكمة يقبضون على مفاصل الدولة، وهم يمثلون المرجعية السياسية بداية ونهاية، وسميتهم قبل سنوات بـ"حكومة الحكومة"، أي الدولة العميقة التي تكون قراراتها غير قابلة للطعن، والتي تحل وتربط، أما بقية الوزراء وصفوف الموظفين التي تليهم في السلم الوظيفي فهم "تحصيل حاصل"، دورهم محدود بحكم أعراف المشيخة، قراراتهم لها سقف محدود سلفاً، لا يمكن أن يتجاوزوه، قراراتهم تكون دائماً من "شؤون" الإدارة، أما أعمال السياسة، فهي في الغالب، لها وفق "الأعراف المشيخية" طابع السيادة.
في تلك الأعمال يمكن أن يسمح لرأي أو أكثر من طبقة الموظفين الكبار في أن يفصح عن نفسه في الإصلاح أو التطوير أو حتى "التعطيل"، لكن بحدود، وليس له أن يتجاوزها، فيكون لهم "رأيهم" الاستشاري، ولا أكثر. مساحة حرية الوزير في طرح إصلاحات جدية، أو تطوير حقيقي في مؤسسات الدولة محدودة بسقف من لهم حق النقض "الفيتو" من حكومة الحكومة، فما الجديد عن وزارة اليوم؟
حكومة الحكومة، أي وزارة الشيوخ هي بالعادة، ثابتة لا تتغير، ولا تتطور، قد يتغير أشخاص، يذهب بعضهم (أحياناً) ويجلب غيرهم، لكن المنهج واحد، والفكر ثابت، يدور حول محور يلخص بكلمتين "إحنا أبخص"، فهم أبخص اليوم في معرفة التوازنات السياسية، وكيف يمكن قمع المشاغبين في أحايين، أو شراؤهم في أحايين أخرى، بين سياسة القمع والشراء، أي سياسة العصا والجزرة تدور السياسة الكويتية حول نفسها لا تتقدم. لكنها تتأخر بحكم الاستفراد السلطوي بشؤون الدولة.
نهاية، أعتقد أن "حكومة الحكومة"، من حزب الولاة الحاكمين، محظوظون اليوم، فلها مجلسان استشاريان، واحد اسمه مجلس الوزراء، يقول: نعم، والآخر مجلس الأمة يردد الصدى: بنعمين.
يومنا المحلي لقهر الإنسان
أمس كان اليوم العالمي لإعلان حقوق الإنسان، ومنذ يومين كان اليوم المحلي لتكبيل عباس الشعبي بالكلبجات وزجِّه في السجن احتفاء بمناسبة خروجه من المستشفى بعد إصابة بليغة في رأسه من جراء قنبلة دخانية ضربت رأسه "المشيّب" في مظاهرةِ رفضٍ لسياسة الفرض من أعلى. جريمة عباس، الذي تحتفي بخروجه من المستشفى دولة القوانين "العادلة"، أنه خرج متظاهراً ضد استفراد السلطة بالقرار السياسي وتهميشها لأغلبية المواطنين.
أمس كان اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ووزارة الداخلية الساهرة على أمن وراحة المواطنين رفضت تجمعاً أو مسيرة لمواطنين بلا هوية (تم التعارف على تسميتهم بالبدون)، فلا يجوز حسب القانون وأعراف القهر المستقرة أن يتجمع بشر منكوبون في وجودهم وهويتهم ليوصّلوا في يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان رسالة تصرخ بألم قائلة إنهم أيضاً من بني الإنسان، ولهم حقهم في الانتماء إلى وطن وُلِدوا فيه وضحّوا من أجله، فالدولة (الحكومة الحاكمة بآمر الله) لا تمانع أساساً أن يخدم المواطنون بلا هوية في الجيش والشرطة حسب متطلبات الدولة الأمنية، لكن لا يجوز منح هؤلاء ترخيصاً للتجمع السلمي، فهذا من حق "الكفيل الكويتي" الذي يجب عليه أن يقدم طلباً بالمسيرة أو الاجتماع أو التجمع (كله بصل عند فقهاء إسبارطة الخليج)، ولا يحق لأهل القضية أنفسهم أن يعبروا عن واقع ظلمهم، وإنما يجب أن يوكلوا أصحاب الجناسي في ممارسة حق التعبير، ولأول مرة تستحدث الدولة الكويتية مفهوماً قانونياً خاصاً لممارسة حق التعبير والشكوى بالوكالة!
أمس كان اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وكثير من الأحداث المتظاهرين يقبعون في السجن، طبعاً هذا لا يخالف القوانين المرعية، ولو كانت المدام المرعية تضرب بعرض الحائط المواثيق الدولية في معاملة الأحداث.
أمس اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ومازالت قوانين الدولة وممارستها تزخر بانتهاكات كبيرة لهذا الإعلان من حظر القضاء النظر في قضايا الجنسية، إلى قوانين المطبوعات والنشر، وقانون عدم جواز منح غير المسلمين الجنسية، ومواد قوانين أمن الدولة، إلى غياب قانون ينظم شؤون الخدم الخصوصيين… والقائمة تطول، لكن من يكترث لكل هذا مادمنا، نحن، نأكل ونشرب وننام و"مو ناقصنا شي" في دولة "يارب لا تغير علينا"، ورغم أننا تغيرنا فعلاً فإن سلطة الحكم مصرة بعناد على أن تردد على مسامعنا أغنية مصطفى أحمد "ترى احنا ما نتغير…"! نعلم يا شيوخنا أنكم لا تتغيرون لكننا "غيركم" نحن نتغير!
لا جديد عندنا في اليوم العالمي لحقوق الإنسان غير احتفال جمعية الخريجين بذكرى إنسان وقف صلباً في زمن جميل مع قضية الإنسان، وقال عندما طُلِب منه قمع المتظاهرين عام ٥٨ إن واجبه هو حراسة حرياتهم لا قمعهم… واستقال من منصبه الأمني، بعد أن تأكد أنه منصب قمعي… إنه الراحل جاسم القطامي، فلنترحم عليه وعلى حال حقوق الإنسان.
ماذا يريد الشباب؟
النواب السابقون خالد السلطان ومحمد هايف ووليد الطبطبائي، وهم من السلف يدعون اليوم إلى وقف المسيرات الاحتجاجية، والاكتفاء بالتجمعات في المناطق المختلفة، فالقانون لا يطلب الترخيص المسبق للتجمعات السلمية، حسب ما صرح النائب وليد، ولا أعلم كيف يفرق فقهاء السلطة بين التجمعات السلمية والاجتماعات العامة والمسيرات؟ وكيف يفسر حكم المحكمة الدستورية فيها؟ فكلها عند السلطة "صابون"، ورأي مخالف لإرادتها غير القابلة للنقاش.
لكن مهما يكن الأمر، لا أحد يريد العنف؛ أياً كان مصدره، ولو كانت الأمور بالتمني، فأنا أتمنى قبل نواب السلف أن تقف معارك العنف بين المتظاهرين "الشباب" والقوات الخاصة، لأن الضرر لم يعد قاصراً على جسد عباس الشعبي أو بعض الشباب المتظاهرين، إضافة إلى رجال القوات الخاصة وسكان المناطق التي تمت فيها المسيرات، الضرر الأكبر والأخطر اليوم أن يصبح العنف منهجاً في حياة الدولة، وهذا لن يتوقف عند حدود القنابل الدخانية ومحاولات الدهس العشوائية، بل سيمتد إلى الرصاص الحي، ومواجهات خطرة لا نعرف أين ستنتهي.
ليس هذا وقت التنظير، والبحث عن المسبب في كل هذا، فهذا سهل، فهي سلطة تفرض رأيها بالقهر، يقابلها شباب يشعرون أنهم همشوا، وتم استبعادهم من الحراك السياسي، وحين أرادوا التعبير السلمي قابلتهم السلطة بالعنف والمنع، متذرعة بحكم القانون، مع أن القانون، الذي يحظر المسيرات السلمية بدون ترخيص مسبق (هذا الترخيص منح مرة واحدة قبل الانتخابات، ولن يتكرر)، ليس مقدساً، حاله كحال قوانين القهر والظلم التي تضج بها تشريعات الاستبداد. الشباب اليوم يتحدون ذلك القانون، ولا يكترثون لضريبة ذلك التحدي، ومن يتصور أن نواب الأغلبية "المستبعدة" من المجلس يمكنها أن تلجم ذلك المسار العنفي فهو واهم، فالأمور خرجت من أيديهم، كل ما يستطيعه هؤلاء النواب المستبعدون هو المحاولة، ولا أكثر من ذلك. القضية لم تعد قضية صوت واحد أو أربعة أصوات، فجذور الأزمة أعمق وأبعد، يمكن أن نقول إن من أسبابها (ليس بالتحديد) مجلس 2009 وموقف الحكومة السابقة من شراء الذمم النيابية، ويمكن القول، أيضا، إن من أسبابها جمود الأوضاع "شبه" الديمقراطية في الدولة منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، وعجز السلطة عن فهم ومسايرة التطورات التي تهز المنطقة العربية دون استثناء، وتصور السلطة أنها يمكنها "شراء الرفض" بمسكناتها التقليدية التي لا تعرف غيرها، حين رفعت شعار "ادفع وهب" حتى ينسى الرافضون ما يرفضونه. كلها كانت أعمال شراء وقت وتأخير وتسويف لن تجد نفعا آخر الأمر.
نحن الآن أمام صراع أجيال، وهناك هوة كبيرة تتسع بين من يمسك زمام الأمور وبين الشباب المتململين الذين زهدوا هذا الواقع المتحجر.
الواجب الآن أن تفتح السلطة أبوابها للحوار مع هؤلاء الشباب، وتنصت جيداً لما يقولونه، وتفهم، بصدر واسع وحلم كبير، ماذا يريدون ومما يشكون، وتتفاعل معهم، فلهم تطلعاتهم ولهم أحلامهم، فلنشاركهم أحلامهم.
«عين عنچوه»
"ولكم عين بعد"! خطابي هذا لليبراليي "القرود الثلاثة" ومنظريهم من كتاب وفلاسفة الصوت الواحد بالمجلس الوطني الجديد، أسألهم إن كان لهم "عين" ليكتبوا، وينظروا، ويبرروا "أيامنا الحلوة" القادمة بمجلس "الشيوخ أبخص".
أسألهم متهكماً عن عالم الحريات العظيم القادم بعد أن منعت السلطات الأمنية بدولة الكويت، العضو بمجلس التعاون الخليجي، الكاتبة السعودية بدرية البشر من دخول الأرض الكويتية بحجة لا يعلمها إلا الله!
أسألهم إن كان لهم عين كي يبشرونا عن عالم انطلاق حرية التعبير والتفكير بالعهد القادم، أسأل هؤلاء المقتدين بحكمة القرود الثلاثة "لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم"… هل من جديد لديكم؟! هل من تفسير عندكم لهذه الحكومة التي لا يناطحها أي مجلس أغلبية حين صادرت حرية بدرية في الدخول لوطنها الثاني، وقبلها بليلة واحدة أوقفت الكاتب مشعل الذايدي عند الحدود الكويتية السعودية، وأودع مكبلاً في المخفر بتهمة قوامها النبش في صدر الكاتب ونيته عن المقصود بمقال كتبه قبل فترة…؟!
أسألكم إن كان لكم عين كي تتبجحوا بكتاباتكم الهزيلة عن اليوم الليبرالي الموعود بعد التهم التي تكال لعدد من المغردين، والتي أضحت كالمخالفات المرورية مثلما كتب أحد المغردين، إن كان هذا مفهومكم لحرية التعبير في الكويت الجديدة القادمة، كويت الصوت الواحد، وإلا كيف تفهمون حرية التعبير، وكيف تفسرون ديمومة صمتكم عن قوانين "دراكو" الرهيبة حين تحاصر العقل الحر؟!
هل شاهدتم مسيرة الأحرار بشارع الخليج أمس الأول؟ أم كنتم عمياناً، ولم تروا ما يقارب ربع سكان الكويت يسيرون برؤوس مرفوعة ويهتفون "لا للصوت الواحد"، هل رأيتم المسيرة وأعداد المشاركين الرهيبة أم أنكم مثل القرد الأول… لا يرى شيئاً؟!
هل سمعتم "شيلات" الشاعر المبدع أحمد سيار العنزي تزلزل الأرض أم أنكم مثل القرد الثاني الذي لا يسمع؟! هل ستصرخون مطالبين بحرية وجودكم التي صودرت من السلطة أم أنكم مثل القرد الثالث لا يتكلم، ولا ينطق، هو يتأتئ بلغو غير مفهوم؟
ماذا تفعلون الآن… هل تنتظرون المعجزات المذهلة لنوابكم القادمين السائرين بهدي توماس جيفرسون وبيكون وروسوكي، لكي يشرعوا لكم أبواب الحريات الموعودة…؟!
أبشروا بالخير… فقد استبشرت قبلكم حين منعت من الدخول بدرية البشر.
أسألكم في النهاية… إن كان لكم عين كي تتبجحوا متعالين على خلق الله الأحرار الذين سمعت صوتهم وعرفت نتائج تصويتهم بمسيرة "حرية وكرامة" بشارع الخليج… أم أن عيونكم عين "عنچوه" المتبجحة؟! لم أكن أعرف من هي أو "هو" عنچوه… لكني عرفته الآن… هو أنتم لا غيركم.
حين تقاطع
حين تقاطع غداً فأنت تؤكد وجودك كإنسان حر له إرادة مستقلة، لا تقبل أن تكبل حريتك وقرارك بغير ذاتك ومصلحة وطنك ومستقبل هذا الوطن.
حين تقاطع غداً فأنت ترفض أن تملي عليك السلطة الحاكمة إرادتها وتصورها للمسار السياسي للدولة، وهذه الدولة هي دولتك، وطنك، أنت شريك فيها، شريك في أرضها وفي تاريخها ومستقبلها وشريك في خيراتها وفي آمالها التي عليك واجب أن تعمل من أجل تحقيقها، من أجل مستقبلك ومستقبل أبنائك وأبناء أبنائك.
آمالك في هذه الدولة أن تكون كامل المواطنة، وليس ناقصها، وما ينقص تلك المواطنة وينقضها من جذورها، أن يتم تهميشك كمواطن، أن تتم إزاحتك جانباً حين يتعلق القرار بك وباختيارك، وتأمرك السلطة كتابع، كأجير، كفرد ناقص الأهلية الإنسانية، وتعلمك الطريق الذي عليك أن تسير فيه، وتصبح، في مفهوم السلطة، مجرد طفل غر، لا يعرف مصلحته ولا يدرك مستقبله، وتدخل في روعك بأنها الأدرى والأفهم بحكم قصورك ونقص وعيك، فأنت عندها وفي مفهومها المتعالي والمتغطرس مجرد طفل لا يعرف كيف يختار، إنما هو الوالد الأب الذي يختار عنه، ويوجهه لدروب السلامة!
فأنت كالأعمى لا تصلح أن تسير في الطريق دون هادٍ ومرشد، والسلطة هي الهادي والمرشد… هل تتذكر أين قادك ذلك المرشد المتسلط منذ منتصف ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم… من مجلس 67 المزور، إلى المجلس الوطني "القديم" مروراً بالمجالس التي تم حلها بغير وجه حق عام 76 و86 ومحاولات تنقيح الدستور كي يصبح دستوراً ميتاً… هل تتذكر كل ذلك، وهل نسيت حفلات "الهبر" من خاصرة وطنك… من سرقات كبرى تمت وقيدت ضد مجهول، سرقات ورشا كبيرة أفسدت ضمائر الكثيرين، وجعلتهم سلعاً بشرية في سوق النخاسة السياسي، ربما لم تشعر تماماً بذلك "الهبش" لأنك تأكل وتشرب ولك مسكن مريح… ولا ينقصك شيء… بمثل تلك الكلمات السالفة يتم تخدير وعيك، وبمثل كلمات أسوأ منها توشوش بأذنك: ماذا فعل مجلس المعارضة الأخير… ماذا صنع غير أنه أضاع الكثير من عمر الدولة في جدل خاوٍ، وأذكى روح الطائفية عندما أراد بعض النواب تقزيم أبناء الدولة من الشيعة… ماذا فعل ذلك المجلس غير أنه شرع في تهميش ما تبقى من حرياتك الشخصية… وشرع برمي الدولة لعدة قرون مضت في الزمان… ونقلها إلى وادي وزيرستان في المكان… هنا، وبمثل ذلك الإيحاء السيئ تريد السلطة ووكلاؤها أن تخلط بين القضية والأفراد، يريدونك أن تردد في ذاتك: لتذهب هذه الديمقراطية المروعة للجحيم…. فليرحل نواب الأغلبية إلى غير رجعة… وسأقف مؤيداً لسياسة "المنخل" في الصوت الواحد… ويتلاشى الزبد ويبقى أهل الحريات فوق المنخل… بمثل تلك العبارات الساحرة يخلط السم بالعسل وتختلط عليك الأمور… وبدلاً من أن تناضل من أجل تكريس الحريات السياسية والفردية، وتعمل من أجل تطوير واستكمال الديمقراطية بإطلاق حرية تشكيل الأحزاب والحكومة البرلمانية، وتؤكد مبادئ المساواة في المواطنة يصبح كل همك إقصاء من لا تستسيغهم من البرلمان… وحين تفعل ذلك فأنت لا تقصيهم وحدهم… بل تقصي دستورك… تقصي حريتك… تقصي ذاتك في النهاية… فهل ستصوت غداً لنفي ذاتك…!
بين مصر والكويت
مصر بدايةً ونهاية هي مركز الثقل العربي، وإذا انقلب حال الدولة وعادت بقايا النظام القديم إلى مصر فسيتحول الربيع العربي إلى الفساد العربي، وهنا في الكويت مهما تصورنا أن لنا "خصوصيتنا" في نهجنا الديمقراطي المضحك وشكل الصراع الدائر اليوم بين القوى "المستنيرة" الموالية للصوت الواحد والسلطة الواحدة ضد قوى المحافظة "الرجعية، القبلية، الأصولية" المطالبة بالأربعة أصوات (الآن) وبالحكومة البرلمانية وحرية التصريح للعمل الحزبي وتحقيق صورةٍ ما لديمقراطية ليست ليبرالية حالياً ولكنها أفضل من ديمقراطية المنحة (فيما بعد)، فسنتأثر سلباً أو إيجاباً بما تنتهي إليه الأمور في مصر.
أخطأ الرئيس مرسي في إعلانه الدستوري، حين حصّن قراراته بمد عمر اللجنة التأسيسية وعزل النائب العام، وغلّ القضاء عن مراجعة قراراته وإسباغ صفة السيادة مؤقتاً عليها حتى صدور الدستور وانتخاب البرلمان، إلا أن هذا "الخطأ" إن صح وصفه بتلك الكلمة لا يعد مبرراً لوصف الرئيس المنتخب بـ"مورسيليني" أي موسيليني، أو نعته بالفرعون الجديد، أو قياس ما صنعه الرئيس على ما فعله الضباط الأحرار في ثورة ٥٢ حين أنهوا الحياة النيابية وقالوا إن هذا إجراء مؤقت لفترة، ثم امتد العمر بالإجراء المؤقت إلى نهاية حكم حسني مبارك، مثلما كتب الروائي علاء الأسواني في جريدة "المصري اليوم".
أخطأ الرئيس المصري حين خلط بين المثال كما ينبغي أن يكون، والواقع السياسي في مصر، فمهما كانت نوايا الرئيس صادقة في إنهاء الدولة "العميقة"(الإيكونومست وموقع سعد محيو) أي الدولة داخل الدولة، بإصلاح القضاء وإعادة محاكمة المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين، وتلك قضايا مستحقة والجماهير المسحوقة تطالب بها، ومهما كانت نية الرئيس في وضع حد لظاهرة الفساد المستشري في أجهزة الدولة فإن الطريق الذي سلكه منفرداً دون التشاور مع التيارات السياسية هو بذاته خطأ كبير.
يبقى أن نقول إن تفرُّد الرئيس المصري بقراراته، لا يخول القوى التقدمية الاصطفاف مع بقايا النظام القديم في معارضتهم لقرارات الرئيس مرسي، فحجة أن عدو عدوي صديقي فاسدة من أساسها، فعدو الثورة المصرية هو الحكم العسكري الاستبدادي، الذي سيلتهمها في النهاية بعد أن ينتهي من الحكم الحالي، فمؤسساته الضاربة في عمق الدولة مازالت بكل ثقلها السياسي، ومستعدة للانقضاض على الثورة بثورة مضادة تعيد مصر إلى المربع الأول، وسيجد في ردود الفعل على قرارات الرئيس الأخيرة المناسبة العظيمة لذلك، فهل هذا ما يريده التقدميون المصريون؟ وفي المقابل، يمكن طرح السؤال ذاته لتقدميي الموالاة في الكويت، بمعنى أنه إذا كانت هناك قوى "محافظة، رجعية، مناوئة للحريات… إلخ" في صفوف المعارضة، فهل يعني ذلك التهليل للسلطة الواحدة ورفض أي عمل نحو تحقيق ديمقراطية صحيحة؟!
ملاحظة: قرار التصريح بالمظاهرة في الثلاثين من هذا الشهر من وزارة الداخلية، هو قرار حكيم وعاقل من الحكومة…"وينها من زمان"؟!
بيض السلطة
أين الحقيقة في الاتفاقية الأمنية لدول مجلس التعاون التي وقعتها الكويت في الرياض قبل أيام؟ هل هي اتفاقية جديدة بين الدول الأعضاء، أم أنها مكملة لاتفاقية 1994 التي رفضت الكويت التوقيع عليها لخرقها للدستور الكويتي وقوانين الدولة، وإذا لم توقع الكويت على "الأصل" فكيف نفهم الموافقة التمهيدية على الاتفاقية "الجديدة أو المكملة" قبل أن يوقعها رؤساء الدول، ويتم التصديق عليها من قبل المجالس "المختصة"، وكأن هناك مجالس مختصة حقيقية في دولنا. ظلام دامس مخيف يلف تلك الاتفاقية التي وجدت الحكومة اليوم، وبغياب مجلس نيابي يرأسه أحمد السعدون، أنها فرصتها لتمرير مشروع اتفاقية تجريم لكل فعل نقدي يدخل في حرية التعبير المخنوقة في دول الخليج. ذكرت أحمد السعدون، لأنه هو الذي رفض بشجاعة تلك الاتفاقية عام 1994، وكتب أمس الأول في موقع "الاقتصادي" أسباب رفضه لها.
تلك الاتفاقية لا تستهدف أساساً أمن الدول الخليجية، وإنما أمن الأنظمة الحاكمة، ولما كان مفهوم النظام يمتزج تماماً في مؤسسة الدولة، تصبح الاتفاقية بقدرة قادر مختصة بأمن الدول، فالدولة الأمة هي النظام الحاكم والنظام الحاكم هو الدولة، لا فرق، مجرد إعادة صياغة خليجية متجددة لأنظمة العصور الوسطى الأوروبية. المضحك المبكي معاً في نصوص اتفاقية 1994، هو المادة 28 منها التي تفرض تسليم المتهمين "… متى ارتكبت الجريمة خارج أراضي الدولتين الطالبة والمطلوبة إليها التسليم طالما أن القوانين أو الأنظمة في الدول الطالبة تعاقب على تلك الجريمة إذا ارتكبت داخل أو خارج أراضيها…"، مثل هذا التشريع القراقوشي خطير، فهو يخرق أبسط مبادئ إقليمية القوانين، بمعنى أن الأصل في قوانين الدولة، لاسيما الجزائية منها، لا يجوز أن تتجاوز إقليم الدولة إلا بحدود استثنائية ومحصورة جداً، إلا أن مثل هذه الاتفاقية تبعث الحياة لما يسمى بـ"شخصية القوانين"، أي أن القوانين المحلية لدولة ما تتبع البشر أينما ذهبوا، والمقصود هنا بهذه المادة قمع الأصوات المعارضة التي تتخذ من أوروبا مثلاً مكاناً لنقد أي نظام في منظومة الدول الخليجية، والحمد لله أن دولتين مثل بريطانيا وفرنسا ليستا خليجيتين.
ثم جاءت المادة الأخرى التي تمنع تسليم المتهمين بين الدول الموقعة في الجرائم السياسية…! عظيم، "صرنا حضاريين أوادم… أخيراً"، لكن ما هي الجريمة السياسية؛ وكيف تعرفها الاتفاقية… لا شيء، إلا أن الاتفاقية أوردت استثناءات من الجريمة السياسية مثل "الاعتداء على أولياء العهد وأفراد الأسر المالكة أو الحاكمة والوزراء ومن في حكمهم في الدول الأعضاء…" "خوش حجي"… ماذا بقي مما يسمى "جريمة سياسية"… وماذا تركتم لحريات الضمير؟
لنترك تلك الاتفاقية القمعية، ونوجه السؤال هنا إلى حكومة الصوت الواحد الأبخص في شؤون الدين والدنيا: على ماذا وقع وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود في الرياض… وأين إعلام "… استقبل ووصل وهنأ وافتتح" الرسمي من نشر بنود الاتفاقية، أم أن المسألة لا تعني الشعب الكويتي… فنحن في النهاية تحصيل حاصل، وأنتم كنتم وما زلتم الأبخص والأعلم… ولماذا نشغل أنفسنا بالسياسة، كافي علينا فرحنا بدعم أعلاف الإبل، وبيض التموين القادم في الجمعيات التعاونية وجمعية مجلس الأمة حين ترين على بيض السلطة، وتفقس لنا كتاكيت غربان؛ أولاداً وبنات.
ديمقراطيو ألف ليلة وليلة
يخلط واهمو "الصوت الواحد" بين الأشخاص والقضية، يعانون عمى فكرياً يساوي بين مواقف أكثرية أعضاء مجلس ٢٠١٢ المبطل وما يُطرَح الآن من رفض الصوت الواحد حين فُرِض من الأعلى، أي من السلطة منفردة. ولأن عدداً من أعضاء الأكثرية "المشاغبة" (كما يحلو للسائرين بالهدي السلطوي تسميتها) كانت لهم تصريحات ومشروعات طائفية أو محافظة متزمّتة في أيام المجلس القصيرة، تنبع من رؤية متعصبة للفقه وترفض الآخر، وتدين الحريات الليبرالية، إذن وحسب منطق السلطويين الأهوج يجب إدانة كل أعضاء ذلك المجلس، ومعهم يجب أن تدان حرية الاختيار الشعبي التي أوصلت هؤلاء المناكفين إلى المجلس.
يكاد السلطويون أن يجاهروا برفضهم حتى للديمقراطية كلها، ويكفرون بها، مادامت تلك مخرجاتها، لكنهم لا يفصحون صراحة عن ذلك، حتى لا يقال عنهم إنهم أعداء للديمقراطية، إلا أنهم في دواخلهم يؤمنون بأن وضعنا الحالي لا يصلح للديمقراطية، حتى بصورتها الناقصة والمشوهة بالطريقة الكويتية.
السلطويون، سواء كانوا كتاباً أو مغردين أو فقهاء السلطة، بعضهم، وأكرر كلمة "بعضهم" انتهازيون، ويحملون في تجاويف رؤوسهم مخ الفداوي المثقف، فقد قبضوا، من خيرات وبركات السلطة بصورة غير مباشرة، ولابد من ردّ الجميل ومناصرة "المعازيب" حين يغم عليهم الزمن. كل هؤلاء، يريدون ديمقراطية متكورة على ذاتها داخل مصباح علاء الدين، يفركون المصباح، كلما عنَّ لهم، ليخرج المارد الجني منكساً رأس الطاعة قائلاً لعلاء السلطة: "شبيك لبيك الديمقراطية بين يديك!"، ويحقق طلباتهم بتشكيل مخرجات الانتخابات كما يحلمون، يريدون نواباً ليبراليين متحررين، ولا يكفي أن يكونوا مجرد ليبراليين صادقين دعاة حرية ونزاهة، بل لابد أن يكون مذهبهم "شوية واسع" في قضايا المال العام والفساد حتى يغضوا النظر عن عورات كثيرة تبرز في الجسد السياسي للدولة.
ويمضغ السلطويون بعضهم مع بعض، أو يهلوسون مع أنفسهم كثيراً مجترّين عبارات مثل "… ملينا من عوار راس المجلس، شبعنا من الصوت العالي المزعج لمسلم البراك، زهدنا مشهد فيصل المسلم يهز بيده أمام الجمهور بشيكات دفعت أثماناً لسلعة شراء الأصوات، تعبنا من سماع عبارة الفساد والمفسدين من كثر ما يرددها أحمد السعدون"، ويمضي الكثير من السلطويين بحسن نية (ربما)، وهم تحت طبقات ثقيلة من وهم وخرف ثقيلين يرددون علينا بوعي، أو من دون وعي مقولات باهتة مثل "إن مشاريع التنمية توقفت بسبب هذا المجلس، وإن البورصة نزلت بسبب هذا المجلس"… وكلاماً لا ينتهي يعلّق كل منغصات العمل السياسي والتردي الاقتصادي على مشجب البرلمان! مع أنهم يدركون، لو فكروا قليلاً، أن سلطة الحكم التي تملك كتلتها الدائمة داخل المجلس، كبرت أو صغرت تلك الكتلة حسب الفصول التشريعية، تستطيع أن تحقق ما تريد في قضايا التنمية، أو في رد الهجمات المناهضة للحريات الشخصية إذا طرحها بعض النواب لو أرادت السلطة ذلك حقيقة ولم "تتعلث "بالمجلس كعادتها، وأن "حكومة الحكومة " تمسك بخيوط اللعبة السياسية منذ لحظة ولادة الدستور وحتى اليوم عبر نوابها وعبر وزرائها، ومن خلال هيمنتها المطلقة على موارد الدولة المالية… أليسوا هم (السلطويون) مَن رددوا في السابق أن "اللي تبيه الحكومة يصير" فماذا تغير اليوم عليهم؟ ولماذا تلك الإدانة المغرضة لجميع معارضيهم، ووصفهم لشباب الحريات المتظاهرين والمتجمعين في ساحة الإرادة بالغوغائيين والفوضويين والسذج "المقصوص عليهم"؟!… أمرهم عجيب هؤلاء السلطويون دعاة ديمقراطية ألف وليلة… أو ألف نيلة ونيلة!
تحتفلون على ماذا !
عظيم أن تحتفل الدولة اليوم (وقت كتابة المقال) باليوبيل الذهبي لميلاد الدستور، ألعاب نارية مذهلة، واستعراضات فنية ونشيد وطني جماعي، كلها تفرح الناس بذكرى ميلاد وثيقة وضعت المعايير القانونية العليا لشكل الدولة ومؤسساتها، ومنذ "تلك الولادة" المتعسرة نوعا ما، والطفل الدستوري يكبر عمرا، ويبلغ، وينضج جسدا، أي بعمره الزمني، أما حياته الواقعية فليست كذلك، فقد كانت نهوضاً في الستينيات، ثم انتكاسات مرضية خطيرة في ما بعد ومحاولات لخنق وقتل الدستور منذ عام ٦٧ عام التزوير وحتى اليوم، ولا حاجة للتذكير بتلك المحاولات القمعية في ٧٦ و٨٠، و٨٦، و٩٠ التي تم خلالها حل المجلس النيابي أو فرض مجلس العرائس (الوطني) سنة ٩٠، إلى طرح مشاريع تنقيح وتفريغ الدستور من شرعية حق الشعب في الحكم، إلى تعليق نصوص الدستور على مشانق السلطة أكثر من مرة، إلى تشريع قوانين تنهش من خاصرة الدستور مثل قانون التجمعات وحظر القضاء عن النظر في مسائل الجنسية، دون أن ننسى أيضاً مشاريع القوى المتطرفة دينياً واجتماعياً بتحالفاتها السابقة مع السلطة الحاكمة وشروعها في استلاب روح الدستور عبر قوانين تصادر الحريات الفردية، وتغتال حقوق الأفراد في أخص خصوصياتهم مثل قانون العزل بين الجنسين في الجامعة، أو إقرار قوانين المطبوعات والنشر الأخيرة، إلى محاولات تعديل نصوصه كي تكون متسقة مع شرع الله، تمهيداً لفرض دولة الخلافة الإسلامية.
مسكين هذا الدستور، كان على المقاس المناسب للدولة في سنواته الاولى، واليوم تنظر إليه السلطة وأتباعها على أنه كبير واسع "يخب" على الدولة، وأكبر من مقاسها.
يحتفلون اليوم بالدستور على الطريقة الكويتية، بهرجة إعلامية، و"جراقيات" ينظمها خبراء إيطاليون، وتسويق بهجة شكلية، فيها تصنع ورياء، مع تغييب متعمد لمحتوى وروح الدستور. الشكل أو المظهر الخاوي من الروح هو عقدة دولتنا، وعقدة من هم على شاكلتها في دول الخليج، هي عقدة الحضارة المادية دون المضمون الروحي، أكبر شارع، أكبر "مول تجاري"، أطول عمارة، والقائمة تمتد في قاموس الأكبر والأطول والأعرض، أرقام غبية تصلح لكتاب غينيس للأرقام القياسية، لكنها لا تصلح لخلق دول مؤسسات، لدينا دولة حديثة من دون قوانين حداثة تحترم الإنسان، ولدينا قوانين تنسجم في أغلب موادها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، لكن ليس لها حظ في الممارسة الواقعية، لدينا نصوص دستورية، لكنها ريشة في مهب الريح، تنفخ عليها أنفاس السلطة وتطوحها كما تريد… اي دستور، واي عيد ميلاد خمسيني بائس… هرجوا وامرحوا… وعيد ميلاد سعيد…