حسن العيسى

هل توجد نية للحوار الجاد؟!

إذا كان الكلام عن توجه السلطة الحاكمة إلى المصالحة مع المعارضة حقيقياً، فلتقدم عملاً ملموساً لتحقيق تلك المصالحة، فلا تكفي إشارات متباعدة من الوزير الشيخ محمد العبدالله "على ما أعتقد" كي تشي بذلك، كأن يحاور بعض الشباب الناشطين من صفوف المعارضة، فتلك خطوة صغيرة جداً لا تقدم دليلاً أكيداً على صدق النوايا في الحوار والمصالحة الحقيقيين.
رموز كبار من النواب المعارضين، مثل مسلم البراك وفيصل المسلم وغيرهما، أضحت دور المحاكم الجزائية ومكاتب وكلاء النيابة موطناً مستقراً لهم، من كثرة الدعاوى الجزائية التي أقيمت بحقهم، وليس من المستبعد أن تصبح السجون هي الموطن الآخر لهم بعد المحاكم ومنازل سكنهم، وأصبح من الأمور المعتادة، كشروق الشمس شرقاً وغيابها غرباً، عندي أن أقرأ كل يوم في صفحات "تويتر" عن مرافقة محامين لهؤلاء النواب السابقين في تحقيق معين عند النيابة العامة أو في قاعات المحاكم، كما أصبح عدد من شباب "تويتر"، أو من المتظاهرين ضد السلطة، توهموا مدى حرية التعبير، نزلاء دائمين للسجون ومخافر الدولة.
بذلك المنهج الذي تسير عليه السلطة بقمع الرأي المعارض بحجة دولة حكم القانون، وبتلك القوانين التي تناقض أبسط مبادئ حرية الضمير، وتتنافر مع مضمون دستور الدولة، يصبح كل الكلام عن الحوار والمصلحة هباءً منثوراً.
اليوم نتمنى أن تكون سلطة الحكم قد أدركت مغزى حكمة "عدو عاقل ولا صديق جاهل"، وهنا أستدرك متحفظاً ان المجلس المبطل لم يكن عدواً للسلطة، وإنما كان يحاول الإصلاح، وفي أكثر من مرة شط وتجاوز المعقول في طرحه أو في اقتراحات عدد من نوابه، وسكب الملح على جروح طائفية غائرة بعمق في اللاوعي الكويتي خاصة والعربي عامة، كان هناك شطط وتطرف مذهبي لم نكن بحاجة إليه، كما أن عدداً من نوابه أضحت قضية مصادرة الحريات الفردية هي قضيتهم الأولى والأخيرة، إلا أنه في الوقت ذاته كان الكثير من نواب المجلس المبطل ينشدون وضع حد لإمبراطورية الفساد في الدولة، وكانت إحدى تجلياتها المقيتة، كما نعرف، قضية الإيداعات، كما تسمى تأدباً، بينما هي، حقيقة، جرائم رشوة لبعض النواب، أما المجلس الحالي فهو ما يمكن اعتباره الصديق الجاهل، هو صديق للسلطة، إلا أن صداقته مضرة وليست نافعة، فقد شاهدنا الطرح الطائفي لبعض نوابه، ولمسنا باليد عنصرية بعضهم وتعاليهم على فئات كبيرة من الشعب الكويتي، ومزايداتهم الفجة في أن يكونوا ملوكاً أكثر من الملك.
تحيا الكويت هذه الأيام مناسبة مضي سبع سنوات على تولي صاحب السمو منصب الإمارة، كما ستمر بعد أيام مناسبة العيد الوطني وذكرى التحرير، فلم لا تكون أيامنا هذه مناسبة لإسقاط الدعاوى الكثيرة عن نواب الأمة المرتهنين في قاعات المحاكم، وأن تمنح الحرية للشباب المحبوسين في قضايا حرية الرأي! لن نجد أفضل من تلك المناسبة والمناسبات كي تظهر السلطة جدية ومصداقية كلامها عن المصالحة، ولتكن أيامنا هذه مناسبة للحوار الحقيقي، ستكون خطوة عملية في الطريق الصحيح، ويبقى هناك الكثير من الأمور العالقة على طريق الإصلاح، لكن لتشرع السلطة الآن في إظهار حسن النية، فماذا تنتظر؟!

حسن العيسى

اقتراح عنصري ونص

الذي يبدو  من الظاهر أن النواب نبيل الفضل وصفاء الهاشم وعبدالحميد دشتي لم يضيفوا أمراً جديداً في اقتراح  بقانون الذي يشترط أن "يكون المرشح كويتياً بصفة أصلية وفقاً للقانون…الخ"، فهو كما فهم الزميل عبداللطيف الدعيج في مقاله بالقبس يوم الثلاثاء، أن "القانون هو القانون، وأن آليته لم تتغير"، وهو بالتالي مجرد تأكيد لنص المادة ٨٠ من الدستور التي تشترط أن يكون المرشح كويتي الجنسية بصفة أصلية وفقاً للقانون…"… ومادام القانون واضحاً بذلك فلم يكن هناك حاجة بداية للمقترحين الثلاثة إلى إضافة الاقتراح الذي يمكن عده لغواً وتزيداً تشريعياً… فهل هو محاولة للالتفاف على احتمال حكم المحكمة الدستورية إذا حكمت ببطلان المرسوم… لا يقدم الزميل عبداللطيف إجابة قاطعة، فهو يرى أن الحكومة لن تساندهم أو أنه سيمرر، وأن الاقتراح لا يعدو أن يكون "احتمالاً" لتحصين القانون الحالي وتثبيته بعد حكم المحكمة الدستورية استباقاً لأي تعديل… (عبارة الزميل عبداللطيف…).
  لا أعتقد أن النواب مقدمي الاقتراح يهدفون إلى تحصين القانون الحالي، وتثبيت واقعه السيئ، كما يتصور الزميل، فالعبارة التي أضافها المقترحون الثلاثة بشروط الترشيح تكمن  خطورتها العنصرية في تكملتها بأن "… يكون المرشح من أب كويتي بصفة أصلية انحدر من آباء وأجداد استوطنوا الكويت قبل عام ١٩٢٠"! بهذه الفقرة  يستحيل على أبناء المتجنسين الذين ولدوا بعد اكتساب والدهم الجنسية اعتبارهم "كويتيين بصفة أصلية"، فهم لم ينحدروا من آباء وأجداد استوطنوا الكويت قبل ١٩٢٠، بينما نص المادة ٦ من قانون الجنسية يقرر"… لا يكون لمن كسب الجنسية وفقاً لأحكام المادة ٤- ٥- ٧ – ٨ من هذا القانون حق الانتخاب لأي هيئة نيابية قبل انقضاء عشرين سنة ميلادية من تاريخ كسبه لهذه الجنسية. ولا يكون للمذكورين في الفقرة السابقة حق الترشح أو التعيين في أي هيئة نيابية".
  أوردت المادة السابق ذكرها كلمة "المذكورين"… بمعنى حرمان "المتجنسين المذكورين" (وتحديداً بالفقرة السابقة)على سبيل  الحصر، فالمنع من ممارسة الحقوق السياسية وأهمها الترشيح لا يمتد لغيرهم، أي لنسلهم وسلالتهم… بينما يتضح جلياً أن اقتراح النواب الثلاثة "يمدد" الحظر لكل  ذرية المتجنس، لأن آباءهم أو أجدادهم لم يستوطنوا الكويت قبل ١٩٢٠"، بذلك نجد في الاقتراح العنصري للنواب نسخاً ضمنياً وتعديلاً  للمادة السادسة من قانون الجنسية لسنة ٥٩ والتعديلات التي تمت عليه عام ٩٤…! فوفق هذا الاقتراح المقيت يصبح أبناء المتجنسين غير كويتيين بصفة "أصليـة" على خلاف الفهم السليم للقانون، ويحرم بالتالي فئات كبيرة من المواطنين من حقوقهم السياسية… فهل هناك عنصرية وروح استعلائية متغطرسة أكثر مما قدمه نواب الضمير التقدميين الثلاثة… عيب عليكم.

حسن العيسى

أهلاً بنواب الوحدة الوطنية

 قبائل الهنود الحمر الكويتيين هي وحدها التي يحق لها الترشّح لمجالس "النص" صوت البرلمانية، هذا فحوى الاقتراح بقانون الذي قدمه النواب نبيل الفضل وصفاء الهاشم وعبدالحميد دشتي بقصر حق الترشح على الكويتيين الذين تمتد "جذورهم" العرقية إلى سنة ١٩٢٠، أي سنة بناء السور وهي السنة التي حددها المشرع الكويتي فيما بعد لوضع أساس الجنسية بالتأسيس.
 وكان "المتجنسون" أي الذين اكتسبوا الجنسية بطريق التجنيس محرومين من ممارسة الحقوق السياسية، سواء كانت الانتخاب أو الترشّح لفترات مختلفة، حتى النصف الثاني من التسعينيات حين تم تعديل قانون الانتخاب وأصبح أبناء المتجنسين (باللهجة البغيضة يسمونهم كويتيين درجة ثانية) لهم الحقوق السياسية كاملة.
انتهينا منذ ذلك الزمن من حكاية كويتي درجة أولى كامل الدسم وكويتي درجة ثانية "سكيم" أو ناقص الدسم، الآن وبعد أن تجاوزنا بدرجة محدودة نوعاً ما ذلك التمييز العنصري الذي كان يفرق في درجات المواطنة يطل علينا بعض نواب "النص" مطالبين بالعودة إلى زمان الفوهرر الألماني بتحديد "امتياز" الترشيح على "الممتازين" من شعب الله "المحتار"!
لا أجادل بحق النواب المتقدمين بقانون هتلر الآري في أن يقدموا ما يعتقدونه الأفضل والمناسب لاستبعاد فئات من الكويتيين تم تصوير هويتهم الوطنية على أنهم "دخلاء" على أهل الحسب والنسب من "عيال بطنها" أهل البلد ومن داخل السور، ومن المؤكد أن نواب عرق ١٩٢٠ في عقلهم الباطن يؤمنون بأن غيرهم "هيلق ولفو" وأن قضايا البلد المزمنة ليس سببها رداءة الإدارة السياسية في الدولة إنما تنامي عدد وقوة "الهيلق، واللفو" الذين يهددون بابتلاع الدولة وخيراتها، وهي خيرات برميل النفط التي كان من المفروض أن يستحوذوا (عيال الديرة) عليها بحق الوراثة حصرا… لكن ما يثير  الأسى الآن أن هؤلاء النواب بصموا على مرسوم الوحدة الوطنية، ويالها من وحدة وطنية عظيمة!
  فلنقدم آيات الشكر، ولننحر قرابين الفداء من أجل مرسوم الصوت الواحد الذي يقدم لنا يوماً بعد يوم أرقى صور الوحدة الوطنية، وتحية لنواب "هاي هتلر".

حسن العيسى

على شينها…

احتج الحرس الملكي من نواب مجلس "الصوت الواحد" على قيام بعض شخصيات المعارضة الكويتية بالتهديد بإبلاغ المنظمات الدولية عن اختراقات السلطة لحقوق الإنسان، وقمعها حق المعارضة في التعبير عن نفسها، قوام احتجاج ضباط الحرس الملكي هو أن مجرد تبليغ المنظمات الدولية المختصة بحقوق الإنسان بما حدث من تجاوزات السلطة بمثابة خيانة للوطن وطعنة في ظهره!
بكلام آخر يطالب نواب الحرس الملكي البشر بأن يخرسوا (ينجعموا) إذا حصل أي حادث ينتهك حرية وحقوق الإنسان، وكأننا بمنطق الحرس الحديدي للسلطة نكشف عوراتنا للغير، وننشر غسيلنا الوسخ على سطوح وشرفات المؤسسات الدولية، وهذا عيب وغير جائز عند عدد من نواب المجلس الحكومي، فواقع الجحيم الذي يعيشه البدون مسألة داخلية لا يجوز أن يعلم بها الغير أو يتحدث عنها، حتى لا تدس تلك المنظمات أنفها في سيادة الدولة، وأحداث الضرب والقمع التي حدثت بديوان الحربش، وما تبعها من تأصيل واستقرار عرف الهراوات من "عناترة" الوجوه المقنعة لا يصح أن تعلم بها المنظمات الدولية…! واحتجاز ومصادرة حرية عدد من المغردين، واغتيال حق التعبير بحجة القوانين السارية لا يصح أن تدري بها تلك المؤسسات الدولية، مهما كانت تلك القوانين شديدة التغول وتنتهك الشرائع الدولية، وما استقرت عليه المبادئ العامة لحقوق الإنسان.
في النهاية، لا يريد بارونات المجلس من البشر، أياً كانت مواقعهم، غير أن يخرسوا وأن تصير السلطة، وهم (البارونات، اتباعها الدائرون بفلكها)  الخصم والحكم… "فيك الخصام وأنت الخصم والحكم…" بلسان المتنبي. أكثر من ذلك، لم يكتف نواب الحرس الملكي بفرض سياسة التخريس على الأمة، وإنما أخذوا يمدون "ملكيتهم" أكثر من الملك، فهم طالبوا بتشديد العقوبة على جرائم الرأي كالمساس بالذات الأميرية مثلاً، مع اعتقادي بأن أحداً من أسرة الحكم لم يطلب منهم مثل هذه المزايدة الفجة، وتقدموا باقتراحات قوانين تزيد مدة الحبس الاحترازي في مرحلة التحريات، ويطالب بارونات المجلس أيضاً بزيادة العقوبة على التظاهرات والتجمعات، ولو كانت سلمية، طالما لم تحصل على بركة السلطة… والخير قادم بالطريق في مجلس ملوك أكثر من الملك… ليس لي أن أقول لهؤلاء التحف النيابية غير عبارة "… على شينها قواية عينها".

حسن العيسى

وحش فرانكشتين يعود من جديد

لماذا قفزت على الساحة الخليجية فجأة مؤامرة لقلب أنظمة الحكم لدول الخليج يدبرها الإخوان؟ في دولة الإمارات تم القبض على خلية من الإخوان اتهم أفرادها بالتآمر ضد الدولة، وفي الكويت هناك اتهامات عن خلايا أو (خلية) إخوانية تمول رفاقها في دول الخليج…!
مصادر إخوانية ذكرت في خبر لجريدة المصري اليوم "أن دولة الكويت حالياً دخلت مع الإمارات والأردن… (وأن هذه الدول) تسعى إلى هدم التنظيم العالمي للإخوان…" أياً كانت صحة تلك الاتهامات لتنظيم الجماعة والاتهامات المقابلة من الجماعة لدول الخليج والأردن، يظل السؤال السابق قائماً عن المناسبة الزمانية لإعلان الحرب ضد تنظيم الإخوان…! فالمعروف أن دول الخليج ظلت عقوداً ممتدة ومنذ بداية محاصرة تنظيم الإخوان في مصر عبدالناصر في منتصف الخمسينيات هي المراعي الخضراء و"بندروسا" تنظيم الإخوان، فالأبواب شرعت على مصاريعها للإخوان المضطهدين من النظام "الثوري" الناصري، وفي الثمانينيات أضحت أموال "البترو-دولار" الخليجية أكياس التغذية الطبية للمجاهدين الأفغان، وطبعاً كان التنظيم الإخواني في أول قائمة من تصدوا للخطر الشيوعي السوفياتي الكافر وقبره في الدولة الأفغانية، وكان المجاهد الإخواني عبدالله عزام الأب الروحي لأسامة بن لادن، الذي "تطرف" في حربه ضد الكفار السوفيات بعد انسحاب الأخيرين، ليعلن تنظيم القاعدة (وحش فرانكشتين الخليجي- الأميركي) الجهاد ضد الكافر الأميركي وحلفائه من دول الخليج…
ذلك تاريخ معروف وليس به جديد، لكن الجديد اليوم هو مناسبة محاصرة الإخوان في دول الخليج! فالإخوان وصلوا إلى كراسي الحكم في تونس أولاً، ثم في مصر، أكبر دولة عربية ومركز ثقل العالم العربي، اعتلى الإخوان الحكم هناك بانتخابات حرة نزيهة، ولم يأتوا للحكم على ظهر دبابة، كما جرت العادة التاريخية في الدول الثورية العربية الآفلة، لكن ماذا عن بقية الأنظمة العربية المتكلسة؟! في سورية يبدو أن الإخوان ستكون لهم اليد العليا في ما لو سقط النظام السوري، وبقيت سورية موحدة غير مقسمة طائفياً (سنة – علويون) وعرقياً (عرب – أكراد). وعدا سورية، هناك "خشية" مبررة أو غير مبررة عند بقية دول النظام العربي بأن الإخوان هم المرشحون القادمون للحكم، فدولنا ليس بها التراث والثقافة الليبراليان كما هو الحال في أوروبا الشرقية بعد سقوط الأنظمة الشيوعية، والطبقة الوسطى فيها مهمشة وملحقة بالجهاز العام للدولة، على ذلك يبقى الإخوان بما لهم من خبرات تنظيمية وتاريخ عريض يمتد في عمق الوجدان العربي هم المهيؤون ليحلوا مكان الأنظمة العربية… فإذا لم يتحقق هذا فالخيار الآخر هو تصدر السلفيات الجهادية الساحة، عندها ستبدأ عملية خلق لـ"وحش فراكشتين" مرة أخرى من أنظمة الحكم العربية، ومن الأفضل أن يوضع قناع تنظيم الإخوان على وجه هذا الوحش، وأن تتم مطاردته من الأنظمة ذاتها التي خلقته بداية، وتحت مبرر وذريعة محاصرة الإرهاب الإخواني ستتم محاصرة الشعوب وأحلامها بالحرية.

حسن العيسى

قوانين جائرة

حين شرع الزعيم ماو في الصين بالقفزة الكبرى عام ٥٨ حتى تنهض صناعياً مات أكثر من عشرين مليون صيني من جراء المجاعات، وأخذت عائلات في القرى تأكل جيف أبنائها أو تتبادل أجساد الأطفال الموتى مع عائلات أخرى. كانت القيادة الصينية تستند إلى قانون.
وحين استهل ستالين عهده المرعب في الاتحاد السوفياتي ونقل الملايين من مناطق سكنهم وألقى بهم في سيبيريا، ثم فتح أبواب "الكولاج" (معسكرات وسجون العمل الجماعي) وشرد وقتل الملايين من الشعب الروسي، ومن البولنديين في نهاية الحرب العالمية الثانية، بشكل يفوق ما صنع النازيون مع بولندا كان ستالين يستند في كل ما فعل إلى قانون.
وحين ابتدأ السيناتور مكارثي في الخمسينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة حملة ملاحقة أهل الفن والأدب بتهم الانتماء إلى التنظيمات الشيوعية كان القانون أو الغلو في تفسيره يقف خلف ذلك السيناتور.
ماذا عن بلاد العرب؟! عدّوا من غير حساب؛ من قانون الطوارئ في مصر الذي استمر ما يقارب الثلاثين عاماً، إلى أن أسقطته ثورة يناير، إلى قوانين ليس لها أول ولا آخر في دولنا القمعية دون استثناء، والتي تذوب فيها الدولة بشخص الحاكم، كانت الأنظمة تتوكأ دائماً على نص القانون!
لا يهم التفكير حول ما إذا كانت تلك القوانين دستورية أم غير دستورية في بلاد ليس لها تراث في الحكم الدستوي، ولا يهم إن كانت تلك القوانين لم تصدر عن الإرادة الشعبية إنما تم تفصيلها من ترزية النظام الحاكم. يكفي أنها "قوانين" وتعبر عن إرادة "صاحب السيادة"… وليس بالضرورة أن تبصم السلطة التشريعية عليها إن كانت تلك السلطة ملحقة تابعة لرب العمل الحاكم، أو تهمل تلك السلطة مراجعة تلك القوانين حين يغيب البعد الثقافي التشريعي عند نوابها، مثلما حدث في الكويت حين بقيت قوانين سيئة تخالف أبسط مبادئ العدالة سارية عقوداً من دون أن يقربها أحد من النواب.
لن أكرر أمثلة على تلك القوانين، لكن القانون الذي يحظر التجمعات والمظاهرات السلمية مازال قائماً، ويؤسس شرعية جوفاء للداخلية لقمع المظاهرات بحجة عدم الحصول على ترخيص منها وهي صاحبة الأمر والنهي. والترخيص هنا يعد ضرباً من الخيال، وعليه فهناك دائماً المبرر القانوني للسلطة وأتباعها لقمع التجمعات ومصادرة حريات الشباب، وتجد أحزاب "التبع" تبريرها اللازم بعبارة "ليس للمتظاهرين" ترخيص! وهناك قانون الجنسية الذي يطلق يد السلطة دون قيد في منح الجنسية أو سحبها أو إسقاطها دون معقب من القضاء. فوض السيد صالح الفضالة كي يصرح أن مجرد وجود اسم طالب الجنسية في إحصاء ٦٥ لا يعني بالضرورة أنه يستحقها، متى يستحقها إذاً في غير حالات المزاج الشخصي لصاحب الأمر والسلطان؟! لكم أن تفتحوا أضابير قوانين كثيرة سارية في دولة "يارب لا تغير علينا" تضرب بحقوق الإنسان وحريته عرض الحائط، وليس لأحد أن يعترض عليها، أقصى ما تتوقعه السلطة من المعترضين عليها أن يتهامسوا بها سراً فيما بينهم، أكثر من ذلك سيعني هراوات القوات الخاصة تهوي على أجساد الشباب منهم، وغازات تخنق أنفاسهم. ألا يكفي أن هذه السلطة بقوانينها وممارساتها تخنقنا منذ منتصف ستينيات القرن الماضي حتى اليوم؟!

حسن العيسى

اقتراح نواب «مصو»

تقدم ستة أعضاء في مجلس "مصو" البرلماني (اختصار مجلس الصوت الواحد) باقتراح بقانون لتعديل نص المادة ٢٥ من جرائم الدولة "الطعن في حقوق الأمير أو سلطته"، بزيادة العقوبة إلى ١٥ سنة كحد أقصى، ولا تقل عن خمس سنوات كحد أدنى، وأضافوا إلى نص المادة عبارات تكاد تشق صدور خلق الله وتحاسبهم على نواياهم، لتشمل جرائم النشر الإلكتروني كافة، رغم أن نص المادة ٢٥ يعاقب كل صور الجريمة بعبارة "أي وسيلة كانت". مثل ذلك الاقتراح المقدم من نواب "مصو" يمكن عده صورة من الصور البشعة للتشريعات الدراكونية في دول الاستبداد، ودراكونية منسوبة إلى الفقيه والمشرع الروماني "دراكو" الذي جرم أبسط الجرائم بأشد العقوبات، ولم يبق غير أن يزايد بقية زملاء مجلس التابعين ليوم الدين للمطالبة بعقوبة الإعدام بالحرق للمتهم بمثل تلك الجرائم، على نحو ما فعلت بعض دول أوروبا في عصور الظلام للمتهمات بالسحر.
برافو لنواب "الليبرل" الدائرين في فلك السلطة على اقتراحهم الرهيب بتشديد العقوبات على جرائم الرأي، والضمير! اقتراح مخجل لا يهدف لغير تكميم الرأي المعارض للسلطة، وليس هناك أي غرض لنواب "مصو" الستة الذين قدموا الاقتراح غير البطش بالشباب المعارضين، وصلب النائب مسلم البراك الذي أقلق وجودهم وشرعيتهم في مجلس التبع. ماذا يهدف هؤلاء النواب من اقتراحهم غير إظهار أنفسهم على أنهم ملوك أكثر من الملك، حين ضربوا لنا أسوأ مثال في ممارسة التزلف للسلطة، ومثل اقتراحهم يسيء للدولة بالخارج بأكثر مما يسيء لهم، فالعقوبة المنصوص عليها في أصل المادة ٢٥ أكثر من كافية، وتعطي الخيار للقاضي للنزول بالعقاب للحد الأدنى متى رأى ذلك مناسباً لظروف التهمة، ولا أعرف اليوم أن هناك من قصد عامداً الإساءة لحضرة صاحب السمو أو الانتقاص من سلطته، وإذا تحدث بعض الشباب المعارضين بنبرة صوت عالية في تجمعاتهم أو عبر وسائل الاتصال الإلكتروني فلم يكونوا غير حسني النية في رفضهم لمرسوم الصوت الواحد، ولم يدر بخلد أي منهم المساس بسمو أمير البلاد، فماذا يبتغي نواب "مصو" الستة بعد كل ذلك؟! هل بلغت التشريعات الكويتية الكمال؟ هل انتهينا من عيوب لا أول ولا آخر لها في التشريعات الكويتية مثل حظر القضاء من النظر في مسائل الجنسية وقانون المحكمة الدستورية وغيرهما حتى يعرض نواب مصو سواد الوجه في اقتراحهم السابق؟ وهل أضحت التشريعات أداة انتقام وبطش لأصحاب الرأي الآخر؟ وهل من الحصافة التشريعية فرض سوء الطوية للمتهمين حين دس مقدمو الاقتراح كلمتي "الهمز أو اللمز" في اقتراحهم؟ أمن أجل ذلك انتخبوكم، وكأن البلد قد أفلس من دعاة الحق؟… يا خسارة الوطن بهذا المجلس البائس!

حسن العيسى

رسالة الشباب كما أفهمها

الرسالة القوية التي أفهمها من رفض الشباب خالد وراشد الفضالة وعبدالله الرسام وفهد القبندي، أنهم لا يتحدون قرار النيابة فقط بالإفراج عنهم بكفالة مالية قدرها ألف دينار لكل منهم، والتي يرون أنها عقوبة من غير حكم نهائي، وليست إجراء احترازياً كما يفترض أن تكون، بل يتحدون أيضاً التشريعات الجزائية التي يتهمون بخرقها، كالإساءة للذات الأميرية والعيب في صلاحيات الأمير والاشتراك في مظاهرة غير مرخصة.
طبيعي أن تلك التشريعات قد صيغت بشكل نصوص عامة غير محددة، والنصوص، هي كلمات واسعة وفضفاضة، ويمكن أن يختلف على فهمها الناس حسب ثقافتهم وميولهم السياسية وتبعيتهم لممارسات السلطة أو رفضهم لتلك الممارسات، فتلك النصوص يمكن أن تصبح سيفاً مصلتاً على رؤوس الأفراد تحركها وتهزها سلطة الحكم كيفما تشاء لترويع "كل من تسول له نفسه"، (وتلك عبارة ملهمة في خطاب السلطة عادة) أن يشق عصا الطاعة، أو يمكن أن نعقِّل من فهم تلك النصوص، حين يكون صدر السلطة متسامحاً رحباً يثق بنفسه وبمصيره المرتبط بقناعة الناس وقبولهم به.
المجاميع الشبابية التي تساق كل يوم وآخر إلى النيابة والمحاكمات، لا يتصور أنها تقصد خرق تلك التشريعات لأي سبب، وبالتأكيد لا يقصد أي من هؤلاء الشباب المساس بسمو الأمير أو سلطاته، ولا يهدفون بأي حال إلى هز نظام الحكم، فهم لا يريدون غير أن يتنفسوا بحرية. أرادوا أن يقولوا رأيهم بصوت عالٍ (ربما) ضد مرسوم الصوت الواحد أو (ربما) بكلمات أدق ضد استفراد السلطة بالحكم وعزلها تماماً للصوت المعارض.
أعتقد أن الشباب يعون أننا في بلد غير ديمقراطي، ولم تكن لدينا يوماً ديمقراطية حقيقية يتنطع بها الحزب الحاكم ومريدوه، وأننا كنا، ومازلنا، نحيا بوهم كبير اسمه الديمقراطية والدستور، ويعي هؤلاء الشباب أن الفسحة الضيقة واسمها "حرية التعبير النسبية" التي تنفس منها الناس في لحظات عابرة؛ يوم ولادة الدستور عام ٦٢ وخنق بعدها بسنوات قليلة، وبعد وفاة عبدالله السالم قد قلصت إلى حد كبير، وأن السلطة "وهي الأسرة الحاكمة" بممارساتها المستمرة لقمع أي محاولات جدية للإصلاح لا تقبل الرأى الآخر، ولا تريد أن تضع حداً للنهب المبرمج لمقدرات الدولة من بعض أفراد الأسرة أنفسهم، أو من الجماعات المتحلقة حولها، وفي الوقت ذاته، ليس لهذه السلطة أي مشروع تنموي ورؤية لمستقبل البلد كخيار ثانٍ يعوض قليلاً عن الغياب الديمقراطي.
فالدولة هنا أفلست من الاثنين، فهي لا تملك الديمقراطية بالأساس، ولا تحوز مشروعاً مستقبلياً يؤمن الغد المجهول، فأضحى الشباب الواعون رهينة القلق من القادم، وهم في الحاضر محرومون من حق التعبير عن هذا القلق المشروع، فمتى تتخلى السلطة عن دور الأخ الأكبر والوالد المسيطر، وتعلم أن التاريخ يسير دائماً إلى الأمام، ولا يقف عند تخومها كما تتوهم…

حسن العيسى

مسخرة مؤلمة

عيب كبير و"بجاحة" وتسلط واستبداد وقلة حياء، أقولها لوزارة الداخلية الساهرة على ركل المواطنين وقهر البشر! هذا كلام قليل يقال بحق هذه الوزارة التعيسة، بعد أن ضربت عرض الحائط بحريات البشر وأبسط حقوق الإنسان، فما معنى تعذيب الزميل أحمد الديين ولي يده، حين يمنع من زيارة ابنه خالد المحتجز لدى المباحث الجنائية أو السياسية؟! (لا فرق كله صابون عندي)! هل هذه عقوبة لأحمد وتأديب له على مواقفه السياسية المناهضة للاستبداد، أم أن هذا قانون "قراقوشي" من إبداعات سلطتكم "الديمقراطية"؟! ماذا تقولون يا أمراء القهر عما يحدث لخالد الديين وحمد الدرباس وأنور الفكر وغيرهم من المنسيين القابعين في سجونكم المظلمة؟ بأي شرع وبأي سبب يحتجز هؤلاء الأحرار، ثم تتم معاقبة أهاليهم بحرمانهم من الاطمئنان على أبنائهم؟!
ما هي جرائم أمن الدولة الخطيرة التي ارتكبها المساجين المنكوبون إزاء ممارساتكم  العنيفة حتى تتم معاملتهم بتلك الصورة الشائنة؟ ماذا فجروا، ماذا دمروا، ماذا خربوا، ماذا فعلوا… غير أنهم عبروا سلمياً عن مسلماتهم وفكرهم؟ فكان نصيبهم رميهم بسجون الرعب ومخافر الشرطة وحرمان أهاليهم ومحاميهم من لقائهم. أبسط مبادئ حقوق الإنسان وقانون الإجراءات (على علاته) تمكين المتهم من لقاء محاميه، وأبسط قواعد قوانين الجزاء البشرية ألا تمتد العقوبة إلى غير مرتكب الفعل، ويفترض أننا الآن أمام واقعة حبس احتياطي لمتهمين لم تتم إدانتهم بحكم نهائي! فلماذا هذه السادية في معاقبة أهالي المتهمين؟ ولماذا هذا الإمعان في تعذيب خلق الله وتناسي حكم القانون والعدل؟!
"وينا في"، أين نحن؟! في دولة حكم القانون أم في دولة حكم المخابرات والمباحث؟ قبل يومين، "ارتزوا" نوابكم بقاعة عبدالله السالم، أقصد نوابكم أنتم يا شيوخ الديرة، ومعهم وزراؤكم وأخذوا يتكلمون بنشوة المنتصرين عن الآمال الكبيرة والأيام الجميلة المقبلة بمجلس التابعين لكم، والآن يطالبون بمنظمة أو لجنة حقوق الإنسان،،،! "هيهي… أنتو وين وحقوق الإنسان وين؟"، شباب تم رميهم بالسجون والمخافر لأنهم عبروا عن وجودهم، بينما أنتم تلعبون أدوار تلك المسرحية الخاوية من الديمقراطية وحكم القانون… ابحثوا لكم عن مكان آخر لعروضكم السيئة، اختاروا أي مكان آخر في مؤسسات الدولة لعروضكم واستعراضاتكم، لكن رجاء ابتعدوا عن قاعة عبدالله السالم، فاسم هذا الرجل وتاريخه لا يستحقان تلك الإساءات… هل لي أن أقترح أي مسرح تابع لوزارة الداخلية يمكنكم فيه لعب الدور المطلوب وتبادل الأدوار من نواب إلى وزراء وبالعكس… ما رأيكم بمبنى المباحث أو السجن المركزي؟.. سيشاهد عرضكم جمهور من الشباب المتهمين والمدانين مسبقاً… لن يضحكوا على مسرحيتكم الهزيلة، لن ينتقدوها بغير عبارة: لا حول ولا قوة إلا بالله… مسخرة مؤلمة.

حسن العيسى

«الله يشافيها»!

شرعت السلطة بإعلان الأحكام العرفية (الطوارئ) من غير إعلان رسمي، فالاعتقالات اليومية لمغردين ومتظاهرين ومتجمعين وبدون (الأخيرون هم الوجبة المفضلة للأمن الساهر على القهر) أضحت عادة مزمنة لهذه السلطة التي تخشى الرأي المختلف معها، السلطة التي تريد أن تخلق شعباً من "البصامين" المداحين والمطبلين لأولياء النعم، السلطة التي تريد الناس أن يصيروا قطيعاً من الرعاع يسير خلف الرعاة الأسياد! يوماً بعد آخر، أقرأ في إعلام شبكات التواصل عن وجبة جديدة لمعتقلين، ووجبة ثانية وثالثة تقدم للنيابة العامة، بعد بيات ليلة وليال في "فنادق" الأمن الساهر على راحة النظام، النيابة العامة أضحى عملها مثل المخافر والمستشفيات تعمل على مدار الساعة وقرارات تنتهي إما… بالحبس الاحتياطي… أو إفراج بكفالة مالية عالية.
ماذا يحدث في هذه الدولة، وبماذا سيثرثر علينا كتاب الموالاة الذين هللوا وانتشوا بتفرد السلطة في تشكيل المجلس وبعرسه الكاثوليكي مع السلطة، متوهمين أنه بداية الطريق لعالم الحريات ولدنيا "الليبراليات" القادمة بالمشمش!
سترد الجماعات المهتدية بنور السلطة بأن وزارة القمع تقوم بواجبها في تنفيذ حكم القانون، وأن وزارة "اخرس، كلبج، اضرب" هي عبد مأمور… خوش حجي! قضيتان يجب ألا ننساهما أبداً، أولاهما أن القوانين التي تتذرع السلطة بها مثل حظر التظاهرات والتجمعات وغل يد القضاء من النظر في مسائل الجنسية وغيرها متمثلة في قوانين أمن الدولة والمطبوعات، كلها قوانين لا دستورية لو قرأنا الدستور بعقول منفتحة وبروح تقدم مفاهيم حقوق الإنسان، والطعن بتلك الشاكلة من القوانين السيئة أمام المحكمة الدستورية يعد ضرباً من الخيال. فالوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى المحكمة الدستورية بسبب قانون إنشائها، والقضية الأخرى في دولة "كلوا وناموا" هي التعسف في تطبيق القانون، فتجمع عشرة أو عشرين فرداً يعد تظاهرة أو اجتماعاً محظوراً يهز أمن الدولة، وست كلمات في "تويتر" تقرع أجراس الخطر لأسس النظام. ما هذا… كلمات أم متفجرات؟! ومن يقرر في النهاية نوايا ومقاصد المغردين، ما دامت السلطة افترضت مسبقاً سوء النية لديهم، وانفردت بمحاسبة النوايا وإصدار الأحكام عليهم دون معقب.
السلطة اليوم، تعاني مرض الوسواس القهري، هي "بارنويد"؛ أي مضيعة البوصلة، فكيف في مثل تلك الحالة المرضية يصح لنا أن نحلم بغد أفضل، "يارب تشافيها"!