محمد الوشيحي

الزعل… مرجلة

كانت البداية عندما تلقيت اتصالا من فرنسا يخبرني فيه المتحدث بأنه والد أحد الأطفال المبتعثين للعلاج في الخارج. رجاني المتصل أن أثني في مقالي على الدكتور فيصل السعيدي الذي يتصل من الكويت عليه وعلى غيره من أهل المرضى للاطمئنان على صحة أطفالهم، ويتابع أحوالهم من هاتفه النقال وعلى حسابه الشخصي… أعجبني الموضوع، لكن الذي لفت انتباهي أكثر هو اسم الدكتور… ترى، هل فيصل السعيدي هو ذاته الطالب الذي زاملته في دراسة الطب في أوكرانيا، ذلك الطالب النابغة؟… نعم، إنه هو بالفعل.
التقينا أنا و«الزميل القديم»، وبعد الحديث عن ذكريات المرحلة تلك، طلبت منه السماح لي برؤية «وحدة جراحة قلوب الأطفال والعيوب الخلقية» لأنني سمعت عنها قصائد هجاء، فوافق وزرته مساء يوم عطلة، وأثار فضولي منظر «بطانية ومخدة» فوق خزانة الملفات، وعرفت بأنه يقيم في المستشفى أكثر من بيته، عملا بنصيحة أستاذه والأب الروحي لجراحة قلوب الأطفال في العالم الدكتور الفرنسي كلود بلانشيه الذي ذكر فيها بأن «على أطباء هذا التخصص متابعة حالات الأطفال لخمس وعشرين ساعة في الأربع والعشرين ساعة يوميا»، لأن «قلوب الأطفال غدارة»، وعلاجها كالتزحلق على الجليد، عندما تسير بكل سلاسة، وفجأة يبرز أمامك نتوء فتنقلب الأمور وترتفع رجلاك إلى الأعلى ويصطدم رأسك بالأرض! وبالمناسبة، قمنا ببث تصريح لبلانشيه في الحلقة ذاتها في برنامج «مانشيت» على «الراي» التي استضفنا فيها الدكتور فيصل السعيدي.
والسعيدي لمن لا يعرفه، هو من التقته محطة «سي أن أن» بعدما أجرى عملية نادرة هنا في الكويت، وكتبت تفاصيل العملية هذه في «التقرير الطبي الدولي»، وهو من قال عنه الدكتور الفرنسي آلان ساراف، كما شاهد الناس في الحلقة، بأنه بمستوى أطباء فرنسا وأميركا، بشرط أن تتوافر له الإمكانيات…
في مكتبه، قال السعيدي لي: «من المحزن أن أتحول من طبيب إلى مراسل يدور بين مكاتب المسؤولين ليستجديهم توفير أطقم تمريضية متخصصة، أو توفير مبنى متكامل، أو إنجاز معاملة فريق استشاري فرنسي، وغيرها من الأمور التي كان يجب ألا تشغلني عن متابعة عملياتي»، وكأنّ الأمر يخصني شخصيا ولا يخص أحدا غيري! ويضيف: «بح صوتي لكثرة مطالباتي بتوفير طبيبين على الأقل يساعداني، فأنا رب أسرة (مع الأسف)! ولأطفالي حق عليّ كما للأطفال الآخرين، ولولا أن زوجتي طبيبة هي الأخرى وتدرك طبيعة عملي لما احتملت غيابي الطويل عن المنزل»… قال السعيدي كلاما كثيرا بيني وبينه، رفض أن يقوله في حلقة «مانشيت» «كي يتبقى للناس أمل في حكومتهم».
أنا يا دكتور فيصل فاقد للأمل في هذه الحكومة، وفي هذا الشعب الذي لا يغضب. وكما قلت أنت في الحلقة: «الزعل مرجلة»، فأين الزعل؟ أو بالأحرى… «أين المرجلة»؟
بأمانة، بدأنا نتعلم الغضب، بعدما توالت اتصالات الأطباء علينا في التلفزيون، يعلنون من خلالها، تأييدهم للدكتور فيصل والسير على طريقه بالاستقالة، ما لم تتعدل أوضاع مستشفياتهم… جميل.
شكرا للسعيدي الذي فتح قلبه وتحدث بشفافية، قبل أن يفتح درج مكتبه ليخرج عروض المستشفيات الكبرى في الخارج ويدرسها، على أمل ألا ينسى وعده لي بإجراء مقارنة بين جدية مسؤولي تلك الدولة ومسؤولي حكومتنا «الرشيدة»، وإن كنا نعرف النتيجة مسبقا.
* * *
ضحكت كثيرا عندما علمت بأن معالي وزير الصحة، كما جاء في جريدة «الراي» أمس، كلّف وكيل الوزارة بالاجتماع بالدكتور السعيدي والوقوف على أسباب استقالته، فقام الوكيل بتكليف الوكيل المساعد بالاجتماع بالدكتور فيصل والوقوف على أسباب استقالته، هاهاها، فقام الوكيل المساعد بتكليف سكرتيرته بالاتصال بالسعيدي! والحمد لله أنها «تواضعت» ولم تكلف الفراش بالاتصال نيابة عنها… وهيك شعب بدّو هيك مسؤولين يلعبون في «حسبته» ويستهترون بـ«قلوب أطفاله».

 

محمد الوشيحي

«مانشيت»

هؤلاء أغضبتهم وأولئك أرضيتهم لعينيكِ، لا لعيني أحد سواكِ. انتقمت لكِ يا كويت عبر زاويتي هذه وبرنامجي الذي بثه تلفزيون الراي، أمة2008… القبلي الذي يمسح لحيته الطويلة المزيفة ويدعي حبكِ ثم ينظم الفرعية على حساب الوطن وهيبته، عرّيتُه. الشيعي المتطرف الذي ينظر بعينيه إلى خيراتك وقلبه معلق في إيران، تقوده العمائم من هناك كما يقود الراعي نعجته، كشفتُه. صبيان سراق المال، أغضبتُهم وأغضبتُ أسيادهم. وغيرهم وغيرهم… ومن الجهة الأخرى، البيضاء، أرضيت عشاقك ومحبيك فصفقوا كثيرا، وانهمرت دعوات الغداء والعشاء ممن لم أكن أعرفهم/أعرفهن.
من بين الدعوات التي لبّيتها، دعوة من إحدى الديوانيات في منطقة القرين، كان يدور بين روادها نقاش يومي حول البرنامج وحياديته والمذيع ومهنيته وما إلى ذلك. هي ديوانية تجمع القادح والمادح معا. أبرزهم كان القادح المتحمس ذاك الذي طلب مني عدم مقاطعته وراح يعدد هفواتي وغلطاتي وسقطاتي، كما سمّاها. ولما انتهى، قلت له أنت تطعن في حياديتي في وقت لم تلتزم فيه أنت بالحيادية. قال، كيف؟ قلت، لماذا لم تنتقد فلان صاحب البرنامج الذي يبث على القناة الأخرى؟ فأجاب بأنه لم يشاهده. قلت، وزميله فلان عندما فعل كذا وكذا لماذا لم تنتقده؟ قال، لم أشاهده أيضا. فقلت له: «أنت تتذكر تفاصيل عن برنامجي لا أتذكرها أنا. شكرا لك. أنت تمدحني دون أن تعرف، أو بالأحرى، دون أن ترغب». وبعد خروجي من الديوانية جاءني اتصال من أحد الجالسين فيها ليخبرني بأن ذلك القادح هو شقيق فلان (المسؤول السابق الذي سبق أن هاجمته).
مواقف كثيرة ستبقى في الذاكرة، آخرها عندما كنا نتعشى، الزميل سعود العصفور وأنا، في أحد المطاعم، فجاءنا شاب في الثلاثينات من عمره، ووقفت زوجته تنتظره على بعد أمتار، ليخبرني بأن والدته على الهاتف تريد محادثتي، فحدثتها وسمعت منها كلاما لا أريد مكافأة غيره. شكرا سيدتي… موقف آخر، هذه المرة من النائب الفاضل جمعان الحربش الذي اتصل بي وأبلغني بأنه كان في جولة انتخابية في ضاحية عبد الله السالم، وفي إحدى الديوانيات التقى صدفة الوزير السابق محمد السنعوسي وسمع منه الحضور ثناء عليّ، «ولهذا أعتقد بأنه يجب عليك يا أبا سلمان أن تتصل بالسنعوسي وتشكره على مديحه لك ودفاعه عنك ضد من هاجمك»، قال الحربش. وبالفعل اتصلت بأبي طارق وشكرته، فقال بطريقته المعهودة: لم أكن أجاملك، وإنما ذكرت الحقيقة كإعلامي له خبرة طويلة في البرامج. شكرا للكبيرين. (ذكرت هذا الموقف تحديدا لأنه جاء من شخصيتين لطالما هاجمتهما في مقالاتي).
على أن مربط الفرس الذي يجب التركيز عليه، هو أنه ليس أسهل من تجيير وسيلة الإعلام، برنامجا تلفزيونيا أو زاوية صحافية، لخدمة المصالح الشخصية. خصوصا وأن المغريات مثل الطوفان، لا يمكن مقاومته بسهولة. لكن الرجال أنواع ومستويات، والمتلقي يميّز… والنقطة الأهم، هي أن تلفزيون الراي لم يضع على مكتبي قائمة سوداء للضيوف وأخرى بيضاء، لأنه ببساطة ليست لديه مثل تلك القوائم. الأبواب كلها كانت مفتوحة أمامي. شكرا تلفزيون الراي. شكرا مدير عام التلفزيون الأستاذ يوسف الجلاهمة الذي قال: الملعب ملعبكما، أنت وسعود العصفور، لن نتدخل في أي جزئية، فقط لنتفق على أن البرنامج مخصص للانتخابات والسقف هو الدستور والقوانين… وكان ذلك. وكان أيضا النجاح الذي لم أكن أتوقعه بهذه الصورة. (كانت نسبة المشاهد الخليجي عالية جدا، كما أخبرني الزملاء في التلفزيون).
غدا بإذن الله، وفي الساعة التاسعة والنصف مساء بتوقيت الكويت، ستنطلق أولى حلقات البرنامج الأسبوعي الجديد «مانشيت» الذي سيسلط الضوء على أهم القضايا المحلية والخليجية والعربية. لن ينحصر في السياسة فحسب، بل سيتضمن قضايا اقتصادية واجتماعية ورياضية وأمنية وغيرها من قضايا الناس. وسنحاول من خلاله مواكبة الحدث والدخول خلف الخطوط الظاهرة لمعرفة الأمور بحقيقتها.

 

محمد الوشيحي

«يو بروبليم»

كنت متأرجحا ما بين السابعة عشرة من عمري والثامنة عشرة، عندما ابتعثتُ إلى الاتحاد السوفيتي، جمهورية أوكرانيا، لدراسة الطب (أوقفت دراستي هناك بعد أول كورس والتحقت بالجيش، أي أنني انتقلت من علاج الناس إلى قتلهم. تغيير تخصص ليس إلا)… هناك في الكلية، ولسوء الحظ، بلغني بأن إحدى المعلمات يهودية، فقامت قيامتي ولم تقعد، وقررت أن أدخلها الإسلام، بالتي واللتيا، أو بإحدى هاتين العقوبتين. لاوقت لدي للمزاح (وقتها، لو رأيت الحضر لدعوتهم إلى الإسلام فما بالك باليهود)… يهودية مرة واحدة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.
الأمر محسوم، هذه اليهودية يجب أن تدخل الإسلام، لكنني اصطدمت بحاجزين، الأول، هو ثقافتي الدينية التي لا تسعفني، فمطالعتي كانت محصورة في كتب عنترة والزير سالم، وكلاهما مات قبل الإسلام، ووقتي في السابق كان موزعا ما بين التعارك مع الطلبة والتدخين في الساحة الخلفية للبنك. أما الحاجز الثاني فهو أنه لم يمض على وجودي في الاتحاد السوفيتي سوى أسبوع واحد، وهناك لا يتحدثون الانكليزية. متابعة قراءة «يو بروبليم»

محمد الوشيحي

عالخصر التنورة

كتبت في مقالي السابق، أول من أمس، أن الكويتيين بريئون من تهمة الذكاء، فدارت محركات تكنولوجيا الاتصالات بأقصى سرعاتها؛ البريد الالكتروني لم يهدأ، رسائل الهاتف النقال تزاحمت على باب «صندوق الوارد»، الاتصالات والتعليقات حاصرتني برا وبحرا وجوا… وكلها تدور حول نقطة واحدة: لماذا اتهمتنا «ظلما» بالغباء؟ وكأنني مواطن من السلفادور، الدائرة الرابعة.
في طريقي لتفسير جملتي تلك، سأقفز الحقيقة المعروفة بأن عدم الحصول على الشيء لا يعني التحول إلى نقيضه، أي أن الإنسان غير الثري ليس فقيرا بالضرورة، وغير الطويل ليس قصيرا بالضرورة، كذلك غير الذكي ليس غبيا بالضرورة، لكنه بالتأكيد ليس ذكيا… سأقفز هذا لأتمعن في وجه ذكاء الشعب الكويتي وأصف ملامح وسامته.
نحن شعب، لفرط ذكائه، لا يقرأ، ويبدو أن قدوتنا هو جورج بوش الابن (له قصص طريفة في عدم حبه للقراءة، منها أنه لم يقرأ تقارير وكالة الاستخبارات الأميركية المكدسة على مكتبه في شهر أغسطس عام 2001، أي قبل تفجير البرجين بنحو شهر، وكانت تقارير الاستخبارات تلك تطلعه على ورود معلومات مؤكدة عن عزم تنظيم القاعدة القيام بعمل إرهابي كبير في أميركا «قريبا»)… ثم اننا شعب، لحدة ذكائه، يختار الأصوليين من الطائفتين نوابا له ثم يحك رأسه بدهشة مستغربا خلافات النواب حول قضايا تاريخية على حساب نهضته. متابعة قراءة عالخصر التنورة

محمد الوشيحي

«اوتو بايلوت»

المشروع التجاري الأفضل في الكويت هذه الأيام هو مشروع «أجرة تحت الطلب»، والذي يسيطر على نشاطه بعض مسؤولي الداخلية الكرام كراميلا، بشرط ان يكون موقع المشروع بجانب قصر السيف (مقر الحكومة) لنقل الوزراء من وإلى القصر. ولو قدّر لي ان ألتقي الوزير السابق (للمرة المليون) عبد الله الطويل، الذي حطم الرقم القياسي من دون إصابات بشرية، لسألته سؤالا واحدا لا أكثر: كم صرفت على التاكسي؟ هذا الرجل، لمن لا يتحدث العربية، اختلف الرواة حول عدد مرات دخوله وخروجه من الحكومة… لياقته البدنية عالية كما يبدو.
اسم «عبد الله الطويل» ارتبط بلقب «السابق»، كما ارتبطت كلمتا «الحكومة» و«الرشيدة» برباط كاثوليكي، فنجد من يردد باستمرار: «نهنئ سمو الأمير والشعب الكويتي والحكومة الرشيدة بمناسبة العيد الوطني»، أو «نطالب الحكومة الرشيدة بعمل كذا وكذا»… وصف «الرشيدة» كان ينطبق على الحكومات القديمة، قبل ان ينقرض حرف الـ«لا» من مبنى قصر السيف، أما حكومتنا هذه فهي بريئة من هذه التهمة، تهمة الرشد، براءة الشعب الكويتي من الذكاء، ولم يسبق لها ان سمعت بالرشد أو التقته من قبل، ولو حتى من باب الصدفة الخلفي، فلا تظلموها وتحملوها وزر حكومات الستينات والسبعينات من القرن الماضي… ولا تزر وازرة وزر أخرى. متابعة قراءة «اوتو بايلوت»

محمد الوشيحي

خام ورخام

من مدينة عربية تعتبر الحجاب إشاعة، لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، أو على أحسن الأحوال هو كالغول والعنقاء والخل الوفي… ومن مقهى صغير على جبل يطل على البحر المتوسط، أمعنت النظر باتجاه الشرق، حيث الكويت، البلد الذي رفعته الديموقراطية على كتفيها عاليا، ثم وبحركة سريعة أزاحت كتفيها من تحت قدميه فوقع على الأرض مضرجا بالتناحر والتخلف، وأحدث سقوطه دويا وفجوة كبيرة في الأرض تساقط فيها المارة البسطاء ( لثراء اللغة العربية، استعضت بكلمة «البسطاء» بدلا من «الأغبياء». شكرا لغة الضاد، نردها لك في الأفراح).
هناك، في المقهى، نهضَت من كرسيّها وجاءتني مسرعة … وجهها رخامي حاد التقاطيع، يذكرك بالاتحاد السوفياتي، كل عضو فيه مستقل بذاته، أنفها، عيناها، فمها، خداها، ذقنها، كل عضو في وجهها يرفع علما مختلفا بألوانه عن غيره، يجمعها كلها ذلك الوجه الرخامي في اتحاد كونفيدرالي على وشك التفكك… لوهلة، خشيت أن تنطلق شرارة حرب حدودية في وجهها… بغنج قالت دون أن تحصل على تفويض من المرآة: «لم أشاهدك فى الكويت، فالتقيتك هنا، مصادفة سعيدة». فابتسمت لها وتمتمتُ بصمت: «السعادة ليست لكلينا بالتأكيد». ثم بدأت حديثها الطويل… عن برنامجي الذي قدمته على تلفزيون «الراي» تحدثت، عن نتائج الانتخابات تحدثت، عن كل ما له علاقة في السياسة الكويتية تحدثت، عن توجهها الليبرالي أيضا تحدثت وأسهبت، وكيف أن البلدان لا يمكن أن تنهض بغير الليبرالية… كانت تتحدث وكنت أسرح في خيالي: صوتها لله دره، يرش الملل النقي في أرجاء المكان، امرأة تقدم الملل «على أصوله»، بلا شوائب. يبدو أن ضميرها التجاري حي. هو الحي الوحيد فيها، على أي حال. البقية من الرخام. متابعة قراءة خام ورخام

محمد الوشيحي

الكوفة ليست في الشويخ

دماء القلم تعود للحركة بعد توقف كاد أن يصيبه بالشلل الكلوي، أسعد الله أوقاتكم…
في قراءة سريعة لنتائج انتخابات البرلمان الكويتي، أدركت بأن الكويت لن تفكر مطلقا في إقامة مهرجان سينمائي بحجم «مهرجان كان»، ولن تمتلئ فنادقها بكبار اقتصاديي العالم لطرح رؤاهم وأفكارهم الجديدة، ولن ترتفع الجسور المعلقة على شواطئها. كل هذا لن يحدث. وأظن أن سيدة الشرق أم كلثوم كانت تغني بلسان برلمان 2008 الكويتي عندما رددت: «أهو دا اللي مش ممكن أبدا ولا أفكر فيه، أبدا أبدا».
برلماننا الجديد أمامه مسؤوليات جسام بجسامته ووسامته، وعلى رأسها: من الذي قتل «حنيطلة بن منشاف ولا مندري» على مشارف الكوفة قبل ألف وأربع وثمانين سنة؟ فعلا، من الذي قتله يا أولاد اللذينا؟ اعترفوا. على أي حال ستحال القضية إلى اللجنة التشريعية في البرلمان، وسنعرف حينها هل شارك الأستاذ الفاضل «القعقاع بن قرنفل» في تلك المعركة، وهل تُقبل صلاة النائب صالح عاشور خلف النائب محمد هايف أم يجب تبديل الأماكن… كلها مشتاقة لك؟ متابعة قراءة الكوفة ليست في الشويخ

محمد الوشيحي

فديتها

أعشقها. أهيم في حزنها وضحكها. يسحرني غنجها. إذا تدللت دللتها، وإن سال دمعها ضممتها بين ذراعيّ واحتويتها… أعشقها بجنون. وتعشقني هي أيضا بجنون… لثلاث سنوات حافظتُ على حبها، في حضورها وغيابها. لم أخنها يوما. أبدا لم أخنها. وكيف أخونها وقد ذوّبني جمرها، وأطربني صهيلها. هي مهرتي وأنا فارسها. مهرتي «الأصيل» التي تمنعت مرارا فصرخت فيها بغضب: «اجهَنَبْ»، فأرخت جفنيها ووضعت خدها على صدري معلنة السمع والطاعة، بعدما أدركت أن لا مزاج لدي للمزاح. ومرارا أخرى كانت تأتيني لوحدها «تهذب» وتدور في اتجاهاتي الأربعة فـ«أزعفرها» بيدي وأطعمها… لثلاث سنوات سمان، بالتمام والسعادة والشقاء، حافظتُ على حبها وأخلصت. متابعة قراءة فديتها

محمد الوشيحي

«الدار تشره علينا»

بعدما أدخل البعض الكويت في «كرتون» ووضعها في غرفة المخزن، وانصرف إلى فئته وطائفته، لا أعتقد بأننا نحتاج إلى أغان وطنية كما نحتاجها اليوم، بشرط أن تكون الأغاني أغاني بالفعل. إذ إن بعض الأغاني الوطنية، التي نسمعها هذه الأيام، تسقط الجنين من بطن أمه لشدة سخافتها وسطحيتها، في حين يشعل بعضها الدماء في الرؤوس ويفجر براكين الحماسة في القلوب.
كثيرا ما بحثت، لكن من دون فائدة، عن أغنية «الدار تشره علينا»، التي صاغ كلماتها بحرفنة واقتدار الشاعر الكبير المرحوم مرشد البذالي، وتغنى بها الفنان سليمان الملا. هاكم بعض كلماتها: «حنا فدايا البلد، والدار تشره علينا، وقت اللوازم نبين/ الحين والاّ بعد، محْدن تهقوا وطنا، من ماضيات السنين/ كوبان يا من قعد، ما شفت فعل النشاما، لطامة العايلين/ لعيون ضافي الجعد، لا صوتنّ العذارى، بالصوت يا الطيبين»، (كلمة «كوبان» تقال للتوبيخ، و«ضافي الجعد» تعني طويلة الشعر) . والشاعر هنا يصور الحروب كما كانت تجري في السابق، عندما كانت كل عذراء جميلة ترمي بوشاحها لتكشف عن شعرها، وهو من كبائر الأمور حينذاك، ثم تقوم بنداء الفرسان بأسمائهم، متجاهلة الجبناء، فيتقدم الرجال إلى المعركة وهم سكارى… هذه القصيدة، على الرغم من بساطة مفرداتها إلا أن أنياب كلماتها بارزة بشراسة مرعبة، تفوح منها رائحة التحدي والفخر والاعتزاز والاعتداد… هذه هي الأغاني الوطنية، «والاّ اقعد عند أمك». متابعة قراءة «الدار تشره علينا»

محمد الوشيحي

بحسب الرقبة

ما الذي تحمله أدمغة البعض، عقول أم جلد مغشوش؟ أينما ذهبت يبادرني الناس بسؤالهم القديم الباهت: ما الفرق بين الانتخابات الفرعية للقبائل والانتخابات الفرعية للتكتلات والحركات السياسية؟ فأجيبهم: تماما كالفرق بين موانئ دبي العالمية وموانئ الكويت التي تحولت إلى جاخور، الخالق الناطق توأم.
الفروق كثيرة، وسأضرب لكم الأمثال على بطونها: في الحركات والتكتلات السياسية لك الحرية في التنقل فيما بينها متى ما أردت، أو على الأقل، لك الحق في الاستقالة من التكتل متى ما شئت، أما بالنسبة للقبائل فلا يمكن التنقل من واحدة إلى أخرى، ولا الاستقالة من القبيلة، حتى ولو استصدرت أمرا من هيئة الأمم المتحدة. بمعنى، أن القرار ليس قرارك، أنت وُلدت فوجدت نفسك أحد أبناء قبيلة ما. ثم إن أبناء القبيلة لا يجمعهم فكر واحد. ما يجمعهم فقط هو الدم. ولذلك نجد أكثر الحِكَم انتشارا في أوساط القبائل هي: «ما لك إلا خشمك لو هو عوج». أي أن هذا هو قدرك الذي لا مناص منه. قضي الأمر! في حين أن ما يجمع أعضاء الكتل والحركات السياسية هو الفكر في الغالب الأعم… أقول هذا الكلام وأنا أفخر بانتمائي لقبيلة عرف عنها «قتل الجبان من أبنائها»، قبل ظهور المحاكم الجنائية. متابعة قراءة بحسب الرقبة