محمد الوشيحي

في انتظار القطة

لشدة تسارع الأحداث السياسية هنا، تمنيت لو أنني أستطيع اعتراض طريقها بيديّ ورجليّ وجسمي كما يفعل حراس مرمى كرة اليد، كي أوقفها وأعلق عليها حدثا حدثا. وأخشى الآن أن أكتب عن شيء فتستجد بعد دقائق أحداث أهم وأخطر! والساعة في يدي الآن تشير إلى الرابعة والثلث عصرا، ولا أدري ما الذي سيحدث بعد قليل، هل ستعلن الحكومة الموافقة على صعود الرئيس، أم سيُحل المجلس، أم حامض حلو، أم شربت. كل الاحتمالات مفتوحة بما فيها خيار الشربت. والشربت يقود إلى التهلكة لكنه خيار مستبعد حتى هذه اللحظة… قلعته.

أسراب الشائعات تحلق فوق رؤوسنا وتتوالد وتحجب أشعة الشمس، والحكومة لم تسترد بعد لسانها من القطة الخبيثة، ولايزال البحث عن القطة مستمرا، والحديث يدور عن أن هناك حلا لمجلس الأمة يعقبه «مرسوم ضرورة» بتغيير الدوائر الانتخابية لتصبح عشرا بدلا من خمس! وتغيير الدوائر ضرورة في نظر الحكومة، بينما تطوير الصحة والتعليم والبنية التحتية وغيرها هو «كماليات». والوزراء الشعبيون حالهم من حالنا، على باب الله، ينتظرون تحت أشعة الشمس، و«لا حد عبّرني يا جميل»، والمصيبة بعدما تم تطنيشهم بهذه الصورة أن تأتيهم الأوامر فـ«يدنّقون» ويبصمون على تغيير الدوائر ويبيعون الشعب بالتنزيلات؟ ويا خبر اليوم بفلوس. لكن الذاكرة ستدون الأسماء والمواقف كما حدث في «دواوين الاثنين» التي نشرتها هذه الصحيفة على حلقات. وتقول لي قارئة وهي تضحك: «إذا أصابني الغرور فبسبب جريدتكم وحلقات دواوين الاثنين التي نشرتموها، فأنا ولا فخر ابنة أحد أبطال المناطق الخارجية في تلك الأيام»… افخري يا بنت.

وما يهم الآن هو مواقف النواب والتيارات السياسية، فإذا قبلوا وخاضوا الانتخابات على قانون الدوائر العشر فنحن بصراحة نستحق ما تفعله الحكومة بنا. والنائب الكبير أحمد السعدون يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، بقدر مكانته في أعين الناس، وعليه أن يقود جبهة الرفض، فقانون كهذا يجب أن يسن في البرلمان لا في أي مكان آخر، وقوانيننا ليست قطعة خام ياباني يفصلها لنا كل رئيس حكومة على ذوقه هو من دون أن يقيس أجسامنا، لنكتشف بعد ذلك أن الدشداشة ضيقة تظهر كروشنا المترهلة، أو قصيرة تظهر سيقاننا وكأننا دراويش مولد السيدة نفيسة.

* * *

انهمرت الرسائل التلفونية والاتصالات عليّ بعد إعلان نتيجة المزاد على الرقم المجنون (55555555) والذي اشتراه سعودي بـ(360) ألف دينار و900 فلس، بعد تحدّ شرس مع مشترٍ قطري. ولم أفهم حكاية التسعمئة فلس هذه.

وكنت قد كتبت مقالة خمّنت فيها أن الرقم هذا سيباع بـ(180) ألف دينار فقط، وجاءني اتصال بعد المزاد مباشرة من السيد مشعل فهد الغانم عضو مجلس إدارة الشركة الكويتية للمزادات العلنية ليقول لي: «معلش يا بو سلمان، الرقم بعناه بضعف توقعك»، وبعده جاءني اتصال من رئيس مجلس إدارة شركة «فيفا» ضاحكا وفي صوته نبرة الفائز عندما يتحدث مع خصمه المهزوم، وقال إنه فكر بالرد على مقالتي السابقة في وقتها لكنه تراجع في انتظار نتيجة المزاد، وشدد على أن المبلغ المتحصل عليه من مجموع المزاد تجاوز الـ(644 ألف دينار) وسيتم التبرع بها كلها لبعض الجهات، مثل جمعية المكفوفين وبيت عبدالله والبيئة وغيرها.

مبروك لشركتي «فيفا» والشركة الكويتية للمزادات العلنية وللزميل المبدع بركات الوقيان، ويحق لكم الشماتة فيني، لكنني على الأقل أهون من صاحبيّ اللذين توقع أحدهما أن يباع بعشرين ألف دينار، في حين توقع الثاني بيعه بخمسين ألف دينار على أقصى تقدير. وجيه فقر… لكن اللافت هو توقع أحد المعلقين على المقالة هنا في «الجريدة» تحت اسم (neo) والذي كتب: «ليس أقل من (250) ألف دينار وسيفوز به خليجي والأغلب من قطر»! يااااه… جنب الخشبة يا لعّيب.

محمد الوشيحي

الشعبي والخرافي والعوضي

لاءات تكتل العمل الشعبي الأربع، كل واحدة منها تقول «الزين عندي»: لا لسرية استجواب رئيس الحكومة، ولا لتأجيله أكثر من المدة المنصوص عليها دستوريا، ولا لتحويله إلى المحكمة الدستورية، ولا لتحويله إلى اللجنة التشريعية. كل «لا» تستحق وحدها تعظيم سلام، كل «لا» أجمل وجهاً من أختها، وأمشق قواماً، وأزكى عطراً. وطبعاً الحكومة تعلم بأن «الشعبي» عندما ردد لاءاته الأربع لم يكن يغني وراء فيروز «ع اللالا ولالا ولالا ليه الزعل يا خالة»، بل كان يقول الـ«لا» ويعنيها، واحد زائد واحد يساوي اثنين، نقطة على السطر.

«الشعبي» أعلن لاءاته الأربع وحسم أموره بسرعة كما حسمها من قبل في موضوع المليفي، وبالتأكيد ستسري هذه اللاءات الأربع على استجواب «حدس» الذي قُدِّم أمس… إذاً هو مبدأ لا يتغير بتغير أسماء مقدمي الاستجوابات. وها هو ضمير الشعبي الآن يجلس في بلكونته المطلة على البحر مرتديا «شورت» أزرق وفانيلة «باسكيت» ويرتشف قهوة تركية سكر زيادة و«يقزقز لب»، ومن بلكونته يتفرج على بعض الضمائر التي تداري وجوهها خجلاً أثناء مرورها من هناك! لكن السؤال الأهم: أين بقية النواب الذين لم يصرحوا لا بخير ولا بشرّ؟ أين النائب محمد الصقر وجماعة «إلا الدستور»؟ أين النائب عدنان عبدالصمد وجماعته؟ أين القانوني المتمرس عبدالله الرومي؟ وأين وأين وأين؟ شفيكم صكتم بكتم؟ ماذا تنتظرون بعدما تم تقديم الاستجواب؟

على أي حال، سمو الرئيس يدير الدولة تحت أشعة الشمس لا في السراديب المظلمة الرطبة، ولم يستخدم المال العام لشراء الطبول والطبالين، لذلك سيصعد المنصة، بكل تأكيد، للرد على تساؤلات النائب المسلم، وقد لا يطلب المهلة الدستورية، وأظنه يتمنى لو استطاع «تقديم ساعاتنا اليدوية» ليعجّل بكشف الحقائق. هذا هو المنطق، لأنك عندما تتهم شخصاً بارتكاب خطأ ما فسيسعى هو بأقصى سرعة إلى الرد على اتهاماتك له، والرئيس لن يفوّت فرصة التوضيح والرد. والأمر الغريب أن يتهمك أحد ثم تأتيك الفرصة للرد فترفض، لأن الرفض حينئذٍ يعني… شسمه.

حتماً وقطعاً وجزماً سيقف الرئيس بشموخ نابليون وبثقة أوباما ليتحدث بالتفاصيل عن مصروفات ديوانه، وسيرفض سرية الاستجواب كي يعرف الناس كلهم أين ذهبت ملايين الدنانير، وليتأكدوا أن يد رئيس حكومتهم ناصعة البياض، وسيرفض أيضا تأجيل الاستجواب بالإبر المخدرة أو الاختباء خلف جدران الدستورية والتشريعية.

ويا دولة رئيس مجلس الأمة، جاسم محمد الخرافي، أتمنى عليك ألاّ تنضم إلى «اللجنة الإعلامية» لرئيس الحكومة التي تضم دميثير والراشد والدويلة وغيرهم. أنت أكبر، بصفتك وشخصك، من هذه اللجنة، بل إن منصبك أكبر من منصب رئيس الحكومة نفسه، وليتك تفسح المجال لرئيس الحكومة ليدافع عن نفسه، خصوصا أنك أظهرته – من دون قصد – وكأن الشبهات تدور حول مصروفات ديوانه ويجب تهريبه تحت جنح الظلام، وهو ليس كذلك، خصوصا أنه مَن طلب تكليف ديوان المحاسبة بالتدقيق على المصروفات، وهو أيضا من طلب إحالة التقرير إلى النيابة.

دولة الرئيس، الاستجوابات حق من حقوق الشعب الذي انتخبك، وأنت أول من يجب عليه صيانتها لا خرقها لتتسرب إليها المياه فنموت غرقا. وأعرف حسن نيتك وخوفك على الديمقراطية، وقد تناقشت معك كثيرا حول ذلك، لكن هذا كله لا يبرر ما تقوم به أنت الآن، وإذا كانت الحكومة ترى عدم دستورية الاستجواب فلتعلن هي ذلك، لا أنت.

* * *

رئيس اللجنة المالية النائب عبدالواحد العوضي يستحق التحية لاعتذاره عن «البرشامة» التي كتبها للحكومة. ليته استقال من اللجنة المالية وأعلن عدم ترشيح نفسه لها مرة أخرى، وليبحث عن لجان أخرى يؤدي فيها دوره. أما وأنه اكتفى بعدم حضور بعض الجلسات فليعذرنا لأن «العقوبة كانت أقل كثيراً من الجريمة».

محمد الوشيحي

عشرة الشهر

إذا اشترينا للسلحفاة «سيكل» تنجز به مشوارها فلن تصل قبل موعدها، أبدا. هي هكذا بطيئة لأنها سلحفاة أباً عن جد. وإنْ رششنا على الحكومة مياه المحيطات فلن تستيقظ من غفوتها لأنها ميتة إكلينيكياً وتتنفس بالأجهزة، ولولا النفط والفوائض المالية التي تغطي خيبتها لقرأنا نعيها في الصحف وذكرنا محاسنها بقلوب مؤمنة بقضاء الله.

وأقسم بالله إن حكومتنا في غيبوبة، ولم أضحك في حياتي كما ضحكت عليها في جلسة استجواب الشيخ أحمد العبدالله عندما كان وزيرا للصحة (هو الآن وزير للنفط، لأننا لم نعد نحتاج إلى النفط)، وكانت الحكومة – قبل الاستجواب – قد اتفقت مع «حدس» أن يتم الاكتفاء بالاستجواب من دون طرح ثقة، يعني قولوا يا حدس كلمتين ثلاث ثم نتفق على تشكيل لجنة تحقيق وتفضلوا على العشاء. فما الذي حدث بعد ذلك ليتسابق النواب على التوقيع على طرح الثقة بالوزير؟ شوف:

أثناء رد الوزير على محاور الاستجواب، نهض الدكتور وليد الطبطبائي (أحد النواب الثلاثة المستجوبين) وذهب إلى مقاعد الجمهور حيث النائب السابق الدكتور فهد الخنة، ودار بينهما حديث سريع قام على اثره فهد الخنة وعلى وجهه جدية مَن سيتخذ قرارا صعبا، وراح وجاء، وبدأت التحركات السريعة يا صاحبي، وما هي إلا ربع ساعة حتى اكتمل العدد المطلوب للتوقيع على طلب طرح الثقة بالوزير، مع ملاحظة مهمة وهي أن أيا من النواب الحدسيين لم يكن من ضمن الموقعين! وهنا بلغ الخبر الدكتور بــــدر الناشــــــي (أمين عام «حــــــــــدس») فانتفـــــض وفــــــز بسرعــــــة في اتجاه الخنـــــــة، وشاهدنـــــاهمــــا – نحن الحضور- يتحاوران، ثم شاهدنا الناشي وهو ينادي نواب «حدس» ويتحدث معهم، ثم يسود الارتباك وتبدأ الجلبة، نواب يخرجون ونواب يدخلون، واستطاعت حدس بعد لأي شديد إضافة اسم أحد نوابها إلى كشف الموقعين، وترددت على ألسنة الحضور كلمة «طرحوه، طرحوه»، أي أن النواب نجحوا في جمع التواقيع المطلوبة لتقديم طرح الثقة، بل إن الخبر وصل إليّ بعدما غادرت القاعة فعدت أدراجي لأشهد نهاية الفيلم، وتحول الحديث من محاور الاستجواب وأداء الوزير والنواب إلى الحديث عن أسماء العشرة الموقعين، ثم جاء دور الحكومة في الحديث، وكانت الطامة الكبرى، أي والله.

تحدثت الحكومة فشكرت النواب المستجوبين على اهتمامهم بالقطاع الصحي، وأعلنت عزمَها التعاون مع البرلمان للنهوض بالقطاع، وأنها ستكلف الوزير (لاحظ) بتقديم تقرير خلال أربعة أشهر، وراحت تنثر الورود المعلبة على رؤوس النواب وتنظم فيهم قصائد المديح، وكررت كلمة «التعاون» مليونا وألف مرة، والسلام عليكم ورحمة الله! يا للهول، يبدو أن الحكومة لا تعرف ما الذي دُبّر لها في المقاعد الخلفية وكراسي الجمهور، معقول؟ الناس وضعوا أيديهم على رؤوسهم وأفواههم لشدة دهشتهم من غيبوبة الحكومة، تعاون مين يا عمتنا الحكومة؟ الناس جمعوا تواقيع الاعدام، وستُعرض أوراق الوزير على المفتي، والسالفة شربت مروقها! وانقلبت الأحوال في مقاعد الجمهور، وتحولت الدهشة إلى ضحك هستيري أشبه بالبكاء على بلد تقوده حكومة بهـــــذا المستــــــوى من الغيبوبــــــــــة، وقـــــال أحدهم متهكمـــــا: «سأهاجـــــر، عيالــــي برقبتـــــك يا بو سلمان»، وودعته وأوصيته بدعاء السفر، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

حكومة الغيبوبة تلك هي ذاتها التي تقودنا الآن، عناصرها الرئيسية لم تتغير، ولذلك نشاهدها الآن بعدما تقدمت بمشروعها الاقتصادي تسعى بنفسها إلى إفشاله، (تابعوا صحف الحكومة الثلاث وستكتشفون ذلك)، طيب ليش تتراجع؟ حماية لرئيسها من استجواب التكتل الشعبي كالعادة، وإنا إلى ربنا لمنقلبون.

محمد الوشيحي

شيوخنا… آهين

يجب أن نُمعن النظر في بطاقة النائب علي الراشد المدنية أو أن نطابق بصماته لنتأكد من أن أحدا لم ينتحل شخصيته، فالأداء الذي نشاهده الآن ليس أداء علي الراشد الذي نعرفه من قبل! أمر غريب بصراحة، لكنه ليس أكثر غرابة من تذمر بعض الشيوخ من أداء الحكومة التي يقودها أبناء عمومتهم. وإذا كان شيوخنا يتذمرون من حكومة هم أساسها فماذا نفعل نحن؟ نتدحرج ثم نتشقلب أم ماذا؟

ومع هذا فالمطالبة بـ«شعبنة الوزارة»، أي المطالبة بأن يرأس الحكومة وزير من الشعب، في ظل هذه التيارات السياسية، هَبَل وخبال أولمبي، وانظروا إلى التيارات السياسية الموجودة على الساحة، واحمدوا الله بكرة وأصيلا على أن الحكومة يقودها الشيوخ.

هناك إجماع شامل وتوافق عام على أن حكومة الشيوخ «أهون» من حكومة يقودها أحد التيارات السياسية، والمقارنة هنا من باب «الأقل ضررا». ولو ترأس التجمع السلفي الحكومة لاستيقظ الشعب من نومه ليجد نفسه بلا دم بعدما شفطه النائب خالد السلطان باقتراحاته وهو في اتجاه القبلة. أما إذا تولى «التكتل الشعبي» رئاسة الحكومة فسيوزّع البنادق والرشاشات على أنصاره ويأمر الجيش بحراسة البنوك ومصافي النفط، ولن يبني لنا حتى «مقصفاً» أو كافتيريا، وستتوقف حركة السوق، وسيتطلب «محل دراريع» رخصة بي أو تي وقانونا من مجلس الأمة، ولكل دراعة قانون، فالمهم هو المحافظة على «أموال الشعب»، وخلال سنوات ستمتلئ الديرة بالعناكب، وستمتلئ خزائننا بالمال وسنموت نحن جوعا.

والتيار الثالث سيلغي الدستور وسيعتمد نظام «الولي الفقيه»، والرابع سيتجه بنا إلى الغرب ويسلم زمام أمورنا إلى رئيس الإخوان المسلمين في مصر، مهدي عاكف، أما صالح عاشور والمهري وآية الله علي البغلي ويقابلهم محمد هايف والطبطبائي فمَن يرأسْ منهم الحكومة فسيأخذ الفريق الثاني غنائم حرب.

أما نواب التكتل الوطني السابق، فسيستيقظ ثلاثة أرباع الشعب ليجد نفسه «بدون»، ولن يبقى «كويتيا» سوى خمسة وعشرين نفراً يكفون للعب «الكوت بو ستة»، والمغلوب تُسحب جنسيته! فيهم بلاء على الجناسي، الله يجيرك. أما بالنسبة للتحالف الوطني الديمقراطي فسيمنحون رئاسة الحكومة لامرأة، و«البلد الذي يحكمه مره ما فيه ثمرة»، وسيتظاهرون ضدها في ساحة الإرادة، فهم تيار يستيقظ وينام على المظاهرات.

كل تيار سياسي سيرأسنا سينفث سموم عقده في عروقنا… إذاً، حكومة الشيوخ هي الأقل ضررا، لكن السؤال الكبير هو: هل الشيوخ الوزراء حاليا هم أفضل خياركم يا شيوخنا؟ هل هذا حدكم؟ لا وجوه جديدة لديكم على دكة الاحتياط؟ خلاص؟

الديرة تنتّع – يا شيوخنا – وستتوقف عن الحركة قبل صلاة العصر، وكلما بحثنا عن ملعب آمن نتذمر فيه بعيدا عنكم وجدناكم هناك تحتلون المقصورة الرئيسية، وكلما قلنا: آه، قلتم: آهين والثالثة مجانا.

شيوخنا، أنتم خيارنا الوحيد، فأين خياركم؟

محمد الوشيحي

55555555

الكويتي بطبيعته لا يجيد صنعة «الشحاطة»، أو الفشخرة، وهو «الأقرب إلى سطح الأرض» مقارنة بأقرانه، هكذا تقول تركيبته. حتى شيوخنا وتجارنا لا تستطيع تمييزهم عن الناس العاديين من ناحية السكن ونوع السيارة وما شابه، خصوصا أثناء السياحة في الخارج، فلا حرس شخصياً ولا مرافقين من الحشم والأتباع ولا موكب سيارات مبالغاً فيه ولا يحزنون، كما يفعل بعض الشيوخ والتجار من الدول الأخرى. وأيضا على مستوى بيوتهم، أي بيوت شيوخ وتجار الكويت، لن تجد فارقا كبيرا بينها وبين بيوت الناس العاديين، و«دار سلوى» التي هي قصر سمو أمير البلاد أكبر دليل على بساطة الكويتيين… وقصر دسمان كذلك.

وفي هذه الأيام تستعد شركة «فيفا للاتصالات» لطرح رقم مجنون في مزاد علني عبارة عن ثماني خمسات، 55555555، يا ألطاف الله، على أن يذهب ريع البيع إلى بعض الجمعيات الخيرية التي لم تحددها الشركة! وهنا المشكلة في رأيي، فإما أن تترك الشركة للشاري حرية اختيار جهة التبرع، أو أن تذكر الشركة أسماء اللجان الخيرية المستفيدة، لأن بعض المزايدين لا يريدون هذه اللجنة أو تلك. وإن كان التبرع بادرة تستحق الشركة عليها الشكر، ودلالة على عدم جشعها.

ولو كان هذا الرقم في دولة الإمارات أو المملكة العربية السعودية أو قطر لما قلّت قيمته عن خمسة عشر مليون ريال، مع الرحمة والنفاذ، أي نحو مليون ومئتي ألف دينار. والبعض يتذكر لوحة السيارة الإماراتية التي تحمل رقم (1) إن لم تخني الذاكرة، والتي بيعت بعشرة ملايين درهم، فما بالك برقم واحد يتكرر من الآن إلى بكرة العصر.

وقد تناقشت مع اثنين من الربع عن تخميناتنا للسعر الذي سيباع به الرقم المجنون هذا، فتوقع الأول أن يباع بعشرين ألف دينار فقط، ويبدو أن لصاحبنا هذا علاقة نسب بالفقر. في حين توقع صاحبي الثاني بيعه بخمسين ألف دينار، وجاء دوري فتفذلكت وقلت: لو تم عرضه قبل الأزمة الاقتصادية لبيع بنصف مليون دينار بالتمام والرِّفاء والبنين، وهو يستحق أكثر من ذلك، لكنّ الكويتي لا يبالغ كما ذكرت، أما هذه الأيام، ولأن الكاش عزيز، فسيباع بمئة وثمانين ألف دينار أزرق لا غير، وستفوز بالمزاد سيدة كويتية. وأنا جاهز لشرائه من الفائز «على خرابه».

وسأتابع تخمينات القراء في تعليقاتهم على الأسئلة الثلاثة: بكم سيباع هذا الرقم في رأيك؟ وما جنس الفائز به، رجل أم امرأة؟ وما جنسية الفائز؟… المايكروفون للقراء باستثناء النائب الموسوعة ناصر الدويلة الذي يعرف كل شيء في أي مكان وزمان، و… «نقدر».

محمد الوشيحي

سلط ملط

الدولة ترتدي قميص نوم شفافاً يكشف جميع مفاتنها، والجمهور المسطول مستمتع ومنشكح! جزء كبير من سكرتارية مديري مصافي النفط من المقيمات، وهنّ على اطلاع على تفاصيل التفاصيل النفطية، والنفط هو بابا وهو ماما بالنسبة للكويتيين، وهو المعيل الوحيد لنا، وإذا مات معيلنا فسنشحت على باب السيدة.

وجزء كبير من موظفي إدارات الجنسية والجوازات وتنفيذ الأحكام وإدارات أخرى مهمة جدا في وزارة الداخلية من المقيمين العرب، وملفاتنا أمامهم كالبوفيه المفتوح ينتقون منها ما لذ وطاب لعيون الأحباب! حتى وزارة الدفاع، جزء كبير من موظفيها الإداريين من المقيمين العرب، وهؤلاء يعرفون عن الضباط والأفراد كل ما يخطر وما لا يخطر على بالي وبالك، يعرفون كل شيء عن أسرة الضابط وأنواع أمراضها، وأين يسكن هذا الضابط، وأين سافر في هذا الصيف وذاك الشتاء، وعلى متن أي خطوط جوية. وهؤلاء المقيمون يدخلون المواقع العسكرية بصفة رسمية بحكم وظائفهم، ثم نقرأ اللوحات التحذيرية أمام المواقع «ممنوع الاقتراب والتصوير»! اقتراب مين وتصوير مين بعدما طارت الطيور بأخلاقها؟

وزارة الشؤون كذلك تفيض كأسها بالمقيمين، اشي أحمر على أزرق على أخضر على بمبي، وهؤلاء يعرفون عدد الأسر الكويتية التي تتقاضى معونات اجتماعية، وكم تتقاضى، ولماذا. وبعض سفاراتنا كذلك تمتلئ بالمقيمين، وبعض إدارات وزارة العدل يسيطر عليها المقيمون الذين يعرفون كل الجنح والجنايات وأسماء مرتكبيها وعوائلهم وفضائحهم، وغيرها وغيرها وغيرها من دهاليز وحواري الكويت وخطوطها السريعة.

وأنا هنا أتحدث عن الوظائف الإدارية لا التخصصات الفنية النادرة. ولو كانت الكويت تعاني نقصا في عدد الموظفين الإداريين لقبلنا العذر على مضض، لكن ديوان الخدمة المدنية يزدحم بالمواطنين المقيدين على كشف انتظار الوظائف. شوف العجب! يا سيدي نحن في دولة يخجل من عُرْيِها رواد شواطئ العراة، دولة تتمشى في الأسواق سلط ملط، ونحن شعب لا يهمنا أن يبطحنا الغريب أرضا، المهم هو أن يبطح بعضنا بعضا، وربع تباطحوا ما ذلوا، وأشهد بالله أن «ردانا» غير قابل للمساومة.

والمفارقة المضحكة أن المقيمين يكتمون الأسرار أكثر من الكوايتة أنفسهم! فالكوايتة شعب مخرخر، بدءا من الوزراء ومجلسهم -الذي تتسرب تفاصيله قبل أن ينفض- إلى أصغر موظف، إلا ما ندر.

ومجلس الوزراء هو مؤسسة لا تكر ولا تفر، ووجودها مثل عدمه، الخالق الناطق، وأظن أن عدمها أرحم. جربوا الحياة بلا حكومة، جربوا مثلا أن نرسل الوزراء كلهم على حسابنا «علاج بالخارج»، بعيد الشر، سوف لن ينقصكم شيء سوى قبعة ودشداشة الشيخ محمد الصباح -نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية- اللتين يرتديهما كل سنة مرة في مزرعة «عزايز». ولم يصعب عليّ حال أحد كما صعب عليّ حال هاتين المسكينتين، القبعة والدشداشة، ولو أنهما تحدثتا لصرختا طلبا للتقاعد بعد خدمة دامت أكثر من سبع وتسعين سنة، أي منذ أن كنت أنا في ثالثة متوسط، في مدرسة عبد الرحمن الدعيج وهو يرتديهما! ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء يا طويل العمر واعتقهما لوجه الله تكفى.

* * *

بدءاً من اليوم سيتغير بريدي الإلكتروني من «الياهو» المجاني ابن المجاني، إلى بريد «الجريدة» الإلكتروني المدفوع الأجر، كما هو واضح في أعلى المقالة.

محمد الوشيحي

رد على ترفق بلحانا يا مرزوق الغانم

اليوم «آمال» ستكون بقلم النائب الفاضل مرزوق الغانم:

الأخ/ خالد هلال المطيري المحترم

رئيس تحرير جريدة «الجريدة»

تحية طيبة وبعد،

بالإشارة الى المقال المنشور في الصفحة الاخيرة من عدد يوم الثلاثاء الموافق 17/2/2009، في جريدتكم الغراء، بقلم الكاتب المحترم محمد الوشيحي بعنوان «ترفق بلحانا يا مرزوق الغانم» أرفق لكم ردا على المقال المذكور، راجين التكرم بنشره في نفس مكان المقال، وذلك عملا بحرية الرد المكفولة لي والتي ينص عليها قانون المطبوعات والنشر.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،،،

مرزوق علي الغانم

الأخ الفاضل / محمد الوشيحي

أكتب إليك ردا على مقالك الأخير الذي نشرته «الجريدة» يوم الثلاثاء 17/2/2009 تحت عنوان «ترفق بلحانا يا مرزوق الغانم»، علما أنه ليس من عادتي الرد على كتاب الرأي لإيماني بحقهم المطلق في توجيه سهام النقد للشخصيات العامة، ولكني حرصت هذه المرة على الرد احتراما لحق القارئ في معرفة المعلومة الصحيحة من جهة، وحرصا على حقي في دفع المعلومات غير الصحيحة وما ينجم عنها من استنتاجات ظالمة من جهة أخرى. أضف إلى ذلك انك من الكتاب الذين أحترمهم وأقدرهم وأعلم يقينا بأنه لا يحرك قلمك إلا قناعاتك التي ترتكز على المصلحة العامة دون غيرها.

أبدأ بما أبديته من استغراب لاختلاف رأيي في مشروع قانون الاستقرار المالي عن رأي غرفة تجارة وصناعة الكويت ممثلة بتصريح السيد الوالد أطال الله في عمره مع كامل الاحترام وأظن أنها نقطة تحسب لي وليست علي، وأود أن أؤكد لك أنني تربيت في كنف الوالد على الحرية وفضيلة الاختلاف، لاسيما أنه سبق للوالد أن نال شرف تمثيل الأمة أيضا ويعرف تماما ما تعنيه هذه المسؤولية من التزام تجاه كل المواطنين، وما تفرضه من مراعاة للمصلحة العامة ليس إلا.

أما عن رأيي في القانون ومع كل الاحترام والتقدير لمحافظ البنك المركزي ولكل من شارك في صياغة وتعديل مشروع قانون الاستقرار المالي، فإني آخذ على هذا القانون ما يعطيه من تفويض تشريعي كامل للبنك المركزي لينقله من مؤسسة حكومية رقابية إلى مؤسسة تشريعية إن صح التعبير. وأنا هنا لا أعترض على مبدأ السلطة التقديرية للبنك المركزي، ولكن أعترض على إطلاقها دون تعريفات محددة واضحة، واعتراضي هذا يحمي الاقتصاد والبنك المركزي ذاته. ومن جهة أخرى أرى أن مشروع القانون قد ترأف كثيرا دون مبرر في عقاب من تعمد التلاعب والتدليس.

أما عن قولك بأنني أريد إنقاذ شركاتي الخسرانة، فالشركة الوحيدة التي أرتبط بها وأتشرف برئاسة مجلس إداراتها منذ تأسيسها هي شركة بوبيان للبتروكيماويات، التي أفخر بملاءتها ونتائجها ونشاطها التشغيلي، وهي ليست بحاجة للاستفادة من أي قانون جديد، أما إن قصدت علاقتي غير المباشرة بالأنشطة والشركات العائلية، فأنا قد أديت قسما مغلظا أمام الله والشعب والضمير، وهو قسم يحميه إيماني وتحفظه عقيدتي وتفرضه أخلاقي وتربيتي، ولست على استعداد لجرح هذا كله بمال العالم كله. وبالتالي أعرف تماما كيف أدرأ عن نفسي شبهات تسخير تمثيل الشعب لتحقيق مصلحة خاصة، وفي الوقت ذاته أرفض أن أكتم شهادة الحق مخافة التفسير الخاطئ أو المغرض.

العزيز أبا سلمان… لم توفر الدولة خلال السنوات الماضية أي فرص استثمارية تتيح للمواطن استثمار مدخراته في غير العقار والأوراق المالية، فهي لم تطرح مشاريع تنموية كبيرة أو مشاريع استثمارية ضخمة تمتص مدخرات صغار المستثمرين لتكون استثمارا آمنا لهم ومفيدا لوطنهم، ما أدى إلى توجه معظم مدخرات المواطنين وخصوصا صغار المستثمرين إلى سوق الكويت للأوراق المالية، وجعل عدد المواطنين المساهمين في مختلف الشركات المدرجة يزيد على سبعمئة ألف مساهم، لذلك من أجل المواطن ومنع تبخر مدخراته علينا أن نقدم البديل، فليس من المنطق أن ترفض حلاً دون أن تقترح بديلاً له، وهذا منهج التزمت به وسرت عليه، ولذلك سأتقدم وزملائي المحترمين بتقديم تعديلات على مشروع قانون الاستقرار المالي، ويبقى لمجلس الأمة أن يأخذ بما تقره أغلبية أعضائه.

أما التعديلات التي ننوي تقديمها فتتلخص في ثلاثة محاور: آليات محددة وواضحة لدعم الوحدات الاقتصادية المستحقة، وتغليظ العقوبات على المتلاعبين، ومساعدة المواطن الذي تأثر بالأزمة دون خرق المبادئ الشرعية وأسس العدالة والشفافية. وأعلم يا أبا سلمان أنها مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، ويجب أن تخضع للغة الأرقام، ونحن نعكف على دراسة هذه التعديلات لتقديمها بأسرع وقت ممكن.

العزيز أبا سلمان… تعلم بأن صلاح الفرد أو فساده غير مرتبط بانتمائه العائلي أو القبلي أو الطائفي أو الجغرافي أو الطبقي، إنما يرتبط بسلوكيات الفرد وممارساته، لذلك أرجو أن يكون حكمك مبنيا على هذه القاعدة.

ختاما وبعد الاعتذار عن الإطالة تمنيت أن تكون لك لحية يا صديقي لأترفق بها. ولكن لك قلم أرجو أن يترفق بالحقيقة، ودمت صديقا.

أخوك / مرزوق علي الغانم

* * *

أقول للصديق مرزوق الغانم بعد شكره على التوضيح:

«بيدي لا بيد عمرو حلقت لحيتي»… يا أبا علي.

محمد الوشيحي

ترفق بلحانا يا مرزوق الغانم

لأمر رباني «تنمّل» رجلي اليمنى عندما يحدثني أحدهم عن الاقتصاد، لكنني رغم ذلك أفك الخط وأنط الشط الاقتصادي. وبعدما علمت بأن النائب مرزوق الغانم (وهو صديق مال أنا) في صدد تقديم تعديلات على مشروع محافظ البنك المركزي، حككت رأسي بحثا عن سبب اختلاف رأي صديقنا النائب مع رأي غرفة التجارة والصناعة التي أيدت «مشروع المحافظ»، ولم أجده! يا للهول، على رأي يوسف وهبي، مرزوق الغانم يخالف رأي غرفة التجارة التي يرأسها والده الفاضل علي الغانم؟ كيف؟

ثم إن النائب مرزوق الغانم متضرر بصورة مباشرة، وإذا تقدم بتعديلات فبالتأكيد ستكون عينه اليمنى على شركاته الخاصة وعينه اليسرى على مؤسساته الخاصة، وهنا لندن! وهو، أي النائب مرزوق الغانم، ومن باب الحياد كان قد انسحب من عضوية إحدى اللجان عندما تبين له أن قريبه أحد المعنيين بالأمر، فكيف يتقدم الآن بتعديلات بينما هو نفسه، قبل أقربائه وأصدقائه، متضرر وسيارته مدعومة من الجنب؟ الشبهة هنا مصلعة برأسها الكريم يا صديقي.

يا أبا علي، إذا كان «مشروع المحافظ» -وهو الذي يخرخر شبهات وأخطاء، ويضع زمارة رقبتنا في يد محافظ البنك المركزي- لا يسد رمقكم، فبالله عليك ما الذي تنوي فعله أنت وصاحبك النائب علي الراشد بالأموال العامة، خصوصا أنكما تعتقدان أن مشروع المحافظ لا يكفي لحل الأزمة؟ وبعدين، الله يخليك، اتركا عنكما حكاية قروض المواطنين التي عارضتماها في السابق، وستستخدمانها الآن كورقة سولوفان زاهية الألوان تغلفان بها مقترحكما المنتظر. وهو مقترح كما نظن سيحلق لحانا «وجهين» وعلى الناشف. شوية «جيليت» يرحمنا ويرحمك الله ونردها لك في الأفراح.

مرزوق الغانم، صورتم لنا خسائر شركاتكم بأنها تؤثر في اقتصاد البلد، وأن اقتصادنا «على شفايف حفرة»، وأنت وأنا والعريس وأهل العريس نعلم بأن هذا الكلام هلس فاخر وملخ من الآخر… وعن نفسي، وهذا توقيع مني على وصل أمانة، سأكتب مؤيدا بأصابعي العشرة وبخشمي لو تم الكشف عن مكافآت أعضاء مجالس إدارة الشركات الكبرى الخسرانة، ولو تضمنت تعديلاتكما معاقبة المتلاعبين بأموال الناس، وتفاصيل الصفقات الهلامية التي تسببت بخسائرها.

* * *

بالنسبة لموضوع المقالة السابقة، كنت قد علمت بأمر الباخرتين قبل كتابة المقالة بيومين فكتبت، فانهمرت المعلومات المرعبة مدرارا على رأسي بعدما أقسمت للمصدر بالحفاظ على سرية المعلومات، وارتفع صوت نبضات قلبي، ورجاني المصدر أن أتوقف عن الكتابة حول الموضوع «كي لا أسبب الهلع للناس»، على أن يتحرك هو وآخرون لعلاج الموضوع بصمت… وكنت قد تلقيت اتصالات من النائب مرزوق الغانم، وللأسف لم يتمكن أيٌّ منا من الحديث مع الآخر رغم تبادلنا الاتصال أكثر من ثلاث مرات من كل منا بسبب خاصية انتظار الخط الثاني، وكذلك من مكتب النائب خالد السلطان، ومن مكتب معالي وزير البلدية الذي أبدى اهتماما جديا يشكر عليه، ومن رئيس جماعة الخط الأخضر البيئية، الناشط البيئي خالد الهاجري، أو خالد الأخضر كما أحب أن أسميه، والذي يمتلك معلومات جيدة عن الموضوع، وأيضا تلقيت إيميلاً من جماعة «صوت الكويت»، وأحلتهم كلهم إلى الأخ محمد عبدالله بودي المهتم بالموضوع وتفاصيله، والذي أبلغني أنه سيطلب لقاء عاجلا جدا مع مراجع عليا في الدولة لإنهاء الموضوع بالسرعة القصوى، وأشار إلى استعداده للحضور إلى لجنة البيئة في مجلس الأمة للإفصاح عن كل ما في حوزته من معلومات إذا استدعته اللجنة.

والتزاما بالعهد الذي قطعته على نفسي للمسؤول الذي طالبني بالتوقف، سأكتفي بما نشرت، وسأضع نقطة على السطر بعدما علقت الجرس، في انتظار إجراءات فعلية سريعة، أما إذا تأخرت إجراءات التطهير والإخلاء فسيسقط التزامي الأدبي، وحينئذ سيتحدث القلم الأحمر، وسأحرض الناس على رفع دعاوى تعويض ضد الحكومة، والمطالبة بسقوط الرؤوس المسؤولة.

وليت الوزير السابق عبدالرحمن العوضي يترك عنه عنصريته السامة التي يفرغها في عروق الوطن بين حين وآخر، ويلتفت إلى أمر هاتين الباخرتين، خصوصا أنه يترأس إحدى الجهات المسؤولة عن البيئة… اي هين.

محمد الوشيحي

قبل وقوع الكارثة … هدِّدوهما

والله لا أعلم من أين أبدأ الموضوع، فالأوراق المتناثرة على سطح ذاكرتي أكبر وأكثر من أن تحصرها مقالة… شوف يا صاحبي:

أثناء الحرب العراقية- الإيرانية غرقت باخرتان محملتان بالمواد الكيمياوية الخطرة – أكرر «محملتان بالمواد الكيمياوية الخطرة»، والمواد الكيمياوية الخطرة تختلف عن الفستق- في قاع الخليج العربي من ناحية الشمال بالقرب من جزيرة بوبيان. والمواد الكيمياوية الخطرة محفوظة في حاويات مُحكمة الإغلاق بطريقة لا تسمح بتسربها، لكن إلى فترة محدودة… تمام؟ تمام.

انتهت الحرب تلك، ثم احتل صدام الكويت، ثم تحررت الكويت في عام 91، أي قبل 18 سنة. ومنذ التحرير وأنصار البيئة في مشارق الأرض ومغاربها يصرخون بالصوت الحياني: «تخلصوا من باخرتي المواد الكيمياوية الخطرة يا كويتيين قبل أن تحل عليكم الكارثة» ولا مجيب. ومضت السنون تجري بسرعتها الأولمبية إلى أن بعثت إحدى الجهات الأميركية قبل سنوات بكتاب تحذيري إلى الكويت: «أجزاء حاويات الباخرة على وشك التآكل، ومن المرجح أن تتسرب المواد الكيمياوية الخطرة في عام 2010، وحينئذ ستموت الحياة البحرية كلها في الخليج العربي مدة ستين سنة على الأقل، وستحل الكارثة على الناس، فاحذروا»، فانتفضت حكومتنا وقررت حل المشكلة والتخلص من الباخرتين، وتدارست الموضوع بجدية، لكن بعض وكلاء الشركات الأميركية من التجار الكويتيين اختلفوا على المناقصة، واستخدم كلّ منهم نفوذه، ومن باب العدل أوقفت الحكومة المشروع، وأغلق النائب الأول لرئيس الحكومة رئيس المجلس الأعلى للبيئة الشيخ جابر المبارك الباب! والشيخ جابر المبارك، حفظه الله، رجل ديناميكي حيوي، والمشكلة التي يتطلب حلها خمسة أيام سيحاول حلها خلال أربع وثلاثين سنة مما تعدون، والعجلة من الندامة وأمر الله من سعة.

والعام الماضي، جاءت شركة أميركية متخصصة، وأبلغت حكومتنا أن الكارثة اقتربت مكشرة عن أنيابها، وأنه ليس أمامكم يا كويتيين سوى سنتين على الأكثر، و«الربع مصهينين وداقين الثقل والغنج»، تماما كما تفعل الشابة ذات الجمال الخيالي عندما يكثر عدد خطاطيبها، أو خُطّابها.

الحكومة، من سنة جدي، كانت قد أعلنت أن جزيرة بوبيان ستتحول إلى منطقة تجارية جاذبة للسياح والعوائل، ولأن الدنيا لا أمان لها، ولأن حكومتنا تتعامل مع قضايانا كما يتعامل الساحر مع جمهوره «قرّب قرّب بص بص تدخل حمامة من هنا تخرج كورة من هناك»، ستتحول بوبيان من منطقة جذب للسياح من هنا إلى منطقة هلاك و«برمودا» كويتية من هناك.

وهل تتذكر يا صاحبي العاصفة الغبارية التي خنقتنا وأعمت أعيننا قبل أيام؟ كان بإمكان الحكومة تخفيفها بنسبة 40 في المئة لو أنها نفذت دراسات الجدوى المكدسة على مكاتبها والتي تنصح بزراعة «بقعتين غباريتين» تقعان في الشمال الغربي للبلاد! وحكومة بهذه الرخاوة والمياعة تعجز عن زراعة بقعتين صغيرتين، كيف ستتصدى لأمر مثل إخلاء باخرتي المواد الكيمياوية الخطرة في قاع الخليج؟

نوابنا الكرام، يا معودين تصرفوا، هددوا سمو رئيس الحكومة أو نائبه الأول بالاستجواب وخلصونا قبل انفجار الكارثة، فالحكومة هذه لا تذعن إلا للتهديد. ومن أراد منكم الحصول على الوثائق فليهاتفني. ونحن نعلم بأن الأمر هذا، أقصد أمر الباخرتين، غير مهم للغوغائيين من الناس، لأنه لا يتحدث عن كربلاء و لا عن يزيد بن معاوية، ولذلك فلن نسمع صوت صاحب أكبر عدد من التصريحات الوطنية سعادة وكيل المراجع محمد باقر المهري، ولن نقرأ كتابات أنصار الولي الفقيه في الكويت لانشغالهم بعيد الثورة الخمينية، ولن يرتفع السجال بين النواب الوطنيين صالح عاشور ومحمد هايف ووليد الطبطبائي… ويبقى السؤال الأهم: ماذا حدث في معركة الجمل قبل نحو ألف وأربعمئة عام؟ وما دخل الفروانية والدسمة في الموضوع؟

محمد الوشيحي

حفلة تعارف

هما كلمتان فقط «لو» قالهما سمو رئيس الحكومة لانفض المولد و«مضى كلّ إلى غايته»، كلمتان فقط: «سأصعد المنصة»، لو قالهما لأصدرت «حدس» بيانا ناعما – تتنصل فيه من استجوابها – بعنوان: «صدّقتوا؟»، وستوضح في بيانها أنها كانت تتغشمر، والدستور لم يمنع الغشمرة. وإنْ أصر النائب جمعان الحربش على المضي قدما إلى آخر مدى فستعجز حدس عن توفير العدد المطلوب، وهو عشرة نواب، للتوقيع على كتاب «عدم إمكان التعاون مع رئيس الحكومة»، بل عن سبعة نواب، بل خمسة! وسيأخذ النائب عبد العزيز الشايجي طبّية، ولن يحضر الاستجواب الفضيحة، وليس أمام نواب حدس حينئذ سوى الإعلان للجميع أن الاستجواب كان للتعارف وتبادل الهدايا… «تهادوا تحابوا».

«حدس» كانت تنوي تضمين استجوابها قضية مصروفات ديوان سمو الرئيس لتحرج النائب أحمد المليفي – صاحب هذا الموضوع – والمؤيدين له، في عملية أشبه بالاستحواذ، لكن أبا أنس ذيب أمعط، ينام بعينين مفتوحتين، ولا يمكن أن تبيع المية في حارته، هذا إذا لم تمتلئ حارتك أنت بـ«تناكر» مياهه… المهم أن المليفي انتبه للحركة الذكية فصعّد الأمور، فاستجابت الحكومة لطلباته أو قل «لأوامره»، فأعلن رضاه التام عن إجراءات الحكومة، وهو بهذا يرسل رسالة مختصرة إلى حدس: «معلش، لن أوقع معكم على كتاب عدم إمكان التعاون مع رئيس الحكومة». ومع هذا ورغم ذاك ستستذبح حدس لاستغلال «ثغرة ديفرسوار / الجنسية»، وستضغط على نواب الخارج بشدة من خلال هذه الثغرة، لكنها لن تنجح كما أظن.

وتعالوا نحسبها حسبة بدو لنعرف من سيكتب اسمه مع حدس: أول الموقعين هو النائب الدكتور فيصل المسلم (ويبدو أنه هو الآخر يستعد لاستجواب سمو الرئيس بعد استجواب حدس، وسيتفادى أخطاء حدس، وأهمها – أي أهم الأخطاء – اعلان الاستجواب بعد سقوط مقترحها في البرلمان بتصويت ديمقراطي، فظهرت وكأنها ترفض الديمقراطية، والخطأ الثاني وهو الأهم أن الاستجواب لا يعني الآخرين، وإنما هو استجواب جاء انتقاما لمصالحها الخاصة كما يعتقد الناس)، وبالمناسبة، أظن أن حديث المسلم كـ«مؤيد» للاستجواب سيؤلم الحكومة أكثر من حديث المستجوبين أنفسهم! ونعود لنحسب، بالإضافة إلى المسلم سيوقّع النائب محمد هايف، وهو أمر ليس مؤكدا، وكذلك الحال بالنسبة لتوقيع النائب عبدالله البرغش… ومَن غير الثلاثة هؤلاء، هذا إذا كانوا ثلاثة أصلا؟

ولو أن، أكرر «لو»، و«لو» تفتح عمل الشيطان الله يخزيه، لو أن الرئيس قال كلمتيه «سأصعد المنصة»، لارتفعت الأصوات داخل حدس مطالبة بـ«التسوية السلمية»، ولاستعرضت الحكومة قواتها تحت أقواس النصر، سواء تقدمت حدس باستجوابها أم لم تتقدم به، ولنثرت النساء الورود على رؤوس اعضاء الحكومة، ولأعلنت الجيوش الأخرى المتحفزة للهجوم قبولها الهدنة… لكنها «لو» يا صاحبي.