محمد الوشيحي


 رولا انطوانيت

لو كان البرلمان الماضي رجلاً لكان الأسخف في طول البلاد وعرضها، ولو أنه جلس مع البرلمانات الماضية على صحن واحد لأكلوا نصيبه وبات جائعاً يشتكي لأمه توحش المتوحشين، وهو الذي كبرت أثداؤه من خدمة الديليفري، التوصيل المجاني، فتنصحه بالانضواء تحت بشت برلمان 92 أو بشت برلمان 96 ليضمن له أحدهما لقمة تسد رمقه عند تزاحم البرلمانات على الصحون، بشرط أن يجلس هناااك، كي لا يجرح أحد بشرته الحساسة.

ومع ذا ترتفع هذه الأيام بعض الأصوات المطالبة بوجوب زيادة كريمات البشرة للبرلمان المقبل، خوفا من أن يكون متوحشا تمساحي الملمس كما كان سلفه، في نظرهم… هم يريدونه برلمانا "شطّوراً" يفرق شعره من جهة اليسار ويزم شفتيه ويتابع السبورة ليحفظ الدرس، ونحن نريده برلماناً يدخل "الفصل" فينهض التلاميذ، فيتقدم هو بثقة ويمسك القلم الأحمر ليراجع ما كتبته الحكومة فيأمرها وينهرها ويزجرها لو شخبطت على كشكول الدولة، وعلى العَلَم المرسوم أعلى يسار الصفحة، كما هي عادتها.

***

لا أدري لماذا أجد أوجه الشبه بين النائب السابق خالد السلطان والمرشحة الدكتورة رولا دشتي أكثر من أوجه الاختلاف، رغم الفارق الكبير في الغلاف. شعور غريب، شعور بالخوف على فائض المال العام لو نجح هذان المرشحان.

أما خالد السلطان فـ"اسم نعرف ونرتاع منه"، وهو رغم ذا "ما يأكل خبزة" مع الدكتورة رولا… هذه المرشحة رئيسة الجمعية الاقتصادية الكويتية، هي ماري انطوانيت الكويت. دكتورتنا الفاضلة استخدمت أسلحة الدمار الشامل مرتين، الأولى في حربها ضد اسقاط فوائد قروض المواطنين، والثانية في حربها لتمرير قانون الاستقرار الاقتصادي بصورة تخجل فرسان البرلمان المستميتين لإقرار القانون، وانتصرت في حربيها، هكذا هم دائما الأقوياء. وبما أنها الآن مرشحة وقد تنجح، فأظنها ستجد حلا للمواطنين المعسرين… وجبة ماك تشيكن.

اللافت، أن أحدا لم يمر في شارع الدكتورة رولا دشتي، لكنها وبحبكة إعلامية محترفة، راحت تولول وتصرخ: الحقوا عليّ، فكوني من شرهم! فنفزع مرعوبين، ونتكالب على المكان، وفي يد كل منا هراوة أو سكين أو عصا، ونسألها: "من هم؟ وأين هم؟"، فتشير إلى هناك، فنتلفت ولا نجد إلا الفضاء الطلق يقسم لنا بأعظم الأيمان أنه لم يفعل لها شيئاً، ويشير بسبابته تجاه البحر: "يمكن هذا اللي ضايقها"، فندفع الفضاء ليسقط على ظهره، ونجري صوب البحر ونمسك بياقته ونهز كتفيه بشدة: "شفيك على البنيّة"، فيقسم لنا وهو يمسح دموعه مرعوباً أنه كان نائماً ولم يوقظه سوى صراخها وصراخنا، ثم يشير بسبابته تجاه الغبار، فنلتفت إلى الغبار فيعض طرف دشداشته وينحاش وهو يصرخ: مظلووووم.

وما بين الغبار والبحر والفضاء الفاضي، تُهنا وتاهت مراكبنا مع أكثر المرشحين والمرشحات على مر التاريخ ادعاء بالمظلومية من لا شيء… ويا كبدي على البسطاء من الناس إذا وصل السلطان وماري انطوانيت إلى البرلمان. 

محمد الوشيحي



ثوروا ولا تتريخموا

عندما سألني صحافي في لقاء أجراه معي: «من هو محمد الوشيحي؟»، قلت: «رجل وُلِدَ وفي فمه ملعقة من (لا)»، وسؤال آخر: «ما الذي تريده من الكتابة»؟، الإجابة: «أمورا لا حصر لها، أولها إرضاء غروري القاتل، وأوسطها زيادة دخلي، وآخرها وأهمها تسويق (لا) بين الناس».

الـ»لا» هي الكلمة الأجمل في بدايات الحديث والتفاوض، الـ»لا» هي التي ميزت رجالاً عن رجال، ونساء عن نساء، وشعوباً عن شعوب. بحسب عدد اللاءات وموقعها وتوقيتها تتفوق دول وتشمخ، وتهان دول أخرى وتخزى، وكلما أيقن الحكام أن الشعوب تستطيع أن تقول «لا» تراجعوا أربع خطوات إلى الخلف، وقيل بل ست، واختلف الرواة… تلفت يمينك ويسارك وستشاهد شعوباً يمر أبناء حكامها من هناك حالهم من حال بقية الناس، وفي الجهة الأخرى (بضم الألف، كما يقول السيناريست الجميل بلال فضل) سترى شعوباً تتسابق على تقبيل أكتاف وأيادي أبناء الحكام وأحفادهم. هي الـ»لا» -حفظها الله- ولا شيء آخر غيرها، زادت عند الشعوب الأولى فانحنى الحكام، وتلاشت إلى أن انقرضت عند الشعوب الثانية فتغطرس الحكام وأبناؤهم وخدمهم من الدرجة الأولى.

وأحد أعظم عظماء الكرة الأرضية هو «الثور الجالس»، وهو الهندي الأحمر الذي وحد قبائل الهنود الحمر وقاد جيوشهم ضد البيض الأميركان، ولولا خيانة قبيلة «أباتشي» الحقيرة التي وضعت له المخدر في الأكل أثناء الاجتماع وسلمته بعد ذلك إلى القائد الأميركي الأبيض لتغيرت خريطة الأرض، ولن يغفر لها التاريخ بكاءها وقصائد الندم والمديح في هذا العظيم… هذا «الثور الجالس» عاش في مجتمع يحني رأسه للقادة وينفذ أوامرهم، على خطأ كانوا أم على حق، لا يهم، المهم أن تحني رأسك وتنفذ ما يطلب منك. ولأنه حر ولأن «أمه جابت ولد» ثار على الأوضاع وقال «لا» بأعلى صوته، فغضب المجتمع ونبذه، فلجأ إلى الجبال وهو في الثامنة عشرة من عمره، وأطال الجلوس على قممها والتفكر في حاله وحال أقاربه الهنود وهذا المستعمر الأبيض المتوحش القادم من هناك، ودارت به الأيام إلى أن اقتنع الناس بدهائه وشجاعته وحبه لهم، فاخترع لون علم يحمله هو وتسير خلفه القبائل بأعلامها، لكل قبيلة علم، على أن العلم «الجامع» أهم من الأعلام المنفردة… وبالخيانة، كما ذكرت، قبض على البطل وأعدم قبل أن يتجاوز الثلاثين من عمره.

والـ»لا» لا تعني – بالضرورة – الرفض المطلق والانقلاب، بل رفض تجاوزات المتجاوزين، ورفض تسليم القرار و»العقل بما حمل» إلى الآخرين… وأتذكر محتوى مقالة لا أتذكر اسم كاتبها، لكن حقوق طبعها محفوظة له، يقول فيها إن هناك نظرية تدعى «نظرية الاستبقار»، وإن العلماء اكتشفوا أن البقرة التي تعزل عن بقية القطيع يقل الحليب في ضرعها، وينشف دمها، وتتغير تصرفاتها وترتاب في كل شيء وأي شيء، وبمجرد إعادتها إلى القطيع تعود إلى «بقارتها» السنعة، وتدر الحليب أكثر، وتجري الدماء في عروقها مجدداً! هي البقرة فاحذروها يا أولي الألباب، هي البقرة لا تجرؤ على مخالفة القطيع.

ونشاهد اليوم في الكويت، قبل أيام من التصويت في الانتخابات، سيادة نظرية الاستبقار، وطغيان الأعلام المنفردة على العلم الأكبر… أنت ابن قبيلة؟ إذاً ستصوت لقبيلتك، أص ولا كلمة، شيعي؟ ستصوت لطائفتك، ولصاحب العمامة ذاك كي لا يشتكيك إلى جدته فاطمة الزهراء يوم القيامة، يا ويلك ويا سواد ليلك، سلّمنا عقلك وصوتك وروح «تقضّى من الجمعية»، سني؟ ستصوت للسنة لأنهم سنة فقط، ولأن الشيعة خارجون على القانون، أو الملة، حضري؟ ستصوت للحضر، فقط لأنهم حضر، ولأن أمك حذرتك من القبائل والشيعة، ولا يجوز الخروج على كلام ماما! تباً لك ولشواربك الجميلة يا رخمة… آسف، لا يجوز الشتم… أحسنت صنعا يا البقرة.

ياااه، ما أجمل وجوه البقر وهي تصطف للتصويت بلا قرار، وجوه ترهقها قترة… وأشهد أن الله ميّز الرجال بعضهم عن بعض، فخلق «الثور الجالس» وخلق «البقرة الواقفة في الطابور لتصوت لعلمها الصغير كما أملي عليها»، وتعود بعد ذلك (أي البقرة) وتجلس في الديوانية تتحدث عن الرجولة والكرامة… هاهاها. 

محمد الوشيحي


 السّلَف الغربي … والتأمينات

«السّلَف الغربي»… والتأمينات

السلف في الكويت سلفان اثنان، واختلافهما ليس فكرياً بل اقتصادي ومناطقي، كما ذكرت سابقا، فالسلف الشرقي، أي سلف الضاحية والشويخ والشامية وغرفة التجارة لا يستهلك الدين عمّال على بطال كما يفعل السلف الغربي، سلف الفروانية والجهراء وتيماء والصليبية، الذي يعتمد على «ثقافة» العجائز وكبار السن الأميين. وكلاهما يجد لبضاعته «شرّاية».

السلف الشرقي، سلف المال والأعمال، يضع الدين في تجوري محفوظ في السرداب، ولا يستخدمه إلا عند الضرورة، صفقة أو مشروع استقرار أو عقد بي أو تي – أو عقد «باء ألف تاء» كما في اللغة الفصحى التي يستخدمها السلف كأداة جريمة – أما عند الضرورة القصوى فسيستخدم الدين المودع في حساباته في سويسرا، إذا كانت الصفقة عليها القيمة، مشروع لوجيستي أو صفقة مع الجيش الأميركي أو عقد نفطي أو ما شابه… هم تجاوزوا حكاية المرأة السفور وصوتها العورة وتنورتها، هذه الأمور تركوها للسلف الغربي الذي لا يمتلك رصيدا من الدين إلا ما في محفظته المهترئة.

ولذلك لا تحتاج فتاوى السلف الغربي إلا إلى ضماد من المستوصف ومَرْهم بسبعمئة وخمسين فلسا من الصيدلية المناوبة تضعه على الخدش ولزّاق جروح و»غدا شرّك»، لكن الموت الحمر هو في فتاوى السلف الثقيل، السلف الشرقي، قرصته والفقر، فتوى واحدة وستهتز البورصة وتقع على وجهها وتنزف دماً من خشمها، أما إذا أصدر «كتيّب فتاوى» فستجتمع أوبك لمناقشة الأمر.

والصورة هذه ذكرتني بموقف حدث مع أحد الوزراء رواه لي مدير مكتبه، يقول صاحبنا: جاء أحد النواب المتدينين البسطاء، من جماعة التنورة حرام والتدخين مكروه، إلى مكتب الوزير ليتوسط لموظف كي يسافر في «مهمة رسمية» يستفيد منها الموظف نحو ألف وخمسمئة دينار، وهو مبلغ له وزنه عند الموظف ذاك، وبعد خروج النائب والموظف دخل نائب متدين «حوت» مع أحد ملاك الشركات واجتمعا بالوزير لمناقشة مشروع ثقيل! بالضبط هذا هو حال السلف الشرقي والسلف الغربي.

وقبل أيام، خرج إلينا السلف الغربي من ديوانيته الصفيح بحثا عن لقمة يسد بها رمقه، فحرّم التصويت للنساء، فصفق له الأمّيون بأيديهم، بينما صفقت له الديرة بيدها وخدها. هذا السلف لم يصدر فتوى عن التأخير في بناء مستشفى جابر والهرولة لعقد صفقات مليارية لوزارة الدفاع، ولم يصدر فتوى عن استهتار الحكومة بالبيئة التي تلوثت أكثر من تلوث عقول البعض، ولا فتوى عن عدد العاطلين عن العمل في بلد تكفل بتوظيف الأشقاء أبناء الكرة الأرضية… السلف الغربي لا تهمه الأمور هذه كلها فلن يصفق له أحد ولن ينتبه له أحد لو أفتى فيها، ثم إنه أصلا لا يفهم مثل هذه الأمور، فابن تيمية لم يتطرق إلى موضوع مستشفى جابر، والله العظيم.

***

عليّ عشاء في مطعم بحري للعبقري الذي فكّر في صياغة الاعلان التلفزيوني لرئيس البرلمان الأسبق أحمد السعدون. بالفعل هذا هو الذكاء وهذه هي القدرة على القراءة الصحيحة، روح يا سيدي الله يسعدك كما أسعدتنا وأدهشتنا بهذا الاعلان المهيب لهذا الشامخ المهيب. 

محمد الوشيحي


 أح يمّه

الاعتراف لغير الله مذلة… أعترف بأن الحلقة التي استضفت فيها النائب السابق ناصر الدويلة في برنامجي الذي يعرضه تلفزيون الشاهد، هي واحدة من أجمل حلقاتي وأكثرها كوميديةً طوال عملي في التلفزيون وإدارة الحوارات، إذ حلّق أبوعلي وحلّقت معه في أفلاك ومدارات عالية، ولولا عناية الله لاصطدمنا بكوكب زحل، ولولا رحمة الرحمن لـ»تلاقطنا بالشوَش» وتبادلنا القصف بكل ما ثقل وزنه وخف ثمنه على طاولة الحوار وما جاورها ونحن نضحك.

أعترف أيضا بأنني لم أكن أتوقع موافقته على الظهور معي في البرنامج وأنا الذي نظمت فيه قصائد هجاء، كل قصيدة تزاحم سابقتها وتقول لها: «الزين عندي» بشكل شبه أسبوعي، وكان باطن كفي «يحكّني» إلى أن أكتب عن الدويلة فتتلاشى الحكة وترتاح كفي، ومع ذا، فوجئت بالزميل سعود العصفور يبلغني موافقة الدويلة على الظهور في البرنامج! يا للهول… مرحى… مرحى.

وأعترف كذلك أن الساسة في الكويت وضواحيها عودونا أن من ينتقدهم قد باء بغضب من الله وعداوة منهم، فالقضية قضية شخصية، أربعة في ستة، لذلك تجدهم «يمغمغون» كما يمغمغ الطفل الذي منعه والده من أكل الحلوى خوفا على أسنانه عندما يتصل بهم فريق الاعداد عارضا عليهم فكرة المشاركة في حلقة معي، بعكس الدويلة الذي صرخ فرحاً في الهاتف: «وين الوشيحي وينه؟ أنا أدوّره من زماااان»، وهو أقسم بعدما دخل مبنى التلفزيون أنه يكاد يغمى عليه لشدة الضحك كلما قرأ مقالاتي الهجومية على أدائه.

الدويلة ليس وحده من يثق بنفسه ويفصل السياسة عن الأمور الاجتماعية، فهناك آخرون أبرزهم النائب السابق خضير العنزي، الذي لم أكن أتوقع امتلاكه لهذا المستوى العالي من الثقة بالنفس وسعة الصدر.

وبشكل عام، يبدو أن جلود أغلب ساستنا من الحرير الكشميري الناعم، وهؤلاء يحتاجون إلى سبع وستين سنة ليخشوشنوا ويدركوا أن السياسة هي المنطقة المتاخمة للبراكين، وأن الشرر سيتطاير على ثيابهم بين لحظة وضحاها. فإن كنت –أيها السياسي- من جماعة «أح يمّه»، ودمعتك مسافة السكة، فاجلس في حضن ماما يحفظك الله وأقرئها منا السلام، فللسياسة رجالها الذين يرفع كلّ منهم شعار «أنا ولد أبوي»، وهم لخشونة جلودهم يشعرونك بأن التماسيح مترفة اعتادت زيارة عيادات الجلدية واستخدام «بودي لوشن». 

محمد الوشيحي


أيتها الخنازير المحترمة
… حلمك علينا

الله يرحم «إنفلونزا الطيور» برحمته. كان الطائر المصاب بالإنفلونزا ينقل عدواه إلى الإنسان وينتهي الأمر عند ذلك، فلا يمكن لإنسان أن ينقل انفلونزا الطيور إلى إنسان آخر، هو مرض يستخدم مرة واحدة ويُرمى بعد ذلك، تماما مثل موسى الحلاقة الزرقاء، وبعدئذٍ يبدأ طائر آخر بنقل المرض إلى إنسان آخر، وهكذا… وكان حل انفلونزا الطيور بسيطا، نوعا ما، بسم الله والله أكبر نعدم كل الطيور، ونقطة على السطر، وروح بيتكم، نوم الهناء.

الآن تتحدث القنوات الفضائية والوكالات والصحف العالمية عن انفلونزا الخنازير التي بدأت تنتشر في أميركا الجنوبية، ومنها ستنطلق رحلتها المكوكية لتشمل الكرة الأرضية، وماذا نتوقع من الخنازير غير النتانة والمرض. والمصيبة هنا أن الخنزير ابن الخنزير ينقل مرضه إلى الإنسان فينقل الإنسان مرضه إلى إنسان آخر، ولتقضي على المرض هذا لا يمكنك أن تستخدم طريقة الاعدام كما استعملتها في انفلونزا الطيور، والا فعليك ألا تكتفي بإعدام الخنازير وحدها، بل يجب أن يمتد الاعدام إلى الناس المصابين بالمرض، وهذا لن يحدث.

قطعا، لن يأتينا الخطر من الداخل، فالكويت لا خنازير فيها (بالمعنى الحرفي للخنازير)، الخطر من الأجانب المصابين بالمرض والقادمين إلينا من دولهم، ولا أدري كيف سيتم التعامل معهم، خصوصا الأميركان والانكليز والفرنسيين والألمان وكل من يحمل جنسية «ثقيلة» اعتدنا هنا التعامل معها بانحناءة طفيفة واحترام لم يصل بعد إلى تقبيل الكتف.

بارقة الأمل الوحيدة في الموضوع القاتم هذا، أن المعنيين والمسؤولين عن مكافحة المرض ومنع تسلله إلى البلاد هم قيادات وزارة الصحة وقيادات الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية والحيوانية، وهؤلاء وأولئك أثبتوا لنا المرة تلو الأخرى، أن الوزارات والمؤسسات الحكومية لا أمل فيها ولا رجاء. ولن نثق بقيادات هيئة الزراعة قبل أن تنجز مشروعها العظيم وتنهي مهمتها المستحيلة وتقوم بتشجير الطرق السريعة التي استنزفت منها حتى الآن أموالا لا حصر لها ونحو خمس عشرة سنة تم فيها تشجير طريق المطار بنجاح منقطع النصيب.

أيها الشعب الكويتي العظيم… «ما في الحمض أحد»، كل واحد يبتلش بنفسه. 

محمد الوشيحي

قالها نزار… «خيرتك فاختاري»

ليس أبرد من فاروق الفيشاوي ولا أتفه إلا انتخابات البرلمان هذا العام. وأخشى على مَن يمتدح هذه الانتخابات أن يتصادق كفي مع خده، ويعزفان أجمل الألحان.

والبرلمان المقبل سيكون أشعث أغبر، رؤيته تقطع الخلف. ومَن يلوم الناس في اختيارهم وهم يعلمون أن نهج الحكومة وطريقة اختيار أعضائها لن يتغيرا، وأن الحكومة المقبلة ستكون كسابقاتها، ملابسها في غاية البهدلة والهرتلة، ولن يقبل الزواج بها إلا الأشعث ذاك وأمثاله.

يا سادة، الشعب لن يعتدل في جلسته ويغسل شعره وينتقي خيرة أبنائه للزواج من الحكومة ما لم يشاهد العروس تتمخطر في فستانها البنفسجي الأنيق، رائحة عطرها الزكية تعلن السيطرة على الأجواء، طموحها يشغل بال الشعراء، تستيقظ «من النجمة» لتسقي حديقة منزل أهلها قبل أن تذهب إلى الجامعة، ثم تعود وتعاتب الخادمة التي لم ترتب الورود في الصالة، فإذا لم تفعل «العروس» ذلك وبقيت في فراشها تتنقل ما بين المسلسلات التركية فلن يلتفت الشعب إليها وسـ»يقزرها» سهرات وصرمحة بين المطارات… بحسب العروس سيختار الشعب العريس، فإنْ «قدّمت» العروس السبت فسيمد الشعب كفه إليها بالأحد، وإن أعطته الأربعاء فسيطبع يوم الاثنين على جبهتها الكريمة.

صدقوني، الشعب –في الأغلب- لا يبالي للأسف ما لم يشعر أن الحكومة تبالي، والخيار لها هي، وها هو الشعب يغني لها قصيدة نزار قباني: «إني خيرتك فاختاري، ما بين الموت على صدري، أو فوق دفاتر أشعاري، لا توجد منطقة وسطى، ما بين الجنة والنارِ»، ثم يكمل الشعب: «قولي… انفعلي… انفجري، لا تقفي مثل المسمارِ، لا يمكن أن أبقى أبدا، كالقشة تحت الأمطارِ، مرهقة أنتِ وخائفة، وطويلٌ جدا مشواري»، الله الله الله عليك يا نزار كم تُسكرنا كلماتك العظيمة وهي تدور بيننا بلا أقداح، وليتها تُسكر الحكومة وهي جالسة والشموع حولها في شرفتها المطلة على مياه الخليج تتذكر ذنوبها، وليتها تتأثر فتبكي مثلنا على ما حدث لهذا الوطن اليتيم الذي بعثرت أمواله على ملذاتها.

نزار، ليت الكويت وقفت كما تقف حبيبتك، كالمسمار، كنا قَبِلْنا على مضض، فقضاء أخف من قضاء، ليتها فعلت ولم تقف منحنية كالعرجون الذليل، في منظر يبكي أبا جهل وأمية بن خلف. ويمينا بالله يا نزار، لو شعر الناس بصدق حكومتهم وشاهدوا تشكيلة وزراء مقنعة لوقفوا أمامها سدا منيعا ولا سد مأرب، يدافعون عنها بأنفسهم وأولادهم. ليتها تعلن لنا الآن قبل الغد توبتها ونيتها بدء صفحة جديدة ناصعة الانجاز.

واستأذنك يا نزار بإضافة بيت من عندي موجها إلى الحكومة: «قومي بل هبّي واقفة، وستجري كل الأنهارِ». 

محمد الوشيحي


أعيدوا النقطة
 يا هوه

والله العظيم لو أنك ارتديت بشتك وزيّنت صدرك بما لذ وطاب من الأوسمة ووقف خلفك مرافقوك من الحشم والخدم واستعنت بأجهزة الدولة كلها وأجهزة نوكيا فوقها، ثم وقفت أمام المصورين ليلتقطوا صوراً فوتوغرافية لك، لما استطعت أنت التقاط صورتك الحقيقية من الأرض إذا سقطت من أعين الناس، وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عفوا، دشيت عرض على المقالة، ومن يلومني بعدما سرقت حكومتنا نقطة من «كويت الريادة» وتركتها لنا «كويت الربادة»، وكنا حتى العام الماضي الأوائل عربيا على مستوى الحريات الصحافية بحسب المنظمات العالمية، وبعد القبض على الزميل المذيع بداح الهاجري سينخفس ترتيبنا أخفس الخافسين! يا أخي ملعون أسلاف المنظمات العالمية وتقييمها سواء وضعتنا على قمة الترتيب أو على سفحه، كيف سنقيّم نحن مستوى حرياتنا والسالفة صارت «كلمة والثانية تروح أمن الدولة»؟

وأمس اتصلت بشقيقي، أو «شكيكي» كما يقول «صديكي» الزميل سعد العجمي، الذي يحوّل القاف – بين جملة وضحاها – إلى كاف، فلا فضل عنده لحرف على حرف إلا بالضمة، وكلنا لآدم وآدم من تراب. المهم اتصلت بشكيكي فوجدت موبايله مغلكا، فلطمت وجهي خمس لطمات عجاف: «هل قبضوا عليه في أيام القبض المباركة أم ماذا؟».

حكومة «لو عثرت بغلة في العراق»، قطعت عنا الكهرباء، السنة تلو السنة، ومنا المرضى والشيوخ والنساء والأطفال، ولايزال كبارها في الحكومة على كراسيهم، لم يتزعزعوا قيد أنملة ولا عقربة، وتركت مستشفى جابر بحجر واحد لا أنيس له في الخلاء الخالي، وماتت مواطنة لعدم توافر سرير لها في مستشفيات دولة تقرض البحر مياها واليابسة رمالا، ولم تحل حكومتنا نفسها إلى أمن الدولة، كما فعل خليفة الخرافي، بل جثمت على أنفاس الكراسي وأنفاسنا بكل قواة عين.

حكومة «ضربني وبكى وسبقني واشتكى»، لم تقم مشروعا واحدا ينفع الناس ويمكث في الأرض، لكنها جرت جري وحوش البر لترضي وحوش البحر فأقرت «قانون الاستقرار»، ولولا «الاستقرار» لمرجحتنا زلازل الفقر. ولذلك ومن أجل ذلك سكتت تيارات «الرفاه السياسي» عن انتقادها والهجوم عليها، لأنها «استقرت بالاستقرار»، وكلما اهتزت «ستستقرها» الحكومة.

طيب آمنا بالله، خالد الطاحوس وضيف الله بورمية وخليفة الخرافي قالوا كلاما يستحق المحاسبة والاقتصاد، مع رفضنا للتعسف ضدهم، لكن ما ذنب بداح الهاجري ليحتجز في زنزانة؟ هل «البيع جملة»؟ ستقول إنها أوامر النيابة؟ ماشي، النائب العام والقضاء كله على العين والرأس، نحترم ونجل هذه السلطة، لكننا نتحدث عن ظروف الحجز، لماذا لم يُحتجز الهاجري في غرفة عادية فيها كرسي وتلفزيون ويُعطى الصحف والكتب والشاي والقهوة، بل والكابتشينو إذا أراد، على اعتبار أنه إنسان لا يمثل خطرا على أمن الدولة؟ أم أن القضية تعذيب وإرهاب؟ ستقول نحن أفضل من غيرنا، فلا سراديب مظلمة ولا قلع أظافر ولا حرق لأعضاء الجسم؟ وسأقول لك «صح لسانك لو أنك لم تقل ذلك»، وإن سحبتنا للمقارنة بعراق صدام فسنسحبك للمقارنة بـ»فنلندا هالونين»، وإذا كنت لا تحب الدول الاسكندنافية وبردها، فسنأخذك إلى اليهود أحفاد القردة، لتنظر ما الذي سيحدث لرئيس حكومتهم ووزير داخليته لو تعرض مواطن اسرائيلي أمه قردة (كما نزعم نحن أحفاد ملكة النحل) لهزّة كتف، هزة كتف فقط من قبل الحكومة.

أعيدوا إلينا النقطة، قبل أن تصيبنا النقطة… وفي ختام حفلنا الكريم لا يسعني إلا ان أستذكر ما قاله الزميل في هذه الصحيفة، الشاعر المتمرد أحمد مطر في واحدة من أعظم قصائده: «ستعود أوطاني إلى أوطانها، إن عاد إنساناً بها الإنسان». 

محمد الوشيحي

ماش خلاف يا القلاف

نحن في السنوات الخداعات التي حدثنا عنها رسولنا صلى الله عليه وسلم، خذ العلم وما جاك عندي. نحن في زمن سيد حسين القلاف، الذي أعاده الله إلينا سالما على الطائرة الأميرية قبل أيام. وسيد القلاف سيبكي أمامك على الدستور، لكنه سيتشقلب بعد قليل وسيطالب بتعليق الدستور من كرعانه على ناصية الشارع، هل كيف؟ لا أدري.
وسيطالب بالحريات، لكنه سيظهر على إحدى الفضائيات وسيطلب من أمن الدولة، على الهواء مباشرة، القبض على "المذيع الضابط".
لماذا؟ لأنني لم أمسح له جوخا كما اعتاد البعض أن يفعل له. إنه تدين الساسة موديل 2009 الدفعة الثانية.
القلاف بطل الأولمبياد في عدم تقبل النقد والخسارة… تنتقده؟ يا ويلك ويا سواد ليلك، عقيدتك مشكوك فيها مفروغ من أمرك، راجع الإدارة… لا تنتخبه؟ ستغضب عليك جدته يوم القيامة. طيب وما شأن جدته رضي الله عنها في انتخابات الدوائر الخمس والعشرين؟ اللهم "لا علم لنا إلا ما علمتنا".
سيد القلاف، اسمعني وأنا أخوك، أو "وأنا أخيك" كما هي لهجتي واللهجة المنقرضة لقبيلة أزد شنوءة: "ماش خلاف يا القلاف في هجومك علي، فغيرك كثر هاجمتهم وهاجموني، وهذا دأب الصحافة والصحافيين، أو بعضهم على الأقل، لكن قبل أن تهاجم أحدا أو تتهجم عليه، أحضر كفيلا بأن دموعك لن تنهمر على خدك في حال رد عليك الآخرون الصاع صاعين والكف السياسي كفين، وأحضر كفيلا آخر، يرحمنا ويرحمك الله، يضمن لنا ألا تستنجد بجهاز أمن الدولة ولا أي جهاز حكومي آخر، عندها تعال وستجد أوراقنا مفتوحة لك قبل قلوبنا، وأقلامنا ممدودة لك قبل أيدينا".
سيد القلاف، إذا أتاك رسولي هذا، وقبلت الشروط فارسم لنا توقيعك المبارك على ورقة وارفق معها توقيعات شهود ثقات أربعة. معلش سامحني، فأنا لم أعتد الاصطدام بالمرهفين، ولم أكن أعرف أنك مرهف الاحساس. لكن قبل ذلك أجبني ممّا أجابك الله: تعلم ونعلم أن أغلبية نواب البرلمان السابق سيعودون هم أنفسهم، وهم من تسميهم "التأزيميون"، فلمَ أتعبت نفسك وتركت مستشفاك وعدت لنا من هناك لترشح نفسك، فإن سقطت ستحمّل الناخبين المساكين ذنبك إلى يوم الدين، كما فعلت سابقا، وإن نجحت فستستقيل؟ هاي غير حجاية سيد؟ إلا إذا كان الهدف من عضويتك مواصلة المطالبة بتعليق الدستور من كراعينه.
* * *
ثلة من عشاق الوطن الشباب أسسوا موقعا إلكترونيا يدعو إلى الانتخاب على أساس الوطن فقط، لا على أساس القبيلة ولا العائلة ولا الطائفة ولا الفئة، تابعوا موقعهم وستصفقون لهم بقلوبكم قبل أيديكم www.for_q8.com

محمد الوشيحي

ماش خلاف 
يا القلاف

نحن في السنوات الخداعات التي حدثنا عنها رسولنا صلى الله عليه وسلم، خذ العلم وما جاك عندي. نحن في زمن سيد حسين القلاف، الذي أعاده الله إلينا سالما على الطائرة الأميرية قبل أيام. وسيد القلاف سيبكي أمامك على الدستور، لكنه سيتشقلب بعد قليل وسيطالب بتعليق الدستور من كرعانه على ناصية الشارع، هل كيف؟ لا أدري.

وسيطالب بالحريات، لكنه سيظهر على إحدى الفضائيات وسيطلب من أمن الدولة، على الهواء مباشرة، القبض على «المذيع الضابط».

لماذا؟ لأنني لم أمسح له جوخا كما اعتاد البعض أن يفعل له. إنه تدين الساسة موديل 2009 الدفعة الثانية.

القلاف بطل الأولمبياد في عدم تقبل النقد والخسارة… تنتقده؟ يا ويلك ويا سواد ليلك، عقيدتك مشكوك فيها مفروغ من أمرك، راجع الإدارة… لا تنتخبه؟ ستغضب عليك جدته يوم القيامة. طيب وما شأن جدته رضي الله عنها في انتخابات الدوائر الخمس والعشرين؟ اللهم «لا علم لنا إلا ما علمتنا».

سيد القلاف، اسمعني وأنا أخوك، أو «وأنا أخيك» كما هي لهجتي واللهجة المنقرضة لقبيلة أزد شنوءة: «ماش خلاف يا القلاف في هجومك علي، فغيرك كثر هاجمتهم وهاجموني، وهذا دأب الصحافة والصحافيين، أو بعضهم على الأقل، لكن قبل أن تهاجم أحدا أو تتهجم عليه، أحضر كفيلا بأن دموعك لن تنهمر على خدك في حال رد عليك الآخرون الصاع صاعين والكف السياسي كفين، وأحضر كفيلا آخر، يرحمنا ويرحمك الله، يضمن لنا ألا تستنجد بجهاز أمن الدولة ولا أي جهاز حكومي آخر، عندها تعال وستجد أوراقنا مفتوحة لك قبل قلوبنا، وأقلامنا ممدودة لك قبل أيدينا».

سيد القلاف، إذا أتاك رسولي هذا، وقبلت الشروط فارسم لنا توقيعك المبارك على ورقة وارفق معها توقيعات شهود ثقات أربعة. معلش سامحني، فأنا لم أعتد الاصطدام بالمرهفين، ولم أكن أعرف أنك مرهف الاحساس. لكن قبل ذلك أجبني ممّا أجابك الله: تعلم ونعلم أن أغلبية نواب البرلمان السابق سيعودون هم أنفسهم، وهم من تسميهم «التأزيميون»، فلمَ أتعبت نفسك وتركت مستشفاك وعدت لنا من هناك لترشح نفسك، فإن سقطت ستحمّل الناخبين المساكين ذنبك إلى يوم الدين، كما فعلت سابقا، وإن نجحت فستستقيل؟ هاي غير حجاية سيد؟ إلا إذا كان الهدف من عضويتك مواصلة المطالبة بتعليق الدستور من كراعينه.

* * *

ثلة من عشاق الوطن الشباب أسسوا موقعا إلكترونيا يدعو إلى الانتخاب على أساس الوطن فقط، لا على أساس القبيلة ولا العائلة ولا الطائفة ولا الفئة، تابعوا موقعهم وستصفقون لهم بقلوبكم قبل أيديكم www.for_q8.com