التصنيف: محمد الوشيحي - آمال
جاسم الخرافيكوف
وحياة أشيائي كلها، لا يغضبني شيء كما يغضبني تحوُّل الأحرار إلى عبيد، وتحوُّل الرؤوس إلى أذناب، والطأطأة خوفاً وطمعاً، وقمع الـ«لا» التي تتسلق القفص الصدري لتصل إلى الفم ومنه إلى مسامع القياصرة، فتصطادها كلاب الخوف وتعيدها إلى القفص ثانية لتستبدلها بابتسامة ذليلة، كما يحدث في بعض صحفنا تجاه رئيس البرلمان جاسم الخرافي المصونة ذاته عن النقد.
فأن يصرّح النائب عادل الصرعاوي منتقداً أداء الرئيس، السابق حينذاك، جاسم الخرافي، فتمنع الصحف كلها نشر التصريح، وتنشره فقط صحيفتان هما جريدة «الجريدة» وجريدة «الآن» الالكترونية، فهو العيب وشق الجيب. وما يحدث من وأد للتصريحات المضادة للخرافي ودفنها في سلة المهملات، وإبراز الأخبار التي تمشي خلفه بالطبلة والمزمار على صدر الصفحات الأولى، هو أمر يدفع النملة لتحك رأسها وتسأل أقرباءها: كيف نموت نحن تحت الأحذية، ولا يموت البعض وهم تحت الأحذية؟!
ويبدو أن سؤال النملة كسَّر قيد أسئلتي، فتزاحمت على باب الطوارئ: هل أعادنا الخرافي إلى العصر السوفييتي؟ وهل يريد تحويل صحفنا إلى «برافدا»، صحيفة الحزب الشيوعي؟ وهل رئيس برلماننا هو المواطن الكويتي جاسم محمد عبدالمحسن الخرافي أم هو فلاديمير محمد عبدالمحسن خرافيكوف، الزعيم السوفييتي؟ وهل فعلاً لم يخطئ السيد الخرافي مرة واحدة في تاريخه السياسي؟ إذا كان كذلك فهل هو معصوم؟ أنا بحثت في القرآن عن اسم جاسم الخرافي ولم أجده، ولا أظن أنني سأجده لو بحثت عنه في التوراة أو في الانجيل أو في زبور داود، ولا حتى في محظورات النشر في قانون المطبوعات، فهل هذه هي الكويت التي تصدرت للمرة المليون ترتيب الحرية الصحافية على مستوى العرب؟! إذا صح هذا فتبّاً للعرب سبع مرات إحداهنَّ بالتراب.
أيها الصديق الكبير جاسم الخرافي، عطفك ولطفك على صحافة الكويت التي يقول الناس إنك كبلتها بأموالك، عبر احتكارك تجارة الورق وإعلانات شركاتك العملاقة، وشوّهت وجهها بنفوذك. لكن ما الذي يميّزك عن سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد، ونائبه الأول الشيخ جابر المبارك، وبقية الشيوخ، الذين علقنا لهم أعواد مشانق النقد في الحل والترحال؟ هل مقامك أكبر من مقام أبناء الأسرة الحاكمة وبقية الكويتيين؟!
الأخ الرئيس، هل تعرف أنه لولا التنفيس عن الناس بنقد قيادات الحكومة ورموز البرلمان لانفجرت الأوضاع، وأن عدم حقد الناس على الشيخ أحمد الفهد، بل والتعاطف معه أحياناً، سببه هو هجوم الصحافة المتواصل عليه، بما نفّس عن الصدور غيظها، بينما أبقيت أنت الغيظ في الصدور يتراكم ويكبر بشكل مرعب مخيف.
الأخ الرئيس الأحمر، لقد بلغ الغيظ في صدور الناس الخط الأحمر… فاحذر.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
الصهبجية وخالد الهلال
خلاص، يكفينا لت وعجن ودق وطحن في وصف حكوماتنا، حبّات السبحة، حكومات التوائم اليابانية التي لو حاولت إيجاد فروقات بينها لبكيت بكاء لا شفاء بعده، كلها سيم سيم. على أن الوصف الأمثل للحكومة التي تشكلت أمس الأول هو ما جاء في أغنية «الصهبجية» التي غناها سيد مكاوي، وكتبها صلاح جاهين وأدمنها الأخوة الحشاشون: يا صهبجية آه يالاللي، عايزين شوية، آه يالاللي، حاجة م اللي هية، آه يالاللي، حبة (آهات) على (عيني) على (ليلي) على (ترالاللي).
هي حكومة حبة آهات، على شوية يا عيني، مع شوية يا ليلي، على كثير من الترالاللي. والترالاللي فيها هو الأكثرية، أما الجديد الوحيد فهو عودة «القديم» أحمد الفهد، ولا حديث للناس إلا عن عودته، وهو لم يكن ليقبل العودة لولا أنهم أرضوه بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون التنمية الاقتصادية، واترك عنك كليشة السياسيين «أنا جندي أخدم بلدي من أي موقع»، واترك عنك أيضا بقية المنصب، وزير الدولة لشؤون التنمية ووزير الدولة لشؤون الإسكان، فالمنصب الأخير هذا منحوه إياه لسبب يتيم، وهو وجود مكتب يحتوي خط تلفون وموقف سيارة يستطيع الفهد من خلال المكتب هذا إدارة مسؤولياته، ولولاه (أي لولا وجود المكتب في وزارة الإسكان) لاستأجر صاحبنا شقة في حولي شارع تونس، وجاءت وزارة الاسكان لتحل محل شقة شارع تونس.
وهذه ذقني، سأسكسكها لو التفت أبو الفهود إلى وزارة الاسكان، وسأحلقها لو لم يترك «الإسكان» أمام باب المسجد ليلتقطها أحد العائدين من صلاة الفجر ويسلمها وزارة الشؤون، تؤويها وتصرف عليها. هذا بالنسبة لذقني، أما في ما يخص رموشي فسيُدنْدِن عليها معجون الحلاقة لو عيّنت الحكومة متحدثا باسمها يقف أمام وسائل الإعلام ليناقشها أسبوعيا حول أدائه وأداء ربعه الوزراء، أو لو ألغت الحكومة دعمها لبعض «الصُحْفجية»، على رأي الشاعر الفاجومي، أو لو قال أحد الوزراء للرئيس في أي موضوع «لا»، أو لو تجرأ وزير وطلب مناقشة أحد زملائه في شؤون وزارته، كما ينص الدستور، وخصوصا إذا كان الزميل هذا شيخا، طبعا باستثناء أحمد الفهد الذي سيناقشك في أمور وزارتك وسينسى وزاراته… ويا صهبجية آه يالاللي، عايزين شوية آه يالاللي، حاجة م اللي هية، آه يالاللي، حبة جسور على مستشفيات على مدارس في حولّي.
وبأمانة شديدة، أنا متفائل بقدرة الفهد على التنمية، وأعتقد أنه الوحيد الذي كان سيحطم رقم مسلم البراك في عدد أصوات الناخبين لو أنه خاض الانتخابات، ولا عزاء للتحالف الوطني وأمينه العام خالد الفضالة، وجريدتَي «الجريدة» و»القبس»، وتحديدا الزميل خالد الهلال، رئيس تحرير هذا الجرنال الجميل، والنائب عادل الصرعاوي الذي يتعامل مع الفهد كما يتعامل النائب ضيف الله بورمية مع القروض، على طريقة الإيدز، يعض خشمك الكريم ولا يتركك إلى أن تقوم الساعة… تموتان أنت وهو، فيسري عليك من قبره إلى قبرك ويعضّك! يا عمي خذ نظارتي الشمسية وفكني/ لا / طيب خذ النظارة والساعة والموبايل والكفن/ لا / طيب، أنا وأنت في مقبرة واحدة، يعني بِجاه حقوق الجيرة حل عني/ لا… هذي والله البلشة. ليس أمامك إلا أن تعيش طبيعي وهو متعلق بخشمك.
هم يستحقونها… ونحن كذلك
أبو مشاري المطيري
سهرتنا صبّاحي
البعض لامني على مقالتي السابقة «ضاقت وفرجت»، بحجة طغيان التشاؤم واللون الأسود على ما سواه في المقالة، وأنه يجب أن أنثر التفاؤل في الأجواء. وأنا والله ليس بيني وبين التفاؤل ما يعكر الصفو، مجرد سوء فهم وسينجلي، لكنني أتحدث وأراقب وأنا على الأرض، بينما يلومني البعض وهو يشرب العصير مع الملائكة.
ومع ذلك، حاضر يا سيدي، سأتفاءل، أو على الأقل لن أدعو إلى التشاؤم، وسأضع باطن كفي على خدي الأيمن وأنتظر، ولن أنتقد الحكومة قبل ارتفاع الدخان الأبيض وإعلان تشكيلها، بل وفوق ذلك، لكم مني عهد ونذر ووعد إن جاءتنا حكومة ملو هدومها أن أرتدي هدومي بالمقلوب وأقف أمام مبنى «الجريدة» عرضة لتصوير المارة وتعليقاتهم الراقية، عقاباً لي وردعاً لأمثالي، لكن بالمقابل على المتفائلين، في حال تشكلت حكومة «طمام المرحوم»، أن يفعلوا الفعل ذاته، أي أن يحضروا إلى مبنى «الجريدة» ويقفوا أمام البوابة مرتدين هدومهم بالمقلوب، وسأتكفل أنا بالتصوير المريح… هاه، اتفقنا؟… الكلام المجاني مجاني، لا يسمن ولا يغني، تعالوا لنحسم الأمر بالرهان الذي شرحته، ولنقف على بوابة «الجريدة» في انتظار بيان تشكيل الحكومة.
ولا يعني تطعيم الحكومة بلاعب محترف أو لاعبين اثنين أن يكون الفريق قادرا على منافسة ريال مدريد ودفع الجماهير لملء المدرجات والتمايل على ايقاع تمريراته البرازيلية، لا يا صاحبي، حدثني عن فريق متكامل يسر الناظرين، أو على الأقل، فريق متكامل لكنه يعاني نقطةَ ضعف واحدة أو نقطتين، وسأوافق منشان عيونك.
شوف، سمو رئيس الحكومة وعَدنا بـ»حكومة قوية» هذه المرة، وكأنه يقول إنّ حكوماتي السابقة كانت ضعيفة، وإنّ ما مضى ليس إلا غشمرة في فنجان، وإنْ لم تنجح الحكومة القوية المقبلة فسيأتي بـ»حكومة حدها قوية»، ثم «حكومة حدها حدها قوية»، وسهرتنا صبّاحي.
وكي تكون الحكومة قوية، لا أظنها ستخلو من الوزير الإسفنجي الشيخ صباح الخالد، الذي ما إن تعصره عصرة خفيفة حتى يتناثر ماؤه، وإنْ تعصره أكثر يتناثر أكثر. وهو بالذات أداؤه مثل حظنا في حكوماتنا.
ولا أظنها ستخلو من الوزير أحمد باقر، الذي يكمن للفوائض المالية وراء الجبل، وعسى ما أنت فائض مالي وتمر أمام باقر، يقط اللي في ايده ويلحقك. ولا أظن الحكومة ستخلو من رمز القوة والمتانة، جي أم سي «يوكن»، الشيخ أحمد العبدالله الذي أزاحوه من الوزارات المهمة وأعطوه وزارة النفط، يطقطق فيها لين الله يفرجها.
سأتفاءل يا صاحبي وأنا أمسح دموعي ذات اليمين وذات الشمال… سأتفاءل بالاستعانة بالمناديل… سأتفاءل وسأنتظر على بوابة «الجريدة» كل من يقبل الرهان، ويبدو أن أحدا لن يأتيني، فالناس اليوم في لحظات ادخار الدموع في انتظار بيان تشكيل الحكومة، أما أنا فقد سددت ديني وصرفت رصيدي من الدموع «مقدماً» وارتحت وتفرغت للتفاؤل، ونحن السابقون وأنتم اللاحقون، وسهرتنا صباحي.
ضاقت وفرجت
الحمد لله، «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها»، حطّيت ايدي على قلبي وخفت أن تأتيني حكومة فعّالة، مبادرة، إصلاحية، بنت أبوها، تقطع رزقي فلا أجد ما أنتقدها به، وأضطر إلى حمل قلمي على كاهلي وأغادر شارع الصحافة إلى منزلي لقراءة الكتب المكدسة في مكتبتي، وأعتمد في رزقي على الأدب وكتابة المسلسلات والروايات والأغاني، كما في خطتي الخمسية. لكن ربك الكريم، رازق الثعابين في جحورها، لم يرض لي ضنك المعيشة، فأعاد لي حكومتنا الكنز، فصرت أردد وأنا ألهث وأمسح العرق من على جبيني «فرجت وكنت أظنها لا تفرجُ». يا ما انت كريم يا رب. يبدو أنه لا نصيب لنا في الأدب، وليس لنا إلا قلة الأدب.
الحمد لله، حكومتنا المقبلة هي حكومتنا الماضية، والجود من الموجود، ومن فات قديمه تاه، واللي ما له أول ما له تالي، وعتيج الصوف ولا جديد المدري شنو، واللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه، وعسى الله لا يغير علينا، وربع تعاونوا ما ذلوا، والولد وإن طاب طيبه من خواله، وطاق طاق طاقية.
الحمد لله، حكومتنا خذت فوق حدر وعادت لنا، ولن تغادرنا هذه المرة إلا بعد ان تحوّل ديمقراطيتنا إلى أنقاض ينعق فيها البوم ويرقص على جدرانها المطالبون بحل الدستور، حلّ الله بطونهم وجباههم وظهورهم، وجزاهم الله خير الجزاء.
الحمد لله، ستعود لنا حكومتنا التي نعرفها وتعرفنا وتحتقرنا، فلا رئيسها يتحدث لنا كشعب بما يريد أن يفعل بنا وبعيالنا، ولا هو الذي عيّن أحد وزرائه متحدثاً رسمياً باسم الحكومة، فنحن «مو كفو». وشر البلية ما يفقع الخشم… فقعاً طيباً.
الحمد لله، لاتزال عيون الكويت حبلى بالدموع، وبإمكانها البكاء سنة أخرى، شوراها، ما وراها شيء. الحمد لله، سيعبث البعض بوحدتنا الوطنية، ولن تحاسبه الحكومة لأنه يمتلك وسائل إعلام تطبل للرئيس ساعة وتحرق البلد ثلاثاً وعشرين ساعة فقط. والحمد لله الذي لا يحمد على حكومتنا سواه.
يا عمي… ولّع لي زقارة يرحم أمك وأم من يهمك، وتعال معي نقرأ سير العظماء، ونتوقف عند سيرة الرئيس الأميركي الأسبق ابراهام لينكولن، الذي احتفل الأميركان بذكرى مئويته الثانية قبل فترة، والذي اختير كأفضل رئيس أميركي منذ التحرير إلى اليوم، وركز معي في حديثه لأحد قيادييه الذي اشتكى الإرهاق: «سحقاً لك ولكل قيادي مترف، وسحقاً لحكومة لا تحترق من أجل شعبها»، وتعال نرد عليه: «سحقاً لك أنت يا لينكولن وسحقاً للشعب الأميركي الذي تخشاه حكومته، وسحقاً لشعب لا يحتمل حكومته وهي تحرقه، ويزعجها بآهاته»… وآآآآآآآآه.
ياهات بيضاء
نتائج الانتخابات هذه، لا هي بالتي تدفعك إلى توزيع الهدايا لشدة فرحتك، ولا هي بالتي تجعلك تثور في وجوه أطفالك لشدة غضبك، هي بين بين، يعني مرة توزع هدية وأخرى تصرخ في وجه طفلك.
على أنّ المفرح في الأمر هو نتائج النساء هذه المرة، إنه «انتقام امرأة»… وستكبر فرحتنا إذا صدقت الأحاديث عن تكليف الشيخ سعود الناصر برئاسة الوزارة و»عودة فرسان الأسرة الحاكمة»، من أمثال الشيوخ أحمد الفهد، الذي سيكشف عن الوجه الآخر الجميل في شخصيته، ومحمد الخالد، وثامر الجابر، وآخرين، ويا سلام لو ضمت مقاعد الشيوخ في الحكومة شيخة واحدة أو أكثر، من باب ردّ تحية الشعب بمثلها أو بأحسن منها. ثم «شفيهم» الشيخات، ما الذي يمنع ذوات الكفاءة منهنّ أنْ يتقلدْنَ المناصب الوزارية؟
طبعاً حق اختيار رئيس الوزارة بيد صاحب السمو أمير البلاد وحده، حفظه الله، لكنني أتحدث عن أنباء ورغبات، لا أكثر، خصوصا أنّ مزاج الشعب هذه المرة من النوع «المدني» كما هو مزاج الشيخ سعود، ومزاج التنمية من الأساس، وفي الأحوال كلها، سواء اختير الشيخ سعود للرئاسة أو اختير غيره، سنقول لوالدنا سمعاً وطاعة. على أنّ المهم هو إدراك الناس أن الكويت الآن لا تحتاج الى المشاركة في الأولمبياد، ودخول سباق المئة متر، بل هي في أمس الحاجة الى قبلة الحياة والإسعافات الأولية، الآن الآن وليس غداً، فهي تبحث عن الحياة، أما الأولمبياد فملحوق عليه.
يااااه لو يأتينا رئيس حكومة يكسر الأقفاص لتخرج عصافير المبادرات فتحلق عالياً على أنغام الأغاني الوطنية، يااااه لو يظهر رئيس الحكومة المقبل أمام وسائل الإعلام ويقول كما قال الرئيس الجزائري بوتفليقة: «ليتأكد الوزراء أنني سأحاسبهم قبل أن يحاسبهم البرلمان»، يااااه لو يظهر الرئيس المقبل على رؤوس الأشهاد وأمام عيون العباد ليعلن أفكاره ورؤاه، يااااه كم ستتعافى ضحكات الأطفال حينئذٍ، وكم ستزدحم ميادين العرضة بالسيوف والطيران، وكم سنفتح أعيننا إلى أقصاها فرحاً ولهفة عند إقلاع الطائرات بنا أو هبوطها، بعدما كنا نغلقها أثناء الاقلاع والهبوط كي لا نرى المنظر المبكي فنبكي.
يااااه لو أن رئيس الحكومة المقبل في أول يوم لحكومته يصرح بأن الأولوية الأولى هي محاربة التشظي والفتنة ودعاتها ووسائل إعلامها، وأنه لن تأخذه في ذلك رحمة ولا شفقة.
هذه «ياهات» مواطن حالم، لديه من الأمل ما يكفي لعودة الكويت الى مركزها السابق فوق السحابة تلك.
فطير ونيسة
دعقة
"اللهم احفظ الدائرة الثالثة بعينك التي لا تنام، اللهم يا رب وأنت تعلم أنها كل رصيدنا في الكويت، وهي (اللي حيلتنا)، فأطل عمرها على حساب أعمار الدوائر الأولى والثانية والخامسة"، أما الرابعة فهي دائرة "هكّا وهكّا"، على رأي الليبيين، لا هي بالفاتنة كالدائرة الثالثة، ولا هي بالقميئة كالدائرة الخامسة، الله يزيد النعمة، ولا هي بالماصخة التي تخلو من النكهات جميعها، كما هي الدائرة الثانية، دائرة الرز الأبيض المسلوق الحاف، التي تحدد اجتماعات أوبك نتائجها، فلا علاقة لنا بالثانية أبداً، أسعار النفط هي التي تدلي بأصواتها، والبراميل هي التي تقف في طابور الاقتراع، وسعر صرف الين الياباني هو المفتاح الانتخابي! هي دائرة لا تنتمي إلى "عاداتنا وتقاليدنا".
ولا أغبط أحدا كما أغبط ناخبي وناخبات الدائرة الثالثة التي تقدم بوفيها مفتوحا من المرشحين، بينما تقدم لك الدائرة الخامسة "تمرا بالمرق" فقط، إن شئت فتفضل باسم الله، وإن لم تشأ فـ "خذ الشارع الفرعي يسار" وهناك يمكنك أن تتضور جوعا بعيدا عن الزحام… يمينا بالله، لم أجد أكثر من مرشحين اثنين "يستحقان" التصويت في الخامسة، وعلى مضض، أو قل على مرض.
في الخامسة والأولى، يتزوج أحد أبناء العوائل المتفرعة من بعض القبائل أو الطوائف، فينجب أبناء ثلاثة، ويحدد لكل منهم مستقبله: هذا مهندس، وهذا طبيب، والثالث عضو مجلس أمة! حتى لو عجز "عضو المستقبل" عن تأمين حياة كريمة للعنزتين "عِطرة ودِعقة". ومن يلوم الأب وهو الذي "يحتكم" على أكثر من عشرة آلاف صوت مبحوح، أو مقطوع، يأتمرون بأمره، خوفاً وطمعاً. وليس أمام البعض في الدائرتين الأولى والخامسة، في الأغلب، إلا أن يستجدوا والد هؤلاء الأبناء الثلاثة كي يدفع أحدا آخر من أبنائه غير هذا القائد الهمام الذي أضاع العنزتين.
الآلام في الخامسة والأولى لا يجدي معها إلا الطواف حول الكعبة، ورفع الأيدي في الأسحار: "اللهم إنهما ظلمتا الكويت فانتقم، اللهم اقصف عمريهما، ولا تأخذك بهما شفقة ولا رحمة يا عظيم يا جبار"، ثم أكمل طوافك وارفع يديك بالدعاء للثالثة: "اللهم إنها سيدة الدوائر، والمرشح فيها لم يستيقظ من نومه فيجد الآلاف تدعمه من دون جهد منه، بل هو يكح ويسعل كي يحصل على صوت، اللهم وأنت تعلم أنها دائرة تعتمد على النخاع المستطيل، واللسان الجميل، لا هو بالطويل ولا بالثقيل، والقلب الذي لا يعرف المستحيل، اللهم إنا نعتمد عليها بعد اعتمادنا عليك فاحفظها للكويت ومستقبلها، آمين".