محمد الوشيحي

العاشق الخالد

وهذا لون زاهٍ آخر يسقط من لوحة الكويت، بعد طغيان اللون الأشهب عليها. ها هو الخالد في الذاكرة، حمد الجوعان، يوارى الثرى، ومعه حزنه على حال الكويت، معشوقته التي أفنى أجمل سني عمره لتزيينها وتجميلها والدفاع عنها.
بوفاة هذا الخالد، عادت ذاكرتنا المشوشة، لتسرح في أزقة الماضي القريب وحواريه. عادت بنا ذاكرتنا إلى أيام كان فيها حمد الجوعان وصحبه، من أمثال مشاري العصيمي وغيره، أطال الله أعمارهم، هم أصحاب التشريع والرقابة، وقبلهما الرؤية والتنفيذ. متابعة قراءة العاشق الخالد

محمد الوشيحي

كي لا يبكي ميسي والحوطي

الكويت في هذه اللحظة تضج بالصراخ، في أكبر تمثيلية شعبية مملة، عنوانها “إيقاف الكرة الكويتية عالمياً”. الفريقان المختلفان يتباريان بالبكاء، وكل من يبكي على مقام النهاوند يتبع فريق طلال الفهد، وكل من يبكي على مقام الصبا يتبع فريق الحكومة. والدنيا فسطاطان، واختر فسطاطك.
ويتباكى هؤلاء وهؤلاء على قرار إيقاف الكرة الكويتية، وهم الذين لم يتباكوا على نوعية ملاعب أنديتهم، ومستوياتها، وطبيعة أرضياتها، ومبانيها، وطريقة تشكيل أعضاء مجالس إداراتها، ووو… متابعة قراءة كي لا يبكي ميسي والحوطي

محمد الوشيحي

الباكستاني والأميركان مِن أي عرب؟

كل شيء يمكن تحقيقه بالعزيمة القوية والإرادة الصلبة. والحمد لله، ما إن أغلقنا ملف مذهب عمدة لندن، وعرفنا أنه “سني”، حتى شرعنا في معرفة نسبه وجذوره ومنبت قبيلته، فتفحصناها وفركناها فركاً مبيناً، ورفعناها بيننا وبين الشمس، وتفقدنا الخط، أو الخيط الذهبي فيها، وعرفنا جده التاسع والعشرين.
لكننا مازلنا في منتصف الطريق. فمازلنا لا نعرف من هم أخواله، وهل هم أصلاء أم غير أصلاء، و”من أي العرب” هم. ومازلنا غير متأكدين هل سيدخل هذا العمدة الجنة أم لا، فثمة أقاويل تثبت علمانيته، يقابلها أقاويل وصور انتشرت له مرتدياً ثياب الحج. ولا يهم ماذا يرتدي هو، المهم ألا نرتدي نحن ثياب الخيبة كما فعل اللندنيون، وندعمه، أو نخالفه، بناء على أطروحاته ورؤاه وبقية السخافات والتفاهات، قبل أن نتأكد من مصيره في الآخرة، ونسبه.
لكننا يجب أن نستعجل في إغلاق ملف هذا الباكستاني المسلم بالكامل، كي نتفرغ لمتابعة هؤلاء العلماء الكفرة الأميركان الذين تحصلوا على إذن من إحدى المحاكم الأميركية، يسمح لهم بإجراء البحوث حول إمكانية إحياء الموتى دماغياً وإعادتهم إلى الحياة.
هؤلاء العلماء الفسقة يزعمون أن بعض الأسماك والبرمائيات تستطيع العودة إلى الحياة بعد موتها دماغياً، ويطرحون تساؤلاً فاسقاً: “ما الذي يمنع عودة الإنسان إلى الحياة بعد موته دماغياً؟ ما الذي تمتلكه الأسماك والبرمائيات ولا يمتلكه الإنسان”، عليهم من الله ما يستحقون.
وسأختصر المسافة في النقاش حول هؤلاء العلماء، لأجزم أنهم كفرة فسقة، ومصيرهم النار. هذه النقطة مفروغ منها. لكنني لست متأكداً من أصولهم وجذورهم، من أي العرب هم؟
بقيت ملاحظة قد تفيدنا في البحث، وهي أن كلمة “عرب” في ثقافة أجيالنا السابقة، تعني “ناس”، بغض النظر عما إذا كانوا عرباً أو غير عرب.

محمد الوشيحي

فهدٌ بمخالب فراشة

من تحت الركام عاد إلينا فهد البسام، حياً يرزق. وكنا قد سجلناه في دفاترنا من ضحايا انهيار الحريات، الذين اختفوا تحت الأنقاض.
غاب فهد لسنوات، وانقطع عن الكتابة، منذ كانت الكويت تعيش في العصر الآشوري (قبل نحو أربع سنوات)، وعاد إلى الكتابة مرة أخرى، وقد عادت الكويت إلى العصر ما قبل الآشوري، حيث السادة والعبيد ومطارق الحديد والحيوانات البرية المجنحة. متابعة قراءة فهدٌ بمخالب فراشة

محمد الوشيحي

الربيع العربي الملعون

يشتمون ثورة الشعب الليبي، ويشعلون الفتائل بين الفرقاء الليبيين، ويمدون هذا بالسلاح وذاك بالسلاح المضاد، ثم ينهرونك وأصابعهم تشير إلى ما يحدث في ليبيا: “انظر انظر، هل يعجبك الوضع اليوم؟ هل استمتعت الآن بعدما رأيت كل هذه الدماء؟”.
وقبل أن تجيب، يضعون خريطة سورية أمامك، وصور الشهداء والمدن المدمرة والصرخات المفجوعة، ويكررون السؤال بصيغة أخرى: “هل تريد أكثر من هذا؟ هل اكتفيت من المتعة أم ترغب بالمزيد؟”.
يوجهون أسئلتهم الداكنة هذه إليك وإلى كل من صفق للربيع العربي وهلل واستبشر. ويسمون الربيع العربي “الشيطان العربي”، على اعتبار أن العرب قبله كانوا يعيشون في عصر “الملاك العربي”، وأن خيمة القذافي كانت منارة العدل والسكينة والأمن، وأن أقبية بشار وسجونه ومخابراته كانت مراكز بحوث وحدائق عامة، مع أن ما يحدث فيها مجرد تقطيع بسيط لأيدي المعارضين وأرجلهم، وشوية فقء عيون، على شوية مداعبات خفيفة للأعضاء الحساسة بالحديد الحامي والأسياخ، على نتف شعر، وقلع أظافر، على بعض السخافات المشابهة، يعقبها موت المعارض جراء التعذيب، قبل أن يتم تعذيب أمه وأبيه وصاحبته وبنيه والمنطقة التي تؤويه، لا أكثر. فلماذا التهويل والعويل؟ متابعة قراءة الربيع العربي الملعون

محمد الوشيحي

أزمة وحل

كي تعرف مستوى الأزمة الكويتية، وأين وصل الحال في الكويت، عليك أن تلتقط بعض التفاصيل الصغيرة، التي لا تظهر على الصفحات الأولى في الصحف، ولا تُذكر في نشرات الأخبار، ولا تتطرق إليها جلسات المجلسين، الوزراء والأمة، ولا يعلمها غالبية الناس. توصيف الأزمة الحقيقية وتوضيحها قد تجدهما في ثنايا كلمات المغردين في “تويتر”، أو في مقطع تم تصويره بالهاتف النقال، وتداوله الناس، أو تغافلوا عنه.
على سبيل المثال، يكتب مغرد: “ذهبت إلى مركز خدمة المواطن لتجديد دفتر سيارتي، ولم أتمكن من إنجاز المعاملة لعدم توافر دفاتر سيارات في قسم المرور”. أو عندما تلتقط مغردة صورة لقاعة الانتظار في أحد المستشفيات، مكتظة بالناس بشكل مرعب، وتكتب تعليقاً قصيراً “كل هؤلاء يعالجهم طبيب واحد فقط”، أو عندما يتذمر وزير التعليم العالي أمام الطلبة: “كيف أتمكن من فتح الكورس الصيفي وليس لدي ميزانية؟”. يقول ذلك وهو على وشك البكاء، كبدي عليه، ونحن مثله على وشك البكاء، لكننا لن نبكي قبل أن يبكي هو، من باب الاحترام والتقدير لمعاليه. متابعة قراءة أزمة وحل

محمد الوشيحي

حلب… وما قيل وما كُتِب

كل الكلمات التي تتسابق أمامي على الصفحة لا تصلح للنشر. كل حرف منها يقودني إلى تهمة أمن دولة، وتهم أخرى إضافية، أقلها “الإضرار بالعلاقات مع الدول الشقيقة” و”سب وقذف مشايخ السلطات ومثقفيها”، قبل أن أدخل في متاهات الجرجرة في المحاكم والمطالبات بالتعويض المدني، باعتباري جرحت مشاعرهم.
لكن السؤال هو: ثم ماذا؟ شاهدنا الصور ومناظر الدم، وتابعنا نشرات الأخبار الحمراء. ثم ماذا؟ بكينا، ثم رفعنا أيدينا بالدعاء، ثم شتمنا المُهادنين والمتخاذلين والفرحين… ثم ماذا؟ متابعة قراءة حلب… وما قيل وما كُتِب

محمد الوشيحي

بائع الماء على ضفاف النهر

تعازينا الحارة للبساطة والسلاسة والعمق. تعازينا للحرف والقافية والوزن. تعازينا للحكمة والتلقائية والصعلكة. تعازينا لشعر النظم وشعر المحاورة. تعازينا لعشاق الشعر الحقيقي ومتذوقيه. تعازينا لأهله ومحبيه. تعازينا لعشاق فرائده. تعازينا لشعراء المعلقات السبع في وفاة حفيدهم سعد بن جدلان الأكلبي.
رحم الله كبير سحرة الشعر الشعبي في هذا العصر. رحم الله من كان يزرع كلمة “كيف” في ألسنتنا. إذ كنا، بعد كل قصيدة ينشرها، نتساءل بحواجب مرتفعة: كيف توصل إلى هذا الوصف؟ كيف تمكن من هذه الصياغة؟ كيف أوتي كل هذا، من دون تعليم ولا ثقافة حديثة ولا سفر ولا قراءة، ولا اطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى، ولا يحزنون؟ كيف وكيف وكيف؟
ويقول الشاعر، الساحر الآخر، فهد عافت: “إذا لم ينصف التاريخ سعد بن جدلان، فالعيب في التاريخ”، وأقول لفهد: “الأكلبي هو واحد من أهم مَن كتبوا تاريخ الشعر في الجزيرة العربية، هو واحد ممن صنعوا التاريخ، هو واحد من أبرز سادة التاريخ، والتاريخ لا يتنكر لسادته وأعمامه. فإن بدا عليه اللؤم وأنكر الأكلبي، سألناه: مَن صنعك إذاً؟”، قبل أن نستعين بالشعر شاهداً على نذالة التاريخ، فيفضحه ويكشف جحوده وإنكاره. متابعة قراءة بائع الماء على ضفاف النهر

محمد الوشيحي

الفاشوش الأميركي الفاخر

جاء الشاب الأسمراني الفارع الطول، باراك أوباما، من أقصى الأرض، إلى منطقة الخليج العربي، أو الخليج النفطي، كما في خرائط أذهان الإدارة الأميركية. جاء ولم تكن يداه فارغتين. جاء وفي يديه ثلاثة «أكياس» من الفاشوش الطازج، وستة «كراتين» من الفاشوش المدهون بالشوكولاتة الفاخرة، وأربع علب من الفاشوش النباتي، وخمس زجاجات من الفاشوش الأورغانيك (العضوي).. كثّر خيره.

لكن الخليجيين، للأسف، ألزموه بدفع قيمة جمارك هذا الفاشوش، وأعادوه إليه. ولا حول ولا قوة إلا بالله. فالإحسان يُجزى بالإحسان، والفاشوش يُجزى بالجمارك. بحسب العقلية الجديدة لدول الخليج. متابعة قراءة الفاشوش الأميركي الفاخر

محمد الوشيحي

عقدٌ انتهى وحقائب حُزمت

خلاص. إلى هنا وخلاص… بعد عقد من الزمن، أعلن توقفي عن إدارة البرامج التلفزيونية الخاصة بالشأن الكويتي.
بعد عقدٍ كان صاخباً، مملوءاً بالنجاحات والخيبات والمغامرات والكفالات والتحقيقات ومباني النيابات وقاعات المحاكم، أتوقف عن التركيز على الشأن المحلي الكويتي… بعد عقدٍ من الزمن، تحسست فيه حرية الرأي بيدي، فأدركت أنها حبرٌ وكلمات، ليس إلا، أتوقف على قارعة الطريق، لأعيد حساباتي، قبل الانطلاق في فضاءات أوسع، وخطوط طول وعرض أطول وأعرض من مساحة الكويت.
بعد عقد من الزمن في الإعلام التلفزيوني، لم يتعدَّ ظهوري على الشاشة، أكثر من نصف المدة، بينما قضيت النصف الآخر موقوفاً أو ممنوعاً عن التقديم، شفهياً. وفي هذا تفاصيل كثيرة وكبيرة. متابعة قراءة عقدٌ انتهى وحقائب حُزمت