محمد الوشيحي

القضية… 
خبز وبصل


عقب الحرب العالمية الأولى، عندما كانت تركيا تحت احتلال ست دول، نجح أتاتورك في انقلابه، وباشر تحرير بلاده، فهزم الجيش البريطاني وحرر اسطنبول، ثم أرسل إلى إيطاليا رسالة، كعادته، مختصرة: «اخرجوا من بلادنا فوراً، التوقيع مصطفى كمال»، فثارت ثائرة السلطة الإيطالية: «كيف يجرؤ راعي الغنم هذا على التحدث مع إيطاليا العظيمة بهذه الطريقة؟»، وأعلنت إيطاليا أنها غاضبة وستتخذ تدابير أشد مع تركيا، وراح الزعماء السياسيون يدبجون الخطبة تلو الخطبة، ويرتقون البيان في ذنب البيان، بينما كان أتاتورك يعزز جيشه بصمت. وطرقت الحرب الأبواب، فكتب أحد العقلاء الإيطاليين: «تركيا ستفترسنا، ولست عسكرياً، فأنا لا أفهم الخطط الحربية، لكنني أعرف أن الدول تنهض وتنتصر وتفشل وتُهزم بقياداتها، وإيطاليا اليوم تحت سلطة الضعفاء واللصوص، في حين تعيش تركيا أزهى عصورها لوجود حاكم مثل مصطفى كمال، الذي أحاط نفسه بخيرة رجال تركيا، وهم مجموعة تختلف عن (حبيبنا) السلطان العثماني ودراويشه، فلا تدخلونا في حرب معهم أرجوكم. انسحبوا من أرضهم فوراً كما طلبوا، فالخشية أن تنقلب الأمور فيحرروا بلدهم ويحتلوا جزءاً من بلدنا»… وهذا ما تم فعلاً، وتبهدلت إيطاليا شر بهدلة، وكتبت الصحف الأوروبية: «الجزمة الإيطالية تغوص في الوحل»، في إشارة إلى خريطة إيطاليا الجغرافية التي تشبه الجزمة.

إذاً، الدول تنجح وتفشل وتنتصر وتُهزم بحسب حكوماتها، كما قال ذلك الإيطالي، فإيطاليا ذاتها التي كانت تحتل تركيا أيام السلطان، هي ذاتها التي راحت تستجدي أتاتورك إيقاف الحرب وتعلن استعدادها لتنفيذ جميع شروطه، بما فيها تحمل تكاليف الحرب. فما الذي تغير؟ فقط شيء واحد، الحكومة التركية.

ومنذ أن كانت بيوت مانهاتن من العشيش والصفيح، ومنذ أن كان الباريسيون ينقلون الماء على الحمير، وحكوماتنا تعاني أزمةَ البدون، وتحك جبهتها حيرة أمام مشكلة بهذا الصغر. وعندما غضب الشعب، راحت الحكومة تلوح بعصاها وتقسم لنا بأغلظ الأيمان أن قضية البدون ميتة لا محالة، فصدقناها واصطففنا للصلاة على الميت في انتظار وصول الجنازة، لكنها لم تصل بعد! يبدو أن الحكومة تؤمن بفلسفتي، فأنا أسعى إلى تحقيق أحلامي وأتمنى ألا أنجح كي لا أموت حيّاً، والحكومة كذلك مع قضية البدون.

بعض الزملاء صوروا القضية «كرة ثلج تتدحرج من أعلى الجبل»، وصورتها أنا «كرة جمر تتدحرج علينا من فوهة البركان»، وصورتها الحكومة «قطعة خبز ملفوفة بالقصدير الأصلي لتحافظ على حرارتها سنين عدداً». وما بين الثلج والجمر والخبز، كتب العقلاء الكويتيون: «أنهوا القضية فوراً، بالتي أو اللتيا، أيهما قبل، فالخشية أن تنقلب الأمور ويُفرض علينا من الخارج ما لا يرضينا». فرأت الحكومة أنّه «إذا كليت بصل، فاشبع بصل»(1)، وقررتْ أن تضيف على البدون «بدوناً» جُدُداً، هم أبناء الكويتيين من أمهات «بدون»، رغم المخالفة الصريحة السافرة للقانون.

ومنذ أن قرأت ما كتبه الزميل سعود العصفور في «الراي» يوم الأحد الماضي وأنا أضحك دمعاً، وأتخيل كيف أن الحكومة التي تبكي من ثقل قضية البدون، تضيف حملاً آخر على كتفيها. يا دان وادانة، دانة علم دانة.

ووالله لو كانت الحكومة زوجتي، لأرسلتها منذ اليوم الثالث على الأكثر إلى أهلها، ولأرسلت إليها ورقة طلاقها على ايميل «ياهو» أو «غوغل»، أيهما أسرع.

(1) من الأمثال، ويعني الهروب إلى الأمام. 

محمد الوشيحي

إلى رفيق… سعد خيّب الظن

صباحك لبنان يا رفيق. صباحك نماء يا عملاق… في ذكرى محاولة اقتلاعك الفاشلة أعترف، لم أحزن في ذكراك العام الفائت، ولا الذي قبله، ولا الذي قبله، كما العام هذا. يبدو أنني اليوم أسدد فاتورة الأعوام الفائتة دفعة واحدة. ولا تسألني عن السبب، فأنا لا أجيب نيابة عن الحزن، ولا أتحدث باسمه.

من أنا؟ أحد سكان المناطق الخلفية في الكويت، عاشقٌ للبنان، لا يميّز بين شهوره، فآذار لبنان كشباطه، لا فرق إلا في الطقس. أنا رجل لا يحب الحكومات العربية، ولا حاملها وكاتبها وشاهدها وبائعها وشاريها، لكنه يعشق القادة العظام، يُطربه مصطفى كمال أتاتورك وشراسة مسدسه المدني، وغاندي وغصن زيتونه وعُريْه الذي كسا الهند، ونيلسون مانديلا وثباته الجبلي، وعبدالرحمن سوار الذهب وزهده الثري، وعبدالله السالم وبساطته الشامخة ومحبته لشعبه، ورفيق الحريري ولبنانيته الشاملة وعملقته الفاخرة…

رفيق، أيها العملاق، أرادوا اقتلاعك ففشلوا، ونجحوا في اغتيالك، وكان يجب أن تُغتال. ليس ثمة طريقة أخرى لتخليص الحمامة من مخالب النسر إلا باغتيالك. أما اقتلاعك "فبعيد عن شواربهم"، كما في لهجتنا. لم يُخلق بعد من يقتلع أرزات لبنان الشاهقة من قلوب لبنان وعشاقه.

بعد محاولة اقتلاعك، أضحت الشوارع تشك في الخطوط السريعة، والخطوط السريعة تشك في المدن، والمدن تشك في الدول… تكدّسَ الشك في السماء بسببك أيها الكبير. غيابك أوجد الشك، كما أوجد حضورك الحب.

عن لبنان تسأل؟ تطمئن؟… شوف يا عظيم، لبنان لايزال يشرب القهوة سادة، قبل أن يُحكم ربطة عنقه ويهمّ بالخروج استعداداً للسهر ورقص الدبكة. وكأنما دبْك أقدامه يذكّر الأرض بوجوده وثباته. لبنان كله يرقص. يمتلئ رقصاً. يفيض رقصاً. أظنه يؤمن بالأديان القديمة التي تشرّع: "الرقص حرام، إلا للحزانى والمكلومين"، "الرقص ترجمة الآلام". وكان الرقص حكراً على الثكلى والأرملة، ومع تسامح الأديان رقصَ الأب والابن والأخ والزوج، ومع تسامحها أكثر، رقص لبنان كله. هل تسمع حزنه؟ يا لفصاحته ووقاره. لبنان يرقص بعدما حفظ الأحزان عن ظهر دمع، وحفظ الاقتتال عن ظهر دم… لبنان يرقص.

عن ابنك سعد تسأل؟ هو لم يعد "ابنك" فقط، هو الزعيم، هو دولة الرئيس. لكنه خيّب الظن فيه، فلم يكن على قدر المسؤولية كما أردنا، كان أكبر من المسؤولية وقدرها وقضائها، كما أردت أنت. كان على قدر العشق، عشقِ لبنان بألوانه كلها، كما أراد هو.

واسمح لي أن أوجز لك ما فعله سعد في التفاوض الأخير… هل تعرف حكاية المولود الذي اختطفته الجارة، فأرادت أمه استرداده فعجزت، فاختصمتا إلى قاض نبيه، فحكم بأن يُقطع نصفين، تأخذ كلّ منهما النصف، فصرخت أمه بأعلى حبال الأمومة: "لاااااا، هي أمه وأنا أكذب"، بينما وافقت الجارة على تقطيعه، فحكم القاضي بإعادته إلى أمه الحقيقية. هذا ما حدث مع سعد بالضبط، عندما تجاذبوا لبنان حتى كادوا يمزقونه، فصرخ بأعلى حبال حريريته: "لا، أنتم أمه"، وأذعن للبنان، فراحوا يكدسون أرباحهم من خسائر لبنان، وراح يبحث عما يعوّض الخسائر تلك… أرادوا إفشال حرث سعد فتضاعفت فواكهه. أرادوه أن يقضي وقته انكساراً وقضماً لأظافر الخيبة، فقضاه نصراً وزرعاً لبذور التفاؤل.

سعد مثلك، ألبسوه قميص بيروت، فتمزق القميص عليه لضيقه، فاستبدلوه بقميص لبنان، فلاق له وبه. ألبسوه جلباب "السُّنّة" فبدا أقصر منه، وتعرت ساقاه، فاستبدلوه بجلباب لبنان فكان على مقاسه، من قمة كتفيه إلى أخمص غيمته… بعض حلفاء سعد أهدوه المؤازرة، لكنهم تناسوا، عن عمد وسابق إصرار وتبجح، ورقة السعر على الهدية كي يردها إليهم مضاعفة، بالنظام التجاري المعروف المقروف "الشيء ومقابله"، فردها إليهم مضاعفة كي لا يتوقف لبنان عن الرقص.

إيجازاً: لبنان يجني حرثك، وسعد يؤكد فشل محاولة اقتلاعك… اطمئن.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي


الكويتيون… 
جبناء شِرْدان

كان ذلك قبل الغزو… أحد عشر كويتياً مراهقاً، يسبح كلٌّ منهم في بحر عامه الثامن عشر، وعشرون مراهقاً عراقياً يكبرونهم بعامين، تجمعهم الكلية العسكرية في القاهرة.

وكعادة المراهقين، لا يمر يوم من دون أن يسجل التاريخ لهم «هوشة»، أو «عركة» بالعراقي. إلى أن ضاق العراقيون ذرعاً بنا وبعركاتنا التي لا تنتهي، وصاروا يتفادون مصادمتنا، لا خوفاً منا بل من عقوبات إدارة الكلية التي قد تنتهي بالفصل الذي يتبعه عقاب الجيش العراقي.

وتوالت الأيام والعركات، وبلغني ذات مساء أن العراقيين ضربوا أحد الزملاء، وأنه يرقد الآن في عيادة الكلية في حالة حرجة، فاقتحمت «عنبر» العراقيين، على اعتبار أنهم ما إن يروني حتى يتشعبطوا بالسقف هرباً، أو يندسوا تحت أسرّتهم فزعاً، فأضطرّ مكرهاً إلى سحب كلٍّ منهم بـ»كراعه» من تحت سريره، وكف كفين، وبكس بكسين، وأعود إلى «عنبر» الكويتيين بالغنائم. لكن خطأً ما حدث في السيناريو، إذ أغلق العراقيون باب مهجعهم، وأنا في الداخل! ووفقهم الله فخنقوني، وألهمهم الله فداسوا في بطني، وأعطوني ما تيسر من اللكمات، والرفسات، ثم حملوني، مشكورين، ورموني خارج «العنبر» وأغلقوا الباب على أنفسهم، تحسباً لانتقام الكويتيين.

وكنت – لشدة الخنق الذي تعرضت له – أشرح ما حدث للربع بالبحّ الفصيح: بح بح بحوح، وأشير بأصبعي إلى عنبر العراقيين، فهجم الربع عليهم، بعدما انتزعوا ألواح الأسرّة ليستخدموها كهراوات، وأخذوا يدفعون الباب من الخارج ليقتحموا العنبر، والعراقيون المتحصنون يدفعون الباب من الداخل، وباءت محاولات الربع بالفشل. ونقلوني إلى العيادة، وكان عذري للطبيب كالعادة: «تزحلقت على السلّم»! وروى لي الربع أن الزميل الجهراوي الأصيل بدر الشمري – الرائد حالياً، شفاه الله من مرضه العضال، وهو من فصيلة النمور الرعناء، لكنه تسلل زوراً وبهتاناً وانضمَّ إلى فصيلة الإنسان، وأشهد أن أبويه لم يربياه على الآيس كريم والجاتوه – جلس ليله كلّه أمام عنبر العراقيين وهو يصرخ عليهم من تحت الباب بكلمات غير صالحة للنشر، تترجمها «ام بي سي 2»: أيها الحمقى.

أيام ما أجملها، وما أجمل تعليق اللواء متولي، المسؤول عن أمن الطلبة، على عذرنا الذي لا يتغير عند سؤاله لنا عن أسباب انتفاخ شفاهنا وتغيّر ألوان عيوننا بعد الخناقة: «تزحلقنا على السلم»، إذ قال غاضباً: «ايه حكاية الزحلقات الجماعية دي؟ في ايه، دي سلالم والا قشر موز».

الشاهد في الموضوع، هو ما أثاره أحد الطلبة العراقيين، وهو الرجل الشهم، عمّار الدوري، الله يمسيه بالخير إن كان لايزال ينبض، عندما قال لنا ذات جلسة صلح: «فرْد سؤال دا يشاغلني، بدون زعل، انتو كويتيين أكيد، لوو مِنّا ومِنَا؟»، وعندما استغربنا سؤاله، صعقنا بإجابته: «هسّه اللي نعُرفه إن الكويتيين جبناء يشردون من فأر، كل الناس تحجي عنكم هيج، بس انتو ابتليتوا الكلية بمشاكلكم، والكلّ دا يتفاداكم، المصريين والتنزانيين والسودانيين، واحنا العراقيين حارّين هواية، وصرنا قوالب ثلج مقارنة بيكم».

لاتزال كلمة عمار ترن في أذني، يعززها ويؤكدها بعض ما يذكره الأصدقاء عن سمعة الكويتيين عند العرب، خصوصاً في الدول السياحية، وكيف أننا جبناء شردان (مفردها شرود، أي سريع الفرار). وبعدما أربط ما تقدمه الكويت للعراقيين وما يقدمونه هم إلينا من تحرشات واستفزازات، تزول دهشتي، فأصدّق أقوال القوّالين. ليأتي بعد ذلك «لاريجاني» رئيس البرلمان الإيراني، ويثبت أن «سمعتنا» تجاوزت العرب، وانتشرت في أصقاع الصقيعة، عندما تحدث بيننا بعنجهية ولا عنجهية هتلر أيام عزه، وهدد الآخرين من على أرضنا وبين جمهورنا، وتحت مظلة حكومتنا الصامتة المرتعدة، قبل أن يتصدى له النائب البطل د. فيصل المسلم.

بقيت تركيا، ونحن بانتظار السيد أردوغان، كي يمردغنا ويجرّب ملمس قفانا المخملي، ويغادر بمثل ما استُقبل به من حفاوة وتكريم… ورحم الله صاحب المثل: «الخوف ما نجّا الحبارى من الطير». والطير هو الصقر في لهجة أهل البادية، والحبارى هي الكويت. 

محمد الوشيحي

الرجعان يرد…

جاءنا من مدير عام مؤسسة التأمينات الاجتماعية فهد الرجعان الرد التالي على المقالة السابقة متضمناً الإجابة عن الأسئلة التي وجهت إليه بشأن المؤسسة:

***

السيد/ رئيس تحرير جريدة «الجريدة» المحترم

تحية طيبة، وبعد.
بالإشارة إلى ما نُشر في جريدتكم الغراء في عددها الصادر يوم الأحد الموافق 7/2/2010 بالصفحة الأخيرة للكاتب الفاضل/ محمد الوشيحي في باب (آمال) تحت عنوان «التأمينات… كان يا ما كان».
فإن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تود أن تعبر عن شكرها الشديد لجريدتكم الغراء، لحرصها على متابعة القضايا التي تهم الرأي العام، وكذلك تقديرها لأسلوب الأخ الفاضل/ محمد الوشيحي في عرضه للموضوعات والآراء في زاويته اليومية.
لذا، فإن المؤسسة تود الرد على الأسئلة التي تفضل الأخ/ محمد الوشيحي بطرحها وبيان الحقائق المتعلقة بها.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،،،
المدير العام
فهد مزيد الرجعان
***

الإجابة عن السؤال الأول:
1- استناداً إلى بيانات الحسابات الختامية، فإن المؤسسة لم تحقق أي خسائر على النتائج النهائية من استثماراتها في أي سنة مالية منذ إنشائها وحتى 31/3/2008، وأن مجموع هذه العائدات قد بلغ نحو 6.2 بليون دينار.
2- لقد شهدت السنة المالية 2008/2009 أزمة مالية ضربت الأسواق العالمية وأدت إلى انهيار البورصات وتقلبات حادة في الأسواق المالية وأسعار أسهم الشركات، حيث فقدت المؤشرات الرئيسية للأسواق خلال هذه السنة نسبة كبيرة تراوحت ما بين 40 في المئة و 50 في المئة من قيمتها.
3- إن تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على المؤسسة كان الأقل مقارنة بمثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والمنطقة العربية والخليجية، وأن النتائج النهائية لاستثمارات المؤسسة عن هذه السنة -كما ورد في تقرير ديوان المحاسبة- توضح أن خسائر الاستثمارات المحققة وغير المحققة قد بلغت في مجموعها ما يعادل 1882.8 مليون د.ك بنسبة عائد سلبي يصل إلى (12.9 في المئة)، وهذه النسبة أقل بكثير من متوسط انخفاض مؤشرات الأسواق المحلية والعالمية كما سبق إيضاحه، وأن الانخفاض السوقي الظاهر في قيمتها بتاريخ 31/3/2009 هو نتيجة دفترية، ما لبثت أن عادت إلى الارتفاع بعد تحسن الأسعار في أسواق المال العالمية، ودليل ذلك أن البيانات المعدة عن الاستثمارات كما في 31/12/2009 تشير إلى ارتفاع معدل العائد السنوي إلى 8.67 في المئة عن الفترة من 1/4/2009 إلى 31/12/2009.

***

(لم يتضمن تقرير الديوان عن السنة المالية 2008/2009 أي مخالفات، وإنما ما ورد بهذا التقرير كان عبارة عن ملاحظات).
***

الإجابة عن السؤال الثاني:
1- إن المؤسسة تخضع في ممارستها لكافة أوجه نشاطها بما في ذلك استثماراتها لرقابة خارجية من ثلاث جهات، ديوان المحاسبة، المراقبين بوزارة المالية، مكتبين للتدقيق الخارجي يختارهما مجلس إدارة المؤسسة من أفضل مكاتب التدقيق ذات السمعة الطبية، ويتوج ذلك الرقابة البرلمانية التي يمارسها مجلس الأمة.
2- إن ادارة التدقيق الداخلي هي إحدى ادارات المؤسسة، التي تراجع يومياً كافة عمليات المؤسسة التي يترتب عليها صرف مالي، وترفع ملاحظاتها يومياً وعلى نحو منتظم إلى مدير عام المؤسسة عن نتائج تدقيقها لأجهزة المؤسسة، كما ترفع تقاريرها الدورية إلى الوزير رئيس مجلس ادارة المؤسسة، ونسخة منها إلى المدير العام.
3- إن هذه الإدارة تتبع مجلس الإدارة مباشرة، وهو الذي يعين مديرها ويحدد شروط خدمته ويتخذ أية اجراءات تتعلق بمحاسبته، بما في ذلك ايقافه عن العمل وإحالته للتحقيق، ومن ثم لمجلس التأديب، كما يختص بإنهاء خدمته.
4- إن هذه الإدارة، هي جزء من الهيكل التنظيمي للمؤسسة، وإن موظفيها وعلى رأسهم مديرها يدخلون في مدارج السلم الوظيفي للمؤسسة، ومن ثم يخضعون شأن سائر العاملين بها للوائح والقرارات الوظيفية التي يخضع لها الجميع.
5- إن اختيار الوزير لمدير إدارة التدقيق الداخلي، وهي من الإدارات الهامة بالمؤسسة، يتم من الكفاءات والخبرات الكويتية، التي لا يجوز أن تحرم المؤسسة من تمثيلها المشرف في مجلس إدارات الشركات التي تساهم فيها، طالما استوفى شاغلها الشروط المتطلبة لعضوية هذه المجالس.
***

(لم يتضمن تقرير الديوان عن السنة المالية 2008/2009 أي مخالفات، وإنما ما ورد بهذا التقرير كان عبارة عن ملاحظات).
***

الإجابة عن السؤال الثالث:
1- تقوم المؤسسة بالاستثمار في الودائع بنسبة تقارب 50 في المئة من هذه الودائع لدى البنوك الكويتية، وبما يقارب 50 في المئة ايضا لدى البنوك الاجنبية، موزعة بينها بنسبة تتراوح ما بين 5 في المئة و10 في المئة حسب التزامات المؤسسة.
2- إن ارتفاع قيمة ودائع المؤسسة لدى البنك الأهلي المتحد في مملكة البحرين كما في 31/3/2009 انما يرجع أساساً إلى سداد الخزانة العامة لالتزاماتها من العجز الاكتواري عن طريق التحويل إلى حسابها لدى هذا البنك بصفته (CORRESPONDING BANK) الذي تمتلك المؤسسة 20 في المئة من رأس ماله، والذي تعتبره المؤسسة البنك المعتمد لها في الخارج للإيداع والسحب (بنك الكويت المتحد منذ عام 1977).
3- لم يحقق البنك الأهلي المتحد أي خسارة في أي سنة منذ انشائه، وإن الأرباح التي يحققها هذا البنك سنوياً تعود بالنفع على المؤسسة.
4- لم يسبق للمؤسسة منذ انشائها تحقيق أي خسارة في أي وديعة لدى أي بنك سواء كان محلياً أو أجنبياً.
5- بعد أن استقرت الأمور بالنسبة للدفعات التي قامت الخزانة العامة بسدادها في تلك السنة، فإن حجم هذه الودائع لدى البنك المذكور أصبح في حدود النسبة المشار اليها في البند (1).
***

(لم يتضمن تقرير الديوان عن السنة المالية 2008/2009 أي مخالفات، وإنما ما ورد بهذا التقرير كان عبارة عن ملاحظات).
***

الإجابة عن السؤالين الرابع والسابع:
إن الدستور قد كفل لكل فرد حق الشكوى، محققاً بذلك مبدأ الخضوع للقانون وإن الجميع في هذا الخضوع متساوون أمام القانون، بل إن حق الشكوى يصبح واجباً على كل فرد، إذا شهد ارتكاب جريمة أو علم بوقوعها، إعمالاً للمادة «14» من قانون الإجراءات الجزائية، ويصبح هذا الواجب مضاعف الأثقال، إذا كانت الجريمة من جرائم العدوان على المال العام، لما لهذا المال من حرمة كفلتها له المادة «17» من الدستور، حيث يعاقب قانون حماية الأموال العامة في المادة «8» كل مَن علم بوقوع هذه الجرائم أو الشروع فيها بعقوبة تصل إلى الحبس مدة ثلاث سنوات.
ولهذا فإن المؤسسة ترحب بتقديم مثل هذه الشكوى إلى النيابة العامة باعتبار أن القضاء هو الملاذ الأمين للحقوق والحصن الحصين لحماية المال العام.
علماً بأن موضوع الشكوى الذي تحققه النيابة العامة عمليات يرجع تاريخها إلى ما قبل عشرين عاماً، وبالتحديد في عام 1988 وقد تم تدقيق هذه العمليات في المؤسسة ومن مكتب تدقيق عالمي، وقد أسفر تدقيق هذه العمليات أنها تمت طبقاً لإجراءات سليمة، ولم تسدد المؤسسة فيها اية عمولات، وأن المؤسسة حققت منها أرباحاً بما يعادل (40) مليون د.ك.
وجدير بالذكر أنه لا علاقة للمؤسسة أو لأي مسؤول فيها بالحساب الذي تم ذكر رقمه في إحدى هذه المقالات.

***

الإجابة عن السؤال السادس:
نتائج مساهمة المؤسسة في كل من:
أ- بيت الاستثمار العالمي (جلوبال):
– تاريخ المساهمة: 5/11/2003.
– القيمة الأصلية لمساهمة المؤسسة في هذه الشركة بما فيها زيادات رأس المال بلغت نحو 7.632.500 د.ك حتى 31/3/2009.
– توزيعات الأرباح النقدية التي حصلت عليها المؤسسة بلغت في مجموعها نحو 7.360.500 د.ك حتى 9/4/2008.
– معدل العائد النقدي المحقق عن القيمة الأصلية بما فيها الزيادات وصل إلى نحو 14.81 في المئة سنوياً حتى 31/3/2009، ولم يتضمن هذا العائد أسهم المنحة التي حصلت عليها المؤسسة، حيث بلغت 34720000 سهم.
ب- شركة دار الاستثمار:
– تاريخ المساهمة: 1/5/1994
– القيمة الأصلية لمساهمة المؤسسة في هذه الشركة بما فيها زيادات رأس المال بلغت نحو 6.717.341 د.ك في 31/3/2009.
– توزيعات الأرباح النقدية التي حصلت عليها المؤسسة بلغت في مجموعها نحو 8.203.819 د.ك حتى 8/6/2008.
– الأرباح التي حصلت عليها المؤسسة نتيجة قيامها ببيع جزء من حصتها في هذه الشركة بتاريخ 16/8/2005 بلغت نحو 10.601.006 د.ك.
– معدل العائد النقدي المحقق عن القيمة الأصلية بما فيها الزيادات وصل إلى نحو 30.64 في المئة، ولم يتضمن هذا العائد أسهم المنحة التي حصلت عليها المؤسسة، حيث بلغت 30015169 سهماً.
هذا، ومن الجدير بالذكر أن الانخفاض الحاد في قيمة مساهمة المؤسسة في كل من الشركتين المذكورتين كما في (31/3/2009)، إنما ظهر نتيجة إجراء المقارنة بين القيمة السوقية للأسهم في التاريخ المذكور بمثيلتها في (1/4/2008) باعتبارها تكلفة، حيث كانت قيمتها السوقية في التاريخ الأخير مرتفعة وقبل بداية الأزمة المالية في أكتوبر 2008.
***
(لم يتضمن تقرير الديوان عن السنة المالية 2008/2009 أي مخالفات، وإنما ما ورد بهذا التقرير كان عبارة عن ملاحظات).

تعقيب الكاتب:
بعد نشر الأسئلة والأجوبة، لن أضع رأيي، وسأترك الأمر للقارئ.

محمد الوشيحي

التأمينات… كان يا ما كان

لا أخفيكم، أشعر أن أهمية الحديث عن فساد أي مؤسسة كويتية، في هذا الزمن، أشبه بأهمية حديث ابني نقار الخشب، سعود ذي العامين، عندما يدخل غرفتي وهو يصرخ وقد بدت على وجهه علامات الاهتمام والتركيز الشديدين: "بابا مياو مياو"، قبل أن يشدني من يدي ويقودني إلى مكمن دهشته، حيث القطة التي شاهدها، فأصرخ بدهشة مصطنعة: "ما شاء الله"، ثم أقبّله وأحمله على كتفيّ، فيدلدل رجليه ذات اليمين وذات الشمال، وأعود به إلى حيث كنت أجلس بعد أن شاهدنا معاً ذلك المنظر الغريب (القطة).

وكنت متحمساً لفضح الفساد في وزارات ومؤسسات الدولة، فاكتشفت أنني أصرخ في الحكومة: "مياو مياو"، فترد الحكومة عليّ بدهشة مصطنعة: "ما شاء الله"، وتحملني على كتفيها، مدلدلاً رجليّ ذات اليمين وذات الشمال، وتعود بي إلى حيث كانت تجلس… ومن يومها، تركتُ القطط تعبث في المطبخ كما تشتهي، مكتفياً بالتمتمة بيني وبين نفسي، أو الشخبطة في مساحة مقالتي: "مياو مياو"، وأشير بأصبعي إلى أحد الاتجاهات.

وفي الفترة الأخيرة، كثر الحديث عن فساد في "التأمينات"، وبدأت الألسن والأقلام تلوك سمعة هذه الفتاة الجميلة (من الخارج على الأقل)، وأغرقتني الرسائل والاتصالات عن مخالفاتها. وأنا رجل لا يعرف عن التأمينات إلا أنها أفضل مؤسسة تنجز فيها معاملاتك، تدخلها باحترامك وتخرج منها باحترامك ذاته، لم ينقص منه شيء.

لذا، سأجمع ما تستطيع يداي جمعه من أسئلة ومخالفات قرأتها في مقالات الزملاء الأفاضل، والمدونات، لأضعها أمام القارئ وأمامك أيضاً يا مدير عام التأمينات، فإن كنت تمارس أعمالك تحت ضوء الشمس أجبت عنها، أما إن كانت "التأمينات" تعيش في المناطق الرطبة المظلمة، فسنقول "كان يا ما كان"، وسنستعد للحرب… والأسئلة باختصار، مراعاة لمساحة المقالة، كالتالي:

1) ما سبب الخسائر التي تعرضت لها المؤسسة في الفترة الأخيرة؟ وما مبرر خسارة 1.88 مليار دينار، وهي الخسارة الأولى للتأمينات منذ نشأتها، كما ذكرت جريدة القبس؟

2) كيف تتبع "إدارة التدقيق الداخلي" سلطة المدير العام، وهي التي تراقب أداءه؟ وهل يمكن أن يكتب مدير التدقيق ما لا يتوافق مع رغبات رئيسه في العمل، الذي هو أنت؟ ثم لماذا يتم شراء ولائه بتعيينه عضواً في إحدى الشركات التي تساهم فيها التأمينات؟

3) لماذا تم ضخ 900 مليون دينار في بنك في مملكة البحرين، والبحرين لا تضمن الودائع، في حين كان من الأفضل ضخها في الكويت، حيث الودائع المضمونة حكومياً؟ لمَ كل هذه المخاطرة؟ وهل كنت ستفعل ما فعلت لو كانت تلك الأموال أموالك الخاصة؟

4) أين وصلت قضيتك المحالة إلى النيابة العامة، إذ إنني لم أجد ما أقرأه عنها في الصحف، ويبدو أن للأذرع المالية الثلاث الكبرى في الكويت، وهي "التأمينات" و"صندوق التنمية" و"هيئة الاستثمار"، قدسية غير معلنة عند بعض ملاك الصحف؟ فما سر ذلك؟ ألا تعتقد معي أن هناك مصالح مشتركة تجمعكم بهؤلاء الملاك؟

5) كل هذه المخالفات التي ذكرها ديوان المحاسبة، ألا ترى أنها تستحق استقالتك،

أو على الأقل، تصحيحها والاعتذار عنها والتعهد بعدم تكرارها؟ فثقافة الاستقالة شبه معدومة عندنا في الكويت.

6) ما سبب خسارة التأمينات في شركتين محليتين، بنسبة تفوق 93% في الأولى و92% في الثانية، وبمجموع خسائر 170 مليون دينار؟ ألهذه الدرجة من اللامبالاة تتعاملون مع أموال المتقاعدين؟

7) ما ردك على ما ذكره الزميلان المحترمان، د. طارق العلوي وعلي الكندري، الكاتبان في جريدة القبس، من مخالفات وعمولات وفضائح تتم في "التأمينات"؟ خصوصاً أن العلوي ذكر الحساب رقم 22110090106Z، ولا أظنه سيخترع حساباً مصرفياً ويخمّن رقمه، فما علاقتك بالحساب البنكي المذكور؟

هذا، وتقبلوا فائق الإحباط من مواطن فقد ثقته بغالبية مؤسسات الدولة، ويحتاج إلى مسؤولين أكفاء يستخرجون له "بدل فاقد".

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

قرط مقارَط

المزاج اليوم مغربي، أعانكم الله. وأنا لم أزر المغرب إلا يوماً ونصف يوم، "طرانزيت"، قبل أن أضع أسفل ثوبي في فمي وأجري مغرب شمس، باتجاه "فرانصا"، لكن إنتاج الزملاء المغاربة الأدبي والصحافي يعجب ويُبَهبِه. ولا تسألني عن البهبهة، ولن أسالك أنا. ولولا أنهم يوغلون في العامية المغربية لما رفعت رأسي عن كتبهم وصحفهم، لكنني ما إن أندمج في موضوع لأحدهم حتى ينحرف بي شمالاً فأصطدم بالحائط فتتورم جبهتي الكريمة: "والطفل يبقى دركاش عبوساً تقريطة محنان"! لا إله إلا الله، انتبهوا على أطفالكم. أجل تقريطة محنان، هاه؟ المحنان وربي هو من يقرأ لك مرة أخرى.

ومنذ "دجنبر أو نونبر"، كما يقول المغاربة، أي ديسمبر أو نوفمبر، والدوقة النائبة الدكتورة سلوى الجسار تشد شعر وزيرة التربية الدكتورة موضي الحمود وترفع سكين المطبخ في وجهها مهددة باستجوابها. ليش؟ لأنها تريد أن تلعب معها الشطرنج، فتزيحها عن كرسي الوزارة لتحتله هي، كما أظن وأجزم وأقسم.

وطرْحُ الثقة بالوزيرة يحتاج إلى خمسة وعشرين نائباً مما تعدون، وسلوى لن يقف معها إلا النائب محمد هايف، وهو عن ألف فارس من بني ثغيل بن طوقان، وهو سيساندها لسبب لا تعرفه هي، وهو أن موضي لا ترتدي الحجاب، لكنه سيضرب على جبهته حائراً، ثم يقرر طرح الثقة بالاثنتين معاً، الوزيرة والنائبة، الأولى بسبب الحجاب، والثانية بسبب صوتها العورة، وقد يضطر إلى الالتفات إلى رولا وأسيل، النائبتين غير المحجبتين، ليشملهما بمكرمته، وقد يخلع عقاله، وقد تتعالى أصوات النساء والأطفال فيحتمون بالجبل، ويتساقط القتلى والجرحى، وبخٍ بخٍ، وليلة طويلة، وحصار ومنجنيق، وتستسلم خراسان! ومحمد هايف، سواء أحببته أم أبغضته، لا يمكنك أن تطعن في مصداقيته وشجاعته وبساطته.

حتى زملاء سلوى في "العمل الوطني" لن يلتفتوا إليها، فموضي الحمود أقرب إليهم منها. ثم إنهم مشغولون الآن بتحدي الشيخ طلال الفهد في الرياضة، ولسان حالهم يقول بالمغربي لسلوى التي تستجديهم: "شكون اللي داير فيكي يا الروينة نهار العيد"، أي مَن سيهتم بكِ والناس مشغولون بالتزيّن في نهار العيد.

وبشكل عام، الوقت هذا ليس وقت استجوابات في نظر الأغلبية، فخطة التنمية أم 37 ملياراً على الأبواب والنوافذ، والناس في تصادم. وأعرف نائباً اجتمع قبل يومين مع وزير، في مكتب الأخير، الساعة السادسة والربع صباحاً، والناس هُجّع نيام، هرباً من أعين الحساد والعذال، ولولا عدم وجود دليل مادي بحوزتي لذكرت اسميهما.

ولو استمعَت سلوى إلى نصيحتي، لساومَت زميليها مرزوق وصالح: "استجوابي مقابل استجوابكما للعفاسي، وزير الشؤون". فهُما محتاسان حوسة أم الأيتام في أروقة وزارة الشؤون قبل وصول العفاسي، ويعلمان أن الوزير لا يحتاج حتى إلى "لزاق جروح"، بعد الاستجواب، بينما سيقضيان ليلتهما في مستشفى الرازي للعظام.

والعفاسي كتلة من الشهامة والرجولة والجدية والصلاح ترتدي غترة وعقالاً. وهو متألم لحال الرياضة، أكثر من المتضادين، الشيخ طلال الفهد ومرزوق الغانم، اللذين يتباكيان عليها، ويهدد كل منهما باستجوابه بسببها، طلال سيستجوب عن طريق دليهي الهاجري، وخصمه مرزوق الغانم سيستجوب بمساندة جناحه الأيمن صالح الملا. ولأن "حلاة البيع جملة"، حبذا لو استجوب الاثنان الوزيرَ معاً، أو لو استجوب أحدهما الآخر، والفائز منهما يقابل الوزير، كي ننتهي من هذا التقريط المحنان، وتعود إلينا رياضتنا.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

فضيحة لله 
يا محسنين


بدءاً من المقالة هذه، سأكتب شرحاً للمفردات المحلية في أسفل الصفحة، بعدما تبين لي أن صحافتنا – بشكل لم أكن أتوقعه – متابَعة عربياً، ومرصودة مصرياً، أقصد على المستوى الشعبي.

ومصر لم تحقق إنجازاً بفوزها بكأس أفريقيا، هي أدت عملها اليومي المعتاد، الكأس كان مسافة السكة فقط، واللاعب «جدو» استيقظ من نومه، وتناول قهوته، وهمّ بالخروج فاستفسرت والدته منه: «على فين؟»، فأجابها: «رايح أنغولا، أجيب كأس أفريقيا»، فأوصته: «طب والنبي يا ابني وانت جاي فوت على البقال جيب لنا بسطرمة معاك». فجابَ الكأس والبسطرمة، لا جديد في الموضوع، مصر تمارس عملها المعتاد.

والأمر لا يحتاج إلى حملات إعلامية للتهنئة، ونحن كأبناء كار، نعرف معنى الحملات الإعلامية، وكيف يمكن أن تقلب الحقائق رأساً على كعب، وأول حملة إعلامية في الوطن العربي كانت في مصر، قبل نحو مئة عام، عندما شنت صحف بريطانيا حملة على الزعيم أحمد عرابي واتهمته بالخيانة، لماذا؟ لأنه ضد احتلالهم، تخيل، وفعلاً تمّ نفيه إلى سريلانكا (سرنديب سابقاً)، وبقية قصته معروفة، عندما طلب من اتباعه السريلانكيين تعلّم اللغة الإنكليزية، فاتهموه بالخروج عن الملة… إلخ.

واليوم، أشاهد حملة إعلامية على السيد فهد الرجعان، مدير عام مؤسسة التأمينات الاجتماعية، المسؤولة عن رواتب المتقاعدين، وأتمنى أن أشارك في الحملة، لكنني لم أرَ إلى الآن وثيقة اتهام واحدة، وبالطبع أصابتني بعض الشظايا كالعادة، وجاءني ساعي البريد الإلكتروني حاملاً رسائل متشابهة المضمون: «لماذا لا تكتب يا الوشيحي عن الفساد في مؤسسة التأمينات؟»، وكان جوابي الدائم: «إيدي على أكتافكم، أعطوني ما يحمي ظهري من الوثائق، وسأتكفل بمصاريف الرحلة كاملة، ويا سلام لو زودتموني أيضاً بوثائق تدين مؤسسة الموانئ، التي أشعر بأن لديها خللاً في أعمال السباكة والصرف الصحي»، ثم ينقطع الإرسال، وتنقطع الرسائل.

وهأنذا أصعد إلى سطح أبراج الكويت لأصرخ بالصوت البلالي للجميع، وأكرر: تكفون(1)، أمدوني بما يدين أياً من المؤسستين أو غيرهما، أي وثيقة، مستند، قصاصة، ورقة، حتى لو ورقة عنب، تدين مديري التأمينات والموانئ، كي أعطيها بدوري لمجموعة من النواب، وأولهم النائب مسلم البراك، ولكم مني إنْ لم يتحرك البراك تحركاً مجحفلاً أن أقصفه براً وبحراً وجواً، علي النعمة لأنثرنّ أشلاءه السياسية على الشارع العام، فيعجز رجال الأدلة الجنائية عن التعرف عليه إلا بواسطة ساعة يده! فقط أعطوني دليلاً يتيماً لا عزوة له ولا سند، وازهلوا(2).

ولا أخفيكم، أن حيناً من الدهر انقضى ولم أكتب عن فضائح مالية أو إدارية في مؤسسات الدولة، وأشعر بحنين إلى العودة إلى ذلك الملعب، يفوق حنين أم لابنها المغترب.

وإذا كان الشيء بالشيء، والسن بالسن، فعند الحديث عن مؤسسة التأمينات، لا بد من توجيه التحية إلى الزميل المبدع الدكتور طارق العلوي، القائد العسكري لحماية أموال التأمينات… شكراً يا بطل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تكفون: أرجوكم

(2) ازهلوا: اعتمدوا 

محمد الوشيحي

امسحوا السبورة… أولاً

أوقاتكم ندى… بعد غيبة أسبوعين، اشتاق القلم إلى تسريح شعره والوقوف على ناصية الصفحة مستنداً على الهامش ليُغازل بُنيّات الفكر ويداعب حسناوات اللغة، فيختار المفردات القطط، إذ هو كصاحبه يهوى الأنثى القطة… على أنه (القلم) يتمنى مغازلة مشاريع الحكومة ومراقصة خدماتها، ليفكّ تبويزته التي لازمت شفتيه، وتكشيرته التي أتعبت حاجبيه، لكن العين بصيرة واليد قصيرة، كما يقول الكسالى والفاشلون في أمثلتهم.

هذه الأيام، لشدة فرحة الحكومة بخطتها التنموية التي قدمتها، ملأت الدنيا زغاريد تحدّت فيها أم العريس السورية، «أوييييها والقمر في حضن ابني، أوييييها وكل شيء فيها بيعجبني، أويييييها ليليليش»، ونحن حولها نريد أن نشاركها الفرحة، أن نضرب الدفوف، أن ننثر النقوط وحبّات الأرز، لكننا نعرف أن العريس سيُزفُّ إلى ذات الجسم المترهل، الحكومة… الحكومة التي جعلت البلد مثل «يوم السبت»، نام وهو أول الأسبوع واستيقظ وهو آخره، دنيا، كان الله في عون العريس وعون أمه التي ستنقلب زغاريدها إلى نواح… صباحية الدخلة.

نعرف أن بعض المسؤولين يعتبر الخطة كنزاً يفوز به من يتسلل إليه ليلاً، تحت بطن الظلام، ونعرف أنهم سيسرقون. ووالله لو رأيتُ وزيراً يزرع شجرة تفاح، ثم يختلس تفاحة ويضعها في جيبه وهو يتلفت، لوضعت تفاحة ثانية في جيبه الآخر، وأنا أتلفت، ولامتشقت القلم وكتبت: يا للقوي الأمين. المهم أن تزرعوا أشجار التفاح ومن ثم اسرقوا تفاحتين وثلاثاً بالهناء والشفاء.

«فيكم من يحفظ السر؟»، أرى أن نائب رئيس الوزراء الشيخ أحمد الفهد «في عينه العشاء»، كما نقول في أمثلتنا البدوية، أي أنه متحمس للعمل ويمكن أن يصل إلى نتيجة، لكنني لا أرى في عيون كثير من الوزراء والوكلاء ومساعديهم حتى قطعة جبنة يغيّر بها الفأر طعم حلقه. وبالطبع، الوزير العفاسي أيضاً سيعشّيك ويعشّي جدك لأبيك، فهو من خيرة الوزراء، لكن المشكلة – كما قلت سابقاً ولاحقاً – في الأدوار السفلية، من الوكيل وأنت نازل على الدرج، ممن تم تعيينهم بالغمز والهمز واللمز.

لذا، أجزم جزماً مغلظاً، أن الحكومة لن تعشينا ولن تقدم لنا إلا أطباق الخطابات العلقمية التي نحفظها عن ظهر قرف، وسننام على لحم بطوننا، كما عودتنا دائماً.

حالة واحدة فقط يمكن أن تجعلنا نصدق ونؤمن بتنفيذ الخطة، وهي أن تتغير الوجوه، ويأتينا من يجرؤ على النهوض ومسح السبورة وتنظيفها بالماء المبلل، ومعاقبة المشاغبين، أما قبل ذلك فمعلش… يعني لا تطلبوا منا أن نصدق أن الحكومة التي تعجز عن عمل صحن فول يمكن أن تطبخ لنا وليمة فيها أربعون بعيراً، ولا تطلبوا منا أن نصدق أن الحكومة ستعاقب من يفتري ونحن لم نسمع يوماً أن تاجراً أُدخل السجن لجرائمه المليارية، معلش، هذا كذب فاحش، أكثر فحشاً من رواية «برهان العسل» لسلوى النعيمي، لكنه ليس أصدق بالتأكيد… حدثونا بما يعقل وسنصدقكم، وامسحوا السبورة وحاسبوا المشاغبين، وشدّوا بطن الحكومة بوكلاء ومساعدين أكفاء، أولاً، ومن ثم أطلقوا الـ»أويييها» كي نضرب نحن الدفوف من حولكم وننثر حبات الأرز. 

محمد الوشيحي

حلق الشوارب

والله العظيم إن وزير الإعلام والنفط، الشيخ أحمد العبد الله، غلبان غلب اليتامى الجياع، حتى ولو بدَت هدومه قشيبة مهندمة مرتبة. ووالله العظيم، ثانيةً، إن الكثيرين متأكدون من عدم قدرته على اتخاذ إجراءات ضد وسائل الإعلام المخالفة. معلش يعني. كل واحد يلزم حدوده. فبعض أصحاب وسائل الإعلام يصعدون إلى الأدوار العليا بالأصانصير، بينما هو يصعد بالدرج، والناس مقامات.

الرجل أراد منصباً وبشتاً، فعرضوا عليه وزارة الشؤون، فضرب على فخذيه: «مابي مابي مابي، أبي العسل، أبي وزارة النفط». فأعطوه العسل ودسوا له السم، وزارة الإعلام. هذه هي كل الحكاية.

وعندما كنا في تجمع الأندلس، كانت الكلمة الأكثر دوراناً بيننا هي «متوبكة»! أي أن خطة الحكومة مُحكمة. والحكاية ليست مجرد خروج الجويهل على الشاشة وشتْم القبائل، ووضع فواصل من أصوات الأغنام والربابة في استهزاء سافر بالقبائل وبيئتهم، والتحجج بعد ذلك بالحديث عن ازدواجية الجنسية. لا أبداً. الهدف الذي لا يعلمه الجويهل ولا الشيخ أحمد العبد الله، لأنه أكبر منهما بكثير، هو العبث بالحريات من أجل قمعها لاحقاً وحلق الأشناب كخطوة أولى، تمهيداً لخنق الدستور. لذا كانت لوحاتنا ويافطاتنا التي رفعناها في التجمع الثاني، تجمع العقيلة، تعلن وبالصوت العريض أن «دستورنا… سورنا».

والحديث عن أن قوانين النشر والمرئي والمسموع الحالية كافية لتقويم أي اعوجاج، وأن العاجز يبحث دائماً عن مبررات ومبرّدات، كما كان يفعل المعلق السعودي عندما كان منتخبنا يهزم منتخبهم بالثلاثة والأربعة: «الهواء ضدنا والجمهور ضدنا والحكم ضدنا»، أقول إن الحديث عن هذا الأمر مضيعة للوقت. وأحمد العبد الله أضعف من أن يقود وزارة واحدة فما بالك بوزارتين. وكلنا لاحظنا كيف ابتلش بلشة الأبلشين في وزارة الإعلام، وقرر منع البرامج السياسية، على اعتبار أنها «باب يأتي منه الريح»، ونسيَ أن وزارة الإعلام تعيش في العراء العاري، لا سقف لها ولا حيطان. وهو بمنعه البرامج السياسية كمن وضع باباً في الصحراء، وضاعت حسبته. واليوم ذلك تريد الحكومة إقناعنا أن العبد الله يرسم الخطط ويشرف على تنفيذها. خير إن شاء الله.

والمضحك أن الصحف المتباكية اليوم على الحريات، هي ذات الصحف التي تمنع نقد الرئيسين، رئيس الحكومة ورئيس البرلمان، خوفاً وطمعاً، لكنها للأمانة توفر للكاتب الحبر والقرطاس والقلم وشاي سيلان لنقد الرئيس أحمد السعدون، تقرباً للرئيسين وتزلفاً.

وما يحدث اليوم أشبه بحلاقة شوارب جماعية بـ "موس" واحدة، وإركاع على الركبتين المجردتين. وفي أمك خير، أو في خالتك، انتقدهما. والمطلوب أن نتحول كلنا إلى مارادونا، نحاور ونناور في متر مربع واحد، بعدما ضاقت المساحة وضاق الفضاء. والبعض سلّم شاربه للموس طواعية، والبعض الثاني اقتيد عنوة، والبعض الثالث عظ شليله، ووضع كفّه على شاربه، وأطلق ساقيه للعاصفة.

وبعد إقرار القانون الجديد، لن نستطيع الكتابة حتى عن رئيس قسم بالوكالة، دع عنك رئيس الحكومة. لذا سأتفق مع القراء على رموز وإشارات للوزراء، فإذا غمزت بعيني اليسرى فالمقصود وزير الخارجية، وإذا عملت شقلبة فالمقصود وزير الداخلية، وهكذا، إلى أن يتراجع ترتيبنا في الحرية الصحافية إلى حيث الدفء، بجانب الشقيقة كوبا.

وبمناسبة شهر ذي القعدة المبارك، أستأذنكم وإدارة التحرير للراحة أياماً معدودات. جاو.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

الداب الاشهب

قبل كل شيء، أقدم اعتذاري على طبق من خجل لعدم نشر مقالة الثلاثاء الماضي…

رحمتك يا رحيم. شاهدتُ أمس صوراً قديمة لي أثناء خدمتي العسكرية على الحدود الكويتية – العراقية، تعود إلى نحو ست عشرة سنة. عليّ النعمة أرعَبَتني، ولا حول ولا قوة إلا بالله… إحداها يبدو أنها التُقطت لي ذات عصرية صيف قائظ. ظهرتُ فيها كما الداب* الأشهب، الحَنَش. لم يكن ينقصني إلا أن أتمدد في المساء على ظهري وأرفع رقبتي إلى الأعلى، فتظنني العصافير جذع نخلة هاوية وتقع على فمي فألتهمها بريشها، وفي النهار أتلوّى على صخرة، فإذا مرت غزالة شاردة قفزت وتلوّيت عليها فعصرتها وهشمت عظامها والتهمتها في لقمة واحدة. ولو شاهدني أهل البيئة لنقلوني مباشرة إلى محمية صباح الأحمد. كنت هيكلاً عظمياً طويلاً له حواجب، يضع في طرف فمه سيجارة، كائناً أشهب، نحيفاً، ممطوط القوام، أقرع الرأس، أشعر الذراعين. أعوذ بالله من كآبة المنظر.

ولا أتذكر اسم الأديب المصري الذي سُئل عن مدينته فقال: «أنا من قنا، وقنا… عذاب النار»، يصف شدة حرارتها. ولو أنه عاش معي على الحدود متنقلاً ما بين «سنام» و»البحيث» و»جريشان» لأدرك أن قنا قطعة من الجنة، أو قطعة واحد في الجنة! يا رجل، في صحراء البحيث، سقتها المزن، يمر عليك في اليوم الواحد سبعٌ وعشرون عقرباً وخمس عشرة حية وستة وثلاثون ضبّاً متشرداً. كرنفال. زحمة زواحف. الكتف على الكتف! وفي صحراء جريشان تشعر أن الشمس تتراجع تسع خطوات إلى الخلف ثم تندفع بأقصى سرعتها – وهي تشتم وتلعن – لترتطم برؤوسنا ووجوهنا وجباهنا، وكأننا قتلنا معيلها الوحيد. أحياناً ينتابنا إحساس أن الشمس ساديّة، تتلذذ بتعذيبنا… وأنت تقول لي «قنا عذاب النار»؟ أقول صلِّ على النبي بس ولا تسيّس السياسة، على رأي الدوقة سلوى الجسار. قال قنا قال.

وكانت المواقع الثلاثة المذكورة هي المنفى للضباط المغضوب عليهم والضالين. تماماً كما كان يحدث مع ضباط الشرطة الأسبان المغضوب عليهم، عندما تم نقلهم إلى مدينة الغجر في غرناطة. والغجر، كما هو معروف عنهم، يعشقون العزلة، لا يختلطون بأحد ولا يقبلون الغريب بينهم. وتعال شوف واقرأ حكايات ومذكرات هؤلاء الضباط وعذاباتهم.

وصورة أخرى التُقطت لي وأنا أتناول الغداء في ظلال سيارتي العسكرية وأضع على رأسي غترة مبللة تخفف انتقام الشمس، وأضحك ببلاهة وبؤس. ضحكة مرعبة مفزعة. اهِبْ يا أنا. تفحصت وجهي فتحيّرت، كيف كنت أحلق لحيتي دون أن تخرج عظامي على العلن؟ وتحيّرت أكثر، كيف كنت أقرأ الروايات والكتب في أوضاع وأوقات كتلك؟ أي مزاج هذا؟

وفي الصورة الثالثة، شاهدت لأول مرة في حياتي، حنشاً يرقص العرضة وفي يده بندقية، وفرحان. على ماذا؟ علم ذلك عند ربي وعند خبراء الزواحف.

واليوم أضع على وجهي كريماً مرطباً بعد الحلاقة، وأدهن جسمي بكريم «وايت ماسك» برائحة الفانيليا واللوتس، وأتناول غدائي في الشيراتون وعشائي في كراون بلازا، وبعد غد قد أتناوله في السجن المركزي. وهكذا دواليك ودواليب… وانتو شلونكم؟ وش جاب طاري هالسالفة؟

* الثعبان