محمد الوشيحي

هذه هي الشروط

بما أن الأوضاع مقرفة، فسأدخل إلى الموضوع مباشرة برجلي اليسرى، وخير البر عاجله، إذ لا يسمح المزاج اليوم بأن أداعب مفرداتي وأجلسها على حجري وأتغزل بثغرها وسواد شعرها. وبالمناسبة، سحقاً للشقراوات ذوات العيون الخضر أو الزرق. ولا أدري هل يوافقني الآخرون في ذائقتي أم يعارضونني، إنما لكلّ ذوقه واختياره، وأنا والله لا أشعر بأنوثة الشقراوات، عذراً يعني، ولا تروقني عيونهن القططية الملونة، فأنا عربي، أو «عربيّ أنا» كما يقول الفنان الأرمني يوري مرقدي… والعربي لا تجذبه رشاقة المرأة المبالغ فيها، ولا يفتنه شقار الشعر ولا ازرقاق العينين أو اخضرارهما، ولولا أن «الجريدة» تدخل البيوت لكتبت ما ينقض الوضوء عن مواصفات المرأة الجميلة كما أراها.    
على أن القرار لو كان في يدي، لفرضت حظر التجوال على ذوات الكتل الشحمية والكثبان الرملية… وأتذكر ما قرأته عن أحد أمراء المقاطعات الأوروبية، قبل قرون، عندما أصدر أمراً حاسماً بعد انتشار السمنة بين نساء المقاطعة، ما دفع الشبان إلى الزواج من خارج المقاطعة، فتزايدت العنوسة، وكثرت جرائم الانتقام بدافع الغيرة ووو: «في مثل هذا اليوم بعد سنة، سأصدر أمراً بأن تصطف الشابات أمامي، وأكثرهن سمنة ستكون طعاماً لنموري الجائعة»، وكان يربي نموراً في قصره… ومرّت سنة، على رأي محمد عبده، وجاء اليوم الموعود، فإذا نساء المقاطعة عبارة عن هياكل عظمية بالكاد يقوين على المشي… عظام بلا لحم! فشعر بالقرف، واحتار دليله، فأصدر أمراً آخر: «بعد سنة من اليوم، ستحظى الأجمل جسماً برعاية القصر»، فلم تتحمس النسوة لمغريات قصره، وعُدن كما كنّ في السابق.
ما علينا، سأدخل إلى الموضوع لأقول إن اللغط ازداد بين المسجلين الجدد في جمعية حقوق الإنسان، الراغبين في خلع رئيسها وإعادة غسل الجمعية بالديتول الإنساني – بمساعدة بعض أعضاء الجمعية الحاليين – بعد أن تلوثت الجمعية بالأشعة السياسية من جراء رئاسة السيد علي البغلي لها.
وللقضاء على علامات الاستفهام، اتصلت بالزميلة في هذا الجرنال د. ابتهال الخطيب، العضوة في مجلس إدارة الجمعية، واستفسرت منها، فجاءني ردها كالتالي: فعلاً، هناك ملفات لمسجلين جدد في الجمعية، جميع أصحابها مستوفون الشروط، وسيتم قبول الجميع في الاجتماع المقبل الذي سيُعقد في غضون أيام.
طيب يا دكتورة وماذا عن اشتراط إحضار كتاب «حسن السيرة والسلوك»؟ الإجابة: لا تشترط الجمعية ذلك إلا على العسكريين، وهذا بطلب من وزارتهم هم لا برغبة من الجمعية… جميل، وما هي شروط التصويت في الانتخابات المقبلة؟ الإجابة: شرط وحيد وهو أن تمضي على عضوية العضو ستة أشهر على الأقل، فقط لا غير، كما هو الحال في كل جمعيات النفع العام الأخرى، وكما هي نصوص اللائحة الصادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
هذا ما أوضحته الدكتورة ابتهال الخطيب، وعسى أن تكون إجاباتها ماء غزيراً يطفئ حرائق الشكوك في أذهان الشبان… شكراً للزميلة، وشكراً للمسجلين الجدد.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

دا

رحماك يا الله، ما كل هذا الذي تتعرض له اليابان أو «منبع الشمس» كما هي ترجمتها؟ يا رعى الله اليابان واليابانيين، ويا سقى الله الشعب الذي يرتدي الصدق لباساً ويتناول الوفاء طعاماً… اليابانيون شعب «هات من الآخر»، واليابان لا تمزح ولا تتغشمر، وسبق لها وهي الصغيرة المساحة (أصغر من مساحة مصر) أن احتلت الصين المترامية الأطراف.
واليابانيون عشاق الاختصار والاقتصاد، وقد شاهدنا في نشرات الأخبار لقطات لياباني يصرخ أثناء الزلزال «كا تو زي» أي «يالله الخيرة رحنا ملح… تكفون يا عيال»، ويستعد اليابانيون للكوارث فيحتفظ كل منهم بحقيبة تحوي ماء وقليلاً من الطعام وضمادات ووو…
واليابانيون مسالمون، بعكس العربان المتوحشين حتى في تسمية أبنائهم «قذاف الدم، القعقاع (أحد الخليجيين أطلق على ابنه اسم القعقاع وأدخله مدرسة فرنسية فتحوّل اسمه إلى كاكا)، جراح، ضاري، مهاوش، نمر، سيف، مناطح، جاسم، بطّاح»، ليش كل هذا القصف الجوي؟ حرب عالمية؟ في حين تسأل الياباني عن اسمه فيجيبك «سو» وكان الله غفوراً رحيماً، وتستفسر منه عن معنى الاسم فيشرح لك: «ورقة عباد الشمس»، شوف الأناقة والهدوء، وتسأل المصرية عن اسمها فتجيبك بفخر وهي تفرم الملوخية وتنثر الزيت على الحلة ببذخ: «كايداهم»، ويناديها زوجها «الوليّة»، وتسأل اليابانية فتجيبك وهي تمسك بأعواد الأكل وتراقب الساعة: «تي»، ويدلّعها زوجها: «با» أي فديت الزول، وفي أسواق الصرف تعادل «تي» خمساً وثمانين واحدة من «كايداهم»، وتعطس كايداهم «عااااطسو» فترتجّ الأرض ويبكي أطفالها هلعاً، قبل أن تتحلطم «يا لهوي يمة»، وتعطس تي عطسة مختصرة «تس» مع إغماضة العين المغمضة أصلاً، وفي اليابان يولد الطفل فتشتري له أمه جهاز روبوت (الرجل الآلي) يعبث به ويفككه، وفي الجزائر يُهدى المولود قنبلة يدوية، وعند زواجه يهديه أصحابه دانة مدفع (155 ملم)، وفي اليمن يُهدى المولود «جنبية» أي خنجر، فإذا بلغ الفطام أهداه أبوه قذيفة «آر بي جي» يتسلى بها (الكلاشينكوف للبنات فقط، لا يجوز إهداؤه للرجال، عيب). واليمني الأمي يفكك الآر بي جي وهو مغمض العينين، قطعة قطعة، والياباني يقيس أشعة الشمس وهو في تالي الليل، شعاعاً شعاعاً، ويتباهى شعراؤنا بالمعلقات، ويكتب شعراء اليابان سبع كلمات لا تفاخر فيها ولا فشخرة.
ويتقدم الكويتي لخطبة الكويتية فيكون المهر مجوهرات مبالغاً فيها «كرسي جابر وضحكة زايد ولحية فهد»، وقليلاً من التراكي (أقراط الأذن) من ماركة «غمزة سميرة»، (أي والله هذه أسماء بعض ماركات الذهب البلجيكي بعد تغييرها)، ولو أنني خطبت صبية وطلبت أمها مني هذه المجوهرات لاستأجرت قناصاً على سطح منزلي، وبسم الله والله أكبر، طلقة على أذن خطيبتي اليسرى، والأخرى على كراع أمها، كي تولول العجوز وهي تعرج وتحجل كما يحجل الكلب المدهوس جرياً إلى المستشفى (بمناسبة المستشفى، انتشرت نكتة تقول: سيُعيد اليابانيون إعمار اليابان بعد الزلزال قبل أن تبني الكويت مستشفى جابر الذي تم توقيع عقده في 2004)، في حين يذهب الشاب الياباني وأمه لخطبة فتاة يابانية فتشترط عليه أم العروس «اختراع معادلة فيزيائية ومختبر». ولولا بعض المعوقات لتزوجتُ (أنا) يابانية، لكن الخشية أن تطبخ لي عقارب ونملاً، ملعونة الخير.
واليابان فقيرة الموارد، صعبة التضاريس، أرضها جبلية، محاطة بحزام زلزالي هو الأشرس على هذا الكوكب، ومع ذا ها هي تحتل المركز الثاني في اقتصاديات العالم بعد أميركا الغنية الموارد والمتنوعة التضاريس. وعندما أدرك اليابانيون أن أرضهم لا تصلح للزراعة، أقاموا المزارع تحت الأرض! اهبوا هبيتوا (أي لله درهم). ولا يحقد أحد على اليابان أكثر من رئيس تحرير هذه الجريدة، الزميل خالد هلال المطيري، سليل تجار اللؤلؤ، الذي كان سينافس «بيل غيتس» في الثراء لو لم تخترع اليابان اللؤلؤ الصناعي الذي أكسد تجارة أسلافه وجاب عاليها واطيها.
ولو قرر نائب رئيس الوزراء الياباني لشؤون التنمية الاقتصادية، ابن عم رئيس وزراء اليابان، رعاية مهرجانات «مزاين الإبل» و«تطيير الحمام القلابي» قبل أن يعلن طريقة تمويل خطة التنمية، لتمتم اليابانيون بصوت واحد «دا»، (أي يا خرطي يا مالون)، ولعلّقوه على برج اليابان وبجانبه ناقة وحمامة.
عزاؤنا لليابانيين ورحم الله أحوالنا نحن العربان… شعب «دا». 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

انسحاب وهجوم

أعشق قراءة التقارير الحيادية والاستفتاءات العالمية، وأتذكر استفتاء قرأته قبل نحو سنتين، قامت به مجموعة من طلبة جامعة أميركية عن «أسعد مدن العالم لعام 2009»، تصدرته مدينة «ريو دي جانيرو» البرازيلية، التي تغسل قدميها في سطل المحيط الأطلسي، تلتها ملبورن الأسترالية، فبرشلونة الإسبانية، فأمستردام الهولندية، فسيدني الأسترالية أيضاً، إن لم تغدر بي الذاكرة، في حين جاءت بغداد من بين المدن الأشد كآبة، وجاءت القاهرة في الثلث الأخير من القائمة.
الاستفتاء يرصد مدى طمأنينة الشعوب وحبها للسعادة والرقص والغناء والسهر في عطلة نهاية الأسبوع، ويقيس ارتفاع صخب الضحكات في المقاهي والمطاعم والحانات ووو.
وأفهم أن يأتي ترتيب القاهرة في الثلث الأخير من التصنيف رغم فكاهة المصريين، فالمصريون ليسوا من الشعوب التي ترتاد الحانات، ولا هم من عشاق الرقص في المطاعم والمراقص (أتحدث عن غالبية الشعب)، لأسباب دينية واجتماعية تنتقد مثل هذه العادات بالنسبة للغالبية المحافظة والمتدينة بالسليقة، وطبعاً لا يمكن إغفال الأسباب المادية أيضاً.
ومن أسباب تفوق شعب هذه المدينة على شعب تلك هو «ثقة الشعب بقيادته وحكومته وبرلمانه واطمئنانه إلى قدرة سياسييه على حسن التصرف حيال الكوارث، وحسن إدارة الأزمات، والتخطيط الاستراتيجي الطموح، واحترام القانون»، وفي هذا المعيار تحديداً تفوق الهولنديون بفارق كبير عن غيرهم (هولندا أخيراً انتزعت المركز الأول عالمياً من أنياب فنلندا، رغم أن الهولنديين من سلالة لا ينظر إليها بقية الأوروبيين باحترام، ولا يزوجونهم، و«ما هم من مواخيذهم»). والغريب أن طوكيو وبقية مدن اليابان، على سبيل المثال، لم تتصدر القائمة رغم إيمان شعب اليابان بإمكانيات سياسييه، إلا أن مشكلة اليابانيين أنهم ليسوا من أهل الضجيج والصرقعة، ولا هم يعشقون الرقص والسهر، فهم جدّيون حتى في طعامهم وشرابهم ومنامهم ورقصهم.
والحمد لله الذي لم يخلقني يابانياً، فأنا أكول مخضرم ونؤوم معجرم وكسول بكفالة المصنع وفوضوي ملخبط من الغلاف إلى الفهرس، لا يهمني نوع الطبق الذي تضعه أمامي ولا مذاقه، وسأوقّع لك وصل أمانة وسأتعهد بأن أحاصر الطبق و«أحرره» بسياسة الأرض المحروقة، وأرفع علمي على بوابته في بضع ثوان. ثم إن هؤلاء الصُّفر (اليابانيين) لا يشجعون الخناقة الحلوة في مراحل الصبا المبكر، وأنا كنت من المواهب الشابة في هذا الحقل، وأتلذذ بطعم الخناقة، ومازلت أتذكر «حرب البسوس» مع أحد أبناء الجيران، عندما كنا نتخانق يومياً إلى أن ينهكنا التعب، ثم نرتاح قليلاً قبل أن نستأنف الخناقة ونحن نبكي لشدة التعب والألم! الله يرحم تلك الأيام التي كانت فيها كلمة «الله يسامحك» ساس العيب وشق الجيب.
وأظن أن أحد أهم أسباب تفوق مدينة ريو دي جانيرو (ترجمتها «نهر يناير») هو وجود أكبر غابة استوائية في المناطق الحضرية المأهولة بالسكان، وكانت البرازيل تحت الاحتلال البرتغالي، عندما أمر الإمبراطور بقطع أشجار الغابات المحيطة بالعاصمة لأسباب أمنية، ومات – في بدايات القرن السابع عشر – قبل أن يتمكن من إنجاز المهمة، فخلفه الإمبراطور «بيدرو»، معشوق البرازيليين، الذي أوقف قطع الأشجار وأمر بزراعة أكبر غابة استوائية في العالم، ما أدى إلى تنقية الجو وتخفيف درجات الحرارة في «ريو» بمعدل تسع درجات مئوية. تخيل.
اللافت هو أن القائمين على الاستفتاء أجمعوا على نقاط عدة اعتقدوا أنها من الأسباب التي تؤثر على السعادة سلباً أو إيجاباً، ومنها، يا للعجب، «مخططات البلدية وكفاءتها» و«نسبة مساحات اللون الأخضر (الحدائق والغابات)» في كل مدينة… وفي الكويت، يتساءل الناس عن أسباب كل هذه الكآبة التي تعم البلد، في الوقت الذي تحقق فيه البلدية أرقاماً أولمبية في الفساد، وينسحب اللون الأخضر أمام هجوم اللون الأشهب.
 ***
قرر مجموعة من المواطنين تدشين حملة شعبية باسم «امتنان»، تُقدّم فيها الورود والدروع إلى الطبيب في مستشفى الأحمدي د. حسني عمر، والمسعفين، وكل من رفض تزوير تقرير وفاة المغدور «الميموني» الذي عُذبَ حتى الموت.
الحملة ستكون غداً الاثنين الساعة السادسة مساء أمام مبنى مستشفى الأحمدي. وكم نحن بحاجة إلى «حركات الجدعنة» التي افتقدناها في الكويت… شكراً يا دكتورنا الشهم، يا من لم يرهبه تهديد القتلة وأعوانهم.
 ***
الكذبة القميئة ذاتها تتكرر… كانوا قد اتهموا حضور ديوان الحربش بأنهم هم من بدأ بالتحرش بالقوات الخاصة قبل أن تعتدي عليهم، فضحك الناس قهراً وحزناً على وفاة الصدق، واليوم يدعون أن «البدون» هم من بدأ بالاعتداء على القوات الخاصة! متى يتوقف الكذب في هذا البلد؟ ومتى يحترم مسؤولوه إنسانية البشر وحقوقهم؟… عيب وحرام يا ناس.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

لا نريد البسكويت

هي معركة ضد الحكومة كلها، من الدعامية إلى الدعامية، بنهجها وبصلها وقثائها، وضد البرلمان من المحيط إلى الخليج، وضد الفساد الإداري والمالي، وضد مؤسسات النفع العام الحكومية، وضد الماء الحكومي وضد الرصاص، وضد كل ما هو سيئ في هذا البلد. هي معركة ضد الوضع الذي يدفع بعض الكتّاب إلى «السجود» ومهاجمة المعارضين بحثاً عن منصب وزاري، ضد أن يتحول «ضباط المرور» إلى نجوم شباك سرعان ما يحصلون على عضوية مجلس الأمة، ضد التغاضي عن أخطاء هذا لأنه حبيبنا والتعسف مع ذاك لأنه خصمنا، ضد تحوّل الوزراء إلى وكلاء في وزاراتهم ينقلون هذا وينتدبون ذاك من صغار الموظفين، ضد أن تلقي الحكومة خطابها الأول ثم تغلق سماعة الهاتف في وجه الشعب، فنتصل بها فيرد علينا جهاز الـ«أنسر مشين»: «اتصالك يهمنا» وتلطعنا على الموسيقى.

هي معركة لتكريم الـ«لا» وتمجيدها وشرح فوائدها للوزراء، هي معركة ضد تحويل صحفنا إلى صحف قومية خوفاً وطمعاً، وضد قانون «ساكسونيا» المخصص لمحاكمة علية القوم الأوروبيين في القرون الوسطى، إذ لا يحاكمون المخطئ بل يكتفون بمحاكمة ظله، فإذا أدين نُفِّذَ العقاب على أحد عبيده الأفارقة… هي معركة ضد وضد وضد، ومخطئ من يتوهم أننا نريد فقط تغيير سمو رئيس الحكومة، أو أن بيننا وبين سموه ثأراً بائتاً.

هي ليست ثورة جياع يبحثون عن الخبز، كي تطل حكومة ماري أنطوانيت علينا من الشرفة وهي تضع أصابعها على فمها مذهولة وتستفسر: «ما بهم؟»، فيجيبها الخدم: «يشتكون من عدم توافر الخبز»، فتتساءل ببلاهة: «لماذا لا يأكلون البسكويت إذاً؟»، وبالمناسبة، هذه هي أشهر كذبة في التاريخ، على ذمة المؤرخين، فلم تقل ماري انطوانيت ذلك، لكن الداهية «روبسبيير» قائد الثورة الفرنسية الذي كان يرتدي ملابس النساء ويختبئ بينهن هو الذي أشاع ذلك كي يغضب الناس ويقتحموا القصر، وهو ما تم فعلاً…

معركتنا مع الحكومة ليست هوشة عيال في «براحة مدرسة» خلف البنك من جهة قطعة اثنين، كما كنا نفعل في الصباحية وضواحيها، ولا هي هوشة مصبنة في السوق «ليش تخز وليش تدز»، بل هي مطالب شعب يريد أن يطبق الدستور والمادة السادسة منه «الأمة مصدر السلطات جميعاً…»، وسينجح الشعب في ذلك. صدقيني يا حكومة سينجح.

صحيح أن عدد المعتصمين في يوم «8 مارس» مقارب لعدد حضور مسرحيات طارق العلي (في تقديري… من ألف إلى ألف وخمسمئة مواطن ومواطنة)، لكنه اعتصام البذرة الأولى التي ستنمو وتنمو وتنمو إلى أن تطرح ثمارها.

***

كتّاب الحكومة حكوميون حتى في مواعيد حفلات زفافهم، إذ دعانا كلّ من الزميل الطويل أحمد عيسى والزميل مشعل الذايدي إلى حفلتي زفافهما في يوم الاعتصام نفسه، الأول في العديلية والثاني في الجهراء، وأظنها خطة من تدبير الحكومة لتشتيتنا.

مبروك «اللباس» للزميلين ويقطّعونها بالعافية.

***

الطالب الجامعي الشاعر «صلاح العرجاني» الذي وصل إلى مرحلة متقدمة في مسابقة «شاعر المليون»، يمتلك مفردة مبهرة، وسيقتحم عالم الشعر السياسي بقوة، وستقرأون له قريباً ما يبهركم ويسحركم…

خذوا هذين البيتين من قصيدة له يمتدح فيها ثوار ليبيا وقبائلها الحرة:

«مع قبائل ليبيا عز منحوت // في صدورهم، ما ضيّعته المداين

قبائلْ اتنافس بعَضها على الموت // ما هي تنافس بعْضها في المزاين».

الله الله الله عليك يا ابن العم، وسحقاً لقبائل لا تتنافس إلا في «مزاين الإبل».

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

وزيري… بيدي

أراقب الثورة المصرية مراقبة لصيقة، مان تو مان. وعندما طالب الثوار بإقالة رئيس الوزراء «شفيق» وتعيين «عصام شرف» بدلاً منه، لم يستجب لهم «المجلس العسكري» فغضبوا وتنادوا في «تويتر»: «تعالوا ننزل الميدان ونشيل شفيق ونعيّن واحد من اللي اخترناهم (اختاروا ثلاثة كان أولهم عصام شرف)»، وبالفعل تم لهم ذلك، فواصلوا إصرارهم على تلبية بقية المطالب وأهمها «إلغاء جهاز أمن الدولة» ذي السمعة العربية الأصيلة، فلم يعرهم أحد اهتمامه، فغضبوا وكتبوا: «يووووه هوّه أنتم مش بتصدقوا ليه إن احنا بنتكلم جد وإن دي مطالب الثورة»، ثم أضافوا جملة مضحكة مرعبة: «ماشي، احنا حنصفّي الجهاز بنفسنا وبعدين ندّيكوا رنّة»، كتبوا ذلك ثم تجمهروا أمام مبنى جهاز أمن الدولة في الإسكندرية ليمنعوا تهريب الوثائق وحرقها، وتطورت الأحداث إلى أن دان لهم المبنى وسيطروا عليه وعلى ما تبقى من وثائقه وحرروا المعتقلين السياسيين، وأمس قرروا «تصفية» بقية مباني أمن الدولة وتحرير المعتقلين وتسليم الوثائق الموجودة في المباني إلى النائب العام… اللافت أن الثوار عثروا، كما يزعمون، على عدد من الجثث في سرداب أحد مباني الجهاز، وصوّروا الزنازين المعتمة المرعبة وأدوات التعذيب و«الكلاليب» إلخ إلخ إلخ، وستذعن الحكومة لمطالبهم كلها لاحقاً، وستفكك تلفزيون الدولة بعد أن قرر الثوار أن يجعلوه محطتهم القادمة.
ولا أدري ما سبب كتابتي بهذه الطريقة التي لا ينقصها إلا أن أختمها بالوقوف أمام الكاميرا و«محمد الوشيحي… من أمام مقر جهاز أمن الدولة في الإسكندرية… تلفزيون الكويت… موسكوووو»، لكنني أردت من كل هذه المقدمة أن أبين، أو أذكّر، بأن الشعب الحر هو «مصدر السلطات» والشعب القطيع هو «متلقي الصفعات»، وكل شعب يملأ «الأبلكيشن» بما يليق به.
وقبل يومين، طرح الشاب المبدع بدر ششتري في «تويتر» فكرة لطيفة، بمساعدة صديقه المذيع الهادئ عبدالله بوفتين، تقوم على أن يرشح كل «مغرّد» اسماً لتولي منصب وزاري، فانصبت غالبية الترشيحات التي بلغت نحو ألف – إلى لحظة كتابة المقالة – على ثلاثة أسماء «وليد الجري، ود. أنس الرشيد، ود. حسن جوهر»، ثم، بطريقة مضحكة، انهمرت ترشيحات «أمنية» لمصلحة رئيس جمعية المهندسين «طلال القحطاني»، وأقول «أمنية» لأنها كانت «تتدفق» في فترة محدودة ثم تنقطع، ثم تتدفق، ثم تنقطع، وهكذا، ومع ذا لا أظن أن القحطاني، مهما أتقن خطة «هوبّا هوبّا» سينافس على المراكز الأولى، لكنني أجزم أنه سيقبل أقرب حقيبة وزارية تصل إليها.
على أن اللافت هو أن الشيخ أحمد الفهد لم يحصل إلا على صوت واحد مبحوح، لكنه بالتأكيد «سيتدفق» ما إن يصل إليه خبر «التصويت».
عموماً، هذه هي اختيارات «المتوّتين» رغم عدم تصديقي للاستفتاءات التي تدور في ميدان الإنترنت لسهولة التلاعب بها، ورغم عدم تفاؤلي مهما تكاثرت الأسماء «الشعبية»… فما لم يتغير «الملعب واللاعبون القدامى» لن تستقر الكويت إلا بهزهزتها يميناً ويساراً مثل «دركسيون» السيارات القديمة.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

محمد الوشيحي

أقرب حمّام 
مغربي

بسبب عمايل حكومتنا، يولد أطفالنا مشوهين فكرياً وخلقياً، يولد الطفل وله «سكسوكة» ويسأل عن أول مربوط في الراتب وأقرب موعد للتقاعد، يولد فيسأل عن فواتير الكهرباء متى ستُلغى، يولد وهو يبحث عن واسطة تتكفل به من المهد إلى اللحد، من تغيير الحفاظة إلى الزواج من نائبة تقوم بتعيينه في منصب حكومي. ومادامت الحكومة تقر الكوادر والزيادات والعطايا، من أموال الشعب (كما يقول المثل: خذ من كيسه وعايده) فهي ليست مطالبة بالقيام بأي عمل آخر، كما يرى هذا الطفل المشوه.

والكويت بناية سكنية خربة، ولو كنتُ المسؤول لاستأجرت جزيرة في المحيط الهادئ، ولنقلت كل مَن على هذه الأرض إليها، وتعاقدت مع شركات تنظيف متعددة، واحدة لقتل الجرذان والقوارض التي ملأت البناية، وثانية لجلي الرخام، وثالثة للصبغ (الطلاء)، ورابعة للتعقيم بالديتول الأصلي، وخامسة لغسل السجاد والكنب والمفروشات وسادسة وسابعة وثامنة…

الكويت بحاجة إلى الدعك الشديد بالصابون حتى تصل الرغوة إلى عنان السماء، الكويت بحاجة إلى أقرب «حمّام مغربي» أو «حمام قبازرد» يتولى تفريكها فيه إيراني «متعافي»، يسمع عن الرحمة ولم يشاهدها.

أشر بإصبعك الكريمة إلى وزارة، أو هيئة مستقلة، وقل لي: هذه الجهة ليست فاسدة، وأراهنك على أن الجهات الصالحة أقل من أصابع اليد الواحدة في أحسن الأحوال والأجواء… وبمناسبة الأجواء، هل تعلم أن هذا الغبار الذي كدّس مرضى الربو في المستشفيات، وأنهك صدور الأطفال، هل تعلم أن علاجه لا يحتاج إلا إلى زراعة بقعتين أرضيتين صغيرتين في شمال غرب البلاد؟ إذ يقول المختصون: «كل الغبار في الكويت مصدره هاتان البقعتان، فإذا تمت زراعتهما بمصدات الرياح… (غدى الشر)»، ومع سهولة الأمر إلا أن شجرة واحدة لم تزرع هناك. بل ويقال إن زراعة طريق المطار التي تمت قبل سنوات، كانت برغبة من صاحب السمو الأمير لا بمبادرة من هيئة الزراعة، التي أمّن رئيسها نفسه و»كسب ود» النواب والصحافيين، فنام.

سيداتي سادتي، التغيير الوزاري ليس إلا منشفة مبللة، تمسح الجزء الظاهر من الوسخ وتترك الجراثيم المزدحمة تحت السجاد وفي المطابخ والغرف (تعريف الجرثومة في قاموسي: هي كل لص يسرق ويفسد في بلده).

الكويت في حالة بهدلة بسبب هذه الحكومة «الرفلة»، وهذا البرلمان الذي لا نعرف أباه، ولن ينقذها إلا نسف الوزارة بمن فيها، وحلّ البرلمان، وتعديل الدستور إلى مزيد من الحريات والمكتسبات الشعبية، وتقليص يد الحكومة الطولى في البرلمان وانتخاباته ولجانه، وتغيير النهج الحكومي، لتأتي حكومة جديدة منتخبة، تعيد بناء الإنسان، وتعيد تشكيل الثقافة من جديد، وتغربل الجهاز الحكومي الفاسد، وتقدم خطة جديدة واقعية بدلاً من خطة أحمد الفهد التي هي كالمكياج الفاقع على وجه الممثلة «إنعام سالوسة».

***

في مصر… تقدمت مجموعة كبيرة من القضاة بشكوى ضد وزير العدل في عهد مبارك يتهمونه بتلقي الرشاوى والتدخل في القضايا لصالح المسؤولين والمتنفذين، وتنوي مجموعة من رجال القانون في تونس التقدم بطلب إعادة فتح القضايا المشبوهة التي حصل فيها المتنفذون، سابقاً، على أحكام بالبراءة، على أن يتم التشهير بالقضاة الذين تولوا تلك القضايا، إذا أدينوا، بتهم «الفساد والإفساد»، وهي تهم تقود إلى حبل المشنقة بعد تجريد المدان من ممتلكاته.

وأرى أنا أن «الدولة التي يحكمها قضاء غير مستقل هي دولة مزورَة هشة العظام سريعة التحطم».

محمد الوشيحي

الليبيون معتادون على الفلفل

نحن في فترة أعياد، ووالدنا صاحب السمو الأمير يستقبل اليوم ضيوفه وضيوفنا، ومعه نقول لهم: 'أهلاً وسهلاً'، وسنضع الشرشف على مشاكلنا الداخلية وننقلها إلى السرداب بعيداً عن أعين الضيوف، وسنرتّب ديوانيتنا ونبخّرها، و'لاحقين على خير' و'كل مطرود ملحوق'.

ومن يقول إن ما يفعله مجنون ليبيا بشعبه شيء يفوق الخيال، أقول له أنت كذاب ابن دجال أو أهبل ابن أهطل، أيهما قبل… وهل كان أحد يتوقع أن يوزّع هذا المجنون الآيسكريم على شعبه الرافض له؟ هذا هو وجه سفاك الدماء الحقيقي، لم يغيّره.

لكن ما برّد أكبادنا وسكّن آلامنا هو قرار جامعة الدول العربية تجاه هذا المجنون، الذي لم يكن ينقصه إلا جملة 'يا قذقوذي يا بايخ، ما أحبك ما أحبك ما أحبك'، كما تفعل الزوجة التي تتدلع وتتدلل على زوجها في سنة زواجها الأولى قبل أن تغلق باب غرفة نومها في وجهه ليسترضيها فترضى! قال يعني سيغضب القذافي إذا أعلنت الجامعة مقاطعة الوفود الليبية، ألا يعرف هؤلاء المرهفون أن القذافي قائد أممي، كما يرى نفسه، وأنه إذا كان على استعداد لإبادة شعبه وأهله وإحلال مجاميع إفريقية مكانهم، فما الذي يمنعه من أن يطلّق الأمة العربية ويتزوج أمة أخرى أو أخريات في اليوم نفسه؟

ولن تجد وجهاً أبرد ولا أتفه من وجه الذي تصرخ أمامه مستغيثاً: 'إني أحترق… اجلب ماء لتطفئني بسرعة' فيشرح لك عناصر الماء، وكيف اتحدت ذرتان من الهيدروجين بذرة من الأكسجين وتعاهدن على البقاء معاً، وكيف أن علاقتهن مثل علاقات شبّان هذا الزمن، ما إن تتعرض للحرارة حتى تتفكك.

والليبيون إذا كانوا بحاجة إلى أحد فهم فقط بحاجة إلى من يبعد الطائرات والدبابات عن يد سلطة المجنون، كي تكون المعركة متكافئة ويتدبروا أمرهم بأنفسهم، فالليبيون أشجع الشعوب العربية وأكثرها تضحية بالنفس، أقول ذلك بعد تجربة لصيقة بهم استمرت نحو ستة أشهر أثناء الدراسة في أوكرانيا، بدأت بخناقة دامية تبادلنا فيها دخول المستشفى، وانتهت إلى مشاركة في شقة لم تكن تحفها الملائكة.

والليبيون قساة، لا يلينون لأحد ولا يخضعون لغير الله، ولا أظنهم أذعنوا للقذافي إلا بعد أن أذاقهم الفلفل الحار، رغم علاقتهم الحميمة مع الفلفل وسيطرته على وجباتهم، ولو أن يابانياً صائعاً تناول وجبة ليبية لنطق الشهادتين في الحال وخرج في سبيل الله مجاهداً. وقد دُعيت إلى وليمة ليبية، فمددت يدي إلى لقمتي الأولى، ولم يستغرق الأمر مني إلا مسافة السكة من اليد إلى الفم، حتى توقفتُ فوراً وخنقتني العبرة واختفى صوتي، ورحت أضرب كفاً بكف وأفحّ كما تفح الثعابين وأتمتم بجمل متصلة منفصلة: 'يا حسافة راح فيها المريء، هلا والله بالشباب' وقضيت على كؤوس الماء كلها وجندلتها الواحدة تلو الأخرى، وما هي إلا لحظات حتى ارتفع صوت الطالب اليمني الجالس إلى جواري، وراح يهذي بكلمات لم أتبينها، أظنه كان يشتم المضيف أو يشتم نفسه التي سوّلت له قبول الدعوة أو يشتمني بعد أن قضيت على مصادر المياه.

أعان الله أهل ليبيا على جامعة الدول العربية أولاً، ثم على مجنونهم مصاص الدماء ثانياً.

***

اتصالات هاتفية عديدة من الإخوة القراء المصريين تلقتها 'الجريدة'، وإيميلات على بريدي الإلكتروني، يعلنون فيها عتبهم على ما ورد في مقالتي يوم الثلاثاء الماضي، عندما ذكرت أن 'الشعب المصري خلاص استيقظ من غبائه وألقى حقيبة وزارة الإعلام في سلة القمامة'، مع أن المقالة توضح أن المقصود بـ'الغباء' هو 'وزارة الإعلام'، وللتوضيح سأشرح: 'كل شعب على وجه الأرض يقبل وجود وزارة إعلام في حكومته هو شعب غبي، والشعب المصري، بعد تحرره، تخلص من هذا الغباء، أي تخلص من حقيبة وزارة الإعلام، أما بقية شعوب العربان فماتزال تستمتع بغبائها'.

محمد الوشيحي

عندما يلمع الغباء

ذكرتها سابقاً وأكررها الآن: «أشعر أن كلمة (وزير إعلام) شتيمة قبيحة»، وأشعر أن من ينادي الوزير «يا وزير الإعلام» كأنه يقول «يا وزير الكذب والتدليس» أو «وزير الصكصكة» على رأي أهل جدة.

ويا سبحان الله، بعدما هاجت ثورة تونس وماجت اعترف أذيال الرئيس التونسي المخلوع: «إعلامنا الحكومي ليس على مستوى الحدث»، ولم يكن عند الناس وقت كي يقولوا لهم «لأن الإعلام الحكومي حكاية أكل عليها الدهر وبصق، ولم تعد موجودة إلا في الصومال والغابون وما شابههما من الدول التي لا تملك شعوبها قيمة الستلايت»، والأمر ذاته تكرر مع وصول الثورة المصرية إلى الذروة، إذ ظهر أذيال النظام المنزوع على الشاشات واعترفوا «الإعلام الحكومي لم يستطع استقطاب المشاهدين أثناء الثورة»، وأمس الأول يعلن المجنون الصغير «سيف الإسلام القذافي» في كلمته التي تشبه وجه أبيه: «إعلامنا الحكومي فشل في ملء مكانه»، والحبل على الجرار، وسيخرج الرئيس المخلوع المقبل، أي رئيس مقبل، ليردد الغباء نفسه والثوارة عينها.

هذا الصنف من البشر يعتقد أن الشعب كله مصاب بداء «الرعاش» – مع احترامي وانحنائي للمرضى المصابين بهذا الداء – وأن المواطنين لا يقوون على المسك بـ«الريموت كنترول» والتنقل بين قنوات التلفزيون، هذا الصنف من البشر لا يعرف أن أقماراً صناعية عديدة تحوم فوقنا «عربسات» و«نايلسات» و«هوت بيرد» ووو (كتبت «ووو» لأنني لا أعرف أسماء البقية لكنني متأكد أن ثمة بقية، وأتوقع أن تؤسس مصر «المتحررة حديثاً» قناة إخبارية تفوق ميزانيتها ميزانيتي الجزيرة والعربية مجتمعتين وتساهم في تحرير بعض الشعوب العربية المحتلة من حكوماتها الغبية)، هذا الصنف من البشر يعتقد أن الأسر تجتمع كل «عصرية» لمشاهدة تلفزيون الدولة، ومتابعة الخطب والبيانات التي يلقيها المسؤولون على شاشته، فإذا صرح مسؤول: «النهوض بالشباب هو أولى الأولويات» صرخ أفراد الأسرة: «هييييه»، هؤلاء لا يعرفون أن الناس قد يصدقون مسيلمة ولا يصدقون تلفزيون الدولة… يا لغبائهم اللمّاع.

وها هي حكومة مصر بعد تحررها ترمي حقيبة وزارة الإعلام في سلة القمامة، ليش؟ لأنها تعلم أن الشعب سيضع قليلاً من الفلفل والليمون عليها وينهشها (ينهش الحكومة) إذا فكرت في ذلك، وسيدهسها على الخط السريع كما تدهس السيارات الكلاب، فتهرب وهي تحجل برجل واحدة و«تصوي»، وتعلم أن الشعب المصري خلااااص «استيقظ» من غبائه.

الناس لا تصدق المذيع المختوم بختم الحكومات العربية، ولا الصحيفة المطبوعة بحبر حكومي… متى تفهم حكومات العربان؟ لا أدري.

الأمر ذاته نقوله للأخ وزير الداخلية الذي أصبحت بيانات قيادات وزارته مثاراً للتندر والتهكم بسبب سياسات سلفه، ونذكره بأن وزارة الداخلية المصرية بدأت حملة تحسين سمعتها التي تشوهت بسبب الكذب، وأولى خطواتها في ذلك كانت إبعاد كل من كذب عن الواجهة، واعتماد الصدق والشفافية فوراً، ولا أخفيك سراً معالي الوزير، الناس لم تعد تثق ببيانات الداخلية ولا بأفلام قياداتها، بعد حادثتي «الحربش والميموني»، وليتك تفكر في إعادة طلاء الوزارة، وتعيد تحسين سمعتها في الحارة.

***

الأخ وزير النفط… كثرت شكاوى مراجعي مستشفى شركة النفط على المدير الذي يتهمونه بالشللية والتفرقة المذهبية والعنصرية. أرجو التأكد من هذا الأمر.

محمد الوشيحي

يا حلوة شرفتي

منذ أن وضعت الثورة المصرية عصاها، حملتُ عصاي ورحت أتابع تساقط أحجار النظام، فقرأت كل كحّة وعطسة كُتبت عن المستفز الأكبر تاجر النظام أحمد عز، الذي أثرى من أموال الدولة إلى أن ترهل حسابه، وحبيب العادلي وزير داخلية حسني مبارك (لم أقل وزير داخلية مصر)، الذي سرق كرامة الناس وآدميتهم، والذي ظنّ الناس في عهده أن من إجراءات دخول المخفر أن تتهزأ وتتخوزق ويتم تصويرك ورزعك على قفاك.

ويوم أمس الأول شاهدت لقطة اقتيادهما إلى سجن طرة، ومعهما "جرانة" و"المغربي"، لصّا الأراضي والـ"بي أو تي"، وما إن دخل الأربعة إلى السجن حتى انهار "عز" باكياً وأصابه الذهول فجثا على ركبتيه منهاراً، في حين أطرق كل من جرانة والمغربي ولم يرفعا عيونهما عن الأرض وهما "يتماثلان" للبكاء، أما العادلي الذي بدا متماسكاً، فقد استقبله المساجين بأغنية تليق بمقامه: "يا حلوة يا بلحة يا مقمّعة… شرفتي اخواتك الأربعة"، على وقع صوت الرصاص الذي كان يطلقه عساكر السجن ابتهاجاً برؤيته مكبلاً بخزيه.

والأنظمة الديكتاتورية تتعمد تعيين أحقر الناس وأكثرهم سادية وجشعاً في منصب وزير الداخلية، تحديداً في منصب وزير الداخلية، الذي هو هراوة النظام على رؤوس شعبه، بحيث يكون الوزير هذا مستعداً لتقبيل الأيادي، وتسريب الوثائق، وتقريب السفلة، وتعذيب الناس وإهانتهم، في سبيل البقاء على قيد المنصب، فهو ذليل أمام رؤسائه، متغطرس أمام مرؤوسيه وأمام البسطاء… ويمكن معرفة رغبة الدولة، أي دولة، في احترام مواطنيها أو إهانتهم من خلال التركيز على وزير الداخلية وتصرفاته، كأحد أهم المؤشرات.

وتنتشر الجريمة في الدول المحكومة بأنظمة ديكتاتورية بشكل مريع، ليش؟ لأن الوزير الحقير لا وقت لديه للحفاظ على الأمن، فجهوده كلها مركزة على خدمة أسياده رموز النظام ليرضوا عنه فيتفرغ هو لنفخ بالون ثروته وتقوية قبضته.

والسوالف تجر السوالف، والشيء بالشيء يَقهر، ولا بارك الله في من ترك "قضية البدون" في الكويت تكبر وتكبر حتى لم يعد الباب يسعها، ولا أدري كيف كانت حكوماتنا المتعاقبة تفكر وهي تشاهد "أزهار" البدون يكبرون وينمون فيتعرضون للعواصف والرياح فينبت لهم شوك الغضب والحقد، وهم معذورون.

هل المطلوب اليوم أن ندافع عن الحكومة وهي الظالم أم ندافع عن المظلوم؟ هل تعتقد الحكومة أن الأمر مجرد لعبة و"تسلاية"، على رأي اللبنانيين، وأن المظلومين البدون سينزعون عن أجسادهم مشاعرهم كي ترضى الحكومة عنهم، ويقبلون الحياة التي تأنف منها حتى الحيوانات؟ ما الذي تنتظره الحكومة بلجانها التي هي مثل ليالي الشتاء، طويلة وباردة، لتفعّل القوانين التي وضعتها بنفسها، فتجنّس المستحق وتحترم إنسانية غير المستحق.

وقد قيل: "الشجاع من يواجه الصعاب" وقضية البدون ليست من الصعاب، لكنها في عين حكومتنا أصعب الصعاب. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

محمد الوشيحي

بنت العنب… هي السبب

ما الذي يحدث؟ هل تناولت الحكومة كؤوساً من عصير العنب، أو «بنت العنب» كما أسماها الخليفة الأموي المزاجنجي «الوليد بن يزيد»؟ ما الذي دهاها لتفسفس فلوسنا؟ هل يحق لنا الحجر عليها؟

تكفون، من كان منكم على علاقة قرابة مع الحكومة فليخبرها أن ما تفعله مستفز، على أنني أحد المؤمنين بضرورة تدليل الشعب وترفيهه إذا كانت الدولة مقتدرة، لكن بالعقل وعبر زيادات مقبولة ومدروسة لا تؤثر على مستقبل البلد ومستقبل عيالنا، والأهم أن توقف السرقات وتحاسب اللصوص، وتقيم المشاريع الضخمة الفخمة، وتعيد طلاء البيت المتهالك، وتوفر المستشفيات المتطورة، والمدارس الحديثة المناهج والمباني، ووو، لا أن تنثر الأموال على الناس بعبط كي يغضوا الطرف عن فشلها ويتغاضوا عن فسادها.

دعوا عنكم حكاية التنمية فهي «قصور في الهواء»، وكذبة كبرى، سوّقتها الحكومة فصدقناها، إذ إن أول شروط التنمية هو وجود وزراء على كفاءة عالية، يتبعهم قياديون متميزون، وثانيها محاسبة الفاسدين، وأكبر فساد هو إغراق البلد بالأطعمة الفاسدة، وأن يقصفنا العدو بقنابل «النابالم» أهون علينا من أن نعيش على أطعمة فاسدة، فالنابالم سيحرقنا ونموت في لحظتنا، أما الأطعمة الفاسدة فتميتنا تحت التعذيب والألم المتواصل. وتخيلوا ماذا كان سيصيب أبناءنا لو أن أطنان الحليب الفاسد فلتت من الرقابة.

والله لو كانت حكومتنا تحترمنا لعقدت اجتماعاً علنياً مفتوحاً، تطلعنا فيه على تطورات أبشع صفقة فساد في الكويت، وتكشف لنا سر إدخال كل هذه الكميات في وقت وجيز، وكيف كانت الرقابة وآليتها قبل تعيين هذه المديرة النشيطة في البلدية، ثم تكشف لنا عن أسماء تجار الدم، وتحيلهم إلى محكمة الجنايات بسرعة، بتهمة «الشروع في القتل الجماعي»، وترفق بملف التهمة أسماء النواب الذين يستميتون لـ»طمطمة» الموضوع. وهنا نسأل النائبة د. رولا دشتي، رئيسة اللجنة البرلمانية المختصة: «لماذا لم تصرحي بأسماء هؤلاء السفاحين للشعب ليكويتي (كما تنطقينها)؟».

* * *

منتدى الشبكة الوطنية يتبنى حملة إنسانية رائعة تحت عنوان «إلى متى» يطالب فيها المسؤولين بتبديل مبنى المعاقين الحالي، الذي يؤذي المعاقين وأهليهم ويفتقد الشروط الدنيا المطلوبة لمباني المعاقين، بمبنى يراعي ظروف المعاق ويحترمه…

تابعوا الموضوع على هذا الرابط وتمعنوا الصور وحسبلوا وحوقلوا…

http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=171177

* * *

تلقيت اتصالاً من «عمر العجمي» الذي تحدث عنه الرئيس السعدون والنائب د. فيصل المسلم ونواب آخرون، وذكروا أنه تعرض لتهديد عبر «مسج» هاتفي… ويقول عمر إنه تلقى التهديد بعد أن كتب موضوعاً في منتدى الشبكة الوطنية بعنوان «إسطبل الشهيد الراعي الرسمي لجريدة الآن»، وهذا هو الرابط لمن أراد الاطلاع على الموضوع…

http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=169875

ويضيف عمر في اتصاله: «وصلتني رسالة تهديد أخرى، مضمونها (أنت لين الحين ما لغيت الموضوع؟ هذا آخر تهديد لك»! عمر أبلغني خشيته من أن يوضع له حشيش أو مخدرات في سيارته أو بيته لتسهل إدانته وتشويه سمعته وسمعة أهله.

لا أظن أن الأمور تسير بهذا الشكل في الكويت يا عمر، وإن كنت لا أرى الأجهزة الأمنية بفساتين بيضاء وورود ملونة… على أية حال، الناس الآن تتابع الموضوع بوعي وتركيز، فنم قرير عين يا عمر، وإن تعرضوا لك، فهذا يعني أن مؤسسات الدولة سقطت، وعلى كلّ منا الاعتماد على زنده الكريم.