محمد الوشيحي

بين أنفاس السجائر

خذ يا صاحبي هذه السيجارة من صنع الجيرمان، أشعلها واكتم دخانها في صدرك ثم انفثه إلى الأعلى… حاول أن تستمتع بلحظاتك هذه إلى أقصى مدى فالمستقبل غضوب عبوس.
منذ الآن وصاعداً، وإلى المدى القريب، لا تُصِخ السمع أملاً في سماع ضحكات الأطفال. معلش، فلسنا في موسم الأطفال ولا ضحكاتهم، وأنت تعرف أن لكل شيء موسماً، للكَرَز موسم، وللتفاح موسم، وللأطفال كذلك موسم، ليس غداً بالتأكيد.
خذ يا صاحبي السيجارة الثانية، وفكر في ما ستفعله في الأيام المقبلة عندما ترتفع الصرخات والآهات، ويعلو غبار المظاهرات المطالبة بالإفراج عن المحجوزين، وتعلّم، وعلّم أطفالك، كيف يتلثمون بـ”الغترة” لمكافحة الغبار، ألا هل بلّغت اللهم فاشهد.
الدولة يا صاحبي بأجهزتها الهضمية والتنفسية جُيّرت وتُجيّر لخدمة الكراسي، الدولة كاملة من الجلدة إلى الجلدة تحولت إلى مسامير لتثبيت الكراسي. وأن يحصل شيخ دين على الجنسية أو حتى ممثل لا موهبة له، هو أمر لا غرابة فيه، إذ لا علاقة للمهنة بالجنسية. الغرابة، كل الغرابة، أن يتحول الدين إلى “هدية قيّمة” يقدمها الباحثون عن الجنسية إلى من بيده الكرسي، ويتحول الفن إلى وثيقة تثبت الولاء لأصحاب الكراسي.
وكان الأستاذ، أو الشيخ، عبدالرحمن عبدالخالق، قد أصدر فتوى عنقودية متفجرة قبل استجواب سمو رئيس الحكومة، ألغى فيها، بصورة أو بأخرى، المادة (100) من الدستور، خصوصاً الشق المتعلق برئيس الوزراء، الذي يبيح استجوابه. وكان زميله الشيخ عبدالله السبت قد ذهب إلى أبعد من ذلك، وأفتى بما هو أنكى وأشد، إذ رأى، لا أعمى الله بصره، أن “تعطيل الدستور” بمواده كلها، لا المادة (100) فحسب، أمر لا يستحق الغضب ولا حتى العتب.
وقد نسمع من “الشيخين” حفظهما الله، في القادم من الغبار، فتاوى مختومة بختم الحكومة، وقد لا نسمع، وقد نقرأ هجاء الممثل أحمد إيراج للمعارضة، وقد يقول ما لم يقله زميله الممثل “موضي علف” عن المعارضة، وقد لا يقول، لكن الأكيد والثابت أن أبطال الحروب والشهداء أقل من أن “يتكوّتوا”، كما ترى الحكومة، فلم يقدموا إلا أرواحهم، فقط، لا فتاوى دينية تهز العقول ولا أعمالاً فنية تهز الحجول.
وأخشى أن تكون “جناسي” هؤلاء مربوطة بخيط مطاط، أو أن تتحول الجنسية إلى دَيْن يلزم سداده.
أشعل يا صاحبي سيجارتك الثالثة وأدر بيننا أقداح القهوة الصنعانية، وتعال نبكِ كالنساء على الكويت التي سقطت على الأرض، واختفت بين أرجل المارة. أشعل سيجارتك بسرعة قبل أن تقرأ، في القريب العاجل، أخباراً عن هجرة بعض المعارضين إلى دول أوروبا ليتسنى لهم المعارضة من هناك بصوت أعلى مما كانت تخشاه الحكومة.
اكتم دخانها في صدرك… ثم انفثه إلى الأعلى وأنت مغمض العينين.

محمد الوشيحي

زلّفتكَ نفسي

عمرك شفت حيواناً يتزلف إلى حيوان مثله؟ هل شاهدت، مثلاً، أسداً يقبل يد أسد؟ أو شاهدت ثوراً يجري أمام ثور ليفسح له الطريق؟ أو بومة تنهض من مكانها لتجلس فيه بومة أخرى أصغر منها سناً؟ أو نعامة تضحك لنكتة سخيفة أطلقتها نعامة أخرى، دمها يشبه دم المسؤولين العرب وهم يطلقون نكاتهم؟ أو شاهدت سنجاباً يمتدح، كاذباً، نتانة سنجاب آخر؟
وكنت في دبي عندما سألني مدير المبيعات وهو يروج للمنتجع: "حضرتك من فين"؟ فأجبته: "من الكويت حيث يكثر النفط والتزلف". فعلق ضاحكاً: "كلنا في التزلف شرق".
وما تعيشه الكويت هذه الأيام، يشبه إلى حد التطابق والتلاصق ما كانت تعيشه مصر في السبعينيات، عندما جرى تفريغ الإنسان المصري من مبادئه الشامخة لتوضع بدلاً منها مبادئ الكذب والتزلف وعدم الإتقان والغش وسرعة الاستسلام ووو، وستحتاج مصر المحررة إلى عقود ودهور قبل أن تستعيد "مصريتها" المسروقة.
ويوم أمس تبجّح المتبجح الأكبر السيد عمرو موسى: "أجريت اتصالات عدة مع الجهات الدولية لاستعادة أموال مصر المسروقة"، دون أن يعي أنه هو نفسه ساهم في سرقة ما هو أثمن وأغلى من أموال مصر، مبادئ مصر، عندما زرع حوله مجموعة من المتزلفين والمتلحوسين والمتنهوصين، يتراكضون أمامه وخلفه ليوهموا الأرض بهيبته.
وفي الكويت، يتحدث أحد المواطنين عن ذلك المسؤول السابق الذي كان مديراً عاماً لإحدى الهيئات الحكومية بدرجة وكيل وزارة، وسكرتيره الذي كان يقول للمواطنين قبل الدخول إليه: "إذا خاطبتموه فخاطبوه بلقب (يا طويل العمر) ولا تقولوا يا بو فلان"، ويكمل المواطن: "كانت حاجاتنا عنده مرهونة بتوقيعه، وكنا نضطر إلى مخاطبته بما يشتهي رغم احتقارنا لأنفسنا، لكنها الحاجة لعنها الله، وكنا نقيم له مناسبات العشاء والغداء لنكسب وده، فأنت تعلم أن الكويت لا تسير بالقوانين بل بمزاجية المسؤول".
يتحدث هذا المواطن وأنا أنظر إليه مشدوهاً وأغمغم: "إذا كان هذا يقول ما يقول ويفعل ما يفعل وهو يملك كل هذه المزارع والمؤسسات والشركات والأموال، فماذا بقي للبسطاء الذين تزوجوا الأقساط زواجاً كاثوليكياً؟ ليس لهم إلا أن يدخلوا يحبون على ركبهم".
ويقسم أحد معارفي أن مسؤولاً كبيراً يتعرض للسخرية والتهزيء المغلف بالمزاح من رئيسه، أمام كل الموجودين والزوار، بشكل يومي، ويضطر المسؤول "المتهزئ" إلى الكركرة وتحمل الإهانة ولسان حاله يقول: "زلفتك نفسي من أجل الترقية والتقارير".
وآآآآه كم طنٍّ من الديتول نحتاج لتطهير هذه الديرة.

محمد الوشيحي

الأسرة الحاكمة… والساكند هاند

كتبت مقالة اليوم، واسترسلت فيها، وفي منتصف المشوار تذكرت أنني سبق أن كتبت شيئاً مشابهاً، الخالق الناطق، فعدت مهرولاً إلى الأرشيف، وفتحت خزائنه، فإذا بالمقالة هذه يكسوها الغبار. وهأنذا أعيد نشر فقرات منها، إذ لم يتغير شيء منذ نشرها قبل عامين إلى اليوم:
كذاب ابن نصاب من يقول إن حال شيوخنا يسرّ الناظرين. دجّال ابن محتال ومن سلالة أفاقين من يوهمهم أن وضعهم طبيعي، وأن سبب الأزمات المتوالدة في الكويت هو البرلمان، وأنهم لا دخل لهم بكل هذا الغبار المثار، ولا خوف على مستقبلهم ومستقبلنا معهم.
الحق أنهم يتحملون المسؤولية الكبرى في الفوضى هذه. فما الحل؟ هل نردد خلف فيروز: 'يصطفلوا، شو ما صار يصير، خلّي هالزير بهالبير'؟ أم ماذا نفعل؟
صادقاً أقول: لا يمكن أن يجف معين أسرة الصباح كما يظن بعض البسطاء. لا يمكن أن تصفرّ أشجارهم وتموت فلا تؤتي ثماراً. غير صحيح أن من نراهم الآن على الشاشة هم الأفضل. بالتأكيد هناك أكفاء لم يتعاون معهم الحظ فبقوا خلف الكواليس الصامتة. وليس من المعقول ولا من المنطق أن أهم شروط الحصول على الفرصة أن تبدأ بالصراخ وتكسّر الزجاج وتلخبط أثاث الصالة، وتفقأ عين ابن عمك وتشج رأس ابن خالك كي يلتفت ذوو القرار إليك ويحرصوا على إرضائك وإسكاتك. وليس من الذوق أن تنافق هذا أو ذاك، أو ترتبط بنسب مع ذيّا أو ذيّاك، كي ينتشلك من بحور الظلام.
ولا أدري على أي أساس يتم اختيار الشيوخ لتقلّد المناصب، لكنني متأكد أن طريقة الاختيار الحالية لا علاقة لها بالكفاءة، ولا بالحيادية، ولا بالنهج المؤسسي… وهنا يجب أن نتوقف، فأي لخبطة تتم في مقصورة الأسرة، سيتأثر بسببها جمهور الملعب، من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثالثة. لذا ومن أجل ذا وُلِدَت هذه المقالة المُحِبّة.
شيوخنا، فضلاً أغلقوا موبايلاتكم التي لا تنقل لكم الصدق الموجع، وخذوا الأمر بجدية، وليجتمع حكماؤكم – والحكمة لا تعني كبر السن بالطبع – بهدوء وسرية، ليتدارسوا كيف يمكن إنشاء "نظام مؤسسي عادل" لاختيار الأكفأ من شبّان وشابات الأسرة للمناصب العامة. نظام حيادي يتيح المجال للطامحين من أبنائكم للالتحاق به، من سن الدراسة الجامعية، مثلاً، أو بعد التخرج، أو أي مرحلة ترونها الأنسب.
على أن يكون شباب الأسرة الراغبون في المناصب والراغبون عنها، على علم بهذا النظام، ولكل منهم حينئذ الاختيار. فمن كان منهم يطمح إلى منصب، فليمرّ من خلال البوابة الرئيسية، بوابة "النظام"، فقط، ليتقرر وقتذاك دخوله أو عدمه.
أعلم أن مقترحي هذا "أفلاطوني"، مثالي، خيالي، لا تلامس قدمه الأرض، كما يتوهم الضعفاء العاجزون، بينما هو مقترح منطقي، ضروري، قابل للتطبيق في عيون العقلاء المستشعرين خطورة الوضع وخطورة المستقبل، والمدركين أن الأوضاع اليوم وغداً تختلف عن الأوضاع في أمسِ والذي قبله.
حكامنا منكم، لا أحد منا يقبل النقاش في هذا. ودستورنا يرفع سبابته محذراً كل من في نفسه مرض، ونحن معه نرفع سباباتنا وبنادقنا. لكنه، أي الدستور، لم يفرضكم علينا قياديين في الوزارات والإدارات والهيئات. مكانتكم في قلوبنا فقط هي التي تدفعنا لقبول ذلك، وحبّنا لكم هو الذي يرغمنا على تجاوز أخطائكم. لكن التمادي في الأخطاء الكارثية، بسبب فاقدي الكفاءة منكم، سيكون له فاتورة باهظة، وأنتم أدرى بالذي يجب عليه إخراج محفظته ودفع قيمة الفاتورة. ففكروا جيداً وجدياً في هذا المقترح، أو أي مقترح آخر، قبل وصول الجرسون.
هذا ما جاء في المقالة قبل عامين، فأفتوني بالله عليكم: هل تغير شيء؟ أم أن الأسرة الحاكمة أدمنت استخدام "الساكند هاند"؟

محمد الوشيحي

الصفراء أم شطفة

الذاكرة ما الذاكرة؟ تتساقط منها أحداث لا حصر لها، وتحتفظ ببعض الكراكيب… وكنت طفلاً عندما قيّض لي الحظ أن أشتري حذاءً أصفر، فردته اليمنى مشطوفة، شكله غريب مريب، اشتريته بفلوس مكافأتي من والدي لحفظي "سورة عبس وتولى" من القرآن الكريم، وكانت مكانة الحذاء في قلبي تفوق مكانة الألماس البلجيكي، وكنت وأنا أحمله في يدي لا أغبط السلطان بلقيه في قصره، ولم أخش شيئاً إلا تدافع المعجبين إذا انتعلته وخرجت به إلى الشارع، وأسئلتهم التي لن تنتهي: "من أين حصلت عليه؟ وما هو شعورك؟ وهل تسمح لي بتجربته؟ ووو"، كان الله في العون، هذه هي ضريبة بو شطفة.
وخرجتُ بالحذاء الكريم… ومضت دقيقة، تبعتها دقيقتان، وعشر، وكرّت مسبحة الدقائق، ويا للهول، لم يتدافع المعجبون، ولا حتى معجب واحد ولو بالمصادفة، سحقاً لهم، ولم يسألني أحد ما هو شعورك، وخنقتني العبرة ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقررت أن أبادر أنا بعرض "الأصفر أبو شطفة" على المارة وعابري السبيل، فانتظرت أول عابر، وكانت عجوزاً تسكن في آخر الشارع، وجهها هو المصدر الرئيسي للتجعيد، فيه سبعون خطاً ويزيد، ورحت أمشي بالقرب منها، علّها ولعلها تسألني عن شعوري أو تستجديني تجربته، لكنها لم تلحظ شيئاً، فاضطررت إلى رفع طرف دشداشتي كي يظهر الحذاء وتظهر الشطفة، لكنها "ولا في البال"، فلم أجد مناصاً من لفت انتباهها بالتصريح بعد أن فشل التلميح: "ما رأيك بشطفة حذائي؟" وأشرت إليه، فأجابتني بأدب: "إذا لم تحمل شطفتك وتبتعد عن طريقي فسأقطعها على دماغك"، فابتعدت عن طريقها، لا خوفاً على دماغي بل على حذائي.
وانتظرتُ مرور غيرها من أهل الخير وذوي القلوب الرحيمة، علّ أحدهم يقدّر قيمة هذه الشطفة المباركة، لكن بادرة أمل واحدة لم تلح في الأفق، فلم يعد أمامي إلا أن أطرق الأبواب لأستعرض حذائي أمام أقراني الذين ناموا استعداداً للمدرسة صباح غد. وبدأت حملة طرق الأبواب، ففتح لي والد أحدهم، وما إن رآني حتى تجهم وصرخ: "نعم؟"، فأعطيته جانبي الأيمن وأنا أتبسم بزهو، ورفعت رجلي وكأنني مضطر إلى حك قدمي، عسى أن يرى الشطفة فينبهر فيفتح معي حديثاً مطولاً مليئاً بالأسئلة التي تبدأ من: "ما هو شعورك؟" ولا تنتهي إلا بطلب تجربته، وكنت سأسمح له بتجربته، لكن المثل يقول "خيراً تعمل شراً تلقى"، فبدلاً من الانبهار بحذائي، شدني من ياقة ثوبي فخنقني فبكيت، وراح يشتم ويسأل: "ابن مَن أنت؟ اعترف… ماذا تريد من ابني؟" ودون أن ينتظر إجابتي ركلني بكعب رجله على ظهري ففقدت أنفاسي وكدت أموت.
ولا يأس مع "الأصفر أبو شطفة"، لكنني خفت من فكرة طرق الأبواب، فقررت أن أوقظ صديقي من دون أن يستيقظ والده، فرميت شباكه بحجر كما كان يفعل عبدالحليم حافظ مع شادية، لكن صديقي ليس شادية، لذا انكسر شباكه لعنه الله، فولولتُ ولطمت رأسي، وحملت أبوشطفة في يدي وأطلقت لساقيّ العنان، ولم أتوقف إلا على مشارف الفحيحيل لشدة الهلع.
وجلست مستنداً إلى سور إحدى المدارس أستجمع ما بقي من أنفاسي وأعيد ترتيبها وأوقف نزيف الدم من قدميّ الحافيتين… وتوالت المحاولات، لكنّ أحداً لا يريد أن يعطي أبوشطفة مكانته التي تليق به، إلى أن علمتُ لاحقاً أن الشطفة ليست إلا عيباً مصنعياً، بدليل أن الفردة الأخرى تخلو من الشطفة.
ويخرج الشعب الكويتي بديمقراطيته الصفراء أم شطفة، يستعرض بها أمام المارة من الأوروبيين والدول المحترمة، عل أحداً يسأله عن شعوره، ولا أمل، فيطرق الأبواب ويكسر الشبابيك ويهرب إلى مشارف الفحيحيل، ويكتشف لاحقاً أن ديمقراطيته بشكلها هذا ليست إلا عيباً مصنعياً، بدليل أن حريته مرتبطة بمزاج السلطة، وحكومته التي تقرر مصيره لا يختارها.

محمد الوشيحي

أجيال آل وشيح

كل ما شيّدَته وزارة التربية في سنين هدمته في ليلة.
كنت قد جمعت الأجيال القادمة من "آل وشيح" (آل وشيح أسرة كآل وندسور، إلا أن الأخيرة كانت تحكم الجزيرة العربية في فترة ما، في حين كانت الأولى مطاردة في أطراف الجزيرة تلك، وفي فترة "الما" تلك… المسرح واحد لكن الأدوار تختلف)، المهم أنني جمعت ما استطاعت يداي جمعه من ذخيرة آل وشيح ورصيدها، وابتعدت بهم عن ذويهم، ورحت أغرز سمومي في عقولهم…
قلت لهم وأنا أشير إلى مصافي الشعيبة النفطية: نفطكم تفرَّق دمه على "المؤلفة جيوبهم".
وقلت: لا يفسد الفاسد حين يفسد إلا بدعم من "المفسود بهم" أنفسهم.
وشرحت لهم معاني بعض المفردات بعد أن تم تحريفها…
– العقلاء: مجموعة من "المؤلفة جيوبهم" أذلاء للسلطة أشداء على الشعب.
– المعارضة الجديدة: مصطلح اخترعه أنصار الحكومة المتنكرون.
– الدستور: سيف انتُزِعَ من يد الشعب ليُضربَ به.
– وزارة الخارجية: غادرها محمد الصباح بعد أن تحوّلت إلى مكتب نقل يوصل البضاعة من الباب إلى الباب.
– الحكومة الحالية: عم اليتيم الذي أكل ماله.
– اللجان البرلمانية الرئيسية في برلماننا هذا: لحية عم اليتيم التي تُظهرُه وَرِعاً زاهداً.
– مكتب البرلمان: مسبحة عم اليتيم.
– ساحة الإرادة: آخر قطعة خبز يابسة في يد اليتيم الجائع، يريد عمه انتزاعَها منه.
– الاستجوابات: يتم فيها تقاسم أموال اليتيم.
– القضاء: لا راد له.
– الطائفية: مثل المرجوحة، أنت تجلس على طرفها ذاك، وأنا أجلس على طرفها هذا. أنت تضغط لأرتفع أنا، وأنا أضغط لترتفع أنت… إن تَرَكَ أحدنا اللعبة وقع الآخر.
– متدينو السلطة: لو لم يجدوا جملة "طاعة ولي الأمر" لاخترعوها.
– استاد جابر: شاهد على هذا العصر.
– علي الراشد: وزير في هذا العصر.
وواصلت مهمتي مع أجيالنا القادمة، أنزع ما تحقنهم به المدارس ووسائل الإعلام وأضع بدلاً منه سمومي، ولم أُرجعهم إلى ذويهم إلا بعد أن أيقنت أن أرقامهم في السجن المركزي محفوظة… مسألة وقت ليس إلا.

محمد الوشيحي

غير آل اكيهيتو ما نبي

العلم سلامتكم، كما يقول كبار السن قبل بدء حديثهم…
الشعب الإيطالي، هذه الأيام، لا حديث له إلا عن محاكمة علماء الزلازل الستة المتهمين بالتقصير في أعمالهم.
وكل حكاية لها أصل، وأصل هذه الحكاية أن زلزالاً وقع في إحدى المدن الإيطالية قبل عامين، سقط بسببه أكثر من ثلاثمئة قتيل وأضعافهم من الجرحى، فتقدم أهالي المنطقة وبعض الناشطين ببلاغ إلى القضاء الإيطالي يشكون فيه علماء الزلازل الستة لأنهم "لم يبلغوا الأهالي قبل الزلزال كي يتسنى لهم الهرب من المدينة والابتعاد عن الخطر، كما يحدث في أميركا وبقية بلدان أوروبا، بل طمأنوا الناس فصدقوهم فهلكوا، لذلك نحن نتهمهم بالتقصير الشديد في عملهم وعدم تحملهم المسؤولية".
والأدهى أن العلماء الستة المتهمين كانوا قد كتبوا في تقريرهم: "لا نظن (ضع ثلاثة خطوط تحت كلمة لا نظن) أن زلزالاً مدمراً سيضرب المدينة"، ثم إن زملاء هؤلاء العلماء، وعددهم زهاء خمسة آلاف عالم، كتبوا وثيقة يطالبون فيها ببراءة زملائهم، بحجة أن أحداً لا يمكنه على وجه التحديد تقدير قوة الزلازل… وما زال التحقيق مع "المتهمين" مستمراً.
وإذا التفتنا برقابنا إلى حيث مشرق الشمس، وتحديداً اليابان، سقى الله اليابان "بالمزون العقربية"، حيث الشعب الأقل تفاخراً في العالم (تندر في الثقافة اليابانية قصائد الفخر، وبالمناسبة، أكثر قصائد الفخر في الثقافة العربية المعاصرة ينظمها قليلو التعليم والمغيّبون دينياً وعرقياً، في حين تجد قصائد المثقفين مملوءة بالهجاء والقدح والتذمر احتجاجاً على حال العرب)، فسنجد علماء الجيولوجيا اليابانيين قد تقدموا باستقالاتهم من أعمالهم فور تشكيل لجنة التحقيق، التي لم يكد يجف حبر توصياتها حتى تم تنفيذها بالحرف والفاصلة والنقطة.
لكن ما الذي حدث فور تشكيل لجنة التحقيق، وفور صدور أمر استدعاء رئيس الوزراء الياباني؟ الذي حدث هو أن مجاميع يابانية خرجت وهي ترفع صور رئيس الوزراء، ورددت مجاميع أخرى "غير آل اكيهيتو ما نبي" كللللللوش (يزغردون بالياباني)، وتطوع نائب ياباني متدين- بوذي محكحك – بالسير على أقدامه إلى قصر رئيس الوزراء، على رأس جموع غفيرة قدّر عددها باثني عشر يابانياً بينهم خمسة مصورين وستة من سكرتاريته وواحد مجهول الهوية.
سحقاً لليابانيين وللطليان الذين ينفذون أجندات خارجية، ولم يراعوا خصوصية اليابان وإيطاليا… وانتو شلونكم؟

محمد الوشيحي

تكتل صاهود

تذكرتُ الحكاية القديمة الحقيقية لتلك الصبيّة اليافعة العفيفة والشبان الذين استمرأوا معاكستها والتحرش بها ورميها بالصخر وإهانتها كل يوم، عندما هددتهم بأخيها "صاهود" الذي يعمل في العراق وسيعود في غضون أيام لينتقم لها منهم…
انتظرَته، وطال انتظارها، وتعاقبت الأسابيع، أسبوعاً يركل أسبوعاً ويزيحه ليحل محله، والصبيّة تقضي أوقاتها بين دموع القهر وابتسامات الأمل بانتقام أخيها من الشبان الملاعين… وطال الوقت عليها، واليافعات لا يحتملن عذابات الوقت، فنعست عيونها لكن قلبها الغض لم ينعس، ولا كرامتها المجروحة نعست.
وأخيراً، تبسمت السماء، ووصل أخوها، فقفزت في حضنه تقبله وتغرقه بدموع فرحها، وتشكو إليه ما أصابها في غيابه، وتلومه على تأخيره، وهو الذي بلغته شكاواها مع المسافرين، ويعلم أنها شقيقته الوحيدة اليتيمة الأب، ومع ذا فقد غفرت له كل ذلك، لكنها أقسمت عليه بحق الأخوة ألا يتركها مرة أخرى ويغادر…
ولم تكمل بكاءها وشكواها حتى سحبته من ذراعه إلى "البراحة" التي يجتمع فيها أولئك الفتيان الملاعين، ليريها فيهم عظيم قوته وأصيل نخوته، ويسترد كرامتها المهدرة. وما إن أقبلا على جمع الشبان حتى فرّ بعضهم هلعاً وتماسك القلة منهم وصمدوا، فصرخ في وجوههم: "ما تستحون؟ لا تحرشون فيها مرة ثانية"، واكتفى بذلك، وسحب شقيقته من ذراعها ليعود بها إلى البيت…
وفي البيت، راح أخوها ينثر الهدايا أمامها وهي تنظر إليه مذهولة مفجوعة، فركلت هداياه وهربت منه إلى أمها باكية، فسألتها أمها: "ما الذي يبكيك؟" فأجابتها: "يا ليت صاهود في عراقه"، أي ليته بقي في العراق ولم يأتِ.
وعاد صاهود إلى "عراقه"، وعاد الفتيان إلى سابق عهدهم مع أخته.
الحكاية تتكرر اليوم، والصبيّة اليافعة هي الكويت، والشبان الذين أهدروا كرامتها هم الراشي والنواب المرتشون، وصاهود هو "تكتل العمل الوطني".
وكانت الكويت اليافعة قد تعرضت لكارثة هي الكبرى في تاريخها، بلا مبالغة، هي أكبر من كارثة الغزو – وفي هذا يطول الشرح – عندما تم شراء بعض نواب برلمانها كما يُشترى العبيد، وسُلِبَت إرادة الشعب، فتسابق النواب الأحرار لإعلان غضبهم، وأسرجوا خيلهم، وتفقدوا سيوفهم وصفوفهم قبل المعركة، فتخلّف نواب تكتل العمل الوطني، فتساءل الناس، فراح أنصار "الوطني" يقلبون أثاث الصالة بحثاً عن عذر هنا أو حجة هناك، فقالوا تارة: "هم الآن خارج الكويت، وسيعودون قريباً محمّلين باللؤلؤ والمرجان"، وقالوا تارة أخرى: "جهّزوا سيارات الإسعاف، واحفروا مزيداً من القبور، فنواب التكتل الوطني قادمون لينتقموا للكويت"، وانتظر الناس السيل، وتأخر السيل، والبدو يقولون "ما يبطي بالسيل إلا كبره"، وشحبت الأرض، لكن رحمة ربك تداركت عشاق البلد فشاع الخبر عن "ندوة لنواب التكتل الوطني"…
وقامت الندوة، وأرخينا أسماعنا لصوت طبول الحرب، فصرخ نواب الوطني في وجه الراشي والمرتشين كما فعل صاهود: "ما تستحون؟"، واكتفى "صاهود الوطني" بتلك الجملة، ثم طلب شهادة أربعة من الثقات شاهدوا "المرود يدخل في المكحلة"، وراح "الوطني" يتحدث عن أمجاده التي خلدها التاريخ في الهند والسند وفي المحيط الأطلسي والنرجسي وفي بلاد تركب الأفيال والبغال، قبل أن يقلب "الوطني" ندوته إلى "لطمية" بسبب الحرب التي يتعرض لها من الكائنات الفضائية التي لا يراها إلا هو، ووو، ومع نهاية الندوة، التفت "الوطني" إلى جهة ما وغمز بعينه اليسرى وهو يخفي ابتسامته الساخرة.
وبدلاً من أن يفزع صاهود لأخته، راح يهاجم من انتفض من أجلها.
أوااااه… يا ليت صاهود في عراقه.

محمد الوشيحي

شخبطات كاتبجي

– لو كان المتطرف السني شيعياً لكان متطرفاً أيضاً، والعكس صحيح.
– هنالك رؤساء حكومات يقطعون زياراتهم الخارجية ويعودون إلى بلدانهم إذا حدث مكروه فيها، ورؤساء حكومات يغادرون بلدانهم إذا حدث مكروه فيها… نوعية الشعوب هي التي تدفع الرؤساء إلى العودة أو المغادرة.
– لكل من المرأة الطويلة والقصيرة ما يميزها بحسب المكان، فالأولى تتفوق في الصالة، والثانية تتعملق في الغرفة.
– مازلت أجهل الفرق بين صفتي "النبل" و"الشهامة"… هل ثمة فرق؟
– "كثر الكذب يقل المرجلة".
– ليس منا من هو ملائكي على مدار الساعة، كل منا يحمل جزءاً من الشيطان، والفارق هو حجم هذا الجزء.
– غالبية الثرثارين قلوبهم بيضاء ناصع لونها.
– وجد آباءه وأجداده والمؤرخين الكذابين يقولون "أتاتورك شيطان" فكرر كلامهم كالببغاء، هو لا يعلم أن الدولة العثمانية كانت تسبح في بحر الظلم والقهر، فجاء أتاتورك وأقام فيها العدل، وأنهى احتلال بلاده للبلدان الأخرى، وحرر تركيا من استعمار الآخرين، وحوّلها إلى دولة عظمى.
– قد تكون هناك علاقة بين ملامح وجه الإنسان وشخصيته، لكن بالتأكيد لا علاقة بين شخصية الإنسان وبرجه، مهما توهمت النساء.
– علم الأبراج فيه منفعة للبشرية، فقد تم اختراعه ليشغل النساء عن كشف أسرار بيوتهن.
– فنجان القهوة لم يُصنع ليُقلب، بل ليُلثم.
– لو علمت النساء العربيات قيمة القهوة عند الرجل العربي، لوضعن أحمر الشفاه بنكهة القهوة.
– إلحاح المرأة أشد صخباً من ضجيج المصانع.
– قالت: قبلك كنت أضع يدي على أنفي وفمي كلما علا دخان السجائر من حولي، بعدك صرت أغمض عيني وأستنشق الدخان بابتسامة صامتة.
– صوت الربابة مازال يطربني.
– خدعونا فقالوا: "الماء… لا لون له ولا طعم ولا رائحة"، كان الأجدى استبدال مفردة "الماء" بـ "جامعة الدول العربية".
– بين كل مئة مؤرخ عربي… مؤرخ واحد صادق.
– قالت له: أنت لا تعرف طبيعة النساء، ابتعد عني كي ألاحقك.
– أحترم شجاعة الشاعر الخالد أبي تمام، الذي انقلب على عادات الشعر وتقاليده وأتى بالجديد وصبر على طعنات التقليديين إلى أن أنصفه التاريخ.
– يقال للرجل "أنتَ" وللمرأة "أنتِ"… حتى في اللغة الفصحى، المرأة "مكسورة".

محمد الوشيحي

أخلاق الكازينو

أطلق بصرك يميناً ويساراً، أو يمنة ويسرة كما يقول المتفاصحون، في الكويت من أقصى غلافها إلى أقصى غلافها، بحثاً عن الفن والعراقة والإتقان والنحت والتشكيل، وسيرجع إليك البصر خاسئاً وهو حسير.
الكويت دولة بلا مشاعر، أو هي دولة جُرّدت من المشاعر، وجردت من العمق، ومن الأصالة، ومن الفنون، والإبداع، والحس، واليوم يتم خلع ثياب الصدق عنها، بعد أن نجحوا في خلع ثياب حيائها… الكويت جردت من كل قيمة، لم يبقَ فيها إلا قطرتان بائستان أبقتهما لدواعي البكاء.
صرخت في وجه صديق خليجي أبلغني نيته زيارة الكويت: "احذر، احذر… لن تجد أمامك فناً معمارياً يستحق البحلقة والدهشة، ولا رسومات على الجسور ولا على جدران المناطق القديمة تستحق التوقف أمامها، ولا مقاهي أو مطاعم يعزف فيها فنان على عوده الأغاني الخالدة فتسهر مع أعزائك على وقع خطوات ريشته، ولا دار أوبرا، ولا مساجد أو كنائس نحتت أسقفها يد فنان مرهف، ولا رسامين ينتشرون في شارع خصص للمشاة، يرسمون العشاق والأطفال والطبيعة، كما في باريس وبرشلونة وغيرهما، ولا حدائق متناثرة هنا وهناك تجرك، كما يجر السقا دلوه، إلى نظم الشعر وكتابة القصص والروايات، وما أعظم القصائد التي ولدت على أطراف عيون الماء".
وأضفت: "لا تسألني عن المجلس البلدي أو عن البلدية أو عن بقية مؤسسات الزينة، التي تُسمى، زوراً وبهتاناً، مؤسسات الدولة، فهذه قصة تُنسي الخنساء أخاها صخراً".
وواصلت تحذيري، أو ربما بكائي الصامت، لا أعلم: "إذا زرت الكويت، فستجد نفسك واقفاً في "كازينو" مترامي الأطراف، يملؤه ضجيج ماكينات القمار، وصراخ المقامرين، والكل فيه يبحث عن أعلى قدر من الربح، وأظنك تعرف "أخلاق الكازينو"، أو على الأقل تتخيلها".
"انفذ بجلدك، حذّرته، ولا تضع إجازتك في بلد الشحوب والغش، أما إذا كنت من عشاق زيارة المقابر والأطلال، وأصررت على زيارة الكويت، فاحرص على أن تتزود بأكبر كمية ممكنة من الدموع الفارهة".
قال، بعد صمت: "لا تنكّلوا إذاً بجثث موتاكم".
قلت، بعد حزن: "لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها".

محمد الوشيحي

لا تتشوقنوا

الذي كان يتمشى على الشاطئ مرتدياً الشورت، تداعب أصابع قدمه حبات الرمال الناعمة، لا يحق له، لاحقاً، الحديث عن بطولته في المعركة التي كانت تجري في عرض البحر، في تلك الأثناء! وجوده على الشاطئ بعيداً عن غضب العواصف وجنون الأمواج لا يشفع له بأن يعتبر نفسه من أبطال المعركة البحرية.
وبعض الصحف، والقنوات الفضائية، والكتّاب، ونواب المعارضة السابقين، ورجال الأعمال، وكل ذي شأن، يصمت اليوم – بعد كل هذه الرشاوى التي حولت "صوت الشعب" إلى "صفاة غنم" – أو حتى ينتقد لكن بعموميات، وينتقي كلمات "حمالة أوجه"، كيلا تغضب عليه السماء فتحجب أمطارها عن أرضه، ويحرص على ألا تتسخ ثيابه من غبار المعارضة… كل هؤلاء يتمشون على الشاطئ، ولن نقبل غداً أن نقرأ أسماءهم في أعلى قائمة الشرف، ولا أن يمسح الواحد منهم الدماء المزيفة من على جبهته، متمتماً بصوت يتصنع التواضع: "الكويت تستاهل".
فما لم تهاجمك صحف الفساد وقنواته وأدواته، وتفتري عليك وتختلق الأكاذيب، وتنهش لحمك الضباع والنسور، وتطعن في شرفك ونظافة يدك وعرضك، وتحارب مصالحك، ووو، ما لم تتعرض لكل ذلك فلا تقل "الكويت تستاهل".
وأقسم برب البيت، لو أن الفعاليات التجارية، بجلالة تأثيرها ومكانتها، انتفضت وأعلنت غضبها مما يحدث، واتخذت إجراءات تدل على ذلك، وتسابقت إلى ساحة الإرادة… ولو أن أساتذة الجامعة، ممثلين بهيئة التدريس، أصدروا بياناً أحمر فاقعاً لونه، تظهر فيه حواجبهم مرتكزة لشدة الغضب، وتسابقوا إلى ساحة الإرادة… ولو تجمهرت النقابات في ساحة الإرادة، كما فعلت عند مطالبتها بزيادة رواتب أعضائها… ولو تسابق أعضاء المجلس البلدي إلى ساحة الإرادة، خصوصاً مَن يدّعي منهم إحباطه مما يجري… ولو ولو ولو ما كانت الكويت بهذه الكآبة، وما ارتدت هذه الأسمال البالية المشققة.
وبمناسبة الحديث عن المجلس البلدي، كنت قد قرأت خبراً  تعلن فيه عضوة المجلس البلدي المهندسة أشواق المضف نيتها خوض انتخابات البرلمان، وكنت قد سمعت كلمات متناثرة من هنا وهناك تدل على أن المهندسة أشواق تعارض الحكومة، فتتبعت تصريحاتها لأستشف موقفها، لكونها عضواً معيناً في «البلدي» (لغير الكويتيين، المجلس البلدي يضم عشرة أعضاء منتخبين وستة أعضاء تعيّنهم الحكومة)، ولأنني أعرف أن كل عضو بلدي جاء بالتعيين لابد أن تكون ابتسامته تعجب الحكومة، وحديثه يشرح صدرها، وهذا ما دفعني إلى التمتمة والهمهمة: "أشواق المضف معارضة؟ هل كيف؟".
المهم أنني تتبعت تصريحاتها، فوجدتها فعلاً معارِضة، لكنها تعارض البرلمان لا الحكومة، وتتحدث عن فساد أعضاء البرلمان لا عن فساد الوزراء ولا خيبة الحكومة التي تتضاءل هيبتها أمام سطوة إحدى شركات الاتصال وتعجز عن "افتكاك" مواطنيها من بين أنياب الشركة التي ترفض السماح بتبادل الأرقام.
وتبحث عن المهندسة أشواق وعن "أشواقات" أخرى من الرجال والنساء في ساحة الإرادة فلا تجدهم، فتلتفت هناك، فتجد أشواق وكل الأشواقات يتمشون على شاطئ البحر، تداعب أقدامهم حبات الرمال الناعمة، أو يتمددون على كراسي البحر ويتناولون  "آيس تي" مع "بيتي فور"، قبل أن يقدموا أنفسهم إلى المجتمع بصورة أبطال المعركة التي جرت في عرض البحر، حيث العواصف العاتية والأمواج اللاطمة المتلاطمة.
لذا نقولها بوضوح للجميع: "لا تتشوقنوا على عقولنا… ساهموا معنا في رأس المال أو فاصمتوا".