كنا نتعجب، وكانت حواجبنا ترتفع دهشةً، كلما تناقل الناس حديثاً لنائب في هذا البرلمان المزيون، يقول فيه، وهو بين أصحابه ومريديه: “قمت بتعيين فلان وفلان، واستطعت توظيف ذلك العدد من أبناء الدائرة”. وكان يحرص على بقاء الخبر طي الكتمان. وكنا نعلم أن ما يحدث خلف الكواليس، أو خلف صفحات الصحف، أكثر بكثير مما يقال. لكننا كنا ننظر إلى الأمر كما ننظر إلى الطالب البليد الذي يستعين ببرشامة صغيرة يخفيها في كم قميصه ليستعين بها في حل الأسئلة والنجاح.
وفجأة تحول الأمر إلى مبارزة علنية بين النواب، في الميدان العام، وعلى مرأى ومسمع من الجميع، من منهم يمنح مفاتيحه الانتخابية وأقرباءه ورواد ديوانيات دائرته مناصب فاخرة! فقد أدرك النواب أن “السالفة مكشوفة”، والمجد لمن يحصل على أكبر الغنائم في موسم توزيع الغنائم، فلماذا يخفون أسماءهم ومجهوداتهم، إذاً؟ هم لم يدعموا هذا الوزير، أو ذاك، في الاستجواب، إلا من أجل أمور كهذه. هم لم يسكتوا عن كل هذه الفوضى الشاملة في مرافق الدولة إلا من أجل تعيينات مثل هذه. هم لم يصفقوا للحكومة ويمتدحوها، رغم انحدار البلد في جميع المؤشرات العالمية، إلا من أجل مكاسب مثل هذه. متابعة قراءة عندما صرخ النواب: هرمنا