محمد الوشيحي

:خطة خالد بن الوليد في حراكنا الشعبي

وهكذا تشكل مجلس "أمتهم"، فتجمع الآدبون حول المأدبة، والمأدبة فاخرة، والآدبون جوعى وإن انتفخت كروشهم! وتكفلت السلطة بتوفير الملاعق والسكاكين، وارتدت "بابيونة" الجرسون، ووقفت خلف ظهورهم تنتظر أوامرهم وتتمنى لهم الهناء والشفاء والرفاء والبنين.
وكما قلت سابقاً، أثناء رئاسة الشيخ ناصر المحمد للحكومة: سيارة الكويت "مغرّزة"، وبالفصحى عالقة، في "نفود" الفساد، ولا يمكن أن تخرج بالضغط على البنزين بقوة، فقد تغوص أكثر في رمال النفود، وليس لنا إلا الطريقة الشعبية لإخراجها، بتمهيد الأرض عبر "هزهزتها" إلى الأمام ثم إلى الخلف مراراً وتكراراً، إلى أن يتهيأ لها من أمرها رشد، فتنطلق بحفظ الله ورعايته، هكذا قلت أو شيئاً شبيهاً بـ"هكذا"… وبالفعل نجحت الهزهزة، وأرسلنا الحكومة وقتذاك في رحلة ترفيهية مع الأستاذ "مقيط"* لتتفرج على "رَحل أم قشعم".
واليوم، نحن في مرحلة "الهزهزة" أيضاً، وإن كانت رمال النفود هذه المرة أكثر تعقيداً وصعوبة، لكن الهزهزة دواء ناجع لا مثيل له.
وندخل "الدواوين" وليس للناس إلا سؤال من شقين: "وماذا بعد؟"، "لماذا انطفأت جذوة الحراك؟"، وأجيب السائل، بعد التأكيد سبع مرات إحداهن باليمين الغليظة، أنني لست عراب الحراك ولا بائعه ولا شاريه، ولا عراب لهذا الحراك إلا "أنتم"، وسأطرح رأيي وقراءتي على الأرض أمامكم، فخذوا منه ما أردتم وأعيدوا الباقي إلي… إجابة "ماذا بعد؟ ولماذا انطفأت الجذوة؟" هي التالي: أعتقد أن انتظار حكم المحكمة الدستورية ساهم في الهدوء، أو قل "الكمون" الذي ترونه، إضافة إلى أنني من مؤيدي انتظار كوارث السلطة وبرلمانها، مع الحفاظ على استمرار المسيرات كنوع من "الهزهزة"، وانتظار ارتفاع درجات الغضب الشعبي ووصولها إلى الذروة، ثم الانطلاقة الكبرى.
باختصار، يجب تطبيق خطة الصحابي البطل خالد بن الوليد في حروبه ومعاركه "أناة القط ووثبة الأسد". مع الأخذ بعين الاعتبار رهان السلطة على الطقس، لذا يجب ألا يتأخر الأسد في وثبته وألا يغفل وينام.   

***
مقيط: ابحثوا في غوغل يرحمني ويرحمكم الله عن معنى المثل القائل "مهف مقيط ورشاه".

محمد الوشيحي

دولة القريتين

السؤال: ما الأفضل، توافر الديمقراطية أم الرفاهية والتنمية؟ السؤال بصيغة أخرى: ما الأفضل، النموذج الكويتي حيث الديمقراطية والدستور أم القطري والإماراتي حيث الرفاهية والتنمية والتطور الخدماتي؟
الإجابة برأيي: السؤال خطأ، فلا ديمقراطية في الكويت كما يعلم البشر والحجر والشجر، فديمقراطية الكويت نسخة مطابقة لديمقراطية مصر مبارك، خذ من الشعارات ومواد الدستور ما يبهرك ويسحرك، وخذ من الظلم وقمع الرأي والبهتان والزور والسرقات ما يُبكيك ويدميك. وحالنا في الكويت حال "معايد القريتين" الذي أراد أن يشارك إحدى القرى عيدها، لكنه تراجع عن رأيه وقرر معايدة قرية أخرى، فذهب إليها ووصلها متأخراً بعد انتهاء احتفالات العيد، فعاد إلى القرية الأولى فإذا احتفالاتها قد انتهت أيضاً.
وهكذا نحن في الكويت، لا طبقنا الديمقراطية ولا سلكنا طريق التنمية الفردية، فبتنا ليلتنا بلا احتفالات ولا عشاء.
وأزعم أن حكومات الكويت المتعاقبة هي الأفضل في إطلاق الشعارات التي لا صدى لها. أظن أننا تفوقنا على حكومات البعث والحكومات القومجية منذ نشأتها في رفع الشعارات والهراوات.
*  *  *
ما زالت المسرحية معروضة، وزير المالية يعلن رفض إسقاط قروض المواطنين، أو حتى فوائدها، وبعض نواب المجلس المرفوض الملفوظ يهدد ويرعد ويزبد، لتخرج لنا الحكومة بعد فترة متباهية وهي تضع رجلاً على رجل: "لدينا معارضة شرسة"، فيرد الشعب وهو يضرب كفاً بكف: "حسبنا الله ونعم الوكيل". وأكرر ما ذكرته سابقاً بأن السلطة ستسقط فوائد القروض كي تجمّل صورة نوابها في أعين الناس.

محمد الوشيحي

لستم نصارى ولا أفارقة

ويل للكذابين، المفترين، البايخين… يزعمون أن الكويت دولة قمعية بوليسية، رغم أن أحداً من المعارضة لم يمت، حتى الآن على الأقل. كل ما حدث مجرد اعتقالات وضرب وحبس وتهديد واتهام نوايا، ووو…
ولو أنكم قارنتم ما تقوم به حكومة الكويت بما قام به أحد ملوك القبائل الإفريقية، لحمدتم الله بكرة وأصيلاً… كان جلالته كل عام يستقبل أبناء قبيلته وبناتها – هي مجموعة من القبائل وبالطبع الأستاذ ملك الملوك – يستقبل الذين لم يُقتلوا ليشكروه على أنه "منحهم الحياة"، فيسجدون أمام جلالته، ويتشرفون بتقبيل السجاد تحت قدميه وأقدام أبناء جلالته، على أن يرتدي أبناء القبائل كامل زينتهم، من عظام وخوص وجلد وريش ووو، بشرط ألا يكون من بينها جلد سباع أو عظامها، فذلك مقصور على الأستاذ ملك الملوك وأبنائه.
وفي الكويت، يرتدي المواطن أي جلدٍ شاء، ويتزين بأي عظمٍ شاء، في أي وقتٍ شاء، كيفما شاء، ولا يُسأل ولا يُحاسب.
ويلكم كيف تحكمون وكيف تكذبون  وكيف تفترون! هل تتذكرون ما قام به "أخو هدلا" صدام حسين عندما أمر برش العطر الكيماوي على حلبجة، فتساقط الناس كالذباب بعد رشه بالمبيدات، هل تتذكرون عندما أطلق الكلاب الجائعة على المساجين؟ ما لكم كيف تحكمون! هل قارنتم حال سجنائنا من شبان الكويت بحال سجناء البعث في العراق وسورية؟ أقصى ما حدث لشباننا في السجون هو شتمهم ودمجهم مع تجار المخدرات والقتلة… ها هي مناطق الصباحية وصباح الناصر والجهراء لا تشتكي إلا تكدس القمامة في شوارعها، وها هم أهلها مازالوا يتنفسون.
ما لكم كيف تحكمون، هل قرأتم في كتب التاريخ ما فعله ذلك السلطان العثماني بمعارضيه، عندما مزقهم وقطعهم وفرّق لحومهم على نموره وأسوده الجائعة على وقع تصفيق الجنود وتكبيرهم.
لا تحدثوني عن المعارضين في فنلندا وآيسلندا وهولندا فهؤلاء نصارى نسأل الله العفو والعافية.

محمد الوشيحي

سنأكل الفراولة ويموت السفرجي

أجزم أن السلطة كذلك، لا الشعب وحده، لا تقبل أن تزوّج هذا البرلمان ابنتها، ليقينها بأن البنت ستلاقي الأمرّين الأشرّين، وعلمها بأن الزوج أتى وعينه على الأرباح والخسائر، وأنه ينظر إلى هذا الزواج بعين المضارب في البورصة.
ومع ذا ستقاتل السلطة لإبقاء هذا البرلمان المرفوض شعبياً على قيد الحياة أطول فترة ممكنة، وستفكر بدلاً منه، فهو لا يملك عقلاً، ولا حتى قلباً، هو يملك ذراعين طويلتين فقط، وستأمره بأن يبدأ مشواره باستمالة الشعب، عبر قوانين إسقاط القروض، وزيادة الرواتب، وزيادة عدد الأولاد المشمولين بالعلاوة، والتقاعد المبكر، وكل ما يمكن أن يفرح البسطاء، وستوافق السلطة على كل هذا بعد أن تتمنع قليلاً، لزوم حبك المشهد. ولا حاجة طبعاً للتذكير بأن جُل هذه القوانين من طبخ الأغلبية السابقة المغضوب عليها.
في مقابل هذا، ستمسك السلطة بمواد الدستور والقوانين وتخلطهما في خلاطة ألمانية ليخرج لنا مجلس أمة يشبه إلى حد التطابق المجلس البلدي، عزيز القوم الذي كان.
وبالطبع سيستمتع نواب البرلمان المرفوض شعبياً، أو قل الملفوظ شعبياً، بالقهوة الحكومية، وقد يزرعونها في بيوتهم، وقد تكبر مزارعهم فيصدّرون جزءاً منها إلى أحبابهم وأقربائهم، ووو.
وأقول للسلطة، أنتِ فعلتِ ما يُفعل وما لا يُفعل لإعاقة إسقاط القروض وبقية القوانين الشعبية، وعملتِ ما يُعمل وما لا يُعمل للحصول على برلمان يرتدي لباس السفرجي، وستكون النتيجة حصول الشعب على الفراولة، التي لطالما قاتلتِ لمنعه من الوصول إليها، وموت برلمانك السفرجي.
وأجزم أن ما يحدث هذه الأيام كله خير، والأيام بيننا… من يراهن؟

محمد الوشيحي

خذوا المنظار هذا…

فجأة تحولت الكويت إلى mbc2، وتحول عيالنا في مناطق الصباحية وصباح الناصر والجهراء وغيرها إلى نجوم هوليوود، وملأ فهد وحزام وسعود وراكان وشافي ومطلق ووو شاشة السينما، وشاهد الجميع تحركاتهم وصيحاتهم على وقع القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والصافرات… لم يبق إلا جائزة الأوسكار، والمشي على السجاد الأحمر ليكتمل المشهد.
ومن كان يعتقد أن "الترف المادي" حوّل الشبان إلى كائنات بليدة لا حس لها ولا مشاعر ولا عقل، فقد ثبت له بالدليل القاطع الساطع أن عقله بحجم عقول المستشارين والعياذ بالله (في الكويت إذا أردت أن تصف شخصاً بالغباء الفاخر تقول "أغبى من مستشار").
المشكلة الكبرى هي الزاوية التي ينظر من خلالها الفريقان إلى الأزمة، فريق السلطة بأجهزتها وإداراتها ومستشاريها وفريق الشبان المعترضين على المرسوم، إذ يعتقد الفريق الأول ويؤمن بأن الأزمة يجب أن تحاط بالهيبة والقمع ودخان قنابل الغاز وأزيز الرصاص المطاطي، في حين ينظر الشبان إلى الأمر بمنظور، أو قل بمنظار، آخر مختلف كل الاختلاف، فالأزمة بنظرهم كرامة شعب وقصة مرجلة وسيرة شخصية يريد أن يسطرها كلٌّ بطريقته، وهو لذلك يخشى  التراجع حتى لا يقع فريسة احتقار أقرانه من الجيران وأبناء العمومة.
وافتحوا آذانكم لهذه الجملة التي سأضعها بين مزدوجين، واحفظوها عن ظهر قلب، وخذوا هذا المنظار لتشاهدوا من خلاله حقيقة المشهد: "كل تعليقات المعلقين السياسيين والمنظرين والمحللين وتقارير أمن الدولة والقوات الخاصة ومقاطع الفيديو والتعليقات عليها ووو، لا تعادل في سوق صرف أيّ من الشبان أولئك نظرة كل منهم للآخر". أعيدي يا سلطة قراءة هذه الجملة مرتين وأكثر لعل وعسى.
أقول هذا وأزعم أنني أعرف فحوى، أو جزءاً من فحوى نقاشهم بعد كل مسيرة وقبلها.

محمد الوشيحي

الإخوان وأولاد عمهم…

كانت أياماً… وكنا لشدة متابعتنا للشأن المصري، أثناء الثورة، نعرف كل شيء باستثناء مقاس فانيلة الدكتور محمد البرادعي ووجبة خيرت الشاطر ونوعية شامبو حمدين صباحي، فقط لا غير.
كانت أياماً ليست كالأيام… تابعنا فيها ثورة العصافير على العقبان، وشاهدنا غضبة الورود في وجوه أشجار الشوك والصبار، وتعاطفنا مع العصافير والورود، فهنأنا العصافير بأنيابها التي نبتت فجأة، وباركنا للورود مخالبها، ووو… كانت أياماً…
وجاء الإخوان المسلمون، بخيلهم ورجلهم وعدهم وعتادهم، وهم قوم "تتاريو النهج"، لا يكفيهم الانتصار، بل يحرقون خصومهم وبيوت خصومهم ومكتباتهم وزرعهم وضرعهم، وهم فوق ذلك يبيعون عهودهم بشربة ماء، وقيل بل بشربة شاي بالنعناع (انتهج الليبراليون العرب نهج الإخوان المسلمين ذاته، إلا أن الليبراليين يفضلون المشروبات الباردة على الساخنة، ويبيعون حلفاءهم متى لوّحت لهم الحكومات بقالب ثلج)…
واعتلى مرسي الإخوان "منبر الرئاسة"، والتبس الأمر على فضيلته، فلم يفرق بين الرئيس وخطيب الجمعة، وراح يدبج الخطبة تلو الخطبة، وارتحل إلى إيران، فأمسكنا بالأقلام والأوراق لنحصي نتائج الزيارة، وكانت النتيجة أنه زار إيران بعقل الخطيب لا الرئيس، وكتب مؤيدوه: استطاع مرسي أن "يترضى" على الخلفاء الراشدين في عقر دار "كسرى"! فصفق أطفال المدارس، وبكى أساتذتهم بكاء الإبل "الهمل"، وقلنا: "يالله نعدّيها"، باعتبار أنه جاء إلى إيران ليعرض بطاقته الشخصية…
وانتظرنا، نحن في الكويت وبقية الشعوب العربية، رؤية الديمقراطية العروس، وهي تتمخطر بأبهى ملابسها وأزهى حليها، كي "تقلّدها" بقية الصبايا العربيات، وترتدي ملابس مشابهة لملابسها، كما تفعل الصبايا مع نجمات الفن، فكانت الطامة، إذ خرجت إلينا عروس الديمقراطية المصرية بملابس عروس الدكتاتورية العسكرية القديمة، لكن هذه المرة بنقاب وقفازات، لشدة الورع.
وإن كنا سابقاً نصرخ في وجه كل من يعترض على فوز الإخوان بثقة الشعب، فإننا نهمس اليوم في أذن الإخوان أنفسهم: "لا تقتلوا أبناء عمكم، كي لا نصدّق هواجسنا المريضة التي لطالما أيقنت أن القبعة العسكرية على كرسي الرئاسة أهون من اللحية على الكرسي ذاته، وكلاهما شر".

محمد الوشيحي

تعنصروا يا ربعنا

رُب كلمة أيقظت فكرة طاب لها النوم في إحدى زوايا العقل المظلمة.
وليس منا، مهما كانت ملائكيته، من لا يحمل "نفساً عنصرياً" في شخصيته، الاختلاف فقط باختلاف حجم هذا العنصري، والقدرة على لجمه. ولطالما فاخر العرب بلسان القرآن، وبعرق الرسول صلى الله عليه وسلم، كذلك يفعل الفُرس مع سليمان الفارسي، والأحباش مع بلال، ووو…
وكاذباً أكون لو أنكرت عنصريتي اللغوية، أقصد عنصريتي في اللهجة، خصوصاً عندما أتابع أخبار "المجمع اللغوي" وما يضيفه من كلمات مستحدثة إلى اللغة العربية، فلا أجد من بينها كلمة "خليجية"! ليش؟ الإجابة برأيي: لأسباب منها سيطرة إخوتنا المصريين والشوام والعراقيين على المجمع اللغوي، وبسبب ضعف إنتاجنا الأدبي كخليجيين، وضعف تأثيرنا على الذهن، وعدم شهرتنا، ووو…
وتقرأ للمصريين فتجدهم يطعّمون اللغة الفصحى ويبهّرونها بكلمات مصرية أو مستوردة سادت في لهجتهم المحكية، إلى درجة أنك لا تستنكرها في مقالاتهم وأبحاثهم، مثل "بتوع أو بتاع، البلطجي، الأجزاخانة (كلمة تركية)، زي، جدع، ابن بلد أو بنت بلد" وغيرها الكثير الكثير، وتقرأ للشوام فتجد مفردات شامية دكت حصون اللغة الفصحى فاخترقتها، مثل "شبيحة، منشان، قبضاي، أزعر، البندورة" ووو، وتقرأ للعراقيين فتجد كلمة "أبو" تُستخدم بكثرة ووفرة "أبو البريد (أي موظف البريد)، أبو الدكان" وكلمات أخرى… وتبحث عن مفردات خليجية في كتابات الكتّاب الخليجيين وأبحاثهم فلا تجد إلا ما يعادل حسنات الكفار، لا شيء يُذكر. إذاً العيب منا نحن الخليجيين لا أحد غيرنا.
وهذا ما حرصت عليه في مقالاتي التي كنت أنشرها في مصر، إدخال اللهجة الخليجية في ثنايا الفصحى، واستمر هذا النهج معي، وحرصت عليه، فأسقيته الماء ووفرت له الشمس، كي يكبر ويُثمر، وسيكبر ويُثمر على مر السنين.
على أن "العنصري" في داخلي يغضب لعدم وجود "الطريقة الخليجية في الكتابة" على غرار الطرق المصرية والشامية والعراقية المستخدمة في صحافتنا (الطريقة المغاربية غير مستخدمة في صحافتنا). أعترف بذلك وأقر.
كانت هذه هي الفكرة النائمة التي جئت على سيرتها في بداية المقالة، وكان سبب إيقاظها شاباً كويتياً علق على جملة كتبتها في برنامج تويتر، صغت كلماتها كلها بالفصحى باستثناء كلمة "ربع، أو ربعنا" أي أصدقائنا أو أصحابنا.
وسأستغل الحدث، كما يفعل تجار السلاح في الحروب، وسأقول للكتاب الخليجيين: لنعنصر أقلامنا قليلاً يرحمني ويرحمكم الله، ولنحرص على تطعيم القاموس العربي بمفرداتنا، فالقواميس كائنات حية، تتحرك وتتنفس وتتجدد خلاياها، وليست جامدة كما يظن العجزة.
وشكراً لـ"راعي المنبّه" الذي أيقظ العنصرية اللغوية النائمة، وعسى أن يقرأ في قادم السنين بأقلام الكتاب العرب كلمات "بزر، ربعنا، فداوي…".

محمد الوشيحي

القصف بالأرقام… نبيها ١٦

الحكاية كلها أرقامٌ في أرقام، ولا أحد في الدنيا يهتم بالأرقام كما تهتم بها السلطة عندنا في الكويت، وأجزم أن مفكري السلطة ومستشاريها يستندون في تفكيرهم وتخطيطهم إلى "كتاب الحساب" للصف الثالث الابتدائي.
والسلطة الكويتية تبغض الديمقراطية، حتى وإن تغنت بها، بغضاً يفوق بغض الشاعر العراقي أحمد مطر لأميركا، الذي لو دُهست قطة في الشارع لاتهم المخابرات الأميركية بالتخطيط له، وقد قال، ذات قصيدة، وهو يهجوها: "بُغضي لأمريكا لو الأكوانُ ضمت بعضه لانهارت الأكوانُ / هي جذر دوح الموبقات وكل ما في الأرض من شرٍّ هو الأغصانُ"! هو يرى أن أميركا جذر كل المشاكل، ونحن هنا نقول إن: "البحث عن دولة المشيخة، والسعي إلى تحويل الشعب إلى أفراد قبيلة إفريقية… هما جذر كل المشاكل في الكويت، والسلاح في ذلك هو الأرقام".
جل الحروب السياسية، إن لم تكن كلها، التي دارت رحاها بين السلطة والشعب، تم فيها تبادل القصف بالأرقام، أشهرها ما تم عام 81 من تحويل الدوائر الانتخابية العشر بخمسة أصوات للناخب، إلى خمس وعشرين دائرة بصوتين للناخب… جاءت بعد ذلك حركة "نبيها خمس" التي أذعنت فيها السلطة للمطالب الشعبية ووافقت على تقسيم الكويت إلى خمس دوائر بأربعة أصوات للناخب… والآن تفرض السلطة تقليص أصوات الناخب من أربعة إلى صوت واحد، وكل هذا الصراع الديجيتال (الرقمي) هدفه من جهة فرض السطوة، ومن الجهة الأخرى رفض السطوة.
ولأن كتب التاريخ كلها تحلف بالطلاق إن الشعوب هي من يضحك أخيراً، فسيقطع الشعب الكويتي قريباً تورتة النجاح، وسيصعد منصة التتويج، وسيحقق مطلبه الأهم والأسمى وهو "الحكومة البرلمانية المنتخبة" عبر شعار جديد سيُرفع قريباً "نبيها ١٦"، أي نريد الحكومة كاملة بأعضائها الستة عشر من اختيار الشعب، لم تفرضهم عليه السلطة.
هو قصف متبادل بالأرقام، سواء في قضية الدوائر، أو أصوات الناخب، أو عدد المتجمهرين، أو عدد المرشحين والناخبين أو أو أو… ولا رقم يعلو فوق رقم الشعب.

محمد الوشيحي

لم وأخواتها

وزير الإعلام الكويتي، الشاب الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح، من خيرة أعضاء هذه الحكومة، لولا عشقه الحارق للتراث وثبات روزنامته عند عام 1949…
مازال حفظه الله ورعاه يعتقد أن منع نشر بيانات المعارضة، أو مقاطع الفيديو للمسيرات، سيحجبها عن الناس، ولن يتناقلوها عبر برامج تويتر وواتس اب وفيسبوك وغيرها من برامج الشياطين والعياذ بالله.
أخونا الشيخ محمد العبدالله على وشك الانقراض، وما لم نحرص على بقائه سيلحق بزملاء "دُفعته" أعضاء حكومة مصطفى باشا النحاس.
هو لا يعلم، أقصد وزير الإعلام، بالتطورات ما بعد احتلال فلسطين عام 1948، روزنامته توقفت ولم يقرأ عن انقلاب الضباط الأحرار على الملكية، وما فعلوه بعد ذلك بمحمد نجيب، ولم يسمع عن حركة القوميين العرب، ولا عن وحدة مصر وسورية، ودور "أكرم الحوراني" ورفاقه، ولا عن قصة كفاح البطل الأميركي الخالد مارتن لوثر كينج، وخطابه الأشهر "عندي حلم"، ورفضه الانتقام بعد تفجير منزله، ووو… معالي وزير الإعلام توقفت روزنامته قبل أن يطلق الفنان السعودي محمد عبده أول أغنية مسجلة له في خمسينيات القرن الماضي، وقبل أن تسيطر أفلام سعاد حسني على عقول العرب وقلوبهم.
معاليه للأسف لم يتسن له مشاهدة ومتابعة ما فعله السوفياتي يوري غاغارين والأميركي نيل أرمسترونغ… معاليه لم يسمع عن سقوط جدار برلين، ولا تفكك جمهوريات الاتحاد السوفياتي، ولا حصول الكويت على كأس آسيا وتأهلها لكأس العالم…
مهمتنا شاقة وطويلة مع معالي وزير الإعلام من أجل تحديث روزنامته وسحبه إلى عصرنا هذا، وإلى أن ننتهي من تحديث روزنامته أنصح الصحف بنشر الأخبار مسبوقة بـ"لم" أو إحدى أخواتها، "لن، لا، ما، غير، ليس"، فيأتي المانشيت بهذه الصورة: "لم تخرج مسيرتان في أسبوعين متتاليين"، وتكتب أخرى: "لم تستخدم القوات الخاصة القنابل المسيلة للدموع"، وتبث القنوات الخاصة صورة للاحتجاجات بشريط يوضح مضمونها "مسيرات حاشدة ليست في الكويت"، وهكذا، وستمر الأخبار بلا مشاكل، صدقوني، بدلاً من كل هذه القضايا التي أنهكت القضاة والمحامين والإعلاميين وكل الكائنات الثديية، بسبب طموح هذا الشيخ الشاب.
حماك الله يا معالي الوزير، "لم إعلامك متخلف" و"لم يا حلوك" و"لم تراك مصختها".

محمد الوشيحي

الرابعة والخامسة… عجينة تشكلت

لطالما صرخت بأعلى دهشتي: الوعي السياسي في المناطق الخارجية يتغذى على الحليب والقمح والعسل، لذا ينمو بسرعة الضوء، وها هو يبرز بوضوح في الفعاليات الأخيرة للحراك. والحديث عن هذا يطول، ويحتاج إلى منظرين من ذوي "دال نقطة".
ولأنني من عشاق البحث في أطراف الصورة، والزوايا المظلمة منها، فقد ركزت على تعليقات شبان الحراك من سكان تلك المناطق، ليقيني بعمق دلالاتها. وكنت أسمح، بكل سرور، لدموع الضحك أن تتصرف كما تشتهي، من باب تقرير المصير.
وبعد أن قررت اللجنة المنظمة للحراك، في المسيرة الأخيرة، أن تكون نقطة تجمع الدائرتين الثالثة والخامسة عند "برج أحمد" – للقراء من خارج الكويت، البرج يقع في العاصمة التي تبعد نسبياً عن الدائرة الخامسة – انطلقت التعليقات، وسأنقل بعض التعليقات التي تدل على أن هؤلاء الشبان لا يُخرجهم من مناطقهم إلا "الشديد القوي"، وهو ما كان…
يقول شاب من الخامسة بعد انتهاء المسيرة: "المسيرة حققت أهدافها وشاهدنا برج أحمد"! ويقول آخر متذمراً من بعد المسافة وجهله بالمكان: "أنا الآن على طريق الفحيحيل السريع، على يساري منطقة القرين، وين برج أحمد يا عيال… أبلشونا في أحمد"، ويعلق ثالث: "نقاط تجمع المسيرة تذكرني برحلات المدرسة، تطلعنا على معالم الكويت"، ويطلق رابع وخامس وسادس وعاشر تعليقات تكشف، رغم كوميديتها، الحماسة والتحفز والاستعداد للعطاء، ما لو استثمرته الحكومة لنهضت الكويت نهضة تتحدث عنها قوافل اليمن والشام.
الدوائر الخارجية عجينة تشكلت على هيئة وطن، وستكون لها، قريباً جداً، اليد الطولى في البناء… من يراهنني على ذلك؟