محمد الوشيحي

كل «الحكوماة» العربيه

للأسف مازال تويتر متخلفاً. مازال عاجزاً عن اختراع ميزة “استدعاء ولي أمر الصحافي المعتق الذي لا يملك الحد الأدنى من اللغة، رغم كل هذه السنوات التي تنقّل فيها بين الكلمة والحرف”. مازال تويتر، من دون أدنى مسؤولية، ينشر تغريدات جهابذة الصحافة، الذين كنا نراهم على ارتفاع ثلاثين ألف قدم، فإذا هم من الزواحف التي تكتب “اتفقت الحكوماة العربيه” و”علا منظمت الأومم المتحده أن تصدر بيان…”.
ولست هنا حزيناً على اللغة، فلا أنا من عباقرتها، ولا من ورثة سيبويه ولا المبرد ولا ابن عقيل، ولا تربطني بهم جيرة ولا قرابة. أنا حزين على صحافتنا. حزين على الصور القديمة لبعض صحافيينا.
متابعة قراءة كل «الحكوماة» العربيه

محمد الوشيحي

أوقفوا مجلة العربي… وحملة النواح

قبل أيام، أطلق المثقفون، أو المهرطقون، أحفاد عمر الخيام، والعياذ بالله، الذي كان يهتم بعلوم الطبيعة والرياضيات والفلك، وما شابه من العلوم التي تحرر العقول، عليه من الله ما يستحق… أقول، أطلق هؤلاء المهرطقون، في الكويت والخليج والعالم العربي، حملة بكائية كبرى، على قرار إيقاف مجلة العربي، ذات المجد التليد. يقود هذه الحملة، من الكويت، سعدية المفرح وعبدالهادي الجميل وآخرون من عشاق مجلة العربي، وعشاق الموسيقى والفنون والعلوم والثقافة وبقية الترهات.
تكفل الزميلان وصحبهما بتوفير أكياس الرمل، مجاناً، لكل من أراد أن يحثو التراب على رأسه وهو ينوح، إذ لا يجوز النواح على الناشف. وتكفلوا، كذلك، بتوفير قبضتين قويتين لكل من أراد تمزيق ثيابه، وهو يصرخ صراخ ثكلى، حزناً على “وأد مجلة العربي، منارة الثقافة والعلم والتاريخ العريق”، كما عبر بعضهم. وكنتُ طوال تلك الفترة أرفع ذراعي بالدعاء: اللهم اصرف عيون الحكومة عن مطالب هؤلاء. اللهم اجعل من بين أيدي الحكومة سداً، ومن خلفها سداً، فإذا هي لا تبصر! وإن أبصرت لا تهتم، كعادتها مع مطالب الشعب. متابعة قراءة أوقفوا مجلة العربي… وحملة النواح

محمد الوشيحي

بقايا قلم هيكل

مات أخيراً أفضل مَن يطلق المصطلحات فيحفظها الناس ويتداولونها. مات صاحب مصطلح “مراكز القوى” الذي ارتد عليه وسُجِن بسببه، باعتباره أحد هذه المراكز. مات الذي دلّع الهزيمة المخزية وأعطاها اسماً وردياً، “النكسة”، وما زال هذا المصطلح يُتداول حتى اللحظة.
مات الذي يقال إنه أول مَن استخدم لقب “زعيم الأمة” وأطلقه على عبدالناصر. مات مؤلف شعار “ما أُخِذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”. مات الذي انقلب على مَن غمروه بجميلهم (مصطفى وعلي أمين). مات الذي كتب مقالة في مجلة “آخر ساعة” حتى امتلأت، وأكمل بقيتها في جريدة أخبار اليوم، وكان الناس يتنقلون ما بين هذه وتلك لقراءة ما كتبه.
مات الذي كانت نشرات الأخبار، في عهد عبدالناصر، تقرأ مقالاته للمشاهدين. مات الذي كانت شوارع مصر، في أيام الجمع، تستيقظ على صراخ باعة الصحف: “اقرأ هيكل… اقرأ هيكل”. متابعة قراءة بقايا قلم هيكل

محمد الوشيحي

اتفاق الطائف للكويتيين

يااااه، أقولها وأنا أضرب فخذي حسرةً. لو كان عندنا دروز ومسيحيون موارنة في الكويت، لاكتملت الصورة، وتوجهنا إلى الطائف نجري مباحثاتنا الكويتية- الكويتية، قبل أن نخرج باتفاق نتقاسم فيه المناصب والكراسي والأموال، كما فعل اللبنانيون من قبل. فتكون حقيبة وزارة الخارجية لإحدى الفئات الكويتية، وحقيبة الداخلية لفئة أخرى، والمواصلات لفئة ثالثة، وهكذا. ولن نلتفت، هنا، إلى الكفاءة والمقدرة وبقية الترهات والخرطيات، بل إلى الاسم الأخير لصاحب الحظ، وعنوانه في البطاقة المدنية.
وما قاله نائب مجلس الصوت الواحد، سيف العازمي، من أنه قام بتعيين العشرات من أقربائه في مناصب، ويتمنى تعيين آخرين في مناصب أخرى، ليس إلا “كشف أوراق” أمام العلن، في حين أن الجميع يعرف هذا الأمر ويعايشه، ولا ينتظر من أحد تصريحاً ولا تلميحاً.
وقبله سمعنا ما قاله الوزير السابق عبدالرحمن العوضي، وشاهدنا ضحكاته ومفاخرته بشرائه لنواب عايشوه، قبل أن يذهب إلى منزله وينام قرير العين، مرتاح البال. متابعة قراءة اتفاق الطائف للكويتيين

محمد الوشيحي

خطبة… بالمواد الحافظة

كانت خطبة بلاستيكية رائعة، خطبة يوم الجمعة الماضي. خطبةً تفوح منها روائح المواد الحافظة. أبدع فيها بعض الخطباء وجلدوا ظهر الضحية، المواطن، بضمير وخشوع، في حين رفض بعضهم، وهم قلة، ما جاء في تعميم وزارة الأوقاف، ووجه النقد لمن يستحقه.
نحن نعيش في سنوات الخريف، حيث يتساقط كل جميل كانت له قيمة. فقبل فترة، تحول بعض شيوخ القبائل وبعض وجهاء العوائل إلى جنود صغار يتلاعب بهم ذوو القرار، فتضاحك الناس حزناً على هؤلاء الأطفال الجشعين. وقبل ذلك، زمّ الناس شفاههم قرفاً من حالة الإعلام، وهو بارك على ركبتيه، بكل ذل، في حضرة المال والسلطة، بعدما كان شامخاً، وخفت صوت زئيره، وعلا صوت الطبل فصمّ الآذان، وارتفع دخان البخور الذي حمله بعض “كبار الإعلاميين” وبعض “كبريات الصحف” فأعمى العيون وأسال الدموع. وبعد ذلك تساقط بعض نجوم الرياضة الكبار، وتضاءلوا حتى بتنا لا نراهم إلا بمكبر، وتضاءل شعراء، وفنانون، ومبدعون، أو من كانوا مبدعين… كلهم تساقطوا، وذهبت بهم الريح. متابعة قراءة خطبة… بالمواد الحافظة

محمد الوشيحي

إطالة الشعر عيب

تهرش الحكومة شعر رأسها، ويهرش المجلس شعر صدره (ليس بين النواب امرأة) بعد أن قرر المجلسان حلاقة شعر رأس المواطن، على أن يُحلق شعر صدره في الفصل التشريعي القادم. نعيماً.
وما أجمل جلسة أمس الأول، عندما تحولت إلى صالون حلاقة باكستاني، تفوح منه رائحة الكولونيا (ثلاث خمسات)، وتملأ المرايا جوانب القاعة، وتبث الشاشة أغاني الحب والرقص الهندية. كانت جلسة تاريخية تتحدث عنها قوافل الأفيال.
والله يرحم والدي، كان يأمرنا بحلاقة شعورنا بشكل مستمر، بالماكينة، باعتبار أن “طول الشعر للنساء”. وعندما كنا نناقشه: “ولماذا نشاهد أجدادنا، في الصور، بجدايل تصل إلى الأكتاف؟”، ينهرنا: “ما كان عندهم حلاقين مثلكم اليوم”. والحكومة والمجلس يعتبران “الشعر عيب”، وإن سألنا الحكومة: “لماذا لم يحدث مثل هذا في السابق؟”، ستجيب بغضب: “لم نحصل على برلمان كالذي نملكه اليوم”. متابعة قراءة إطالة الشعر عيب

محمد الوشيحي

محدثي الشهرة والنعمة… لكم المجد

وماذا يعني هذا؟ ما الذي تريد منا أن نفهمه عندما تقول متهكماً: “أعرف هذا الشخص المشهور قبل أن يصبح مشهوراً، كان لا يجد ما يأكله، كان يسكن مع عائلته في شقة تأنف القطط من العيش فيها، يتشاركون في حمام واحد، وحوش واحد مع الجيران، وكان يركض يومياً للحاق بحافلة المواصلات، وكان وكان وكان…”.
ثم تنفث أنفاسك ساخراً، وتلوّح بيدك بحركة دائرية، وتتحسر: “انظر إلى حاله اليوم، يعتذر عن الظهور في اللقاءات التلفزيونية، لثلاثة أشهر، بحجة البحث عن الهدوء، ويرتدي ساعة يد فاخرة لم يكن يحلم برؤية صورتها، ويركب سيارة رياضية قيمتها أغلى من ديته هو وأهله مجتمعين، ويسكن في فنادق كان حلمه أن يجلس في ظل أحدها، فإذا هو الآن يتنقل بين أجنحتها…”، وتتمتم بقهر: “الله يرحم… الله يرحم”. متابعة قراءة محدثي الشهرة والنعمة… لكم المجد

محمد الوشيحي

جماعة الـ «فوق تحتيين» وما فوقهم (2)

قد يسألني سائل صلب: وماذا عن صديقكم محمد عبدالقادر الجاسم الذي أصبح واحداً من أبرز منظريكم؟ فأقول: محمد عبدالقادر الجاسم لم يكن موالياً للسلطة، بقدر ما كان موالياً لصاحب الجريدة التي كان يرأس هو تحريرها. وبالفعل كان الجاسم في تلك الفترة “كرة النار” التي يطلقها صاحب الجريدة من منجنيقه على معارضيه، الذين هم، في الوقت نفسه، معارضو السلطة.
وفي المقابل، وبالعودة إلى مقالات الجاسم السياسية الموجهة لنقد السلطة، في تلك الفترة، نجدها خارقة حارقة، تسير بها الركبان، ويتحدث عنها المارة، أي أن الجاسم لم يكن مع السلطة، بل كانت السلطة تكرهه. ثم إن الجاسم، وهذا الأهم، قرر تعويض الخسائر التي تسبب فيها، وبذل جهداً مشهوداً من أجل ذلك، ودفع أثماناً باهظة، لا ينكرها إلا جاحد، ومع هذا كله مازلت أرى أن فاتورته التي عليه أن يدفعها لم تنتهِ بعد.
وهناك أيضاً سامي النصف، الذي عاش سنوات تحت ظل شجرة الحكومة، متنقلاً ما بين شجرة الفراولة وشجرة التين، يأكل مما يتساقط عليه من ثمر الحكومة طازجاً وطرياً، ويرمي المعارضة بالقشور والحصى واللب، فتشتت جهود المعارضة ما بين مكافحة بطش السلطة وصيفها الحارق، وما بين حماية عيونها (المعارضة) من حصى سامي ورفاقه المتحلقين حول موائد السلطة، قبل أن تقلب السلطة لسامي ظهر المجن، فينقلب هو ويرتدي قميص المعارضة، ويرفع البيرق الأحمر بيد، ويحمل المنديل الذي يمسح به دموعه المنسكبة حزناً على حال الكويت، الذي كان هو أحد أسبابه، باليد الأخرى!
على أن سامي والجاسم والراشد وصفاء أبرز الذين انقلبوا إلى المعارضة وأشهرهم، وهناك آخرون مثلهم لكنهم لا يحظون بشهرة هؤلاء. في حين انقلبت مجاميع لا تُعد من المعارضة إلى الموالاة الشرسة، ولن أتحدث عن هذه المجاميع، التي احتضنتها السلطة، ووفرت لها الحمّام الساخن، والمشط والعطر والكريم المرطب للبشرة! حديثي سيكون عن القادمين إلى المعارضة، أو العائدين إليها، بعد أن تغيّر الطقس… والطريقة المثلى للتعامل معهم.
وأرى أن علينا أن ننتظر زمناً، إلى أن نشاهد هؤلاء يدفعون فواتير مواقفهم السابقة نقداً وعداً وحبساً ومنعاً من السفر ومرمطة في أروقة المحاكم، كما حدث مع الجاسم، كي نصدقهم ونثق بهم. أما قبل ذلك، فأرى أن الموقف الأفضل هو ألا نهاجمهم كي لا ينفروا منا ويعودوا إلى كتائب السلطة، ولا نقربهم ولا نجاورهم ولا نصاهرهم “سياسياً”، بل نتركهم في المنطقة الوسطى.
هذا هو رأيي الذي كتبته بقلم سياسي لا عاطفي، وسأمسك بالورقة والقلم لأرصد ما يسدده هؤلاء مقابل ما تقاضوه في السابق. وفتّكوا بعافية.

***

لقراءة الجزء الأول لهذة المقالة:

جماعة الـ «فوق تحتيين» وما فوقهم (1)

محمد الوشيحي

جماعة الـ «فوق تحتيين» وما فوقهم (1)

الفوق تحتيين، أو جماعة الـ “فوق تحت”، وترجمة “فوق تحت” هي تغيير الاتجاه إلى الطريق المعاكس، أو كما يقول أشقاؤنا الإنكليز “يو تيرن”، أي أن تكون متجهاً شرقاً وفجأة تغير اتجاهك إلى الغرب، على سبيل المثال.
ونقيب نقابة الفوق تحتيين العرب هو السيد وليد جنبلاط، حفظه الله ورعاه، وهو لكثرة تغيير اتجاهاته، وبسرعة مرعبة، أخشى عليه من الانقلاب على ظهره، فتدهسه شاحنة خضار، فتهرس عظامه، فيموت، محسوفاً عليه.
وفي الكويت لدينا فوق تحتيين كثر، بعدد لا يستهان به، كانوا يرتدون قمصان برشلونة، وفجأة أصبحوا مهاجمين في الفريق الملكي المدريدي، وهؤلاء أكثر من أن نحصرهم ونحصيهم، لكن المصيبة في من كان هنا، فانتقل إلى هناك، حيث السلطة والمنصب وملحقاتهما، ثم عاد إلى هنا بعد أن فقد السلطة والمنصب وملحقاتهما، وهؤلاء هم جماعة “الفوق فوق تحتيين”، ومن أشهرهم النائب السابق علي الراشد (لم أقل رئيس البرلمان السابق لعدم اعترافي بمجلسه)، ومعه بعض أعضاء جماعته في التيار المستقل، وأشهرهم النائبة السابقة صفاء الهاشم. متابعة قراءة جماعة الـ «فوق تحتيين» وما فوقهم (1)